فتاوي عامة عن الزكاة

    • فتاوي عامة عن الزكاة


      أولا : مقدمة في باب الزكاة
      س2: تقديـم باب الزكاة عن بابالصيام عند الفقهاء، تارة يقدِّمون الزكاة وتارة يقدِّمون الصيام وربَّما العالمالواحد-وضرب هو مثالا بالشيخ السالمي-يقدِّم في كتابٍ الصيام ويقدِّم في كتابٍ آخرالزكاة ؟ج: نعم، وقع ذلك كثيرا لكثير مِن أهل العلم، ووقع ذلك فيكتب الفقه كما أنه وقع في كتب الحديث ووقع-أيضا-في فنون أخرى، فالإمام السالمي-رحمهالله تبارك وتعالى-كما ذكر الأخ السائل قَدَّمَ في " جوهر النظام " كتاب الصيام علىكتاب الزكاة بينَمَا قدَّم في كتاب " مدارِج الكَمَال " كتاب الزكاة على كتابالصيام، وفي " تلقِين الصبيان " كذلك قدم كتاب الصيام، ووقع ذلك لغيره-رحِمه اللهتبارك وتعالى-كما أشرت وكذلك وقع-أيضا-لطائفة كبيرة مِن أئمة الحديث، فنحن إذا جئناإلى الكتب المشهورة مِن كتب الحديث فإننا نَجِد بعض مُصَنِّفِيها قدَّموا كتابالصيام على كتاب الزكاة وبعضهم عكس ذلك كما أن بعضهم قدَّم كتاب الحج على كتابالصيام، ومِنَ الذين قدَّموا كتاب الزكاة على كتاب الصيام الإمام مالك في " الموَطَّأ " وكذلك صَنَع الإمام مسلم في صحيحه وكذلك صنع الترمذي في جامِعِهوالدارمي في كتابه المشهور بـ " المسند " وإلا فهو مُرَتَّب على كتب الفقه المشهورةوكذلك صَنَع ابن الجارود وهو-أيضا-صنيع طائفة كبيرة مِن المحدِّثِين وإنَّما اكتفيتبِهذه الكتب لأنَّها هي الكتب المشهورة، بينما قدَّم الإمام البخاري كتاب الحج علىكتاب الصيام .. قدَّم أوَّلا كتاب الصلاة وأعنِي بالبحث هاهنا الكتب الفقهية .. قدَّم أوَّلا كتاب الصلاة ثم ذكر بعد ذلك كتاب الزكاة ثم بعد ذلك ذكر كتاب الحج ثمبعد ذلك ذكر كتاب الصيام، وكذلك قدَّم الإمام أبو داود كتاب الحج على كتاب الصيامولكنَّه أَخَّر كتاب الصيام كثيرا فذَكَر قبله كتاب النكاح والطلاق وهكذا، بينمابعض العلماء قدَّم-أيضا-كتاب الصيام على الزكاة .. صَنَع ذلك الإمام النسائي فيسُنَنِه الصغرى على تقدير أنَّه هو المرتِّب لَها كما هو مشهور عند طائفة كبيرة مِنالمحدِّثِين مع أنَّه في " السنن الكبرى " قدَّم كتاب الزكاة، وقد قدَّم كتابالصيام-أيضا-ابن ماجة في سننه وأخَّر كتاب الحج كثيرا .. ذَكَره بعد كثير منالأبواب كأبواب النكاح والطلاق والبيوع وكثير مِن الأبواب الأخرى، وكذلك قدَّم ابنخُزيْمَة كتاب الصيام على كتاب الزكاة، ونَحن إذا جئنا إلى بعض العلماء الذينرتَّبُوا بعض كتب الحديث لِمن سبقهم فإننا نَجد-أيضا-أنَّهم قد اختلفوا في التقديموالتأخير بين الصيام والزكاة، فنَجِد الإمام أبا يعقوب-رحمه الله تبارك وتعالى-قدقدَّم كتاب الصيام عَلَى كتاب الزكاة عندما رَتَّب الجامع الصحيح وهذا على تقديرأنَّ الإمام الربيع-رحمه الله تبارك وتعالى-لَم يصنع ذلك مِنْ قبل والمسألة فيهاكلام طويل لا حاجة إليه الآن، وكذلك نَجِد سنْجَر عندما رَتَّبَ مُسْنَدَ الشافعيلكن البَنَّا عندما جاء إلى ترتيب مُسْنَد الشافعي قدَّم كِتَاب الزكاة على كتابالصيام، وكذلك نَجد في صحيح ابن حبان كتاب الزكاة مقدَّما على كتاب الصيام وهكذا،فإذن الأمر موجود عند طائفة كبيرة مِن أَهْلِ العلم، ثم إنَّنَا إذا جِئْنَا إلىالإمام السالمي-رحمه الله تبارك وتعالى-نَجد أنَّه في كتاب " مدارج الكمال " قدنَظَمَ كتاب " مُخْتَصر الخصَال " للإمام أبي إسحاق-رحمه الله تبارك وتعالى-والإمامأبو إسحاق الحضرمِي-رحمه الله-قد قَدَّم في كتابه كتاب الزكاة على كتاب الصيام،بينما حَرَّرَ في " جوهر النظام " أُرْجُوزَة العلامة الصائغي، والصائغي قد قدَّمكتاب الصيام على كتاب الزكاة فلذلك تابعهما الإمام-رحِمه الله تبارك وتعالى-على هذاالترتيب، على أنَّنا نَجد أن العلماء قد قدَّموا وأخَّروا في كُتُب كثيرة أو فيأبواب كثيرة مِن كتبهم في البيوع والأنكحة وفي غَيْرِها، فمثلا نَجد كتاب البيوعمُقَدَّما على كتاب الأنكحة في " المدارج " والأمر بعكس ذلك في " جوهر النظام " ونَجد أيضا الإمام السالمي-رحمه الله تبارك وتعالى-قد ذكر أبواب الحيض والنفاس فيالجوهر بعد أبواب الأنكحة بينما ذَكَره في الطهارات في " مدارج الكمال " وكذلكبالنسبة إلى كثير من الأبواب، وفي كثير من الأحيان يكون العالِم مُتَابِعا لغيرهبسبب اختصاره أو ترتيبه أو شرحه لكتاب غيره مِمن سبقوه، وكما وقع للإمام السالِميوقع للإمام القطب-رحمه الله-فإنه قدَّم في " الذَّهب الخالص " كتاب الزكاة على كتابالصيام لأنه مُختصِر في هذا الكتاب لكتاب " القواعد " للشيخ إسماعيل-رحمهالله-والشيخ إسماعيل قد قدَّم كتاب الزكاة على كتاب الصيام، بينما في " الجامِعالصغير " قدَّم كتاب الصيام على كتاب الزكاة لأنه مُختصِر في هذا الكتاب لكتاب " الوضع " والحاشية، وصاحِب " الوضع " قَدْ قدَّم كتاب الصيام على كتاب الزكاة وهكذا،فهنالك اعتبارات متعدِّدَة للعلماء عندما يقدِّمون كتابا على كتاب وقد يكون ذلك هوالأولى وقد يكون الأمر بخلاف ذلك، فمن يقدِّم الزكاة-مثلا-على الصيام ينظر أنَّالزكاة قد ذُكِرَت بعد الصلاة مباشرة في آيات كثيرة جدا، وكذلك جاء في الحديثالمشهور .. حديث ( بُنِيَ الإسلام على خَمس ... ) ذَكَرأولا شهادة أن لا إله إلا الله وأن مُحمدا رسول الله ثم ذَكَرَ الصلاة ثم ذَكَر بعدذلك الزكاة، بيْنَما الذين قدَّموا الصيام على الزكاة نظروا إلى أنَّ الصيام فُرضقبل الزكاة وهذا بناء على رأي مَن يرى أنَّ الزكاة فُرِضَت بعد الهجرة إلى المدينةوبعد الصيام، والصواب أنَّها قد فُرِضَت قبل ذلك أي أنَّها فُرِضَت في مكة، ومنهممن نظر إلى أن الصيام عبادة بدنية فذَكَرَها بعد كتاب الصلاة التي هي عبادة بدنِيةبينما الزكاة عبادة مَالية فذَكَرها بعد الصيام وهكذا، والذي نريد أن نُنَبه عليهأنه ينبغي الاعتناء بالتفقه في شَرْعِ الله-تبارك وتعالى-بِمعرفة كتاب الله-تباركوتعالى-وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومعرفة كلام أهل العلم فهذا هو الذي ينبغي أنيُهْتَمَّ به أما الترتيب فهو أمر تَنْسِيقِي؛ والله-تبارك وتعالى-وليالتوفيق.

      ثانيا : زكاة النقدين ( الذهب والفضة )
      س32: شخص يعطي أباه جزءاً من راتبه لقلة دخله ويريد إعطاء والده زكاة الذهب بنية الزكاة فهل يجوز له ذلك ؟
      الجواب :-
      الأب لا يعطى من الزكاة .. ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يعطى من الزكاة أبدا .
      وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إن كان يعطيه من الزكاة لأمر آخر غير النفقة فيمكن مثلا إذا كانت لذلك الأب ديون فإن الولد لا يلزم بقضاء الديون فإنه يمكن أن يعطيه من الزكاة ليصرفها لسد تلك الديون أما المال الذي يدفعه إليه لينفقه فلا .
      وذهب بعض العلماء إلى المنع مطلقاً .
      والقول بالتفصيل له وجه وجيه من الصواب .

      س33: في ضم الذهب إلى الفضة ؟
      الجواب :-
      الجمهور أن أحدهما يضم على الآخر والذي يظهر لي أنه لا يضم لأني لم أجد دليلاً وإن كان القول بالضم احفظ .. واسلم فالسلامة أن يضم الإنسان ولكن لا أقول على حسب ما أراد أن ذلك على سبيل الإيجار وإنما هو على سبيل الاحتياط .




      ثالثا : زكاة الأوراق النقدية

      رابعا : زكاة الراتب الشهري

      خامسا : زكاة المستغلات
      1) زكاة البيت المؤجر

      2) زكاة سيارات الأجرة
      سادسا: زكاة الدين
      س10: إذا استقرض الإنسان مبلغا معيّنا وحال عليه الحول وهو في يده، هل يزكّى منه؟ج: إذا كان ذلك المال في يده ولا ينو أن يقوم بقضائه في ذلك الوقت فهويعدّ ملكا له لأنه يمكن بعد ذلك أن يقوم بقضاء ذلك الحقّ الذي عليه من هذا المالالذي في يده ويمكن أن يقوم بإنفاق هذا المال في أمور أخرى ويقوم بقضاء ذلك الحقالذي عليه من مال آخر، أما إذا كان ينوي أن يقوم بقضاء هذا الدين الذي عليه في هذاالوقت فإنه لا زكاة عليه .. هذا هو الذي أراه في هذه القضية، والله أعلم، فالعبرةهل سيردّه الآن أو لا ؟ فإن كان سيردّه الآن فهو ليس ملكا له، أما إن كان سيصل إلىاليوم الذي وجبت فيه الزكاة فلابد من الزكاة، لأنه يُعتبر في حكم ماله.



