هذي قصة جوهره يرويها لكم أحمد بطل القصه ...... اقروها عشان تعرفوا قصة جوهره
في غرفتي الصغيرة وسط أكوام من الفوضى الملقاة في كل أرجاء الغرفة الضيقه ملابسي ... دفاتري التي صنعتها من أوراق الشجر وألعابي القديمه هناك وهناك كل شي غير مرتب .... أمي دائماً توبخني بسبب هذه الفوضى التي اتركها دائماً... مسكينه لقد سئمت من توبيخي وسئمت من اهمالي الدائم وتنظيفها الدائم بل اكثرمن مره في اليوم وهاهي تعاقبني بأن اتحمل مسؤولية نظافة غرفتي بنفسي إما أن أنظفها أو أن أجعلها ملجأ للفئران والحشرات. من هنا علمتني أمي كيف اتحمل مسؤولية نفسي ولو في شيء بسيط أتحمل مسؤولية نظافتي دون أن أتعلم أنها اعطتني درس في تحمل المسؤوليه.
كنت وحيد أسرتي والأكيد مدلل كثيراً ولكن لم يكن هذا الدلال يمنع عني التوبيخ لخطأ ارتكبه أو لمشاكسه قمت بها مع احد ابناء الجيران وحتى العقوبات لم أفلت منها... وكوني وحيد أسرتي تعودت على الوحدة وغرفتي الصغيره كانت هي الصاحب الونيس ومخبأ اسراري الطفوليه... كم تحمل هذه الغرفه في طياتها اسراري وذكريات جميله لم ولن انساه مهما طال الزمن ... كنت لا أعرف ماذا تعني لي كلمة صديق يحفظ اسراري ابوح له بكل شيء كل شي كان بيني وبين نفسي وغرفتي وقنديلي المؤنس لهذه الوحدة ... ولكن هذا لم يمنعني من أكون صاحب لكل ابناء القرية الذين هم في سني حتى من هم اكبر مني والاصغر كلنا كنا لا نعرف شي سوى اللعب والمشاكسات التي لا تخلو في بعض الأحيان من إصابة احدهم وسيلان الدم ...
رغم إنني كنت صغيراً كان والدي يصحبني معه إلى مجالس الكبار والسوق ، والدتي كان يزعجها الأمر وكثيراً ما تتشاجر مع والدي لهذا السبب ولا أحد يلومها في ذلك بما انني كنت وحيدها والإعتقادات القديمة التي كانت سائده في القريه فيما يختص بالحسد وغيرها من هذه الأمور.. ولكن ابي لم يكن يأبه لذلك كان مقصده شيء آخر لم أدركه إلا فيما بعد ... ارادني ان اتحمل مسؤولية أن أتعلم وأفهم ما يدور حولي من صغري كان ابي يريدني أن أكون قادر على تحمل مسؤولية أمي إذا ما حدث له شي لا سمح الله ابي كان مريضاً وخوفه علينا جعله يحملني مسوؤلية البيت وأنا صغير وخصوصاً عندما كان يذهب إلى قريه أخرى ويغيب أيام ... وفعلاً تعلمت من أبي أشياء مهمه في الحياة جعلني أكبر من سني بكثير... كل هذا لم يحرمني ابي من الإستمتاع بطفولتي كنت مشاكساً وكل أبناء القرية يخافون مني وخصوصاً الأطفال الأصغر منا سناً وكل هذا لم يمنعهم من اللعب معي على العكس دائماً ما يطلبون مني الخروج واللعب معهم لقد اعتدنا على بعضنا البعض .. الكل كان يخاف مني والكل يأخذون الحذر مني إلا جوهره إبنة العم صالح الرجل الطيب صديق والدي الحميم وجارنا فنحن كاسره واحده... جوهرة وحيدة أسرتها مثلي فتاة مدللـه ... لطيفه .. جميله وكأن الله وضع جمال نساء العالم كله في جوهره .. فتاة رقيقه ... حساسه ... هادئه .. ذات شخصيه قويه.... رغم انها كانت جارتي ولكنني لم اكن اعيرها أي اهتمام حتى اثناء اللعب.. دائماً كنت انظر أليها بأنها مغروره بنفسها ... حتى عندما كانت تحضر إلى منزلنا مع والدتها كانت امي تطلب مني ان آخذ معي جوهره كي نلعب معاً حتى تستطيع أن تأخذ وتعطي في الكلام مع ام جوهره وخصوصاً اذا كان موضوع لا يجب ان تسمعه جوهره أو أنا ولكنني دائماً اتهرب وأرفض أن ادخلها غرفتي ... عندما كنا نلعب كنت أتشاجر مع الكل وأصرخ على هذا وهذا حتى جوهره كنت أصرخ في وجهها لكنها تختلف عن باقي الأطفال لا تبكي ولا تعيرني لكلامي وصراخي أي كلام سوى النظر إلي بنظرات غريبه وتنسحب من اللعب كل يوم يتكرر هذا الموقف .. ولكنني سئمت هذا الصمت .. سئمت تجاهلها وغرورها .. فقررت أن ألقنها درس لا تنساه .. كي تهابني كغيرها.
