رحمــــــة

    • رحمــــــة

      قصة لم تكتمل ولم تكتمل خيوطها ولا أحداثها .. حاولت أن أغوص اكثر واكثر في حياة رحمة ولكن لم يدندن القلم معي لتكملتها حاولت مرارا وتكرارا ولكن للأسف كأن القلم يعاندني..

      فلكم أحبتي أقصوصتي القصيرة هذه والتي لم تكتمل .. واتمنى أن تعذروني إذا كانت غير واضحة أو أنها لا ترتقي أن تكون هنا .. فما زلت أتعلم منكم دوما وأبدا ..



      تتفاقم الأحداث ، وتعلو الصرخات .. خطوات متكسرة محطمة تمشي على أطراف الأصابع .. قطرات متساقطة على صفيح الأرض ، صوت خفيف يشبه حفيف الأشجار ينساب بين ظلمة الليل وظلمة الخوف .. وصوت الخطوات المتكسرة ترتجف فزعة.

      من أنت ؟ هكذا طبقت شفتيها بسؤالها .. سرد قصصي بدأ يدغدغ عقلها ، وحكاوي ليلية كانت تسمعها من جدتها العجوز وهي تجلس أمام ( الموقد ) المشتعل.. سؤال أطلقته لم تجد له إجابة .. بل لمست أنين خوف وفزع ، وأحست بأن الدنيا بدأت قاتمة حالكة السواد.

      *******


      رحمه .. رحمه قومي يا بنتي للصلاة ، ما تسمعي صوت المؤذن يأذن .. صوت متثاقل ، وجسم تعبان خاوي القوى .. سوف أقوم يا أمي ولكن .......

      من ذاك الذي رأيته في الحلم ؟ وما تفسيره ؟ هكذا انتعشت رحمة من نومها بعد أن تذكرت ذاك الحلم الذي دغدغ نومها .. صوت الديك يصيح فوق شجرة ( الشريشه ) متناغم مع صوت الدجاج الكسول الذي بدأ ينزل من الشجرة .. أصوات الماعز الممتزجة مع صوت غراب حط برحالة بالقرب من ام رحمة وهي تصنع خبز ( الرخال ) لعل وعسى يحصل نصيبه.

      *******


      حملت رحمة (الهاندوه) واتجهت ناحية الفلج القريب من البيت ، وبدأت في ملئ الوعاء بالماء حتى امتلئ ، وبينما ترفعه لقمة رأسها ، وهي تستعد للرجوع إذا لمحت شخص جعل الوعاء يسقط من يديها .. وبعد ذلك تبعه سقوط رحمة القوي على الفلج.

      *******


      عين وأصابتها .. بكاء قوي ، اجتمعت النسوة في بيت رحمة للاطمئنان عليها .. المسكينة كانت طيبه .. ما تشوف شر .. عين حارة وأصابتها .. وبعد ذلك شق ذاك التجهمر شيخ كبير في السن ( معلم ) بصحبة أبو رحمه وهما متجهان ناحية الغرفة ..

      ...... ومن شر النفاثات في العقد ، ومن شر حاسدا إذا حسد . صدق الله العظيم صوت المعلم بدأ قويا وهو يتلو القران الكريم .. وبعد ذلك دمدم بكلمات غريبة عجيبة لم يفهما أحد..

      البنت مسكونه بجني .. خبر كالصاعقة جعل من أم رحمة تصرخ بقوه ، بكاء ونحيب .. (ما لقيوا إلا رحوم يسكنوا فيها)

      *******


      بخور اللبان برائحته الذكية انتشرت في حوش البيت .. أصوات متداخلة كثيرة ، نار تم إشعالها بالقرب من شجرة الشريشه مما جعلت من الديك يصدر صوتا كأنه يستنكر ما يدور تحت الشجرة ، حتى أن الحضور سمعوا رفرفت جناحيه وصراخه القوي من شدة الأدخنة المتصاعدة للأعلى.

