Source: alwatan.com/details/433189Alwatan كتب:
ناصر بن سالم اليحمدي:
السجالات الدائرة في الآونة الأخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي العُمانية والخاصة بشكاوى بعض المواطنين من ارتفاع ملحوظ في فواتير الكهرباء والماء مؤخرا أخذت منعطفا خطيرا يبتعد عن مجرد الشكوى والتعبير عن مشكلة قد تكون عامة إلى تذمر مقيت يتنافى مع الصورة الجميلة لبلادنا التي نسعى دائما لرسمها أمام العالم.. فهناك قلة هوايتها الصيد في الماء العكر وتأجيج النار لتزداد اشتعالا؛ لأنها تكره أن ترى شعبا مستقرا وسعيدا، وللأسف هناك بعض المخدوعين بشعاراتهم الزائفة وآرائهم المسمومة ينجرفون وراءهم ويصدقون تغريداتهم ويثقون في كلامهم المعسول غير مدركين أن تلك الكلمات تحمل في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب.
أنا لا أنكر أن الأوضاع العامة في البلاد أصبحت صعبة بعض الشيء، خصوصا على محدودي الدخل وأسر الضمان الاجتماعي بسبب ارتفاع الأسعار، سواء السلع الأساسية أو الرسوم والخدمات المقدمة كالكهرباء والماء ومنتجات الطاقة والاتصالات مما يشكل ضغوطا مضاعفة على دخولهم المحدودة.. ولكن لا يمكننا كذلك أن نستهين بما تمر به البلاد من مصاعب ومشكلات اقتصادية واجتماعية وصحية بسبب جائحة كورونا وهي تحديات تعاني منها كل دول العالم تقريبا.. وأنا هنا لا أبرر الارتفاع غير المبرر للفواتير ولكن وسط هذه التحديات الصعبة التي تواجهها الدولة نجد أن الحكومة تبذل جهودا مضنية من أجل تخفيف الضغوط عن كاهل المواطن قدر الإمكان. فعلى سبيل المثال، قامت بالتوسع في خطة الحماية الاجتماعية وما تمخضت عنه من إعفاء مواطنين من مديونيات برنامج القروض السكنية الميسرة، وتقديم تسهيلات تمويلية بدون فائدة من بنك التنمية العُماني، وإعفاء السلع الغذائية من ضريبة القيمة المضافة وغير ذلك من الجهود الملموسة التي تهدف من ورائها توفير العيش الكريم للمواطن.. ويكفي أن هناك تعليمات بعدم قطع التيار عن أي مواطن لم يسدد قيمة الفاتورة.. فالحكومة تدرك أن الكهرباء خدمة حيوية لا يستطيع المواطن العيش بدونها، خصوصا في هذا الجو القائظ، وبالتالي عدم قطع التيار عنه يعد أكثر طرق إدارة الخدمات العامة إنسانية وذكاءً.
نحمد الله أن بلدنا المعطاء يزخر بالنعم الكثيرة والثروات الوفيرة، ولكنها تحتاج إلى عقلية هادئة حكيمة وسواعد فتية مخلصة لإدارتها وتعميم فائدتها على الجميع.. من هنا على كل مواطن أن يحافظ على وطنه المعطاء، ويقف خلف قائدنا الحكيم حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ لكي يعبر بالبلاد من الفترة العصيبة التي تمرُّ بها ويحقق أهداف الرؤية المستقبلية “عُمان 2040” التي نحلم أن نراها على أرض الواقع حتى ينعم المواطن بالعيش الكريم والتقدم العظيم والرخاء والتنمية المستدامة.
إذا كان تحقيق التنمية على كافة المستويات هو الهدف الأسمى دائما لنهضتنا المباركة منذ ولادتها، فإن التنمية البشرية كانت على قمة الهرم، فالإنسان هو محورها ومركزها وبقية مظاهر التنمية تدور في فلكه لتحقق له الاستقرار والأمان والرخاء.. وفي عهدنا الزاهر المتجدد تأخذ التنمية وسائل أوسع وأكثر تقدما لتحقيق الرفاهية المطلوبة، لا سيما أن الحياة العصرية أصبحت تعتمد بشكل أساسي على خدمات لا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عنها كالكهرباء والمحروقات والاتصالات والإنترنت، وغيرها من وسائل أصبحت ضروريات الحياة العصرية الكريمة، لذلك فإن الشكوى من أحدها كارتفاع فاتورة الكهرباء تجد صدى وتفاعلا كبيرا بين المواطنين، وهذا القطاع وغيره ما يتطلع الجميع إلى إعادة هيكلته لصالح الوطن واستقراره وطمأنينته واقتصاده وتقدمه ونمائه. كما يجب علينا جميعا المحافظة على النعم التي وهبنا الله إياها، فالأزمة التي تمر بها عالمية، وعلينا اجتيازها بأقل الخسائر، ولن يتم ذلك إلا بالتكاتف والتعاون بين الحكومة والشعب كعادتهما بحيث يشد كل طرف من عضد الآخر.
حفظ الله بلادنا وسلطاننا وشعبهما الأبي، ورفع عنا الوباء والغلاء، وأبعد عنا أشباح الفتن، إنه نعم المولى ونعم المجيب.
أضواء كاشفة: حتى لا تبتعد عن الهدف
- خبر
-
مشاركة