ذات يوم كنا نلعب كعادتنا وكانت جوهره من ضمن الفريق الذي أنا اقوده تعمدت هذه المره أن اختارها من ضمن فريقي.. وعندما جاء دورها خسرت جورهرها وكنت أعلم انها ستخصر لهذا وضعت دورها الأخير فثارت أعصابي ولطمتها على وجهها كنت أردتها أن تبكي وتثور ولكنها كانت صامده لم تحرك ساكناً أكتفت بتلك النظره التي تملئها الحزن والألم ....نظرات كلها عتاب وكأنها تصرخ في وجهي لماذا؟ .. لماذا فعلت بي هذا ؟ وكأنها تعاتبني كعتاب المحب للحبيب وبينما هي تحدق بي سالت دمعه من عينيها الجميلتين دمعه حارقه .. جوهره تبكي جوهرة الفتاة المدللـه المغرورة تبكي .. جوهره التي لم أراه تبكي عندما توفي جدها الذي كانت تحبه حباً كبيراً تبكي الآن وأمام الجميع .. انسحبت جورهره من ساحة اللعب تاركه خلفها في مخيلتي تلك النظرات التي جعلتي أشعر بشعور غريب أقشعر جسدي منه .. أنسحبت ووقفت أنا في مكاني ونظراتي تتبعها.. الكل انسحب الكل تأثر من ذلك الموقف وتأثروا عندما رأوا دمعة جوهره .... لحظات تمر الآن أمامي وكأنها حدثت الآن ... آآآآه يا جوهرتي لم أكن أعلم بأنني قاسي لم أكن أعلم بأنني كنت أناني مغرور ولست انت ... لم أعي ماذا أصابني ذلك اليوم شعور غريب انتابني ألم لا أستطيع أن اصفه ولم أفهم مغزاه إلا الآن ...
في المساء وكعادتي بعد العشاء ذهبت إلى غرفتي واستلقيت على فراشي قديماً كان أهالي القرية بعد صلاة العشاء يذهبون للنوم فالظلام يكون حالك وخصوصاً عندما يغيب القمر ... اعتدت قبل أن اشرع في النوم اقلب دفتر مذكراتي أدون فيه بعض المواقف التي حصلت لي وأسجل يومياتي وكان هذا سر من أسراري التي لم أطلع عليه أحد .. أكنت أحب الكتابه كثيراً لشدت ما كنت أقرا من كتب كان أبي يحضرها لي من القرية الأخرى وأحياناً كنت أدون القصص التي كان يحكيها لي أبي عندما نجتمع مع الجيران وحتى الأمور التي أسمعها من مجلس الرجال عندما كنت اذهب مع ابي... فتذكرت جوهره .. تذكرت تلك النظرة الحزينه .. نظرة عتاب ... تألمت كثيراً وبكيت كثيراً وأنبت نفسي لما فعلته بجوهره ... كنت دائماً اشعر شعور خاص اتجاه جوهره رغم كل الذي يحدث بيننا من مشاجرات وتجاهل إلا أنها كانت أقرب من أي شخص مني وهذا أيضاً كان سر من أسراري لم اخبر به أحد سوى جوهره بعد أن ذهبت إليها واعتذرت لها وبعد صرنا قريبين جداً من بعضنا البعض ... عندما ذهبت لأعتذر لجوهره في الصباح رأيتها حزينه ولكنها لم تغض النظر عني عندما رأتني بل ظلت تحدق بي وكنت قد أخذت معي شيء من اشيائي الخاصه التي صنعتها بنفسي لم ترفضها وكعادتها ظلت هادئه خجوله... مرت الأيام ونسى كل منا ما حدث وتغير كل شي كان أصبحنا لا نفترق سوى في الأوقات التي يجب أن نكون فيها في البيت أصبحت جوهره هي الصديقه والحبيبة والأخت وكل شيء أصبحنا شيء واحد ... مرت الأيام والسنوات ونحن لا نفترق... جوهره كانت أول شخص يقتحم عالمي الخاص ويكتشف مخبأي السري والتي هي غرفتي ، كنت كثيرا ما أحكي لها كيف أني لا أحب أن يدخل غرفتي وكيف كنت أتشاجر مع ابناء خالتي عندما كانت تزورنا وكانوا يدخلونها ويعبثون باشيائي .. جوهره وحدها استطاعت أن تقتحم عالمي دون معارضه مني بعكس ذلك كنت سعيدا واخيراً وجدت من يشاركني سري كيف لا وقد اصبحت جوهره نصفي الثاني... أخبرتها عن سري الذي كنت أحمله في قلبي وكنت كثيراً ما تمنيت لو أخبرها به.... هي كذلك اخبرتني بسرها الغامض اخبرتني عن هدوءها وعن سبب الحزن الذي كان مرسوماً في ملامح وجهها الجميل كنت أشعر بأنها حزينه وحيده ولكن لم أكن اعير هذا الشعور أي اهتمام كان كبريائي وغروري وحب السيطرة جعلني أكون قاسياً على جوهره ..
وها هو العمر يمضي والنسوات تجري وتسرق منا اجمل ايام حياتنا ايام الطفوله... تغيرت أشياء كثيره فينا، ملامحنا...كبرت جوهرتي كبرت واصبحت فتاة لم تعد تلك الطفله المدللـه أصبحت أكثر جمالاً ودلالاً ولكنها بقت جوهره الهادئه... الخجوله ....الحساسه... الرقيقه ... أفكارنا تغيرت لم تعد تلك الأفكار الطفوليه ولكن بقيت علاقتنا كما هي بل إزدادت تمسكاً وكبر الشعور والإحساس فينا ..
كل هذا التغير منعنا بعض الشي أن نرى بعضنا البعض كما كنا في السابق فالأمر تغير لقد كبرنا .. حتى لم أعد اذهب أو تأتي هي إلى منزلنا لنسترجع الدروس مع بعضنا البعض .. رغم هذا كنا نسرق الأوقات والفرص كي نلتقي ولو كانت دقائق بسيطه .. كنا نستغل أوقات الذهاب والرجوع من المدرسه نكتفي بالنظرات المتبادله والإبتسامات المتبادله... والشيء الجديد بيننا الرسائل التي كنا نتبادلها والتي وجدنا لها صندوق بريد خاص وسري لا يعلمه أحد غيرنا.
