وهل للقلب ان يعود..........؟

    • وهل للقلب ان يعود..........؟

      وهل للقلب ان يعود..........؟
      وهل للقلب ان يعود هذا عنوان موضوعى تساؤلات نسألها
      هل للقلب ان يتوب............؟
      هل للقلب ان يرجع عن المعصية...........؟
      هل للقلب ان يعود عن إغضاب الله.........؟
      هل وهل وهل و..........؟
      هل لأسلتى إجابة.......؟
      نعم، نعم توجد إجابة لتساؤلاتى

      يمكن للقلب ان يعود إذا كان الإنسان الذى يملكه له الحنين الى الله الى محمد عليه أفضل الصلاة وأفضل السلام

      هذه قصص من حن قلبهم الى الله ورسوله

      فهيا نقرأها لكى نستفيد منها


      -*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-

      توبة الفنان محمود الجندي


      لم تعد لحظات الصدق والعودة إلى الله تقتصر على الفنانات فحسب، بل طالت عددا من الفنانين، ولعل محمود الجندي أحد هؤلاء الذين مروا بتجربة عميقة الأثر، جديرة بالاهتمام والرصد، انتقل خلالها من مرحلة الشك إلى الإيمان، ومن قراءة كتب التشكيك والفكر العلماني إلى قراءة كتب اليقين والفكر الإسلامي، ومن الفن كعبث ولهو ومجون وبحث عن المال والشهرة والنجومية إلى الفن كرسالة لها أهداف في غرس القيم والمبادئ والدعوة إلى الفضيلة. وكان الجندي قد عرف- بمقاييس أهل الفن- بأنه فنان متألق ومثقف، وصاحب شخصية مبدعة ومحبوبة من الجميع، استطاع إثبات ذاته لعشقه العمل بالتمثيل، وقدرته على تقمص مختلف الأدوار الفنية.. هذه الشخصية كيف هاجرت إلى الله تعالى؟!

      مرحلة تخبط وتساؤلات

      يقول الجندي: عملت طويلا من أجل إثبات الذات وتحصيل المال والشهرة والنجومية، وأصبحت أحظى بشبكة علاقات واسعة، أهلتني لكي أكون محبوبا من الجميع، لكنني رغم نجاحاتي الكثيرة كنت أشعر أن شيئا ما ينقصني، فعشت مرحلة طويلة من التخبط وبدأت بعض التساؤلات تخالجني وتلح علي: ماذا لو عبدت الله حق العبادة؟ هل سأكون متخلفا ورجعيا كما يرى البعض؟ وبعد فترة طويلة من التفكير والبحث والقراءة توصلت إلى أن الإنسان لابد أن يكون صاحب قضية، وليس هناك أهم من قضية الإيمان، وإن لم يكن الإنسان مؤمنا، فسيكون في زمرة الهالكين في الدنيا والآخرة، لقد اهتديت إلى هذه القناعات بعد أن مررت ببعض المحطات القاسية.

      أما هذه المحطات التي قادته إلى حقيقة الإيمان- كما يستعرضها الجندي- فأولها وفاة صديقه الفنان مصطفى متولي فجأة دون سابق إنذار، إذ يقول: كنت مع صديقي مصطفى قبل الوفاة بنصف ساعة في إحدى سهراتنا المعتادة، نتحدث فيها عن الدنيا ومباهجها والأدوار الفنية، ونصنع ما يحلو لنا، ثم استأذن مصطفى، على وعد بأن يعود بعد نصف ساعة ولم يكن به مرض، إلا أنه لم يعد.

      وفي صباح اليوم التالي تلقيت اتصالا هاتفيا يحمل نبأ وفاته، فأصبت بالهلع والذعر الشديدين، وعندئذ أدركت أن الموت حقيقة لا يمكن إنكارها وأخذت أراجع نفسي وأتساءل: إلى متى سأظل هكذا من دون أن أدرك أن الموت هو المصير المحتوم؟ ومن دون أن أعمل للآخرة؟

      حادث الحريق

      ويروي الجندي المحطة الثانية قائلا: ذات يوم شعرت بانقباض في القلب، وعلى إثر ذلك ذهبت إلى الطبيب وحين سألني ماذا بك؟! أجبته: أشعر أنني سأموت، فأجرى الفحوصات الطبية اللازمة، إلا أن النتيجة جاءت بأنني سليم، وقال الطبيب: يبدو أنك موهوم، غير أن هذا الشعور لم يغادرني حتى بعد أن طمأنني الطبيب.

      والمثير للدهشة أن زوجتي حدثتني في تلك الليلة عن ضرورة شراء مقبرة، فتعجبت وقلت: هذا الموضع لم يخطر على بالي من قبل، ولم أفكر فيه، وعندما أموت فسأدفن في بلدتي وانتهى الحوار بيننا، وخلدت إلى النوم، وإذا بي أستيقظ فأجد الفيلا معبأة بالدخان الكثيف والنيران مستعرة في كل أرجائها، وكانت زوجتي في ذلك الوقت تعاني ضيقا في التنفس، فلم تتحمل الدخان ولقيت ربها بمجرد وصولها إلى المستشفى ولحقت بها إحدى بناتي، هنا أدركت ضرورة الرجوع إلى الحق، ومما عزز هذا الموقف أن النار حين اندلعت في المكتبة أتت على كتب التشكيك فقط أي كتب الفكر العلماني والماركسي التي كنت أعشق قراءتها، وفي هذا الظرف العصيب وإبان المصاب الفادح وقفت مع نفسي وأخذت أردد "يا رب خفف " ولم أعترض على قضاء الله وقدره.

      العمرة.. والشعور الكهرومغناطيسي!

      ثم تأتي المحطة الثالثة حين نصحه البعض بضرورة أداء العمرة، لكنني- كما يقول محمود- كنت أتساءل: ما معنى أن أزور مكانا ما وأطوف حول الحجارة؟! لكن شاء الله وذهبت لأداء العمرة، وفي طريقي إلى مكة المكرمة زرت المدينة أولا، وفي أول ليلة بهذه البقاع المقدسة فتحت المصحف لكي أقرأ بعض الآيات من أي موضع، وإذا بعيني تقع على الآية الكريمة {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155]، وفي الصفحة ذاتها{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158]، وبعد أن قرأت هذه الآيات أيقنت أنها رسالة قوية جدا، فالآية الأولى تطالبني بالصبر على ما حدث، والثانية تجيب عن التساؤلات التي جالت في خاطري، وهنا قلت في نفسي: إذا كان الإنسان مؤمنا بكتاب الله فعليه أن يؤمن به جملة وتفصيلا، وأن يطبق جميع ما ورد في محتواه، وعلى رأس ذلك الإيمان بالغيب، والإيمان بأن العقل لا يمكن أن يدرك ما وراء الحجب.

      وحينما ذهبت إلى الكعبة شعرت بحالة أشبه بالكهرومغناطيسية وهنا أسلمت نفسي إلى الله، وأدركت بحسابات القلب أن هناك عبادات لابد من التسليم بها، ومنذ تلك الرحلة المباركة أصبحت أحن بين الحين والآخر إلى أدائها.

      كتب التشكيك والبديل

      وبعد أن احترقت الكتب العلمانية والماركسية استبدلت بها الكتب الإسلامية وأقبلت على قراءتها بنهم وشغف شديدين، وإدراكي أن الإسلام هو الحق دعاني إلى الحرص على الفهم وفرز الصواب من الخطأ والتعمق في الإسلام، لكي أعيش حياتي وفق تعاليمه وأدبياته، يضاف إلى ذلك أنني لا أريد أن تكون كلمة مسلم التي أنتسب إليها مجرد معلومة لاستكمال بيانات البطاقة التي أحملها، ومن بين الكتب التي أدمنت قراءتها سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وكتب التاريخ الإسلامي، ولقد عرفت من خلال القراءة أن الإسلام بنى حضارة عظيمة استفادت منها البشرية جمعاء.

