متاهات (نظرية السكان)

    • خبر
    • متاهات (نظرية السكان)

      Alwatan كتب:

      أ.د. محمد الدعمي:
      شكَّل ظهور اللقاحات علامة نوعية مهمة في تاريخ العصر الحديث، ابتداءً من حقبة الثورة الصناعية وما تلاها من حقب شهدت تطورات واكتشافات علمية لا حصر لها. وقد أنقذت اللقاحات النوع الآدمي من أمراض فتاكة كادت تنهيه، وهي جائحات من نوع “الجدري” و”السل” و”شلل الأطفال” و”الكوليرا”، من بين سواها من “الجوائح” التي لا تبقي ولا تذر لولا ما أنجزه العلماء من هذه “اللقاحات” أو “التطعيمات”، كما تسمى أحيانًا.
      وإذا كانت اللقاحات قد أذنت للـ”انفجار السكاني” بالبدء، حيث تعاني البشرية والأرض التي تحيا عليها الآن، فإن الفكرة المعاكسة للحدِّ من الانفجار السكاني قد فتحت الأبواب واسعة أمام عمليات من نوع جديد، تهدف إلى لجم الانفجار السكاني والحدِّ من تزايد السكان، خصوصًا في بقاع راحت تنوء تحت أعداد سكانها الهائلة، مثل الهند والصين، من بين سواها من دول العالم.
      لذا، لجأت حكومات دول العالم المكتظة إلى سياسات “تحديد النسل” ومنع التكاثر السكاني غير المدروس أو غير المخطط له بدقة.
      هذه قضايا حساسة وخطيرة لا تقبل الخطأ أو السهو، كما حدث عندما دار الحديث حول جائحة “كورونا”، ثم حول تحوراتها التالية. قد لا يمكن للإنسانية اكتشاف حقائق هذه الموضوعات على نحو دقيق، خصوصًا بعد أن تعاظمت الشكوك في وجود أيادٍ خفية هي المسؤولة عن مثل هذه الجوائح التي يمكن أن توظف لتدبر أعداد السكان وتوزيعهم عبر العالم.
      والحقُّ، فإن هذه ليست بمعضلة جديدة قط، ذلك أن أول من أثار الاهتمام بها فكريًّا، وهو الفيلسوف العبقري البريطاني “مالثوس” Malthus (صاحب النظرية السوداء) عبر كتابه (نظرية السكان) Population Theory هذا الرجل عاش في القرن التاسع عشر. وإذا كان مالثوس هذا قد حذر من تزايد أعداد السكان على نحو أسرع من تزايد موارد الغذاء والعناية الصحية (تزايد السكان بواقع متوالية هندسية: 2-4-8-16 الخ، بينما يكون تزايد الغذاء بواقع متوالية عددية: 2-4-6-8 الخ)، فإن إمكانيات التدخل العلمي البشري للسيطرة على أعداد السكان من أجل تدبرها تبقى قائمة. قد تكون هذه العملية الحساسة، أو قد تكون معلنة كما حدث في سياسات تحديد النسل التي اتبعتها دول من النوع الذي ذكرته آنفًا.
      لذا، فإن لبَّ المشكلة الآن يتلخص في أن “التدخل المدروس” لتحديد تزايد السكان أو للإسراع بتزايدهم (كما هي الحال في بعض دول العالم، مثل العراق سابقًا) يمكن أن يتحول إلى حال من نمط الــ”تدخل الاعتباطي” بسبب صعوبة السيطرة على أنماط التكاثر السكاني وتدبرها!

      Source: alwatan.com/details/434235