كنت أستغل أوقات ذهاب جوهره إلى الفلج أو المزرعة ونقضي أوقات جميله نسترجع فيها ذكريات الطفوله نضحك على بعض المواقف كانت أيام جميلها قضيناها معاً ولكن دائماً الأيام السعيدة تنتهي بسرعه.
في أحد الليالي المظلمه وبينما انا مستلقي في غرفتي كانت ليله غريبه اشعر فيها بضيق شديد وقد تغلب عليّ الأرق .. كنت أفكر في جوهره أكثر من أي وقت مضى .. أشعر بشوق شديد لها ... كانت الأفكار تتضارب في مخيلتي وأتخيل كيف لو أن جوهره أبتعدت عن حياتي كيف لو رحلت بعيداً وتركتني وحيد كيف سيكون هو الشعور... أنتظرت الصباح بفارغ الصبر كي أرى جوهره وأبوح له عن ليلتي ... كان شعور غريب ينتابني ... شعور لم أدرك معناه إلا بعد فترة...
غفوت بعد صراع طويل مع النوم وليتني لم أغفو فقد رأيت حلماً أزعجني غفوت من نومي وأنا اشعر بالخوف من تفسيرات الحلم لم أخبر أمي كعادتي بما رايته حيث كانت أمي ممن يستطيع أن يفسر بعض الأحلام كنت خائفاً من تفسيره لذلك قررت أن لا أخبرها سوى جوهره أردت اخبارها هي الوحيدة التي استطيع أن اخبرها ..
انتظرتها كعادتي عند الفلج وعندما رأيتها قادمه قفزت إليها بحركه سريعة ألا شعوريه اخافتها بعض الشيء أمسكت بيدها وقبلتها وكانت المرة الأولى التي أمسك وأقبل يد جوهره .. كانت يداها ناعمتان .. كنعومة الطفل .. رقيقه تحمل بين طياتها كل معاني الرقه ... آآآآآآآه مازلت اذكر ملمس تلك اليدين الجميلتين... بكل رقه وهدوء وبخجل سحبت جوهره يدها ورمقتني بنظرة عتاب ، اعتذرت لها فابتسمت لي ولكنها لم تتكلم ... كان وجهها شاحباً ... ملامح الحزن طاغيه عليه رغم أنها كانت تحاول اخفاء ذلك عني ... كنت أحدق بها وكأنني لأول مره أرى وجهها ... تنظر إلي باستغراب تسالني عينيها : ما بك ؟ لماذا تنظر إليّ هكذا؟
أخبرتها بالحلم الذي رأيته، فنظرت إليّ وابتسمت ابتسامه حزينه كتلك النظرة عندما لطمتها من سنوات طويله وهي تقول لي: وأنا رأيتك يا أحمد. بدهشه أسألها رأيتيني أسقط في البئر؟؟!!! تجيبني بصوت مبحوح لا يا أحمد وهي تبكي بشده رايتك تودعني، رأيت بأنني ذاهبه إلى مكان بعيد لا أعرف إلى أين، وحيده دونك وأنت نصفي الثاني ، حتى أمي وابي رأيتهم يلوحون لي بأيديهم وهم يبكون، كنت أمد لك يدي ولكن لا أستطيع أن ألمسك وكأن شي يسحبني إلى الخلف.. لم استطع أن أرى جوهرتي تبكي وأنا الذي لم أرى جوهره تبكي بهذه الصوره فاقتربت منها ومسحت دموعها ووضعت راسها على صدري وأخذت أهدئها وأخبرها أنه مجرد حلم شيطاني لن يحدث شي ، سنبقى معاً يا جوهرتي وسنرحل معاً .. كنت أخفف جوهرتي وأنا شعور مخيف ينتابني... أخفف عنها وأنا في داخلي أبكي اصرخ لا تتركيني يا جوهره أنت جوهرتي أنت روحي ونبضي .. لاتبكي يا جوهرتي دموعك غاليه لا تهدريها سبنقى معاً ...
كانت جوهره لا تحب أن تبكي أمام الناس مهما كان شدة الموقف كانت قويه صامده صابره كيف لا وهي التي تحملت أحزان وألام كثيره ... لكنها كانت حساسه جداً تبكي في قوقعتها ... هذا سر الهدوء والصمت التي كانت فيه جوهره منذ الصغر وكان الكل يظنها بهذا انها مغروره ... قاسيه ... مسكينه جوهره لم ترى السعادة في حياتها .. المآسي التي مرت بها في حياتها كفيله بأن تجعل منها فتاة صابره قويه .. فاصبحت تخاف من شي أسمه السعادة وكأن الفرح في بيتهم معدوم ... مسكين العم صالم وخالتي فاطمه أم جوهره عاشوا مآساة أبناءهم الثلاثه الذين ماتوا دفعه واحده أذكر ذلك اليوم كان يوم مأساوي حقاً كيف لا وهم يرون فلذات أكبادهم تشتعل فيهم النار لا ندري من كان السبب ولكن كانت حادثه بقت في ذاكرت القرية إلى الآن...
مرت ساعات ونحن جالسان عند الفلج كان هذا اليوم أطول يوم جلست فيه مع جوهره مرت الساعات ولم نشعر بها مرت وكأنها لحظات .. الوقت الذي كنت أقضيه مع جوهره يمر سريعاً هكذا كنت أشعر ... تبادلنا فيه الحديث والضحك واستعدنا بعض الذكريات الطفوليه كي ننسى الحلم ... وتارة يسود الصمت بيننا ولكن كانت أعيننا تتبادل الحديث .. مرت الوقت كالبرق سريعاً وحان موعد العودة إلى المنزل لأن جوهره تأخرت كثيراً على أمها ودعتني بإتسامه رائعه ونظرة حب أحسست وكأنها تقول لي ( أحبك يا أحمد ) رغم أننا لم نتبادل هذه الكلمه طوال تلك السنوات إلا إننا نشعر بها في قلوبنا كلامنا كان كله ينطق هذه الكلمه... مازلت أتذكر ابتسامتها وصوت ضحكتها ، أيام ليتها تعود ...
