لافتات أحمد مطر 0000

    • لافتات أحمد مطر 0000

      لنبدأ


      الفرد في بلادنا
      مواطن.. أو سلطان.
      ليس لدينا إنسان!



      ثارات


      قطفوا الزهرة..
      قالت:
      من ورائي برعم سوف يثور.
      قطعوا البرعم..
      قالت:
      غيره ينبض في رحم الجذور.
      قلعوا الجذر من التربة..
      قالت:
      إنني من أجل هذا اليوم
      خبأت البذور.
      كامن ثأري بأعماق الثرى
      وغداً سوف يرى كل الورى
      كيف تأتي صرخة الميلاد
      من صمت القبور.
      تبرد الشمس..
      ولا تبرد ثارات الزهور!



      الفتنة اللقيطة


      إثنان لا سواكما، والأرض ملك لكما
      لو سار كل منكما بخطوه الطويل
      لما التقت خطاكما إلا خلال جيل.
      فكيف ضاقت بكما فكنتما القاتل والقتيل؟
      قابيل.. يا قابيل
      لو لم يجئْ ذكركما في محكم التنزيل
      لقلت: مستحيل!
      من زرع الفتنة ما بينكما..
      ولم تكن في الأرض إسرائيل؟!
    • خلود


      قال الدليل في حذر:
      إنظر.. وخذ منه العبر.
      إنظر.. فهذا أسد
      له ملامح البشر.
      قد قُدَّ من أقسى حجر.
      أضخم ألف مرة منك
      وحبل صبره
      أطول من حبل الدهر.
      لكنه لم يُعتبر.
      كان يدس أنفه في كل شيء
      فانكسر.
      هل أنت أقوى يا مطر؟!
      **
      كان (أبو الهول) أمامي
      أثراً منتصبا.
      سألت:
      هل ظل لمن كسّر أنفه.. أثر؟!



      كيف تأتينا النظافة؟


      العِرافَة
      جثة مشلولة تطوي المسافة
      بين سجن وقرافة.
      والحصافة
      غفوة ما بين كأس ولفافة!
      والصحافة
      خرق ما بين أفخاذ الخلافة.
      والرهافة
      خلطة من أصدق الكذب
      ومن أفضل أنواع السخافة.
      والمذيعون.. خراف
      والإذاعات.. خرافة.
      وعقول المستنيرين
      صناديق صرافة!
      كيف تأتينا النظافة؟!
      **
      غضِب الله علينا
      ودهتنا ألف آفة
      منذ أبدلنا المراحيض لدينا
      بوزارات الثقافة!
    • الخلاصة


      أنا لا أدعو
      إلى غير السراط المستقيم…
      أنا لا أهجو
      سوى كل عُتلٍ و زنيم…
      و أنا أرفض أن
      تصبح أرض الله غابة
      و أرى فيها العصابة
      تتمطى وسط جنات النعيم
      و ضعاف الخلق في قعر الجحيم…
      هكذا أبدع فنّي
      غير أني
      كلما أطلقت حرفاً
      أطلق الوالي كلابه
      آه لو لم يحفظ الله كتابه
      لتولته الرقابة
      و محت كلّ كلامٍ
      يغضب الوالي الرجيم…
      و لأمسى مجمل الذكر الحكيم…
      خمسُ كلماتٍ
      كما يسمح قانون الكتابة
      هي:
      (قرآن كريم..
      صدق الله العظيم)



      الحل


      أنا لو كنت رئيساً عربيا
      لحللت المشكلة…
      و أرحت الشعب مما أثقله…
      أنا لو كنت رئيساً
      لدعوت الرؤساء…
      و لألقيت خطاباً موجزاً
      عما يعاني شعبنا منه
      و عن سر العناء…
      و لقاطعت جميع الأسئلة…
      و قرأت البسملة…
      و عليهم و على نفسي قذفت القنبلة…
    • الرجل المناسب


      باسم والينا المبجّل…
      قرروا شنق الذي اغتال أخي
      لكنه كان قصيراً
      فمضى الجلاد يسأل…:
      رأسه لا يصل الحبل
      فماذا سوف أفعل ؟…
      بعد تفكير عميق
      أمر الوالي بشنقي بدلاً منه
      لأني كنت أطول…



      حالات


      بالتمادي…
      يصبح اللصّ بأوربا
      مديراً للنوادي…
      و بأمريكا…
      زعيماً للعصابات و أوكار الفسادِ…
      و بأوطاني التي
      من شرعها قطع الأيادي…
      يصبح اللصّ
      رئيساً للبلاد…