      ويستطرد قائلا: لقد نشأت في أسرة تعرف حدود الله وتحافظ على تعاليم الإسلام، حيث كان والدي يصطحبني وإخوتي إلى المسجد، وأحد أشقائي يدعى جمال- وهو يصغرني في السن، وكنت قد حببته في القراءة- سلك طريق الالتزام والتدين، بينما اخترت خطا آخر لا سيما حين انتقلت من بلدتي "أبو حمص " "بالقرب من الإسكندرية" إلى القاهرة، وبعد أن أنعم الله علي بالهداية علمت أن شقيقي جمال قد أمضى سنة كاملة يدعو لي بالهداية أثناء الصلاة، ولذلك فهو قدوتي الذي ألجأ إليه في كل قضايا الدين، ومن الشخصيات المؤثرة في حياتي الفنان حسن يوسف الذي كان أول من واساني ووقف بجواري بعد حادثة الحريق، ولا يمكن أن أنسى مؤازرته لي حينما قال عليك ب "لا حول ولا قوة إلا بالله " و{إنا لله وإنا إليه راجعون} [البقرة: 156].

      سعادة وسعادة

      ويرى محمود الجندي أن السعادة لا يمكن أن تكتمل إلا إذا كان المرء يحظى برضا الله عز وجل، فالسعادة التي يراها البعض في السكن والزوجة الجميلة وتحصيل الأموال وتعاطي المخدرات، ومصادقة النساء هي سعادة مؤقتة يعقبها ندم وشعور التعاسة، فما أجمل أن تكون السعادة حينما يكون الإنسان في استطاعته أن يرتكب منكرا، لكنه يأبى ذلك خوفا من الله، فتلك هي السعادة الأبدية والمتعة الحقيقية واللذة التي لا تدانيها لذة.

      وعن رأيه في الفن يقول: الفن في الماضي كان مجرد مهنة، الهدف منها تحصيل الأموال وصناعة اسم كبير، ورفع سعر الأدوار التي أقوم بها، والقيام بكل الأدوار حتى لو خالفت الشرع، لكن الفن الآن أصبح رسالة، ومن خلاله يمكن تقديم الموعظة الحسنة والحث على الفضيلة وذم الرذيلة، والبعد عن إثارة الشهوات والغرائز، كما أنني وقفت مع نفسي كثيرا وتساءلت: هل الفن حلال أو حرام؟ وكدت أعتزل لكنني توصلت إلى أن الفن يمكن أن يسهم في تثبيت قيم الناس وتعاليم الإسلام، ولو اعتزلت فلن يبقى في الميدان إلا هؤلاء الذين يلعبون على وتر إثارة الغرائز، كما أعتبر نفسي سفيرا للإسلام في الوسط الفني، فكثيرا ما أدير حوارات مع أهل الفن.

      أما حقيقة وتداعيات الزي الذي يرتديه وهو عبارة عن جلباب وعمامة فيقول الجندي: الإسلام لم يحدد زيا معينا، أما كوني أرتدي هذا الزي فلأنني مازلت ضعيفا، وأخشى أن أضعف أمام الإغراءات المحيطة، وهذا الذي يشكل حائط صد أمام ارتياد أماكن اللهو والعبث، فإذا سولت لي نفسي العودة إلى الماضي يكون هذا الزي حائلا دون تحقيق رغبتها؛ لأنه من غير المعقول كما أنه ليس من المألوف أن أرتاد النوادي الليلية بهذا الزي، غير أنني أذهب إلى أماكن العمل وأستبدل به الملابس الأخرى التي تتناسب وأدواري الفنية.

      لحظات الضعف

      وحول لحظات الضعف التي تعرض لها بعد أن سلك طريق الالتزام يقول: أتعرض للحظات ضعف كثيرة، لكن الله أعطاني السلاح الذي أقاومها به، وهو الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والحقيقة أن النفس تحتاج إلى جهاد كبيرة، فأحيانا تذكرني بأشياء سيئة مضت.

      كما أن بعض أصدقائي حينما يشاركون في اللقاءات الصاخبة والماجنة بالعودة إلى الماضي لكنني سرعان ما أغلق التليفون ثم أشغل إذاعة القرآن الكريم، وأتصل بهم لكي يستمعوا إلى القرآن الكريم. والعجب أن بعض أصدقائي كانوا يوافقونني في كل شيء ويعتبرون رأي سديدا ويستنصحونني دائما، وعندما التزمت أخذوا ينظرون إلى على أنني غير مكتمل الأهلية، وهذا يؤكد أن الانتقال من مرحلة إلى أخرى أمر صعب ويحتاج إلى صبر ومجاهدة.

      واختتم كلامه قائلا: رغم قلة الأدوار التي أقوم بها، إلا أن رزقي قد زاد، فقديما كنت أنفق الأموال على ارتكاب المحرمات وأفاجأ بأنه لم يتبق معي شيء، أما الآن فأصبحت أضع المال في موضعه ولا أنفقه إلا في الحلال وبالتالي فهو يزيد على حاجتي رغم انخفاض دخلي وترا جع أدواري.

      *******************************************************************


      توبة فتاة عن التهاون بالصلاة



      كنا عشرة من الأبناء ما بين إناث وذكور، ملأنا كل أركان بيتنا الكبير، ولم يتبق منه إلا ملحق خارجي ذو غرفتين، تم تأجيره لأسرة من دولة عربية، وبالرغم من عددهم المقارب لعددنا إلا أنهم استطاعوا أن يتكيفوا في الغرفتين اللتين أجرهما لهم والدي.

      كانوا تقريبا في أعمار مقاربة لأعمارنا، وكان إخوتي يلعبون مع أبنائهم في فناء المنزل، إلا أنني كنت الابنة الوحيدة التي لم تختلط معهم، ظنا مني أنني أفضل منهم، وأني من المفترض ألا أختلط مع من هم أقل شأنا مني، كما تهيأ لي.

      واستمر الحال هكذا، لا أختلط مع بناتهم، حتى المقاربة لي في السن، إلى أن جاء يوم وجدت نفسي مضطرة إلى أن أدخل منزلهم المتواضع، وهذا اليوم كان هو يوم وفاة جدي، فلقد امتلأ المنزل بالمعزين الذين جاؤوا حتى من بلدان خليجية أخرى للمواساة، وعندها وجدت أمي أنه من الضروري إبعادنا من المنزل، فطلبت من جارتنا التي تسكن في ملحق منزلنا أن تصطحبني أنا وأخي الأصغر لنمكث في منزلهم، وتعتني بنا حتى وقت النوم، ثم نعود لمنزلنا لننام.

      سرت مع تلك السيدة على مضض، ودخلت لأول مرة منزلهم.. بل حجرتهم- إن صح التعبير- فهبت بناتها ليستقبلنني، وأنا أحاول أن أرسم علامات الارتياح، ولكن.. علامات الضيق كانت تأبى إلا أن تظهر.

      بدأت الفتاتان بالتحدث معي، وأخذت شيئا فشيئا أستلطف حديثهن، فلقد كانتا هادئتين، متزنتين، وأخذنا نتحدث، إلى أن وصل إلى مسامعنا صوت أذان الظهر، فقمنا للاستعداد للصلاة التي لم أكن أتذكرها إلا قليلا.. ولم أكن أؤديها إلا بعد إلحاح والدتي، فقد كنت أرى أني صغيرة بالرغم من بلوغي سن الحادية عشرة.

      طلبت مني الفتاتان القيام للصلاة، فاعتذرت لأنني لا أملك ثوبا للصلاة، فما كان منهن إلا أن أحضرن لي ثوبا للصلاة، ووقفت أصلي معهن، وأحسست أنني أعرفهن منذ زمن بعيد، وأننا جميعا في هذا الموقف الخاشع سواء.. لقد كانت مشاعر جميلة تلك التي أحسست بها في تلك اللحظة.

      أمضيت اليوم لديهن، وعدت إلى غرفتي في المساء، ووضعت رأسي على وسادتي وأنا أشعر بشعور غريب، فلقد أديت كل صلوات يومي معهن، وكان هذا في حد ذاته إنجازا كبيرا بالنسبة لي.