مرت الايام ونسينا الحلم ونسينا تلك اللحظات الحزينه ولم تبقى في ذاكرتنا إلا تلك اللحظات السعيده .. وظلت لقاءتنا المعهوده ورسائلنا كما هي وكل لحظه نقضيها بعيدين عن بعضنا يزداد الشوق ويزداد الحب في قلوبنا..
في ذات يوم كعاتي بعد صلاة العشاء ذهبت إلى غرفتي المظلمه وعلى ضوء قنديلي الباهت تخيلت جوهره أمامي تبتسم لي أتذكر نظراتها الساحره اسبح في اعماقها شعور رائع وأوروع من الرائع.. قضيت ليلتي استعيد ذكرياتي الطفوليه مع جوهرتي ... فتذكرت الحلم فازعجني تجاهلته ونسيته ... كانت ليله غريبه شاحبه شديدة الظلام .. كانت ليله مخيفه هكذا كنت أشعر... رغم كل ذلك غفوت وجوهره مازالت في مخيلتي .... في الصباح وبما انها يوم أجازه تأخرت في الاستيقاظ نوعاً ما ... كنت أشعر كأني شيء ثقيل على جسمي يمنعني من النهوض ... لم استيقظ إلا بصوت امي تصرخ استيطع ان اميز صوتها من بين اصوات نساء القريه ... قفزت من فراشي وأنا خائف لا أدري ماذا حصل ألف فكره وفكره خطرت في ذهني تلك اللحظه قلت في نفسي عله والدي عاد إليه المرض... ولكن هذه المره اصوات نساء القريه يتزايد خرجت من غرفتي رايت باب المنزل مفتوح اتجهت إليه بسرعه وبلا شعور وإذا بي أرى نساء ورجال القريه قد اجتمع عند بيت العم صالح بيت جوهرتي قلت إذاًَ العم صالح حدث له مكروه ذهبت مسرعاً وكان البيت قد امتلئ بنساء ورجال القريه اتحسس جوهرتي بين الجموع أرى العم صالح يقف سانداً راسه على الحائط ويبكي ومازلت ابحث عن جوهرتي ها انا ارى وخالتي فاطمه ام جوهره تصرخ وهي تردد مات الغالي مات الغالي ولم ارى امامي وركضت لم أرى حتى الشخص المغطى والمطروح على الارض أمسك بخالتي فاطمه اسألها أين جوهره وأهزها أين جوهره وأمي تسحبني وان مازلت امسك بخالتي فاطمه تضمني إليها وهي تصرخ وتبكي بحرقه ماتت جوهره يا أحمد راحت الغالي راحت وخلتنا لوحدنا ألتفت إلى الجثه أكشف عنها وإذا بها جوهرتي صرخة صرخه اهتزت جدران المنزل كانت صرخه من أعماقي وأنا أحرك جثت جوهرتي لا يا جوهره لا تتركيني لوحدي انتي حياتي انتي نصفي الثاني كيف اعيش بدونك ... لطمتها على وجهها اردت ان تنهض ان تبكي كما بكت من قبل عندما لطمتها ولكن روحها قد فارقت الحياة ..... آآآآآآآآآآه أيّ ألم اصفه لكم أي يحزن أسطره لكم كانت جوهرتي حياتي كلها ... بالأمس وأنا في غرفتي كنت أتخيل نفسي وأنا أحمل جوهره بين يدي وهي ترتدي ثوب العروس أتخيلها وهي أمامي زوجتي ... لم أكن أعلم بأني سأحمل نعشها بين يدي ... نعم لقد حملت نعش حبيبتي نعش جوهرتي بين يدي .... آآآآه يا جوهرتي تركتيني وحيداً أكابد ألام فراقك .... من سيخفف عني آلامي وقد رحلتي ... من سيحفظ لي أسراري لمن سأبوحها انت تركتيني وحيداً....
انتهت ايام العزاء وانتهت معها حياتي وأحلامي وأمالي ... لكن بقى حب جوهره بقلبي بقت ذكرياتها راسخه في ذهني ... لن انساك يا جوهرتي لن أنساك.
الآن وقد مرت اربع سنوات على وفاتها لم تفارق مخيلتي مازلت أتردد على نفس المكان الذي كان نلتقي فيه مازلت أذهب إليها في نفس المواعيد التي كنا نلتقي فيها.. رغم التغيرات التي حدثت في بيتنا لكنني لم اغير شي في غرفتي الصغيره كل شي كما كان .. رغم محاولة والدي لأغيرها لا استطيع ان امحو ذكريات جميله عشتها مع جوهره هذه الغرفه الصغيره تحمل سر جوهره وسري لن استبدلها مهما كانت الأسباب...مازلت اتذكر ابتسامتها دمعتها ضحكتها اتذكر لمسة يديها الناعمتان راحتها مازالت عالقه في يدي ..
الآن وقد رحلت جوهره اصبح كل شي بالنسبه لي لا حياة فيها ... كل شيئ مظلم..
هكذا رحلت جوهره بغموض دون أن نعرف ما هو سبب وفاتها حتى الطبيب الذي كتب شهادة وفاتها لا يعرف السبب الحقيقي للوفاة .. ماتت جوهره ومات سر موتها معها ....
جوهرتي رغم رحيلك فأنت مازلتي تسكنين قلبي وتملكين تفكيري
جوهرتي رغم رحيلك ولكن مازال قلبي يبنض بحبك ....
