شباب...................ويش تقليقاتكم
*إعلان من تجار الأغذية السعوديين: "من أسباب الارتفاع في أسعار الرز بسمتي الهندي انخفاض سعر صرف الريال أمام الروبية الهندية.."
فاللهُمّ نجِّنا من مباهاة روبية الهنود على ريالنا الميمون.
وقرأت تقريرا أخرجته جامعة "برستون" الأمريكية العريقة عن تقلبات هذا الدولار، بعنوان "عندما أغلقت واشنطن الوول ستريت في عام1914"، والوول ستريت هو شارع المال في نيويورك، والتقرير يشرح كيف وقع الدولار في كارثة كبرى يوم اضطر الأوربيون إلى سحب ودائعهم من الذهب والعملات لتمويل تبعاتهم في الحرب العظمى الأولى..
ولا أدري كإنسان عادي لم يتوجب علي ريالي أن يهتم بأمر الدولار ووراءه أكبر اقتصاد تبادلي على وجه الكوكب، وبما أن الريال لا قضية دولية اقتصادية له مع الدولار مثل الين الياباني (الذي من صالحه أن يرتفع الدولار أمامه كي تنخفض قيمة الصادرات التي يعيش عليها الاقتصاد الياباني..) ولا نحن نستفيد من انخفاض الدولار في بيع دم اقتصادنا وهو الزيت، ثم ترتفع علينا كل أسعار الوارد لأسواقنا من العالم وكأننا نعاقب بإثم لا يخص ريالنا، بل ارتكبه دولار أمريكا.. فإن لم يكن السبب اقتصاديا، فما هو إذن؟ فلا تلـُمْ المواطنَ العادي الذي صار يحسب كل ما يضعه من بضاعة بسلة تبضعِّهِ وقد يعيدها ثم يرجعها حتى توافق ميزانية الشراء عنده، إذا قال : "اللهم اعتق ريالي من الدولار.. ".
.. أتكلمُ كشخصٍ عادي ضمن ملايين العاديين الذين في كل مرة يفتحون بها محافظـَهم لشراءِ أي علبةٍ على الرفِّ، أو بضاعةٍ في محلّ، يدفعون أكثر من القيمةِ المستحقة، ليس لأن هذا مربوط في قيمة البضاعة نفسها، ولكن لأننا نغطي مساحة من قيمة الريال التي انخفضت متلازمة مع الدولار.. وما شأن المواطن الذي يتطلع للرف ويرى الأسعار تطير أن يكون الدولار من أسباب الطيران فبانخفاضه في الحضيض سحب ريالـَنا معه، فلا يجد إلا أن يدعو الله: "اللهم خلص ريالنا من السقوط في الحضيض!
ويعلم المتبضـِّعُ السعودي أنه وهو يخرج محفظته، يكون في دولة أخرى معتوقة عملتها من الدولار، مواطنٌ فيها يفتح محفظته في الوقت نفسه ليدفع قيمة البضاعة ذاتها ولكن بقيمةٍ أقل.. ألا يحق لهذا المواطن السعودي أن يسأل: كيف أستفيد أنا من هذا الربط؟ ولمَ يُكتب عليّ أنا بالذات أن أدفع ثمنا ثقيلا لذات البضاعة بزيادتين متصلتين، زيادة الغلاء العام العالمي، ودفع فرق انخفاض الريال أمام العملات الأجنبية الأخرى؟ وعندما يسمع هذا المواطنُ السعودي تصريحا رسميا بعدم تخليص الريال من مخالب الدولار لغرض الحفاظ على التوازن الاستثماري، فهذا يجعله يتساءل: "وهل أكون أنا الضحية؟ هل الاستثمارُ كي يزيد من رفاهيتي، ويزيد من قوة ريالي الشرائية أم العكس؟! إذا كان العكسُ، فليذهب الاستثمار إلى أي مكان إلا أن يأخذ من جيبي، وجيبي يضيق ويخلو يوماً وراء يوم." وسيرفع رأسه للسماءِ قائلا: "اللهم ارفع عن ريالنا الثقل الذي يربض فوقه".
هذا الالتصاق بالدولار أعطى تجّار الرز –مثلا- مبرراً للزيادة نقف أمامه وأصابعنا وراء ظهورنا لا نستطيع أن نوجهها لصدورهم اتهاما بأن الجشع هو السبب، فكلنا نعرف أن الروبية تباهت على الريال منذ شهور، وما زالت، وليس سبب هذا التباهي ضعف الريال، بل ضعف الدولار.. وهنا ليس عذرا للريال بل لوما عليه أكبر!
