لقاء أجرته صحيفة الوسط مع سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي
العدد الرابع ، جمادى الأولى 1418هـ
عنوانه في الصفحة الأولى ( ضمن لقاءات الوسط مع كبار علماء العالم الإسلامي (مفتي سلطنة عمان الشيخ الخليلي :-
سلامة القلوب ووجود الاحتكاك ، وترك التعصب أهم وسائل التقريب بين المذاهب الإسلامية .التعصب المذهبي والظروف السياسية هي وراء الجهل بالمذهب الإباضي .،
مقدمة : المذهب الإباضي احد المذاهب الإسلامية الثمانية المعتبرة ، وهو من المذاهب التي لها شخصيتها وأصولها وأئمتها كسائر المذاهب الأخرى على أن من المثقفين المسلمين من يجهل به ويكتفي بمجرد السماع بوجوده فلهذا وغيره تعريفا بالمذهب الإباضي وتقريبا لوجهات النظر بين المذاهب الإسلامية واستثمارا لوجود أحد كبار علماء الإباضية بيننا رأت الوسط الالتقاء بفضيلة الشيخ أحمد الخليلي مفتي عمان فكان هذا اللقاء ..
العدد الرابع ، جمادى الأولى 1418هـ
عنوانه في الصفحة الأولى ( ضمن لقاءات الوسط مع كبار علماء العالم الإسلامي (مفتي سلطنة عمان الشيخ الخليلي :-
سلامة القلوب ووجود الاحتكاك ، وترك التعصب أهم وسائل التقريب بين المذاهب الإسلامية .التعصب المذهبي والظروف السياسية هي وراء الجهل بالمذهب الإباضي .،
مقدمة : المذهب الإباضي احد المذاهب الإسلامية الثمانية المعتبرة ، وهو من المذاهب التي لها شخصيتها وأصولها وأئمتها كسائر المذاهب الأخرى على أن من المثقفين المسلمين من يجهل به ويكتفي بمجرد السماع بوجوده فلهذا وغيره تعريفا بالمذهب الإباضي وتقريبا لوجهات النظر بين المذاهب الإسلامية واستثمارا لوجود أحد كبار علماء الإباضية بيننا رأت الوسط الالتقاء بفضيلة الشيخ أحمد الخليلي مفتي عمان فكان هذا اللقاء ..
تعريف بالشيخ احمد الخليلي : هو الشيخ العلامة احمد بن حمد بن سليمان الخليلي ولد في زنجبار عام 1942 وطلب العلم على كبار علماء عمان وقد عين مدرسا للفقه واللغة لمدة سبع سنوات في مسجد خور في مسقط ثم عين مديرا للشؤون الإسلامية بوزارة العدل العمانية ثم عين مفتيا لعمان وما يزال .
وهو عصامي تعلم على كبار العلماء ولم يتحصل على أية شهادة أكاديمية وله مؤلفات عديدة منها جواهر التفسير صدر منه ثلاثة أجزاء والحق الدامغ في العقيدة وسلسلة كتب في العقيدة وعوامل تقوية الوحدة الإسلامية في الشعائر الدينية والعبادة وأثرها في حياة المسلم هذا إضافة إلى أنه حفظه الله خطيب بليغ وموسوعي الاطلاع وذو حافظة نادرة .
الوسط : هل لكم أن تعطونا نبذة عن المذهب الإباضي وعوامل نشأته وبعض أفكاره ؟الشيخ الخليلي : بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد ، فقبل كل شيء انني أعتقد اعتقادا أرجو أن أكون فيه مصيبا وهو أن هذه الأمة لا نزاع فيه لأن القرآن الكريم يبين لنا ذلك ويدعونا الى اعتقاده ثم إلى جانب ذلك ...
ثم إلى جانب ذلك علينا أن نفهم أن الدين الإسلامي الواسع جاءنا بعقائد مبسطة وجاءنا ايضا بشريعة سمحة وقد جعل الإسلام الاختلاف في بعض الجزئيات التي تتعلق بالنواحي الشرعية أمرا من محاسن هذا الدين الحنيف فان الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أخبرنا بما يطمئن قلوبنا من ان الاختلاف عندما يكون اجتهادا خالصا لوجهه تبارك وتعالى يؤجر عليه الجميع وذلك عندما قال سبحانه " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها بإذن الله " وكذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أمر المسلمين أن يصلوا العصر في بني قريضة عندما كان الصحابة في الطريق أدركتهم صلاة العصر فانقسموا إلى قسمين فمنهم من أخذ بظاهر قول رسول الله صلى الله عليه سوم وقال لا حرج علينا في تأخير الصلاة وعن ميقاتها لأنه أمر من الشارع عليه الصلاة والسلام ومنهم من قال لا بل المراد بذلك أن نتعجل بالسير وعلينا أن نصلي الصلاة في ميقاتها .
