من سلسله مهارات التعامل مع ابنائك و بناتك
مؤلف الكتاب:د. محمد فهد الثويني


ما هو العناد؟


كثيرا ما تردد هذه الكلمة على أفواه الأباء و الأمهات و حتى الشباب أنفسهم – "أنت تعاند "؟ ليش تعانديني..؟ أنت ما عند موضوع غير العناد؟ لماذا يعاندني الوالد..؟ الخ، و من الأسئلة تعبر عن مدى امتعاض و ضيق أحد أفراد الأسرة بسبب ظن أحدهم أن الأخر يعانده، و لعل كثيرا من هذه الأسئلة و الظنون ، غير صحيح، و لا تعبر بصورة جيدة عن صدق الموقف فالعناد كما أراه هو عبارة عن : سلوك لفظي أو حركي يعبر عن رغبه الأبناء في تنفيذ طلبات و أوامر الأباء و الأمهات بصورة مباشرة أو غير مباشرة".

و العناد كسلوك يعتبر سلبيا في نظر الوالدين و كذلك الأبناء، خاصة على اصل تفسير أن العناد هو رفض مقصود من قبل الأبناء أو الآباء أو الأمهات ، سواء بصورة واضحة مباشرة أو غير ذلك.

و يصاحب هذا السلوك انفعال سلبي أو غير سار من خلال التوتر الذي ينشأ بسبب الخلاف الناشئ عن هذه الحقائق.

أذن ما هو العناد؟ و كيف يرى الأباء و الأمهات العناد؟ و كيف يرى الأبناء العناد؟ و هل العناد شئ مقبول .. أي هل له جوانب إيجابية أم لا؟.. كثير من الاستفسارات و الأسئلة نحاول أن نجيب عليها أن شاء الله. أما العناد فهو كما بينا من التعريف السابق، سلوك سلبي يقصد به رفض الطلب أو الأمر من قبل أحد أطراف الأسرة ، مع إلحاح أو تكرار الطلب أو الأمر. و بالطبع فان للعناد عده أشكال و أسباب نبينها لاحقا.


و يري الوالدان العناد على انه خروج الأبناء عن سلطتهما و بذلك فهو عقوق و عدم احترام و البعض يرى انه تعمد الإساءة أو بمعنى آخر: انتقام و بناء عليه يرفض و لا يفضل أن يمارس في البيت و لا غيره.

في حين يري الأبناء العناد على انه تعمد ولى الأمر الجبار الأبناء على الاتباع في الأمور التي لا يحبونها أو التي يؤدونها من باب الإرضاء أو طاعة للتسلط، و لذا يرفض و لا يفضل استخدامه و لكي نتمكن من فهم حقيقة العناد و دوره الانفعالي داخل الأسرة لنتجول مع العناوين التالية حتى نصل إلى صيغه إيجابية في التعامل بين الأباء و الأبناء.

يتبع...

أشكال العناد


تتلون أشكال العناد أو التمرد كما يراه بعض أولياء الأمور حين يعبر كل شاب بأسلوبه الخاص عن مدى رفضه لطلب أو أمر والديه و هي كالتالي:

1. مماطلة ثم تنفيذ:

قد يتعمد بعض الأبناء المماطلة أو التأخير في تنفيذ آمر ولى الأمر حتى يقضى هو حاجته أولا إن كان منشغلا أو لعل التأخير يجعل ولى الأمر يغير رأيه أو ينسى أو يطلب من أحد الأبناء الآخرين القيام بدوره فيعفي الابن من التنفيذ، ولكن إن أصر ولى الأمر نفذ الابن بعد ذلك المطلوب منه سواء برضى و قبول أو مع تذمر و امتعاض و النتيجة هنا الأداء و التنفيذ مع شئ من التوتر السلبي عند كلا الطرفين.

و على سبيل المثال فقد بين لنا الله عز و جل مثالا واضحا على المماطلة في قصه البقرة عندما قص علينا خبر موسى مع قومه. و هذه دعوه صريحة من الله عز و جل لكل مربٍ أن يتسع صدره لكي ينال ما يريد، و أن التعامل مع المماطلين المتعمدين هو بالصبر و أقامه الحجة و البرهان و التعامل بهدوء فتكسب الجولة إن شاء الله .

2. المماطلة مع عدم التنفيذ

و قد يعتمد الأبناء كذلك أسلوب المماطلة و التأخير بهدف عدم التنفيذ و غالبا ينجح الأبناء في ذلك خاصة عند التعامل مع أم أو أب من النمط العصبي ( المقاتل) الحركي أو (الحار) كما يسميه الكثير من الناس، فهو يريد أن ينجز العمل بسرعة و لا يحب التأخير، ففي حالة تأخر الابن عن التنفيذ، يقوم هو بالأداء المطلوب بعد أن يسمع ابنه بعض كلمات الامتعاض و عدم الرضي، و الأهم عند الابن أو الابنة انه تملص من تنفيذ الأمر. و اما اذا كان ولي الامر من النمط ( الهادىء) الذى لا يلح فقد ينسي أو يغفل عما يطلبه، و ايضا يفلت الابن من الاداء المطلوب و تنجح محاولة العناد.

