Source: alwatan.com/details/433190Alwatan كتب:
د. يوسف بن خميس المبسلي:
إن التوجُّه الاستراتيجي لرؤية عُمان 2040 يرتكز على مبادئ الحوكمة، وأن يقوم الجهاز الإداري للدولة على أسس التخطيط والتنظيم والمتابعة والتقويم والتطوير، مع وجود موازنة مبنية على النتائج ومكافأة المنتجين ومحاسبة المقصرين. وتماشيا مع تلك الرؤية نجد أن التركيز على قياس الأداء بالمؤسسات الحكومية أصبح ضرورة ملحَّة لتحسين وتجويد الخدمات المقدمة بالقطاع الحكومي. كما تُمكِّن عملية قياس الأداء الفردي من تفعيل دور الشفافية والرقابة والمساءلة في القطاع الحكومي لتعزيز كفاءته.
ومن هذا المنطلق نرى أنَّ تصريح وزارة العمل مؤخرا على استحداث نظام موحد لقياس الأداء الفردي في المؤسسات والوحدات الحكومية يُعد اللبنة الأولى لبناء منظومة متكاملة ترتقي بجودة العمل الحكومي والذي من المتوقع تطبيقه في بداية العام القادم 2022م. وتجدر الإشارة إلى أن قياس الأداء الفردي الحكومي له أبعاد إيجابية كثيرة، منها التركيز على زيادة إنتاجية الموظفين والارتقاء بأدائهم بما يضمن تحقيق الكفاءة. علاوة على ذلك تسعى منظومة القياس نحو ترسيخ قِيَم ومبادئ التنافس الإيجابي، وتحفيز الابتكار والإبداع في أداء المهام الوظيفية، المرتبطة بالأفراد والذي بدوره ينعكس على أداء المؤسسة بشكل عام. ومن جانب آخر تهدف عملية القياس إلى تحديد مجالات التعلُّم والتطور، والابتكار للموظفين، وبالتالي يتم اعتماد التطور الوظيفي الفردي والمكافآت والحوافز على أساس الجدارة والاستحقاق.
وفي هذا المقال سنتطرق إلى بعض المحاور الأساسية للتركيز عليها خلال مرحلة تصميم تلك المنظومة في المؤسسات الحكومية. بشكل عام قبل الشروع في بناء أو تصميم مقاييس الأداء الفردي بالجهات الحكومية لا بد من وجود خطط استراتيجية وتشغيلية داخلية في كلِّ مؤسسة بحيث تضمن تلك الخطط تحقيق الأهداف الرئيسة لتلك المؤسسات الحكومية.
من جانب آخر يتطلب من الجهة التي تقوم بعمل منظومة القياس الأداء الفردي بالسلطنة تحديد الفئات المستهدفة لقياس أدائها، ويمكن تقسيم ذلك على مستويين رئيسين: المستوى الاستراتيجي والذي يمثل مستوى الإدارات العليا، ويركز على مدى قدرة تلك الإدارات على تحقيق الرؤية والرسالة والأهداف الاستراتيجية للمؤسسة بشكل خاص، ومتضمنة الأهداف الاستراتيجية لرؤية عُمان 2040 بشكل عام. أما المستوى التشغيلي فيركز على الأنشطة والعمليات في بيئة العمل الداخلية لكل مؤسسة حكومية ومدى تحقيقها للأهداف المرجوة، وذلك وفقا للجدول الزمني المحدد.
إن نجاح أي منظومة لقياس الأداء الفردي يتطلب دعم وتبنِّي هذه المنظومة من قِبل الإدارات العليا بالمؤسسات الحكومية، وتحديد الأهداف الرئيسة ومواءمتها مع أهداف الأفراد بما يحقق مبدأ التوافق والانسجام العام للأهداف في كل المستويات، بحيث يتم ربط الأهداف الفردية بالأهداف الاستراتيجية للمؤسسة؛ إذ إن عملية تحقيق الأهداف لا تقع فقط على المستوى الفردي، بل على مستوى الإدارات العليا بكل مؤسسة. وبالتالي عند تصميم منظومة القياس يجب أن يتضمن التقييم الخاص بالأداء جميع المستويات بالمؤسسة.
ويمكن تبنِّي تطبيق منهجية بطاقة الأداء المتوازن كأداة لقياس أداء المؤسسات الحكومية والتي تساعد المؤسسات على تقييم أدائها الاستراتيجي والتشغيلي والمالي؛ وفي العموم تتألف بطاقة الأداء المتوازن من أربعة محاور هي: المحور المالي، ومحور العمليات الداخلية، ومحور النمو والتعلم والابتكار، ومحور العملاء (المستفيدين من الخدمة). وفي حالة تبنِّي تلك المنهجية يتطلب بناء معايير ومؤشرات أداء لكل محور من تلك المحاور حسب المستويات التي تم سردها سابقا، إضافة إلى ذلك نشدد هنا على أهمية التأكيد على أن تكون تلك المؤشرات مرتبطة بشكل أساسي بأهداف المؤسسة وتعمل فعليا على تقييم أداء المؤسسة ومتضمنة لمؤشرات نوعية وكمية.
وأخيرا، يمكن القول بأنه لا بد من الارتقاء بمنظومة العمل الحكومي للإسهام بشكل فعَّال في تحقيق التوجُّه الاستراتيجي لرؤية عُمان 2040، ولضمان الحصول على تقارير تتسم بالحياد والمصداقية ورفع مستوى جودة الخدمات الحكومية فقد تكون هناك حاجة إلى إنشاء مركز مستقل لقياس الأداء الحكومي بالسلطنة، واستحداث لوحة قيادة إلكترونية تعمل على تتبع تقييم الأداء لكل مؤسسة حكومية، كما تتطلب هذه المرحلة من الجهات الحكومية القيام بدور أكبر في تعزيز ثقافة الأداء الفردي من خلال التوعية بشتَّى أنواعها لجميع الموظفين بمختلف المستويات حول أهمية عملية القياس الفردي الإيجابي حتى يتم تحقيق الأهداف المرجوة من تلك المنظومة في المرحلة القادمة.أكاديمي متخصص في العلوم المالية والاقتصاد
Yousuf.almabsali@ict.edu.om
المرحلة القادمة لتطبيق نظام قياس الأداء الفردي في المؤسسات والوحدات الحكومية بالسلطنة
- خبر
-
مشاركة