      سابعا: زكاة الفطر

      أولا : ملخص عام لأحكام زكاة الفطر
      س1: نَوَدُّ-في البداية-أن تُعْطُونَا نُبذةً مُخْتَصَرَة عن زكاةِ الفطْر.
      ج: إنّ زكاةَ الفطْر مِمّا اختلَف العلماء في حُكْمِها:
      1-ذهب الجمهور الأعظم إلى أنها واجبة، حتى أنّ بعضَ أهلِ العلم حكى عليه إجماعَ من يَحفظ عنه مِن أهل العلم.
      2-وذهبتْ طائفةٌ قليلةٌ جدا إلى أنها سنّةٌ مِن السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
      ولا شك أنّ القولَ الأول هو القولُ الصحيح الثابِت، وذلك لِدلالةِ الحديثِ الصحيحِ الثابِت عن النبي e ، فقد جاء في الحديث النص الصريح على وجوبها: ( فَرَضَ رسولُ الله e زكاةَ الفطْر )، فهذا نصٌّ صرِيح واضِح جلِي لا غموضَ فيه يَدلّ دلالةً لا شك فيها على أنّ زكاةَ الفطر واجبة.
      وقول مَن قال بِأنها كانتْ واجبةً في البداية ثم بعدَ ذلك نُسِخَتْ قولٌ ضعيفٌ جدا لا يُعوَّلُ عليه.
      وما جاء في بعضِ الروايات أنّ رسولَ الله e سَنَّ زكاةَ الفطْر ليس معناه بأنها سنّةٌ مِن السنن، وإنما معنى ذلك أنها ثبتَتْ بِالسنّة.
      ومِن المعلوم أنه إذا جاء على لسانِ صحابةِ رسولِ الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-لفظُ " السنّة " لا يمكن-بِحال-أن يُحمَلَ على أنه يُراد بِه السنّة التي اصطَلَحَ الناس عليها، وإنما يُحمَلُ تارةً على الوجوب وتارةً على السنّة بِحسبِ القرائن التي تَدُلّ على ذلك، وهذا مِمّا ينبغِي أن يُنتبَه إليه، فإنّ كثيرا مِن الاصطلاحات يَختلِف الناس فيها .. يَختلِفون تارةً مِن مكانٍ إلى مكان وتارةً مِن زمانٍ إلى زمان .. هؤلاء اصطلَحوا على أنّ هذا اللفظ يُحمَل على كذا وأولئك اصطلَحوا على خلافِ ذلك، ولا يُمكِن أن نَحمِلَ هذا الاصطلاح الذي اصطلَحَتْ عليه تلك الطائفة أو كان يَجرِي على لسانِهم على ما تُعُورِفَ عليه أو اصطُلِح عليه عندَ طائفةٍ أخرى جاءتْ بعدَ ذلك أو كانتْ في بقعةٍ أخرى مِن الأرض، ولذلك أمثلةٌ كثيرة جِدا يَطول المقام بِذكرِها:
      مثلا نَجِد في بعضِ الروايات: ( مَن سَجَدَ سجْدَتَيْن ) .. يَتبادَر إلى الناس في المراد بِالسجود السجود المعروف، ولكنّ المراد مِن ذلك: " صلّى ركعتيْن " .. أي إذا جاء مثلا: " سجد سجدتين ".
      هكذا في كثيرٍ مِن الروايات.
      وهكذا ينبغِي أن يَدرُسَ طالب العلم المصطلَحات التي اصطلَح عليها الناس أو كانتْ تُطلَقُ في زمنِهم على اختلافِ طبقاتِهم واختلافِ أزمانِهم حتى لا يَقَعَ في الخطإ الكبير.
      فمثلا لفظُ " الكراهة " عندَ كثيرٍ مِن المتقدِّمِين يُطلَقُ على " التحريم "، فقد يَجِدُ طالِب العلم-مثلا-كلاما لِبعضِ أهلِ العلم قال فيه: " هذا الأمر مكروه " فيَحمِل ذلك على كراهةِ التنزيه التي اصطلَح عليها المتأخِّرون والأمْرُ بِخلافِ ذلك، فإذن لابد مِن معرفةِ ذلك.
      زكاةُ الفطْر إذن القولُ الصحيح أنها واجِبَة، واختلَف العلماء في بعضِ الأمور بعدَ ذلك وإن قالوا بِالوجوبِ في الجملَة:
      اختلَفوا على مَن تَجِب ؟ ولا شك بِأنها تَجِبُ على المسلِم، ولا تَجِب على الكافر وإن وُجِدَ بيْنهم خلافٌ في بعضِ الجزئيات .. في قضيةِ تكليفِ الكافِر بِالفروع .. على رأيِ مَن يَقول: " إنّ الكفار مُخاطَبون بِفروعِ الشريعة " هل تُستثنَى مثلُ هذه المسألة فلا يُخاطَبون بِها لِقولِه e في الحديث: ( مِن المسلِمين ) أو أنهم لا يَخرجُون عن ذلك وإنما المراد بِالوجوب هاهنا الوجوب الذي تُخرَجُ بِه الزكاة عن المسلِمين لا الوجوب في حقيقة الأمر ؟ وفائدةُ ذلك في العقوبةِ الأخْرَوِية.
      وكذلك في الزوجة إذا كانتْ كتابية .. إذا كان رَجُل تَزَوَّجَ امرأةً كتابية هل عليه أن يخرج عنها أو ليس عليه أن يخرج عنها ؟ بناء على رأيِ مَن يَقول: " إنّ الزوج يخرج عن زوجتِه مطلَقا " أو " إذا كانتْ فقِيرة ".
      ولا شك أنّ القولَ الراجِح أنّ الزوج لا يَجِب عليه أن يخرج عن زوجتِه.
      وحتى لَو أَخَذْنا بِالرأيِ الآخَر-مثلا-فإنه لا يَجِب عليه أن يُخرِج عنها إذا كانتْ كافِرَة، على أنّ الصحيح عندَنا أنه لا يَجِب عليه أن يخرج عنها مطلَقا سواء كانت غنية أو كانت فقيرة.
      ومِن ذلك العبد .. إذا كان لِشخصٍ عبدٌ مِن الكفرة .. لديْه عبد ذِمِّي-مثلا-هل عليه أن يُخرِج عن ذلك العبد أو لا يَجِب عليه ؟ في ذلك خلافٌ بيْن أهلِ العلم، والصحيح أنه لا يَجِب عليه.
      ومِن ذلك-مثلا-لو كان شخصٌ يَعُولُ كافِرا .. كان ذلك الكافِر مِن أقاربِه-مثلا-ويَقومُ بِعولِه هل عليه أن يُخرِج عنه الزكاة أو لا يَجِب عليه ؟ بناء على رأيِ مَن يَقول: " إنّ مَن كان يَعُولُ شخصا عليه أن يُخرِج عنه الزكاة ".
      الصحيح أنه لا يَجِب عليه ذلك، على أننا-أيضا-لا نُوجِبُ على مَن كان يَعُولُ شخصا أن يُخرِج عنه، كما سيأتِي بِمشيئةِ الله-تبارك وتعالى-إن أمكَن.
      فمِثْلُ هذه الجزئيات اختلَفوا فيها.
      فإذن هي تَجِب على المسلِم.
      وهل عليه أن يُخرِج عن نفسِه فقط أو يَجِب عليه أن يُخرِج عن نفسِه وعمّن يَعُولُه ؟
      أما بِالنسبةِ إلى العبِيد فإنه يَجِب على الشخص أن يُخرِج عن عبِيدِه، لأنّ العبد لا يَملِك شيئا، فهو مالُه أن لو كان لَه مال ملْكٌ لِذلك المالِك .. هذا هو الذي ذهبَ إليه جمهور الأمّة، وهو الصحيح الذي يَدُلّ عليه الحديثُ الصحيح الثابِت عن النبي e .
      وذهب بعضُ أهلِ العلم إلى أنّ على السيّدِ أن يُمكِّنَ عبدَه مِن أن يَعمَلَ شيئا مِن الأعمال حتى يَكتسِبَ مالا يُخرِجُ بِه الزكاة عن نفسِه، وهذا قولٌ ضعِيفٌ جِدا:
      أوَّلا إذا مَلَكَ مالا فإنه سيَكون ملْكا لِلسيّد فهو لا يَملِكه في حقيقة الواقع.
      وثانيا فإنّ ما لا يَتِمّ الوجوب إلا بِه لا يَجِب، وهنالك فَرْقٌ بيْن " ما لا يَتِمّ الواجِب إلا[1] بِه " وبيْن " ما لا يَتِمّ الوجوب إلا بِه "، فما لا يَتِمّ الواجِب إلا بِه فهو واجِب إلا في بعضِ الجزئيات، أما ما لا يَتِم الوجوبُ إلا بِه فهو ليس بِواجِبٍ أبدا، فمثلا الزكاة لا تَجِبُ إلا بِحصولِ مال بِشروطٍ معروفة فلا يُكلَّفُ الشخص بِأن يَحصُلَ على مالٍ حتى تَجِب عليه الزكاة.
      أما بِالنسبةِ إلى الزوجة فكما قلتُ [ ص3 ] العلماءُ اختلَفوا فيها:
      منهم مَن قال: يَجِب على الشخص أن يخرج عن زوجتِه سواء كانتْ غنيةً أو فقِيرة.
      وقيل: لا يَجِب عليه مطلَقا بل يَجِب عليها هي نفسها أن تُخرِجَ الزكاة عن نفسِها.
      وقيل: إذا كانتْ فقِيرةً فيَجِبُ عليه وإلا فلا.
      واستحبّ بعضُ العلماء أن تُخرِجَ هي عن نفسِها وأن يُخرِج عنها زوجُها خُروجا مِن عهدَةِ الخلاف، وهذا مِن بابِ الاستحباب، وليس مِن بابِ الإيجاب.
      والصحيحُ الراجِح أنه يَجِب على الزوجةِ أن تُخرِج عن نفسِها ولا يَجِب على زوجِها.
      وكذلك اختلَفوا أن لو كان الشخصُ يَعُولَ أَبَوَيْه هل عليه أن يُخرِج عنهما أو لا ؟ أما إذا كان لا يَجب عليه عولُهما فلا يُخرِج عنهما، فإذا كان يَعولُهما هل عليه أن يُخرِجَ عنهما ؟ وكذلك إذا كان الأبُ لديه زوجات هل عليه أن يُخرِجَ عن زوجاتِ أبيه أو لا يَجِب عليه ذلك ؟ وكذلك إذا كان الجد لديْه زوجات اختُلِف هل عليه أن يُخرِج عن زوجةٍ واحِدَةٍ أو لا ؟ إلى غير ذلك مِن الفروع.
      والأصل أنّ كلَّ شخص يُخاطَبُ بِأن يُخرِجَ الزكاة عن نفسِه وليس عليه أن يُخرِجَ عن غيْرِه إلا ما ذَكَرْتُه عن العبد [ ص3 ].
      وأما بِالنسبةِ إلى الأولاد فإذا كانوا بالِغِين فلا يَجِبُ عليه أن يُخرِجَ عنهم إلا ما جاء مِن الخلاف في الأولادِ البالِغِين إذا كان يَجِب عليه عَوْلُهُم .. كانوا لا يَجِدون شيئا .. لا يَقْوَوْنَ على العمل، فهل عليه أن يُخرِج عنهم ؟
      قيل: يَجِبُ عليه.
      وقيل: لا يَجِبُ عليه.
      وبعضُ العلماء ذهب إلى أنه يَجِب عليه أن يُخرِجَ عن المرأة .. عن بنتِه إذا كانتْ بالِغَةً ولم تَتزَوَّج.
      والأصل أنّ الشخص عندَما يَبْلُغ يُخاطَبُ بِنفسِه فلا يَجِبُ على الأبِ أن يُخرِجَ عنه.
      أما بِالنسبةِ إلى الأبْناء إذا كانوا غيْرَ بالِغِين:
      فقيل: يَجِب عليهم مِن مالِهِم إن كان لَهم مال وإن كان لا مال لَهم فإنه يَجِب على الأبِ أن يُخرِج عنهم.
      وقيل: يَجِبُ عليه مطلَقا.
      والقولُ بِأنه يَجِب في مالِهم إن كان لَهم مال قولٌ قَوِي جِدا، أما إذا لَم يَكن لَهم مال فإنّ طائفةً كبِيرَةً مِن أهلِ العلم ذهبَتْ إلى أنه يَجِب عليه أن يُخرِجَ عن أولادِه الصِّغار.
      وكذلك اختلَفوا في الجنين إذا كان في بَطْنِ أُمِّه:
      ذهب-بعضُ العلماء وهم-الجمهور الأعظم إلى أنه لا يَجِب عليه أن يُخرِج عنه.
      وذهب بعضُهم إلى استحبابِ ذلك.
      وذهب بعضُهم إلى وجوبِ ذلك إذا كان قدْ بَلَغَ ذلك الطفل مئةً وعشرِين يوما .. إذا أَتَم هذه المدّة في بَطْنِ أُمِّه فإنه يَجِب عليه، وهذا قولٌ ضعِيفٌ جِدا، والاستحباب-أيضا-لا دَليلَ عليه، وظاهِرُ الأمْر أنهم-أيضا-يَستحِبّون إذا بَلَغَ هذه المدّة وإن كان بعضُهم يُطلِقُ الكلام فلعلّه يُقَيَّدُ الإطلاقُ بِذلك.
      فإذن خلاصَةُ الأمْر أنّ الرَّجُل يَجِبُ عليه أن يُخرِج عن نفسِه وعن أولادِه الصِّغار إذا كانوا لا يَملِكون شيئا مِن المال يَكفِي لِزكاةِ الفطْر .. هذا الذي ذهبتْ إليه طائفةٌ كبِيرَةٌ مِن أهلِ العلْم وكذلك يَجِبُ عليه عن عبدِه.
      نعم اختلَفوا مَن هو الذي تَجِب عليه ؟ والذي ذهبتْ إليه طائفةٌ مِن أهلِ العلم إلى أنّ مَن مَلَكَ شيئا وكان ذلك الشيءُ فاضِلا عن حاجاتِه لِيَوْمِ العِيدِ وليلتِه فإنه عليه أن يُخرِجَ الزكاة ولا يُشترَط الغِنَى، والمرادُ بِالغِنَى في عبارةِ بعضِهم هو هذا .. بِأن يَكون يَملِكُ مِن المال مِقدَار ما يَكفِيه لِسَدِّ حاجتِه ذلك اليوم وما زادَ على ذلك مِن غيْرِ الحاجاتِ الأصْلِيَة فإنه يُطالَبُ بِإخراجِ الزكاة.
      واختلَفوا إذا كان يَملِكُ أَقَلَّ مِن صاع هل عليه أن يُخرِجَ ذلك ؟
      فبعضُهم ذهب إلى أنه إذا كان يَملِك أَقَلَّ مِن صاع فلا يَجِب عليه أن يُخرِجَ شيئا، لأنّ الزكاة هي صاع.
      وبعضُهم ذهب إلى أنه يَجِبُ عليه ذلك، وهو القولُ الصحِيح .. يُخرِجُ ما عندَه ولو كان قلِيلا.
      ومثلُ هذه المسألة ما جاء مِن الخلاف فيمَن وَجَدَ ماءً قلِيلا هل عليه أن يَستعمِل ذلك الماء لِلوضوء وبعدَ ذلك يَتَيَمَّم أو أنه يَعدِل إلى التيمم مِن أَوَّلِ وَهْلَة أو أنه يَكتَفِي بِذلك الماء ولا تَيَمُّمَ عليه بعدَ ذلك ؟ والصحيح أنه يَتَوَضَّأ بِما لَدَيْه ثم بعدَ ذلك يَتَيَمَّم.
      أما المقدار، فإنه يَجِبُ على كلِّ شخص أن يُخرِجَ صاعا .. يُخرِج صاعا مِن بُر أو مِن شعِير أو مِن زبِيب أو مِن تَمْر أو مِن أَقِط أو مِن القوت الذي يَقتاتُ بِه الناس، واختلَفوا هل يُخيَّرُ في هذه الأشياء أو العبْرَة بِالشائِع الذائِع في تلكَ البلاد أو العبرة بِما يَستعمِلُه ذلك الشخص-وهل العبرة بِما يَستعمِلُه في سائِرِ العام أو في شهْرِ رمضان-أو بِما يُستعمَل في يومِ العِيد ؟ في ذلك خلافٌ شهِير بيْن أهلِ العلم.
      و-على كلِّ حال-ما يُقتاتُ بِه في تلك البلاد-ولاسيما في يومِ العِيد-إذا أَخْرَجَه الإنسان فذلك يَكفِي .. الحديثُ مُحتمِل لِهذه الأمور ولكن عندَنا في عُمان-مثلا-وفي كثِيرٍ مِن بلادِ الشرق الأرْز هو الذي تَستَعْمِلُه الغالِبِية العُظمى مِن الناس فإذا أَخْرَجَ الشخصُ أرْزا فإنّ ذلك يَكفِيه، خِلافا لِمَن مَنَعَ مِن الأرْز لأنه لَم يَأْتِ في الأصناف التي جاءتْ في الحديث، وذلك لأنّ الناس قد اختلَفوا هل على الإنسان أن يَقتَصِر على تلك الأصناف التي جاءتْ في الحديث أو أنه يَجوز أن يَزِيد عليها غيرها مِمّا كان مشابِها لَها .. مِمّا تُخرج منه الزكاة ؟ في ذلك خِلافٌ شهِير، والظاهِر أنّ ما يُقتاتُ بِه في البلد فهو الذي تُخرَجُ منه زكاةُ الفطر، فإذا كان أهلُ البلد لا يَستعمِلُون إلا الأرْز لِماذا يَعدِلُ الإنسان إلى غيْرِ ذلك ؟! فالعبْرَةُ إذن بِالقوت الذي يُقتَاتُ بِه، وفي المسألةِ تفاصِيلُ مُتعدِّدَة، وما ذكرتُه كافٍ لِنبْذَةٍ مُختَصَرَة عن هذه القضية بِمشيئةِ الله-تبارك وتعالى-وتوفيقِه.
      ثانيا : وقت وجوبها
      س3: هل يَجوز تعجيل زكاة الفطر خاصّة إذا كان يَصعب عليه أن يَجِد الفقير في وقت الإخراج ؟ فإن قيل بِجواز ذلك، هل يُشترَط أن يَبقى متحرِّيا حالة الفقير إلى حين صلاةِ العِيد ؟ قد يَكون يَرِث أو يَنال مالا فيَنتقِل مِن الفقر إلى الغنى وهذا فيه عليه نوع مِن المشقّة.
      ج: أو مِن الحياة إلى الموت .. على كل حال؛ العلماء في هذه المسألة بيْن مُرخِّص ومضيِّق، والذي ذهبتْ إليه طائفة مِن المحقِّقِين مِن أهل العلم أنه يُمكِن التقديم بِمقدار يوم أو يومين .. الأصل أن يُخرِج الإنسانُ زكاتَه بيْن طلوعِ الفجْر وصلاةِ العِيد .. أي ليس له أن يُؤخِّر إلى أن يُصلِّي العِيد وينبغي أن يُخرِج الزكاة بعدَ طلوعِ الفجْر من يومِ العِيد ولكن طائفة مِن المحقِّقِين-كما قلتُ-رَخَّصَتْ في التقدِيم يوما أو يوميْن وقد جاء ذلك عن طائفةٍ مِن صحابةِ رسولِ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
      فإذا قَدَّمَ هذا الأخ أو غَيره الزكاةَ فَلْيُقَدِّمُوهَا كما فَعَلَ أصحابُ رسولِ الله e .. يُقَدِّموهَا يوما أو يوميْن أما ما عدا ذلك فلا يَنبغي التَّرخّص بِتلك الرخص مَخافةَ الوقوع في المحظور، إذ إنَّه ليس هنالك دليل يَدل على جواز إخراجِها قبلَ هذا الوقت.
      ومِن المعلوم أنّ زكاةَ الفطر تُدفَع إلى الفقراء والمساكين، وما دام الأمر كذلك فلابد مِن أن يَبقَى هذا الشخص فقيرا إلى الوقتِ الذي يُشرَع فيه إخراجُ زكاةِ الفطر فلابد مِن أن يَبقى فقيرا أو مسكينا وهُما يُطلَقَان بِمعنى واحد في مِثل هذه القضية .. لابد مِن أن يَكونَ فقيرا إلى ما بعدَ طلوعِ الفجْر فإذا مات-مثلا-أو أنه حَدَثَ له مالٌ بِوصيةٍ أو إرث أو هبة وخَرَجَ بِه مِن حدِّ الفقر إلى حدِّ الغنى فلابد مِن إعادةِ الزكاة إمَّا بِاسترجاعِ ذلك المال ودَفْعِه لِغيرِه مِن الفقراء أو بِإخراجِ زكاةٍ أخرى؛ والله-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.
      س1: هل يَجوز أن يُقَدِّم المسلم زكاةَ الفِطْر قبل موعدها ؟ خاصة وأنه يراعي هذه الأيام الفقراء نظرا لأنهم يريدون أن يَشتروا حاجات لأبنائهم إذا كان يَتحصَّلون عليها نقدا.
      ج: إنّ تقديم زكاة الفِطْر على صلاة العيد أمرٌ واجب، ولعلّ السؤال عن تقديم زكاة الفِطْر عن طلوع فجر العيد.
      وأنا ذكرتُ بالأمس[2] ولا بأس مِن إعادة ذلك-لاحتمال أن يكون كثيرٌ مِن الناس لم يَسمعوا ذلك، وأعيده بِاختصار شديد-فأقول:
      إنّ زكاة الفِطْر واجبةٌ، على قول جمهور الأمّة، وهو الرأي الصحيح، الذي تدلّ عليه الأدلة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وما دلّ على خلاف ذلك فهو إما ضعيف أو مُتَأَوَّلٌ إلى ما يُوافِق الأدلة التي أشرتُ إليها.
      وهي صاعٌ مِن الطعام الذي يَستعمِله أهلُ تلك المنطقة-التي يريد من يريد أن يُخرِج زكاة الفِطْر-فيها .. أي صاعٌ مِن الطعام المستعمَل بِتلك المنطقة-والمستعمَل عندنا في عُمان أكثرَ مِن غيره هو الأرز-فمَن أراد أن يخرج الزكاة فعليه أن يخرج صاعا مِن الطعام .. هذا الذي اتفَقت عليه الأمّة؛ واختلفوا في إخراج القيمة:
      أجاز ذلك بعض العلماء.
      ومنع مِن ذلك بعضهم.
      والأحوط أن يُخرِج الإنسانُ نفسَه مِن خِلاف العلماء ويأخذ بِالمتفَق عليه.

