الــــدرع المــــــسروقة




  • الـــــدرع المـســـــروقـــــــــــــــــة

    هلانت انسان عادل ….؟! مع زوجتك ….مع اولادك….مع اخوانك وجيرانك ….؟!
    هلتفضل احد اولادك على الباقين وتحبه اكثر منهم …. هل تميز بين ابنك وابنتك …لو ابنكاعتدى على احدهم ….وجاءك المعتدى عليه يشكوه لك ….هل ستبرر فعلته وتقف معإبنك….لانه يعُزُعليك ان ترى ابنك يعاقب …..وتأخذك العزة بالإثم لانه (متربِي)…..
    العدلميزان الحكمة ….لو ضاع العدل ….فسدت الحياة …..وضاعت قيم كثيرة …ومع كل الاسف هذاما يحصل في مجتمعنا في الوقت الحاضر ….. عندما تتضارب المصالح ….عندئذ تعرف هل انتعادل ام لا…. لو إبنك دهس بسيارته شخصا واتهم غيره...هل تسلم إبنك الى العدالة ام تحاول التستر عليه .....واوضح منه ...لو انك محاميوتعرف ان موكلك هو المتهم ....فهل تدافع عنه أم لا
    والمبلغالمعروض عليك لتبرئته لا يفوت ......في المنازعات العشائرية ....مع من ستقف ..معالحق ام مع الباطل كرامة لسمعة العشيرة .....
    العدليأتي من فوق من الحاكم وياتي من تحت...... البيت ...العدل ثقافة تبتدئ من البيتينميه الايمان بالعادل ( الله ) .....والعادل اسم من اسماءالله الحسنى ....وبالعدل رتب الله كل شئ ...ان الله يقيمالدولة العادلة وان كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وان كانت مؤمنة ...يقولالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) : سبعة يضلهم الله بضله يوم لا ضل الاضله...واحد منهم امام عادل يعني ...حاكم عادل ....رئيس دولة عادل ...رب اسرة عادل....... وسبحانه وتعلى يقول (ان الله بأمروكم ان تؤدوا الامانات الى اهلهاواذاحكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ..انالله نعما يعظكم به) فاكثر ما يعضنا به...العدل (يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ..ولا يجرمنكم شنآنقوم على ان لا تعدلوا ,,,اعدلوا هو اقرب للتقوى)ولو على انفسكم........والقاسطون...........................
    يامن زورت ...يامن ارتشيت ....يامن شهدت زورا يامن فضلت بين اولادك في الميراث ...واما العكسفالرسول يقول (صلى الله عليه وآله وسلم :( ان المقسطين – العادلين ـ على منابر مننور
    يومالقيامة عن يمين الرحمن ....فقالوا صفهم لنا يا رسول الله قال الذين يعدلون فيحكمهم وفي اهليهم
    بعدجهود مضنيه بذلها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) في نشر رسالته السماوية فيالطائف , آمن له ستة من الشباب مع ذلك قالوا له يارسول الله نحن من الاوس ولو سمعالخزرج بإيماننا بدعوتك فمن المحتمل ان لايومنا بك , لاننا ومنذ اربعين سنة نتحارب فيما بيننا , فلمَ لا تقدم علينا منالعام القابل , فعسى ان نستطيع ان نقنع بعض الشباب من الخزرج , وفعلا عاد اليهمالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) في العام القابل وقد انضم الى فتية الاوس ثلاثةمن الخزرج , ولك ان تتصور الوضع الخطير الذي يسود