مسألة ربط عملتنا بالريال مسألة مصير بالنسبة لكل مواطن سعودي، فصحيح أن الأسعارَ زادت في العالم نتيجة عوامل متعددة ولكننا كسعوديين ندفع أكثر من غيرنا بسبب ارتباطنا "التوأمي السيامي" بالدولار، والدولار يهوي وأهله ضاحكون، لأنه يعزز صادراتهم، ويقلل عبء تكلفة شراء الطاقة من جيوبهم.. أنا واحدٌ من العاديين ولا أفهم إلا أني وبصراحة أُغذّي الدولارَ الأمريكي من حُرِّ قيمة عمولتي. يتضارب الناسُ على الريال ويرتفع في السوق الهامشي (فرق لصالحنا لا يصب في جيوبنا) في الأسواق الخارجية، ونحن كما أفهم نضع ثقلا هائلا على الريال حتى لا يفرط من قيد الدولار فيرتفع..
إني أرى فكّ الريال من هيمنة الدولار- مرة أخرى كمواطن عادي- أول حلٍّ مهم لما نعانيه من ارتفاع غير مبرر للأسعار، وأود أن يفهّمني أحدٌ بمنطقي البسيط ومعاناة الناس العاديين، لماذا وما هي مصلحتنا من هذا الربط القسري؟ وأريد أن تثبت لي مؤسسة النقد أننا أذكى وأحرص من الذين الذي فكـّوا أسرَ عملتهم من الدولار، واليوم تسجل عملتهم ارتفاعا محلـِّقا ومتواصلا أمام الدولار.. يعني أن صاحب تلك العملة المحرَّرة يدفع لأي بضاعةٍ خارجيةٍ أقل من أي سعودي.. فلمن تذهب فائدة الفرق السعري الذي ندفعه نحن، ويسلم منه الآخرون؟
.. ولماذا تحلـِّق عملة انعتقت من الدولار في سماءِ العملات، ويبقى نسرُ الدولارِ في السفوح، وريالـُنا مربوطٌ في مخلبه؟!!
اللهم اعتق ريالنا وخلصه من مخلب الدولار.. المخلب الذي لم يعد قادرا حتى البقاء في مكانه!
.. آمين.
* نقلا عن جريدة "الإقتصادية" السعودية.
*إعلان من تجار الأغذية السعوديين: "من أسباب الارتفاع في أسعار الرز بسمتي الهندي انخفاض سعر صرف الريال أمام الروبية الهندية.."
فاللهُمّ نجِّنا من مباهاة روبية الهنود على ريالنا الميمون.
وقرأت تقريرا أخرجته جامعة "برستون" الأمريكية العريقة عن تقلبات هذا الدولار، بعنوان "عندما أغلقت واشنطن الوول ستريت في عام1914"، والوول ستريت هو شارع المال في نيويورك، والتقرير يشرح كيف وقع الدولار في كارثة كبرى يوم اضطر الأوربيون إلى سحب ودائعهم من الذهب والعملات لتمويل تبعاتهم في الحرب العظمى الأولى..
ولا أدري كإنسان عادي لم يتوجب علي ريالي أن يهتم بأمر الدولار ووراءه أكبر اقتصاد تبادلي على وجه الكوكب، وبما أن الريال لا قضية دولية اقتصادية له مع الدولار مثل الين الياباني (الذي من صالحه أن يرتفع الدولار أمامه كي تنخفض قيمة الصادرات التي يعيش عليها الاقتصاد الياباني..) ولا نحن نستفيد من انخفاض الدولار في بيع دم اقتصادنا وهو الزيت، ثم ترتفع علينا كل أسعار الوارد لأسواقنا من العالم وكأننا نعاقب بإثم لا يخص ريالنا، بل ارتكبه دولار أمريكا.. فإن لم يكن السبب اقتصاديا، فما هو إذن؟ فلا تلـُمْ المواطنَ العادي الذي صار يحسب كل ما يضعه من بضاعة بسلة تبضعِّهِ وقد يعيدها ثم يرجعها حتى توافق ميزانية الشراء عنده، إذا قال : "اللهم اعتق ريالي من الدولار.. ".