      والصاع مِن الأرز يُساوِي كيلوين:
      1-وخمسين جراما.
      2-وبعض العلماء يقول: وثمانية وأربعين جراما.
      3-وبعضهم يقول: أقل من ذلك.
      4-وبعضهم يقول: أكثر من ذلك بكثير.
      ولكنّ المعتمَد هو الأوّل؛ ومَن شاء أن يَحتاط .. أن يَزيد على الكيلوين وخمسين جراما-أو على الكيلوين والثمانية والأربعين جراما، على رأي مَن يقول بِذلك-فلا مانع مِن ذلك، والاحتياط حَسَن ولكنه لا يُمكن أن نقول بِوجوب ذلك، فالواجِب هو ما ذكرناه.
      وذكرتُ[3] بِأنها تَجب بِرؤية الهلال؛ ويُعبِّر بعض العلماء بِغروب الشمس مِن آخر ليلةٍ مِن شهر رمضان، والمعنى واحد.
      وقال بعض العلماء: إنها تَجب بطلوع فجر العيد.
      وقيل غير ذلك مِن الأقوال، ولكنّ القولين السابقَيْن هما المشهوران.
      وأما وقت إخراجِها الذي اتفَق عليه العلماء فهو مِن طلوع فجر يوم العيد إلى صلاة العيد .. أي أنه لا يُشرَع ولا يَجوز تأخيرها عن ابتداء صلاة العيد، فمَن شَرَعَ في صلاة العيد ولم يُؤَدِّ زكاةَ الفِطْر فمعنى ذلك أنّ الوقت قد فاتَه، فلابد مِن أدائها قبلَ صلاة العيد.
      وما جاء مِن أنّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-كان يُوزِّع زكاة الفِطْر بعد صلاةِ العيد، فهو حديث باطل .. إسناده ضعيف، ومَتْنُه مخالِف لِلأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
      وأمّا تَقدِيمها عن الوقت المذكور فقد اختلف العلماء فيه كثيرا:
      والذي ذهبت إليه طائفة كبيرة مِن أهل العلم إلى أنه لا بأس مِن تقدِيمها في ليلةِ العيد أو أن يُقَدِّمها-أيضا-الإنسان يوما أو يومين، ولا يَنبغي أن يُقَدِّمها قبل ذلك.
      وإن كانت طائفة مِن العلماء تُجيز تَقدِيمها:
      منهم من قال: في العشر الأواخر.
      ومنهم من قال: في النصف الثاني.
      ومنهم من قال: مِن بداية رمضان.
      إلى غير ذلك مِن الأقوال، ولكن لا يَنبغي لأحد أن يُقَدِّمها أكثر مِن يومين قبل يوم العيد؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
      س: رجل أخذ بِالقول المشهور وهو إخراجُها بعدَ فجر العِيد ولكن أخرَجها فلم يَتمكَّن مِن إيصالها إلى الفقير وإنما ظلَّت مَحجوزةً في بيته وصلّى صلاة العِيد ثم عاد إليها ؟
      ج: هي تكون بعد ذلك صدقة من الصدقات، لأنّ زكاة الفِطْر لابد مِن أن تَصِل إلى مستحِقِّها قبلَ صلاة العِيد.

      س5: إذا أعطى أحدٌ غيرَه لِيَدفَعَ عنه فتَأخَّر المعطى حتى صُلِّيَتْ صلاة العيد ؟
      ج: الأصل في زكاة العيد أنَّها تُخْرَجُ قبل صلاة العيد .. لابد مِن أن يُؤدِّي الإنسان الزكاة-وأعني بها زكاة الفطر-قبل أن يُصلِّي العيد وليس له أن يُؤخِّرها بعدَ ذلك-فهذا الذي دلّ عليه الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وقول مَن قال بأنه يمكن أن يُؤَخِّرَهَا إلى غروب الشمس مع كراهةِ ذلك فهو قول مرفوض، لأنه مصادِمٌ لِلحديثِ عن النبي e -وهذا-طبعا-فيمَن كان ذاكِرا لذلك، أما مَن كان ناسيا ولم يَنتبِه إلى إخراجِ الزكاة فانتبَه بعدَ أن صلّى العيد أو أنه كَلَّفَ غيرَه ولم يَقُم ذلك الغيرُ بِإخراجِ هذه الزكاة إما لِنسيانٍ أو لإهْمَالٍ أو لِغيرِهما مِن الأسباب أو أنه لم يَجِد الفقير أو ما شابه ذلك مِن الأعذار فإنه عليه أن يَقوم بِإخراجها ولو بعدَ صلاةِ العيد، لأنّ أمرَ الناسي واضِح، ومَن شابِهه مِمّن ذكرناهم أو لم نذكرهم مَحمولون على الناسي، فالناسي والنائم إذا لم يَنتبِها لِلصلاة .. النائم لم يَقم لِلصلاة والناسي لم يَنتبِه لها فإنهما يَأتيان بِها عندما يَقوم النائم وعندما يَنتبِه الناسي، وهكذا بِالنسبة إلى زكاةِ الفطر فهو معذور بِمشيئة الله ولكن ذلك الذي وُكِّلَ بِذلك إذا كان مهمِلا فعليه أن يَتوبَ إلى ربِّه وأن يَندَم على ما فرَّط مِن أمرِه وأن يَثوبَ إلى رُشْدِه قبلَ فواتِ الأوان أما إذا كان ناسيا فهو معذور بِمشيئة الله تبارك وتعالى.
      وهنا أمرٌ أُحِبّ أن أُنبِّه عليه وهو أنّ الإنسان يَنبغِي له عندما يَأمر أحدا بِإخراجِ الزكاةِ عنه-زكاة الفطر أو غيرها مِن زكاة الأموال-أو بِإخراجِ أيِّ شيءٍ مِمّا هو واجِب عليه أن يُوكِّلَه إلى مَن يرتضي دِينَه .. مَن يَثق بِه وليس له أن يُوكِّل فلانا أو فلانا اللهم إلا إذا تَثبّتَ بعدَ ذلك مِن أنّ ذلك الواجِب قد وَصَلَ لِمَن هو له وهكذا بِالنسبة إلى سائرِ الديون .. إذا أَرسَلَ الإنسانُ مالا عليه لِشخصٍ آخَر فلابد مِن أن يَتثبتَ مِن أنّ ذلك الدَّيْن أو ذلك الحق الذي قد وَجب عليه بأيِّ سبب مِن الأسباب بِأنه قد وَصَلَ إلى صاحبِه بل ذلك يَنبغِي حتى في حالة أن لو أرسل الإنسانُ ذلك مع ثقةٍ مِن الثقات لاحتمالِ النسيان والذهول والغفلة، وقد جرّبنا ذلك على بعضِ الناس، وأَخبرنِي بعضُ الناس بِأنهم أرسلوا بعضَ الأشياءِ والحقوق إلى غيرِهم مِمّن هي له ولَقِيَهم ذلك الغير بعدَ مدّة وسألهم عن ذلك فقالوا بِأنهم قد أرسلوه مِن نحو عام ولم يَصِل إليه والسبب أنّ ذلك الشخص قد نسي .. هذا إذا أحسنّا بِه الظن ولابد مِن أن نُحسِن الظنّ بِأهل الصلاح ولكن إن كان مِن غيرِ أهلِ الصلاح فقد يَكون لِنسيانٍ وقد يَكون لِغيرِ ذلك، فإذن لابد مِن التثبت في هذه الحقوق التي وَجَبَتْ على الإنسانِ سواءً كانتْ بِأمرٍ مِن عندِ الله-تبارك وتعالى-أو بِقضاءِ دَيْن ولاشك بِأنّ قضاءَ الدّيْن-أيضا-بِأمرِ الله ولكن ذلك لاختلافِ الأسباب .. لابد مِن التثبّت بِوصولِ ذلك الحق إلى أصحابِه؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
      س10: يُخرِج زكاة الفطر لكنه لم يَجِد لها-مثلا-في ذلك الوقت فقيرا أو كان مشغولا .. أَحرزَها ثم صلى العيد وبعد ذلك أَخرجها، أَيَصِحُّ له ذلك ؟
      ج: على كل حال؛ أَختصِر الكلام في هذه القضية، وأقول:
      قد قلتُ أكثرَ مِن مرة: إنّ زكاة الفطر واجبة .. مِن الواجبات التي لا ينبغي لِلإنسان أن يُفرِّطَ فيها بِحال، وهي تَجِب-على الصحيح-حتى على الفقير إذا كان يَجِد ما يَكفيه ويَكفي مَن يَقوم بِعولِه في ذلك اليوم فإذا وَجَدَ ذلك ووَجَدَ مقدارا يَزيد على ذلك فإنّ عليه أن يُخرِج الزكاة .. هذا هو الصحيح.
      ومقدارُ زكاةِ الفِطْر صاع مِن الأنواع التي وَرَدَتْ عن النبي e ولا دليلَ-على الصحيح-لِمن قال: إنّ بعضَها يُخرَج منه صاع وبعضها نصفُ صاع، على حسب التفصيل الذي ذكروه .. الصوابُ أنّها صاع مِن أيِّ نوعٍ مِن تلك الأنواع، وقلنا[4]: إنه-على الصحيح-يُحمَل عليها ما كان مشابِها كالأرز في هذه البلدان المشرِقية.
      الفطرة تُخرَج في الأصل بعدَ صلاةِ الفجر وقبلَ صلاةِ العيد .. هذا هو الأصل ولكن يَجوز أن تُقدَّم لِيوم أو يومين، كما كان الصحابة-رضي الله تعالى عنهم-يَفعلون، والظاهِر أنهم قد أخذوا ذلك عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فمَن كان يَخشى ألاّ يَستطيع أن يَقوم بِإخراجِها قبل صلاةِ العيد وبعدَ طلوع الفجر .. الأصل-كما قلنا-بعدَ طلوعِالفجر .. مَن لا يَستطيع في هذا الوقت بيْن طلوع الفجر وصلاةِ العيد إذا كان يَعرِف مِن نفسِه ذلك فليَقم بِإخراجِها قبلَ العيد بِيومٍ أو يومين لكن لو قَدَّرْنا أنّ هنالك إنسانا كان يَظنُّ أنه يَتمكَّن مِن إخراجها قبل يوم العيد ثم مثلا أخذ زكاته إلى الفقير ودقّ عليه الباب ثلاث مرات ولم يستجب له أحد-والدقّ يكون ثلاث مرات لا على حسب ما يَصنعه كثير مِن الناس ولاسيما في هذه الأيام يَدقون الجرس عدّة مرات يُؤذُون الآخَرين فهذا على كل حال مخالِف لِكتاب الله ولسنّة رسوله e -فإذا كان لَم يَفتح له أحد ولم يَعرِف أحدا مِن الفقراء في تلك المنطقة فليَقم بِعزلِها وهو معذور بِمشيئة الله-تبارك وتعالى-في ذلك، أما إذا كان يستطيع أن يَقوم بإيصالها إلى الفقراء ولكن-مثلا-يترك ذلك لِسبب أو لآخر مع قدرتِه على ذلك فذلك مِمّا لا يَصِحّ له.
      س6: لم يَعلَم عن زكاةِ الفطْر مِن قبل ولم يُؤدِّها مِن قبل، هل يَلزمه قضاء ؟
      ج: أما مِن حيثُ الإلزام فلا أقوى عليه ولكن مِن حيثُ الاحتياط والسلامة فإن تَصدّق بِذلك فذلك فيه خيْرٌ بِمشيئةِ الله تبارك وتعالى، لأنّ الزكاةَ الأصلُ تُؤدَّى قبلَ صلاةِ العيد وبعدَ ذلك هي صدقة مِن الصدقات اللهم إلا إذا كان تَرَكَ ذلك لِذهولٍ أو نسيان أو لم يَجِد مَن يُوصِل ذلك الحق إليه لِكونِهم في مكانٍ بعيد مثلا أو ما شابه ذلك فلابد مِن أن يُوصِلَ هذا الحق بعدَ ذلك إلى أصحابِه، أما هؤلاء الذين فَرَّطُوا فعليهم أن يَتوبوا إلى الله-تبارك وتعالى-وإن أَدَّوا هذا المقدار الذي كان عليهم أن يُؤدُّوه مِن قبل ففي ذلك خيْر بِمشيئة الله-تبارك وتعالى-وهو مِن إتْباعِ الحسنة السيئة فعلى رأيِ مَن يَقول بِالقضاء-وهو قولٌ لم يَقل بِه الأكثر-فذلك واضِح وعلى رأيِ الأَكثرِين هو ليس مِن بابِ القضاء ولكن مِن بابِ التصدّق وقد يُحمَل الجاهِل على الناسِي فيَكون عليه ذلك، والحاصِل مِن حيثُ الوجوب لا أقوى عليه ولكن في إخراجِ ذلك خيْرٌ ولكن التوبة لابد منها؛ والله أعلم.