    جوالمدينة , الحروب الطاحنة بين الاوس والخزرج . المشركون الذين يرومون قتل التبي(صلى الله عليه وآله وسلم ), اضافة الى اليهود الذين كانوا يحيكون المؤمرات والدسائسضده , هذا الجو المتوتر يحتاج الى حنكة قائد , وعبقرية رسول , وقلب واسع الرحمةليتمكن من ادارة الامور , وكان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ), يمتلك كل هذه معذلك فالوضع خطير , فاي شرارة تقدح هنا او هناك ممكن ان تطيح بكل ما ارساه الرسول لنشردعوته , وبالذات مكر وخبث اليهود الذين كانوا يتربصون الفرص للقضاء على هذا الرسولالذي زعزع اركان هيبتهم وسطوتهم ,في هذه الاجواء والرسول يجاهد في اصلاح ذات البينبين الاوس والخزرج وهداية المشركين من جهة , ومن جهة اخرى يتصدى لمكر وخبث اليهودللاحباط الذي اصابهم لانهم كانوا وحسب اعتقادهم يتوقعون ان النبي الذي سيظهر فيالجزيرة سيكون منهم ــ أي يهوديا ـ ولك ان تتخيل الموقف العصيب , واحد من الانصار(الخزرج ) سرق درع واحد من الانصار ( الاوس )
    ويشهدعلى السارق ايضا واحد من الاوس , ياللمصيبة ...! سرقة وقعت بين المسلمين الحديثيالايمان , سيشمت المشركون واليهود بالمسلمين , والانكى من ذلك كله , فتيل حربستشتعل بين الاوس والخزرج ...فدخول الاوس والخزرج في الاسلام لا يعني ان الجروح قدالتأمت بالكامل فيما بينهم , الوضع حرج جدا , وعلى الرسول ان يتخذ موقفا حاسما منالسرقة , في هذا الاثناء جاء ثلاثة من الخزرج وقالوا ( لا يا رسول الله , انالسارق ليس منا ( نحن الخزرج ) ...وإنما واحد من اليهود وعندنا الدليل ....ابعث منيفتش عن الدرع في المكان الفلاني في بيت اليهودي ....وفعلا بعث الرسول من يفتش بيتاليهودي وجاءوا به ....فطلب الخزرج من الرسول ان يصعد على المنبر وان يبرئ صاحبهموان يوبخ الاوس لافترائهم على بيت مؤمن من الخزرج ...فلم يكن امام الرسول ...والدلائل بينة امام المسلمين الا ان يصعد منبرهويبرئ المتهم زورا ويؤنب الاوس على فعلتهم , ويميل بالكلام على اليهودي....واليهودي يقول ( لم اسرق يا رسول الله ...ولكنها طُرحت عليّ...)
    الحمدلله وإلا لكان من الممكن ان تكون كارثة كبيرة بين الاوس والخزرج ...!!! المتهميهودي والمبرئ مسلم ....ونام المسلمون وهم مرتاحون لهذه النتيجة ....ولكن هناك منلا ينام ....علام الغيوب ...الله سبحانه وتعالى الذي بعث جبرائيل فجر تلك الليلةليثبت اركان العدل ...فهو العادل ولا يقبل بالظلم ....تدخل سماوي فوري ....لاقامةالعدل رغم ان المتهم ( البرئ) هو يهودي ........ينزل جبرائيل فيقول يارسول اللهاليهودي برئ والخزرجي هو السارق ....!
    الحادثةحدثت هكذا ....غنم ( رفاعة) وهو مسلم من الاوس درعا في احد غزوات المسلمين وبشير (السارق )ايضا مسلم ولكن من الخزرج والذي شهد السرقة (قتادة ) ابن اخ رفاعة ,وعندما شهد امام الرسول كان صادقا , ولما وجد بشير ان امره قد انكشف ....ماذا فعل....لو كان الامر يتوقف على الانكار



    لانكرولكن كان هناك شاهد وهو يعرف انه صادق علاوة على ثقة الرسول (بالشاهد ) لانه منالمسلمين الموثوق بهم ....فالرسول حتما سيقبل شهادته ....وستبقى الشبهة تدور حوله....ولايمكنه التخلص من
    الدرع....وكان له جارا يهوديا ....فتسلق حائط دار اليهودي ودفن الدرع في حديقته ...ورجعالى اهله ....واعترف لهم بالسرقة وطلب منهم ان يشهدوا على اليهودي ويرمونه بالسرقة ...والا ستحدث مصيبة كبيرة.....فالمسروق منه والشاهد من الاوس وهو من الخزرج ....الموقف حساس جدا ...ثلاثةمنهم وافقوا على ان يشهدوا ...ورابعهم امتنع ...وقال انها خيانة لرسول اللهوالاسلام ...فقال له بشير اذا اكتم ...فقال سأكتم ....واعتقد بشير ان هذا اقرب الىالواقع الى نفس رسول الله .... اذ ستندفع الشبه عن المسلمين ....والمتهم يهودي وهومن اعداء المسلمين ...وهؤلاء الثلاثة هم الذين شهدوا لبشير ضد اليهودي .....
    مشىبنو ابيزق (رهط بشير) إلى رجل من رهطهميقال له اسيد بن عروة وكان منطيقا بليغا فمشى إلى رسول الله صلى الله عليه وآلهفقال يا رسول الله ان قتادة بن النعمان عمد إلى اهل بيت منا اهل شرف ونسب وحسبفرماهم بالسرقة ، واتهمهم بما ليس فيهم ، فاغتم رسول الله صلى الله عليه وآله لذلكوجاء إليه قتادة فاقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له عمدت اهل بيتشرف وحسب نسب فرميتهم بالسرقة فعاتبه عتابا شديدا فاغتم قتادة من ذلك ورجع إلى عمهوقال ياليتني مت ولم اكلم رسول الله صلى الله عليه وآله فقد كلمني بما كرهته ،فقال عمه الله المستعان فانزل الله في ذلك على نبيه صلى الله عليه وآله ( اناانزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله ولا تكن للخائنين خصيماواستغفر الله ان الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون انفسهم ان اللهلا يحب من كان خوانا آثيما يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذيبيتون ما لا يرضى من القول ). ثم قال ( ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحيوةالدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا ومن يعمل سوءا أويظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ، ومن يكسب إثما فانما يكسبه علىنفسه وكان الله عليما حكيما ، ومن يكسب خطيئة أو اثما ثم يرم به بريئا فقد احتملبهتانا واثما مبينا )
    بعدصلاة الفجر صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) المنبر واخبر المسلمين انالعليم الخبير انبأه بالحق ....وان اليهودي برئ ...والسارق هو بشير ....وتلى عليهمالاية التي جاء بها جبرائيل
    ورغمان الاية جاءت ( ومن يعمل سوءا أو يظلمنفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما)...بالاستغفار والتوبة .....الا انبشيرا فعل الاسوء ....فبدلا من يتقبل الامر الواقع ويستغفر ويتوب ....هرب الى جهةالكفار خوفا من فعلته ....!ونزلت بشأنه الاية (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين لهالهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا.)......بعدذلك نزلت الايآت تترى تؤكد على العدل (يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسطولا يجرمنكم شنئان قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى واتقوا الله ان اللهخبير بما تعملون )


