Alwatan كتب:

نجوى عبداللطيف جناحي:
يقدم المتطوعون خدمات للمجتمع في شكل عمل جماعي منظم، وذلك في سبيل تقديم برامج خيرية واجتماعية تخدم الناس والمجتمع. وقد نظِّمت هذه المجموعات في العصور الحديثة تحت مظلة مؤسسات تطوعية غير ربحية مرخَّصة تحت مظلة القانون لتكتسب الشخصية الاعتبارية فيكون لها كيان قانوني. وللمؤسسات التطوعية أشكال مختلفة أشهرها الجمعيات بأنواع، والأندية، والمؤسسات غير الربحية، والفرق التطوعية المؤقتة، وتتنوع الموارد البشرية في المؤسسة التطوعية فهي تنقسم إلى نوعين هما: المتطوعون، والموظفون.
ويشكل المتطوعون المورد البشري الأساسي في هذا النوع من المؤسسات، فالمتطوعون هم الأفراد الملتحقون بالمؤسسة ليشاركوا في تنفيذ البرامج التطوعية التي تخدم المجتمع دون أي مقابل مادي، ويشكل المتطوعون الملتحقون بالمنظمة الأهلية أعضاء الجمعية العمومية، والذين غالبا ما يشكلون أعضاء اللجان والفرق بالجمعية، كما أن أعضاء مجلس الإدارة هم أيضا من المتطوعين، هذا علاوة على أن الجمعية تطلق مشاريع ومبادرات فتعلن عن حاجتها لمتطوعين لتنفيذ هذه المبادرات خلال فترة محددة.
إلا أن هناك نوعا آخر من الموارد البشرية بالمنظمة الأهلية وهم: الموظفون. فللمنظمة الأهلية التطوعية أن تستعين بموظفين لتسيير بعض أنشطتها. ويظن البعض أن المنظمة الأهلية يجب أن تعتمد اعتمادا كليا على المتطوعين ولا يجوز لها الاستعانة بموظفين، ومن يتبنى هذا الرأي له مبررات لوجهة نظره هذه. فهو يرى أن المؤسسة التطوعية التي تعتمد على الموظفين تجرد المؤسسة التطوعية من مضمونها، ذلك لأنها تستخدم أموال المتبرعين لدفع رواتب الموظفين، وهو يتنافى مع تعريف العمل التطوعي وهو: بذل الجهد والوقت والمال لخدمة المجتمع. كما أنهم يرون أنه في حال اعتماد المؤسسة على تقديم الخدمات الاجتماعية من خلال الموظفين، فالأولى أن تقدم هذه الخدمات من خلال مؤسسات حكومية. إلا أنني أرى أن هناك بعض المهام في المؤسسة التطوعية التي يجب أن تسند لموظفين وليس لمتطوعين، وتختلف هذه الأعمال بحسب حجم المؤسسة التطوعية، ويقاس حجم المؤسسات التطوعية بحجم الإيرادات السنوية للمؤسسة، وبعدد المتطوعين المنتسبين لها، وبعدد المشاريع والبرامج السنوية التي تقدمها المؤسسة التطوعية، وبعدد فروع هذه المؤسسة، سواء داخل الوطن أم خارجها. وفيما يلي نلقي الضوء على أبرز المهام التي يجب أن توكل لموظفين وليس لمتطوعين، فمن هذه الأعمال:
* هناك بعض المهام والأعمال التي يتعذر على المتطوعين القيام بها في المؤسسة وذلك بحكم ثقافة المجتمع، فمن المستحيل أن يقوم المتطوعون بحراسة مبنى المؤسسة أو تنظيف مرافقها أو توصيل المراسلات وغيرها.
* تعيين محاسب متخصص يكون مسؤولا عن إدارة أموال المؤسسة أمرا ضروريا، لا سيما في حالة نمو حجم أموال المؤسسة، ويصبح توظيف المحاسبين المتخصصين في المحاسبة ضروريا في حالة امتلاك المؤسسة لعقارات استثمارية تدر الربح على المؤسسة التطوعية.
* في حالة المؤسسات الكبيرة تحتاج لتوظيف موظفين مختصين في إدارة المشاريع الاستثمارية التي تتبع المؤسسة كإدارة العقارات الاستثمارية، سواء متابعة صيانتها، ومتابعة تأجيرها، وتحصيل الإيجارات، ومشاكل المستأجرين وغيرها.
* كما تحتاج المؤسسات الكبيرة لموظفين يتولون إدارة المشاريع الخيرية وإدارة مشاريع خدمة المجتمع، خصوصا إذا كانت هذه المشاريع كبيرة وتغطي مناطق شاسعة داخل البلاد أو خارجها.
ويمكننا القول إن من الممارسات الإيجابية أن تعتمد المؤسسات التطوعية الكبيرة على الموظفين في الإدارة التشغيلية بجميع أنواعها وذلك لضمان جودة أداء المؤسسة.
وفي تقديري أن مثل هذه الوظائف تُعد مهمة في المؤسسات لعدَّة أسباب أهمها الحفاظ على الشفافية وجودة العمل ودقته وكفاءته وقوته، لا سيما في المهام المحاسبية أو في الإدارة المالية، كما أن إسناد بعض المهام الإدارية للموظفين كتعيين مدير تنفيذي، أو مديرين للمشاريع يضمن الاستدامة لأنشطة الجمعية وبرامجها، ويحقق التزامها بتنفيذ مثل هذه المشاريع، فمن المعروف أن التزام الموظفين بتنفيذ المهام أقوى من التزام المتطوعين بحكم العقد المبرم بين المؤسسة وبين الموظف، وبحكم قوانين العمل التي تنظم العلاقة بين رب العمل وبين العامل. كما أن وجود موظفين مختصين متفرغين لاستقطاب المتطوعين يساعد على تقوية المؤسسة التطوعية ونموها بشكل سريع، ويعزز ثقة المجتمع بها. ومما لا شك فيه أن اتجاه المؤسسات التطوعية الكبيرة للتوظيف لا يعني التقليل من أهمية الاعتماد على المتطوعين في تنفيذ البرامج والمشاريع الاجتماعية والخيرية، فهم المورد البشري الأساسي لتنفيذ البرامج التطوعية وخدمة الناس بشكل مباشر.

كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
najanahi@gmail.com
تويتر:
@Najwa.janahi