      استيقظت في اليوم التالي وأسرعت أنا لأطرق باب غرفة جيراننا، وأمضيت معهن ثلاثة أيام عدت بعدها إلى منزلنا، وأخذت أزورهن بين الحين والآخر، وفي يوم طرقت باب منزلنا إحدى الفتاتين، ونادتني خادمتنا لمقابلتها، وعندما دخلت الصالة وجدت صديقتي تحمل في يدها كيسا صغيرا، وهي تقول: "لقد اخترته بنفسي لك، وأرجو أن يعجبك، وتتذكريني فيه بعد رحيلنا الذي قرره والدي بعد أسبوع ".

      نعم.. لقد كان أول ثوب صلاة لي، وأجمل ثوب حصلت عليه..

      ورحلت تلك الأسرة عن منزلنا..

      بالرغم من أنني أصبحت الآن على أبواب الجامعة إلا أنني ما زلت أتذكر أول صلاة صليتها معهن، وأجمل ثوب حصلت عيه حاكته تلك الأيدي الصغيرة التي اعتدت أن أدعو لها بعد كل صلاة، وما زلت إلى الآن أتحسس فيه دفء الصداقة، وأشم فيه رائحة الصدق.

      *******************************************************************

      توبة شاب على يد والدته


      كان بالمدينة امرأة متعبدة، ولها ولد يلهو، وهو مُلهي أهل المدينة. وكانت تعِظُه، وتقول: يا بني! اذكر مصارع الغافلين قبلك، وعواقب البطالين قبلك، اذكر نزول الموت.

      فيقول إذا ألحت عليه:

      كفي عن التعذال واللوم واستيقظي من سنة النوم

      إني وإن تابعت في لذتي قلبي وعاصيتك في لومي

      أرجو من إفضاله توبة تنقلني من قوم إلى قوم

      فلم يزل كذلك حتى قدم أبو عامر البناني واعظ أهل الحجاز، ووافق قدومه رمضان، فسأله إخوانه أن يجلس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجابهم.

      وجلس ليلة الجمعة بعد انقضاء التراويح، واجتمع الناس، وجاء الفتى فجلس مع القوم، فلم يزل أبو عامر يَعِظ وينذر ويبشر، إلى أن ماتت القلوب فرقا، واشتاقت النفوس إلى الجنة، فوقعت الموعظة في قلب الغلام فتغير لونه. ثم نهض إلى أمه، فبكى عندها طويلا، ثم قال:

      زَمَمْتُ للتوبة أجمالي ورحت قد طاوعت عذالي

      وأبت والتوبة قد فتحت من كل عضو لي أقفالي

      لما حدا الحادي بقلبي إلى طاعة ربي فك أغلالي

      أجبته لبيك من موقظ نبَّه بالتذكار إغفالي

      يا أمَّ هل يقبلني سيِّدي على الذي قد كان من حالي؟

      واسوأتا إن ردَّني خائبا ربي ولم يرض بإقبالي

      ثم شمر في العبادة وجد، فقربت إليه أمه ليلة إفطاره، فامتنع وقال: أجد ألم الحمى، فأظن أن الأجل قد أزف. ثم فزع إلى محرابه، ولسانه لا يفتر من الذكر. فبقي أربعة أيام على تلك الحال. ثم استقبل القبلة يوما، وقال: إلهي عصيتك قويا، وأطعتك ضعيفا، وأسخطتك جلدا، وخدمتك نحيفا، فليت شعري هل قبلتني؟ ثم سقط مغشيا عليه، فانشج وجهه. فقامت إليه أمه، فقالت: يا ثمرة فؤادي، وقرة عيني، رد جوابي.

      فأفاق فقال: يا أماه! هذا اليوم الذي كنب تحذريني، وهذا الوقت الذي كنت تخوفيني، فيا أسفي على الأيام الخوالي، يا أماه! إني - خائف على نفسي أن يطول في النار حبسي؛ بالله عليك يا أماه، قومي فضعي رجلك على خدّي، حتى أذوق طعم الذل لعله يرحمني، ففعلت، وهو يقول: هذا جزاء من أساء، ثم مات رحمه الله.

      قالت أمه: فرأيته في المنام ليلة الجمعة، وكأنه القمر، فقلت: يا ولدي! ما فعل الله بك؟ فقال: خيرا، رفع درجتي.

      قلت: فما كنت تقول قبل موتك؟ قال: هتف بي هاتف: أجب الرحمن! فأجبت.

      قلت: فما فعل أبو عامر فقال: هيهات! أين نحن من أبي عامر؟

      حَلّ أبو عامر في قبة وطدها ذو العرش للناس

      بين جوار كالدمى خُرَّد يسقينه بالكأس والطاس

      يقلن بالترخيم خذها فقد هنيتها يا واعظ الناس

      *******************************************************************



      وأخيرا عاد الدفء لقلبي


      لم أكن لأكتب هذه الأسطر عن مرحلة من مراحل حياتي لولا إدراكي لأهميتها وضرورة عرضها لما فيها من العبرة والعظة.

      فأنا فتاة شابة أنعم الله على بالهداية، ونور لي بصيرتي بعد العمى والضلال.. فقد كنت تائهة حائرة، شربت من الموارد المختلفة حلوها ومرها فلم أجد ألذ من طعم الهداية والتقى في رحاب كتاب الله تعالى وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم..

      بلغ عمري الآن الثامنة والعشرين.. عشت في أسرة ثرية.. وكان والدي دائم الأسفار ليوفر لنا كل ما نتمنى ونريد.. ولكثرة أسفار والدي تغيرت علي ملامحه..

      كانت والدتي تصنع كل شيء في البيت.. وهي التي تدبر شؤوننا في غياب والدي المتكرر.. وكنا نسافر في الإجازة كثيرا حتى أنني أعتقد أنني جئت معظم أقطار العالم.. كنا نسافر مع بعض المعارف، وغالبا ما كانت تذاكر السفر على حسابنا.. كانت والدتي- في ظل غياب والدي- متحررة تارة، ومحتشمة تارة أخرى.. ولم يكن يجرؤ أحد من أخوالي على مفاتحتها في الأمر أو نهيها عن سفورها؛ لأنها كانت تجود عليهم بالمال وتمنحهم ما يحتاجون إليه من النقود.. عشت في هذه الأجواء أنا وأخواتي حتى كبرنا وصرنا نرتدي الحجاب.. لكننا كنا نشعر بعدم الحاجة إليه، ولم نكن على قناعة في ارتدائه.. لذلك كنا إذا ركبنا الطائرة لسفر خارج وطننا نسرع في خلع الحجاب فتخلص منه.. ولم نكن وحدنا الذين نفعل هذا، فقد شاهدنا فتيات كثيرات يفعلن مثلنا في الطائرة.. وهذا جعلنا نشعر بأن الكل يشارك نفس الشعور مما يولد لدينا شعورا بالراحة والرضى.. وما أن تصل الطائرة ونهبط من سلمها حتى يجتاحني شعور ببداية برنامجي المليء بالتسلية واللعب.. مسارح.. رقص.. فنادق.. سباحة.. ملاهي.. وغير ذلك.

      وكثيرا ما كنت أتعرف على كثير من أبناء وطني أو من خارجه، ونقضي معا أوقاتا في اللهو والعبث و..

