شتائم العملاء وشكاواهم .. موسيقى هادئة !!!
مقال قراءته وأعجبني فأتمنا أن تستفيدوا منه بعد قراءته....
أحب هذا العميل لأنه الطريق الوحيد إلى نجاحي
الكاتب:ـــ
د.طلعت أسعد عبد الحميد
استاذ التسويق والإعلان
الأكاديمية الدولية لعلوم الإعلام
خبير التسويق العربي
أنت تقتل نفسك إن لم تحب العميل ..
أثبتت دراسة طبية أجريت في احدى الجامعات المصرية –وعلى عكس المتوقع– أن المتعاملين مع الجمهور أكثر عرضة للأزمات القلبية عن غيرهم من المتعاملين مع منشآت الأعمال, وكان المفروض هو العكس, إذا أن هؤلاء يستطيعون التعبير عن أنفسهم, كما أن لهم فرصة في الانطلاق في السوق بعيداً عن أجواء المكاتب الخانقة. ولكن يا صديقي لا تفزع من هذا الخبر بسرعة. فقد أوضحت الدراسة أن السبب الرئيسي لما يحدث هو أنك تعمل من خلال شخصية مزدحمة التكوين فأنت تتعامل مع عميلك ظاهرياً بإحترام شديد وود غير عادي, ولكن في داخلك لا تحبه وتقوم بخدمته لأنك مجبر على ذلك, وبالتالي فإنك تظهر له غير ما تبطن, ودعنا نتصور كم المعاناة النفسية التي تقابلك يومياً وتفزع لها نفسك الداخلي وتحدث آثاراً سيئة علي صحتك وشخصيتك. لماذا كل هذه المعاناة إذا كان العميل بالفعل هو العمل ذاته The customer is the Business وإذا كنت بدونه أنت ومؤسستك لا تعني أي شيء, فلا وجود لأصولك دون هذا العميل, والحقيقة يا صديقي أنك تنكر على الناس اختلافاتهم برغم أن ذلك من سنة الخلق والوجود.. وتعتبرهم صورة طبق الأصل من ذاتك, كما أنك لا تحترم عقولهم, فلست المفكر الناضج الوحيد في هذا العالم, فإن ما يحدث في نفسك من صراع لا يخفي عنهم إطلاقاً.
لماذا نجح صاحب مبيعات المليار دولار ؟؟
هذا الرجل هو Stew Leonard والملقب بملك الألبان في أمريكا والذي تتعدى مبيعاته المليار دولار سنوياً .. وهو يربط نجاحه بقصة بسيطة تحدث في ملايين المحال المنتشرة في أنحاء العالم, ويري Stew أن حياته كلها قد تغيرت من خلال واقعة قد حدثت له أثناء تواجده في محله الصغير الذي لا تزيد مبيعاته عن 150 كغم من الحليب يومياً, إذ اندفعت إحدى العميلات الغاضبة, وقالت أنها قد قامت بشراء نصف كيلو من اللبن المعبأ, ولكن رائحة العلبة من الخارج ليست طيبة, وما كان منه إلا أن أخذ منها العلبة وقربها من أنفه, وقال لها حقيقة أنا قمت ببيع 300 علبة من هذا النوع ولم يشتكي أي عميل, ويبدو أن حضرتك قد أمسكت بأي شئ ترك آثاره على العلبة, وعموماً هذا لن يؤثر علي الطعم الجيد للحليب, وبسرعة أخذ كأساً وأفرغ بعض محتويات العلبة مؤكداً للعميلة أنها ليست على حق, وأن الحليب جيد تماماً, ونظراً لأن علب الحليب قد تم بيعها بالكامل أعطاها نقودها, راجياً إياها ألا يكون قد سبب لها إزعاجاً. ويتساءل الرجل, لماذا خرجت العميلة غاضبة وجذبت وراءها باب المتجر بشدة؟ وخاصة أن الجملة الأخيرة التي سمعها من العميلة "لن أعود إلى هذا المحل مرة ثانية مهما كلف الأمر..".
وقد كانت هذه القصة القصيرة بداية النجاح الكبير لمؤسسته حيث جلس في المساء مع أصدقائه يفكر فيما حدث صبيحة ذلك اليوم. فوجدوا أنه ارتكب عدة أخطاء أساسية:
أولها: أنه لم ينصت للعميلة بالشكل الملائم ويتعرف على مشكلتها.
ثانيها: أنه أهان العميلة ووصفها بعدم النظافة.