      أصوات الدفوف بدأت تعلو .. أناشيد تنشد ، وصوت قوي يصرخ (شلو شلة احمد البدوي) صرخ أخر لا ثم قال : هيل يا الله يا محمد هيل يا الله ، هيل يا الله يا محمد هيل يا الله ، أنت نورا فوق نوري هيل يا الله ، وأنت مفتاح الصدوري هيا الله .. ومع أصوات الدفوف والحركات المتقنة للحضور ، صرخ أحدهم صرخة قويه وبدأ يهتز في مكانه ثم حمل معه (مجمر) المختلط باللبان العماني .. وبدأ في السير يمنة ويسره وبأصوات غريبة جدا وعجيبة .. وما لبث إلا أن صرخ ثاني وثالث ، وقال أحدهم ( رمس الشيخ رمس ) حتى انتهى المنشد.

      *******


      توجه رجل طاعن في السن ناحية رحمة القابعة وسط من النسوة ، وجلس أمامها بعد أن قدم لها البخور ، ومسكها من يديها وسألها : من أنت؟ أنا جني الأرض؟ وما لقيت إلا هذا المكان تسكن فيه؟ يضحك الجني ( طبعا بصوت رحمه ) ارتحت لهذا المكان وباغي اسكن؟ الشيخ بصوت قوي : لا ما تسكن .. الجني : بسكن وحدث جدل بين الاثنين حتى قام الشيخ واقفا ( ونعش ) بعد أن امسك بالمجمر ثم مسك رحمة مرة أخرى .. بتطلع أم لا .. لا .. إذا جبت حال نفسك الموت وقام الشيخ بتهديد الجني .. حتى رضخ الجني وقال : سوف اخرج الان من الفم .. فهنا مسك الشيخ بيد رحمة بقوه وهزها بكل قوه لا .. بل اخرج من إصبعها الصغير في قدمها اليسرى وإلا ..... قال الجني وهو في حالة فزع خلاص خلاص بخرج .. بتخرج ولكن ما ترجع مرة ثانية وتسكن ... ما ارجع ما ارجع

      *******


      طفح الكيل بالديك وقرر بعمل مظاهره سلميه بالصراخ القوي مع الدجاج .. وفعلا بدأت الأصوات تعلو وتعلو مستنكرة في ذاك الإزعاج المتعمد (ولكن لا حرية هنا) وكل من يحاول بعمل مثل هذه المظاهرة يكون مصيره السقوط للأسفل جثة هامدة .. وبعدها اختفت الأصوات ، وتفرقت المظاهرة بالهروب الكبير للدجاج ، بعد أن صاب حجر أحد الدجاج فارداها قتيله.

      *******


      بدأت خيوط الشمس ترسل ظفائرها الذهبية للأرض ، مشتتة ظلمة ليلا طويل تخللته صرخات مدوية وانتهت بقتل الدجاجة .. تقوم رحمة من فراشها وحاولت الوقوف ولكنها لم تتزن في وقفتها فرجعت مرة أخرى للفراش ..

      أمي اشعر بصداع فضيع في رأسي ، ورجولي ثقال ما اقدر أوقف عليهم .. بتتحسني بنتي بتتحسني أن شاء الله .. هذا ربما تأثير دوا المعلم مراش ..

      *******


      راشد .. راشد كيف رحمة الحين .. المعلم مراش بخير .. لحظة بس انزل من النخلة .. وبدأ الشايب راشد ينزل من النخلة بكل خفه وتوازن ، وعند وصوله للحافة فك من جسده النحيل ( حبل الطلوع ) وتوجه للمعلم مراش .. شي علوم شيء أخبار معلم .. ما شيء إلا علوم الخير .. من صوبكم ، نوبه ما شيء .. انزين بروح الحين تأمرني بشيء .. تو الناس معلم ، انزين لحظة شوي .. غاب الشايب راشد بين النخيل ثم رجع وفي يده ( قفير ) من رطب النغال.

