قصة رائعة بعنوان : العاصمة

  • " العـــــــــــاصـمـــــــة "



    مدينة مكتظة بالسكان ... تعج بالحياة ... ترتبط بها معالم التاريخ ... لتربط بين ماضي ... حاضر ... ومستقبل ... في غد واعد ... وأمل مشرق مستهل بالخير ... متعة الحياة بها تتجلى في الإنجاز والإبداع ... بل في وضع لبنة لصرح من الأماني التي لا ترضى بغير النجاح ...!

    حلم ولد بين ثنايا أفكاري ... فرسم الأماني على جدران صفحات خيالي ... منذ أن كنت في العقد الثاني من عمري ... مثلما كانت الأحلام والأماني تجتاح خيال أي طالب يطمح لإكمال مشوار دراسته في المراحل الأخيرة ...فقد كنت أرصف أحلامي بلا حدود ... حتى وجدت نفسي قد ضللت الطريق ... فأهوى فيمكان سحيق ...!!!

    حينها أدركت بأن أحلامي تلك غدت رمال جرفها التيار مع مرور الوقت ...فلا أجد السبيل للخروج من دوامة الأفكار التي تلقي بي في محيطها ... حتى كدت أعلن راية الإستسلام لأتخلص من هذه المأساه التي باتت تطاردني جاعلة من أحلامي فريسه تتمنى الحصول عليها لتلتهمها بلا رحمة ... حينها لن أجد السبيل لعودتها إلي من جديد ...!


    لم يكن يخيل إلي في يوماً ما أنني سأقطن بها .. أو سأقضى بها وقتاً لا أعلم مداه ... ولكن ... كل ما كان يجول بذهني بين الحين والآخر وفي اللحظة التي بدأت بناء هذا الحلم هو إحساسي بالرغبة بالابتعاد عن المكان الذي إعتدت العيش فيه ... وإلانظمام إلى الناس الذين يعيشون الحياة بها ... بالرغم من أن دولة واحدة تجمعنا ... إلا إنني لا زلت اعشق روح المغامرات ... فتتجلى أمام مخيلتي صورة ذلك بالإبتعاد المجهول والإغتراب عن الجميع ... أسرتي ... قريتي ... حتى أصدقائي ...!

    كانت التجربة قريبة من الخيال في ذاك الماضي السحيق .. ولكن مع مرور الزمن وتتابع الأحداث أحسست بأن الأيام بدأت تفتح لي ذراعها لتضمني إلى محيط السعادة التي تولد بتحقيق الأماني البعيدة ... حتى بدأت أحلامي تتحقق شيئأ فشيئ مع مرور الوقت ... مدركاً تماما فضل الإله في ذلك ... فله الحمد .. جل ثناه .. وتقدس علاه ...!

    ساعات تمضي بين الحين والآخر أسأل نفسي في حيرة كيف مضى الزمن بهذه السرعة .. ليلقي بي القدر إلى هذا المكان ... الذي طالما تمنيت أن ابدأ منه تجاربي ... في " العاصمــــة " ... هنا حيث ولد حلم بداخلي قبل سنوات فدفنته الأيام وها أنا الآن جئت لأبحث عنه من جديد وأعيد له الحياة فقد حان الوقت الذي أستطيع أنتهاز كل الفرص الضائعة فيه...!

    ولكن في هذه المرة كان الوضع يختلف تماماً عن ما كان عليه في العهد الماضي ... فقد كان الدافع أقوى من مجرد الدراسة أو المستقبل ... أو حتى السبب المزعوم وهو الحصول على فرصة عمل ... كان السبب يحتجر كياني خلف القضبان الساكنة والتي لا تزال صامته إلى أن يحين الوقت التي تُفتح فيه تلك الأبواب الموصده ... الأبواب التي طالما ظلت مقفلة لتعرقل طريقي ...!

    ففي اللحظة التي عزمت فيها على الرحيل ...لم أكن متردداً قط من فعل ذلك ... بالرغم من أنني كنت مدركاً تماماً بأنني سأرحل إلى بلد جديد ... لألتقي بإناس غريبون ... وحياة أشد وأكثر غربة .. بل أنها بالمعنى الأصح ستكون نموذج للغموض ... لم يكن الأمر بالنسبة لي غامضاً كما هو عليه ... ولكن أستطيع أن أصفه بتجربة جديدة قررت أن أخوضها متحدياً كل ما هو حولي ... ومتجاهلاًً كل الحقائق التي باتت متدارية خلف الأسوار ... كانت تعتلي همتي ... في صمود غامض لا يدرك مغزاه سوى قلبي الحائر وفكري المتشتت ..!