      كان والدي قد اشترى لنا هناك شقة.. وكنت أعرف أننا على خطأ جسيم.. ولكنني كنت أعرف عددا من الفتيات من بنات وطني يفعلن !مثلي، فكثيرات هن اللاتي يأتين لممارسة العري والفحش.. كنت "أشعر بالذل لكثير من المشاهد والمواقف المؤسفة.. فعندما عرف أحدهم أنني من بلد.. تعجب وأنكر على ما أفعله، فخجلت من نفسي.. كنت أرى الكثير من الفتيات يبحثن عن صديق يشاركهن السهر والرقص.. وكنت من بين هؤلاء.. وكنت أشعر أن الكثيرين ينظرون إلينا نظرة احتقار لما نحن فيه من إقبال على الشهوات.. كنت أبحث عن والدتي لأبث لها همومي ورغبتي الأكيدة في العودة.. كنت لا أراها في البيت.. وكانت تأتي متأخرة حيث تقضي الليل خارج البيت وتأتي في الصباح.. وكانت تأتي متعبة لا ترغب في الحديث مع أحد.. شعرت بأنني أواجه هموما كالجبال.. وضاقت علي نفسي بسبب إهمال والدتي لي وعدم سماعها لما يخالج نفسي.. عدت مرة أخرى للهو والعبث.. عدت لأنتقم مما أنا فيه.. ذهبت لأحد الملاهي الشعبية في ملابس شبه عارية.. جعلت أرقص وأتلوى يمينا وشمالا لمدة طويلة.. ثم أمسكت (بالميكروفون) وجعلت أغني، وطلبت من الجمهور أن يختاروا أي أغنية لأغنيها لهم.. فوجئوا بهذا الطلب وخاصة بعد أن عرفوا أنني خليجية.. رأيت أحل الشباب يخرج من بين الجمهور ويتجه نحوي.. أقبل على بغضب ولطمني بقوة.. سحبني من خشبة المسرح وعاتبني لما صنعت.. شعرت بأن الدنيا تدور بي، وجعلت الذكريات تطوف بي وتشدني إلى الوراء.. شعرت بأن أخطائي تراكمت حتى أصبحت كالجبال.. كنت نكسة لأمتي ووطني وديني. لامني الشاب وسترني ببعض ما لديه من ملابس وغادرت معه حيثما أوصلني إلى المنزل.. كثيرا ما لامني وأنا في السيارة.. وشعرت بكلماته تنهال على كالصواعق المحرقة.. كانت صدمة اهتزت لها نفسي واستيقظت معها جوارحي وعاد دفء الحياة لقلبي.. شعرت بالندم يجتاح كياني ودخلت منزلي منكسرة ذليلة.. جلست في غرفتي أتأمل هذا الضياع الذي وصلنا إليه.. بكيت كثيرا حرقة وألفا على الذنوب والآثام.. عزمت على التوبة فاغتسلت وتوضأت وصليت.. شعرت ببرد اليقين يتسلل إلى صدري.. علمت أمي بذلك ورأتني في البيت محتشمة فذهلت وسألتني عن الخبر.. جلست أناقشها وأبث لها همومي وجعلت أستعرض معها ما نحن فيه.. بينت لها أننا نسير في الطريق الخطأ.. مرضت أياما وفكرت كثيرا فيما نحن فيه فهداها الله للقرار الصائب.. عدنا للوطن ووصلنا البيت وقد عزمنا على التغيير.. رأى والدي ما !ن فيه فندم على تفريطه.. فكر كثيرا في حقنا الذي ضيعه في التربية والبناء.. ندم على ذلك أشد الندم.. رجع إلى بيته ليصلحه من جديد.. وشاء الله تعالى أن يتقدم لخطبتي شاب صالح زادني الله على يديه هدى وتقى..

      كانت فاتحة زواجنا أداء عمرة في رحاب بيت الله.. وشعرت هناك بأني إنسانة جديدة.. وأدركت كم كنت تائهة بعيدة عن الحق.. بكيت كثيرا قرب الكعبة ودعوت الله أن يغفر لنا سالف عملنا وألا يضلنا بعد إذ هدانا إليه..

      كانت تجربة مريرة مررنا بها.. ولكن رحمة الله تداركتنا جميعا حيث أصبحت عائلتنا بأكملها تتشبع بنور الإيمان والهدى، وتنهل من كتاب الله تعالى، وتسير على هدي سنة نبينا صلى الله عليه وسلم.. فحمدا لله على هذا.. وحذار يا فتيات وطني أن تقعن فيما وقعت فيه..

      ******************************************************************


      مات وهو ساجد يناجي ربه

      توبة شاب عن ترك الصلاة


      انطلق صوت أحد أولئك الشباب بأذان المغرب، يختلط مع صوت الأمواج الهادئة التي كانت قريبة من "الشاليه " الذي كانوا يفطرون به، وإذا بأحدهم يقدم لصاحبنا تمرة، فقال له: شكرا، ولكني لست بصائم.

      قال له صاحبه: ما عليك!، مجرد مشاركة معنا.. أقيمت الصلاة فدخل معهم في الصلاة لأول مرة- منذ أن تركها- قبل فترة طويلة- وبعد الصلاة قام أحد الشباب بإلقاء خاطرة إيمانية دخلت كل كلمة فيها إلى أعماق قلبه، وبعد الإفطار استأذن من صاحبه ليعود إلى البيت، كان يفكر في هذا الجمع الطيب، وتلك الكلمات التي لم يسمع مثلها من قبل، أو ربما سمع مثلها كثيرا، ولكن لأول مرة يسمعها بقلب متفتح، فكان يحاسب نفسه أثناء قيادته سيارته إلى متى أظل على هذا الطريق؟

      أما آن الأوان للاستقامة؟ ما المانع من ذلك؟

      وصل إلى البيت مبكرا على غير عادته، تعجبت زوجته من قدومه المبكر، وعندما سألته قص عليها ما جرى لي.

      وفرحت زوجته، واستبشرت بقدوم أيام الفرح، بعد أن أحال أيامها كلها منذ أن تزوجته حزنا يولد حزنا، بسبب ما يقترف من المعاصي وما يعاملها بها من القسوة.

      صحا من النوم الساعة الثانية قبل الفجر بمدة طويلة، توضأ وأخذ يصلي مناجيا ربه، ويستغفر عن الأيام الخالية، يطيل في السجود والقيام حتى أذن الفجر.

      استيقظت زوجته، فرأته ساجدا، فرحت كثيرا بهذا التغيير، واقتربت منه منتظرة انتهاءه من الصلاة، ولكنه لم يقم من سجدته، فوضعت يدها عليه مخاطبة: "بو فلان شفيك "؟

      ولكنه بدل أن يجيبها سقط على جبنه، لقد وافته المنية وهو ساجد يناجي ربه.

      ****************************************************************

      توبة فتاة مستهترة


      حياتي كلها كانت مختلطة متبرجة، عشتها كما أردتها لنفسي، وكنت أصرف دخلي الشهري على الملابس الضيقة والقصيرة وأصباغ المكياج التي ألطخ بها وجهي كلما أردت الخروج، ولا أشتري إلا أغلى العطور حتى أن الجميع يشم رائحتي من على بعد مسافة.. وكنت مغرمة بإتباع ما تجلبه الموضة من قصات الشعر وتسريحاته ولا أرضى بديلا..

      وكنت أرتاد الرحلات ونقضيها في الغناء المحرم والمزاح والاختلاط وهذا والله- ما يريده أعداء الإسلام بشباب المسلمين، يريدون منهم أن يكونوا كالبهائم العجماوات لا هم لهم إلا البحث عن الشهوات، وأذكر مرة أثناء إحدى الرحلات كنا نغني ونطلق أنواع النكت والأهازيج هما جعل سائق الحافلة يتضجر وينزعج وينظر إلينا بسخرية..

      وسألنا هل تجيدون جميع الأغاني، فأجبنا بثقة. نعم، ماذا تريد أن نغني لك؟ فلم يجب؟ ثم قال: هل تعرفون كل شيء؟-.. قلنا: نعم نعرف كل شيء..

      فقال: كم عدد أولاد النبي !؟

      فتلعثمنا جميعا ولم يستطع أحط منا الإجابة لجهلنا بها..

      لقد كنت أسخر واستهزئ بالملتزمات والمحجبات ولملابسهن المحتشمة ثم التحقت بالعمل، فإذا بإحدى زميلاتي الملتزمات تأمرني بالحجاب الشرعي فكنت أسخر منها ولا أطيق كلامها ولا الجلوس معها، ولكنها لم تيأس من نصحي وتذكيري وإهدائي بعض الأشرطة والكتيبات النافعة حتى بدأت أميل لكلامها بعض الشيء..