      المتهم


      كنت أمشي في سلام…
      عازفاً عن كل ما يخدش
      إحساس النظام
      لا أصيخ السمع
      لا أنظر
      لا أبلع ريقي…
      لا أروم الكشف عن حزني…
      و عن شدة ضيقي…
      لا أميط الجفن عن دمعي.
      و لا أرمي قناع الابتسام
      كنت أمشي… و السلام
      فإذا بالجند قد سدوا طريقي…
      ثم قادوني إلى الحبس
      و كان الاتهام…:
      أنّ شخصاً مر بالقصر
      و قد سبّ الظلام
      قبل عام…
      ثم بعد البحث و الفحص الدقيق…
      علم الجند بأن الشخص هذا
      كان قد سلم في يومٍ
      على جار صديقي…
    • عباس


      عباس وراء المتراس،
      يقظ منتبه حساس،
      منذ سنين الفتح يلمع سيفه،
      ويلمع شاربه أيضا، منتظرا محتضنا دفه،
      بلع السارق ضفة،
      قلب عباس القرطاس،
      ضرب الأخماس بأسداس،
      (بقيت ضفة)
      لملم عباس ذخيرته والمتراس،
      ومضى يصقل سيفه،
      عبر اللص إليه، وحل ببيته،
      (أصبح ضيفه)
      قدم عباس له القهوة، ومضى يصقل سيفه؛
      صرخت زوجة عباس" :أبناؤك قتلى، عباس،
      ضيفك راودني، عباس،
      قم أنقذني يا عباس"،
      عباس - اليقظ الحساس - منتبه لم يسمع شيئا،
      (زوجته تغتاب الناس)
      صرخت زوجته " :عباس، الضيف سيسرق نعجتنا"،
      قلب عباس القرطاس، ضرب الأخماس بأسداس،
      أرسل برقية تهديد،
      فلمن تصقل سيفك يا عباس؟
      (لوقت الشدة)
      .إذن، اصقل سيفك يا عباس!!



      أبا العوائد


      قرأت في الجرائد
      أن أبا العوائد
      يبحث عن قريحة تنبح بالإيجار،
      تخرج ألفي أسد من ثقب أنف الفار،
      وتحصد الثلج من المواقد،
      ضحكت من غبائه،
      لكنني قبل اكتمال ضحكتي،
      رأيت حول قصره قوافل التجار،
      تنثر فوق نعله القصائد،
      لا تعجبوا إذا أنا وقفت في اليسار،
      وحدي، فرب واحد
      تكثر عن يمينه قوافل،
      ليست سوى أصفار.
    • الأبكم


      أيها الناس اتقوا نار جهنم،
      لا تسيئوا الظن بالوالي،
      فسوء الظن في الشرع محرم،
      أيها الناس أنا في كل أحوالي سعيد ومنعم،
      ليس لي في الدرب سفاح، ولا في البيت مأتم،
      ودمي غير مباح، وفمي غير مكمم،
      فإذا لم أتكلم
      لا تشيعوا أن للوالي يداً في حبس صوتي،
      بل أنا يا ناس أبكم؛
      .قلت ما أعلمه عن حالتي، والله أعلم!!



      عبد الذات


      بنينا من ضحايا أمسنا جسرا،
      وقدمنا ضحايا يومنا نذرا،
      لنلقى في غد نصرا،
      ويممنا إلى المسرى،
      وكدنا نبلغ المسرى،
      ولكن قام عبد الذات يدعو قائلا: "صبرا"،
      فألقينا بباب الصبر قتلانا،
      وقلنا إنه أدرى،
      وبعد الصبر ألفينا العدى قد حطموا الجسرا،
      فقمنا نطلب الثأرا،
      ولكن قام عبد الذات يدعو قائلا: "صبرا"،
      فألقينا بباب الصبر آلافا من القتلى،
      وآلافا من الجرحى،
      وآلافا من الأسرى،
      وهدّ الحمل رحم الصبر حتى لم يطق صبرا،
      فأنجب صبرنا صبرا،
      وعبد الذات لم يرجع لنا من أرضنا شبرا،
      ولم يضمن لقتلانا بها قبرا،
      ولم يلق العدا في البحر، بل ألقى دمانا وامتطى البحرا،
      فسبحان الذي أسرى بعبد الذات من صبرا إلى مصرا،
      .وما أسرى به للضفة الأخرى



