Source: alwatan.com/details/436733Alwatan كتب:
هيثم العايدي:
بات الانتباه لأهمية التعامل مع التغيرات المناخية ضرورة حياتية، حيث لم يعد الحديث عن هذه التغيرات رفاهية أو شغل وقت؛ إذ إن الأحاديث عن قسوة هذه التغيرات والأرقام المعلنة في السابق عن تسارعها في السنوات الأخيرة بات أمرا واقعا شهده العالم هذا العام مجسدا في حرائق غابات وفيضانات أودت بحياة العشرات وشردت الآلاف، ليبقى من المهم التعامل مع هذه القضية تعاملا واقعيا وليس كورقة سياسية تتجاذبها القوى الكبرى.
فبالأرقام والإحصاءات يقول تقرير خاص صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إن “نطاق التغيرات الأخيرة في جوانب النظام المناخي ككل غير مسبوقة منذ قرون أو عدة آلاف من السنين”.
كما يبين التقرير أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي كانت أعلى في عام 2019 مما كانت عليه في أي مرحلة خلال مليوني عام على الأقل، كما أن درجة حرارة سطح الأرض “ارتفعت منذ عام 1970 بشكل أسرع مقارنة بأي 50 عاما أخرى خلال الألفي عام الماضية على الأقل”.. بالإضافة إلى آثار للاحترار العالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية ومسارات انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية ذات الصلة.
وإذا كانت آثار هذه التغيرات جاءت قاسية في بعض الأماكن مثل أوروبا والولايات المتحدة والصين على شكل فيضانات وحرائق غابات، كان للشرق الأوسط منها نصيب أيضا.. إلا أن هذه التغيرات تطول الإنسان في جميع أنحاء كوكب الأرض، وتمثل تهديدا أساسيا لغذائه، حيث قالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) إن أسعار الغذاء العالمية قفزت في أغسطس بعد شهرين من الانخفاض، مدفوعة بزيادات قوية للسكر والزيوت النباتية وبعض الحبوب.
كما توقعت (فاو) انخفاض محاصيل الحبوب العالمية عن تقدير سابق لتبلغ تقريبا 2.788 مليار ـ وذلك بسبب أوضاع الجفاف في أماكن متعددة ـ كما أنه على أساس سنوي، ارتفعت الأسعار 32.9% في أغسطس.
ومع ناقوس الخطر هذا بدأ العديد من دول العالم التعامل بواقعية تتمثل في حتمية وجود انبعاثات، حيث إنه لا يمكن الطلب من أية دولة في العالم أن توقف دوران مصانعها وتستغني عن اقتصادها.. وفي نفس الوقت الحث على تقليل هذه الانبعاثات والبحث عن بدائل منها التوجُّه نحو الاقتصاد الأخضر ومصادر الطاقة النظيفة وغيرها من الحلول.
ومن ضمن أشكال التعامل الواقعي أيضا أسلوب جديد للزراعة يجري تجربته في الهند تمثل أحد جوانبه في حقول تجريبية أنشأها مزارعون وتُعَد بمثابة فصول للمدارس المفتوحة التي يتعلم فيها المزارعون كيفية إعداد التربة المناسبة، واتخاذ القرار الصائب فيما يتعلق باختيار المحصول، واستخدام الأساليب الزراعية العضوية منخفضة التكلفة، وأساليب ترشيد استخدام المياه. وذلك لتشجيع المزارعين على تبنِّي الأساليب الزراعية القادرة على التكيف مع تغير المناخ، وتحسين فرص التصنيع الزراعي. كما تم توفير المعلومات عن مدى توافر المياه من خلال تطبيق عبر الهاتف استحدثه المعهد الهندي للتكنولوجيا في مومباي.
أما التعامل الآخر والذي يتمثل في حرب التصريحات بين القوى الكبرى، وخصوصا الولايات المتحدة والصين، فإنه يعمل على تسخير المناخ كورقة ضغط سياسي لتحسين الموقف التفاوضي لطرف على الآخر، وهو ما يتجلَّى في اعتراف الطرفين بحاجتهما لتحسين علاقاتهما المتوترة من أجل مكافحة تغير المناخ، وذلك خلال زيارة مبعوث المناخ الأميركي جون كيري للصين.
المناخ بين التعامل الواقعي والورقة السياسية
- خبر
-
مشاركة