      *******


      بكل حزن واصفرار في الوجه ، بكل بؤس وسكينة .. بدأت تلملم ظفائرها وكأنها تودع من حولها ، منظر يجعل من المتأمل يقف برهة من التفكير العميق متمعنا في قوله تعالى " وجعلنا النهار معاشا ، وجعلنا الليل لباسا " نعم ها هي الشمس ترحل بعد أن طويت أخر ظفيرة لها .. وبدأ الليل يوزع لحافه الأسود على تلك المنطقة القابعة وسط النخيل .. وبدأت قطعان الماشية يعود أدراجه (الدرس) المعد لها للمبيت بعد أن تأخذ وجبة العشاء .. وذاك الديك يراقب الدجاج تارة وتارة أخرى يطقطق بجناحيه ولسان حاله يقول : من سيموت الليلة ؟ ثم ما لبث إلا ان اعتلى شجرة الشريشه.

      *******


      أصوات عواء الذئاب يتردد صداه من بين الجبال المحيطة بالقرية .. رحمه تعيش في صراع مع نفسها في ليلتها .. صوت غريب ينساب بين جدران غرفتها البالية العتيقة ، ترتجف وتطوي لحفاها على جسدها .. شخص غريب ذو ملامح غريبة يقترب منها ، تحس بوقع أقدام مما زاد الخوف في قلبها الصغير ، حاولت الصراخ ولكنها لم تستطع ، زاد خفقان قلبها وزادت سرعته كأنه في سباق قوي. وقع الأقدام يقترب رويدا رويدا ......... رحمه مالك ماه ما راقدة؟ ارتاحت رحمة عندما سمعت صوت أمها .. لا ماه ما جاني رقاد.


      *******



      الموقد : مكان لإشعال النار فيه
      الشريشه : نوع من أنواع الأشجار والتي تزرع في حوش البيت للاستظلال
      الرخال : نوع من أنواع الخبز وهو رقيق الشكل ولذيذ الطعم
      الهاندوه : وعاء كان يستخدم قديما لإحضار الماء عليه وشكلها دائري بفتحة في الأعلى
      المعلم : ويقصد به هنا الشخص الذي يعالج الناس بالقران الكريم او بالطب الشعبي
      مجمر : وهو وعاء طيني يستعمل للبخور
      حبل الطلوع : وهو مصنوع من ليف النخيل ويستعمل للطلوع عليه فوق النخيل
      قفير : وهو وعاء مصنوع من سف النخيل
      الدرس : والمفصود به هنا هو بيت الماشية
    • مشرفنا الغالي ...


      قبل كل شيء ... اشكرك على وجودك هنا ... و بقاءك ...


      أود أن اقول لك لا أدري لما أنتابتني قشعريره و انا أقرأ قصتك ..

      في الحقيقه أسلوبك القصصي جميل جداً .... تداخل الأحداث

      كان رائع ... ما ألبث أن أضيع حتى تأتي جملة ما لتعيدني لترابطي ...


      صراحة جميل هذا السرد ... و أتمنى أن أراك هنا مجدداً ...


      و بانتظار التتمه .. إن وجدت ...



      إلى ذالك الحين تقبل كل التقدير و الاحترام ...
    • الحزينه السعيده كتب:

      مشرفنا الغالي ...


      قبل كل شيء ... اشكرك على وجودك هنا ... و بقاءك ...


      أود أن اقول لك لا أدري لما أنتابتني قشعريره و انا أقرأ قصتك ..

      في الحقيقه أسلوبك القصصي جميل جداً .... تداخل الأحداث

      كان رائع ... ما ألبث أن أضيع حتى تأتي جملة ما لتعيدني لترابطي ...


      صراحة جميل هذا السرد ... و أتمنى أن أراك هنا مجدداً ...


      و بانتظار التتمه .. إن وجدت ...



      إلى ذالك الحين تقبل كل التقدير و الاحترام ...




      أختي ومشرفتي العزيزة الحزينة السعيدة ..
      كم أسعدتني حروفك هنا وهي تساند هذه الأقصوصة التي ما زالت تخوض غمار صف الأحرف وكتابة العبارة ، وصياغة الجوهر ..

      رغم الكآبة والحزن الذي عاشته هذه الاقصوصه من خلال الشح الكبير للردود إلا أن ردك كان بمثابة الدواء للسقيم ، بمثابة المطر لأرض بور ، بمثابة ضوء امل في حالة اليأس والركود.

