تركز بي بي سي أسبوعياً على سيرة أحد قادة الأعمال من أماكن مختلفة حول العالم. ونحاور هذا الأسبوع ليزي رود، رئيسة شركة "بيري بروس آند رود" البريطانية للخمور.
تقول رود: "أعتقد أن الخمر يسري في عروقي. عندما كان أبي يعود إلى المنزل ليلاً، لم يكن يتحدث قط عن العمل، وأعتقد أن ذلك قد دفعني للاهتمام بهذا العمل بصورة أكبر".
وتتولى رود، 52 عاماً، رئاسة شركة "بيري بروس آند رود" التي تعد أقدم شركة بريطانية للخمور، منذ عام 2017. وتشترك في ملكية الشركة عائلتا رود وبيري. وتمتلك الشركة متجراً في منطقة "سانت جيمس" في العاصمة البريطانية لندن منذ عام 1698.
وبالقرب من هذه الشركة ذات السمعة الراقية والمستوى الرفيع، يوجد عدد من الأندية ذات العضوية الخاصة، واثنان من أرقى متاجر السيجار في المملكة المتحدة، ومتجر يمكنك أن تشتري منه بنادق الصيد.
ويوجد في مكتب رود الواسع والمريح لوحة معلقة على أحد الجدران لوالدها جون، الذي تولى رئاسة الشركة حتى عام 2000.
ويمكن للمرء أن يتخيل أن شركة "بيري بروس آند رود"، التي تعرف اختصارا باسم "بي بي أر"، تمثل قلعةً يهيمن عليها الرجال، لكن الشركة الأصلية بدأتها في الواقع امرأة. وتعد رود ثاني امرأة تتولى رئاسة الشركة، وتقول عن ذلك: "تأسست الشركة عام 1698 على يد الأرملة بورني. لا نعلم عنها الكثير، وكل ما نعرفه هو أنها أنشأت المتجر كشركة بقالة تستورد الشاي والقهوة والتوابل الاستوائية".
وكانت الشركة تبيع النبيذ بحلول القرن التاسع عشر على الأقل، إذ تغير اسمها إلى "بيري بروس" في الأربعينيات من القرن التاسع عشر، ثم إلى "بيري بروس آند رود" بعد ذلك بقرن في الأربعينيات من القرن العشرين.
وبعد الحرب العالمية الثانية، تولت إيثيل رود، جدة ليزي رود، رئاسة الشركة. فهل كان لدى رود طموح للسير على خطى جدتها؟
تقول رود: "كلا، لم أفترض يوماً ما أنني سأصبح رئيسة للشركة. لم يكن هناك أي نوع من الضغط أو التوقع بأنني سألتحق بالشركة".
وعندما التحقت رود في البداية بشركة العائلة في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، لم تكن الشركة متخصصة في النبيذ، لكنها كانت تنتج مشروبات روحية أخرى. وعملت رود في البداية في قسم التسويق التابع للشركة، ثم في قسم إنتاج الويسكي ذات العلامة التجارية "كاتي سارك". وكان لهذه العلامة التجارية من الويسكي سوق رائجة خاصة خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، حيث مثلت عائدات ذلك المنتج أكثر من ثلثي العائدات السنوية للشركة.
وبعد التحاقها بشركة العائلة بعقد من الزمان تقريباً، رحلت عن الشركة للتركيز على تربية أبنائها الخمسة. وفي عام 2005 عادت لتشغل منصب نائب الرئيس.
ويبلغ عدد موظفي الشركة اليوم 400 موظف، وتصل عائداتها السنوية إلى 187 مليون جنيه إسترليني. وبالإضافة إلى المقر الرئيسي في لندن، تمتلك الشركة مستودعين كبيرين في هامبشاير بهما الملايين من زجاجات النبيذ.
لكن ما الذي احتاجته رود للارتقاء إلى منصب الرئيس؟ تجيب قائلة: "ينبغي أن تكون خادماً جيداً يسهر على مصالح الشركة، لكي تحافظ على ما يجعل عجلتها تدور باستمرار".
لكن ما الذي يجعل عجلة شركة عمرها 321 عاماً تدور، وكيف تمكنت من الاستمرار لهذا الوقت الطويل؟ تقول رود: "يتغير العالم باستمرار، من حيث طريقة الشراء والطريقة التي يتناول بها الناس المشروبات، لذا نحتاج إلى مواكبة اتجاهات وميول المستهلك".