وماتت جوهرتي ..................
في غرفتي الصغيرة وسط أكوام من الفوضى الملقاة في كل أرجاء الغرفة الضيقه ملابسي ... دفاتري التي صنعتها من أوراق الشجر وألعابي القديمه هناك وهناك كل شي غير مرتب .... أمي دائماً توبخني بسبب هذه الفوضى التي اتركها دائماً... مسكينه لقد سئمت من توبيخي وسئمت من اهمالي الدائم وتنظيفها الدائم بل اكثرمن مره في اليوم وهاهي تعاقبني بأن اتحمل مسؤولية نظافة غرفتي بنفسي إما أن أنظفها أو أن أجعلها ملجأ للفئران والحشرات. من هنا علمتني أمي كيف اتحمل مسؤولية نفسي ولو في شيء بسيط أتحمل مسؤولية نظافتي دون أن أتعلم أنها اعطتني درس في تحمل المسؤوليه.
كنت وحيد أسرتي والأكيد مدلل كثيراً ولكن لم يكن هذا الدلال يمنع عني التوبيخ لخطأ ارتكبه أو لمشاكسه قمت بها مع احد ابناء الجيران وحتى العقوبات لم أفلت منها... وكوني وحيد أسرتي تعودت على الوحدة وغرفتي الصغيره كانت هي الصاحب الونيس ومخبأ اسراري الطفوليه... كم تحمل هذه الغرفه في طياتها اسراري وذكريات جميله لم ولن انساه مهما طال الزمن ... كنت لا أعرف ماذا تعني لي كلمة صديق يحفظ اسراري ابوح له بكل شيء كل شي كان بيني وبين نفسي وغرفتي وقنديلي المؤنس لهذه الوحدة ... ولكن هذا لم يمنعني من أكون صاحب لكل ابناء القرية الذين هم في سني حتى من هم اكبر مني والاصغر كلنا كنا لا نعرف شي سوى اللعب والمشاكسات التي لا تخلو في بعض الأحيان من إصابة احدهم وسيلان الدم ...
رغم إنني كنت صغيراً كان والدي يصحبني معه إلى مجالس الكبار والسوق ، والدتي كان يزعجها الأمر وكثيراً ما تتشاجر مع والدي لهذا السبب ولا أحد يلومها في ذلك بما انني كنت وحيدها والإعتقادات القديمة التي كانت سائده في القريه فيما يختص بالحسد وغيرها من هذه الأمور.. ولكن ابي لم يكن يأبه لذلك كان مقصده شيء آخر لم أدركه إلا فيما بعد ... ارادني ان اتحمل مسؤولية أن أتعلم وأفهم ما يدور حولي من صغري كان ابي يريدني أن أكون قادر على تحمل مسؤولية أمي إذا ما حدث له شي لا سمح الله ابي كان مريضاً وخوفه علينا جعله يحملني مسوؤلية البيت وأنا صغير وخصوصاً عندما كان يذهب إلى قريه أخرى ويغيب أيام ... وفعلاً تعلمت من أبي أشياء مهمه في الحياة جعلني أكبر من سني بكثير... كل هذا لم يحرمني ابي من الإستمتاع بطفولتي كنت مشاكساً وكل أبناء القرية يخافون مني وخصوصاً الأطفال الأصغر منا سناً وكل هذا لم يمنعهم من اللعب معي على العكس دائماً ما يطلبون مني الخروج واللعب معهم لقد اعتدنا على بعضنا البعض .. الكل كان يخاف مني والكل يأخذون الحذر مني إلا جوهره إبنة العم صالح الرجل الطيب صديق والدي الحميم وجارنا فنحن كاسره واحده... جوهرة وحيدة أسرتها مثلي فتاة مدللـه ... لطيفه .. جميله وكأن الله وضع جمال نساء العالم كله في جوهره .. فتاة رقيقه ... حساسه ... هادئه .. ذات شخصيه قويه.... رغم انها كانت جارتي ولكنني لم اكن اعيرها أي اهتمام حتى اثناء اللعب.. دائماً كنت انظر أليها بأنها مغروره بنفسها ... حتى عندما كانت تحضر إلى منزلنا مع والدتها كانت امي تطلب مني ان آخذ معي جوهره كي نلعب معاً حتى تستطيع أن تأخذ وتعطي في الكلام مع ام جوهره وخصوصاً اذا كان موضوع لا يجب ان تسمعه جوهره أو أنا ولكنني دائماً اتهرب وأرفض أن ادخلها غرفتي ... عندما كنا نلعب كنت أتشاجر مع الكل وأصرخ على هذا وهذا حتى جوهره كنت أصرخ في وجهها لكنها تختلف عن باقي الأطفال لا تبكي ولا تعيرني لكلامي وصراخي أي كلام سوى النظر إلي بنظرات غريبه وتنسحب من اللعب كل يوم يتكرر هذا الموقف .. ولكنني سئمت هذا الصمت .. سئمت تجاهلها وغرورها .. فقررت أن ألقنها درس لا تنساه .. كي تهابني كغيرها.
