بسم الله الرحمن الرحيم
إلى أخي العزيز أبقاه الله تعالى … آمــــين
السلام عليكم مليا ورحمة الله بكرة وعشيا , وبعد :
فأبعث إليكم بخطابي هذا قاطعا الفيافي والقفار والمحيطات والبحار ليصل بين يديكم الطاهرتين سائلا فيه عن أخباركم وأخبار صحتكم الغالية , التي نتمنى من الله تعالى أن تكون في أحسن حال وان تنعم بوافر الخير والسرور والغبطة والحبور.
أما بعد سلامي عليك فهذا كتابي إليك ينبئك عني وعن شوقي وعن ودي , ولا أزيدك علما أني ماكتبته من دواة ولا أجريت عليه قلما , ولكنها دموع وشوق سالت على القرطاس , وجرت على حركات الخواطر والأنفاس , وهبَّت عليه حرارة كبدي بالأشواق , ووجدي بالفراق , فبينما هي عقيقةً
حمراء , إذ صارت فحمةً سوداء ! ألا وإن كتابي هو قلبي ولساني , أما تراه على رقته ولطف عبارته , وصدق طويته , بين يديك مقبلا عليك ؟ ينشره الشوق ويطويه , لا يُخفي عليك أمرا ولا يكتمُ عنك سرا , وتلك صفات قلبي ولساني معك , فما الذي ابتغيته بعد ؟! وقد بعثت إليك بالأصغرين ! وما أنا إلا بهذين ! نعم أرجو بقاءك ممتعا بنعماك لأكون على الدوام محل رضاك .
نحن في الظاهر على إفتراق وفي الباطن على تلاق , نحن نتناجى بالضمائر , ونتخاطب بالسرائر , إذا حصل القرب بالإخلاص , لم يضر البعد بالأشخاص , أنا أناجيك بخواطر قلبي , وإن كان قد غاب شخصك عني , إن أخطأتك يدي بالمكاتبة , ناجاك سري بالمواصلة , رب غائب بشخصه حاضر بخلوص نفسه , إن تراخى اللقاء فإننا نتلاقى على البعاد , ونتلافى نظر العين بالفؤاد .
أراني أذكر أخي إذا طلعت الشمس , أو هبت الريح , أو نجم النجم , أو لمع البرق , أو عرض الغيث , أو ذُكر الليث , أو ضحك الروض , أنىَّ للشمس محيَّاه , وللريح ريَّاه , وللنجم حُلاه وعُلاه , للبرق سناؤه وسناه , وللغيث نداه ونَداه , وفي كل صالح ذكراه , وفي كل حادثة أراه , فمتــى أنساه؟ وا شدة شوقاه , عسى الله أن يجمعني وإياه .
شوقي اليك رهين قلبي , وقرين صدري , والزعيم بتعليق فكري , وتفريق صبري , وسمير ذكري , ونديم فكري , زادي في سفري , وعتادي في حضري , لا يستقل به صدري , ولا يقوى عليه صبري , يكاد يكون لزاما , وبُعد غراما لايرحل مقيمه , ولايُصَّرف غريمه , استخف نفسي واستفزها , وحرك جوانحي وهزها .
شوقي أخذ بسمع خاطري وبصره , وحال بمورد قلبه ومصدره , شوق قد استنفد جَلَدي , وملك خلدي , شوق براني بري الخلال , ومحقني محق الهلال , شوق تركني حَرضا , وأوسعني مضضا , أراني الصبر حسرة , والوجد يمنة ويسرة , شوق يزيد الأيام توقدا وتأججا , وتضرما وتوهجا , نار الشوق حشو ضلوعي , وما الصبابة ملٍ جفوني , انا من لواعج الشوق بين غمائم لا تمطر إلا صواعق وسمائم , قد قدحت كبدي من الحرقة بهذه الفرقة , مايفوت أيسره حد الشكاية , شوق الروض الماحل إلى الغيث الهاطل .
مجلسنا يا سيدي مفتقر إليك , معول في شوقه عليك , ولقد توردت خدود بنفسجه , وفتقت فأرة ناررنجه , و انطلقت ألسن الأوتار , وقامت خطباء الأطيار , وهبت رياح الأقداح , ونفقت سوق الأنس والأفراح , وقد أبت راحته أن تصفو إلا أن تتناولها يمناك , وأقسم غناؤه لا يطيب حتى تعيه أذنا
ونحن لغيبتك كعقد ذهبت واسطته , وشباب قد أخذت جدته , إذا غابت شمس السماء عنا , فلا أن تدنو شمس الأرض منا , فإن رأيت أن لتتصل الواسطة بالعقد , ونحصل بك في جنة الخلد , فكن إلينا أسرع من السهم في ممره , والماء إلى مقره , لئلا يخبث من يومي ما طاب , ويعود من نومي ما طار .