      ورزقني الله بزوج صالح، أخذ يرغبني في الله ويأمرني بالصلاة، فتأثرت بكلامه.. واستطاع بأسلوبه الطيب أن يجذبني إلى طريق الإيمان ويحببه إلى.. وإن كنت لم ألتزم التزاما كاملا.. إلى أن هز مشاعري غرق إحدى البواخر ومات من مات، ونجا من نجا.. فاستيقظت من غفلتي، وسألت نفسي سؤالا صريحا.. إلى متى الغفلة؟.. إلى متى أظل أسيرة الهوى والشيطان والنفس الأمارة بالسوء.. ودارت في مخيلتي أسئلة كثيرة.

      وبعد لحظات من التفكير ومحاسبة النفس نهضت مسرعة إلى تلك الأخت الفاضلة التي كنت أكره الجلوس معها وبحوزتي جميع الأشرطة الغنائية التافهة، فأعطيتها إياها للتسجيل عليها محاضرات وندوات دينية، وأعلنت توبتي وعاهدت ربي أن يكون هدفي هو إرضاء الله، وحمدت الله على هدايتي قبل حلول أجلي.

      *******************************************************************

      توبة شاب مستهتر


      يظل هذا الإنسان على مفترق طرق كفها في النهاية تعود إلى طريقين لا ثالث لهما: طريق الأخيار، وطريق الأشرار.. هذا الإنسان وإن عاش طويلا فإن الأعمار لمح بصر.

      فرق بين شاب نشأ في طاعة الله، وشاب نشأ على المسلسلات والأفلام.. بين شاب إن حضر في مجلس أنصت إليه الناس لكي يسمعوا منه كلمة من قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، وشاب إن حضر أو لم يحضر فزملاؤه قائمون على الاستهزاء به، والضحك منه.

      كنت في الصف الثاني الثانوي، فبدأت حياتي تتغير إلى الأسوأ، وتنقلب رأسا على عقب.. بدأت لا أصفي، ولا أشهد الجماعة في المسجد.. أخذت حياتي تتغير حتى في مظهري الخارجي.. تلك قصة شعر فرنسية، وأخرى إيطالية.. وملابسي لم تعد ثوبا وغترة، بل أصبحت لباسا غربيا فاضحا.. وجهي أصبح كالحا مكفهرا.. وفارقت الابتسامة شفتاي.

      مرت سنة وسنتان وأنا على تلك الحال، حتى جاء اليوم الموعود..

      كنت جالسا مع "شلة" لا هم لهم إلا الدندنة والعزف على العود، ودق الطبول إلى آخر الليل.. شفة فاسدة لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا، بل تحث على المنكر، وتأمر به.

      وبينما نحن في لهونا وغفلتنا، إذ أقبل علينا ثلاثة نفر من الشباب الصالح.. كنت وقتها أكره الملتزمين كرها شديدا لا يتصوره أحد.. أقبل أولئك النفر، فسلموا علينا، وجلسوا بيننا بعد أن رحبنا بهم مجاملة.. كنا عشرة، وكنت أنا أشد هؤلاء العشرة في الرد على أولئك الأخيار وتسفيههم كلما تكلموا، كنت أقول لهم: أنتم لا تعرفون أساليب الدعوة، ولا كيف تدعون.. الخ.

      دار النقاش بيننا وبينهم لمدة ساعة كاملة كنا خلالها نستهزئ بهم، وكانوا يقابلون ذلك بالابتسامة والكلام الطيب.. ولفا حان وقت الانصراف صافحني أحدهم وقال لي: إن لك شأنا عظيما.

      مر أسبوع على هذه الحادثة وحالتي لم تتغير.. من معصية إلى أخرى، وفي ليلة من الليالي عدت إلى المنزل بعد منتصف الليل، بعد سهرة مع تلك الشفة الفاسدة.. كنت متعبا، فألقيت بنفسي على الفراش، ورحت أغط في سبات عميق، فرأيت فيما يرى النائم أنني أمام حفرة سوداء مظلمة قد ملئت قارا أو أسفلتا محرفا، فتخطيتها، فإذا أمامي حفرة بيضاء لم أر مثلها قط، فسجدت لله شكرا حيث نجاني من تلك الحفرة السوداء المظلمة، فقمت من نومي فزعا، فإذا بشريط حياتي الأسود يمر أمامي.. لا أدري ما الذي أصابني.. قلت في نفسي: لو أني مت في تلك اللحظة هل تشفع لي حسناتي في دخول الجنة؟.. هل تنفعني تلك الشفة الفاسدة التي لا هم لها إلا السهر إلى آخر الليل، والتفكه بأكل لحوم البشر.. فعاهدت الله على الالتزام بمنهج الله ومنهج رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وعلى تطليق تلك الشلة الفاسدة، ومن ترك شيئاً لله، عوضه الله خيرا منه.

      *******************************************************************

      توبة فتاة أعرضت عن الإسلام بالكلية


      الدموع لغة الكل يفهمها، وهي أصدق تعبير عن المشاعر، ولكن الذي يلفت النظر حينما تمتزج دموع الفرحة بالنجاة بدموع الحزن والحسرة على أيام لن تعود، ووقت ضاع في لهو بعيد عن الله، فالدين الإسلامي هو قوام الحياة، وهو الذي خلص البشرية من عنائها الطويل وهمها الأبدي، حررها من قيود العبودية والذل إلى عبادة رب العالمين، فأصبحنا مسلمين بالفطرة منذ ولادتنا.

      ولكن هذه الحكاية تتسم بالغرابة في طريقتها ومضمونها، فهل فكرنا أنه سوف يجيء من أولادنا من يكفر بملتنا ويخرج من ديننا؟ هل دار بخلدك أيها الأب أنك قد تمسي أو تصبح فتجد أحد أبنائك وقد أصبح كافرا مرتدا عن الدين؟ إنه أمر شديد الخطورة شديد الألم. رأيتها وهي تدخل مصلى المدرسة دخول الخائفين، ظهر عليها التوتر وكأني بها لأول مرة تستمع للقرآن الكريم، تكلمت المحاضرة في المصلى فأجهشت بالبكاء، واستغربت المعلمة هذا الوضع فأرادت أن تعرف أصل الحكاية، فكان السؤال: ما لي أراك قلقة ومتوترة وتبدو عليك علامات الحزن الشديد؟ فأجابت: أتعرفين بأنني الآن يا معلمتي والآن فقط أسلمت ودخلت الدين الإسلامي!

      سادت الدهشة المكان وبان عدم التصديق على محيا المعلمة، فخرجت ابتسامة باهتة باردة كبرودة الجو الذي تقفان فيه، ثم قالت المعلمة، قولي: الآن اهتديت وقررت ترك المعصية والعودة إلى الله، ولا تقولي أسلمت، فكلنا مسلمون يا صغيرتي، وأنت ابنة عائلة معروفة ولا ينبغي لك أن تتفوهي بهذا الكلام. فقالت: أعرف أنك قد لا تصدقينني لعظم ما أقوله ولكنها الحقيقة. قالت: كيف؟ فردت: حينما ترك أمر تربيتنا للخدم والمربيات والسائقين، وعندما كانت فطرتنا سليمة لم تزرع فينا الأم بذور الإيمان، وعندما كان للثراء دور وللإهمال أثر في حياتنا؛ انحرفت عقيدتنا، فالأم مشغولة بكل شيء إلا بنا. اعتقدت أن الخادمة والمربية والسائق والمدرسة يغنون عن وجودها، فتربيت دون أسمح كلمة حق ولم أوجه أي توجيه! وكما تعرفين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " الحديث. [متفق عليه].

      وقد تحقق هذا الحديث، فأنا ولدت على الفطرة، ولكن أخذت المربية تعلمني دينها وتبعدني عن الدين الإسلامي، وأخذت المدرسة الأجنبية تغرس في نفسي الولاء والحب للغرب، وتثير في الأحقاد على الإسلام، وأنه دين التخلف، وتشوه الدين في نظري وباستمرار.

