د.عبدالله باحجاج يكتب : المساعدات الممنوحة لمتضرري مكونو ..وقصورها في استيعاب إكراهات السيكولوجية الحدودية برًا وبحرًا ، فأين الملايين الأخرى ؟

    • د.عبدالله باحجاج يكتب : المساعدات الممنوحة لمتضرري مكونو ..وقصورها في استيعاب إكراهات السيكولوجية الحدودية برًا وبحرًا ، فأين الملايين الأخرى ؟



      أثير


      د. عبدالله باحجاج

      نجد لزاما علينا متابعة ملف إعصار مكونو وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية بعد أن كان لنا السبق في فتحه عبر صحيفة “أثير” في مقالين سابقين ، الأول بعنوان ” التبرعات المليونية حصريا للتضامن مع الاسر المتضررة ” والثاني معنون باسم ” ماذا بعد مكونو ؟ تأصيل دروسه وانكشافاته 1+2″ وورقيا كانت لنا عدة مقالات لاحقة ، مثال مقال معنون باسم ” معاناة الولايات الساحلية .. اما آن لها أن تنتهي ” .

      والان، فإن المهنية الملتزمة بهذه القضية تحتم متابعة هذا الملف بعد ان قمنا بجولات ميدانية بحثا عن المعلومات الموثقة ، لكي نضع الرأي العام على التفاصيل التالية “


      – مصير الملايين التي تبرعت بها الشركات والبنوك للمتضررين .

      – عدد الحالات المتضررة ، ونوعية الضرر، وحجم المساعدات الماليةالممنوحة للمتضررين .

      – الرضا الاجتماعي من عدمه للمساعدات الممنوحة حتى الان لبعض المتضررين

      – ما ينبغي فعله حتى لا تتكرر الاضرار الاجتماعية في اية انواء مناخية مقبلة .

      ============

      · لماذا المليون ونصف المليون ريال فقط ؟

      لم تنتهِ عمليات حصر الاضرار بصورة كاملة حتى الان في كل ولايات محافظة ظفار ، وتعد ولايتا ضلكوت ورخيوت الوحيدتان التي تم حصر اضرارها كاملة ، وهما ستكونان مؤشرنا في هذه المتابعة ، لأنهما أكثر الولايات تضررا ، وقد وجدنا فيهما كل المعطيات التي تجعلنا نحكم على التطبيق ومدى توافقه من عدمه مع البعد الغائي الذي يقف وراء تعاطف بعض الشركات والبنوك مع الاسر المتضررة ، ودفع بها الى تقديم حزمة مالية متفاوتة لإصلاح الاضرار الاجتماعية فقط .

      فهل تذهب هذه المساعدات المالية في مساراتها المستهدفة مباشرة ؟ للأسف لم تستلم الهيئة العامة للأعمال الخيرية سوىمليون ونصف المليون ريال فقط من عدة الملايين التي تبرعت بها بعض الشركات والبنوك ، والمبالغ التي تسلمتها الهيئة هي الخاصة ببنك ظفار ( المليون ) وشركة ريسوت للاسمنت ( 500) الف ريال ، اما بقية الملايين الأخرى ، فقد ذهبت الى وزارة المالية – وفق مصدر رسمي – بينما يشكك في ذلك باحث قانوني في وزارة المالية في حديث خاص معنا .


      نتمنى من وزارة المالية توضيح القضية للرأي ، ومهما يكن فإنه من المؤكد أن الهيئة العامة للاعمال الخيرية لم تستلم سوى المليون ونصف مليون ريال فقط من مجموع الملايين المعلنة ، فهل هذا يعني أن الميلون والخمسمائة ألف هما المبلغ المخصص فقط للبعد الاجتماعي المباشر فقط ؟ وهما من مؤسستين لهما ارتباط مباشر بالبعد الجغرافي ، وهذه إشارة مزعجة جدا .

      واذا ما كانت الملايين الأخرى محتجزة عند وزارة المالية ، فهل تلكم الخطوة قانونية ؟ وذلك على اعتبار ان الملايين قد خصصت من قبل متبريعها للأسر المتضررة، وبالتالي ينبغي ان تكون حصريا عليها ، فكل الكيانات المعنوية الخاصة التي قدمت مساعداتها المالية قد ربطتها حصريا بإصلاح الاضرار الاجتماعية كاملة ، – يُراجع مقالنا السابق المعنون باسم ” التبرعات المليونية حصريا للتضامن مع الاسر المتضررة” .-

      وبالتالي فهذه الملايين هي أموال هذه الاسر ، وصرفها يكون عليها فقط ، وبالذات ان أوضاعها السكنية تحتم إحداث نقلة حتى نضمن عدم تكرار الاضرار نفسها عند اية حالة انواء مناخية مقبلة خاصة بعد ما تشير التوقعات الى عدم استقرار المحيط الهندي من الانواء المناخية .