    (كونوا قومين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم او الوالدين والاقربين )..... لماذالاهمية العدل عند الله سبحانه وتعالى .....اي لا عشيرتي عند فصلها ولا اهلي عندمنازعاتهم اولى من الله سبحانه وتعالى عند يتعلق الامر بالعدل ودفع الظلم ....
    اهديهذه القصة لكل من شهد زورا في المحاكم ......لكل ظالم اضاع حقا لاحد .....لكل زوجظلم زوجته ......لكل من يحلف يمين كاذبة في المحاكم .....يقول النبي (صلى اللهعليه وآله وسلم ) : الكبائر ثلاثة ....الكفر بالله ....وقتل النفس ( وكان متكأفجلس واحمر وجهه ) وقال ...الا وقول الزور ....الا وشهادة الزور ....انها اليمينالغموس .....تغمس صاحبها في النار.....
    ولماانتهى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) نزل من منبره .....صاح صاحب الدرعوالشاهد ...صدق الله ....صدق الله ...الدرع لله .... الدرع لله ....تصدقوا بالدرعفي سبيل الله ....واما الخزرج (رهط السارق ) فقد باتوا مطمئنين اكثر من قبل....فها هو الاسلام الذي اعتنقوه يضمن للناس كافة العدل ويدفع عنهم الظلم ...
    هذهالحادثة وقعت والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) موجود والوحي موجود ...جبرائيل موجود..والسماء تدخلت لترسي العدل وتدفعالظلم ....بين اناس فيهم الكافر والمشرك والمنافق واليهودي والمسلم الذي لم يقوىايمانه بعد ....فما بالنا نحن ..؟ حيث لارسول ولا وحي ولا جبرائيل ...هل سننتظر من غيرنا ان يقيم لنا العدل ويدفع عناالظلم ....ام ان الله سبحانه وتعالى عوضنا عن ذلك ....نعم فهو الرقيب على اعمالناصغيرها وكبيرها ولا تخفى عليه خافية ...فالمؤمن الحق الذي يؤمن ان هناك رقيب عليه....ينمو في داخله رقيب ذاتي ...الا وهو الضمير ....فضمائرنا هي بمثابة الرقيب علىافعالنا كلها ....اهدي هذه القصة لكل من اراد ان ينمي رقيبه الداخلي من خلال قراءةالقرآن وخصوصا وان شهر رمضان المبارك على الابواب ....وكل منا قد هيأ لنفسه ( وكمااعتاد في كل سنة) ان يعزم على ختم القرآن ....اهديها لكل من يقرأ القرآن ليس فيرمضان المبارك فحسب وانما في كل الاوقات وكلما قرأ ومرت عليه هذه الآيات ان يستذكراحداث القصة وان يحيا بالقرآن الكريم وان يعيش احداثها وكأنها وقعت الان وان يقارنبين مواقفه في تعاملاته مع نفسه او مع الآخرين وبين ما ارادت الآيات ان تنبهنااليه ...وبهذا تنمو الوشيجة بين الانسان المؤمن وبين ما يقرأ من آيات الذكر الحكيم ....وآخردعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا العظيم وعلى آله الطيبين


    الحلــــــي
    بــاحـــث انثروبولوجــــي
    بغــــــــــــداد ---- العــــــراق














    372 ﻣﺮﺓ ﻗﺮﺃ