3. رفض غير مباشر ثم تنفيذ

ظهر نمط سلوك في الأيام الأخيرة، و هو سرعة الاستجابة السلبية و هو الرفض المباشر من الأبناء و هذا السلوك غريب و ليس من العرف الخليجي قبل أن نخوض في الأخلاق الإسلامية حيث تعودنا أن نبادر إلى تنفيذ الطلبات أو الأوامر احتراما و تقديرا أو خوفا أو برا و أيا كان السبب الظاهر فان سرعة التنفيذ تكون عوضا عن الرفض الصريح.. و هنا نجد أن الأبناء يبادرون بكلمه ( لا) أو ( شوف غيري) أو ( أشمعنى أنا ..؟ ليش مو ناصر.. ليش مو مريم .. إلى آخر ذلك من أشكال الرفض المباشر.

ثم يتبع هذه المحاولات أثناء ولي الأمر عن طلبه، أو إيجاد بديل للتنفيذ أو يقوم الابن أو الابنة بالتنفيذ مع شئ من التذمر الذي يضفي جوا سلبيا أو انفعاليا غير سار كذلك على أفراد الأسرة كلهم.

4. تجاهل و عد تنفيذ

كما يظهر العناد على شكل تجاهل و عدم تنفيذ و هو عندما يتظاهر المأمور بعد الانتباه إلى الأمر المطلوب بالادعاء بأنه لم يسمع أو ينتبه أو انه لم يؤمر و لم يطلب منه شئ فيمضى وقت أداء الطلب و عندما يسأل لماذا لم يؤد المطلوب؟ قد يقول: لم يطلب منى أحد تنفيذ شئ. فيفلت الشاب هنا بأسلوب هادئ و حوار هادئ جدا من التنفيذ هذا الأسلوب قد يشجع الأبناء على الكذب أن تعمد التجاهل أما إذا لم يعر لصوت أمه أو أبيه انتباها فقد كان صوتا عابرا دون وعي للكلمات أو أن الابن لم يسع لكي يفهم ما قال الأب أو الأم فهذا أسلوب هروب رخيص و ناجح لدي الأبناء و يعطى الابن فرصه أن يهرب من تنفيذ الأمر و كذلك أن يفلت من الكذب و ينجو من الحوار الساخن و المتوتر و لكنه لن يفر من عقاب الله عز و جل إن تعمد العقوق.

و غالبا ما يصاحب هذا السلوك انفعال سلبي بسيط و يزول بسرعة لان الخلاف يكون عادة صغيرا.

5. رفض صريح و عدم تنفيذ

و هنا إعلان صريح و إعلام بين من الأبناء بعد الرغبة في طاعة ولي الأمر في الأمر المطلوب سواء مع تبرير بالتعب أو بالانشغال أو بعد الرغبة أو دون إبداء أي سبب أو غير ذلك من المبررات.. أو من دون تبرير أو توضيح. و هنا يعتبر العناد شاحنا سلبيا محزنا و معكرا لجو الأسرة في الاتجاهين على الآباء و الأمهات و كذلك على الأبناء أنفسهم. و لعل هذا النوع من العناد هو اكثر ما يزعج ولي الأمر في يومنا هذا. فهل هذا الأمر جديد ؟ بالطبع لا.. و قد يكون ولي الأمر أو الأب فيه فائدة كبيرة للبن أو الابنة، إلا أن الرفض و العناد و التمرد قد يكون مصير هذه الجولة الحوارية و مثال ذلك الموقف المشهود بين نبي الله نوح عليه السلام و ابنه. و منه نستفيد هذه الرسائل:

· سعي ولى الأمر إلى هداية الأبناء و عدم الانزعاج أو الانسحاب عند عناد الأبناء أو رفضهم
· تكرار المحاولة بصورة مساندة و إيجابية
· التحفيز و الترغيب في الطاعة و الانقياد
· بذل الوسع في الإقناع و محاولة الهداية إلى آخر رمق

و بلا شك فان هذا النوع أو الشكل من أشكال العناد يجعل جو الأسرة مظلما على من ييأس و يترك الحبل على الغارب و يكون انفعالا غير سار أو بلاء يزول مع الوقت بالنسبة لمن تفاءل بهداية الله و كرر المحاولة. و أما انفعال الأبناء فغالبا ما يكون سلبيا و مزعجا و يديم عليهم التوتر و عدم الراحة.


يتبع..

الشكر الجزيل لك اخى الصديق .. و انشالله راح اكمل الموضوع قريبا عن اسباب العناد و علاجه ..

شكرا احلى مسقط على التشجيع .. انا عنيده!!؟؟ اسألى قوس قزح .. و اعتقد شطيط بيطلع مثلى .. مدرى هو العناد وراثه !!!