ذات يوم كنا نلعب كعادتنا وكانت جوهره من ضمن الفريق الذي أنا اقوده تعمدت هذه المره أن اختارها من ضمن فريقي.. وعندما جاء دورها خسرت جورهرها وكنت أعلم انها ستخصر لهذا وضعت دورها الأخير فثارت أعصابي ولطمتها على وجهها كنت أردتها أن تبكي وتثور ولكنها كانت صامده لم تحرك ساكناً أكتفت بتلك النظره التي تملئها الحزن والألم ....نظرات كلها عتاب وكأنها تصرخ في وجهي لماذا؟ .. لماذا فعلت بي هذا ؟ وكأنها تعاتبني كعتاب المحب للحبيب وبينما هي تحدق بي سالت دمعه من عينيها الجميلتين دمعه حارقه .. جوهره تبكي جوهرة الفتاة المدللـه المغرورة تبكي .. جوهره التي لم أراه تبكي عندما توفي جدها الذي كانت تحبه حباً كبيراً تبكي الآن وأمام الجميع .. انسحبت جورهره من ساحة اللعب تاركه خلفها في مخيلتي تلك النظرات التي جعلتي أشعر بشعور غريب أقشعر جسدي منه .. أنسحبت ووقفت أنا في مكاني ونظراتي تتبعها.. الكل انسحب الكل تأثر من ذلك الموقف وتأثروا عندما رأوا دمعة جوهره .... لحظات تمر الآن أمامي وكأنها حدثت الآن ... آآآآه يا جوهرتي لم أكن أعلم بأنني قاسي لم أكن أعلم بأنني كنت أناني مغرور ولست انت ... لم أعي ماذا أصابني ذلك اليوم شعور غريب انتابني ألم لا أستطيع أن اصفه ولم أفهم مغزاه إلا الآن ...
في المساء وكعادتي بعد العشاء ذهبت إلى غرفتي واستلقيت على فراشي قديماً كان أهالي القرية بعد صلاة العشاء يذهبون للنوم فالظلام يكون حالك وخصوصاً عندما يغيب القمر ... اعتدت قبل أن اشرع في النوم اقلب دفتر مذكراتي أدون فيه بعض المواقف التي حصلت لي وأسجل يومياتي وكان هذا سر من أسراري التي لم أطلع عليه أحد .. أكنت أحب الكتابه كثيراً لشدت ما كنت أقرا من كتب كان أبي يحضرها لي من القرية الأخرى وأحياناً كنت أدون القصص التي كان يحكيها لي أبي عندما نجتمع مع الجيران وحتى الأمور التي أسمعها من مجلس الرجال عندما كنت اذهب مع ابي... فتذكرت جوهره .. تذكرت تلك النظرة الحزينه .. نظرة عتاب ... تألمت كثيراً وبكيت كثيراً وأنبت نفسي لما فعلته بجوهره ... كنت دائماً اشعر شعور خاص اتجاه جوهره رغم كل الذي يحدث بيننا من مشاجرات وتجاهل إلا أنها كانت أقرب من أي شخص مني وهذا أيضاً كان سر من أسراري لم اخبر به أحد سوى جوهره بعد أن ذهبت إليها واعتذرت لها وبعد صرنا قريبين جداً من بعضنا البعض ... عندما ذهبت لأعتذر لجوهره في الصباح رأيتها حزينه ولكنها لم تغض النظر عني عندما رأتني بل ظلت تحدق بي وكنت قد أخذت معي شيء من اشيائي الخاصه التي صنعتها بنفسي لم ترفضها وكعادتها ظلت هادئه خجوله... مرت الأيام ونسى كل منا ما حدث وتغير كل شي كان أصبحنا لا نفترق سوى في الأوقات التي يجب أن نكون فيها في البيت أصبحت جوهره هي الصديقه والحبيبة والأخت وكل شيء أصبحنا شيء واحد ... مرت الأيام والسنوات ونحن لا نفترق... جوهره كانت أول شخص يقتحم عالمي الخاص ويكتشف مخبأي السري والتي هي غرفتي ، كنت كثيرا ما أحكي لها كيف أني لا أحب أن يدخل غرفتي وكيف كنت أتشاجر مع ابناء خالتي عندما كانت تزورنا وكانوا يدخلونها ويعبثون باشيائي .. جوهره وحدها استطاعت أن تقتحم عالمي دون معارضه مني بعكس ذلك كنت سعيدا واخيراً وجدت من يشاركني سري كيف لا وقد اصبحت جوهره نصفي الثاني... أخبرتها عن سري الذي كنت أحمله في قلبي وكنت كثيراً ما تمنيت لو أخبرها به.... هي كذلك اخبرتني بسرها الغامض اخبرتني عن هدوءها وعن سبب الحزن الذي كان مرسوماً في ملامح وجهها الجميل كنت أشعر بأنها حزينه وحيده ولكن لم أكن اعير هذا الشعور أي اهتمام كان كبريائي وغروري وحب السيطرة جعلني أكون قاسياً على جوهره ..
وها هو العمر يمضي والنسوات تجري وتسرق منا اجمل ايام حياتنا ايام الطفوله... تغيرت أشياء كثيره فينا، ملامحنا...كبرت جوهرتي كبرت واصبحت فتاة لم تعد تلك الطفله المدللـه أصبحت أكثر جمالاً ودلالاً ولكنها بقت جوهره الهادئه... الخجوله ....الحساسه... الرقيقه ... أفكارنا تغيرت لم تعد تلك الأفكار الطفوليه ولكن بقيت علاقتنا كما هي بل إزدادت تمسكاً وكبر الشعور والإحساس فينا ..
كل هذا التغير منعنا بعض الشي أن نرى بعضنا البعض كما كنا في السابق فالأمر تغير لقد كبرنا .. حتى لم أعد اذهب أو تأتي هي إلى منزلنا لنسترجع الدروس مع بعضنا البعض .. رغم هذا كنا نسرق الأوقات والفرص كي نلتقي ولو كانت دقائق بسيطه .. كنا نستغل أوقات الذهاب والرجوع من المدرسه نكتفي بالنظرات المتبادله والإبتسامات المتبادله... والشيء الجديد بيننا الرسائل التي كنا نتبادلها والتي وجدنا لها صندوق بريد خاص وسري لا يعلمه أحد غيرنا.
