Source: alwatan.com/details/439584Alwatan كتب:
د.أحمد بن علي المعشني:
أتذكر زميلنا سهيل الذي يجسد شخصية الرجل المشاء خلال رحلات السير الطويل (الهايكنج) في جبال ووديان وشعاب محافظة ظفار، فهو موسوعة متحركة من المعرفة الشعبية وذاكرته زاخرة بالحكايات والأشعار والتاريخ، فعندما نشرع في السير يبدأ سرد قصص ممتعة ومسلية، يرويها باللهجة المحلية، تتخللها أشعار وأحداث تثير الاهتمام وتستحوذ على الانتباه، وتنسينا طول المسافة وعورة الأماكن ومشقتها.
نهبط الوديان ونصعد الجبال بأجسادنا بينما تكون عقولنا منهمكة في تفاصيل حكايات سهيل التي تحمل الكثير من الحكمة والمعاني العميقة.
وعندما نضع رحالنا ونستريح بعد مشي طويل، يسبقنا سهيل إلى جمع الحطب وإعداد الأكل وتقديم الخدمة.
وحينما يطمئن بأننا قد استرحنا وصرنا في وضع الاسترخاء والهدوء يتحرك بحثًا عن أماكن جديدة، ويستطلع طرقًا أخرى وخيارات أفضل تمنح رحلاتنا مجالات أوسع.
أمضى سهيل زهرة شبابه في خدمة الوطن عندما كان يعمل في الجيش، قبل أن يتقاعد ويتفرغ لخدمة أسرته وتربية أبنائه والمواظبة على ممارسة الفروض والنوافل، ويجتهد في خدمة الناس ويمارس رياضة المشي الطويل عبر دروب ومسالك وعرة في جميع مناطق محافظة ظفار.
يقضي نوافل وقته في خدمة الناس ممن يضيق بهم الحال وتعترضهم صعوبات وتحديات، فضلًا عن ذلك فهو يساعد فرق العمل التطوعي في إصلاح وصيانة الطرق وعيون المياه.
يصمت سهيل ويصغي عندما يتكلم الآخرون، ويعمل عندما يقهر التعب والإجهاد زملاءه بعد عناء السير الطويل.
يعرف بابتسامته التي يستقبل بها من يقابله، وتساعده ذاكرته الحادة على استدعاء المواقف والقصص المثيرة التي تظهر براعته في السرد، وتثير فضول السامعين.
يقوم سهيل بدور الراوي الحكيم للقصص والأحداث المسلية ويطلق العنان للإنسان الشهم الكريم بداخله الذي يسارع إلى نجدة من يتعرض لمأزق أو يضل الطريق تتعطل سيارته.
يتطوع سهيل بفكره وماله وجهده لخدمة الناس، بالإضافة إلى ذلك نجح سهيل بحسن تدبيره وتخطيطه أن يحقق لأسرته مصادر الحياة الكريمة، وتوفق في تحفيز ابنائه على إكمال تعليمهم والالتحاق بسوق العمل.
عندما تستدعي ذاكرتي المواقف والمشاهد التي رافقت فيها سهيلًا أرى معلمًا متجولًا يعلم زملاءه بالصمت والعمل والإيثار والصبر والتقوى والعطاء.
تمنيت لو أتيحت لي الفرصة مبكرًا للتعلم من هذا المشاء..
أتساءل في نفسي متى تعلم سهيل كل هذه المهارات ومتى اكتسب هذه الخصائص والسمات، والأصعب من ذلك كله، كيف استطاع أن يبلغ هذا المستوى المتقدم من الانتصار على الذات وتخطي أسلاك الأنانية ويعيش بهذه الروح المعطاءة، وأن يجعل العمل المثمر سجيته وطبعه وسمته الشخصية الغالبة.* رئيس أكاديمية النجاح للتنمية البشرية ـ مؤسس العلاج بالاستنارة (الطاقة الروحية والنفسية)
رحاب: سهيل
- خبر
-
مشاركة
-
مواضيع مشابهة