      حلم


      وقفت ما بين يدي مفسر الأحلام،
      قلت له: "يا سيدي رأيت في المنام،
      أني أعيش كالبشر،
      وأن من حولي بشر،
      وأن صوتي بفمي، وفي يدي الطعام،
      وأنني أمشي ولا يتبع من خلفي أثر"،
      فصاح بي مرتعدا: "يا ولدي حرام،
      لقد هزئت بالقدر،
      يا ولدي، نم عندما تنام"؛
      وقبل أن أتركه تسللت من أذني أصابع النظام،
      واهتز رأسي وانفجر!
    • عائدون


      هرم الناس وكانوا يرضعون،
      عندما قال المغني عائدون،
      يا فلسطين وما زال المغني يتغنى،
      وملايين اللحون،
      في فضاء الجرح تفنى،
      واليتامى من يتامى يولدون،
      يا فلسطين وأرباب النضال المدمنون،
      ساءهم ما يشهدون،
      فمضوا يستنكرون،
      ويخوضون النضالات على هز القناني
      وعلى هز البطون،
      عائدون،
      ولقد عاد الأسى للمرة الألف،
      فلا عدنا ولاهم يحزنون!



      على باب الشعر


      حين وقفت بباب الشعر،
      فتش أحلامي الحراس،
      أمروني أن أخلع رأسي،
      وأريق بقايا الإحساس،
      ثم دعوني أن أكتب شعرا للناس،
      فخلعت نعالي بالباب وقلت خلعت الأخطر يا حراس،
      هذا النعل يدوس ولكن هذا الرأس يداس!



      اللاعبان


      على رقعة تحتويها يدان،
      تسير إلى الحرب تلك البيادق،
      فيالق تتلو فيالق،
      بلا دافع تشتبك،
      تكر، تفر، وتعدوا المنايا على عدوها المرتبك،
      وتهوي القلاع، ويعلو صهيل الحصان،
      ويسقط رأس الوزير المنافق،
      وفي آخر الأمر ينهار عرش الملك،
      وبين الأسى والضحك،
      يموت الشجاع بذنب الجبان،
      وتطوي يدا اللاعبين المكان،
      أقول لجدي: "لماذا تموت البيادق"؟
      يقول: "لينجو المك"،
      أقول: "لماذا إذن لا يموت الملك،
      لحقن الدم المنسفك"؟
      يقول: "إذا مات في البدء، لا يلعب اللاعبان!"
    • أمير المخبرين


      تهت عن بيت صديقي، فسألت العابرين،
      قيل لي امش يسارا، سترى خلفك بعض المخبرين،
      حد لدى أولهم، سوف تلاقي مخبرا يعمل في نصب كمين،
      اتجه للمخبر البادي، أمام المخبر الكامن،
      واحسب سبعة، ثم توقف،
      تجد البيت وراء المخبر الثامن في أقصى اليمين؛
      سلم الله أمير المخبرين،
      فلقد أتخم بالأمن بلاد المسلمين،
      أيها الناس اطمئنوا، هذه أبوابكم محروسة في كل حين،
      فادخلوها بسلام آمنين!



      انتفاضة


      خل الخطاب لمدفع هدار
      واحرق طروس النثر والأشعار
      وانهض فأصفاد الأسار لساكن
      ومسرة التيسير للسيار
      كم عازف عن جدول متوقف
      ومتابع ميل السراب الجاري
      لولا اصطراع الأرض ما قامت على
      يم الدجن سوابح الأقمار
      وقوافل الغيث الضحوك شحيحة
      وكتائب الغيم الكظيم جواري
      فاقطع وثاق الصمت واستبق الخطى
      كالطارئات لحومة المضمار
      أنت القوي فقد حملت عقيدة
      أما سواك فحاملو أسفار
      يتعلقون بهذه الدنيا وقد
      طبعت على الإيراد والإصدار
      دنيا وباعوا دونها العليا
      فبئس المشتري، ولبئس بيع الشاري
      ويؤملون بها الثبات فبئسما
      قد أملوا في كوكب دوار
      أنت القوي فقل لهم لن أنثني
      عما نويت وشافعي إصراري
      لن أنثني فإذا قتلت فإنني
      حي لدى ربي مع الأبرار
      وإذا سجنت فإنما تتطهر
      الزنزانة السوداء في أفكاري
      وذا نفيت عن الديار فأينما
      يمضي البريء فثم وجه الباري
      وإذا ابتغيتم رد صوتي بالذي
      مارد عن قارون قرن النار
      فكأنما تتصيدون ذبابة
      في لجة محمومة التيار
      إغرائكم قدر الغرير، وغيرتي
      قدر بكف مقدر الأقدار
      شتان بين ظلامكم ونهاري
      شتان بين الدين والدينار.
    • أصنام البشر


