يبدو من الواضح أن كيان الاحتلال الإسرائيلي يوظِّف الظروف الدولية الراهنة لصالح مشروعه الاستعماري على خلفية الاشتغال العالمي بموضوع جائحة كورونا “كوفيد 19″ واتجاه كل دولة إلى ذاتها وداخلها للتخفيف من حدَّة الآثار الكارثية التي خلَّفتها الجائحة على أوضاعها الاقتصادية والصحية والمعيشية، وكذلك اشتغال الدول الكبرى بملفَّات أخرى كالملفِّ النووي الإيراني، واشتغال أخرى لا سيما المُصنِّعة للقاحات بعمليات التَّسييس في التصنيع والتوريد لها.
هذا التوظيف الإسرائيلي للوضع الدولي الراهن يبرز عبر مشروعات الاستيطان الاستعماري والضَّم والقَضم التي أخذت وتيرتها تتسارع بصورة لافتة، وكأن كيان الاحتلال الإسرائيلي في سباق مع الزمن، حيث لا يكاد يفوق العالم من أزماته الاقتصادية والمالية وجوائحه الوبائية، وصراعاته الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية إلا وقد حقق المحتل الإسرائيلي إنجازًا كبيرًا يفوق ما حققه أضعافًا مضاعفة من أجل مشروعه الاستعماري.
وما يدعم هذا التوجُّه والاندفاع الإسرائيلييْنِ أيضًا هو مشروع التصفية الموصوف بـ”صفقة القرن” والذي تبنَّته الإدارة الجمهورية السابقة بقيادة الرئيس دونالد ترامب، والذي يمضي وفق سياق متدرِّج في عمليات الضَّم والقَضم والهَضم، ويضاف إلى دور الإدارة الأميركية السابقة، حالة الغموض للإدارة الديمقراطية الحالية بقيادة الرئيس جو بايدن، التي ينتظر منها أن تتحرك باتجاه تنشيط ملفِّ الصراع العربي ـ الإسرائيلي، والعودة إلى هذا الملفِّ وإعادة بثِّ الروح فيه بعدما حاولت الإدارة الأميركية السابقة اختطافه واغتياله بما يسمَّى مشروع “صفقة القرن”.
ويبرز السرطان الاستيطاني الاستعماري الذي تقوده سلطات الاحتلال الإسرائيلي في أكثر من جهة، مع جملة من الاعتداءات والانتهاكات والجرائم المتزامنة التي تُنفِّذها قوات الاحتلال الإسرائيلي وعصابات المستوطنين، والتي تشمل الفلسطينيين وأرضهم والمقدسات الإسلامية، وخصوصًا المسجد الأقصى الشريف ومدينة القدس. فإلى جانب أعمال التجريف واقتلاع الأشجار في الضفة الغربية التي تُنفِّذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وتحديدًا في مناطق الشمال، بهدف ربط المستعمرات المعزولة في محيط مدينة نابلس مع بؤرها الاستيطانية الاستعمارية، تمارس قوات الاحتلال الإسرائيلي وعصابات المستوطنين جرائمها وانتهاكاتها ضد الفلسطينيين المقدسيين، وتدنيس المسجد الأقصى، ومنع المصلين الفلسطينيين من تأدية صلواتهم وشعائرهم الدينية في المسجد، ويجري ذلك بالتزامن مع قيام الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق ميناء الصيد البحري ومنع الصيادين من كسب أرزاقهم.
وتمثِّل الانتفاضة التي يقوم بها أبناء الشعب الفلسطيني الصامد المرابط في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المحتلة، وفي أراضي عام 1948م ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي وممارساتها الوحشية وانتهاكاتها الصارخة بحق المسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة ردًّا فلسطينيًّا شجاعًا يأبى الخنوع والاستسلام والتنازل عن حقوقه مهما كانت الظروف والضغوط. فالانتفاضة الفلسطينية الشريفة التي يشهدها باب العامود بالمسجد الأقصى الشريف تؤكد أن الشعب الفلسطيني في رباط إلى يوم القيامة، وأنه قد نذر نفسه ودمه وماله من أجل الدفاع عن القدس وأقصاها الشريف، وعن أرضه وعرضه وكرامته، كما أن هذا التناغم والتضامن لأبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي أراضي عام 1948 وفي القدس المحتلة مثلما يؤكد أن الشعب الفلسطيني شعب مرابط، فإنه مدعوٌّ إلى مزيد من التلاحم والتضحية، ونبذ الخصام والانقسام المعرقليْنِ والمُهدِّديْنِ لقضيتهم العادلة.
Source: alwatan.com/details/422842Alwatan كتب:
في آراء 26 أبريل,2021
نسخة للطباعة