      ثالثا : المقدار المخرج
      س5: كم هو الوزن في زكاة الفطر ؟
      ج: قلنا[5] بِأنّ الصاع كيل والكيلوغرامات المستعمَلَة في عصرِنا هذا وزن و-حقيقة-هنالك شيء مِن الصعوبة في التقدير بِالوزن ولاسيما إذا نظرْنا إلى اختلافِ الحبوب وأيضا التمور منها الثقيل ومنها الخفيف ولكن-على كل حال-تُقَدَّر كثيرٌ مِن تلك الحبوب-كالأرز الذي يُستخدَم غالِبا في الكفارات وفي زكاةِ الفطر-بِاثنين مِن الكيلوغرامات وثمانية وأربعين غراما .. يُقدَّر بِهذا التقدير ولكن-كما قلتُ-هذا لا يُمكِن أن نُقدِّر بِه كلَّ نوعٍ مِن أنواعِ التمور والحبوب ولكن غالِبا ما نُخرجُه مِن الأرز وما شابَهه يُقَدَّرُ بِهذا وإذا زاد الإنسان واحتاط ولاسيما في زكاةِ الفطْر فذلك حسنٌ جميل لكن هذا الذي نُقَدِّرُ بِه؛ والله أعلم.
      س: وهذا خاص بِالأرز ؟
      ج: نعم وبعضُ الحبوب-أيضا-تَكون بِهذا المقدار.
      س2: مِمّا يُستخدَم في بلادِنا وفي بعضِ البلدان الطحِين، هل حكمُه كحُكْمِ الأرْز في الـمقدار .. صاع يَزِيد أو يَنقُص ؟
      ج: قدمتُ [ ص5 ] أنّ زكاةَ الفِطْر هي صاعٌ مِن الطعام .. هذا الذي ذهبتْ إليه طائفةٌ كبِيرةٌ مِن أهلِ العلم مِن غيْرِ فرْقٍ بيْن سائِرِ أنواعِ الطعام، ولا شك أنّ هذا هو القولُ الصحيح.
      وذهب بعضُهم إلى أنَّه يَجِبُ صاع إلا مِن البُر فإنه نصفُ صاع، وهذا قولٌ ضعِيف، والصوابُ هو القولُ الأول.
      الطّحِين .. إذا اشتَرَى الشخصُ حَبًّا فيَشتَرِي صاعا .. إذا اشتَرَى أوَّلا حبّا ثم قام بِطحْنِه يَشتَرِي صاعا مِن البُر ويُجزِيه ذلك، لكن إذا أَخَذَ طحِينا فلا يُجزِي أن يُخرِجَ صاعا مِن الطحِين، وذلك لأنّ الحب إذا طُحِن يَكون مِقدار الصاع مِن الـحَب أكثر مِن الصاع مِن الطحِين، ومَن شاء ذلك فليُجَرِّب .. إذا أَتَى الإنسانُ بِصاعٍ مِن البُر وقامَ بِطحْنِه ثم قام بِكيْلِ ذلك الطحِين فإنه سيَجِدُ ذلك الطحِين يُساوِي أكثرَ مِن صاع، ومعنى ذلك أنَّه لابد مِن أن يَزِيدَ على الصاع إذا أَخْرَجَ طحِينا، وقد قدَّرَ بعضُ أهلِ العلم أنّ الصاع مِن الطحِين يُساوِي صاعا إلا سُدُسًا مِن البُر، وإذا كان هذا الكلام ثابِتا فمعنى ذلك أنه لابد مِن أن يَزِيدَ المقدار المعروف، فإذن الصاعُ مِن الطحِين لا يَكفِي، لأنه لا يُساوِي الصاع مِن الحب، فلابد مِن أن يَعْرِف كم يُساوِي الصاع مِن الحب مِن الطحِين فـ:
      يَكِيلُ الطحِين ثم يَزِيدُ عليه.
      أو هنا يَستعمِل الوزن .. يَأتِي بِإناء .. يُساوِي ذلك الإناء صاعا مِن البُر ثم يَزِن ذلك ثم بعدَ ذلك يَقُومُ بِوزْنِ الطحِين.
      فإذن لا يَكفِي الصاعُ مِن الطحِين، بل لابد مِن الزيادَة عليه حتى يُساوِي الصاع مِن الحب .. كَرَّرْتُ هذا لأنّ كثيرا مِن الناس يُخطِؤون .. يَقُومُون بِإخراجِ صاعٍ مِن الطحِين بِالكيْل وذلك لا يُجزِي، أُكَرِّرُ مرّةً ثانِية وثالِثة مَخافةَ الوقوعِ في الخطإ الذي يُؤدِّي إلى المحظُور .. إلى عدمِ إخراجِ الزكاة على ما هو مطلُوب، فلابد مِن أن يَزِيدَ على الصاعِ مِن الطحين مِقدارا مِن الطحِين حتى يُساوِي الحب.
      س: لو أنَّه استخدَم الكيلوجرامات، كم يُساوِي الصاع بِالكيلو ؟
      ج: أما الصاع مِن البُر الجيِّد فهو يُساوِي .. الصاع يُساوِي كيلووين وثَمانية وأربعين جراما أو خمسين جراما .. الأمْرُ يَسِير، فهذا الذي يُساوِيه لكن لا يَكفِي هذا في الطحِين .. مثلا لو قام شخص وَوَزَن كِيلُووين وثَمانية وأربعين جراما أو خمسين جراما لا يَكفِي هذا .. لابد مِن الزيادة و:
      قد يَسأَل بعضَ الذين يَقُومُون بِالطحْن .. يَعرِفُون المقدار.
      أو يَزِيدُ مِقدارا لا يَشُك فيه بِأنه قد وَصَل.
      وقد ذكرتُ أنّ بعضَ العلماء قالوا بِأنه يُساوِي صاعا إلا سُدُسا، ولا أَدرِي هل قاسَ ذلك أو هو مُجرَّد تَقدِير، فلابد إما مِن الاحتياط أو مِن قياسِ ذلك حتى يَتَثَبَّت الشخص مِن هذه القضية.
      على أنّ العلماء قد اختلَفوا في الطحِين هل يَجوز إِخراجُه أو لا يَجوز ؟
      منهم مَن مَنَعَ ذلك على الإطلاق، فقال: لا يَجوز إِخراج الطحِين، لأنّ الحب يُستعمَل في أشياء قد لا يُستخدَم لَها الطحِين، ثم يُمكِن-أيضا-الحب .. ادِّخارُه لِفتْرَة أطْوَل.
      ومنهم مَن ذهب إلى أنه يَجوز إِخراجُه مع الحاجَة.
      ومنهم مَن قال بِجوازِ ذلك مطلَقا ولاسيما في هذا الزمان لأنّ الطَّحْن الآن يَصعُب .. يَصعُب لِلإنسان إذا أَتَيْتَ لَه بِحَب يَقُومُ بعدَ ذلك بِطحْنِ ذلك، بِخلافِ الماضي، فإنّ كلَّ أهل بيْت لديْهم آلَة تَقُومُ بِالطَّحْن فيَقُومُون بِطَحْنِ ذلك في وقتٍ يَسِير، أما الآن فالغالبِية العظمى الساحِقَة مِن الناس لا يَملِكون ما يَقُومُون بِطَحْنِ الحب فيَصعُبُ عليهم ذلك أيَّما صعوبَة، فاليُسْر الآن يَقتضِي ذلك.

