تحديات الحاضر والمستقبل . لسماحة الشيخ العلامة احمد بن حمد الخليلي .. حفظه الله تعالى

    • تحديات الحاضر والمستقبل . لسماحة الشيخ العلامة احمد بن حمد الخليلي .. حفظه الله تعالى

      مقدمة

      الحمد لله الذي شرع لعباده الإسلام دينا ظليل الأفياء، واسع الأرجاء مدرار العطاء، شامخ البناء.
      أحمده تعالى بما هو له أهل من الحمد وأشكره، وأتوب إليه من جميع الذنوب وأستغفره، وأومن به ولا أكفره ، وأعادي من يكفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكه له، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. صلي الله وسلم تسليما عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى تابعيم بإحسان إلى يوم الدين.

      سعادة الأخ الأمين العام لهذه الجامعة. سعادة عميد كلية التربية والعلوم الإسلامية، أيها الأخوة الأساتذة الكرام، أيها الأبناء الطلبة، أيتها البنات الطالبات.
      السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته
      وبعد: فما كنت أحسبني أنني سأتحدث في هذا اللقاء وإنما كنت أظن أنني سأجلس في مقاعد المستمعين لأصغي إلى ما يقال في هذه المنصة. لأن الرسالة التي وجهت إلي من معالي رئيس الجامعة كان فيها طلب حضوري لأجل رعاية هذا اللقاء الميمون ولكنني علمت أخيرا بأنني سأكون مع المتحدثين، وبضاعتي وإن كانت مزجاة سأقدمها وإن كنت أعلم أن الحاضرين هم عمالقة الفكر الذين هم أقدر على العطاء مني بكثير.

      يتبع ... حال الأمة وحقيقة الأستعمار
    • حال الأمة وحقيقة الاستعمار

      لا ريب أننا جميعاَ نعايش معاناة هذه الأمة الإسلامية وما تعانيه من قبل أبنائها فإن مصيبة الأمة من قبل أبنائها ليست بأقل من مصيبتها من قبل أعدائها، فالأمة الإسلامية رزئت كما رزئت الأمم الأخرى المختلفة بالاستعمار، الذي غزا فكرها وانحرف بمسلكها فبعدت عن سواء الصراط، وتلقت كل ما يلقي إليها بتقبل ذلك؛ لأن من شأن الضعيف أن يتقبل من القوي. ولم يكن هذا الضعف راجعاَ إلى مبادئها وأفكارها وإنما هو راجع إلى نفسها؛ والمبدأ لا يدان بانحراف من ينتسب إليه. ولقد شاء الله سبحانه وتعالى أن يرحل الاستعمار بعتاده العسكري وبسياسته الظاهرة إلا أنه بقي مهيمناَ على الفكر، فتخليص هذه الأمة من تلكم الرواسب التي خلفها الاستعمار في فكره من أهم واجباتها وإن مما أذكاه الاستعمار بدهائه نار الفتنة التي شبت في نفوس هذه الأمة، فمن هنا كان لزاماَ عليها أن تراجع نفسها وأن تقضي على كل أسباب الفتنة فيما بينها. ولئن كان هذا القرن أوشك على النهاية بكل ما فيه من مآسي وبكل ما فيه من محن وبلاوي، فإن على هذه الأمة وهي تستقبل القرن الجديد أن تستقبله متهيئة لأن تتبوأ المكانة اللائقة بها؛ ذلك لأن العالم اليوم أصبح بأسره يتطلع إلى هذه الأزمة وما عندها ، ولقد جرب هذا العالم في الماضي نظامين خطيرين كانا يتنافسان ، وقد انقسمت الأمة بسبب ضعفها مع هذين النظامين ، فوجه جانب منها وجهه نحو جانب ووجه جانب منها وجهه نحو شطر الجانب الآخر إذ تبع بعضهم هذا النظام واتبع الآخرون ذلك النظام ولكن ثبت أن النظامين جميعاً فاشلان ، فقد كابدت الإنسانية ما كابدته من قبل الرأسمالية الجائرة وظنت أنها ستجد في النظام الاشتراكي أو في النظام الشيوعي متنفساً ولكن أنى لها ذلك !؟ فإذا بها ترتمي في أتون هذا النظام الأحمر اللاهب فقاست ما قاسته وكابدت ما كابدته وإذا بالشيوعية نفسها الآن تركع أمام عدوتها الرأسمالية لتستجدي منها الحل وأنى لها أن تجد الحل في النظام الرأسمالي وهي نفسها ما كانت إلا ردة فعل للجور الرأسمالي ؟ وبفشل هذين النظامين جميعاً فإنه لم يبق ليرشح لقيادة الإنسانية إلا هذه الأمة الإسلامية. فهل هي متهيئة لذلك ؟

