الـزواج والحــب.. ليسَــا وجهيــن لعمـــلة واحــدة

  • عاشق الأمل كتب:

    الزواج والحب.. ليسَا وجهين لعملة واحدة

    قرأتُ في إحدى مؤلفات الراحل الكبير مصطفى لطفي المنفلوطي في كتاب (النظرات) موضوعا عن الحب والزواج، وقد استوقفني الموضوع لأهميته، وحسب تصوريّ المتواضع هي قضية شائكة عند بعض المتزوجين فقد شغلت البعض إن لم يكن الكُل، فبعض من المتزوجين يقرن الزواج بالحب والعكس صحيح، ولو رجعنا إلى الآية الكريمة قال تعالى:{..وخلقنا لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعلنا بينكم مودة ورحمة...} صدق الله العظيم، وبإمعان النظر فيها سنجد إنها لم تذكر الحب بل أشارت إلى ثلاثة أشياء رئيسية ومهمة للحياة الزوجية وهي: (المودة والسكينة والرحمة) وهي اللبنة الأساسية لبناء حياة زوجية ناجعة ومستمرة بدون تعثر، وهذه الأمور غير متذبذبة بل موجودة بدون انقطاع، ولا تتأثر بتوتر الحياة الزوجية بخلاف الحب فهو متذبذب ويتأثر بأي ثائرة تقع بين الزوجين، لأنه ليس من القواعد الأساسية في بناء الحياة الزوجية فهو يتأتى بالعشرة الطويلة والمشاركة المتواصلة، وقد لا يتأتى لأن أساس الحياة الزوجية هو التآلف وليس الحب استشهاداً بقوله تعالى:{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}صدق الله العظيم..


    حقيقة لا يمكن إخفاؤها في وقتنا المعاصر وهي ليست وليدة الحاضر، بل وجدت في سائر العصور ولكن تفشت وتزايدت إبان وقتنا الحاضر بحكم التكنولوجيا المعاصرة من الفضائيات والانترنت والهاتف وغيرها التي دمرت أُسرا جمّة، وغزت كل بيت وفرقت الأواصر الزوجية، وأثرّت على عقولنا، وسيطرت على عواطفنا، وسلبت منا قيّمنا وعاداتنا وأصبحنا نقلّد كل شيء نراه، فكثير من الأزواج يبحثون عن الحب بعيداً عن زوجاتهم بحجة أن الأخيرة ليست فتاة أحلامه التي كان يحلُم بها، وتارة أخرى يتحجج بأنها ليست بقدر الجمال الذي كان يتمناه، وتارة يدّعي بأنه لا يشعر بوجود الحب معها، وكأن الحب ركن أساسي من أركان الزواج أو مهر يُقدّم قبل الزواج، ألم تكن هي من اختيارك؟ ألم تراها قبل شروعك في الزواج منها؟؟ وهل كنت تشعر بالحب معها قبل زواجك بها؟؟، أما من ناحية الزوجة تُعلّل بحثها عن الحب خارج نطاق بيتها بأن زوجها غير مهتم بها أو لا تستطيع فهمه أو التجانس معه، وأحياناً تدّعي بأن زوجها يكبرها في السن وهو غير ملمّ بكيفية التعامل معها هذا إن كانت الزوجة صغيرة في السن، وتارة أخرى تُعلل بعدم حبها له أو بأنه لا يُجيد لغة الحب والكلام الشاعري أو الرومانسية..ألخ، ونفس السؤال أوجههُ لها: ألم تري زوجك قبل أن توافقي على زواجك به؟؟ وهل كان الحب والتفاهم بينكم قبل الزواج؟؟ فوالله ما تلكم إلاّ وساوس شيطانية، لأن الحياة الزوجية هي موطن الشيطان وهذا الأخير لا يهدأ حتى يفرق بين الزوجين، لأن ذلك أحبّ إليه من أن يُشرِك العبد بربه..


    فكم من زوجة فرّت من زوجها للبحث عن الحب مع رجل آخر؟؟ وكم من زوج فرّ من زوجته للبحث عن الحب والراحة مع إمرأة أخرى؟؟ إن كان هذا منظور الزواج من الحب والحب من الزواج لدى المرأة والرجل فويل لجميع الرجال من جميع النساء، وويل جميع النساء من جميع الرجال، وسأقول للأسرة والرابطة الزوجية بعد اليوم ألف سلام..


    نُدرك كُلنا بأن طبيعة البشر سريعة الضجر والسآمة والملل من الشيء الذي يتكرر، فنحن لا نصبر على نوع واحد من الطعام أو حتى السيارة أو الهاتف وغيرها من مقتنيات الحياة حتى في الحياة الزوجية المرء بطبعه يملّ بسرعة، ولكن حكمة الله سبحانه وتعالى اقتضت أن يكون بين كل زوجين قبل الحب ثلاثة أشياء أشرتُ إليها في مستهلَّ حديثي وهي (السكينة والمودة والرحمة)، ومن حكمته أيضا جعل نظام الأسرة الزوجية لا تقوم إلاّ إذا بُني على أساس متين وقوي بين رجل وامرأة تدوم عشرتهما ويطول إتئلافهما، فوضع وسن قاعدة الزواج الثابت الدائم ليهدم بها قاعدة الحب المضطرب والمتذبذب، ومن منطلق هذا الكلام أنصح نفسي وأنصح كل زوجين وكل من يُقدم على الزواج أن يضع في حسبانه هذه القاعدة وهي أن يجعل رباط الزواج رباطاً مقدّساً ويفرق بين الزواج والحب حتى يكون الأول دائما وغير مضطرب، وأن يجعل الزواج مثل الطعام والشراب من حيث الميل لكل ما هو جديد، والشغف بكل غريب وحديث، ويجددا حياتهما مثلما يجددا الطعام والشراب واللباس، فهذا هو سّر الزواج وهذه هي حكمته، وقد ذكرت هذا الموضوع في عدة مرات فمن أراد أن يجعل الحب قاعدة العشرة بدلاً من الزواج فقد خالف حكمة الله تعالى في الآية الكريمة، ويهدم ما بناه ليهدم بذلك حياته الأُسرية، وكم من أسر تهدمت وتفرقت؟؟ ولا نجعل الحب الشهوي هدفنا من الزواج، ولو طوعناه في هذا الشأن ستملّه النفس لأن النفس فُطرت على التحديث والتجديد لا على شيء واحد متكرر، ومن كانت هذه غايته حتماً سيفشل في حياته الزوجية، لهذا لا أنصح أن نجعل منه قاعدة، فمن المفترض أن يتخذ الزوجان كلاهما صديقاً أكثر منه عشيقاً، فالصداقة تنمو بالمودة ويمتد ظلّها، أما الحب فظلّه يتنقل ولا يعرف الاستقرار وكثير التحول وأخص بالذكر حينما يقع الخلاف بينهما.




    الكاتب : عاشق الأمل ..

    $$eالحيـاة أمـل من فقـد الأمـل فقد الحيـاة $$e

    339 ﻣﺮﺓ ﻗﺮﺃ

التعليقات 0

  • درب المحبة -

    سلمت يمناك ع النقل كلام سليم

  • عاشق الأمل -

    [QUOTE=عمري عمان;bt9119]يسلمو خيو[/QUOTE]

    اشكرك على تعليقك ومشاركتك

  • BO11 -

    للاسف مفهوم الحب لدى الذكور والاناث هو الجنس ولكن الذكر يتفوق عن الانثىبمفهوم الحب

  • عمري عمان -

    يسلمو خيو