كنت على يقين كامل بأن ما تتداوله الألسنة هنا في هذه المنطقة الصحراوية النائية والمحاطة بالجبال ليست إلا مجرد خزعبلات من خلق خيال الأجيال القديمة للبدو تها اللاحقون كل يلقنها لمن يليه بعد تحريف يلائم ظروف عصره.
وسرعان ما نفضت تلك الحكايات من رأسي مركزاً اهتمامي على ما حضرت من أجله وهو دراسة سرعة الرياح واتجاهاتها في المنطقة صيفاً وشتاءً، وتأثير ذلك على طرز البناء القديمة، ثم مدة استفادة المعماريين المعاصرين من هذه التصميمات في الوقت الراهن.
كنت قد سجلت ملاحظاتي خلال جولتي بالمناطق الداخلية التي مازالت أغلب بيوتها تحتفظ بالطابع القديم، وكلها تتكون من طابقين لا يحوي الأول أية فتحات تهوية أو منافذ، أما الطابق العلوي فيحتوي على مجموعة من النوافذ اكتشفت أنها تواجه الجهة التي منها تأتي الرياح الجنوبية الغربية القادمة من البحر البعيد خاصة في فصل الصيف حيث يكون الطقس شديد الحرارة مع نسبة رطوبة عالية. وهو ما لاحظته أيضاً أثناء زيارتي لذلك الحصن الضخم الواقع على أطراف المنطقة، فرغم إضافة الأسوار والمخابئ السرية والأبراج فإن عامل المناخ كان حاسماً في التقيد بالتصميم ذاته.
قررت أن تكون زيارتي " لكهف الفراشات" في نهاية جولتي بالمنطقة رغم إصرار "الصلت" – وهو أحد البدو الذي أوكل إليه مرافقتي خلال الجولة – وإلحاحه المستمر. وأمام تصاعد هذا الإلحاح تباعاً فإنني رخصت أخيراً لرغبته. والواقع أنه لم يهدأ إلا وأنا في صحبته خارجين.
كان الكهف مستقراً في بطن أضخم جبال المنطقة على ارتفاع نحو عشرة أمتار من سطح الأرض. رحت أصيخ السمع مندهشاً لما تصورت أنه ألحان موسيقية عشوائية خافتة ارتفعت تدريجياً بمدى اقترابنا من الكوة الضيقة التي تفتح الطريق للكهف المتسع، ووصلت ذروتها وأنا أقف في عمق الكهف أجيل بصري في جدرانه، وأرقب النتوءات والزوائد الحجرية في سقفه محاولا اكتشاف أية منافذ سرية يحتمل أن تنطلق منها هذه الألحان أو تكشف عن وجود مكان لجوقة العازفين المهرة الذين ملأوا المكان بسحر موسيقاهم. وأختلس النظر إلى "الصلت" فأحد يبتسم ابتسامة ماكرة وهو يجيل بصره في أنحاء المكان بدوره.
وللحديث بقية:)
وسرعان ما نفضت تلك الحكايات من رأسي مركزاً اهتمامي على ما حضرت من أجله وهو دراسة سرعة الرياح واتجاهاتها في المنطقة صيفاً وشتاءً، وتأثير ذلك على طرز البناء القديمة، ثم مدة استفادة المعماريين المعاصرين من هذه التصميمات في الوقت الراهن.
كنت قد سجلت ملاحظاتي خلال جولتي بالمناطق الداخلية التي مازالت أغلب بيوتها تحتفظ بالطابع القديم، وكلها تتكون من طابقين لا يحوي الأول أية فتحات تهوية أو منافذ، أما الطابق العلوي فيحتوي على مجموعة من النوافذ اكتشفت أنها تواجه الجهة التي منها تأتي الرياح الجنوبية الغربية القادمة من البحر البعيد خاصة في فصل الصيف حيث يكون الطقس شديد الحرارة مع نسبة رطوبة عالية. وهو ما لاحظته أيضاً أثناء زيارتي لذلك الحصن الضخم الواقع على أطراف المنطقة، فرغم إضافة الأسوار والمخابئ السرية والأبراج فإن عامل المناخ كان حاسماً في التقيد بالتصميم ذاته.
قررت أن تكون زيارتي " لكهف الفراشات" في نهاية جولتي بالمنطقة رغم إصرار "الصلت" – وهو أحد البدو الذي أوكل إليه مرافقتي خلال الجولة – وإلحاحه المستمر. وأمام تصاعد هذا الإلحاح تباعاً فإنني رخصت أخيراً لرغبته. والواقع أنه لم يهدأ إلا وأنا في صحبته خارجين.
كان الكهف مستقراً في بطن أضخم جبال المنطقة على ارتفاع نحو عشرة أمتار من سطح الأرض. رحت أصيخ السمع مندهشاً لما تصورت أنه ألحان موسيقية عشوائية خافتة ارتفعت تدريجياً بمدى اقترابنا من الكوة الضيقة التي تفتح الطريق للكهف المتسع، ووصلت ذروتها وأنا أقف في عمق الكهف أجيل بصري في جدرانه، وأرقب النتوءات والزوائد الحجرية في سقفه محاولا اكتشاف أية منافذ سرية يحتمل أن تنطلق منها هذه الألحان أو تكشف عن وجود مكان لجوقة العازفين المهرة الذين ملأوا المكان بسحر موسيقاهم. وأختلس النظر إلى "الصلت" فأحد يبتسم ابتسامة ماكرة وهو يجيل بصره في أنحاء المكان بدوره.
وللحديث بقية:)