كنت أستغل أوقات ذهاب جوهره إلى الفلج أو المزرعة ونقضي أوقات جميله نسترجع فيها ذكريات الطفوله نضحك على بعض المواقف كانت أيام جميلها قضيناها معاً ولكن دائماً الأيام السعيدة تنتهي بسرعه.
في أحد الليالي المظلمه وبينما انا مستلقي في غرفتي كانت ليله غريبه اشعر فيها بضيق شديد وقد تغلب عليّ الأرق .. كنت أفكر في جوهره أكثر من أي وقت مضى .. أشعر بشوق شديد لها ... كانت الأفكار تتضارب في مخيلتي وأتخيل كيف لو أن جوهره أبتعدت عن حياتي كيف لو رحلت بعيداً وتركتني وحيد كيف سيكون هو الشعور... أنتظرت الصباح بفارغ الصبر كي أرى جوهره وأبوح له عن ليلتي ... كان شعور غريب ينتابني ... شعور لم أدرك معناه إلا بعد فترة...
غفوت بعد صراع طويل مع النوم وليتني لم أغفو فقد رأيت حلماً أزعجني غفوت من نومي وأنا اشعر بالخوف من تفسيرات الحلم لم أخبر أمي كعادتي بما رايته حيث كانت أمي ممن يستطيع أن يفسر بعض الأحلام كنت خائفاً من تفسيره لذلك قررت أن لا أخبرها سوى جوهره أردت اخبارها هي الوحيدة التي استطيع أن اخبرها ..
انتظرتها كعادتي عند الفلج وعندما رأيتها قادمه قفزت إليها بحركه سريعة ألا شعوريه اخافتها بعض الشيء أمسكت بيدها وقبلتها وكانت المرة الأولى التي أمسك وأقبل يد جوهره .. كانت يداها ناعمتان .. كنعومة الطفل .. رقيقه تحمل بين طياتها كل معاني الرقه ... آآآآآآآه مازلت اذكر ملمس تلك اليدين الجميلتين... بكل رقه وهدوء وبخجل سحبت جوهره يدها ورمقتني بنظرة عتاب ، اعتذرت لها فابتسمت لي ولكنها لم تتكلم ... كان وجهها شاحباً ... ملامح الحزن طاغيه عليه رغم أنها كانت تحاول اخفاء ذلك عني ... كنت أحدق بها وكأنني لأول مره أرى وجهها ... تنظر إلي باستغراب تسالني عينيها : ما بك ؟ لماذا تنظر إليّ هكذا؟
أخبرتها بالحلم الذي رأيته، فنظرت إليّ وابتسمت ابتسامه حزينه كتلك النظرة عندما لطمتها من سنوات طويله وهي تقول لي: وأنا رأيتك يا أحمد. بدهشه أسألها رأيتيني أسقط في البئر؟؟!!! تجيبني بصوت مبحوح لا يا أحمد وهي تبكي بشده رايتك تودعني، رأيت بأنني ذاهبه إلى مكان بعيد لا أعرف إلى أين، وحيده دونك وأنت نصفي الثاني ، حتى أمي وابي رأيتهم يلوحون لي بأيديهم وهم يبكون، كنت أمد لك يدي ولكن لا أستطيع أن ألمسك وكأن شي يسحبني إلى الخلف.. لم استطع أن أرى جوهرتي تبكي وأنا الذي لم أرى جوهره تبكي بهذه الصوره فاقتربت منها ومسحت دموعها ووضعت راسها على صدري وأخذت أهدئها وأخبرها أنه مجرد حلم شيطاني لن يحدث شي ، سنبقى معاً يا جوهرتي وسنرحل معاً .. كنت أخفف جوهرتي وأنا شعور مخيف ينتابني... أخفف عنها وأنا في داخلي أبكي اصرخ لا تتركيني يا جوهره أنت جوهرتي أنت روحي ونبضي .. لاتبكي يا جوهرتي دموعك غاليه لا تهدريها سبنقى معاً ...
كانت جوهره لا تحب أن تبكي أمام الناس مهما كان شدة الموقف كانت قويه صامده صابره كيف لا وهي التي تحملت أحزان وألام كثيره ... لكنها كانت حساسه جداً تبكي في قوقعتها ... هذا سر الهدوء والصمت التي كانت فيه جوهره منذ الصغر وكان الكل يظنها بهذا انها مغروره ... قاسيه ... مسكينه جوهره لم ترى السعادة في حياتها .. المآسي التي مرت بها في حياتها كفيله بأن تجعل منها فتاة صابره قويه .. فاصبحت تخاف من شي أسمه السعادة وكأن الفرح في بيتهم معدوم ... مسكين العم صالم وخالتي فاطمه أم جوهره عاشوا مآساة أبناءهم الثلاثه الذين ماتوا دفعه واحده أذكر ذلك اليوم كان يوم مأساوي حقاً كيف لا وهم يرون فلذات أكبادهم تشتعل فيهم النار لا ندري من كان السبب ولكن كانت حادثه بقت في ذاكرت القرية إلى الآن...
مرت ساعات ونحن جالسان عند الفلج كان هذا اليوم أطول يوم جلست فيه مع جوهره مرت الساعات ولم نشعر بها مرت وكأنها لحظات .. الوقت الذي كنت أقضيه مع جوهره يمر سريعاً هكذا كنت أشعر ... تبادلنا فيه الحديث والضحك واستعدنا بعض الذكريات الطفوليه كي ننسى الحلم ... وتارة يسود الصمت بيننا ولكن كانت أعيننا تتبادل الحديث .. مرت الوقت كالبرق سريعاً وحان موعد العودة إلى المنزل لأن جوهره تأخرت كثيراً على أمها ودعتني بإتسامه رائعه ونظرة حب أحسست وكأنها تقول لي ( أحبك يا أحمد ) رغم أننا لم نتبادل هذه الكلمه طوال تلك السنوات إلا إننا نشعر بها في قلوبنا كلامنا كان كله ينطق هذه الكلمه... مازلت أتذكر ابتسامتها وصوت ضحكتها ، أيام ليتها تعود ...
