(( المــــــــــــــزاح ))

    • (( المــــــــــــــزاح ))

      بسم الله الرحمن الرحيم

      الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم .

      وبعـــد:

      أكتب هذا الموضوع لفائدة ولتذكير الأخوة والأخوات من المزاح في الأوقات الفراغ للتسلية النفس ، فقد توسع كثير من

      الناس في المزاح مع بعضهم البعض، ولكن لأسف الشديد بالغ الناس فيه حتى وصل بهم الأمر الى الاستهزاء بالدين

      ( لا حول ولا قوة الا بالله ) .

      والمراد بالمزاح : الملاطفة والمؤانسة ، وتطييب الخواطر ، وإدخال السرور . وقد كان هذا من هدي النبي كما ذكر ذلك البخاري في باب الانبساط إلى الناس مستدلاً بحديث : { يا أبا عمير ما فعل النغير } .

      وكذلك ما رواه أبو داود عن أنس أن رجلاً أتى النبي فقال : يا رسول الله احملني . فقال النبي : { إنا حاملوك على ولد الناقة } قال وما أصنع بولد الناقة؟ فقال النبي : { وهل تلد الإبل إلا النوق } .

      وعن أنس أن النبي قال له : { يا ذا الأذنين } يمازحه [ رواه الترمذي ] .

      ولا شك أن التبسط لطرد السأم والملل، وتطييب المجالس بالمزاح الخفيف فيه خير كثير، قال ابن تيمية رحمه الله : ( فأما من استعان بالمباح الجميل على الحق فهذا من الأعمال الصالحة ) ، وقد اعتبر بعض الفقهاء المزاح من المروءة وحسن الصحبة ، ولاشك أن لذلك ضوابط منها :

      1- ألا يكون فيه شيء من الإستهزاء بالدين :

      فإن ذلك من نواقض الإسلام قال تعالى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُ مْ لَيَقُولُن َّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِه ِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِ ئُونَ، لاَ تَعْتَذِرُ واْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُ مْ} [ التوبة : 66، 65 ]

      قال ابن تيمية رحمه الله : ( الإستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه ) .

      وكذلك الإستهزاء ببعض السنن، ومما انتشر كالإستهزاء باللحية أو الحجاب ، أو بتقصير الثوب أو غيرها .

      قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمة الله في المجموع الثمين [1/ 63] : ( فجانب الربوبية والرسالة والوحي والدين جانب محترم لا يجوز لأحد أن يعبث فيه لا بإستهزاء، ولا بإضحاك ، ولا بسخرية ، فإن فعل فإنه كافر، لأنه يدل على استهانته بالله عز وجل ورسله و كتبه وشرعه ، وعلى من فعل هذا أن يتوب إلى الله عز وجل مما صنع ، لأن هذا من النفاق ، فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفر ويصلح عمله ويجعل في قلبه خشية الله عز وجل وتعظيمه وخوفه ومحبته ، والله ولي التوفيق ) .

      2- ألا يكون المزاح إلا صدقاً :

      قال : { ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له } [ رواه أبو داود ] .

      وقال محذراً من هذا المسلك الخطير الذي اعتاده بعض المهرجين : { إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليضحك بها جلساءه يهوي بها في النار أبعد من الثريا } [ رواه أحمد ] .

      3- عدم الترويع :

      خاصة ممن لديهم نشاط وقوة أو بأيديهم سلاح أو قطعة حديد ، أو يستغلون الظلام وضعف بعض الناس ليكون ذلك مدعاة إلى الترويع والتخويف ، عن ابن أبي ليلى قال : حدثنا أصحاب محمد أنهم كانوا يسيرون مع النبي ، فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع ، فقال رسول : { لا يحل لمسلم أن يروع مسلما } [ رواه أبو داود ] .

      4- الإستهزاء والغمز و اللمز :

      الناس مراتب في مداركهم وعقولهم وتتفاوت شخصياتهم ، وبعض ضعاف النفوس - أهل الإستهزاء والغمز واللمز - قد يجدون شخصاً يكون لهم سلماً للإضحاك والتندر والعياذ بالله .

      وقد نهى الله عز وجل عن ذلك فقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُم ْ وَلَا تَنَابَزُو ا بِالْأَلْق َابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَان ِ } [الحجرات :11 ] .

      قال ابن كثير في تفسيره : ( المراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم والإستهزاء بهم ، وهذا حرام، ويعد من صفات المنافقين ) .