      س6: ما حكم إخراجِ الزكاة بِالقمحِ المطحون ؟[B][6]oman0.net/forum/newthread.php?do=newthread&f=4#_ftn6[/B]
      ج: حقيقة؛ لا نرى مانعا ما دام لا يَتأثّر بِذلك .. نعم هو عندما يَكون مطحونا وتَطول المدّة قد يَتأثّر بِالدّود وما شابه ذلك ولكن الأصل أنه يُسْتَخدَمُ في الأيامِ الأولى فما دام الأمر كذلك فلا مانع إن شاء الله تبارك وتعالى.
      س5: هناك سؤال يَتَكَرَّرُ دائما .. عن إِخراجِ القيمة بَدَلا مِن هذه الأنواع التي ذَكَرْتُمُوها [ ص5-6 ] على اعتبار أنّه المقصُود بِها إِغْنَاء الفقِير في ذلك اليوم، فهل تَقُومُ القيمة مقام هذه الأنواع ؟
      ج: على كلِّ حال؛ هذه المسألة لا تَخلُو مِن الخلاف .. الخلافُ موجودٌ فيها:
      بعضُ العلماء لا يُجِيز إِخْرَاج القيمة على الإطلاق.
      ومنهم مَن يُجِيز ذلك على الإطلاق.
      ومنهم مَن يُجِيز ذلك مع الكراهة.
      ولا يَنبغِي لِلإنسان أن يَعْبُدَ رَبَّه بِأمْرٍ مكروه .. يَفعَل شيئا مكروها .. لا يَنبغِي أن يَفْعَلَ ذلك.
      ومنهم مَن يُجِيز ذلك في حالةِ الاضطرار دون حالةِ الاختيار وذلك بِما إذا لم يَجِد أحدا يَقبَل منه ذلك.
      ولا شك أنّ الذين يَمنَعُون إذا وَصَلَ بِهم الأمْر إلى هذا الحد لا شك أنهم جميعا أو الأغلبية منهم سيَتَسَاهَلُون في ذلك، ولكن هذا إذا لم يَجِد مَن يَقبَل عنه ذلك، ونَحنُ إلى الآن لم نَسمَع بِهذا .. لَم نَسْمَع بِأنّ أحدا لا يَقبَلُ ذلك، وإذا قَدَّرْنا أنّ شخصا أو شخصيْن أو ثلاثة مثلا لا يَقبَلُون ذلك فإنّ كثرةً كاثِرَة مِن الفقراء يَقبَلُون ذلك .. ما دام الرسولُ e أَمَرَ بِذلك لِماذا يُخالِفُ الإنسان ذلك ويَترُك أمرا واضحا جليا ؟! مِن المعلوم أنه لو أَخْرَجَ ما حَدَّدَه الرسولُ e فإنه يَكون قد خَرَجَ مِن التكلِيف بِأمْرٍ مُجمَعٍ عليه وقبلَ ذلك قد امْتَثَلَ النّصَّ الصرِيحَ الثابِت عن النبي e وخَرَجَ مِن ذلك بِذلك النّص الصرِيح، ومَن أَخْرَجَ ما في معنى ذلك فإنه قد أَخْرَجَ ما يُستنبَط مِن الحديثِ استنباطا واضِحا جلِيا وقد قالتْ بِذلك الأغلبِيةُ الساحِقَة مِن أهلِ العلم، أما مَن أَخْرَجَ القيمة فهو على رأيٍ مِن أهلِ العلم فلِماذا يَترُكُ الأمْرَ الواضِحَ الجلِي الذي لا غُمُوضَ فيه ولا شُبهَة ويَلْجَأُ إلى أمْرٍ مُختَلَفٍ فيه .. الأكثرُ على خلافِه والأحاديثُ لا تُساعِدُ عليه ؟! فالأسْلَمُ والأوْلَى أن يُخرِجَ الأصْل ولا يَعدِل إلى القيمة إلا إذا لَم يَجِد مَن يَقبَلُ منه ذلك ولا شك بِأنه سيَجِد؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
      س2: استنتج مِن خلال أجوبتكم القول بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا ويقول بأنهم يعملون بذلك منذ سنوات، فهل يَكون آثِما إن أخرج زكاة الفطر نقداً ؟
      ج: أما الحكم بِتَأْثِيمِه فلا نقوى عليه، لأنه ليس في المسألة دليل قاطع لا على الجواز ولا على عدم الجواز وإنَّما في المسألة أنّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-أمر بِإخراجها كما جاء ذلك في الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها مِن كتب الحديث .. أمر بإخراجها مِن أصناف معروفة مِن الحبوب وقلنا[7] إنه يُحمَل ما كان مشابِها لَها عليها كالأرز مثلا، وأنا لم أقل في يوم مِن الأيام على حسب ما أذكر بجواز إخراج القيمة عن زكاة الفطر إلا إذا كانت هنالك ضرورة مُلِحَّة بِأن لَم يَجِد الإنسان مَن يَقبَل منه شيئا مِن الحبوب فإنه في مثل هذه الحالة يَدفَع إليه القيمة.
      أما إذا كان استنتجه-مثلا-مِمّا ذكرتُه بِالأمس[8] مِن الكلام في قضية إخراج اللحوم مثلا فأنا لم أجزم بذلك أبدا وإنما قلتُ[9] إنّ المسألة بِحاجة إلى شيءٍ مِن النظر والتمحيص، ومِن المعلوم أنه قد ذهب بعضُ أهل العلم إلى جواز إخراج اللحوم في زكاة الفطر ولكن مِن المعلوم بأنّ اللحم يوزَن ولا يُكال وزكاة الفطر جاءتْ في الحبوب التي تُكال ثم هي مذكورة في تلك الحبوب وهنالك فرق بيْن اللحوم والحبوب .. نعم يمكن أن نَقول بِجواز إخراج اللحوم في بعضِ المناطِق التي يَغْلِبُ على أهلها أكلُ اللحوم وذلك كالمناطق التي بِالقرب مِن القطب الشمالي وما شابه ذلك أمَّا عند وجود مَن يَأخذ الحبوب فلا يَنبغِي العدول عن ذلك، ذلك أنّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-ذَكَرَ زكاةَ الفطر بِأنها تَكون في هذه الأشياء ومِن المعلوم بِأنّ الذهب والفضة كانا موجوديْن في عصرِ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ولم يَذكُر بِأنه يُمكِن أن تُخرَج الزكاة مِن الذهب والفضة[10]، و-على كل حال-الخلاف بيْن الأمّة موجود في إخراج زكاة الفطر بِالقيمة كالدنانير والدراهم والريالات وما شابهها مِن العملات الحالية كما أنه موجود عندهم في إخراج أصول هذه الأشياء وهي الذهب والفضة، فلا نقوى على الحكم بِتَأثيم مَن فَعَلَ شيئا مِن ذلك ولكننا نَقول إنّ زكاة الفطر واجبة بِنصّ السنّة الصحيحة الثابتة عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-وينبغي لِلإنسان أن يَخرُج مِن الواجِب بِاليقين فإذا دَفَعَ شيئا مِن هذه الحبوب فهو قد خَرَجَ مِن هذا التكليف وإذا دَفَعَ القيمة فهو على أَمْر مُحْتَمِل فلماذا لا يَخرُج الإنسان بِاليقين الواضِح الجلي الذي لا غموض فيه ولا شبهة ؟! أما إذا تَعذّر ذلك أو كان قريبا مِن الـمُتَعَذِّر بِأن لَم يَجِد أحدا[11] يَقبَل منه ذلك فلِلضرورة أحكامها الخاصّة ففي هذه الحالة يُمكِن أن يَدفَع القيمة.
      وبِالنسبة إلى الماضي فلا شيءَ عليه-بِمشيئة الله تبارك وتعالى-لأنه أَخَذَ بِقولٍ مِن أقوالِ أهلِ العلم أو أنه على أقل تقدير صادف قولا مِن أقوال أهل العلم إن كان لا يَعلَم بِذلك، أما في المستقبل فالأسْلم والأحْوط لَه ولِغيره أن يَدفَعوا شيئا مِن الحبوب الوارِدة في السنّة عن النبي e أو ما كان مشابِها لَها في معناها مِما يَكثُر استعمالُه في تلك البلاد؛ والله-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.
      س: وإن كان الناس يَتشجّعون لإخراجِ القيمة نظرا لأنهم يَروْن أنّ مصلحة الفقير في هذا الوقت حاجته إلى النقد ؟
      ج: لكن هنالك عبادة .. على الإنسان أن يَلتزِم بِهذه العبادة وبعدَ ذلك إن شاء أن يَتبرّع بِزيادة فذلك فيه خيْرٌ كثير بِمشيئة الله-تبارك وتعالى-أما الواجبات فعلى الإنسان أن يَلتزِم بِها على حسب ما جاءتْ.

      س4: اللحوم بِأنواعها، هل تُعتبَر مِن غالِب ما يُقتات فيَصحّ إخراجُها زكاة لِلفِطر ؟
      ج: في الحقيقة؛ هذه المسألة تَحتاج إلى شيءٍ مِن النظر والتمحيص، والعلماءُ في هذه القضايا بيْن مُرخِّص ومُشدِّد .. 1-بيْن مَن يَقول بِأنه لابد مِن إخراجِ شيءٍ مِن أنواع الحبوب، 2-بل بعضُهم يَقتصِر على ما جاء في الروايةِ عن النبي e ، 3-وبعضُهم يَحمِل عليها ما في معناها، 4-ومنهم مَن يَترخَّص فيما هو أبعدُ مِن ذلك، فعلى رأيِ الـمُرخِّصِين يُمكِن ذلك، ولكن على رأي مَن يَقول: " إنه لابد مِن التزامِ النصِّ الثابت عن النبي e وفي ما جاء في معناه مِمّا يُمكِن أن يُحمَل عليه " فإنه لا يُجِيز ذلك، وأرى-حتى نَتأمّلَ في هذه القضية تأملا واضِحا-أن يُقتصَر على تلك الأنواع التي جاءتْ عن النبي e وما هو في معناها كالحبوب مثلا اللهم إلا في بعضِ البلاد التي لا يُوجَد فيها ذلك وذلك مِن أندر النادرات فالأُرز مثلا وإن كان لم يَأتِ في الحديثِ عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-ولكن لابد مِن أن يُحمَل على ذلك لأنه هو القوتُ الغالِب في بلادنا وكثيرٍ مِن البلدان المشابِهة لَها أما ما عدا ذلك فحتى نَتأمّلَ في ذلك لا نَقوى على التّرخِيص وإن تَوَسَّعَ بعضُ أهلِ العلم في بعضِ الأمورِ الأخرى وأقول: المسألة مُحْتاجَة إلى شيءٍ مِن النظر-كما قلتُ سابِقا-وسنَنظُرُ فيها قريبا بِمشيئةِ الله-تبارك وتعالى-لأنّ الحاجة تَدعو إليها ولكن حتى ذلك أرى الاقتصار على تلك الأنواع وما جاء في معناها حتى يَخرُجَ الإنسان مِن عُهدةِ التكليف بِأمْرٍ واضِحٍ جلِي لا يَحتمِل احتمالا آخَر لأنّ الزكاةَ واجِبة ولابد مِن أن يُؤدِّيَ هذا الواجِب على أمْرٍ لا يَحتمِل الشك؛ والله أعلم.

      رابعا : على من تجب ؟
      س: هل تُشرَع فقط على الغنِي أو على كلِّ قادِر ؟[B][12]oman0.net/forum/newthread.php?do=newthread&f=4#_ftn12[/B]
      ج: في هذه المسألة خلافٌ بيْن أهلِ العلم:
      1-منهم مَن يَقول: لا تَجِب إلا على الغنِي.
      2-ومنهم مَن يَقول: " تَجِب على الغنِي والفقير " على خلافٍ بينهم في ذلك.
      والذي نَراه أنّها تَجِب على الغنِي والفقير إذا كان ذلك الفقير يَجِد ما يَسُدُّ حاجتَه وحاجة مَن يَقوم بِعَوْلِه وبَقِيَتْ بقيةٌ زائدة على ذلك فإنه لابد مِن أن يُخرِجَ زكاةَ الفِطْر، لأنّ الدليلَ عام وليس هنالك دليلٌ يُخصِّصُ ذلك، وقياسُ ذلك على بعضِ أصنافِ الزكاة فهو قياسٌ لا يَصِح لأنه مصادِمٌ لِلدليل وكلُّ قياسٍ يُصادِم الدليل لا عبرةَ به.

      س: إخراجها حتى عن الأطفال وحتى عن الرضَّع، هل تشمَلهم ؟
      ج: نعم, يَجب على الإنسان أن يُخرِج ذلك عن نفسه وعن كل مَن يَعُولُه حتى أنّ العلماء اختلفوا في مَن وُلِدَ قبلَ طلوع فجر يوم العيد وبعد غروب شمس اليوم الأخير مِن رمضان:
      فمَن رأى أنّ زكاة الفِطْر تَجب بِغروب الشمس مِن اليوم الأخير مِن رمضان-أو كما يُعبِّر عنه بعضهم: بِحلول ليلة العيد أو بِرؤية هلال العيد-قال: لا يَجب[13] على الإنسان أن يُخرِج عن ذلك الطفل زكاةَ الفِطْر.
      مَن قال: " إنها تَجب بِطلوع الفجر " قال: يَجب عليه.
      ومَن قال بِأنها تَجب بِغروب الشمس وهذا الطفل قد وُلِدَ بعدَ ذلك فلا يَجب عليه أن يُخرِج عنه الزكاة، لأنّ الزكاة قد وَجَبَتْ قبلَ أن يُولَد، فهو وُلِدَ بعدَ غروب الشمس، وأما على القول الآخر فنعم، لأنّه وُلِدَ قبلَ طلوع الفجر، فهذا دليل واضح، والدليل هو الحديث الثابت عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-بِأنها تجب على الصغير والكبير ... إلى آخر الحديث، وهو حديث مشهور صحيح معروف، فمَن وُلِدَ قبلَ غروب الشمس تَجب الزكاة عنه، ومَن وُلِدَ بعدَ ذلك فعلى الخلاف الذي ذكرتُه، فمَن يقول تَجب بغروب الشمس فلا يَجب الإخراج، ومَن يقول بِأنها تَجب بطلوع الفجر فيَجب الإخراج على مذهبه؛ والله أعلم.
      س: أيضا الشغالات المسلمات الموجودات في البيوت، هل يُخرِج عنهنّ صاحب البيت ؟
      ج: لا، لا تَجب، لأنّما يَجب على الإنسان أن يُخرِج عن العبْد, وهذه ليست بِعَبْدَةٍ مَمْلوكَة وإنما تَعمل عنده بِمُرَتَّب؛ والله أعلم.
      س: بالنسبة للزوجة أيضا ؟
      ج: في الزوجة خِلاف:
      ذهبت طائفة مِن العلماء إلى أنّ على الزوجة أن تُخرِج عن نفسها إذا كانت تَملِك مالا.
      وذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أنّ على الزوج أن يُخرِج عنها.
      وفي كلٍّ خيرٌ بِمشيئة الله تبارك وتعالى.
      واستحبَّ بعض العلماء الاحتياطَ بِأن يُخرِج الزوج عنها وتُخرِج هي عن نفسها؛ ولكنَّ هذا لا يَخرُج عن الاحتياط، إذ لا يُمكن أن نقول بِوجوب الزكاة عنها مرتين، فإن أخرَجَتْ عن نفسها فلا حرج، وإن أَخرَج عنها الزوج-على القول الآخر-فلا حرج بمشيئة الله تبارك وتعالى.
      س1: هل يُخرِج المسافِر زكاةَ الفطر في سفرِه أو يَأْمُر بِإخراجِها في وطنِه ؟
      ج: إنه مِمّا لا يَخفى-إن شاء الله تبارك وتعالى-أنَّ زكاةَ الفطر فريضة كما جاء ذلك في الحديثِ الثابت عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فعليه لا يَجوز لأحدٍ أن يتهاون بِها، وهي واجبةٌ على المسافِر كما أنَّها واجبة على مَن كان في وطنِه، والمسافِر إن كان يَجِد في سفرِه من يَدفَع إليه زكاة الفطر فإنه يؤمر بإخراجها في سفره وذلك لأنها مُعَلَّقة به وهو في ذلك الوقت في السفر وهكذا بالنسبة إلى الأضاحي فإن المسافر يُضَحِّي في الموضع الذي هو فيه أما إذا كان لا يَجد أحدا في سفره يدفع إليه الزكاة بأن كان في مكان لا يوجد فيه أحد من الفقراء أو كان لا يعرف هو في ذلك المكان أحدا من الفقراء ولم يَجد أحدا ممن يثق به حتى يستعين به على معرفة الفقراء الموجودين في تلك المنطقة أو ما هو قريب منها من المناطق فإنه في هذه الحالة يُوَكِّل غيره مِمن يثق به من أهل بلده لأن يدفعها في بلده وهو معذور-إن شاء الله تبارك وتعالى-في ذلك؛ والله أعلم.