      يا قدس معذرة ومثلي ليس يعتذر،
      مالي يد في ما جرى فالأمر ما أمروا،
      وأنا ضعيف ليس لي أثر،
      عار علي السمع والبصر،
      وأنا بسيف الحرف أنتحر،
      وأنا اللهيب وقادتي المطر،
      فمتى سأستعر؟
      لو أن أرباب الحمى حجر،
      لحملت فأسا فوقها القدر،
      هوجاء لا تبقي ولا تذر؛
      لكنما أصنامنا بشر،
      الغدر منهم خائف حذر،
      والمكر يشكو الضعف إن مكروا؛
      فالحرب أغنية يجن بلحنها الوتر،
      والسلم مختصر،
      ساق على ساق، وأقداح يعرش فوقها الخدر،
      وموائد من حولها بقر،
      ويكون مؤتمر؛
      هزي إليك بجذع مؤتمر يساقط حولك الهذر،
      عاش اللهيب ويسقط المطر!



      عصر العصر والسحق


      أكاد لشدة القهر،
      أظن القهر في أوطاننا يشكو من القهر،
      ولي عذري،
      فإني أتقي خيري لكي أنجو من الشر،
      فأخفي وجه إيماني بأقنعة من الكفر،
      لأن الكفر في أوطاننا لا يورث الإعدام كالفكر،
      فأنكر خالق الناس،
      ليأمن خانق الناس،
      ولا يرتاب في أمري،
      وأحيي ميت إحساسي بأقداح من الخمر،
      فألعن كل دساس، ووسواس، وخناس،
      ولا أخشى على نحري من النحر،
      لأن الذنب مغتفر وأنت بحالة السكر،
      ومن حذري،
      أمارس دائما حرية التعبير في سري،
      وأخشى أن يبوح السر بالسر،
      أشك بحر أنفاسي،
      فلا أدنيه من ثغري،
      أشك بصمت كراسي،
      أشك بنقطة الحبر،
      وكل مساحة بيضاء بين السطر والسطر،
      ولست أعد مجنونا بعصر السحق والعصر،
      إذا أصبحت في يوم أشك بأنني غيري،
      وأني هارب مني،
      وأني أقتفي أثري ولا أدري؛
      إذا ما عدت الأعمار بالنعمى وباليسر،
      فعمري ليس من عمري،
      لأني شاعر حر،
      وفي أوطاننا يمتد عمر الشاعر الحر،
      إلى أقصاه: بين الرحم والقبر!
    • عزف على القانون


      يشتمني ويدعي أن سكوتي معلن عن ضعفه،
      يلطمني ويدعي أن فمي قام بلطم كفه،
      يطعنني ويدعي أن دمي لوث حد سيفه،
      فأخرج القانون من متحفه،
      وأمسح الغبار عن جبينه،
      أطلب بعض عطفه،
      لكنه يهرب نحو قاتلي وينحني في صفه،
      يقول حبري ودمي: "لا تندهش،
      من يملك القانون في أوطاننا،هو الذي يملك حق عزفه!"



      بيت وعشرون راية


      أسرتنا بالغة الكرم،
      تحت ثراها غنم حلوبة، وفوقه غنم،
      تأكل من أثدائها وتشرب الألم،
      لكي تفوز بالرضى من عمنا صنم،
      أسرتنا فريدة القيم،
      وجودها عدم،
      جحورها قمم،
      لا آتها نعم،
      والكل فيها سادة لكنهم خدم،
      أسرنا مؤمنة تطيل من ركوعها،
      تطيل من سجودها،
      وتطلب النصر على عدوها من هيئة الأمم،
      أسرتنا واحدة تجمعها أصالة، ولهجة، ودم،
      وبيتنا عشرون غرفة به،
      لكن كل غرفة من فوقها علم،
      يقول إن دخلت في غرفتنا فأنت متهم،
      أسرتنا كبيرة، وليس من عافية أن يكبر الورم!



      جاهلية


      في زمان الجاهلية
      كانت الأصنام من تمر،
      وإن جاع العباد،
      فلهم من جثة المعبود زاد؛
      وبعصر المدنية،
      صارت الأصنام تأتينا من الغرب
      ولكن بثياب عربية،
      تعبد الله على حرف، وتدعو للجهاد
      وتسب الوثنية،
      وإذا ما استفحلت، تأكل خيرات البلاد،
      وتحلي بالعباد؛
      رحم الله زمان الجاهلية!