      وأتمنى من الله سبحانه وتعالى أن تكون أقصوصتي الخجلة هذه قد نالت على استحسانك ، اما بخصوص الرجوع مرة أخري فأعتقد بأن الأمر صعب في ظل الظروف التي عانتها رحمه .

      وادعو الله أن يوفقك في الارتقاء بهذه الساحة .. ودمتم
    • أسلوب قصصي جميل

      كلمااااااات جميلة .....الرخال ...مع العسل

      حبل الطلوع,,,,هذا وقتة.....لنقطف الرطب

      والقفير والمزماة ...لجني الرطب

      الماضي بجمالة والحاضر بروعتة

      دندنة على سن القلم

      لا تحرمنا من جديدك

      مع أرق التحايا وأرقها
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • دندنة على سن قلم ،،

      قصة رائعة ، وأسلوب قصصي رائع ،،

      سرد جميل للأحداث ، ومفردات ممتزجة بعبق الماضي وجماله !

      يقال : خاتمة القصة بروازها .

      في انتظار خاتمة هذا الأبداع ، أتقاسم مع "رحمة" رخال الإنتظار ، ومزماة الصبر.


      دعواتي القلبية بالاستمرار بهذا الزهو وهذه الجمالية ،، ودمت لنا مشرفنا مبدعاً ،،

      وإلى الملتقى .....
    • النجم الجديد كتب:

      اخي دندنه ....
      لا يسعني الا ان أقول لك "ابدعت" ,,,,, فنقشت اناملك جوهره بين ثناياها عبق الماضي وأصالت رحمه ودندنه...


      اخي العزيز النجم الجديد

      كلمات قصيره ولكن وقعها على نفسي كبير .. وهل يأتي الابداع إلا إذا كان المتلقى لهذه الاقصوصة مبدعا مثلك اخي العزيز ..

      شكرا لك مشرفي على طيب الكلم ، واتمنى ان تكون رحمه خفيفة عليكم
    • بنـ الكويت ـت كتب:

      دندنة

      لوهلة عشت مع رحمة معاناتها

      ابدعت فيما كتبت


      مشرفتي العزيزه بنت الكويت
      وانا ايضا عشت مع ردك هذا بلا معاناة بل عشت فيه بجو من الالفه ، وتيقنت بأن معاناة رحمه وصلت ، فشكرا لك مشرفتي
    • الواقع في سطور ...

      رائحة من الماضي تطفو على المكان ...

      شئ جعلني أعود إلى سنوات خلت ...

      تعابير وسرد رااائع ....


      عزيزي دندنة على سن القلم


      كم أبهجني تواجدك ...

      كن قريبا ...

      هنا ...
      عدت والعود أحمدُ
    • رحيل القويطعي كتب:

      هل تسمح لي عزيزي ..

      بإن أسجل حضوري هنا ...


      لي عودة لك ...


      سعيدة بوجودك بيننا ...



      مشرفتي رحيل
      اعتذر عن التأخر في ردي هذا ، وكم تشرفت رحمه بوجودك هنا معها ، ولي عودة اخرى في التعقيب على ردك الثاني ، تقبلي مني اجل تحية واحترام
    • [B]سرد حكوي رائع
      وانا اقراها اتخيلها.....امتزج الخيال بين الصور والاصوات والمواقف
      برعت اخي دندنة على سرد هذه القصة
      ونتمنى ان نرى ابداعات دندنات قلمك دائما وابدا
      [/B]
    • ،،،

      أخي دندنة على سن القلم

      قصة أعجتبني ، ومايشدّني أكثر في مثل هذه القصص

      عندما تبدأ برسالة غامضة تستحوذ على عقل القارئ

      لتجبره على إكمال القصة جميعها ...


      لغتك ومفرداتك كانت سلسلة وجميلة ومريحة للقراءة ومفهومة...

      رحمة

      لا أدري فقد عشت هذه القصة من قبل كأنني أنا رحمة

      أحسست بمعاناتها وبمرضها بالفعل وكان هذا واقعي ،،

      والحمد لله على كل حال،،،

      ربي ستر...

