خـــاتمة المتنبي

    • خـــاتمة المتنبي

      خاتمة حياة المتنبي .

      لم ألخص هذه الحياة المتعبة إلا لأجعل صلة بينها وبين شعر المتنبي الغامض الوجدان فإذا نظرنا في طائفة من شعر المتنبي تبين لنا أن بين حياته الخاصة وبين هذا الشعر كثيرًا من التناسب، فمعظم شعر المتنبي يكاد يكون صورة هذه الحياة التي ملئت بالتعب والقلق والاضطراب. لم تكن الحياة في نظر أبي الطيب حياة هدوء وراحة. فالذين يريدون أن يعيشوا هذه العيشة التي وصفها المتنبي ينبغي لهم أن يهيئوا أنفسهم لكثير من الجهاد. جاهد المتنبي في حياته فزاحم ونازع وطاعن فكانت هذه الحياة المملوءة بالجهاد والمزاحمة والمنازعة والمطاعنة ملء شعره، فهو لم يصف هذا النوع من العيشة إلا بعد أن جربه وقاسى أهواله ولقي منه ما لقي. فالحياة التي يريدها أبو الطيب إنما هي الحياة السالمة من كل راحة ومن كل ضيم، وإذا وازنا بين حياته الخاصة وبين فلسفته في الحياة وجدنا صلة وثيقة بين هذين النوعين. إنه لم يذق الراحة كل عمره. وإنه لم يتحمل الضيم في ظلال سيف الدولة ولا تحمله في ظلال كافور ولا تحمله في ظلال الوزير المهلبي، فالمتنبي يعرض لنا في شعره نمطًا من تعب الحياة وجهدها ثم يضرب لنا مثلاً لهذا النمط. أما هذا المثل فهو حياته الخاصة من مبادئها إلى خواتيمها. علام نخاف الموت فقد يقتل العاجز وهو آمن في سربه؟. والمتنبي لم يخف الموت حتى في الأيام التي تفتر فيها الأعصاب ويميل فيها الإنسان إلى الهدوء. فقد قاتل لما تعرض له بنو ضبة القتال الجديد فلم يجبن ولم يهرب.
      ما أتعب حياة المتنبي!
      إذا كنت ترضى أن تعيش بذلة _________________________ فلا تستعدن الحسام اليمانيا _________________________
      فما ينفع الأسد الحياء من الطوى _________________________ ولا تتقى حتى تكون ضواريا _________________________