رسالتي.. مع إعصار كورونا!

    • خبر
    • رسالتي.. مع إعصار كورونا!

      Alwatan كتب:

      د. يوسف بن علي المُلَّا:
      حتى مع ارتفاع معدلات الإصابة مرة أخرى، ومع هذه الموجة الجديدة من انتشار فيروس كورونا (كوفيد19) بالسلطنة والعالم، ما زال بعض الناس يخالفون القواعد التي تحكم كيفية التصرف مع الآخرين، والالتزام بالاشتراطات الصحية. ولعلَّ يقظة الأفراد بشأن الابتعاد عن الأماكن العامة وتجنبها، يبدو أنها تتباطأ. وبغض النظر عن تحصين بعض الفئات حتى الآن، فللأسف بات جليًّا أننا ببطء نفقد قبضتنا مع ازدياد الحالات في الأيام القليلة الماضية.
      ومع ذلك ما زال لدينا سبب للتفاؤل. فمعدلات التطعيم آخذة في الارتفاع، وشحنات كبيرة للقاح كورونا وصلت السلطنة وستستمر بالتدفُّق. وبلا شك فاللقاح هو المفتاح الرئيسي لإبطاء انتشار الفيروس الذي غالبًا ما يكون صامتًا، مؤكدًا أن الآن ليس الوقت المناسب للاسترخاء، بل على العكس تمامًا. الحكومة مشكورة تحاول توفير اللقاح بأسرع ما يمكن، وهكذا كلما اقتربنا من النهاية وبأن تنتهي هذه الجائحة في المستقبل القريب، فإننا يجب أن نكون أيضًا أكثر حرصًا في الوقت الحالي وتعاونًا لتقليل انتشار الفيروس… أوليس كذلك؟ المشكلة هي أن هفوات الأفراد بمجتمعنا لا تبطئنا فقط، بل عدنا إلى الوراء كما كانت الموجة السابقة لكورونا في السنة الماضية. وبشكل ما بعد أن أحرزنا الكثير من التقدم بتعاوننا مع اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، فإننا في الوقت الراهن نجازف كثيرًا بنفاد صبرنا، وإن صحَّ لي القول ـ فإننا في خطر جسيم يتمثل في إفشال خاتمة الجائحة الكبرى وإعصارها ـ إن لم تتطور موجات أخرى مستقبلا!
      ألم تلاحظوا أن بعضًا من الناس بات يبحث عن أي ثغرة في تلكم الإرشادات الموصى بها من اللجنة العليا، لتلائمها. ما أعنيه أن بعض الأشخاص (خصوصًا من أخذ التطعيم) أصبحوا يرون أنه إذا كان بإمكاني الالتقاء مع أسرة أخرى غير محصنة، فلماذا لا يمكننا عقد اجتماعات كبيرة؟ وهنا ندرك جميعًا أن العديد من هذه القرارات، على الرغم من حسن النية، سوف تُوجِد خليطًا من سلوكيات ما بعد التطعيم، والتي سيكون الكثير منها عبارة عن حسابات خاطئة للمخاطر ـ إن صحَّ لي التعبير ـ حيث بات بعض الأشخاص الذين يعتقدون أنهم تصرفوا بمسؤولية خلال العام الماضي يشعرون بأنهم أكثر حصانة تجاه الفيروس، والأسوأ أن الشعور بالاستثناء يجعل من السهل القول: حسنًا، قد يكون التجمع الحميم والعائلي مثلًا من ثمانية إلى عشرة أشخاص على ما يرام ولن يؤذي، فتتولد بؤرة جديدة من بؤر انتشار فيروس كورونا.
      وبشكل صريح ومع ارتفاع حالات كورونا بالسلطنة وموجتها الجديدة الحالية، يجب التذكير بأن الطفرة في كسر القواعد ورفع القيود كليًّا وبشكل مبكر الآن لا يمكن أن تساعد أيضًا، فالناس في الخارج يفعلون الكثير من الأشياء. وقد يكون الانجذاب نحو الحزم والالتزام هما طريقنا للتعامل مع الالتباسات الجديدة والقادمة والتي أدخلتها اللقاحات.
      من ناحية أخرى، صحيح أن اللقاحات أعطت الأمل في أحاديثنا، وإنها أداة ترفع من قدر الأمان الذي نعمل به يومًا بعد يوم ـ خصوصًا إذا ما وصلنا إلى تطعيم معظم أفراد المجتمع في القريب العاجل ـ إلَّا أن هذا الاتجاه الجديد ربما يُوجِد مع الوقت وهمًا صغيرًا؛ فبمجرد سماع عبارة (أصبح الأمر أكثر أمانًا) يمكن أن يدفع الناس عن غير قصد إلى التركيز الكامل بأنه (آمن)، ويبدأوا بتقليل الاهتمام بالاشتراطات الصحية وبشكل سريع. مع ذلك فالهدف هنا ليس التقليل من أهمية اللقاحات. إنها ممتازة، وتحطم التوقعات، وتحمي بالفعل ملايين الأشخاص من العديد من مضاعفات فيروس كورونا (كوفيد19). لكن لا يمكننا تحمُّل المبالغة في تقديرها أيضًا، لا سيما وأن الباحثين ما زالوا يدركون حدودها عندما يتعلق الأمر بمنع المرض والعدوى في ظروف العالم الحقيقي، حيث ما زال الفيروس الذي تدافع اللقاحات ضده مستمرًّا في التغيير. ما أرمي إليه هنا، أنه حتى أفضل التطعيمات لن تكون ذات فائدة كبيرة للأشخاص الذين يختارون التنزُّه مباشرة في الحريق الفيروسي!
      ختامًا، لا يمكننا أن نأخذ نهاية لعبة الجائحة كأمر مسلَّم به، فالحالات المتزايدة تنذر بحلقة مفرغة: المزيد من الإصابات، يتبعه المزيد من الفرص للفيروس للانتشار بين الناس والطفرات، وربما تفلت من دفاعاتنا. ورسالتي للجميع هنا: إنه لإحباط هذا الاحتمال، لا يزال يتعين علينا النظر في مخاطرنا الجماعية، وليس فقط بمخاطرنا كأفراد! يجب أن نعترف كمجتمع بالمدى الذي قطعناه من هذه الجائحة، وليس فقط إلى أي مدى بقي لدينا لنقطعه… فقط انتظر لفترة أطول قليلًا.

      طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي

      Source: alwatan.com/details/420625