      س3: مَن تزوّج في بيت أبيه ويَتولّى الأب عَوْلَ الأسرة بِأكملها بِما فيهم ولدَه وزوجتَه، في هذه الحالة مَن الذي يُخرِج زكاةَ الفِطْر ؟
      ج: أما إذا كان هذا الولد يَملِك مالا فإنّ عليه أن يُخرِج عنه وعن زوجتِه وعن أولادِه، وذهبت طائفة مِن العلماء إلى أنّ الزوجةَ تُخرِج عن نفسها كما ذكرتُ [ ص3 ]، وبالتالي هو الذي يَلزَمه أن يُخرِج عن نفسِه وعن أولادِه وعن زوجِه على رأي مَن يقول: " إنّ الزوج يُخرِج عن زوجه "؛ والله أعلم.
      س3: أَرمَلَة عندَها مجموعة مِن الأطفال لا عائِلَ لَهم سِواها، هل تُخرِج عنهم زكاةَ الفِطْر ؟
      ج: اختلَف العلماء في الأم هل عليها أن تُخرِج عن أطفالِها إذا كانتْ تَقُوم بِعولِهم وليس هنالك لَهم عائِل أو لا ؟
      مِن العلماء مَن ذهب إلى أنه يَجِبُ عليها لأنها تَعُولَهم في سائرِ الأيام وهذا داخِلٌ في جملةِ العَوْل.
      وذهب بعضُ العلماء إلى أنه لا يَجِبُ على الأم.
      وهذا كلُّه إذا كان أولئك الأطفال لا يَملِكون ما يُخرِجون بِه ما يَجِب مِن زكاةِ الفطْر، أما إذا كانوا يَملِكون شيئا فتُخرِج على رأيِ طائفةٍ مِن أهل العلم ذلك مِن مالِهم، وهذا هو المعروف في المذهب بِأنها تُخرَج-أعني زكاةَ الفطْر-مِن أموالِ الأيتام كسائِرِ الزكاة، وإن كان بعضُ العلماء يَقول بِعدمِ وجوبِ ذلك في مالِهم لأنهم مرفوعٌ عنهم قَلَمُ التكلِيف لكنّ كثرةً كاثِرَة مِن أهلِ العلم تُفرِّق بيْن المال وغيرِه فيُوجِبون الزكاة ويُوجِبون-أيضا-زكاةَ الفطْر في مالِ الطفل، فإذا كان لديْهم مال فعلى رأيِ كثِيرٍِ مِن أهلِ العلم تُخرِج مِن مالِهم، أما إذا لَم يَكن لديْهم مال فعلى الخلافِ بيْن أهلِ العلم .. إن أَخْرَجَتْ فذلك حَسَن أما الإيجاب فالقولُ بِه فيه شيءٌ مِن الصعوبة وإن احتاطتْ وأَخْرَجَتْ ذلك وكان لا يَشُقُّ عليها فذلك حَسَن.
      خامسا : لمن تخرج ؟
      س6: تَحدّثْتُم [ ص5 ] عن الفقير الذي تَجِب عليه الزكاة أو لا تَجِب، نُرِيدُ منكم أن تُحدِّثُونا الآن عن الفقِير الذي تُدفَعُ إليه الزكاة على اعتبار أنّ عددا مِن الناس قد يَكون لديْهِم راتب محترم لكن عَدَد الذين يَعُولُونَهم كثِيرُون أو لا يَستَطِيعُون أن يُوفوا مُتطلّبَات الحياة، فهل هؤلاء فُقَراء ؟[B][14]oman0.net/forum/newthread.php?do=newthread&f=4#_ftn14[/B]
      ج: على كلِّ حال؛ زكاةُ الفطْر:
      بعضُ العلماء ذهب إلى أنها تُصْرَف إلى مَن تُصْرَفُ إليه زكاةُ المال-وهم الأصنافُ الثمانية الذين حَدَّدَتْهُم الآيةُ القرآنية[15]-بل منهم مَن أَوْجَبَ أن تُقْسَمَ بيْن تلك الأصناف.
      ومِن العلماء مَن ذهب إلى أنها تُدفَع إلى الفُقَراءِ والمساكِين فقط؛ وهذا هو القولُ الصحِيح، ومعنى ذلك أنها لا يَجُوز دَفعُها إلا إلى الفُقَراءِ والمساكِين.
      وبعضُ الناس يَظُنُّون أنّ الفَقِير أو المسكِين مَن لا يَجِد شيئا، والأمْرُ بِعكْسِ ذلك .. مَن كان ما لديْه لا يَكفِيه لِسَدِّ حاجتِه وحاجةِ مَن يَقُومُ بِعَوْلِه فلَه أن يَأخُذَ مِن الزكاة وتُدْفَع إليه سواء كانتْ هذه الزكاة زكاةَ مال أو كانتْ زكاةَ فطْر، ولا يُضيَّقُ على الناس.
      ومنهم مَن قال: مَن لا يَجِدُ قوتَ سَنَتِه.
      ومنهم مَن قال بِخلافِ ذلك.
      فشخص-مثلا-يَتَقَاضَى مُرتّبا يُسَاوِي مئةَ رِيال ولكنّ ذلك لا يَكفِيه لِسَدِّ حاجتِه تُدفَع لَه الزكاة، بل شخص لَدَيْه أُسْرَة كبِيرَة يَحصُل على ثلاثمائة رِيال-مثلا-أو أَكثَر وذلك لا يَكفِيه لِسَدِّ حاجتِه تُدفَع لَه الزكاة .. ذلك يَختلِف بِاختلافِ الناس وبِاختلافِ أحوال مَن يَعُولُون وفي أَيِّ منطِقَةٍ مِن المناطِق-مثلا-وما يَحتاجُون إليه .. إذن العبرةُ هل يَكفِيهِم ما لَدَيْهِم لِسَدِّ حاجتِهم وحاجةِ مَن يَعُولُونَه أو لا .. الأمْرُ لا يَضيق، وإنما السبَب الذي يُلْجِئ كثِيرا مِن الناس إلى السؤال عن هذه المسألة وإلى الاسْتِشْكَال وأنهم لا يَجِدُون فُقَراء هو ظَنُّهُم أنّ الفقِير مَن لا يَملِك شيئا وهكذا بِالنسبةِ إلى المساكِين .. الله-تعالى-يَقول: } أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ ... { [ سورة الكهف، من الآية: 79 ] .. هم يَملِكُون سفِينَة ولكن ذلك لا يَكفِيهِم
      س: هل هيَ مَقصورَة على الفقراء والمساكين أو أنّها تُعطى في مصارِفِ زكاةِ المال ؟
      ج: لا، هي تُدفَع إلى الفقراء والمساكين.
      ومَن قال بِخلافِ ذلك فقولُه مُخالِفٌ لِلحديث الثابت عن النبي e .. الزكاةُ المعروفة تُدفَعُ إلى الأصنافِ الثمانية وأما بِالنسبةِ إلى زكاةِ الفِطْر فلا تُدفَعُ إلا إلى الصنفيْن المذكورَيْن في الحديثِ عن النبي e .
      رس4: زكاةُ الفِطْر، هل تُعطى لِشخصٍ واحد ؟
      ج: نعم يَجوز أن تُعطى لِشخصٍ واحد إذا كان لا يَخرُج بِذلك عن حدِّ الفقر إلى حدِّ الغنى ولكن إذا كانت هنالك جماعةٌ تَحتاج إلى الزكاة فلا يَنبغي أن يُعْطِيَ هذا الإنسان زكاتَه لِشخصٍ واحد ويَتْرُكَ البقية الباقية أما إذا كان بعضُ الناس يُعْطِي هذه المجموعة والبقية الأخرى تُعْطِي المجموعة الأخرى-وما شابه ذلك-فلا حرج ولو أعطاها لِشخصٍ واحد إذا كان لا يَخرُج-كما قلتُ-عن حدِّ الفقر إلى حدِّ الغنى.
      س11: هل يُمكِن أن تُدفَع إلى أسرة واحدة أم لابد مِن حساب عدد أفرادها ؟
      ج: إذا كانت تلك الأسرة لا تَخرج بذلك مِن حدِّ الفقر إلى الغنى فلا مانع مِن ذلك .. هذه ليست كالكفارات .. الكفاراتُ لابد فيها مِن العَدَد .. المرسلة تُدفَع إلى عشرة، والمغلظة إلى سِتّين، ولا يُمكِن أن تُدفَع المرسلة إلى أَقَلِّ مِن عشرة ولا إلى أكثر مِن عشرة، والمغلظة لا يمكن أن تُدفَع إلى أقل مِن سِتّين ولا إلى أكثر مِن ستين .. زكاةُ الفطر يمكن أن تَدفع جماعة لِشخصٍ أو لِبيتٍ واحد كما أنه يمكن الإنسان أن يُفرِّقَ الصاع الواحد على شخصين .. هذه لا تُحَد، وإنما الحدُّ في ذلك ألاّ يَخرُج ذلك الشخص مِن حدِّ الفقر إلى الغنى .. نعم لا يمكن لجماعةٍ كبيرة مِن الناس تَدفَع إلى بيتٍ واحد وهنالك بقيةُ البيوت يَتضَوَّرُ أصحابُها جوعا .. لابد مِن النظر في هذه القضية، وهذا والحمد لله-تبارك وتعالى-يَسِير؛ والله-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.
      و-قبل أن أُنْهِيَ الجواب-أُريد أن أُنَبِّه إلى أنّ زكاةَ الفطر تُدفَع إلى الفقراء والمساكين، ولا يَجوز دفعُها إلى الأغنياء.
      فما نُشاهِده مِن كثيرٍ مِن الناس يَقومون بِتوزيعِها على طائفةٍ كبيرة مِن الناس مِن أهلِ البلاد مِن غيرِ أن يُفرِّقوا بيْن غني وفقير هذا لا يَصِح أبدا؛ والله-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.

      س10: هل يَجوز إعطاءُ زكاة الفطر لِلوالدة أو الشغّالة ؟
      ج: أما الشغّالة إن كانت فقيرة ويَعلَم بأنها فقيرة حقّا وليست مجرد دعوى لأنّ بعضَ العمال الذين يَعمَلون في بعضِ البلدان الأخرى لا يَعلَم الإنسان بِأنهم مِن الفقراء .. هم مِن الأغنياء في بلدانِهم وهذا أمرٌ موجود وبعضُهم حقّا مِن الفقراء فإن كان هو يَثِق بِأنها فقيرة حقّا وسواءً كان هذا العامل رجلا أو امرأة فنعم يَجوز أن تُدفَع إليه الزكاة إذا كان مِن المسلِمين أما إذا كان مِن الكافرِين فلا ثم لا، لأنها حقّ لِلمسلِمين وليستْ للكافرِين اللهم إلا إذا لم يُوجَد المسلم أبدا فذلك أمرٌ آخَر ولكن-طبعا-هم موجودون فلا داعي إلى الكلام بِأنهم إذا لم يُوجَدوا تُدفَع إلى أهلِ الذِّمّة فما داموا موجودِين فلتُدفَع إلى فقراءِ المسلِمين ولا يُجزِي أن تُدفَع إلى غيرِهم.
      أما بِالنسبةِ إلى الوالدَيْن:
      1-فبعضُ العلماء يُشدِّد في دفعِ الزكاة إليهما سواءً كانت هذه الزكاة زكاةَ أموال أو كانت زكاةَ الفِطر.
      2-وبعضُ العلماء يَقول: إن كان هذا الشخص لا يَجِب عليه أن يَعولَ والديه فإنه له أن يَدفَعَ إليهما الزكاة وأما إذا كان يَجِب عليه أن يَقوم بِعولِهما فلا يَصِحّ له ذلك، وبقي متى يَجِب عليه ؟ هل إذا حُكِم عليه بذلك أو أنه إذا كان ليس معهما ما يَكفي لِسَدِّ حاجتِهما ولو لم يُحكَم عليه بِذلك ؟ وهذا هو الصحيح عندي ولكن بِشرط أأأقغأن يَكون واجِدا لِما يَسدّ حاجتَه ويَسدّ حاجةَ والِديْه أما إذا كان هو فقيرا لا يَجِد إلا ما يَكفِيه لِسدّ حاجتِه فإنه لا يَجِب عليه في هذه الحالة أن يُنفِق على والِديْه لِعدم وجودِ ذلك وعليه لو وَجَبَتْ عليه الزكاة مثلا فإنه يَدفَع ذلك إليهما أو إلى أحدهما.
      3-وبعضُ العلماء يَقول: إن كانتْ هذه الزكاة فيما يَتعلّق بِما هما محتاجان إليه أمسَّ الحاجة كالطعام واللباس فلا يَجوز له أن يَدفَع إليهما الزكاة لأنّ هذا أمرٌ واجب عليه إذا كان يَستطِيع على ذلك أما إذا كان في بعضِ الأمور التي لا يَجِب عليه ذلك كأن تَكونَ عليهما ديون بِسبب غيرِ النفقة أو ما شابه ذلك فإنه يَجوز له ذلك؛ ولا شك بأنّ هذا صحيحٌ لا غبارَ عليه ففي حقيقةِ الحال إذا دَفَعَ زكاتَه إلى غيرِ والِديْه وإذا كانا يَحتاجان إلى شيءٍ مِن المساعدة قام بِمساعدتِهما وعونِهما فذلك هو المطلوب لأنّ هذا-أعني الطعام الذي يَدفَعه إليهما في زكاةِ الفطرة-لا يَستخدِمانِه في الغالِب إلا لِلأكل وليس لأمرٍ آخَر فهو مِن بابِ النفقة التي تَجِب عليه-في حقيقة الواقع-أن لو وجد[16] ذلك فالأسْلم في مثلِ هذه الأمور أن يَحتاط الإنسان لأمر دِينِه لأنّ هذا الأمر واجِب عليه ولابد مِن أن يَخرُج مِن الواجِب بأمرٍ واضِح لا غبارَ عليه


