ضحية الأنثى تنسجها خيوط رواية «روت لي حكايتها»

    • خبر
    • ضحية الأنثى تنسجها خيوط رواية «روت لي حكايتها»

      Alwatan كتب:

      عمّان ـ العمانية: يقف الإنسان في رواية الدكتورة سوزان خلقي (روت لي حكايتها)، أعزلَ أمام قدره الذي يجبره على الانصياع، فلا يملك أمامه إلا أن يخوض الصراعات مسلّحًا بالصبر، ومحافظًا على قِيَمه النبيلة. وخرجت خلقي في روايتها الصادرة عن (الآن ناشرون وموزعون)، على إطار النهايات التقليدية، لكنها توجّه أنظار القارئ في الوقت نفسه إلى ما يجعله يشعر بالاطمئنان، ويبث فيه الحنين إلى دفء العائلة، وإلى قيمة الأنثى حين تلمُّ شتات الجميع. وتدور حبكة الرواية التي جاءت مليئة بالتشويق، حول فتاة تجد نفسها مسؤولة عن تربية طفلَي أخيها بعد أن اختفت أمهما بشكل غامض وتوفي أبوهما في حادث غير متوقع، الأمر الذي تسبب في تغيير مسار حياة العائلة. وتضطر البطلة إلى التضحية من أجل العائلة التي تشمل كذلك أخًا آخر يشاركها الانصياع لتصاريف القدر، فتتخلّى عن أحلامها، وعن حبّ حياتها، في سبيل واجبها الإنساني. وتصف الرواية معاناة الفتاة أثناء تطور الأحداث:(تضاءلت أحلام منال بالغد وأحسَّت بالتعب، فكلما تخطت عبئًا هجم ليعتلي كتفيها “ثلاثة غيره”.. طفلان مع أبيهما الذي كان وضعه يزداد سوءًا وطباعه تزداد حدة، ونتيجة لهذا فقد وظيفته بعد أن انفجر في وجه أحد العملاء، وبعدها اعتكف في غرفته، ينام فيها نهارًا ويسهر ليلًا، باكيًا مرة ومزمجرًا يلعن الحظ والزواج والنساء مرات ومرات). وتصور الرواية ما كان ينتاب البطلة من خواطر: “وبعد نوم الطفلين يضجُّ صدر منال حين يأتيها صوت محمود رائقًا:(أنا أنتظرك)، وتهمس لنفسها:(ليتني أقدر، هلا بقيت أكثر، هلا صبرت علي يا حبيبي الهادئ الجميل)، وتراه بعين الخيال يصحو شاعرًا بيدها الحانية تمسح جبينه المعقود دومًا ليجيبها مطمئنًا: سأنتظرك يا حلوة العينين”. ويحضر المكان خلال المفاصل والأحداث جميعها، فتشير الرواية إلى مدينة إربد شمال الأردن (أرابيلا قديمًا) بوصفها مسرح الأحداث:(كانت هناك مدينة قديمة كما الحياة، حيث السماء تعانق الأبواب، ويرفرف الحمام من ألف عام وعام، ممتدة خضراء .. ربيبة المطر، هناك مات الحب، وهناك وُلد الحب.. في أرابيلا).
      وتظهر تفاصيل هذا المكان منذ بداية الرواية، فتصف الكاتبة البيت الذي تقع فيه الأحداث، وحديقته، وطبيعة الأشجار والنباتات التي تنمو هناك. ولا يفوتها أن تشير إلى معالم المدينة المعروفة، فتدمج القارئ في عالم الرواية المكاني كما لو أنه أحد أبطالها.
      ويمتاز المكان كذلك بامتزاجه مع إنسانه وهو ما يظهر في إهداء الرواية الذي تقول فيه الكاتبة:(إلى أماكن غادرناها ولم تغادرنا .. إلى أيام عبرناها نجري ونعرف الآن أنها الأثمن .. إلى الحكايات المختبئة فينا .. وإلى مَن نحبّهم بغير تكلّف، وبغير شروط، وبغير توقيت).
      نقرأ على الغلاف الداخلي للرواية:(إنها تجعل أولئك الذين يتألمون بصمت، ويقدّمون التضحيات دون انتظار ثناء من أحد، جزءًا من حياتنا، وتلك واحدة من مهمات الأدب المقدسة في كل زمان ومكان).

      Source: alwatan.com/details/435503