وثالثها: أنه قام بمقارنة تصرف العميلة بعدد من قام للبيع لهم ( 300 شخص), فقد وصف العميلة بالغباء لأن مقارنة الفرد بالمجموعة تعني هذا المفهوم, وأكد للعميلة كذبها من خلال التجربة والبرهان عندما قام بشرب الحليب أمامها.
وأخيراً: فإن العميلة بعد هذا الجهد وتلك الإهانات لم تحصل على ما تريد من منفعة.
وقد أثرت هذه الحادثة تأثيراً كبيراً في تغيير مفاهيم الأمريكي Stew وقادته إلى النجاح الكبير لتصل مبيعاته السنوية من الألبان 100 مليون دولار من الحليب ومنتجاته.. ولكن ماذا كانت فلسفته ليصل إلى هذا النجاح؟
1) قام بإعداد نصب خرساني ضخم للعميل كتب عليها عبارتين:
o قاعدة (1) العميل دائماً على حق The customer is always right
o قاعدة (2) إذا أحسست أن العميل قد أخطأ إقرأ قاعدة رقم (1) مرة أخرى If The customer is ever wrong re-read rule (1) .
2) أن العميل الذي يشتكي يحبك ويحب مؤسستك, لذا فإن شكوي العميل تشعرنا بإمكانيات التطوير المستقبلية.. فمنها تخرج كل فرص التطوير ويصبح العميل الشاكي الغاضب صديقاً.
3) إن العميل وروحه يجب أن تكون جزءاً من التعامل في وجوده أو عدم وجوده. إذا يجب أن يحظي بالإحترام النفسي المتكامل من جانب المتعاملين لدينا أثناء أدائهم أي عمل, وبالتالي فإن العاملين لدينا يتم إعدادهم وتدريبهم ووضعهم تحت الاختبار سنتين كاملتين ليغيروا إتجاتهم لتصبح مرتبطة بمصلحة العميل أولاً وإشباعه أولاً.. من خلال روح الفريق Team Spirit التي تخدم العملاء الأعزاء.
4) توفير كافة السبل لمتابعة وملاحقة شكاوي العملاء والتعرف على وجهات نظرهم .. حتى أن ذلك كان يتم من صاحب الشركة ذاته بواقع 3 مرات يومياً .. متوخياً السرعة الشديدة في الرد على هذه الشكاوي مستخدماً كل أدوات الترويج الممكنة المدعمة لروح الثقة في التعامل مع هذا العميل.
والمتتبع لهذه القصة من النجاح يرى أن من الضروري أن يرتبط كافة العاملين لديك ببعض المبادئ التي تجذب وتساعد على الاحتفاظ بالعميل العزيز.
1. اجعل كل من يعملون لديك يقفوا على الجانب الآخر مكان العميل ليتعرفوا عن قرب على تصرفاته.
2. إجعلهم يشجعون العملاء على الحديث, وإبداء الرأي لأن الدراسات تؤكد أن العميل الذي لا يسعد بالتعامل معك, غالباً ما يكون من نقص معلوماته عنك وعن سلعتك وخدماتك, وأن 96% منهم لا يتحدثون أمامك بل ينشرون كل السموم حول المكان معتمدين على معلومات قديمة ومضللة, وهناك 4% من العملاء يغضبون ولا تسعدهم خدماتك, فيصبون عليك وعلى موظفيك جام غضبهم, ولكن تعلم وقم بالرد وصحح المعلومة .. ألا تعتبر أن من صاح وكال الشتائم بشكل مباشر هو الأفضل, لأنك قمت بتصحيح الصورة, وإعداد ما يمكن أن يرضي هؤلاء العملاء وغيرهم ويحقق كسبك لهم, فشتائم العملاء.. موسيقي هادئة!!
3. ضرورة مساعدة الإدارة في أداء دورها مع العملاء على الوجه الصحيح من خلال تقوية إحساسهم بالانتماء للمنشأة, ورفع المنغصات اليومية التي تواجههم في العمل.. وإعطائهم الفرصة والسلطة لإظهار مهاراتهم في التعامل مع العملاء, فلا يود العميل أن يجد الموظف يسأل المدير كلما واجهته مشكلة, بل يتصرف من ذاته.
4. اعلم أن عميلك ينقل كل ما يراه إلى الأصدقاء والأقارب في جلساته الخاصة, وينقل مساوئك إلى كل من يقابله إنتقاماً منك (5000 خدمة جيدة تمسحها خدمة واحدة سيئة).
ولا يسعني إلا أن أقول .. شتائم العملاء وشكاواهم موسيقى هادئة