      سألتها المعلمة: ولماذا لم تستفسري أو تشكي في صحة ما تقول؟ فأجابت: لقد كنت صغيرة وليس لدى أمي استعداد للإجابة عن أسئلتي! وكنت أتساءل فلم أجد من يجيبني فصدقتها ووثقت بهما.

      وتواصل المسكينة: لقد كبرت وأنا أعيش في غفلة من الأم وإهمال من الأب وعدم رقابة من الأهل، سنوات طويلة مرت لم تأمرني أمي فيها بالصلاة، ولم توقظني لصلاة الفجر، هل تصدقين أنها لا تعرف هل أصوم رمضان أم لا؟ للفجوة الكبيرة التي بيننا؟ لقد كانت غفلة استمرت طويلا.. خسرت سنوات عمر عظيمة، وفي المدرسة الثانوية أخذت الطالبات يلاحظن علي بعض التصرفات، وتشك! الزميلات في أمري، فأنا لا أؤدي الصلاة معهن، ولا أستمع للمحاضرات، ولا أقرأ النشرات، ولا أذهب للمصلى!!

      فما كان من زميلاتي إلا أن قمن بنقل هذا الأمر لإحدى المعلمات الداعيات التي أحست بأمانة التعليم وعظم شأن الدعوة إلى الله، فتحرت عني حتى عرفت مشكلتي وأبعادها وبعدي العظيم عن الله، وعتمة الضلالة التي أعيش بها، فأخذتي باللين وتوضيح الأمور وظلت تسير معي خطوة بخطوة حتى وصلت إلى بر الأمان، أخذتني للمحاضرات داخل المدرسة وخارجها، فيسر الله أمري وشرح صدري، وأعلنتها توبة صادقة وعودة إلى الله تعالى على يد هذه المربية الفاضلة.. وبقيت الآن يا معلمتي أذرف دموع الخدم والحسرة على ما مضى من عمري في الضياع.

      وتقول: لم أسجد لله طوال هذه السنوات الماضية، وأنا الآن عمري 71 سنة، ضاع عمري وذهب شبابي وأنا بعيدة عن الله، انجرفت وراء اعتقادات واهمة وأفكار منحلة، ولم تعلم أمي عن إسلامي؛ لأنها لا تعرف أصلا بأني خرجت منه حتى أعود إليه!

      *******************************************************************

      توبة فتاة من استماع الغناء


      كتبت التائبة

      كنت شديدة الحب والإعجاب بأحد الفنانين المغنين وكنت دائمة السماع لأغانيه، لا أستطيع القيام بأي مهمة إلا على نغمات صوته، حتى حال ذلك بيني وبين القيام بالأعمال المنزلية العادية، كالطبخ والغسيل وغيرهما.

      وكثيرا ما أسهر الليالي من أجل استماع أغانيه من خلال الإذاعات المختلفة، وزيادة على ذلك أقوم بجمع صوره من كل جريدة أو مجلة وأكتب اسمه على كل كتاب أو دفتر أو جدار من شدة شغفي به، ومن غفلتي أنني إذا رأيته في المنام قمت بتسجيل ذلك الحلم السخيف في ورقة واحتفظت بها لئلا أنسى ذلك الحلم!!

      وكم مرة أجهشت في البكاء عندما يتعرض ذلك الفنان لإهانة أو تحقير من أحد من الناس، أما حرمة الله فلا يهمني انتهاكها!!

      وكنت في غفلتي لاهية، ولعذاب ربي ناسية!! حتى جاءت اللحظة الحاسمة في حياتي، وذلك عندما ألقت إحدى المعلمات الفاضلات في مدرستنا محاضرة عن عذاب المغنين والمغنيات، ومن يستمع للغناء!

      فأصابت جسمي قشعريرة، وخفت خوفا شديدا، ولم أتمالك نفسي حين عودتي إلى منزلي، فقمت بتحطيم أشرطة الغناء دون إصغاء لداعي الشيطان، وكانت تلك المحاضرة سببا في العودة إلى الله وتطهيرا لقلبي من رجس الغناء.

      وأحمد ربي أن خلصني من ذلك الذنب الأثيم، وأدعو الله أن يهدي الفنانين وغيرهم أجمعين.

      ******************************************************************


      توبة شاب على يد رجل من أهل الحسبة


      قال راوي القصة:

      أمام تلك المرآة القابعة في الزاوية الشرقية من غرفتي كنت أسرح شعري في أصيل يوم قائظ.. وكانت نغمات الموسيقى تملأ الجو صخبا وضجيجا.. وفجأة خفق قلبي خفقانا شديدا لم أعرف سببه. اتجهت إلى المسجل وأسكت تلك الموسيقى الغربية وذلك الضجيج الذي لا أفهم منه شيئا.. وزاد قلبي خفقانا.. اتجهت إلى النافذة لأستنشق الهواء، إلا أنني أحسست بشعور غريب لا أعلم كنهه ولا أدرك سببه! فما هي أول مرة أستعد هذا الاستعداد..، ثم أتجه إلى أحد الأسواق كي أنقل طرفي هنا وهناك.. وأستأثم بمعاكسة الفتيات. وخلال عبوري البيت متجها إلى الباب الخارجي مررت بأمي.

      وبعد أن تجاوزتها ببضع خطوات نادتني: أحمد لقد رأيتك البارحة في المنام.. إلا أني تظاهرت بعدم السماع وواصلت المسير.. لحقتني وأمسكت بذراعي وقالت: ألن تضع حدا لهذا الاستهتار وضياع الوقت يا أحمد.

      وعندما التقت عيناي بعينيها عاودني ذلك الخفقان القلبي المريب.. واتجهت إلى الباب صامتا ومن ثم خرجت إلى صديقي وبعد أن امتطيت سيارته الفارهة.. التفت إلى مبستفا ونفث في وجهي شيئا من دخان سيجارته الملتهبة.

      أما أنا فلا زال قلبي يضرب بقوة.. رفعت صوت المسجل عله يصرف عني ما بي.. أفي سوق سنذهب إليه الآن؟

      سألني.. وعندما سمعت هذه الكلمة اقشعر جسدي.. أجل السوق.. وتلك الكلمات التي سمعتهما ليلة البارحة وكأنما صمَّت أذناي فلم أعد أسمع شيئا سوى صدى تلك الكلمات المتدفقة بالحياة: "أخي أليس من العيب أن تضيع شبابك لاهثا.. ساعيا..

      وراء بنات المسلمين، وأن تسهم في إفساد المجتمع، وأن تدعم مخططات الأعداء وأنت من فلذات أكبادنا ومن أبنائنا.. أخي ألا تتقي الله ".

      وهكذا أصبحت هذه الكلمات تدوّي في سماء عقلي كالرعد المجلجل.. وصورة ذلك الرجل الذي يضيء وجهه إيمانا وطهرا لا تفارق مخيلتي رجل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أمسك معصمي البارحة وأنا أتجول في أحد الأسواق ألاحق الفتيات.. وهمس في أذني بتلك الكلمات التي كانت أبلغ من كل تهديد أو وعيد..

      فتحت عيني فإذا بصديقي يهزني بيده سائلا: ما بك؟

      التفت إليه وقلت: لا شيء.. أريد أن أرجع إلى البيت. ولا أدري ما هي القوة التي دفعت بصاحبي بأن يرجعني إلى البيت بدون مناقشة.

      هبطت من السيارة واتجهت إلى البيت دون أن أودع صاحبي..

      وكم كان عجبي شديدا عندما رأيت البيت ممتلئا.. رجالا.. ونساء.. ذهلت.

      اتجهت إلى أخي الصغير لما رأيته ينتحب باكيا.. سألته: ما بك؟! نشج.. ثم سعل.. ثم رفع رأسه الصغير إلى وقد امتلأت عيناه دموعا وقال: أحمد.. لقد ماتت أمي.. أصيبت بنوبة قلبية.. وماتت.. أحسست بقلبي يتوقف رويداً رويدا، وتمنيت أن يعاوده ذلك الخفقان، إلا أنه لم يفعل.. رحمك الله يا أمي الحبيبة رحمة واسعة.

