العجز في الموازنة العامة مقاربات الحلول

    • خبر
    • العجز في الموازنة العامة مقاربات الحلول

      Alwatan كتب:

      عادل سعد:
      توفر ديناميكية الاقتصاد، أي اقتصاد، احتواء عجز الموازنات العامة إذا كان هذه الديناميكية متواصلة وتنشط على أرضية من الثقة والاطمئنان إلى النتائج المتوخاة، وحين يضع المسؤولون في الاعتبار أنها حالة طارئة ينبغي معالجتها.
      الواقع أن معدلات العجز في الموازنة التمويلية لسلطنة عمان هي من النوع نفسه إذا أخذنا بنشاط هذا الاقتصاد رغم التذبذب، إن لم نقل انخفاض قيمة المدخولات المالية النفطية والآثار السلبية التي خلفتها جائحة كورونا، من حظر، وما ترتب عليه من تراجع في الطاقة الإنتاجية والخدمية، وتعطل بعض النشاطات التجارية المحلية والخارجية، إضافة إلى المتغير القاسي في حاجات الناس ومعدلات الاستهلاك العام تكيفًا مع ضغوط الجائحة.
      لقد خيَّمت الضغوط على الواقع الاقتصادي العماني، لكنها لم تستطع أن توهنه، والدليل على ذلك حيوية مجالاته المتعددة؛ فعلى مستوى بورصة مسقط، بلغت زيادة قيمة التداول للنشاط العقاري حتى نهاية شهر حزيران (يونيو) الماضي ٤/٣٠ مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2020، كما ارتفع اجمالي رصيد الائتمان الممنوح من القطاع المصرفي، وقد تم منح ٢٥٤٩ تصريحا بالاعتماد الجمركي لواردات المنشآت الصناعية في النصف الأول من العام الحالي.
      بتفصيل آخر، يظل العجز في الموازنة العمانية تحت السيطرة للخبرة التي تتمتع بها السلطنة في علاقات تجارية على درجة من التطور مع محيطها العربي، وكذلك مع دول الجوار الإقليمي، والأسبق من ذلك أنها وضعت اقتصادها على الطريق التنموي الذي يحررها من المنهج الريعي الذي تتحكم به أسعار النفط، أما كم قطعت على هذا الطريق من أشواط؟ فنستطيع أن نتلمس ذلك من تعدد الأطر الصناعية والتجارية والزراعية المتمثلة بالقرى العصرية وربطها بشبكة من الطرق الحديثة مع مراكز الولايات، إضافة إلى الهيكلية الخدمية المرفئية المستجيبة لضرورات الشحن والإفراغ لموانئ صلالة، وصحار، والدقم، وميناء السلطان قابوس، وخصب وشناص، فضلًا عن وسائل الاتصال الحديثة التي وصلت إلى معدلات واعدة في التوسع تجاوزت في معدلها العام 75 بالمئة من المجموع الكلي للسكان مع تعدد المنصَّات الرقمية، واشتغال المؤسسات الدراسية بأحدث مجالات التقانة.
      استنتاجًا، تظل الصورة الحسابية للعجز هامشية مقابل حجم الفعالية الإنتاجية التي يتمتع بها الاقتصاد العماني، وفي كل ذلك أيضا تسهم المواقف السياسية العمانية المتوازنة في إقليم أغلبه مضطرب في إرساء قناعات بأهمية الدور الذي تضطلع به مسقط في السعي إلى إطفاء الخصومات.
      إن من يتابع التحرك العماني لمعالجة الأزمة اليمنية، ومن يتصفح دور مسقط في تقريب وجهات النظر لمواجهة استحقاقات تتعلق بموضوع الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد، والأسبق إقليميًّا ودوليًّا، تعاطيها الهادئ والأمين مع قضايا تتطلب تفكيك المخاطر…
      إن كل ذلك يجعلنا أمام منظومة متكاملة من العلاقات الإقليمية تتبنى فيها مسقط أولويات السلم والتفاهم والمصالح المشروعة المتقابلة واجتراح الحلول بموجب القانون الدولي.
      بخلاصة تحليلية، إن الحيوية التي تتمتع بها الإدارة الاقتصادية العمانية تستمد قوتها من الثقة الراسخة في التعاطي الذكي مع العجز، والفحص الدوري للطاقة التشغيلية وتعامل إداري يتوخى قِيَم التعاون ومناصرة وتعضيد مفاهيم التضامن التي باتت الآن حاجة ملحَّة مع تزايد التحديات.
      إن معالجة العجز في الموازنة العامة، وإن كان بالمنطق الحسابي من ضمن المسؤولية الحكومية، وتخضع للإجراءات الترشيدية التي تعتمدها، فإنها، وبذات الاتجاه، مسؤولية مجتمعية أيضًا، وهذا شأن مكمل يقتضي التنويه به في مقاربة أخرى.

      Source: alwatan.com/details/435566