{ مَدْخَلْ :
إنَنا فِي الحَياةِ نَعِيشُ حُرُوباً , و نَعِيشُ خِلافَاتٍ ، نَعِيشُ صِعَاباً و فِي المُقابلِ هُنَاكَ فَرّحَةٌ دَائِمةٌ تَحُومُ حَولَنا كُلَ حِينٍ ؛ بإِختِصارٍ شَدِيدٍ بكُلِ الطُرُقِ و بِتَنوعِ الأحَداثِ نظلُ أجساداً صامدةً على هذه الجرداءَ . أَيُّ حَديثٍ قْدّ يَطيبُ للنفسِ حِيْنَ تَعْتَرِيها مُفْترقاتٌ تَحْارُ العَينُ أوْ الروحُ أَو حتى الجسدُ – بنَبضاتِهِ وَ إِيماءاتِهِ المُتَوالِيةُ – كَيْفَ تَصِفْها ..!
***
فِي الرَبيعِ وَقْتَ تَتفتحِ الزُهُورِ، يُصْبِحُ إِبْداعُ الطَبِيعةِ الأَّخاذْ مَحَطَ اَسْرٍ للقُلوبْ وَ الأَحَاسِيسْ ، وَلابُدَ بَيْنَ حِينٍ وَ آخَرْ أَنْ يَغَيِبَ شَبابَ تِلْكَ الأزَهارِ فَترّحَلُ مُغْتَرِبَةً مَعْ الرِيِحْ ، مُتَنَقِلَةً بَينَ البَرارِي حَالِمةَ بِبَراءةٍ جَديدةٍ لَمْ يسْبِقْ لَهْا عَهْدٌ بِهْا وَ مَأوَى آخْر . وَمِنْ بَيْنِهِمْ جَمِيعاً وُرَيْقَةٌ حِينَ حَمَلتْها الرِيحْ مَزّقَتْها أَشّلاءُ الإغِتِرْابِ عَنْ شَجَرَتَهْا الأمُ ، كَيفَ لِجَوانِحِهْا أَنْ تَعْتَادَ عَلْى غَزّوِ غُرّبَةٍ تُقَطِّعُ مِنْهَا شَفَافِيَتَها ! غَرِيَبةٌ هِي أَحْوَالُهْا حِيْنَ تَملَّكًتها غِصَّةٌ وَ حَنِينٌ للعَودَةِ .. و كَأنَّنِي تَخْيلتُها طِفْلَةٌ قَعَدْت عَلْى قَارعَةِ الطَريِقِ وَ تَبْكِي بِمَرارةٍ لأنَّها بِبَساطةٍ أَضَاعَت طَرِيقَها لِمأَوَاها وَ يَبْدُو عَلْى عَينَيها سِيماءُ الحُزْن الشَّدِيد وَ كَأنَّ عُيُونها تَنْطِقُ بِقسّوةٍ : أَشّعُرُ بِإغِتْارَبَةٍ وَ أَودُّ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أُمِي و أَبِي .. يَخَالُ لِي أَنَّي مَدَدْتُ يَدِي وَ قُلْتُ لَهْا بِنَظرتِي الحَالِمْة المُعْتُادْة سَارِدَةً ذِكْرَى مِنْ قَامُوسِي المُوشَّى بِالخَلَطَات المُنْمَقَة :
أَذْكُرُ أَنَّنِي حَمْلتُ أَمْتِعَتِي بِكُلِ بَسَاطَةٍ ! يَا لِنَفْسِي فِي تِلْك الوَهْلَة كَيفَ طَاوعَتها الرَحِيلُ ، حِيِنَ حَمْلتُ أَمْتِعَتِي حَملَتُ مَعَها كُلَّ آلامِي القَادِمة . رَحْلتُ وَ اِبْتَعدْتُ وَ قَبْلَ كُلِّ شَي : صَافَحْتُ أَبَي بِحَرارةٍ خِلْتُ بَعْدَها أَنَنِي جُنْدِيةٌ ذَاهِبةٌ للجِهَادْ ثُّمَ اِحتضنتُ أُمِي بِكُّلِ قُوَتِي وَ أَدْرَكتُ أَنّنِي فِي جِهَادٍ حَقاً و مِنْ نَوعٍ مَرَارَتَهُ تَحْرِقُ النَفْسَ !
***
فِي أَرْضٍ أُخْرَى عِشْتُ ، بَعِيداً عَنْ كُّلِ حَنَانٍ تَعَودْتُ أَنْ أَلتقِفه مِنْ حَوْلِي ، فِي الوَاقِع تُهْتُ كَثِيراً فِي طَريِقِي هُنَاك و مَاعُدْتُ أَقْوَى عَلَى تَحَمُّلِ البُعْدِ فأَنَا وُرَيْقَةٌ صَغِيرة حَملَتها الرِيحُ أَثْنَاء هُبُوبِها ، و لَكِن دَائِماً مِنْ بَيّنِ تَكَاثُفِ أَشّجَارِ الغَابِ هُنَاكَ وَمِيضُ نُورٍ ! نَعَمْ.. أَلِفَ قَلّبِي بَعْدَ آنٍ حِيْنَ وَجَدَ مِنْ يُقَاسِمُه المَحَبّه ، أَتْعلَمِين أَيُّ مَلْجَأ قَدْ يَحْتَويِك وَطَناً جَدِيدَاً ؟ هَكَذا كَانتْ الكُويَت ، وَطَنٌ آخَرٌ ذُو قَلّبٍ وَسِيعٍ ، اِكْتَنَفَنِي بَيْنَ تُرّبَتِه و أسّتقْبَلَنِي أَهَلُه بِصُدُورٍ رَحْبَه ، اِعْتًدْتُ بَعْدَ ذَلِك أَنْ يطمئن قَلّبِي الصَغِيرِ لِكَنَفِ هَذا الوَطَنِ المِعْطَاءِ ،
بَعْدَ كُّلِ هَذا الإِسّهَابِ أَرَى نَفْسِي مُنْذُ الأَزَلْ و حَتَّى الآنْ " وُرَيقَةٌ حَمَلتْهَا الرِيْحُ ، فَكَانَتْ الكُويَت
أَهْلِّي و أُنْسِي ".
***
مَخْرَج } :
أمي ::
أَحَقْاً أَنَا فِي رِحْلَةٍ مَدَاهَا البُعْدُ عَنْكِ ]
أَبِي / أَنَا هُنَا فِي غُرّبَتِي
أَشْتَاقُ حَقّاً لأقَرَأ جَريدتَك المَوهُمَةُ بِالحُرُوفِ
..
أَيُّ تَراجِيديَا قَدْ { تَضُّمُنِي } فِي حُضْنِها
و الأنَامُ بَعِيداً عَنِّي نِيِامُ !..
..
أُمِي هُنَاكَ حَلٌّ آخَرَ لِلغُّزِي القَدِيمِ \
( أَرْضٌ ) بِشْعَّبٍ .’
و حُجُرَاتٌ سَاكِنِيها مِنْ " بَنِي البَشَر "
سَجَّلُوا عَلَى صَفَحَاتِهم أَنْ :
" يَاغَرِيِباً نَحْنُ لَكَ أُنْسَاً "
..
$$6
..
$$6
451 ﻣﺮﺓ ﻗﺮﺃ
البحر العميق~ -
[B]حياج الله أختـــي .. هنا ملتقى الاقلام و القلوب
![/B]