    سبب خفي ... غامض ... جرفني إلى هذه اأافكار ... فأتخذت من بعدها أصعب قرار ... دون أن أضع له حد أو مقدار... فطالما كانت هذه الفكرة مصدر لحيرة الباقين ... منهم من يزعم بانني كنت افكر بطريقة غير عقلانية ....؟؟؟! والبعض الآخر يشير إلى أن تفكيري لم يكن يحوي أبعد النقاط التي كانت تستحق أن أقف أمامها ... حتى أرنو بأفكاري العميقة إلى المتاهات البعيدة .. لأتصور مدى صعوبة هذا القرار الذي لابد أن يأتي بعد دراسة متأنية ... ؟؟؟!


    ولكن ...لم أكن مهتماً إطلاقاً لكل ذلك ...فالهدف الذي كان بداخلى أقوى من الكلمات التي كانت تتردد على مسامعي ...لتداعب أفكاري محاولة أن تغير مسار طريقها ... فجمود صرح الغاية كان أقوى وسيلة للتمسك بالرأي ... وتطبيق القرار جاء مكملاً لكل من الغاية والوسيلة ... حتى وقفت آراء الجميع أمامي معلنة عن هزيمتها ...ففض الجدال وبدأت النظال...!!

    أنطلقت من القرية في رحلة غامضة .... لم أكن مدركاً أبسط الأمور التي يجب أن اكون محاطاً بها علماً ... فلم أكن اعلم أين سأقضي حياتي .. وأين سيكون مأواي الذي سأتجه الية بمجرد وصولي هناك... كان هذا أغرب ما يثير السخرية من نفسي في جوف أعماقي ...فكيف لي أن أذهب مكان وأنا بهذه الطمانينة حيث لا ادرك حتى أين سأستقر ...!!!

    فقررت أن اكمل مشواري دون أن أطرح المزيد من الأسئلة التي يقتلها صمتي ويحييها سكوني ...!

    كم كانت الساعات طويله وشاقة في هذه الرحلة... بالرغم من أنها لم تتعدى بضع ساعات ... إلا أنني أجد نفسي أمام صراع لثواني الساعة التي كادت تهزمني وتستفزني ببرود وبطء حركتها ...إلى أن جاءت الساعة التي كنت أتمناها ...أن أطأ أرض العاصمة... تلك التي كان شوقي لها مثيراً للدهشة ....!!


    ومن هنا كانت البداية .... !!!



    الغريب في الأمر أن بدايتي هذه كأنت محاطه بغلاف وطيد من الأمان والسعاده الغير محدودة ... فقد كانت لحظات أيامي أشبه بولادة حلم بدأت بتحقيقه منذ تلك اللحظة ... كانت البداية هناك ... منذ اللحظة التي جمعنا القدر بها على أرض العاصمة ... فأنطلقت سهام الحب منذ تلك اللحظة ... قاصده تلك المشاعر ..على هيئة غريبة من نظرات الإعجاب ... ومن ثم الحب ... لتستقر في صميم قلوبنا ... فتحفظ أثار ذلك الحب على مر الزمن ... فكم هي جميلة ورائعة ذكرى العاصمة ... التى تحمل بداية لقصص الغرام في القلوب العاشقة...!!



    والآن .... قررت أن ابدأ من هناك تجربة جديدة للحياة ... حياة في قلب العاصمة ...فطالما كنت أرتقب لقاء جديد ... وموعد سعيد... مع حبيب جبرته الظروف ان يكون عن ناظري بعيد ... هذا هو السبب الخفي لقراري وأفكاري ... بل أنه السبب الذي جعلني أكتب كلماتي هذه الآن.. وأنا لا أزال على ارض العاصمة..!!


    متمنياً أن لا يخذلني القدر بما يخبأه لي في أيامي القادمة .... لأبدا برسم حلم جديد على صفحات الأيام ... وهو: "البحث عن الفرصة الذي أستطيع من خلالها ترك بصمة في العاصمة... تحمل أسمي في مستقبل واعد ... مها طال الزمن".... !!





    بقلم : منيرة الفكري
    ولاية شناص

    27/04/2009م

    240 ﻣﺮﺓ ﻗﺮﺃ