      سادسا: أحكام عامة في زكاة الفطر
      س4: إذا أَخرَجَ الإنسانُ زكاةَ الفِطْر عن أحدٍ قبل أن يُخبِرَه ثم أَخبَرَه بعدَ أن دَفَعَ الزكاة، هل تَبْرَأُ ذِمّةُ ذلك الـمُخرَج عنه ؟ علما بِأنه لَم يَنْوِ تلك العبادة.
      ج: في الحقيقة أنّ الأعمال تَكون بِالنيات: ( إنَّما الأعمال بِالنيات وإنَّما لِكلِّ امرئ ما نوى ) .. هذا هو الأصل .. الأصل في كلِّ عبادة أن تكون بعدَ النية، فهذا الشخص الذي أَخرَج عن غيرِه الزكاةَ لَم يَنْوِ ذلك الغيرُ بِأنّها زكاة وهي في الأصلِ متعلِّقة بِذِمّتِه فالسّلامة له أن يُخرِج الزكاةَ بِنفسِه سواء كان ذلك مِن ماله الأصلي أو أن يَهَبَه شخصٌ آخَر ويُخرِج بعدَ ذلك الزكاة.
      والتّرخيص الذي ذَكَرَه بعضُ العلماء في بعضِ المسائل المشابِهة لِهذه المسألة لا يَنبغِي التعويلُ عليه، لأنّ الأصل أن يَكونَ العملُ بِنِية .. نعم إذا أُخبِرَ شخصٌ بِأنَّه سيُخرَج عنه الزكاة ونوى هو ذلك فالأمر سهل أما أن يَكون ذلك بعدَ الإخراج وبعدَ أن يَتملَّك ذلك الـحَب الشخص الفقير .. بعد ذلك يَقوم هذا الشخص بِالنية فهذا فيه مِن الحرج ما فيه.
      س: إذن على هذا مَن يستوعب مِن الأبناء مسألة زكاة الفطر ولو لم يَكن بالِغا، هل يُشْعَر بِهذه العبادة حتى يَستحضِر مثلَ هذه النية ؟
      ج: في الحقيقة؛ لِلعلماء كلامٌ طويل عريض حول هذه القضية، والأصلُ أنّ كلَّ شخصٍ يُخَاطَبُ بِالزكاة بِنفسِه بِاستثناء العبد فإنّ سيِّدَه هو الذي يُخرِج عنه زكاةَ الفطر .. هذا هو القول الصحيح، كما تَدلّ لَه الروايةُ الصحيحة في " صحيح مسلم " خلافا لِمَن ذَهَبَ أنّ السيد يُؤمَر بِإعطاءِ عبدِه وقتا يَعمَل فيه مِن أجْل أن يَحصُلَ على مقدارٍ مِن المال يَشترِي بِه شيئا مِن الحبوب التي تُخرَج بِه الزكاة فهذا القول فيه ما فيه، لأنّ معناه أنه يَجِب على الإنسان أن يُحَصِّلَ المال مِن أجْلِ أن يَدفَع الزكاة وهذا مُخالِف لِلقواعد المعروفة، أما بِالنسبة إلى كلِّ فردٍ مِن الأفراد الأصلُ أن يَنوِي هو نفسُه وهو مُخاطَبٌ بِذلك ولكن ذهبتْ طائفة مِن أهل العلم إلى أنّ الإنسانَ يُؤمَرُ بِإخراجِ الزكاةِ عنه وعمّن يَعولُه كالأولادِ الذين يَجِب عليه عولُهم وهكذا بِالنسبةِ إلى أصولِه مِن الآباء والأجداد، فعلى هذا أنه يَجِب عليه أن يُخرِج عنهم .. هو المخاطَب بِذلك وإذن هو الذي يَنوِي ذلك .. نعم إذا أخبرَهم بِذلك ونَوَوْا ذلك فذلك حسنٌ جدا، أما الذين لا يَجِب عليه عولُهم فالظاهِر أنه إذا أراد أن يَدفَع عنهم غيرُهم لابد مِن أن يَقوموا بِالنية على أنّ ذلك زكاة عنهم .. هذا الذي يَظهر لِي؛ والعلم عند الله.

      س4: هناك مَجموعةٌ مِن المتبرِّعِين هيّؤوا أنفسَهم لِجمْعِ الأموال مِن الناس قُبَيْلَ العِيد مِن أجْلِ أن يَشتَرُوا بِها أرْزا يُوزِّعونَه على الفقراء، فهل يُجزِي هذا الإنسان أن يُعطِيَهم ذلك المبلَغ حتى يَقُومُوا عنه بِتوزيعِ هذه الزكاة وهم ثِقات كما يَقول ؟
      ج: إذا كانوا مِن الثقات الذين يَثِقُ بِهم أوَّلا ثم يَعرِفون-أيضا-مَن يُؤدُّون إليه زكاةَ الفطْر فنعم يُعطِيهم لكن يَجعلُهم وكلاء حتى لا يُعطِيهِم النقود-لأنّ كثرةً كاثِرَة مِن أهلِ العلم لا تُجِيزُ إخراجَ النقود-فهم وكلاء يَشتَرون لَه الأرْز أو غيْرَه مِن سائِرِ الحبوب التي تُدفَع إلى الفقراء ثم إذا أَعطاهم ذلك على سبِيلِ الأمانة-مثلا-أو ما شابه ذلك .. مُجرّد وكلاء .. إذا قَدَّمَها لكن يَدفَعون تلك الزكاة في الوقتِ الشرعِي المعروف.
      العلماء اختلَفوا كثِيرا في الوقتِ الذي يَجوز فيه إخراجُ زكاةِ الفطْر .. قبلَ كلِّ شيء اختلَفوا في الوقتِ الذي تَجِبُ بِه زكاةُ الفطْر:
      منهم مَن قال: إنها تَجِب بِغروبِ الشمس، وهذا هو المشهور .. بِغروبِ الشمسِ مِن آخِرِ يومٍ مِن شهرِ رمضان .. إذا غربتْ الشمس ودخلتْ ليلةُ العِيد فذلك الوقت هو الوقت الذي تَجِب بِه زكاةُ الفطْر.
      ومنهم مَن ذهب إلى أنها تَجِبُ بِطلوعِ فجْرِ يومِ العِيد.
      ومنهم مَن قال: إنها تَجِبُ بِالوقتيْن معا.
      ومنهم مَن قال: تَجِبُ بِطلوعِ الشمس.
      ومنهم مَن قال: تجب بغروب الشمس مِن آخِرِ يومٍ مِن رمضان وجوبًا مُوَسَّعًا إلى طلوعِ الفجْر.
      ومنهم مَن قال بِغيْرِ ذلك.
      كقولِ مَن يَقول إنها تَجِبُ بِطلوعِ الفجْر إلى أن يَحِينَ وقتُ الصلاة.
      وكقول مَن يَقول بِأنها تَجِبُ إلى أن يَرتفِعَ النهار.
      إلى غيْرِ ذلك، ولكنّ القوليْن المشهورَيْن هما:
      1-قولُ مَن قال: " تَجِبُ بِغروبِ شمسِ آخِرِ يومٍ مِن رمضان ".
      2-وقولُ مَن يَقول: " إنها تَجِبُ بِطلوعِ فجْرِ يومِ العِيد ".
      والأوّلُ هو المشهور.
      فهذا هو وقتُ الوجوب، وعليه:
      مَن وُلِدَ لَه-مثلا-مولودٌ بعدَ غروبِ شمسِ آخِرِ يومٍ مِن رمضان: على رأيِ مَن يَقول: " إنها تَجِبُ بِمُجرّدِ غروبِ الشمس " يَقول: " غَرَبَت الشمس وهذا ليس عليه أن يُخرِجَ عنه الزكاة " بِخلاف رأيِ مَن يَقول: " إنها بِطلوعِ الفجر[17] ".
      وهكذا مَن ماتَ لَه ميِّت يَعولُه-على رأيِ يَقول بِذلك مطلَقا، أو في بعضِ الأحوال-يُفرَّق بيْن القوليْن.
      وهكذا لَو تَزَوَّجَ امرأةً على حسبِ الخِلاف متى تَجِبُ نفقتُها .. هل بِمجرّدِ العقْدِ أو إذا زُفَّتْ إليه ؟ وهذا على رأيِ مَن يَقُول: " إنّ الرَّجُل يُخْرِج الزكاة عن زوجتِه ".
      وهكذا لَو مَلَكَ عبْدا أو أَعْتَقَ عبْدا أو باعَه.
      وهكذا في كثِيرٍ مِن القضايا التي لَها علاقَةٌ بِهَذه المسألة على حسْبِ هذا الخلاف.
      أما وقتُ إِخراجِ الزكاة-أعني زكاةَ الفطْر-فلِلعلماءِ خلافٌ طوِيلٌ عرِيضٌ في ذلك .. الوقتُ المتّفَق عليه-قبلَ كلِّ شيء-هو بعدَ طلوعِ الفجْر مِن يومِ العِيد إلى صلاةِ العِيد .. إذا أَخْرَجَها في هذا الوقت فقَد أَدَّى زكاةَ الفطْر بِاتّفاقِ العلماءِ قاطِبة، أما إذا أَدّاها قبلَ ذلك أو أَخَّرَها عن ذلك فلِلعلماءِ خلافٌ هل يُجزِيه ذلك أو لا ؟
      منهم مَن قال: يُجزِيه إذا أَخْرَجَها في رمضان مِن أوَّلِ يوم .. إذا أَخْرَجَها في أيِّ يومٍ مِن شهرِ رمضان المبارَك فيُجزِيه ذلك.
      ومنهم مَن قال: إذا أَخْرَجَها بعدَ منتصَفِ الشهر فيُجزِيه ذلك.
      ومنهم مَن قال: إذا أَخْرَجَها في العَشْرِ الأواخِر يُجزِيه ذلك.
      ومنهم مَن قال: إذا أَخْرَجَها قبلَ ثلاثةِ أيامٍ مِن يومِ العِيد فيُجزِيه ذلك.
      ومنهم مَن قال: يَجوزُ تقدِيمُ زكاة الفطْر يوما أو يوميْن، وهل هذا لِلتخيِير أو لِلتنوِيع ؟ .. ما معنى ذلك ؟! لِلتخيير أن يُخيَّر الشخص أن يُقدِّمَها يوما أو يوميْن، أما لِلتنوِيع فذلك بِاعتبارِ الشهر .. قد يَكونُ شهرُ رمضان تسعةً وعشرين يوما وقد يَكونُ ثلاثين يوما فإذا كان ثلاثين يوما فمعنى ذلك أنه قَدَّمَها يوما وإذا كان تسعة وعشرين فَقَدَّمَها يوميْن.
      وبعضُهم يُجِيزُ إخراجَها بعدَ غروبِ شمسِ آخِرِ يومٍ مِن شهرِ رمضان.
      ومنهم مَن لا يُجِيزُ ذلك إلا في وقتِها الشرعِي الذي ذَكَرْناه .. الـمُتّفَق عليه، وهو فيما بيْن طلوعِ الفجْر إلى صلاةِ العِيد.
      أما التأخير:
      فمنهم مَن يُجِيز في ذلك اليوم.
      ومنهم مَن يُجِيز حتى فيما بعد:
      منهم مَن حَدَّدَه بِآخِرِ شهرِ شوال.
      ومنهم بِعِيدِ الأضحى.
      ومنهم مَن أجازه مطلَقا.
      وكثير مِن هذه الأقاوِيل باطِلَة عاطِلَة منابِذَةٌ لِلأحاديثِ الصحِيحة ومنابِذَة لِكثيرٍ مِن الأدِلّة الأخرى التي تُؤخَذ منها المسائل الشرعِية التي مِن ضمنِها هذه المسألَة.
      ولا شك أنّ مَن استطاع أن يَقُومَ بِإخراجِها بعدَ طلوعِ فجْرِ يومِ العِيد إلى صلاةِ العِيد .. أي في هذا الوقت فذلك هو الأسْلَم لَه في دِينِه والأحْوَط لَه، ومَن شَقَّ عليه ذلك .. إذا كان لا يَجِدُ فقراء في ذلك الوقت بِأن كانوا في مكانٍ بعِيد عنه فإذا أَخْرَجَها بعدَ تَحقُّقِ دخولِ-شهرِ شوال .. أو بعدَ تَحقُّقِ دخولِ-ليلةِ العِيد فذلك لا بأس عليه بِمشيئة الله، وإذا تَرَخَّص فلا يَنبغِي لَه أن يَتَرَخَّص أكثَر مِن يوم أو يوميْن على التنوِيعِ كما ذَكَرْتُه [ ص8 ] .. أما قبلَ ذلك فلا ينبغِي.
      هذا الشخص-إذن-إذا أعطاهم المال بِمثابة الأمناء مثلا .. قال لَهم بِأنهم لا يَدفَعُون هذه الزكاة إلى أهلِها .. أي لا يَقُومُون بِإخراجِها مِن مُلكِه إلا بعدَ تَحقُّقِ دخولِ الوقتِ الذي تَجوز فيه-وقد ذكرتُ الوقت-فهم أُمناء عندَه فلا بأسَ-بِمشيئةِ الله تبارك وتعالى-عليه، أما أن يَدفَعُوا الزكاة في غيْرِ وقتِها فلا .. لابد أن يُخبِرَهم-لأنّ كثِيرا مِن الناس يَجهَلُون، ومنهم مَن يَتَرَخَّص بِبعضِ الأقوال أو ما شابه ذلك-أما أن يَدفَع هو لَهم القيمة على أنه قد أَخْرَجَها مِن مالِه وهم بعدَ ذلك يَتصرّفُون .. معنى ذلك هو-أوَّلا-أنه قد أَخْرَجَ القيمة ثم معنى ذلك-أيضا-أنه قد أَخْرَجَها مِن ملكِه قبل وقتِها الـمُحَدَّدِ لَها، فلابد مِن أن يَتَثَبَّت مِن هذه القضية: إما أن يَدفَعَها في الوقتِ الذي يَجُوزُ دَفْعُها وبِشَرْطِ-أيضا-أن يُوَكِّلَهم أن يَشتَروا لَه أرْزا، أو يَجعلَهم أُمناء في ذلك الوقت وبعدَ ذلك يَشتَرُون لَه بِمشيئةِ الله تبارك وتعالى.