      لقد مضى على هذه القصة ثلاث سنوات، وها أنذا الآن أرويها بدموعي.. وأردد الدعاء وجزيل الشكر لذلك الرجل الذي منحني عاطفة صادقة وكلمات ناصحة من القلب، ومنذ ذلك الحين وأنا تائب إلى الله تعالى من كل ذنوبي وسيئاتي، وأسأله سبحانه العفو والغفران عن ذلك الماضي الأسود، والثبات على طريقه إلى يوم لقاه.

      ******************************************************************


      توبة فتاة على يد معلمتها


      الهاتف نعمة من الله سبحانه، ولكن تحول عند الكثير من الناس إلى نوع من الإيذاء للآخرين.. وآهات ليلية.. وزفرات.. وحب وهمي صناعي، وفي النهاية الفضيحة.

      تقول إحدى التائبات:

      اتصل بي شاب في منزلنا فخاطبني برقة، فرققت له ثم ما هو إلا أن سلب لُبي، فما أن أنزل سماعة الهاتف حتى إني كدت أجن أنتظر هاتفه وموعده الذي في الغد، فلما أتى الغد كلمني.. وهكذا دارت الأحاديث بيننا، ثم ما هو إلا أن تحولت إلى قضية حب، وتحولت إلى قضية عاطفية، فأصبحنا نتكلم مع بعضنا طوال الليل عبر سماعة الهاتف، فلما كانت البارحة طلب مني أن أخرج معه لأننا سوف نتزوج ونعتزم على الزواج.

      وقال لي: ذرينا نتقابل حتى نرى بعضنا قبل الخطبة فإن أعجت بعضنا وإلا فكأن شيئا لم يكن!

      فأصر على مقابلتي فرفضت ثم قال: لي: إن هذا أمر يعيق على الوفاق في الزواج فمنذ تلك اللحظة وأنا في قلق دؤوب وهم مستمر وحيرة بالغة. بين حبه لي وحبي له وبين الحياء وبين العادات وبين كيفية الخروج معه وبين الخوف من أن يرانا أحد فلذلك حبه قطع قلبي حتى أصبحت لا أتحمل أن أسمع أنه غاضب على فهو كلما كلمني يطلب رؤيتي اعتذرت إليه.. وأصبحت أعيش في حيرة واضطراب.. وقلق نفسي دائم.. وتخشى أن يعلم والداها عنها.. تخاف من أخيها.. تخاف من نظرات المجتمع.. وقبل ذلك.. الخوف من الله سبحانه.. وذهبت في الصباح إلى إحدى معلماتها في المدرسة.. وحدثتها عن قصتها..

      فقالت لها: لا عليك.. وهدأت من خاطرها.. وقالت لها: لا تكثري يا عزيزتي الآن البكاء، فالأمر بيدك والحبل ممدود معكِ، فلذلك أذكرك وأذكر جميع بنات جنسي أن ينتبهن لهذه الذئاب الضارية الجائعة النهمة، ولينتبهن للحومهن فلئن كان خوف النعجة أشد هو على حياتها أن يسلبها الذئب منها فإن خوف البنت من الرجل أشد من أن يسلبها حياتها بل هو يسلبها عزها وشرفها ويستبدله بذلها وأن يسلب منها جنتها ويستبدلها بنارها وأن يسلب منها عقلها ويستبدله بجنونها لذلك فإن هؤلاء الأوباش لا يستحقون حتى النظر إليهم.. ولئن كان الله يخاطب أمهات المؤمنين العفيفات الصينات بقوله:

      {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32].

      فكيف بنا نحن وقد ذهبت عقولنا وذهب ديننا وما عقولنا عند عقولهن إلا كتفلة في بحر.

      فلذلك أيتها الحبيبة نحذر جميع بنات جنسنا.

      تخيلي لو سلمت المرأة لو ركبت معه أول مرة ثم الثانية والثالثة.. وهكذا.. ما الحيرة التي سوف تصيبها ما القلق ما مصير هذا الخروج؟! إنه سوف يؤدي بها أن تذهب عزتها وعلياؤها وكرامتها نظرا لتساهلها بما تصنع مع تزيين الشيطان لذلك ما مصيرها لو علم أهلها؟ القتل مباشرة لا حل لهم سوى ذلك.

      فلذلك يا عزيزتي لا تغتري بحال أولئك الأوباش الأخباث فإنهم وإن زينوا لك لين الجانب فإنهم يلبسون جلود الضأن وقلوبهم قلوب الذئاب.

      يا أختي العزيزة إن قلوبهم خلت من مراقبة الديَّان وانساقت سبيل الهوى والشيطان.

      كم من شابة قتلها أبوها! كم من شابة قتلها أخوها! كم من قتلتها عائلتها! كم من شابة أصابها الجنون وذهب عقلها، فهي أحد عنابر مستشفيات الصحة النفسية، كم من شابة طعنت نفسها فهي في أحد أسرة المستشفيات ما السبب؟ إنها سماعة الهاتف.

      استعجلت لذة وهوانا وخزيا في الدارين.

      وبكت الفتاة التائبة.. وقد أغرق الدمع وجنتيها.. وقالت: والله أيتها المعلمة النبيلة لقد أيقظتني من شباب عميق ومن غفلة عظيمة ورفعت يدها إلى السماء.. قائلة. رباه.. عفوك.. ومغفرتك.. وبرحمتك.. رباه.. قبل توبتي.. وأجب دعوتي.

      ****************************************************************


      قصة عجيبة في توبة رجل


      يحكي قصته وعلامات الندم تعلو وجهه. يقول: كنت لا أصلي، ولا أشعر بالذنب، ولا تأنيب الضمير، وكأن الأمر لا يهمني، مع أني مسلم. كنت مسلما بالاسم فقط. إذا جاء شهر رمضان كنت أصوم وأصلي وكأني أعبد رمضان، ناسيا تلك الفريضة والشعيرة العظيمة، باقي السنة. رغم أني أسكن بجوار المسجد لم أقل لنفسي يوما: لماذا لا أصلي؟ وإذا جاء المساء كنت أنطلق إلى السهر مع أصدقاء السوء.

      لم أفكر في الزواج رغم تجاوزي خمسة وثلاثين عاما. كنت أراقب امرأة تذهب إلى المسجد وقت الصلوات، خصوصا صلاة العصر، وهي متحجبة تمشي على استحياء بطرف الطريق وكأنها تلصق بالجدار. كنت أعترض لها كثيرا وأحدثها ولا ترد عليَّ. وعندما كثرت مضايقتي لها قالت لي: ماذا تريد مني؟

      قلت لها: أريدك أن تدخلي بيتي ليس معي أحد في المنزل.

      قالت وبكل أدب: أطلب منك طلبا إذا نفذته سأدخل منزلك.

      قلت لها: اطلبي ما تشائين.

      قالت: أريدك أن تصلي أربعين يوما في المسجد كل الصلوات وخصوصا الصبح والعصر والمغرب والعشاء، وأن تحضر الدروس بعد صلاة العصر. قلت لها: سأفعل وسأصلي هذه المدة. لأول مرة أدخل المسجد وأصلي العصر وأخذت أعد الأيام على أمل اللقاء بها.. وأصبحت أحضر الدروس تلو الدروس، وبعد أسبوعين فقط تغيرت أحوالي ولزمت المسجد رغبة مني في التوبة، خصوصا وقد تعلمت من الدروس أمور ديني وأن تارك الصلاة كافر، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ومن تركها فقد كفر". وأخذت أحاسب نفسي وأنا أندم إلى يومي هذا على ما فاتني من الخير الكثير. وعندما أوشكت المدة على الانقضاء قابلتني وأنا في طريقي إلى المسجد، وقالت لي: هل أنت ما زلت على رأيك؟

      قلت لها: معاذ الله إني تائب وإني نادم، وأنت جزاك الله خيرا فقد غير الله بك حالي، وأرجو أن تسامحيني على ما بدر مني.

