قبل أن يُغادرنا الحُب!


  • يودّون منِّي أن أكتب ॥ و أنا أُريدُ أن أكتب ॥ لكن عن ماذا أكتُب ..؟!زحمةٌ تُحاصرني .. والامتحانات على النّافِذة .. ومع تلك الزّحمة إلّا أنّني لا أمنع نفسي من الاستراحة بقراءةِ الرِّوايات... اليوم أعدتُ قراءة [ أحببتُك أكثر مما ينبغي] .. هذِه الرِّواية أنا مع تعديلاتٍ طفيفة جدّا .. وفي كلِّ مرّة أخرُج منها بقناعة.. يبدو حبّهم مرضيّا ... لكنّ الحُب هكذا .. مرضٌ أخشى ما يخشاهُ المصاب بِه أن يُشفى منه..وقناعتي هذِه المرّة أشبهُ بالنّصيحةِ لكلِّ من يُحب .. عندما تُحب لا تُحب بكل ما أوتيت من شُعور .. كُن عاقِلا رُغما عن جنونِك .. تحسُّبا لـ مفاجآتِ القدر .. إن احببت بكلِّ ما فيك سـ تتعب كثير ا ، ستغدو غير صالِحٍ لشئ .. سـ تغدو روحك قاحِلة ، لا ينبتُ فيها زهرٌ ولا عُشب .. سـ تتحوّل رياض قلبِك إلى صحاري لا تُستنبت ..سـ يعيثُ الآسى فيها فسادا .. وسـ تُحاول المرّة تلو الأُخرى أن تُرمِّم روحك .. لكنّها لن تعود كما هي .. وهُنا استرجع كلام واسيني الأعرج على لسانِ أحدِهم في روايتِه شُرفات بحر الشّمال " عندما تُحب لا تُحب بكلِّك وإلا تموت مغبونا" فحقّا كما قال عندما نمتلئُ بإنسانٍ ما ، ونفقده نشعرُ بهوّةٍ لا قرار لها داخِلنا .. ولا شئ بإمكانِه أن يملئ تِلك الهوّة .. عندما نُحبُّ بكلِّ ما أوتينا من شُعور ، ونكون صادِقين لدرجةِ التّقديس ويصعقنا القدر/ الخُذلان .. حينها يصعُبُ جدّا أن نعود كما كُنّا .. يصعبُ أن نحيا ، كما هو صعبٌ أن نموت.. نوقِنُ تماما أنّنا نفرض على أرواحِنا حِصارا ظالِما بذكرى عقيمة .. لكنّ الأمر يتعدّى قدراتِنا .. فقط لا تمنح أحد أكثر مما يجب.. دع بعضا مما تملُك تحسُّبا للأقدار!

    يبدو أنّ الحُبّ شئٌ مُقرِف .. مع أنّ واسيني في نفسِ الرِّواية يقول : " الحبُّ؟.. يالله ، أكبرُ حالةِ التباس ، قد نحبُّ رجلا لا يلتفتُ نحونا مُطلقا ، قد ننتحرُ لآخر وهو لا يعلمُ مُطلقا بوجودِنا ، وقد ييبس آخر ليصير كالحطبةِ من أجلنا ن ونحنُ لا نعرِف ، بل قد نرتمي في أحضانِ قاتِلنا ، ونحنُ نعرفُ أنّهُ جلّادنا الأبدي ، يبدو لي أنّ وراء ذلِك كلّهُ يختبئُ """"عطش الرُّوح """" ، فكلُّ شئٍ لم يُشبع بالشّكلِ الكافي تبقى شهوتِهِ معلّقة إلى يوم تستفيق كالبُركانِ الميِّت ، عندما تنطفئ الرّغبات المدفونة ، يخرُج إلى النُّورِ ما يُمكن أن نسمِّيهِ حبّا مثل ماءٍ صافٍ بينَ الصُّخورِ الزُّرقِ ، لكنّهُ عندما يخرُج تكون الدّنيا قد ماتت في أعيُننا ، والزّمن قد مر ، والجسد قد كلّ ، والبصرُ قد زاغ عن غيِّهِ ، والعُمرُ قد راح ، وتحمُّل الصّدمة يصبحُ قاسيا وثقيلا"..عطشُ الرُّوح... يااااااه..هل يا تُرى .. سـ تُروى الرُّوح بعدما تنطفئ كلّ الأحلامِ والأُمنيات..؟.. بعد أن تذوي الرُّوح..وتتمادى الأقدارُ في المحلِ ..؟... ما أسوأ الحُبّ إذن .. ما أسوأه.. والأسوأ أن تكره الحُبَّ لأنّهُ أتلفك .. أتلفَ نبضك/ روحك .. أهكذا يُجازى الوفاء ..؟.. أهكذا تكرّم روح عُجنت بالطُهر وضوِّعت بالنّقاء ..؟..

    الحديث عن الحُب بات يُثيرُ وجعي .. فأن يخذلك شُعوركِ ..لمرّاتٍ كثيرةٍ شئٌ مُقرِف .. أنا يُتلفك أقدس شُعور ذاك قمّة العذاب .. فكيف بالحبِّ يغدو قيدا بعدما حلمنا بِهِ جناح حُرِّيّة ...؟..قبل أن يُغادِرنا الحُب .. ما كنّا نعي مِقدار ما استنزفنا من شُعور .. ما كنّا نُدرِك كم ضحّينا بالكثير .. بالصِّحة .. بالوقت .. بالإحساس .. نحتاج أن ننسلِخ من ذواتِنا ونراقِبها عن بُعد ، ونزِن ما قدّمنا ، وما قُدِّم لنا .. حينها سـ ننتبه لـ خطِّ سيرِ مشاعِرنا .. قبل أن يُغادِرنا الحُب .. يجب أن نضع كل احتمالاتِ الفقد .. لكي لا يُصيبنا العطب .. فـ الحُبُّ إمّا أن يمنحك الحياة أو يسلبك إيّاها .. فلا تُجازِف .. هي صفقةٌ رِبحها غير مضمون ألبتّة .. فقبل أن يُغادرك الحُب .. احترِس .. ماذا يُخبّئ الحُبُّ في حقائِبهِ قبل أن يُغادِرك .. كم من الهِبات بطيبِ نفسٍ منحته..راجِع نفسِك قبل أن يُغادرك الحُب ويحزُم أمتعتِه ..فـ روحٌ صادِقةٌ نُزِع منها الحُبُّ تصبحُ معطوبة ولا تصلُح لأيِّ شئٍ غير الوجع!

    لن أُكمل فقط من ضمن الوجع ( أشتاق لـ إحساسك معاي .. و أحتاج لـ عيوني رسول)

    ...
    قبل أن يُغادرنا الحُب!

    :)
    زرقـــاء

    322 ﻣﺮﺓ ﻗﺮﺃ