      والبعض يستهزىء بالخلقة أو بالمشية أو المركب ويخشى على المستهزىء أن يجازيه الله عز وجل بسبب استهزائه قال : { لا تظهر الشماتة بأخيك، فيرحمه الله ويبتليك } [ رواه الترمذي ] .

      وحذر من السخرية والإيذاء ؛ لأن ذلك طريق العداوة والبغضاء قال : { المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب إمرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم . كل المسلم على المسلم حرام؟ دمه، وماله، وعرضه } [ رواه مسلم ] .

      5- أن لا يكون المزاح كثيراً :

      فإن البعض يغلب عليهم هذا الأمر ويصبح ديدناً لهم ، وهذا عكس الجد الذي هو من سمات المؤمنين ، والمزاح فسحة ورخصة لاستمرار الجد والنشاط والترويح عن النفس .

      قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : ( اتقوا المزاح، فإنه حمقة تورث الضغينة ) .

      قال الإمام النووي رحمه الله : ( المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه، فإنه يورث الضحك وقسوة القلب ، ويشغل عن ذكر الله تعالى : ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء ، ويورث الأحقاد ، ويسقط المهابة والوقار، فأما من سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله يفعله ) .

      6- معرفة مقدار الناس :

      فإن البعض يمزح مع الكل بدون اعتبار، فللعالم حق ، وللكبير تقديره ، وللشيخ توقيره ، ولهذا يجب معرفة شخصية المقابل فلا يمازح السفيه ولا الأحمق ولا من لا يعرف .

      وفي هذا الموضوع قال عمر بن عبد العزيز : ( اتقو المزاح، فإنه يذهب المروءة ) .

      وقال سعد بن أبي وقاص : ( اقتصر في مزاحك، فإن الإفراط فيه يذهب البهاء، ويجرىء عليك السفهاء ) .

      7- أن يكون المزاح بمقدار الملح للطعام :

      قال : { لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب } [صحيح الجامع:731 2].

      وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به ، ومن أكثر من شيء عرف به ) .


      فإياك إيــاك المزاح فإنــه *** يجرىء عليك الطفل والدنس النذلا


      ويذهب ماء الوجه بعد بهاءه *** ويورثـــه مـــن بعــد عزتــه ذلا

      8- ألا يكون فيه غيبة :

      وهذا مرض خبيث ، ويزين لدى البعض إنه يحكى ويقال بطريقة المزاح ، وإلا فهو داخل في حديث النبي : { ذكرك أخاك بما يكره } [ رواه مسلم ] .

      9- إختيار الأوقات المناسبة للمزاح :

      كأن تكون في رحلة برية ، أو في حفل سمر، أو عند ملاقاة صديق ، تتبسط معه بنكتة لطيفة ، أو طرفة عجيبة ، أو مزحة خفيفة ، لتدخل المودة على قلبه والسرور على نفسه ، أو عندما تتأزم المشاكل الأسرية ويغضب أحد الزوجين ، فإن الممازحة الخفيفة تزيل الوحشة وتعيد المياه إلى مجاريها.


      أيها المسلم وأيتها المسلمة :

      قال رجل لسفيان بن عيينة رحمه الله : المزاح هجنة - أي مستنكر - فأجابه قائلا : ( بل هو سنة، لكن لمن يحسنه ويضعه في مواضعه ) .

      والأمة اليوم وإن كانت بحاجة إلى زيادة المحبة بين أفرادها وطرد السأم من حياتها ، إلا أنها أغرقت في جانب الترويح والضحك والمزاح فأصبح ديدنها وشغل مجالسها وسمرها . فتضيع الأوقات ، وتفنى الأعمار، وتمتلىء الصحف بالهزل واللعب .

      قال : { لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً } قال في فتح الباري : ( المراد بالعلم هنا ما يتعلق بعظمة الله وانتقامه ممن يعصيه ، والأهوال التي تقع عند النزع والموت وفي القبر ويوم القيامة ) .

      وعلى المسلم والمسلمة أن ينزع إلى اختيار الرفقة الصالحة الجادة في حياتها ممن يعينون على قطع ساعات الدنيا والسير فيها إلى الله عز وجل بجد وثبات ، ممن يتأسون بالأخيار والصالحين ، قال بلال بن سعد: ( أدركتهم يشتدون بين الأغراض، ويضحك بعضهم إلى بعض ، فإذا كان الليل كانوا رهباناً ) .

