Source: alwatan.com/details/433462Alwatan كتب:
يواصل فيروس كورونا “كوفيد19” حربه على البشرية بكُلِّ ما تحمله هذه الكلمة من معنى؛ ذلك أن هذه الحرب لم تقتصر على الجوانب الصحية، أو انحصرت دائرتها في القطاع الصحي، وإنما تعدَّت إلى القطاعات الأخرى الاقتصادية والتجارية، بل كُلُّ القطاعات، لتصل إلى الجوانب السياسية والدبلوماسية وعلاقات الدول، فتسلِّط مزيدًا من الضوء على حالة التنافس والصراع القائم بين عدد من القوى في هذا العالم على خلفية الرغبة في فرض النفوذ وقيادة العالم، واحتكار الأرباح، والظفر بالغنائم والفوز بالمكاسب التي أخذت تجنيها بعض الدول عبر شركاتها المصنِّعة للأدوية واللقاحات المضادة لفيروس كورونا.
وتبدو أوجُه الصراع والمنافسة واضحة للعيان بين روسيا الاتحادية والغرب فيما يتعلَّق بموضوع الأدوية واللقاحات، مع دخول العالم مرحلة جديدة من انتشار مرض فيروس “كوفيد19” تقودها السلالة الأقوى والأشرس “دلتا” التي أخذت تُعيد أو تهدد بعض الدول بالعودة إلى المربع الأول، حيث إجراءات الإغلاق للمدن والأنشطة والأماكن السياحية، وتفعيل الإجراءات الوقائية. وحسب السفير الروسي لدى واشنطن، أناتولي أنطونوف، فإن الدول الغربية تشن “حملة مستهدفة” ضد الأدوية الروسية، ولا سيَّما اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، مضيفًا في تصريح صحفي، نشره موقع “روسيا اليوم” أن “الغرب يرفض الاعتراف بأن إنجازات علمائنا (الروس) يمكن أن تساعد في ضمان صحة ورفاهية البشرية جمعاء”. مؤكدًا أنه “على الرغم من استعداد روسيا للتعامل “على أساس شفاف وغير تمييزي” للتزويد باللقاحات المضادة لفيروس كورونا، فإن روسيا تصطدم بالتعامل بمعايير مزدوجة، وأنه “عندما يتعلق الأمر بصحة الناس وحياتهم، يجب ألا يكون هناك مكان للسياسة”.
لا ريب أن هذا التنافس مؤسف للغاية بالنظر إلى ما يتعرض له العالم من موجات متتالية لتفشِّي فيروس كورونا عبر سلالاته المتحوِّرة وفي مقدمتها “دلتا”، والتي يفترض أن توحِّد الصفوف وتبني مظاهر التعاون والتكاتف لتخليص البشرية من هذا الوباء والانتصار على الفيروس في المعركة التي فرضها على الجميع.
واللافت أنه مع تصاعد حدَّة المنافسة واتجاه قوى معروفة للجميع نحو تسييس موضوع اللقاحات، على النحو الذي يراه المتابعون، حيث لا تزال هناك دول لم تحصل على ما يكفيها من اللقاحات، في غياب واضح لعدالة التوزيع التي ضاعت في بحر السياسة أو التسييس الطاغي، لم تخفت موجات الانتشار بعد.والأشد مرارة أن تحتدم معركة تسييس اللقاحات وتمد الأنانية لبعض القوى بساطها مدفوعة بداء التفرد والنفوذ، في الوقت الذي أخذت فيه الأرقام ترتفع بصورة لافتة للنظر، حيث تجاوزت أعداد حالات الإصابة بمرض فيروس كورونا “كوفيد19” مئتي مليون حالة، وتجاوزت أعداد حالات الوفاة بالوباء أربعة ملايين حالة، وفي الوقت الذي بدأت فيه دول اتِّباع سياسة الإغلاق والإجراءات الصارمة للحدِّ من انتشار الفيروس عبر متحوِّرته “دلتا”. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد سُجِّل في المعدَّل أكثر من 600 ألف حالة يومية في الأيام السبعة الأخيرة في العالم؛ أي بارتفاع نسبته 68 في المئة مقارنة بأدنى مستوى لها في منتصف يونيو (360 ألف إصابة في اليوم) وهي عائدة خصوصًا إلى انتشار المتحوِّرة “دلتا” الشديدة العدوى التي رصدت للمرَّة الأولى في الهند.
وعلى الخط ذاته، أشارت البيانات الرسمية البريطانية إلى أن الأشخاص الذين تمَّ تطعيمهم بالكامل، والذين أصيبوا بمتغيِّر “دلتا”، قد يتسببون بالعدوى تمامًا مثل الأشخاص الذين لم يتم تلقيحهم. ووفقًا لهيئة الصحة العامة في إنجلترا، فإن الأحمال الفيروسية تبدو متشابهة بين الأشخاص المصابين بمتغيِّر “دلتا” في كلتا المجموعتين، ما يعني من الناحية النظرية، أنها مُعْديَة بشكل متساوٍ بغضِّ النظر عمَّا إذا كان الشخص قد حصل على اللقاح أم لا. لكن ـ وحسب صحيفة “ديلي مل” يصرُّ رؤساء الصحة على أن المحصول الحالي من اللقاحات لا يزال يحدُّ من خطر الإصابة بالفيروس.
خلاصة القول إن فيروس كورونا لا يزال ينتشر ويحصد ضحاياه، ولا تبدو في الأفق الحقيقة الثابتة بأنه زائل، لذلك لا بُدَّ من الالتزام والتقيد بالإجراءات الاحترازية وبالتعليمات والإرشادات الصحية.
رأي الوطن: متحورة دلتا تشغل العالم
- خبر
-
مشاركة