.. أتكلمُ كشخصٍ عادي ضمن ملايين العاديين الذين في كل مرة يفتحون بها محافظـَهم لشراءِ أي علبةٍ على الرفِّ، أو بضاعةٍ في محلّ، يدفعون أكثر من القيمةِ المستحقة، ليس لأن هذا مربوط في قيمة البضاعة نفسها، ولكن لأننا نغطي مساحة من قيمة الريال التي انخفضت متلازمة مع الدولار.. وما شأن المواطن الذي يتطلع للرف ويرى الأسعار تطير أن يكون الدولار من أسباب الطيران فبانخفاضه في الحضيض سحب ريالـَنا معه، فلا يجد إلا أن يدعو الله: "اللهم خلص ريالنا من السقوط في الحضيض!
ويعلم المتبضـِّعُ السعودي أنه وهو يخرج محفظته، يكون في دولة أخرى معتوقة عملتها من الدولار، مواطنٌ فيها يفتح محفظته في الوقت نفسه ليدفع قيمة البضاعة ذاتها ولكن بقيمةٍ أقل.. ألا يحق لهذا المواطن السعودي أن يسأل: كيف أستفيد أنا من هذا الربط؟ ولمَ يُكتب عليّ أنا بالذات أن أدفع ثمنا ثقيلا لذات البضاعة بزيادتين متصلتين، زيادة الغلاء العام العالمي، ودفع فرق انخفاض الريال أمام العملات الأجنبية الأخرى؟ وعندما يسمع هذا المواطنُ السعودي تصريحا رسميا بعدم تخليص الريال من مخالب الدولار لغرض الحفاظ على التوازن الاستثماري، فهذا يجعله يتساءل: "وهل أكون أنا الضحية؟ هل الاستثمارُ كي يزيد من رفاهيتي، ويزيد من قوة ريالي الشرائية أم العكس؟! إذا كان العكسُ، فليذهب الاستثمار إلى أي مكان إلا أن يأخذ من جيبي، وجيبي يضيق ويخلو يوماً وراء يوم." وسيرفع رأسه للسماءِ قائلا: "اللهم ارفع عن ريالنا الثقل الذي يربض فوقه".
هذا الالتصاق بالدولار أعطى تجّار الرز –مثلا- مبرراً للزيادة نقف أمامه وأصابعنا وراء ظهورنا لا نستطيع أن نوجهها لصدورهم اتهاما بأن الجشع هو السبب، فكلنا نعرف أن الروبية تباهت على الريال منذ شهور، وما زالت، وليس سبب هذا التباهي ضعف الريال، بل ضعف الدولار.. وهنا ليس عذرا للريال بل لوما عليه أكبر!
مسألة ربط عملتنا بالريال مسألة مصير بالنسبة لكل مواطن سعودي، فصحيح أن الأسعارَ زادت في العالم نتيجة عوامل متعددة ولكننا كسعوديين ندفع أكثر من غيرنا بسبب ارتباطنا "التوأمي السيامي" بالدولار، والدولار يهوي وأهله ضاحكون، لأنه يعزز صادراتهم، ويقلل عبء تكلفة شراء الطاقة من جيوبهم.. أنا واحدٌ من العاديين ولا أفهم إلا أني وبصراحة أُغذّي الدولارَ الأمريكي من حُرِّ قيمة عمولتي. يتضارب الناسُ على الريال ويرتفع في السوق الهامشي (فرق لصالحنا لا يصب في جيوبنا) في الأسواق الخارجية، ونحن كما أفهم نضع ثقلا هائلا على الريال حتى لا يفرط من قيد الدولار فيرتفع..
إني أرى فكّ الريال من هيمنة الدولار- مرة أخرى كمواطن عادي- أول حلٍّ مهم لما نعانيه من ارتفاع غير مبرر للأسعار، وأود أن يفهّمني أحدٌ بمنطقي البسيط ومعاناة الناس العاديين، لماذا وما هي مصلحتنا من هذا الربط القسري؟ وأريد أن تثبت لي مؤسسة النقد أننا أذكى وأحرص من الذين الذي فكـّوا أسرَ عملتهم من الدولار، واليوم تسجل عملتهم ارتفاعا محلـِّقا ومتواصلا أمام الدولار.. يعني أن صاحب تلك العملة المحرَّرة يدفع لأي بضاعةٍ خارجيةٍ أقل من أي سعودي.. فلمن تذهب فائدة الفرق السعري الذي ندفعه نحن، ويسلم منه الآخرون؟
.. ولماذا تحلـِّق عملة انعتقت من الدولار في سماءِ العملات، ويبقى نسرُ الدولارِ في السفوح، وريالـُنا مربوطٌ في مخلبه؟!!
اللهم اعتق ريالنا وخلصه من مخلب الدولار.. المخلب الذي لم يعد قادرا حتى البقاء في مكانه!
.. آمين.
* نقلا عن جريدة "الإقتصادية" السعودية.