في الحقيقة، تغيرت الطريقة التي تعمل بها الشركة بشكل ملحوظ خلال العقد الأخير. وفي عام 2010، باعت الشركة العلامة التجارية "كاتي سارك" للويسكي لكي تتمكن من التركيز على صناعة النبيذ، الذي تمثل مبيعاته الآن 90 في المئة من إجمالي مبيعات الشركة، مقابل 10 في المئة فقط للمشروبات الروحية الأخرى.
تقول أرابيلا مايلهام، محررة شؤون التجزئة بمجلة "درينكس بيزنس": "حتى الناس الذين لا يعرفون الكثير عن صناعة النبيذ يعرفون اسم الشركة. إنها تتمتع بشهرة واسعة كعلامة تجارية. وأول ما يخطر ببالك عندما تذكر اسمها هو واجهة ذلك المتجر التاريخية (في شارع سانت جيمس بلندن)".
وتضيف: "لم يكن للشركة أن تستمر وتبقى لهذه السنوات الطويلة لولا حفاظها على الجودة. ولا يمكن الحصول على هذه السمعة بدون أن يكون هناك شيء يعززها. كما أن لدى الشركة فريق جيد للغاية من مشتري النبيذ، وهو أمر مهم".
وتتراوح أسعار النبيذ الذي تبيعه الشركة بين ستة جنيهات و25 ألف جنيه إسترليني للزجاجة الواحدة.
وتقول رود إن الأسواق الآسيوية تكتسب أهمية متزايدة للشركة. ويعكس ذلك حقيقة أن "بي بي أر" لديها متاجر في كل من سنغافورة وهونغ كونغ واليابان.
لكن هل هناك صعوبة في قيادة شركة مملوكة لعائلتين؟ تقول رود إن هناك انسجاما وتفاهما بين الجميع، مضيفةً: "هناك 56 من حاملي الأسهم الذين ينتمي معظمهم لعائلتي بيري ورود، لكن التصويت لا يتم على أساس عدد من يحملون الأسهم من كل عائلة، فنحن نتخذ قراراتنا معاً".
لكن ما الذي يحدث عندما تنشأ خلافات معينة؟ تقول رود: "على الرغم من اختلاف شخصياتنا، فإننا مترابطون بشكل عام. وقد نشأ الكثيرون منا معا ونتعامل مع بعضنا البعض كأننا أولاد عمومة وأقارب. تحدث بيننا نقاشات حادة ربما تبدو للناظرين إليها من الخارج كأنها جدال واختلاف، لكنها ليست كذلك على الإطلاق".
وتبرز مسألة الخلافة على رئاسة الشركة كما هي العادة في أي شركة مملوكة لعائلة، فهل يرغب أحد من أبناء رود في أن يسير على خطاها؟ تقول رود: "لا أحد منهم يعمل بالشركة الآن، لكنهم جميعاً مهتمون بالنبيذ والكحوليات. كان لدينا يومان عائليان التقينا فيهما بالأجيال القادمة من عائلتي بيري ورود. وفي آخر اجتماع كنا نحو 50 أو 60 فردا، ونحن نعلمهم فنون التواصل وكيف يقرأون كشوف الحسابات والبيانات المالية، فضلاً عن مهارات عملية. نريد أن نشجعهم على أن تصبح الشركة محط اهتمامهم".
إذا إلى متى تنوي رود البقاء في منصبها؟ تجيب قائلةً: "من المهم التخلي عن المنصب عندما يكون واحد من الجيل التالي جاهزاً ليحل مكاني في رئاسة الشركة، وأنا أعارض البقاء إلى أن أصبح طاعنة في السن، وهي الظاهرة الشائعة في الشركات المملوكة للعائلات. وقد كانت هذه الظاهرة موجودة أيضا في عائلتي في السابق. أرغب في البقاء هنا لمدة تكفي لكي أصنع الفارق، لكن من أجل الحفاظ على إبقاء الشركة مواكبة لكل جديد، نحتاج أن نتيح الفرصة للأجيال الشابة لكي تتقدم وتنخرط في العمل بالشركة حالما تكون جاهزة لذلك".
لكن حتى الآن ما زالت رود في موقع القيادة، وربما بعد 20 عاماً ستعلق صورتها على الجدار بالمكتب الرئيسي بالشركة.