      يتبع ..المستقبل لهذه الأمة
    • المستقبل لهذه الأمة

      إن أعظم مشقة ستكابدها الأمة التهيؤ لهذا الأمر لأنها لم تعد نفسها له من البداية ولقد يظن الكثير بأنني متفائل أكثر مما ينبغي أن يتفاءل الإنسان عندما ما أتحدث عن الإسلام بأنه هو الذي سيقود الإنسانية في المستقبل. إلا أنني أقول بأنني لم أقل الذي قلته اعتباطاَ وإنما قلته بناءَ على ما فهمته من سير أحوال البشر وما فهمته أيضاَ مما يقال من قبل المفكرين الغربيين الذين أسلموا والذين لم يسلموا فالكل يتطلع إلى هذا الإسلام.
      والكل يرى أن المشكلات التي تعانيها الإنسانية وفي مقدمتها العالم الغربي لا يمكن أن تحل إلا من قبل الإسلام دين الله تعالى الحق، فقبل نحو أربع سنوات تحدث جورباتشوف آخر زعيم للاتحاد السوفييتي المنهار في قناة تلفزيونية بريطانية وقد طرح عليه سؤال: هل ستبقى الشيوعية في فيتنام وفي الصين؟ فأجاب: كلا: إنها ميتة ولا يمكن للميت أن يبقى فسئل عن البديل فقال لا أعتقد أن البديل في الرأسمالية ولا في الإشتراكية ولا في الديمقراطية وإنما هو في نظام آخر فعلينا أن نتكيف وفق حضارة جديدة. فما هي الحضارة الجديدة المنتظرة؟
      أهي حضارة الهندوس عباد البقر؟ أم هي حضارة الوثنيين الذين يقدسون الأحجار ويسجدون للأشجار؟ أم أنها الحضارة الإسلامية النابعة من العقيدة والمفاهيم القيمة التي تتعلق بالإنسان والمبدأ والمعاد؟ إن كتاب الله الخالد حافل بحل كل مشكلة من مشكلات هذه الإنسانية ولئن كان هذا التفاؤل يصدر من رجل كان من قادة الشيوعية ومن سدنة معابدها فكيف بالإنسان المسلم الذي يؤمن إيماناَ من أعماق نفسه أن الحق هو ما أنزله الله تبارك وتعالى في كتابه. وأن الله عز وجل لابد من أن ينجز وعده لعباده.
      ولقد تطلع بعض المفكرين الإسلاميين إلى هذا الأمر قبل أكثر من نصف قرن من الآن وأدرك بفكره الثاقب أن الإسلام قادم وأن النظامين كليهما سوف ينهاران أمام الزحف الإسلامي وسوف يصطدمان بالفطرة التي فطر الله تبارك وتعالى البشر عليها. فالداعية الإسلامية الأستاذ أبو الأعلى المودودي تحدث في لقاء في شهر فبراير عام 1946م قبل أكثر من خمسين سنة من الآن وقال في حديثه: سيأتي بلا شك اليوم الذي تتحير فيه الشيوعية في موسكو نفسها بدون أي ملجأ وتتعثر فيه الرأسمالية في واشنطن نفسها بدون أي منجا وتهيم فيه المادية في جامعات لندن وباريس وتتلاشى فيه العنصرية حتى عند البراهمة والألمان وإنما تبقى عبرة في التاريخ قصة من يحمل عصى موسى تحت إبطه وهو يخشى من الحبال والخشب. وهذا هو مثلنا اليوم. فإننا نحمل القوة ولكننا نخشى من الحبال والخشب أو نخشى من الأوهام. فالأمة الإسلامية عندها كتاب الله الذي يقول سبحانه وتعالى فيه : ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ) الأنعام ـ 30 ومع ذلك تستجدي هذه الأمة الحلول من هنا وهناك وتخضع لما عند الآخرين فإذن العيب فينا وعلينا أن نكشف الثروة التي عندنا. وبجانب هذه الشهادة التي يقولها جورباتشوف سمعت قبل ما يقرب من ربع قرن من الآن من رجل يوغسلافي الأصل ولكنه انتقل إلى بريطانيا من جحيم الشيوعية في يوغسلافيا وقد عقد مؤتمر في فندق البستان ببيت مري بجبل لبنان وحضر هذا الرجل ذلك المؤتمر من أجل مكافحة الشيوعية وقد كنت من ضمن الحاضرين. وعندما تحدث عن خطورة الشيوعية قال: إنه لا يقوى على مقاومة الشيوعية إلا المسلمون لما آتاهم الله تعالى من القوة. وأعظم قوة عندهم القرآن الكريم وهو الكتاب الخالد الذي يهيئ أتباعه العاملين به لأجل تحدي كل قوة تقف في سبيلهم. وقد ظننت الرجل مسلماَ مع أن الذي عرب كلامه كان أيضاَ غير مسلم فقد كان الذي يترجم كلامه أحد نصارى لبنان يسمى جربريكار.

      يتبع : الأنظار الى حضارة الأسلام
    • مقالة يقال فيها أكثر من رائعة
      نشكر لكم نقلها هنا وجزاء الله كاتبها المحبوب في قلوبنا الرجل السمح الذي جذب قلوب كل المسلمين بمختلف مذاهبهم سماحة الشيخ أحمد الخليلي- أكثر الله من أمثاله.
      وجميع أهل عمان الطيبة