      قالت: يا أخي، والله إنني منذ وعدتك وأنا أدعو الله لك الهداية في جميع صلواتي، والآن الحمد لله الذي هداك وأخذ بيدك إلى طريق الخير، فطالما عرفت الطريق إلى الله نسأل الله لك الثبات، فاصبر يا أخي فإن الدنيا متاع من لا متاع له، ومن لا حظ له في الآخرة. ثم انصرفت والدموع تنهمر من عيني وأنا مطأطئ الرأس.

      إنه الإيمان، إنه طريق الخير والرشاد. إن هذه المرأة علمتني ما لم تعلمني الأيام.. هذه قصتي لعلها عبرة وعظة.

      *****************************************************************


      العودة


      سقطت على الأرض مغشيا عليها..

      ليست المرة الأولى.. فهي تعاني من إرهاق نفسي متواصل منذ أن تزوجت قبل سنتين.

      لقد أخبروها أنه رجل طيب.. وفيه خير..

      تستطعين التأثير عليه لكي يتدارك أمور دينه.. ويحافظ على الصلاة مع الجماعة.. وأنت يا بنيتي.. قد تزوجت أختك الصغرى قبلك.. وأعتقد أن هذا هو الأصلح لك..

      وأصرت أمي على هذا الخاطب.. فهو ميسور الحال.. ومن عائلة معروفة.. ومركزه الوظيفي جيد..

      مظاهر براقة لا تهمني..

      فقد سألت عن الدين.. هذا ما يهمني.. أريد رجلا صالحا على الخير وعلى الطاعة.. إن أحبني أكرمني، وإن كرهني سرحني سراحا جميلا.. فما أكثر ما نسمع من تلك القصص المبكية من ظلم الأزواج ومشاكلهم مع زوجاتهم لقلة الخلق والدِّين.

      كنت أحلم بمن يوقظني للصلاة في جوف الليل..

      كنت أدعو الله في ظلام الليل ودموعي تتساقط أن يرزقني الرجل الذي يعينني على الطاعة، وأعيش معه على مرضاة الله..

      نسير سويا متجهين إلى الله.. نقتفي أثر الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الطيبين.

      كنت أحلم بالرجل الذي يربي أبنائي تربية إسلامية صحيحة..

      كأني أقف بالباب أرمقه هو وابني وهما ذاهبان إلى المسجد.. دعوت الله أن يتردد على مسامعي.. قول زوجي.. كم حفظت اليوم من القرآن؟!

      وكم جزءا قرأت.. أحلم أنني أقف بطفلي أمام الكعبة وأدعو له.. سأنجب أكبر عدد من الأبناء طالما أن في ذلك أجرا.. وأنني سأخرج للدنيا من يوحد الله..

      طالما حلمت الأحلام الكثيرة.. ولطالما متعت نفسي بتلك الأحلام.. الحمد لله على كل حال..

      احتسبت الأجر وصبرت على زوجي.. في البداية كان ينهض للصلاة.. ومع مرور الأيام بدأ يتثاقل..

      ماذا تريدين.. الله غفور رحيم..

      سأصلي..

      الوقت مبكر..

      هذا هو الرد السريع عندما أحثه على صلاة الجماعة حتى لا تفوته.. أحس أنه يتغير مع إلحاحي إلى الأفضل.. على الأقل هذا ما أتفاءل به..

      كنت أخشى رفقاء السوء فقد حدثني عن بعضهم.. أصبحت أخشى عليه من تأثيرهم.. فكرت في طريقة قد تكون مجدية أكثر من نصحي له.

      لماذا لا أعرفه على الشباب الصالح فقد يتأثر بهم..

      زوج صديقتي شاب طيب وملتزم وصالح إن شاء الله.. أسرعت للهاتف رحبت صديقتي بالفكرة وشجعت زوجها..

      أخبرته أن صديقتي ستأتي ومعها زوجها..

      بعد أسبوع من الانتظار الطويل زارتني صديقتي هي وزوجها..

      قلبي يخفق من الفرح.. عسى الله أن يلقي في قلبه حبه.

      كلما طال وقت الزيارة؛ زادت دقات قلبي.

      بعد زيارة قصيرة ودعت صديقتي عند الباب.. رجعت إليه بسرعة..

      جلست أضغط على أصابعي بقوة.. أنتظره يقول شيئا..

      نظرت في عينيه.

      فقال: لقد كان لطيفا.. وذا خلق عال..

      ولكنه لم يبد حماساً للقائهم وللذهاب لهم كما وعدهم برد الزيارة.

      حاولت بشتى الوسائل والسبل أن أعينه على المحافظة على الصلاة في المسجد.

      الآن إلحاحي زاد بعد أن أنجبت منه ابناً.. أسهر الليالي الطويلة لوحدي..

      هو يقهقه مع زملائه وأنا أبكي مع طفلي..

      أكثرت من الدعاء له بالهداية..

      قررت أن أصلي صلاة الليل في غرفتنا بجواره عسى أن يهدي الله قلبه..

      أحياناً يستيقظ ويراني أصلي.. وفي النهار ألاحظ عليه أنه يتأثر من صلاتي وطولها.

      مساء ذلك اليوم أخبرني أن أجهز له ثيابه.. سيسافر.. إلى المدينة الفلانية في رحلة عمل.. لا أعرف صدقه من غيره.. غالبا يسافر ولا يتصل بنا.. أحياناً أخرى يتصل ويترك رقم غرفته وهاتفه.. إذا اتصل عرفت أين هو.. لكن أحياناً كثيرة لا أعلم أين يذهب..

      ولكني أحسن الظن بالمسلم إن شاء الله.

      في مدة سفره سأخلصه بالدعاء.

      في اليوم التالي.. اتصل بنا.. هذا رقم هاتفي.. الحمد لله.. اطمأننت أنه في المملكة..

      انقطع صوته ثلاثة أيام.. وفي اليوم الرابع..

      أتى صوته.. لم أكد أعرفه.. صوته حزين.. ما بك؟! سأعود الليلة إن شاء الله.. في تلك الليلة لم أنم من كثرة بكائه.. ماذا جرى لك؟! أخذ في البكاء كالطفل.. ثم تبعته في البكاء وأنا لا أعلم ماذا به.. وبعد فترة سادها الصمت الطويل.. أخذ ينظر إلي.. والدموع تتساقط من عينيه..

      مسح آخر دمعة ثم قال: سبحان الله! زميلي في العمل.

      سافرنا سويا لإنجاز بعض الأعمال.. ننام في غرفتين متجاورتين لا يفصلنا سوى جدار واحد.. تعشينا ذلك المساء.. وعلى المائدة.. تجاذبنا أطراف الحديث.. ضحكنا كثيرا.. لم يكن بنا حاجة للنوم.. تمشينا في أسواق المدينة لمدة ساعتين.. أرجلنا لم تقف عن المشي.. وأعيننا لم نغضها عن المحرمات.

      ثم عدنا وافترقنا على أمل العودة في الصباح للعمل لإنهائه.

      نمت نوما جيدا..

      صليت الفجر عند الساعة السابعة والنصف..

      اتصلت به بالهاتف لأوقظه.. لم يرد.. كررت المحاولة.. لعله في دورة المياه.. شربت كوبا من الحليب كان قد وصل في الحال.. اتصلت مرة أخرى.. لا مجيب.. الساعة الآن الثامنة وقد تأخرنا عن موعد الدوام.. طرقت الباب.. لا مجيب.. اتصلت باستعلامات الفندق لعله خرج.. ولكنهم أجابوا أنه موجود في غرفته..

      لابد أن نفتح لنرى..

      أصبح الموقف يدعو للخوف.. أحضروا مفتاحا احتياطيا.. دلفنا الغرفة بسرعة..

      إنه نائم..

      يا صالح..

      ناديته مرة أخرى يا صالح..

      رفعت صوتي أكثر وأنا أقترب منه..

      نائم ولكنه عاض لسانه..

      ومتغير اللون..

      ناديته..

      اقتربت أكثر..

      لا حراك.

      ************************

      ************************

      ************************

      ارجو ان تكونوا قد أستفدتم من هذه القصص


      وارجو ان تعذرونى إذا اطلت عليكم فى موضوعى

      واستودعكم الله مع موضوع جديد