      · النمطية في التعاطي مع مرحلة اصلاح الاضرار .

      بدأ التعامل في مرحلة اصلاح الاضرار الاجتماعية برؤى ومفاهيم معقدة جدا ، وبالتالي ، جاء التطبيق معقدا جدا ودون المستوى الاجتماعي ، مما اثار جدلا اجتماعيا عقيما ، كنا في غنى عنه ، فقد ادخلنا هذا المواطن البسيط في جدليات المفاهيم المتضاربة والمتداخلة ، والطويلة الاجل ، مثل المساعدات المالية العاجلة ، وهذا يعني بالضرورة هناك مساعدات أخرى غير عاجلة ، وكذلك في مفهوم التعويض .. الخ والتفريق بين التعويض والمساعدة .

      وكذلك تم تجزئة حصر الاضرار من سكنية وزراعية وحيوانية .. الخ ولكل منها جهة مستقلة وذات سلطة سيادية رغم وجود سلطة محلية جامعة للكل بحكم صلاحياتها الإقليمية ، ويفترض العمل بمنطق الشمولية ، فلماذا هذه التعقيدات والحلول متوفرة ، والمال أصلا متوفر ومن القطاع الخاص ؟ لماذا لا يتم تبسيط المسائل للمواطنين ؟


      ونتيجة لهذه التعقيدات فقد تم مساعدة بعض – وليس الكل – من المتضررين سكنيا ، بمبالغ زهيدة جدا ، لن تمكن المواطن من العودة لأوضاعه السكنية لما قبل الاعصار ، فمن كان اضرار مسكنه كليا منح مبلغ ( 1500) ريال والمتوسطة (1000) ريال والجزئية ( 500 ) ريال ، كأعلى السقوف المالية ، فماذا تفعل لهم هذه المساعدات ؟

      علما بان تقديرات وزارة التنمية الاجتماعية قبل ان تنسحب من الاستفراد بالحصر ، كان سقفها الأعلى ( 3000) ريال ، وهي اقرب للدقة بالنسبة لإعادة أوضاع المنازل الى سابق حالها ، أي بالأسقف غير الثابتة ، ورغم ذلك ، ليست طريقة مثالية للحل الدائم ، لكنه كان تقديرا دقيقا ، فكيف نزل سقف الأعلى ؟ ومن وراءه ؟ وعلى أسس ومعايير تم من خلالها تقدير السقوف العليا ؟ لا يمكن التلويح بالحجة المالية ، فالأموال متوفرة ومن القطاع الخاص ، القليل منها عند الهيئة العامة للاعمال الخيرية واغلبيتها في وزارة المالية .

      واذا كان وراءها أن يتم مساهمة المواطن بنصف التكلفة ، فهذا تقدير غير عادل ، ولن ينم عن معرفة ظروف المواطنين المالية الصعبة خاصة في المناطق الحدودية ، كما أن هناك بعدا آخر يعزز اخفاق التقدير ، وهو نفوق ربع ثروات حيوانات المواطنين في رخيوت والبالغ عددها ( 800) رأس – وفق مصدر رسمي – ولم يتم حتى الان مساعدتهم أو تعويضهم ، فكيف بولاية ضلكوت ؟

      · ماذا يعني ذلك ؟

      يعني أن الكثير من المواطنين يفقدون الان مصدر دخلهم الوحيد أو أن مصدر رزقهم قد اخفض كثيرا بعد نفوق حيواناتهم ولم يتم تعويضهم أو مساعدتهم ، ويعني ان الاسر المتضررة من مكونو لا تزال تعاني كثيرا ، وستظل في معاناتها ما لم نغير من فلسفة التعاطي مع اصلاح الاضرار ، عبر التخلي عن المفاهيم المعقدة – المساعدة العاجلة وغير العاجلة والتعويض – .

      وقد تم حصر عدد الحالات المتضررة في ضلكوت (491) حالة وفي رخيوت (758) حالة ، والكثير من هذه الحالات لم يصرف لها اية مساعدة حتى الان ، وقد تواصل هاتفيا معنا مجموعة من شباب من المنطقة الغربية يشتكون من عدم استلامهم المساعدات ، ويعربون عن استيائهم من هزالتها .