مرت الايام ونسينا الحلم ونسينا تلك اللحظات الحزينه ولم تبقى في ذاكرتنا إلا تلك اللحظات السعيده .. وظلت لقاءتنا المعهوده ورسائلنا كما هي وكل لحظه نقضيها بعيدين عن بعضنا يزداد الشوق ويزداد الحب في قلوبنا..
في ذات يوم كعاتي بعد صلاة العشاء ذهبت إلى غرفتي المظلمه وعلى ضوء قنديلي الباهت تخيلت جوهره أمامي تبتسم لي أتذكر نظراتها الساحره اسبح في اعماقها شعور رائع وأوروع من الرائع.. قضيت ليلتي استعيد ذكرياتي الطفوليه مع جوهرتي ... فتذكرت الحلم فازعجني تجاهلته ونسيته ... كانت ليله غريبه شاحبه شديدة الظلام .. كانت ليله مخيفه هكذا كنت أشعر... رغم كل ذلك غفوت وجوهره مازالت في مخيلتي .... في الصباح وبما انها يوم أجازه تأخرت في الاستيقاظ نوعاً ما ... كنت أشعر كأني شيء ثقيل على جسمي يمنعني من النهوض ... لم استيقظ إلا بصوت امي تصرخ استيطع ان اميز صوتها من بين اصوات نساء القريه ... قفزت من فراشي وأنا خائف لا أدري ماذا حصل ألف فكره وفكره خطرت في ذهني تلك اللحظه قلت في نفسي عله والدي عاد إليه المرض... ولكن هذه المره اصوات نساء القريه يتزايد خرجت من غرفتي رايت باب المنزل مفتوح اتجهت إليه بسرعه وبلا شعور وإذا بي أرى نساء ورجال القريه قد اجتمع عند بيت العم صالح بيت جوهرتي قلت إذاًَ العم صالح حدث له مكروه ذهبت مسرعاً وكان البيت قد امتلئ بنساء ورجال القريه اتحسس جوهرتي بين الجموع أرى العم صالح يقف سانداً راسه على الحائط ويبكي ومازلت ابحث عن جوهرتي ها انا ارى وخالتي فاطمه ام جوهره تصرخ وهي تردد مات الغالي مات الغالي ولم ارى امامي وركضت لم أرى حتى الشخص المغطى والمطروح على الارض أمسك بخالتي فاطمه اسألها أين جوهره وأهزها أين جوهره وأمي تسحبني وان مازلت امسك بخالتي فاطمه تضمني إليها وهي تصرخ وتبكي بحرقه ماتت جوهره يا أحمد راحت الغالي راحت وخلتنا لوحدنا ألتفت إلى الجثه أكشف عنها وإذا بها جوهرتي صرخة صرخه اهتزت جدران المنزل كانت صرخه من أعماقي وأنا أحرك جثت جوهرتي لا يا جوهره لا تتركيني لوحدي انتي حياتي انتي نصفي الثاني كيف اعيش بدونك ... لطمتها على وجهها اردت ان تنهض ان تبكي كما بكت من قبل عندما لطمتها ولكن روحها قد فارقت الحياة ..... آآآآآآآآآآه أيّ ألم اصفه لكم أي يحزن أسطره لكم كانت جوهرتي حياتي كلها ... بالأمس وأنا في غرفتي كنت أتخيل نفسي وأنا أحمل جوهره بين يدي وهي ترتدي ثوب العروس أتخيلها وهي أمامي زوجتي ... لم أكن أعلم بأني سأحمل نعشها بين يدي ... نعم لقد حملت نعش حبيبتي نعش جوهرتي بين يدي .... آآآآه يا جوهرتي تركتيني وحيداً أكابد ألام فراقك .... من سيخفف عني آلامي وقد رحلتي ... من سيحفظ لي أسراري لمن سأبوحها انت تركتيني وحيداً....
انتهت ايام العزاء وانتهت معها حياتي وأحلامي وأمالي ... لكن بقى حب جوهره بقلبي بقت ذكرياتها راسخه في ذهني ... لن انساك يا جوهرتي لن أنساك.
الآن وقد مرت اربع سنوات على وفاتها لم تفارق مخيلتي مازلت أتردد على نفس المكان الذي كان نلتقي فيه مازلت أذهب إليها في نفس المواعيد التي كنا نلتقي فيها.. رغم التغيرات التي حدثت في بيتنا لكنني لم اغير شي في غرفتي الصغيره كل شي كما كان .. رغم محاولة والدي لأغيرها لا استطيع ان امحو ذكريات جميله عشتها مع جوهره هذه الغرفه الصغيره تحمل سر جوهره وسري لن استبدلها مهما كانت الأسباب...مازلت اتذكر ابتسامتها دمعتها ضحكتها اتذكر لمسة يديها الناعمتان راحتها مازالت عالقه في يدي ..
الآن وقد رحلت جوهره اصبح كل شي بالنسبه لي لا حياة فيها ... كل شيئ مظلم..
هكذا رحلت جوهره بغموض دون أن نعرف ما هو سبب وفاتها حتى الطبيب الذي كتب شهادة وفاتها لا يعرف السبب الحقيقي للوفاة .. ماتت جوهره ومات سر موتها معها ....
جوهرتي رغم رحيلك فأنت مازلتي تسكنين قلبي وتملكين تفكيري
جوهرتي رغم رحيلك ولكن مازال قلبي يبنض بحبك ....
وماتت جوهرتي ..................