قال لي وقد اغرورقت عيناه بالدموع :.
لقد انتهى مشواري الوظيفي بالتسريح وأنا في ريعان الشباب .. ذهلت وأنا استمع لهذه العبارة التي ليس بالسهولة تصديقها ، كون الفتى يافعاً وبكامل قواه العقلية والبدنية ، وعلى درجة عالية من التفاني والإخلاص والإنضباط .. فضلاً عن أن شبح التقاعد لا يزال بعيداً عنه .
وبرغم أني لم أجرب عليه كذبا.. ألا أنني شككت في مصداقية حديثه .. إذ لا يعقل البتة أن يسرح موظف كهذه طريقة ، بدأ مشواره الوظيفي كموظف بمصنع التمور بولاية نزوى ، قبيل أن تتم خصخصة مصانع التمور ، لتؤول إلى شركة تمور عمان ، فلم يمانع صاحبنا من خوض هذه التجربة ليقينه وثقته في توجهات الحكومة الرشيدة ، الرامية إلى إعطاء القطاع الخاص دوراً ريادياً للإسهام في صياغة أطر التنمية .
وكانت بادرة طيبة من الشركة عندما أسندت إليه مسئولية إدارة المصنع ، فعمل كل ما بوسعه ليكون عند حسن الظن وعلى مستوى المسئولية الملقاة على عاتقه ، فسخر وقته ، وكرس جهده طيلة الفترة الزمنية التي أمضاها في خدمة الشركة منذ عام 1996م ، يدفعه في ذلك حبه الجم لوطنه صاحب الفضل بعد الله عليه في الوصول إلى هذه المرتبة .
أدرك صاحبي بعد هذا الصمت أنني غير مصدق لما قال ، فأخرج قرار الفصل الصادر عن الشركة قاطعاً الشك باليقين ، مضيفاً بأنه تسلمه وهو على سرير المرض بمستشفى الجامعة ، حيث أجريت له عملية جراحية ، في إيحاء لغياب الرحمة والشفقة ..وهذه ترجمة لنص القرار الذي كتب باللغة الإنجليزية :.
(( هذه الرسالة بعد المناقشات من شهر نوفمبر2001 م ، وبما تعرفه من أن الشركة تحت التصفية وأنت جزء من الفريق الذي استبقته الشركة لخدمتها خلال فترة التصفية .
لذلك لقد أمرنا بتخفيض القوى العاملة مرة أخرى ، ولن يكون بالإمكان الإبقاء على خدمتك بالشركة .. هذا الإجراء ضرورياً لأسباب خارج سيطرتنا ولا يعكس كفاءتك ولا عملك المخلص .
نحن نأسف بعمق للحاجة إلى القيام بهذا الإجراء ، ولكن لم يكن خيار آخر في هذه المرحلة .
الفترة المتبقية لمدة شهر سوف تبدأ من الأول من أغسطس ، وتنتهي في الثلاثين منه لهذا العام 2002م .
جميع حقوق العاملين المفصولين منذ 15 نوفمبر 2001م وحتى 30 أغسطس سوف يتم احتسابها وترتيبها ليتم الدفع في أقرب فرصة ممكنة .
نحن بصدق نشكرك على صدقك وجهودك المخلصة منذ السنوات العديدة الماضية ، ونتمنى لك الأفضل في المستقبل ))
انتهت الرسالة .. ومعها انتهت طموحات هذا الشاب ، دون أن تشفع له خاتمة رسالة الفصل المنمقة في توفير لقمة العيش الكريمة له ولأسرته المكونة من أب وأم طاعنين في السن ، وزوجة وأطفال في عمر الزهور ، وظروف بالغة الصعوبة ، ومتطلبات معيشية وحياتية مرهقة ، وديون وفواتير لا أول لها ولا آخر .
ترى .. هل توقيت تسليم القرار بالمستشفى كان مناسباً ؟ أيعقل أن تكون نهاية العاملين في مؤسسات القطاع الخاص بمثل هذا الأسلوب السيئ ؟ وكيف نستطيع توطين الثقة في نفوس العاملين بهذا القطاع ؟ وما مصير النخلة العمانية بعد إغلاق مصانع التمور وهي التي كانت المنفذ الرئيسي لتسويق التمور ؟ وهل سيكون لهذا الضحية فرصة العودة لعمله من خلال وزارة الزراعة والثروة السمكية .
هذه قضية من القضايا الشائكة ، وهي معروضة على الرأي العام ، وأيضاً على من يعنيهم الأمر للنظر في فحواها لكي لا تتفاقم المشكلة ، وتتلاشى الثقة في قطاع ترى حكومتنا الرشيدة بأن يكون ساعدها الأيمن ، والله الموفق وهو من وراء القصد .
