المفتاح اللبناني في تأمين الحقوق

    • خبر
    • المفتاح اللبناني في تأمين الحقوق

      Alwatan كتب:

      عادل سعد:
      بين الحقَّين، الحقوقي والتفاوضي، يظل الالتقاء اللبناني السوري واحدًا من أكثر المهمات ضرورةً في معالجة ملفات مشتركة ما زالت عالقة لأسباب غير وجيهة إذا أخذنا بالواقع الجغرافي والتاريخي المتكامل بين البلدين والنسيج السكاني الاجتماعي، حيث هناك الالاف من الأسر اللبنانية ذات أصول سورية.
      وبالعكس أيضا، وأخذنا أيضا بحقيقة أن وحدة بلاد الشام الجغرافية والبشرية ظلت مقياسًا على مر العصور للصور المشرقة في هذه المنطقة الملغومة بالتجاذب الإقليمي والدولي.
      هناك الآن ثلاثة ملفات تقتضي التفاوض والوصول إلى حلول ينعكس نفعها على البلدين، وحسب معطيات، لا وجود لأي فيتو سوري للتداول مع المسؤولين اللبنانيين بشأن القضايا العالقة، بينما الموقف اللبناني يخضع للتعطيل على خلفية مواقف بعض الأطراف اللبنانية لحسابات فئوية ليس إلا. وإذا كان الرئيسان اللبناني ميشال عون، والسوري بشار الأسد يجريان بين الحين والآخر اتصالات هاتفية خلال بعض المناسبات، أو لتبادل الآراء في هموم مشتركة فإن المنطق يحتم على القوى السياسية اللبنانية المناوئة لدمشق أن تجد في تلك المفاتيح وسائل مشروعة لفتح كل الملفات العالقة، آخذةً بعين الاعتبار حاجة لبنان المتفاقمة في الوقت الحاضر لأي تطور يصب لصالح تفكيك أزمته الاقتصادية، مع العلم أن أغلب الملفات ذات دلائل نفع لبناني بالدرجة الأساس، ثم كيف يستقيم المنطق أن يجلس اللبنانيون والإسرائيليون للتفاوض لترسيم الحدود بينهما، في حين هناك من يمانع لبنانيًّا على التفاوض مع الدولة السورية.
      في التوصيف اللوجستي تُعدُّ سوريا رئة لبنان التي يتنفس بها تجاريًّا، وهناك أرقام مهولة من الخسائر التي تعرَّض لها لبنان جرَّاء القطيعة منذ عام 2005 عندما علَّقت حكومة فؤاد السنيورة أغلب النشاطات التجارية بين البلدين امتدادًا للانسحاب السوري من لبنان.
      لقد خلصت أغلب التشخيصات التي تناولت الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان حاليًّا إلى أن أحد محركات تلك الأزمة يعود إلى تكريس القطيعة بين البلدين.
      بالحساب الميداني المُلحِّ، هناك ملف الحدود وعائدية مزارع شبعا، وكذلك الحدود البحرية، وقد صدرت إشارات إيجابية متكررة من الجانب السوري أن دمشق مستعدة للتفاوض مع لبنان على ما يحقق المصلحة الثنائية المشتركة، والذهاب أبعد من أجل تكوين مجالات في التنقيب عن النفط أو الغاز بعمليات استخراج سورية لبنانية مشتركة، مع العلم ان شركة روسية قد حصلت من دمشق على ترخيص لإنجاز هذه المهمة، ولم يصدر من الحكومة السورية أية مؤشرات تمنع إشراك الجانب اللبناني في هذه المساعي.
      هناك أيضا ملف اللاجئين السوريين في لبنان واستعداد الدولة السورية لترتيب عودتهم الآمنة إلى مناطق سكنهم التي كانوا غادروها تحت ضغط العمليات العسكرية، أو تحت ضغط أجندة سياسية معروفة لتغليظ الأزمة السورية، ولذلك وما دام المزيد من المناطق السورية قد أصبح هادئًا في كل الحسابات فلا موانع من العودة والتواصل بالجهود التي بدأت منذ نهايات عام 2019 حيث رجعت العديد من العوائل اللاجئة إلى ديارهم في العمق السوري بمتابعة ميدانية لبنانية تولى ملفها اللواء عباس إبراهيم مدير الأمن العام اللبناني.
      إن تذرُّع بعض الأطراف اللبنانية بالعقوبات على سوريا، ومنها قانون قيصر، فإن ذلك لا يمكنه أن يفسد التطلع اللبناني إذا تم التعاطي مع الموضوع بقراءة منصفة تضع بالاعتبار المصلحة اللبنانية العليا في تأمين الحقوق والتوجُّه إلى معالجة الملفات التي تحول دون ذلك، وإذا كانت الحكومة اللبنانية قد حسمت الأمر بتوقيع ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وإيداع المرسوم لدى الأمم المتحدة استباقًا لأي تفاوض جديد مع الإسرائيليين، فإن أولوية مهمة للبنان أن يحسم كل المواضيع التي ما زالت معلقة مع الجانب السوري؛ لما لذلك من دعم لوجستي ينبغي أن يحصل لبنان عليه، في حين لم يرد أي بخل من دمشق في التعاطي معه.

      Source: alwatan.com/details/421657