كتابٌ يتبعه كتاب ، وبدأت النفس تعشقُ القراءة ، سبحان الله ، كيف حوّل هذا الطفل الصغير حياة سمير ، ذلك الأخير كان لا يتقن القراءة يوماً ، ويعكّ في نطق الحروف وفهم معناها ، واليوم نجده متحمساً للقراءة ولديه نَهم المعرفة و طَرْقِ باب المجهول وسبر أغوار الحقيقة ، إلا أنه لا يزال لا يجيد إستقراء ما بين السطور ، ويحتاج لفترةٍ طويلة حتى يستوعب الإشارات الخفية في النصوص وما توحي إليه ، فالرمزية تغرق كتب الأقباط ، وتسجن القارىء في عالم من الأفق البعيد .
أما الجدة زكية فهي بدورها تحكي قصصاً مميزة عن تسامح الأقباط وطيب سرائرهم ، فهي حينما تتكلم تطنب في الحديث كثيراً ، حيث أنها تملك أسلوب سردٍ رائع ، يجعل الجميع منجذباً لها ، وتحملك في عالم من الخيال والإستمتاع ، خبرة السنين في كتاب الحياة المفتوح جعلها أكثر جمالاً وبهاءً ، وللشاي الأحمر طعمٌ مميز حينما يكون من صنع جرجس الطيب الوديع ، أصبح الآن في حكم المؤكد أن سمير أعلن تجانسه وتآلفه مع هذه العائلة ، وأنه يدين لهم بالكثير .
يشهد السجن ميلاد يومٍ جديد ، هو يوم طهرٍ ونقاء ، الجميع يمد يده لا ليسأل الناس حاجةً ، بل ليساهم في دعم المدرسة الخيرية ، حتى أن بعض حراس السجن تعاطفوا مع الأمر وقاموا بجمع التبرعات من الشرطة والضباط ، والحمد لله تم جمع مبلغ كبير من السجناء والجنود ، وهنا يظهر الشيخ أنوار في رفعةٍ وجلال ، ماداً عنقه ، صادحاً في الجميع :
الآن أستطيع أن أقول أن الأية انطبقت علينا ، يردد الأية بكل فرحٍ وغبطةٍ وسرور ( كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس ) ، زادكم الله بسطةً في الرزق وعوضكم الأجر العظيم ، وكتب لكم الفلاح في الدنيا والآخرة ، تأكدوا أخوتي " ما نقص مالٌ من صدقة " ، بل ستتضاعف أضعافاً كثيرة " يمحق الله الربى ويربي الصدقات " ، الله أكبر ، ضج معسكر السجن بالهتاف الله أكبر الله أكبر الله أكبر .
مريم تستعد لزيارة سعيد في السجن ، قلبها اليوم ينبض بضربات متسارعة، سألت الله أن يلطف بها وأن يسهل عليها كل صعب ، وعلى غير العادة لبست أفضل ما عندها وازيّنت ، وحينما وصلت السجن تخيلت حياة السجناء وتقييد الحرية ، سكبت دموعاً من عينها ، بعد قليلٍ حضر إليها سعيد ، تفاجأ من دموعها ، وانبهر من جمالها ، وكأنها ليست سوى عروسٍ تزف في ليلة عرسها ، تجرأ بأن يحادثها بغير اللغة البديهية ، فقد تعطلتْ عنده كل الكلمات والحروف ، وترك المجال للعينين تسبحان في حديثٍ عميق ، قطع هذا الإبحار سؤال مريم عن صحته ، فأجابها بهز الرأس بطيب الحال ، وما هي سوى لحيظات حتى جاء الشيخ أنور حاملاً معه الأموال التي تبرع بها الجميع ، وأخبرها بأن سعيداً تبرع بمزرعته كلها للمدرسة .
ذُهلت مريم وكأنها في دنيا الأحلام ، عركت عيونها ، وعضّت بأهدابها ، وكأنها لم تقتنع بعد بالواقع الذي تعيشه خلال تلك الدقائق ، جَمْجَمَتْ ولم تصرّح ، بأنها اليوم في أتمّ حال ، فالقلب والعقل والجسد في راحةٍ وسعادة ، وأن لهذا اللقاء له ما بعده .
***يتبع***
أما الجدة زكية فهي بدورها تحكي قصصاً مميزة عن تسامح الأقباط وطيب سرائرهم ، فهي حينما تتكلم تطنب في الحديث كثيراً ، حيث أنها تملك أسلوب سردٍ رائع ، يجعل الجميع منجذباً لها ، وتحملك في عالم من الخيال والإستمتاع ، خبرة السنين في كتاب الحياة المفتوح جعلها أكثر جمالاً وبهاءً ، وللشاي الأحمر طعمٌ مميز حينما يكون من صنع جرجس الطيب الوديع ، أصبح الآن في حكم المؤكد أن سمير أعلن تجانسه وتآلفه مع هذه العائلة ، وأنه يدين لهم بالكثير .
يشهد السجن ميلاد يومٍ جديد ، هو يوم طهرٍ ونقاء ، الجميع يمد يده لا ليسأل الناس حاجةً ، بل ليساهم في دعم المدرسة الخيرية ، حتى أن بعض حراس السجن تعاطفوا مع الأمر وقاموا بجمع التبرعات من الشرطة والضباط ، والحمد لله تم جمع مبلغ كبير من السجناء والجنود ، وهنا يظهر الشيخ أنوار في رفعةٍ وجلال ، ماداً عنقه ، صادحاً في الجميع :
الآن أستطيع أن أقول أن الأية انطبقت علينا ، يردد الأية بكل فرحٍ وغبطةٍ وسرور ( كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس ) ، زادكم الله بسطةً في الرزق وعوضكم الأجر العظيم ، وكتب لكم الفلاح في الدنيا والآخرة ، تأكدوا أخوتي " ما نقص مالٌ من صدقة " ، بل ستتضاعف أضعافاً كثيرة " يمحق الله الربى ويربي الصدقات " ، الله أكبر ، ضج معسكر السجن بالهتاف الله أكبر الله أكبر الله أكبر .
مريم تستعد لزيارة سعيد في السجن ، قلبها اليوم ينبض بضربات متسارعة، سألت الله أن يلطف بها وأن يسهل عليها كل صعب ، وعلى غير العادة لبست أفضل ما عندها وازيّنت ، وحينما وصلت السجن تخيلت حياة السجناء وتقييد الحرية ، سكبت دموعاً من عينها ، بعد قليلٍ حضر إليها سعيد ، تفاجأ من دموعها ، وانبهر من جمالها ، وكأنها ليست سوى عروسٍ تزف في ليلة عرسها ، تجرأ بأن يحادثها بغير اللغة البديهية ، فقد تعطلتْ عنده كل الكلمات والحروف ، وترك المجال للعينين تسبحان في حديثٍ عميق ، قطع هذا الإبحار سؤال مريم عن صحته ، فأجابها بهز الرأس بطيب الحال ، وما هي سوى لحيظات حتى جاء الشيخ أنور حاملاً معه الأموال التي تبرع بها الجميع ، وأخبرها بأن سعيداً تبرع بمزرعته كلها للمدرسة .
ذُهلت مريم وكأنها في دنيا الأحلام ، عركت عيونها ، وعضّت بأهدابها ، وكأنها لم تقتنع بعد بالواقع الذي تعيشه خلال تلك الدقائق ، جَمْجَمَتْ ولم تصرّح ، بأنها اليوم في أتمّ حال ، فالقلب والعقل والجسد في راحةٍ وسعادة ، وأن لهذا اللقاء له ما بعده .
***يتبع***