لقد انتهى مشواري الوظيفي بالتسريح وأنا في ريعان الشباب .. ذهلت وأنا استمع لهذه العبارة التي ليس بالسهولة تصديقها ، كون الفتى يافعاً وبكامل قواه العقلية والبدنية ، وعلى درجة عالية من التفاني والإخلاص والإنضباط .. فضلاً عن أن شبح التقاعد لا يزال بعيداً عنه .
وبرغم أني لم أجرب عليه كذبا.. ألا أنني شككت في مصداقية حديثه .. إذ لا يعقل البتة أن يسرح موظف كهذه طريقة ، بدأ مشواره الوظيفي كموظف بمصنع التمور بولاية نزوى ، قبيل أن تتم خصخصة مصانع التمور ، لتؤول إلى شركة تمور عمان ، فلم يمانع صاحبنا من خوض هذه التجربة ليقينه وثقته في توجهات الحكومة الرشيدة ، الرامية إلى إعطاء القطاع الخاص دوراً ريادياً للإسهام في صياغة أطر التنمية .
وكانت بادرة طيبة من الشركة عندما أسندت إليه مسئولية إدارة المصنع ، فعمل كل ما بوسعه ليكون عند حسن الظن وعلى مستوى المسئولية الملقاة على عاتقه ، فسخر وقته ، وكرس جهده طيلة الفترة الزمنية التي أمضاها في خدمة الشركة منذ عام 1996م ، يدفعه في ذلك حبه الجم لوطنه صاحب الفضل بعد الله عليه في الوصول إلى هذه المرتبة .
أدرك صاحبي بعد هذا الصمت أنني غير مصدق لما قال ، فأخرج قرار الفصل الصادر عن الشركة قاطعاً الشك باليقين ، مضيفاً بأنه تسلمه وهو على سرير المرض بمستشفى الجامعة ، حيث أجريت له عملية جراحية ، في إيحاء لغياب الرحمة والشفقة ..وهذه ترجمة لنص القرار الذي كتب باللغة الإنجليزية :.
(( هذه الرسالة بعد المناقشات من شهر نوفمبر2001 م ، وبما تعرفه من أن الشركة تحت التصفية وأنت جزء من الفريق الذي استبقته الشركة لخدمتها خلال فترة التصفية .
لذلك لقد أمرنا بتخفيض القوى العاملة مرة أخرى ، ولن يكون بالإمكان الإبقاء على خدمتك بالشركة .. هذا الإجراء ضرورياً لأسباب خارج سيطرتنا ولا يعكس كفاءتك ولا عملك المخلص .
نحن نأسف بعمق للحاجة إلى القيام بهذا الإجراء ، ولكن لم يكن خيار آخر في هذه المرحلة .
الفترة المتبقية لمدة شهر سوف تبدأ من الأول من أغسطس ، وتنتهي في الثلاثين منه لهذا العام 2002م .
جميع حقوق العاملين المفصولين منذ 15 نوفمبر 2001م وحتى 30 أغسطس سوف يتم احتسابها وترتيبها ليتم الدفع في أقرب فرصة ممكنة .
نحن بصدق نشكرك على صدقك وجهودك المخلصة منذ السنوات العديدة الماضية ، ونتمنى لك الأفضل في المستقبل ))
انتهت الرسالة .. ومعها انتهت طموحات هذا الشاب ، دون أن تشفع له خاتمة رسالة الفصل المنمقة في توفير لقمة العيش الكريمة له ولأسرته المكونة من أب وأم طاعنين في السن ، وزوجة وأطفال في عمر الزهور ، وظروف بالغة الصعوبة ، ومتطلبات معيشية وحياتية مرهقة ، وديون وفواتير لا أول لها ولا آخر .
ترى .. هل توقيت تسليم القرار بالمستشفى كان مناسباً ؟ أيعقل أن تكون نهاية العاملين في مؤسسات القطاع الخاص بمثل هذا الأسلوب السيئ ؟ وكيف نستطيع توطين الثقة في نفوس العاملين بهذا القطاع ؟ وما مصير النخلة العمانية بعد إغلاق مصانع التمور وهي التي كانت المنفذ الرئيسي لتسويق التمور ؟ وهل سيكون لهذا الضحية فرصة العودة لعمله من خلال وزارة الزراعة والثروة السمكية .
هذه قضية من القضايا الشائكة ، وهي معروضة على الرأي العام ، وأيضاً على من يعنيهم الأمر للنظر في فحواها لكي لا تتفاقم المشكلة ، وتتلاشى الثقة في قطاع ترى حكومتنا الرشيدة بأن يكون ساعدها الأيمن ، والله الموفق وهو من وراء القصد .