      وسئل ابن عمر رضي الله عنهما : ( هل كان أصحاب رسول الله يضحكون؟ قال: نعم ، والإيمان في قلوبهم مثل الجبال ) .

      فعليك بأمثال هؤلاء ، فرسان النهار، رهبان الليل .

      جعلنا الله وإياكم ووالدينا من الآمنين يوم الفزع الأكبر، ممن ينادون في ذلك اليوم العظيم : ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    • للأسف هذه الأخطاء انتشرت كثيرا في عصرنا وكان لها عواقب وخيمة _نسأل الله الحفظ من كل شر _
      شكرا على الإفادة أخي الكريم بارك الله فيك.
      كـــــــــــــــــــــــــــــــن مــ الله ــع ولا تبــــــــالي
      :):)

    • .«..@..يسلمووو&ووو&ووو&ووو&ووو&ووو&ووو&ووو&ووو..@..».
      .@. تسـلم.ياالغالـــي.ويسلـم.غاليــك .@.
      .@. أسـفرت. وانورت.وستهلت.ومطرت .@.
      ~¤ô¦¦§¦¦ô¤~~¤ô¦¦§¦¦ô¤~ ذووق يلي فوووق ~¤ô¦¦§¦¦ô¤~وربي ذوووق~¤ô¦¦§¦¦ô¤~
    • بسم الله الرحمن الرحيم
      الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم .
      وبعـــد:

      (( من فوائد المزاح ))

      أولاً: أن يكون على سبيل الملاينة والمباسطة وتتطييب خاطر صاحبك وإدخال السرور على قلبه.

      فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وتبسمك في وجه أخيك صدقة".
      وعـن عـبـد الله بـن الحارث ـ رضي الله عنه ـ قال: "ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم".

      ثانياً: أنه أنس للـمـصـاحـ بـيـن وطـــرد للوحشة وتأليف للقلوب ومظهر من مظاهر الأخوة والوفاء.

      ثالثاً: التخلص من الخوف والغضب والقلق وغيره؛ فإن الإنسان إذا مزح أدخل على نفسه شيئاً من السرور والتسلية، وأزال ما يخاف منه أو خفف من ذلك.
      رابعاً: الـتـخـلـص من السأم والملل، كأن يعطي الشيخ طلابه سؤالاً أو لغزاً كي يُذهِب الملل عنهم.

      (( مشكاة النبوة ))

      لـقــد كـان الـرســـول صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الرفق في كل أمر من أمور الحياة، وما الاستجمام للنفس إلا مـن الـرفـق بها ليكون الرفق من مظاهر كل أعمال الإنسان في الحياة؛ حتى ليُربَط الرفق بصفات الخالق الرحيم الرفيق بخلقه.

      روى الـبـخــار ي في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قـال: "إن الله رفـيـق يـحـب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه".
      والرفق: "هو لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل، وهو ضد العنف".

      وما الانبساط والـمـزاح ومــا يـتبع ذلك من لين القول والتبسم وانشراح الصدر إلا مظهر من مظاهر الرفق.

      ولـعـل أشهر ما ورد في المزاح ما أورده البخاري في باب (الانبساط إلى الناس) حديث: "يا أبا عمير ما فعل النغير؟".

      وكذلـك أبــو داود فـي سـنـنه من حديث أنس: "أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله احملني. فـقــال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنا حامـلـــوك على ولد ناقة" قال: وما أصنع بولد الناقة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وهل تـلـــد الإبل إلا النوق".

      وربما مازح صلى الله عليه وسلم أصحابه بـعــد طـلـــوع الشمس، ودليله ما رواه سِمَاك بن حرب قال: "قلت لجابر بن سَمُرَة: أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم كـثـيـراً؛ كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس؛ فإذا طلعت الشمس قام. وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم".
      وفي رواية النسائي وأحمد زيادة: "وينشدون الشعر".

      ومن الأوقات بعد صلاة العشاء، أي: السمر فيه، والسمر: الحديث قبل النوم.
      وأورد البـخـاري حديـثـيـن ذكرهما في باب (السمر في العلم) واستنبط منهما جواز السمر

      في العلم والقياس على ذلك في الـمـؤانـس ـة مـــع الأهـــل، وكذلك لتحصيل فائدة مع الإخوان والخلاَّن. ويزداد استحبابها إذا كانت لمصلحة دعويــة في بذل نصح وتقريب قلوب وزيادة محبة ومودة وإزالة الكدر وإيجاد أجواء الحب والتعارف.

      ونسأل الله العفو والعافية والسلامة أنه على كل شئ قدير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.