استدلال الوقت من أولمبياد طوكيو

    • خبر
    • استدلال الوقت من أولمبياد طوكيو

      Alwatan كتب:

      عادل سعد:
      تعزيز الإنصاف، والعناية بالابتكار، وغرس روح الرعاية المخلصة للأرض، أن تطل هذه العناوين الثلاثة على طاولة العالم الآن، فللأمر ما يحتمه لمواجهة الثالوث الحالي المتوحش، جائحة كورونا والضغط المرضي الذي تسبب به “كوفيد19″، والاضطراب المناخي وما يتوالد فيه من ارتفاع في درجات الحرارة وفيضانات وجفاف وحرائق غابات وانقراض أنواع عديدة من الكائنات الحية، ثم العسر الاقتصادي المخيم على بعض مجتمعات العالم، وفي كل الأحوال فإن الخلاصات التي قدمتها الأمم المتحدة من أجل النجاح في هذه المهمات المركبة أن لا بديل عن التضامن والتعامل وفق الحرص على روح المبادرة، والتعاطي بالمزيد من الترشيد الزمني؛ لأن أي نوع من الاستسهال والتمدد انتظارًا لا بد أن يضعف القدرة على المواجهة مع اعتماد الحقيقة الحسابية أن كل انتظار سائب يعني تراكم وتعقد القدرة على المواجهة.
      الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتريش تحدث عن أمل التوسع في إنتاج اللقاحات، والكف عن احتكار أسرار تصنيعها والسعي إلى المزيد من اللقاءات والندوات وحلقات العمل للتداول الدولي والإقليمي في أنجع الوسائل لتحقيق ذلك، خصوصا وأن دولًا بعَيْنها حققت نتائج تستحق الأخذ بها.
      الأسبق من إشارات جوتريش، إشارات الدكتورة مارجريت تشان المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية التي دعت دول العالم إلى الربط الجدلي الراسخ بين مفهوم التنمية البشرية المستدامة والفرص الصحية اللازمة ضمن سقف المرحلة المقبلة مع ملاحظة أن فيروس “كوفيد19” ليس من السهل استسلامه في المرحلة المنظورة، أما بشأن الاضطرابات المناخية التي ضربت المعمورة فلا تحتاج إلى توضيحات عميقة.
      إن مجرد النظر إلى الفيضانات التي اجتاحت بعض الدول الأوروبية والهند وبنجلادش والصين وأفغانستان وغيرها من الدول يعطي دليلًا قاطعًا أنها غير مسبوقة، وتحضرني هنا إشارة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حين قالت لا أجد في اللغة الألمانية مفردات تعبِّر بدقة عن المأساة التي أصابت بلادي جرَّاء الفيضانات، ولنا أن نتوقف عند الحرائق التي اندلعت في مناطق شاسعة من الولايات المتحدة الأميركية وفي حوض الأمازون، وضمن أغلب تخوم المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية من تركيا، وهناك بلدان أخرى أصابها شرار حرائق وإن كانت بهوامش مأساوية أقل، ويرتبط بهذا المشهد المحزن، النداء المؤثر المتمثل بإعادة التأكيد على رعاية الأرض بعد أن تأسست له قاعدة معلومات ومقترحات منذ عام 1987 عندما صدرت وثيقة (مصيرنا المشترك) التي جاءت خلاصة أمينة لأفكار سبعين خبيرًا أجمعوا أن العالم سيدخل دوامة كوارث بيئية إذا لم يأخذ بالاعتبار مواجهة الاستنزاف الذي تتعرض له الطبيعة مع تضاؤل قدرتها على التعويض، ثم تكرر النداء بآلية تنفيذية أكثر حداثة ضمن أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 سبتمبر ـ أيلول عام 2015.
      أخيرًا، لنا أن نتوقف عند موضوع العناية بالابتكارات، وإذا استثنينا تواضع الهمَّة عربيًّا، تتصدر رعاية الابتكارات حيزًا واسعًا من أولويات دول عديدة من الصين والولايات المتحدة الأميركية إلى ألمانيا وفرنسا واليابان مرورًا بسنغافورة وأستراليا ودول أخرى.
      الطريف عالميًّا هذه الأيام، المشهد المتكرر لحكام أولمبياد العاصمة اليابانية طوكيو وهم يمسكون بساعات التوقيت لتسجيل أرقام الصدارة والفوز، وأرى أن العالم اليوم أمام ضرورة ذات المشهد في الاستدلال على عامل الوقت لتحقيق نجاحات من شأنها انتزاع العالم من المخاطر التي تهدده. وإذا كان التعويل الأساس على الحكومات في وضع البرامج لمواجهة تلك المخاطر، يبقى الرهان على وعي المواطن أولويةً لتعميق الالتزام بمفهوم التنمية المستدامة.

      Source: alwatan.com/details/433187