عملاق الليل ..وبائعة الهوى

    • عملاق الليل ..وبائعة الهوى

      كيف حالكم ...............

      أحببت ان تشاركوني قراءة إحدى الحكايات التي قرئتها قريباً ،وهي بعنوان

      عملاق الليل .. وبائعة الهوى





      كالبدر مستدير وجهها.. عيناها حوراوان وأهدابها طويلة متعانقة .. شعرها كالليل فاحم وكالحرير ناعم .. ينسدل على كتفيها ليصل اسفل ظهرها.. جلست على قارعة الطريق تبيع الهوى .. تهمس بعينيها لهذا ..وتميل بضحكة متكسرة لذاك..
      تلعب في الوحل والرذيله ..وأمام فتاة بهذا الجمال والدلال أنى لشاب أن يصمد .. هكذا تحدثها نفسها.. في نهاية كل ليلة تجمع دراهمها وتعود أدراجها ..على هذا المنوال تمر أيامها .. والذباب يهوي أمام حلوىً مكشوفة .. كم من عاشقٍ تغنى بها .. وكم من كبير تواضع لهل ليرضيها وليهنأ بقربها .. وتمضي خطى حياتها ..وتنقضي الأعوام وهي تزداد فتنة وخبرة إغواء .. تختار من تشاء من الرجال وتترك من تشاء .. والكل في الرذيلة غامس .. رأته من بعيد ليس مثلهم ..يبدو النور في محياه .. تعانق وجهه لحية وقور .. هادئ الصمت رزين الخطا .. تتمتم شفاهه تسبيحاً وتهليلاً .. إنه جديد .. ياله من صيد رائع !مر من جانبها ولم يعرها اهتماماً .. فتمردت في عمقها الكبرياء الجريحة زز لم التعفف ؟! الكل قيد يميني زز لو هو ؟!

      في ليلتها عادت باكرةً تفكر فيه .. من هو ؟ ولم هذا الصدود أرقها حتى انتصف الليل ثم نامت وهي تضمر شيئاً
      .

      الليلة الثانية :

      اكتحلت لتزداد جمالاًَََ.. وتطيبت لتجلب العشاق .. وارتدت ثياباً تفصل مفاتنها .. جلست ثم قامت .. وطال انتظارها ..فأخذت تقطع الطريق .. تعرض عن كل من يأتي نحوها .. لو ُتجْد توسلاتهم .. هذا يذرف دمعة رجاء .. وذاك يمني ويتسول ..وهي تمط شفافهاالقرمزية .. وتشير بأناملها الطويلة غير عابئة بهم .. إنها تريده هو .. قلبها لا يريد غيره .. لكنه لم يأت .. وطالت حرقة الصبر .. حتى يكدر مزاجها .. وفجأة ظهر من كانت تنتظره .. هاهو .. رأته من بعيد .. ابتعدَ عن طريقها .. فمضت خلفه .. همهمت .. ثم ضحكت ( عن غير رغبة ) عله يعيرها التفاتةً او أدنى اهتمام .. أتاها صوته متغفراً عميقاً من الأعماق .. فتوقفت .. ثم عادت أدراجها .. وباتت طوال الليل ساهدةً .. آه لو يخضع لي مرةً لأذقته شهداً مذاباً .. منظره يريح المتأمل .. تتجلى فيه سمات الوقار والعفة.. ومازال القلب لا يرغب غيرَه .. وزحف الفجر الوليد على الكون يشق سكونه صوت رحماني رحيم يدعو الروح لمناجاة بارئها في عبودية خاشعة خاضعة .. فأغلقت عيناها في نوم عميق بعد إعياء طويل..

      الليلة الثالثة :

      هاهو الليل قد اقبل .. واقبل معه الأمل الموعود .. لن أنثني حتى يهوي في شباكي .. لن يصمد طويلاً أمام هذا السحر الفتان .. أخرجت عطراً جديداً اشد فتكاً بالقلوب وتعطرت به .. وارتدت ثياباً تشف عن كوامن خلقها .. أخرجت عقداً لتتحلى به وتزين جيدها الغض الأبيض الرطيب .. وعلى أحر من الجمر انتظرت .. مضى أول الليل ثقيلاً طويلاً .. بطيء الخطا .. وهي تتحرق انتظاراً ..تشير للمتهاوين وهي تنفث سموم تمردها على هذا وذاك .. وقد تهدا أمام غيرهم .. حتى نفتهم جميعاً .. وتمزقت لوعة .. يالها من ليلة ليلاء .. وانتصف الليل .. رأت شبحاً قادماً من بعيد .. قلبي يحدثني انه هو .. سيرتمي في مصيدتي ويقبل قدمي .. سأنتقم لهذا الكبرياء .. حقاً انه هو .. خرج تواً من محرابه الحبيب يتفكر في الكون ويتأمل الحياة .. وغير طريقه حتى لا يلتقي بشيطانة الأرض .. مضت تحث خطاها خلفه .. تحرك أقدامها بقوة .. وصوت كعبها العالي يشق سكون الليل الصامت ..و أخذت تنبس بكلمات مكسورة خليعة و هو لا يلتفت .. تصنعت الألم صارخة .. آه .. آه .. ساعدني يا هذا .. لقد جرحت .. توقف .. لكنه لم ينظر اليها .. بل نظر إلى الأفق البعيد الحالك السواد .. في ليلة غاب عنها نور القمر .. فتذكر ظلمة القبر وخشي أن يتدنس قلبه بالخطيئة .. أو أن تتلوث عيناه الطاهرتان بنظرة حرام .. وتذكر ان الله ينظر إليه الآن .. فاغرورقت عيناه عبرات كماء المزن صافية .. ثم تذكر جهنم تحطم العصاة .. فاجهش باكياً وقد غطى وجهه الكريم بكفيه الطاهرين .. وآتاها صوته من بين آهاتٍ ممزقة .. ولوعاتٍ متحرقة "اتق الله اخية ، ولا تدنسي قلباً احب مولاه .. انظري إن أتاكِ الموت كيف تلقين الله ؟ .. فامضي طريق الخير تسعدي .. وقد أعزكِ الله بالحشمة ِ والإيمان ز. " ثم مضى بخطىً هادئة .. تتقاطر دموعه من لحيته المباركة .. أما هي فقد تسمرت مكانها كالتمثال صامتة .. هزتها تلك الكلمات الصادقة .. وآلمتها تلك العبرات التي رأتها من أضواء القناديل الصفراء التي أعياها السهر .. ومن بعيد سمع صوتها باكياً .. أيها العملاق الطهور .. على خطاكَ سأسير وكفاني تحطماً وراء دنيا زائفة فانية .. فادع الله لي .