      واستلام البعض مبالغ المساعدات تعكس بساطة وطيبة هذا المواطن ، وظروفه المالية الصعبة ، لكنها من المؤكد انها لا تعكس الرضا الاجتماعي ، ولا تضمن الاحتواء التفسي للجغرافيا البشرية لمناطقنا الحدودية ، ومراعاة مثل هذه الابعاد وحمولتها مسؤولية السلط المركزية والإقليمية التي تتشرف بتولي مسؤوليتها بتوجيهات عليا ، فهل مما تقدم ندير سيكولوجية الجغرافيا الحدودية وفق تحدياتها الجيوسياسية ؟

      · الحل السياسي للأضرار الاجتماعية من مكونو .

      ربما يكون الحل السياسي هو الطاغي على نظرتنا لقضية اصلاح الاضرار الناجمة عن مكانوا خاصة في ضلكوت ورخيوت اللتين عانتا أكثر من غيرهما من الولايات في ظفار من تداعيات إعصار مكونو ، وخاصة وانهما ينبغي ان تكونان قوة مثالية لمواجهة بلادنا لتحديات ما يجري بالقرب منهما داخل الجغرافيا اليمنية ، وخاصة وان المنطق نفسه يقتضي البحث عن حل لعدم تكرار ما حدث للأسر مع مكونو مستقبلا .

      ولو نظرنا لتلكم الاعتبارات الثلاثية – السياسية والاجتماعية والانسانية – فستظهر المسألة امامنا في غاية البساطة ، ولن تحتاج لتلكم التعقيدات ابدا ، لأن الحل سيكون مجمعا عليه الكل وهو ضرورة إعادة النظر في مساكن هذه الاسر التي اغلبها بسقوف غير ثابتة ، وإمكانية تحقيق هذه الخدمة الاجتماعية مواتية ماليا عبر الملايين سالفة الذكر .
      والفرصة لا تزال سانحة ، ونعتقد مع اخرين اننا ينبغي أن نستفيد من تجربة المساعدات السكنية لوزارة الإسكان والبناء عليها ، فهذه الوزارة تمنح مساعدات سكنية لبناء وحدات سكنية لمحدودي الدخل ، قيمة كل وحدة ما بين (25- 30 ) الف ريال عماني ، فهل يمكن تبني هذه التجربة خاصة مع المساكن التي تضررت بصورة كلية بحيث يتم بناء لها مساكن جديدة بمواد ثابتة ؟

      فهناك مساعدات مالية لبناء مساكن اجتماعية للمواطنين محدودي الدخل تقدر بسعر ما ، ويمكن زيادة سقفها في حالة الولايات الساحلية لدواعي المواصفات القابلة للصمود في وجه الانواء المناخية .

      ولو تأملنا في مرحلتنا الوطنية باكراهاتها الداخلية ، وتحدياتها الجيوسياسية الواضحة المعالم الان ، فإن الانفتاح على هذا الحل خدمة للبعد الاجتماعي ضروري وعاجل الان ، وكنا في مقالاتنا السابقة قد اقترحنا إقامة صندوق تحت مسمى ” منحة لأهل ظفار ” يخصص لاعادة تأهيل منازل المتضررين من أصحاب الدخول الضعيفة والمحدودة جدا خاصة تلكم الواقعة بالقرب من السواحل ، لكي تستوعب اية تحديات مقبلة .


      ولدينا قناعة كبيرة بان الانفتاح على هذا الحل المعروض الان سيلقى القبول من لدن معالي وزير الدولة ومحافظ ظفار ، لأنه يعلم بانعكاسات هذا الحل الإيجابية على مرحلتنا الوطنية ، ويعلم ان الأموال كافية لتحقيق هذا الحلم الاجتماعي الوطني، ويعلم أنه تقع عليه مسؤولية وطنية في إدارة إقليمية تواجه مجموعة تحديات كبرى وغير مسبوقة ، وان أهم نجاحها احتواء السيكولوجيات داخل جغرافيتها ، فهل ستوظف الملايين لصالح ما خصص لها ” غاية” وما يجب توظيفها سياسيا أم سيعطي لها الملاليم بينما الملايين ستوظف لخدمات أخرى ؟


    • ليش اكتفى كاتب المقال بذكر بنك ظفار و ريسوت للاسمنت !!!
      المفروض طالما هو متأكد انها ملايين فيجب عليه ذكر باقي الجهات التي ساهمت حتى تتوضح الصوره اكثر للرأي العام ومن ثم تتم مسائله الماليه ان كانت تلك الأرقام صحيحه ..


      تحياتي