والسلام خير الختام
إلى أخي العزيز أبقاه الله تعالى … آمــــين
السلام عليكم مليا ورحمة الله بكرة وعشيا , وبعد :
فأبعث إليكم بخطابي هذا قاطعا الفيافي والقفار والمحيطات والبحار ليصل بين يديكم الطاهرتين سائلا فيه عن أخباركم وأخبار صحتكم الغالية , التي نتمنى من الله تعالى أن تكون في أحسن حال وان تنعم بوافر الخير والسرور والغبطة والحبور.
أما بعد سلامي عليك فهذا كتابي إليك ينبئك عني وعن شوقي وعن ودي , ولا أزيدك علما أني ماكتبته من دواة ولا أجريت عليه قلما , ولكنها دموع وشوق سالت على القرطاس , وجرت على حركات الخواطر والأنفاس , وهبَّت عليه حرارة كبدي بالأشواق , ووجدي بالفراق , فبينما هي عقيقةً
حمراء , إذ صارت فحمةً سوداء ! ألا وإن كتابي هو قلبي ولساني , أما تراه على رقته ولطف عبارته , وصدق طويته , بين يديك مقبلا عليك ؟ ينشره الشوق ويطويه , لا يُخفي عليك أمرا ولا يكتمُ عنك سرا , وتلك صفات قلبي ولساني معك , فما الذي ابتغيته بعد ؟! وقد بعثت إليك بالأصغرين ! وما أنا إلا بهذين ! نعم أرجو بقاءك ممتعا بنعماك لأكون على الدوام محل رضاك .
نحن في الظاهر على إفتراق وفي الباطن على تلاق , نحن نتناجى بالضمائر , ونتخاطب بالسرائر , إذا حصل القرب بالإخلاص , لم يضر البعد بالأشخاص , أنا أناجيك بخواطر قلبي , وإن كان قد غاب شخصك عني , إن أخطأتك يدي بالمكاتبة , ناجاك سري بالمواصلة , رب غائب بشخصه حاضر بخلوص نفسه , إن تراخى اللقاء فإننا نتلاقى على البعاد , ونتلافى نظر العين بالفؤاد .
أراني أذكر أخي إذا طلعت الشمس , أو هبت الريح , أو نجم النجم , أو لمع البرق , أو عرض الغيث , أو ذُكر الليث , أو ضحك الروض , أنىَّ للشمس محيَّاه , وللريح ريَّاه , وللنجم حُلاه وعُلاه , للبرق سناؤه وسناه , وللغيث نداه ونَداه , وفي كل صالح ذكراه , وفي كل حادثة أراه , فمتــى أنساه؟ وا شدة شوقاه , عسى الله أن يجمعني وإياه .
شوقي اليك رهين قلبي , وقرين صدري , والزعيم بتعليق فكري , وتفريق صبري , وسمير ذكري , ونديم فكري , زادي في سفري , وعتادي في حضري , لا يستقل به صدري , ولا يقوى عليه صبري , يكاد يكون لزاما , وبُعد غراما لايرحل مقيمه , ولايُصَّرف غريمه , استخف نفسي واستفزها , وحرك جوانحي وهزها .
شوقي أخذ بسمع خاطري وبصره , وحال بمورد قلبه ومصدره , شوق قد استنفد جَلَدي , وملك خلدي , شوق براني بري الخلال , ومحقني محق الهلال , شوق تركني حَرضا , وأوسعني مضضا , أراني الصبر حسرة , والوجد يمنة ويسرة , شوق يزيد الأيام توقدا وتأججا , وتضرما وتوهجا , نار الشوق حشو ضلوعي , وما الصبابة ملٍ جفوني , انا من لواعج الشوق بين غمائم لا تمطر إلا صواعق وسمائم , قد قدحت كبدي من الحرقة بهذه الفرقة , مايفوت أيسره حد الشكاية , شوق الروض الماحل إلى الغيث الهاطل .
مجلسنا يا سيدي مفتقر إليك , معول في شوقه عليك , ولقد توردت خدود بنفسجه , وفتقت فأرة ناررنجه , و انطلقت ألسن الأوتار , وقامت خطباء الأطيار , وهبت رياح الأقداح , ونفقت سوق الأنس والأفراح , وقد أبت راحته أن تصفو إلا أن تتناولها يمناك , وأقسم غناؤه لا يطيب حتى تعيه أذنا
ونحن لغيبتك كعقد ذهبت واسطته , وشباب قد أخذت جدته , إذا غابت شمس السماء عنا , فلا أن تدنو شمس الأرض منا , فإن رأيت أن لتتصل الواسطة بالعقد , ونحصل بك في جنة الخلد , فكن إلينا أسرع من السهم في ممره , والماء إلى مقره , لئلا يخبث من يومي ما طاب , ويعود من نومي ما طار .
والسلام خير الختام