العالم بين مطرقة كورونا وسندان سلالاته المتحورة

    • خبر
    • العالم بين مطرقة كورونا وسندان سلالاته المتحورة

      Alwatan كتب:

      محمد بن سرور المهري:
      لا يزال العالم في صراع مرير ومعركة محتدمة مع “كوفيد ١٩”، فمنذ أن أطل بقرنه والعالم يتجرع المرارات بشتى أنواعها وعلى كافة المستويات والأصعدة. فرغم الإجراءات الاحترازية التي اتخذت خلال العام المنصرم وإلى هذه الساعة وعداد الوفيات والإصابة لا يزال في ازدياد مستمر، ليواصل الفيروس مسلسل الخراب والتدمير الذي أرهق الحكومات والشعوب على السواء؛ الأغنياء منهم والفقراء، الأمراء فيهم والرؤساء، في سابقة هي الأولى من نوعها على الأقل في معادلة الفقر والغنى والطبقية…
      حكومة السلطنة ـ كغيرها من الحكومات ـ سارعت منذ الوهلة الاولى لاتخاذ ما يلزم للحدِّ من انتشار الوباء وكبح جماح الجائحة واحتوائها قدر المستطاع، إلا أن الفيروس أثبت قدرته الفائقة على اختراق أنظمة الوقاية والحماية على المستويين المحلي والدولي، الأمر الذي جعل الكثير يشكك في جدوى اتخاذ المزيد من الإجراءات الوقائية، في خطوة من الحكومات لاحتواء ما يسمى بالموجة الثالثة من السلالات المتحورة من الفيروس…
      في ذات السياق اتخذت اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا عدة إجراءات احترازية منذ السادس من مارس، وذلك بالتزامن مع الازدياد الملحوظ في معدل الإصابات والوفاة، اقتصرت في بدايتها على إغلاق كافة الأنشطة التجارية من الساعة الثامنة مساء وإلى الساعة الخامسة صباحا، في محاولة من اللجنة الحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه، والنأي بالمؤسسات الصحية وطاقتها الاستيعابية من الانهيار، إلا أن الفيروس ـ وكعادته ـ واصل العناد والتعنت وكأنه قد أخذ على نفسه عهدا بذلك…
      قابل المجتمع المدني قرارات اللجنة العليا بشيء من التحفظ بين مؤيد لها ومعارض، فهنالك من يرى بضرورة اتخاذ مثل تلك الإجراءات الاحترازية منطلقين من القاعدة التي تقول الوقاية خيرٌ من العلاج، وإن الصحة استحقاقٌ اجتماعي يأتي في المقام الأول دون قيد أو شرط. بيد أن هنالك من يقارب الموضوع من زاوية أخرى وعدة أوجه على اعتبار أن الاقتصاد والصحة وجهان لعملة واحدة، فلا اقتصاد بلا صحة ولا صحة بلا اقتصاد، وأن القرارات التي اتخذت قد تكون لها مضاعفات خطيرة على صحة الاقتصاد المحلي المتدهور جرَّاء عدة أزمات تَكوَّمت بعضها فوق بعض.
      لا شك أن الموازنة بين الإجراءات الاحترازية المتخذة لمكافحة انتشار الفيروس، والحدِّ من التداعيات المترتبة على تلك الإجراءات أمر في غاية الصعوبة، إلا أنه في ذات الوقت لا مفرَّ منه، خصوصا بعد أن أصبح الفيروس أمرا واقعا يتحتم على الجميع التعامل معه، مع ما يلزم من اتباع للإرشادات الصحية والإجراءات الوقائية المتعارف عليها، كغسل اليدين، ترك المسافات الآمنة عند التعامل أو التواصل مع الآخرين، ارتداء الكمامات مع ضرورة الحدِّ من التجمعات العامة والخاصة قدر الإمكان.
      إن المفتاح الوحيد للخروج من سجن الإجراءات المفروضة إلى طبيعة الحياة المنشودة هو الرهان على الوعي المجتمعي العام، والتكييف التام مع ضرورات الواقع والتصرف بمقتضاه حتى يُحدث الله أمرا كان مفعولا.

      كاتب عماني

      Source: alwatan.com/details/422561