      شكراً لك أخي مرة أخرى على هذه القصة المؤثرة أو

      الواقع الذي مر برحمة،،،

      دمت بحفظ الله،،،

      تقبل تحيتي

      Ranamoon

      ،،،




    • _______________________________________________________________________


      بدءً أقول لصاحب القصة أنت رائع وتستحق الحياة وكتابة القصص وتستحق منا الردود والتعليق عليها .

      أشكر جُل المشرفين النمتعاطفين مع كاتبهم ومشرفهم الفاضل / دندنه على سن قلم .

      أقدم شكري لصديقي القديم الرائع / إبن الوقبه .. الف تحية لرحيل وسلامٌ مني إلى البلوشية . وترحيب عظيم لشاعر جروح .. وإهداء وردي لبنت الكويت وتقدير خاص للنجم الجديد وأحترام كبير للحزينه السعيدة .
      وليسمح لي الكاتب الرائع ( دندنه على سن قلم ) وليتسع صدره لهذه القراءة المتواضعة ..

      في مطلع الحديث عن قصة رحمة .. أقول ///

      أن الكاتب رسم الشخصية كما لو أنه رسم لنا طريقة كتابته عنها ..وتمثّلها كمالو كانت القصة أصلاً ومجريات أحداثها بيننا أو بين أيدينا .. إن أو ل ما ميّز شخصية رحمة هو حظها من البساطة والتعقيد في آن واحد . رحمة شخصية سهلة .. بسيطة يستطيع القاري أن يفهمها من الوهلة الاولى .. ومنذ الوهلة الاولى بدأت السوداوية تحكم رسم شخصيتها ( أحست بأن الدنيا بدأت قاتمة حالكة السواد. ) وفي هذا الشأن يقول ..مورياك .."" أما أنا فيلوح لي أن أشخاص المرتبة الثانية في كتبي ، هم الذين استعرتهم من الحياة وأكاد أتبع في ذلك قاعدة عامة ، هي أنه كلما قلّ شأن الشخص في الحكاية والسرد زاد حظه في أن يكون بقضه وقضيضه مثلاً من أمثلة الواقع . وهذا أمر بيّن واضح . فالمسألة مسألة " فائدة " كما يُقال في المسرح ."
      الأمر الاخر . الاحساس والمعنى والايقاع . .. واقصد بالاحساس هو موقف الكاتب من المعنى المراد نقله والايقاع هو الوسيلة إلى الاتصال بالقاري والقصد هو الغاية الاسمى التي يسعى الكاتب إلى بلوغها . وتحضرني هنا موعظة لفلوبير ( أنه مهما يكن الشيء الذي يسعى الانسان إلى التعبير عنه ، فإن هناك كلمة واحدة تعبّر عنه ، وفعلاً واحداً يوحي به وصفةواحدة تحدده ) إذن فالعملية الكتابية عملية كفاحية متصلة مع متطلبات المعنى والايقاع والاحساس والقصد .. (( راشد .. راشد كيف رحمة الحين .. المعلم مراش بخير .. لحظة بس انزل من النخلة .. وبدأ الشايب راشد ينزل من النخلة بكل خفه وتوازن ، وعند وصوله للحافة فك من جسده النحيل ( حبل الطلوع ) وتوجه للمعلم مراش .. شي علوم شيء أخبار معلم .. ما شيء إلا علوم الخير .. من صوبكم ، نوبه ما شيء .. انزين بروح الحين تأمرني بشيء .. تو الناس معلم ، انزين لحظة شوي .. غاب الشايب راشد بين النخيل ثم رجع وفي يده ( قفير ) من رطب النغال. ))
      لقد وفّق الكاتب إلى الجمع بين أثر البيئة الثابتة وإبرازها كما هي .. والبيئة الطارئة الأخرى كما استوحاها من طبيعة الحياة والبيئة . مثل هذا المقطع من القصة (أصوات الدفوف بدأت تعلو .. أناشيد تنشد ، وصوت قوي يصرخ (شلو شلة احمد البدوي) صرخ أخر لا ثم قال : هيل يا الله يا محمد هيل يا الله ، هيل يا الله يا محمد هيل يا الله ، أنت نورا فوق نوري هيل يا الله ، وأنت مفتاح الصدوري هيا الله .. ومع أصوات الدفوف والحركات المتقنة للحضور ، صرخ أحدهم صرخة قويه وبدأ يهتز في مكانه ثم حمل معه (مجمر) المختلط باللبان العماني .. وبدأ في السير يمنة ويسره وبأصوات غريبة جدا وعجيبة .. وما لبث إلا أن صرخ ثاني وثالث ، وقال أحدهم ( رمس الشيخ رمس ) حتى انتهى المنشد. )