وقد أقر النبي عليه الصلاة والسلام هؤلاء وهؤلاء على اجتهادهم وهكذا كانت هذه الأمة في بداية أمرها أمة متسامحة مهما وقع الاختلاف بين علمائها ثم نجمت مشكلة في هذه الأمة هي مشكلة الخلافة وحصل ما حصل بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم من الاختلاف منذ نقل الله سبحانه رسوله إلى جواره الكريم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم ولكن أذعن الجميع فيما بعد للطريقة التي اتفق عليها المسلمون .والخلفاء الراشدون الذين أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن نسير على هديهم وأن نستن بسنتهم كانت طريقة اختيار كل واحد منهم هي الطريقة المعروفة وهي شورى بين المسلمين وكما أرشدنا الله تبارك وتعالى إليه ، ثم حصل ما حصل من خروج بعض الناس على الخليفة الشرعي على بن أبي طالب رضي الله عنه ثم بعد ذلك كانت قضية التحكيم وهنا كان لأسلاف الاباضية موقف من التحكيم وذلك أنهم رأوه تنازلا من خلي! فة شرعي عن حق شرعي فلم يسوغوه وبعد ذلك وعندما آل الأمر إلى الدولة الأموية بطبيعة الحال انقلب الأمر عما كان عليه من قبل بحيث صار الخليفة يعين من يأتي من بعده وبطبيعة الحال كان كل واحد يعين أقرب الناس إليه فاعتبر كثير من الناس (و من بينهم الإباضية ) أن هذا الأمر هو خروج عن المنهج الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن نتبعه وعن سنة الخلفاء الراشدين ، ورأوا أن أمر الخلافة هو أكبر وأعظم وأجل من أن يفقد أهم أركانه وهو الشورى لأنه أمر يعني الأمة بأسره! ا والأمة بأسرها مطالبة بأن تحافظ على حرمات الله وأن تقوم بشريعة الله وأن تقيم موازين القسط في هذه الأرض وهي مسؤولية كلها عن ذلك فلو عادت الخلافة إلى فرد يتحكم فيها أو إلى أسرة تتحكم فيها بحسب ما تريد فإن ذلك يؤدي إلى نقض عرى هذا الدين عروة عروة ، وفعلا حصل ما حصل حتى قال من قال " من قال برأسه هكذا قلنا له بالسيف هكذا " وفي هذا إسكات للألسن أن تقول كلمة الحق بخلاف ما كان الأمر عليه في عهد الخلفاء الراشدين فإن عمر بن الخ! طاب رضي الله تعالى عنه يقول : " أيها الناس إذا رأيتم في اعوجاجا فقوموه " فقال له أحد الناس : " والله لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا " ولم يكن هذا القول من ذلك الرجل داعيا إلى أن يتبرم أمير المؤمنين من قوله ، أو أن يتأذى منه أو أن يعتبر قوله تعديا على السلطة أو تمردا عليها وانما اعتبر ذلك من المحامد حتى حمد الله على أن أوجد في هذه الأمة من يقوّم اعوجاج عمر بسيفه ، وهذا دليل على أن المنهج الذي اجتمع عليه الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم كان منهجا واضحا لا غبار عليه ومستقيما لا اعوجاج فيه وأن الأمور ساءت فيما بعد وبطبيعة الحال حصل ما حصل وتبلور الفكر الذي سمي فيما بعد بالمذهب الإباضي
وذلك في الحركة التي قام بها بعض الناس الذين كان لهم اتصال بالمحكمّة الأولين ومن المشهورين من هؤلاء الناس : عبدالله بن اباض ولكن هذا الرجل لا يعتبره الأباضيون اماما كإمامة سائر أئمة المذاهب الإسلامية الذين كان لهم فقه مدون وكانت لهم آراء محفوظة واجتهادات معلومة وانما كان عبدالله بن اباض ناطقا باسم الاباضية ولهذا لا تجد في كتب الفقه مسألة واحدة تنسب له قط لا في فقه الإباضية ولا فقه غيرهم ، وانما كان هو الواجهة وكان متكلما باسم الجماعة والممثل لها لدى السلطة ولهذا نسب الناس هذه الجماعة وهي الإباضية إليه وإلا فان المنظر الحقيقي لهذا المذهب هو الإمام أبو الشعثاء جابر بن زيد وهو من أكبر تلامذة الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما
وقد كان الإمام جابر يعالج القضايا بسرية وتكتم ويهيء الجماعة لكي تقوم بهذا الأمر وكان له في ذلك أعوان ، ومن هؤلاء الأعوان من هو معدود من الصحابة رضي ال له عنهم مثل سحار بن عباس العبدي وهو معدود من الصحابة وقد ذكر الحافظ بن حجر أن له رواية للأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك جاء دور الإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي هو تميمي بالولاء لكنه كان ذا أهلية للقيادة وقد اجتمعت فيه المؤهلات القيادية التي تفوق فيها على أقرانه ، وقد كان مع فقره وضعفه وكونه فقد بصره مؤمنا قويا يدير هذا الأمر في سرداب في أرض البصرة ويفتح بصيرته على ما يجري في العالم وكان يرسل الرسل وفي ذلك الوقت كانت الفتوحات تتوالى ولكن كما قال صاحب ( المغرب في تاريخ المغرب ) من أن بني أمية استغلوا الفرصة لإشباع شهواتهم من وراء ذلك فكانوا يأكلون أموال الناس ويبحثون عن الجواري وكان قطيع من الغنم يذهب سدى من أجل البحث عن كبد على لون العسل في الأجنة في أرحام الأمهات فعندما بلغته هذه الأخبار أرسل أحد أصاحبه وهو سلمة بن سعد إلى بلاد المغرب فكان لسلمة دور كبير في نشر هذا المذهب في بلاد المغرب ، وهو الذي قال! عند وداعه لأستاذه : " وددت لو ظهر هذا الأمر يوما واحدا في بلاد المغرب ثم لا أبالي أن تضرب عنقي " وهكذا كان للإمام أبي عبيدة دور كبير في نشر هذا الفكر وهذا المذهب الإباضي والفقه الإباضي في بلاد المغرب وفي بلاد المشرق وقد وصل أصحابه إلى خراسان ومنهم من كان في أرض العراق ومنهم من كان في أرض اليمن ومنهم من كان في عمان ومنهم من وصل إلى مصر ومنهم من وصل إلى المغرب وتكونت المجموعة المعروفة بـ (حملة العلم إلى المغرب )من مدرسة أبي عبيدة وفي أيام أبي عبيدة عقدت ثلاثة إمامات! فقد عقدت الإمامة أولا في بلاد المشرق للإمام طالب الحق عبدالله بن يحيى الكندي الذي أوفد إلى الحجاز أبا حمزة الشاري المشهور وبويع في اليمن ووصل جيشه إلى الحجاز ودخل مكة بهم وقاتل ، وقد قوتل هذا الجيش في أرض قديد وانتصر ثم بعد ذلك قوتل فكانت الكرة عليه وعلى أية حال لعلنا ان رجعنا إلى التاريخ عرفنا المنهج الذي سارت عليه هذه الجماعة المعروفة بالإباضية فعندما دخل طالب الحق بلاد صنعاء وكان هو وأصحابه على فقر مدقع حتى وصفهم أبو حمزة بأن النفر الكثير منهم كانوا يتعاقبون على بعير واحد وجدوا الأموال التي جباها القاسم الثقفي عامل بني أمية وأخذها من صنعاء عنوة ولكن الإمام طالب الحق لم يستبح أن يأخذ منها شيئا لنفسه ولا لأصحابه بل وزعها بين أهل صنعاء لأنها أخذت منهم بغير حق فرأى أن يردها عليه وهكذا كانت معاملة الإباضية لكل جماعة من جماعات المسلمين عندما يحكم عليهم من قبلهم بالبغي فإنهم لا يستبيحون شيئا من أموالهم والإمام أبو الخطاب ( وهو أول إمام بويع في المغرب! ) عندما استنجدت به امرأة من أرض القيروان بعدما جارت عليها القبيلة( وهي قبيلة صفرية المذهب ) وذهب لإنجادها بجيش خطب في الجيش قائلا ( إن هؤلاء لم يخرجوا عن ملة التوحيد ولا نستبيح أن نأخذ من أموالهم شيئا قط ) وعندما وقعت المعركة وخرج الناس من ديارهم بعد المعركة ظنوا أنهم سيجدون المتاجر مسلوبة والمزارع متلفة لكنهم وجدوا عكس ذلك وعندما مرت امراة بأرض المعركة ووجدت أن كل جندي فيها بسلبه ولم تؤخذ أسلابهم قالت :" كأنهم رقود " فسمي المكان " رقادة " إلى الآن في القيروان ،
تابع