      كنت ومن خلال هذه القصة ، أن أرى قصة فيها من السبك اللغوي / القصصي بعيداً النعومة وتكثيف الكلمات العامية والمرادفات ، وحصرها في مجال ضيّق .. فكاتبنا .. أوضح لنا كل هذه المرادفات في قصة واحدة .. ما تقرب تسعة .. فما الدواعي التي جعلتْ من الكاتب أن يحشر لنا هذه المرادفات .
      ثانياً/ مشكلات السلوك والأجتماع الانساني وحسبُنا أن تعطينا صورة ما عن الحياة .. ( المعلم والاناشيد الشيطانية . ) .
      ثالثاً / لو تكلّمنا عن المواد الاساسية أو الأولية التي يستمد الكاتب منها رصيده الابداعي .. وقيمة هذه المواد عندما تتعارض بالحياة نفسها . فلو نظرنا إلى قصص بعض كتابنا الكبار على سبيل المثال وليس المقارنه بهذه القصة .. كتوفيق الحكيم والمازني ونجيب محفوظ وعبدالحميد السحار .. وجدنا أن موضوعاتها مستمدة من واقع الحياة التي تحيط بهم .. وطبعاً الفرق بين كاتبنا وهولاء هي تلك النظرة او الزاوية التي ينظرون منها إلى هذه الحياة . ( بالطبع أنا لا أقارن بالكاتب .. ) لكن هي تجديد للرؤية فقط . وبالتالي فطبيعة الموضوعات والبيئة أيضاً لها دور إيجابي .. فكاتبنا هذا ( دندنه على سن قلم ) جاء مُعرضاً لنا فكرته التي إستوحاها من خلال مشاهدته .. ونقلها لنا بصورتها الواقعية او الصحيحة .. كالو أننا نشاهد فيلم عن واقع حياة ما .. ولو أستطاع الكاتب أن يُعيدها من جديد ويختصر ما قد يريده في هذه القصة ، بعيداً عن ما يطفو في السطح / سطح الحياة من زبد الحوادث وتستطيح الشخصيات وتعمّق في مفهوم العواطف أو استغل عاطفة رحمة أو حتى راشد باسلوب مرن .. واستبطن ألوان المشكلات وعكس لنا صور الصراع التقليدي / الحيوي لخلق لنا قصة متينه وشيقة .


      اشكر الكاتب على تقبله قراءتي .. وهي لا تعدو عن وجهة نظر قاري .

      الف تحية من المرتاح ، وبيننا فاصل ونواصل ( بالخير )
      لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
      لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
      الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!
    • إبن الوقبـــة كتب:

      أسلوب قصصي جميل

      كلمااااااات جميلة .....الرخال ...مع العسل

      حبل الطلوع,,,,هذا وقتة.....لنقطف الرطب

      والقفير والمزماة ...لجني الرطب

      الماضي بجمالة والحاضر بروعتة

      دندنة على سن القلم

      لا تحرمنا من جديدك

      مع أرق التحايا وأرقها


      عزيزي إبن الوقبه ..
      شكرا لك مرفوع من الانسة رحمه ، فهي تشكر لك حضورك هنا ، وتتمنى لك الاستمتاع بخبز الرخال والعسل ، وايضا تذكرك بأن موسم الجداد حان فاستعير منها حبل الطلوع ..

      كم شرفني تواجدك عزيزي هنا ، وكم تشرفت رحمه بخط احرفك هنا ، فما تزال كلماتك رائعة بحق يا إبن الوقبه