      سادسا: أحكام عامة في الزكاة
      س: امرأة تتصدق بما عندها لأقاربها وللفقراء وتعطي السائل ولا تحمل صفة البخل إلا أنها لا تؤمن بالزكاة لأنها ترى أنَّ ما تتصدق به ما هو إلا زكاة وعندما نقول لها هنالك فرق بينهما تقول أستحي أن أقول للناس هذه زكاة والآن تقول تطلب من فضيلتكم بأن توضحوا لهذه المرأة الفرق بين الصدقة والزكاة وهل يشترط أن يقال للمعطي هذه زكاة ؟
      ج: إن الزكاة فريضة من فرائض الإسلام بل هي ركن كم أركانه العظام كما صح ذلك في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد نصت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على وجوبها وأجمعت الأمة الإسلامية على ذلك هذا ومن الجدير بالذكر أنَّ الإجماعات في مثل هذه القضايا هي أمور ضرورية أي أنه لابد من أن تجمع الأمة على مثل هذه الأمور ولا ينبغي للإنسان أن يشتغل بالبحث عن أقوال الناس في مسألة نصت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة الثابتة على وجوبها أو على حرمتها أو ما شابه ذلك من الأحكام لأن الإجماع ضروري في مثل هذه القضايا فما يذكره بعضهم من إن العلماء يذكرون الإجماعات في مثل هذه القضايا هل يعني ذلك أنهم بحثوا عن كل رأي من أقوال الناس حتى وجدوا أن كل فرد من أفراد العلماء قد أجمع عليها لا قيمة له ، ذلك لأنها أي هذه المسائل ليست بحاجة إلى البحث عن أقوال الرجال فيها لأن الإجماع ضروري فيها كما قلت ولو أن شخصاً قال بخلاف ذلك فإنه يكون كافراً والعياذ بالله تبارك وتعالى لإنه أنكر أمراً معلوماً من الدين بالضرورة فمن أنكر أمراً وهو معلوم من الدين بالضرورة كمثل هذه القضية فهو خارج عن الإسلام ولا حاجة للبحث عن قوله بل يجب عليه أن يرجع إلى الإسلام وإلا حكم عليه بأحكام المرتدين ولذلك أرى أن هذه الكلمة التي ذكرتها السائلة نم أن هذه المرأة لا تؤمن بفرض الزكاة أرى أن هذه الكلمة من الخطورة بمكان فلا ينبغي التسرع بأنَّ فلاناً أو فلانه لا تؤمن بفرض الزكاة فذلك أمر خطير لأنه يقتضي أن ذلك الإنسان قد خرج من خطيرة الإسلام إلى الشرك لأنه أنكر أمراً معلوماً من الدين بالضرورة كما قلن فالزكاة والصيام والحج والصلاة من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة ومن أنكرها كافر كما قلت فهذه المرأة لا أظنها تنكر فرض الزكاة وإنما تستحي من ذكر أن هذا المال الذي تخرجه بأنه زكاة وعلى ذلك فأظنها أنها لا تنوي الزكاة وإذا كانت تنوي بذلك الزكاة فالأمر سهل فتقول إن الصدقة شاملة للزكاة ولغيرها لأن الصدقة تارة تكون واجبة وتارة تكون مندوبة والواجبة منها تُخص بأسم الزكاة فعلى هذه المرأة التي تحسن إلى المحتاجين من الفقراء وغيرهم وتحسن إلى أقاربها عليها أولاً أن تهتم بفرض الزكاة لأن الزكاة من الأمور الواجبة بينما ذلك الإحسان تارة يكون واجباً وتارة يكون مندوباً ولا ينبغي لأحد أن يقدم المندوبات على المفروضات ولا يمكن أن يقال بأن تلك المندوبات تقوم مقام الفرائض التي افترضها الله تبارك وتعالى وعليه فإن كانت هذه المرأة عندما تخرج هذا المال تنوي به الزكاة ولكنها لا تسميها باسمها أو لا تذكر ذلك ولكنها تنوي ذلك وتخرج ذلك بحسب المقدار الذي حدّده الشارع وتعطي ذلك المال للفقراء والمساكين أي الذين تجب لهم الزكاة فلا إشكال في القضية أما إذا كانت تكتفي بهذه الصدقات وهذه التبرعات عنلزكاة فإن ذلك لا يجزيها قولاً واحداً عند علماء المسلمين وعليها أن تتوب إلى الله تعالى وان تخرج الزكاة بنيتها وبمقدارها إلى أهلها المخصوصين عن الماضي وتسلك هذا المسلك أيضاً في المستقل وأما بالنسبة إلى إخبار الفقراء بأن هذا الأمر زكاة فإذا كان الإنسان متأكداً بأنّ هذا الإنسان من الفقراء في ذلك الوقت الذي يعطيه ذلك المبلغ الذي هو المقدار الشرعي الذي افترضه الله تبارك وتعالى فإنه لا يلزمه بأن يخبره بذلك ولكن ذلك مطلوب من جهة أن بعض الناس لا يريدون أن يأخذ والزكاة يتورعون عن ذلك نعم إذا عرف أن ذلك الإنسان من الفقراء وعرف بأنه يأخذ الزكاة فلا حرج في عدم أخباره وإن كان الأفضل بأن يخبره مخافة أن يكون قد استغنى عن الزكاة ولكن كما قلت إذا كان هنالك احتمال بأنه استغنى عن فرض الزكاة فلابد من البحث عن ذلك والله تعالى أعلم .

      س: هل يعطى طالب العلم من الزكاة إذا كان قادراً على الزكاة فيما لو ترك العلم .
      ج: نعم تدفع الزكاة لطالب العلم الشرعي إذا كان فقيراً لا يجد ما يسدُّ به حاجته من يقوم بمؤونته وذلك لأنه فقير أولاً ولأنه في جهاد حيث إنه يطلب العلم الشرعي الذي ينبغي لكل إنسان إذا كان قادراً عليه ألا يفرط فيه ولو كان هذا الطالب أن لو ترك هذا العلم أو تشاغل عنه يستطيع أن يكسب المال الذي يسدَّ حاجته وحاجة من يقوم بمؤونته ولهذا الطالب أيضاً أن يشتري الكنز الضرورية التي يحتاج إليها من الزكاة لا أن يشتري كتباً تزيد على حاجته فمثلاً بعض طلبة العلم الصغار يحتاجون إلى كتاب بهجة الأنوار وتلقين الصبيان والوضع والدلائل أو يحتاجون إلى أكثر من ذلك من الكتب ولكنهم لا يحتاجون إلى بعض الكتب الكثيرة الكبيرة كشرح النيل أو المعارج أو فتح الباري ذلك لأنهم لا يستطيعون استيعاب ما في هذه الكتب فهم يشترون من الزكاة ما يحتاجون إليه وأما ما كان فوق حاجتهم فليس لهم أن يشتروا ما يؤسسون به مكتبة وكذلك من كان أكبر من هؤلاء الطلبة له أن يشتري ما يحتاج إليه من الكتب ولو كانت أكبر من هذه الكتب التي ذكرناها فبإمكانه أن يشتري مثلا جوهر النظام للإمام السالمي رحمه الله وأن يشتري شرح الجامع والمعارج وإذا كان يحتاج إلى فتح الباري أو إلى غير هذه الكتب التي يحصل منها العلم الشريف وأريد بالطالب الذي تدفع له الزكاة الطالب المجدَّ المجتهد لطلب العلم أما أولئك الذين يتكاسلون في طلب العلم وإنما يتظاهرون بالطالب يذهبون إلى الشيخ الفلاني أو إلى الشيخ الفلاني من أجل طلب العلم على حسب زعمهم ولكنهم في حقيقة الواقع لا يجدون في ذلك إذا اشتغل الشيخ بالفتوى لا يستمعون إلى الشيخ إلا بالقليل النادر وإذا شتغل بشرح شيء من الكتب يفكرون في أمور خارجة عن ذلك الدرس فهم لا يستوعبون منه إلا النزر اليسير فأمثال هؤلاء الذين لا يجّدون في الطلب ولا يجتهدون في تحصيل العلم فأمثال هؤلاء لا تدفع لهم الزكاة إذا كانوا قادرين على العمل وإنما تدفع كما قلت للذين يجتهدون ويجدون في طلب العلم في الليل ولكنها وذلك لأن هذا من الجهاد الذي سيعلون به بمشيئة الله تعالى كلمة الله تبارك وتعالى حيث أنهم بعد ذلك سيقومون بتبليغ هذا العلم إلى عباد الله سبحانه وتعالى وسينقذونهم من الجهل الذي هم فيه وسيبينون لهم الواجب والمندوب والحرام والمكروه إلى غير ذلك من الأحكام الشرعية بل إذا احتاج الطالب المجدّ المجتهد إلى الزواج من الزكاة فلا مانع من ذلك بشرط أن لا يكون هنالك تبذير للمال ولا أن تكون هنالك مغالاة في الصداق أو ما شابه ذلك مما يتعلق بتجهيز المرأة إلى غير ذلك من الأمور إن لم يكن هنالك شيء من المغالاة فإن لم يكن هنالك تبذير ولا إسراف وكان محتاجاً للزواج ولن يشغله ذلك الزواج عن طلب العلم وللجد والاجتهاد فيه فلا مانع من ذلك والله تعالى ولي التوفيق .

      س: هل توجد زكاة في الراتب الشهري ؟
      ج: الراتب الشهري لا تجب فيه الزكاة إذا كان ذلك الشخص الذي يتقاضاه ينفقه في ذلك الشهر أو بعده مباشرة بمعنى أنه لا يحول عليه الحول بعد أن بلغ النصاب فإذا كان الإنسان الذي يتقاضى ذلك الراتب كما قلتُ يقوم بنفقته على نفسه أو يتصدق به أو ما شابه ذلك من الأمور ولا يبقى معه منه شيء أو لا يبقى معه إلا القليل فإنه لا تجب عليه الزكاة وأريد بالقليل هو ذلك القليل الذي لا يصل النصاب أما إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول سواء كان بمفرده أو كان قليلا ولكنّ ذلك الشخص يملك غيره من الأموال بحيث إنه إذا جمع ذلك الراتب وذلك المبلغ الذي تبقى من الراتب إلى ذلك المال الذي يملكه من غير الراتب فإنه يبلغ النصاب فتجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول فالإنسان مثلا إذا ملك في هذا الشهر مائه ريال زادت على حاجته وملك في الشهر الثاني كذالك مائه أخرى فإنه ينتظر متى يبلغ النصاب وقد ذكرنا أكثر من مرة أن الريالان لا يمكن أن نحدد لها نصاب إلا بالنظر إلى قيمة الذهب فإنها إذا بلغت قيمة عشرين مثقالاً من الذهب فإنها تجب فيها الزكاة إذا حال عليها الحول فإذا ملك الإنسان مقدار ما يساوي عشرين مثقالاً من الذهب وحال عليها الحول القمري فإنه يجب عليه أن يخرج من الزكاة أما إذا لم يحُل عليه الحول فلا زكاة فيه إلا كما قلت إذا كان هناك شيء من المال الآخر الذي يملكه الإنسان سواء كان من الريالات أو من الذهب فإنه ينظر إلى الكل بعد أن يحول عليه الحول وبعد أن يحول الحول بعد أن ملك النصاب يزكي ذلك بقيت هنالك قضية هي أن الإنسان مثلاً يملك النصاب من الريالات في شهر رمضان ثم يتقاضى في الشهر الذي يليه راتباً ثم يتقاضى في الشهر الذي يليه راتباً وهكذا إلى أن يحول عليه الحول في رمضان فكيف يزكي ؟ حال عليه الحول على الراتب الذي يتقاضاه في رمضان بينما الحول لم يمض علي بقية الرواتب الأخرى فهنا بإمكانه أن يقوم بزكاة ذلك المال الذي ملكه في شهر رمضان وهكذا بعد ذلك يزكي عن بقية المال الذي يليه يزكي عن شوال وذي القعدة وهكذا ويمكنه وهو الأسلم له بأن يقوم بإخراج الزكاة جميعها في شهر رمضان ويكون ذلك من باب تقديم الزكاة على وقتها وهو المعروف بالتعجيل في الزكاة وذلك جائز بنص السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
      وأريد بالتقديم تقديم زكاة الشهور الأخرى أما بالنسبة إلى الذي بلغ في رمضان فإن ذلك ليس من التعجيل في شيء هذا الذي ذهب إليه غير واحد من أهل العلم والأحوط والأسلم أن يقدم لأن ذلك أيسر وأسهل من أن يقوم زكاة كل شهر بمفرده ولكن إذا قام بإخراج زكاة كل شهر بمفرده فذلك جائز في مثل هذه الصورة عند كثير من أهل العلم بخلاف بعض الصور الأخر كمن ملك مثلا أربعين شاة سائمة وكانت لها أولاد وبلغت مثلا مائة وواحد وعشرين من الغنم فإنه يزكي عن الكل فيزكي عن المائة والواحد والعشرين ذلك لأن ذلك من النتائج ولو لم يحل الحول على تلك الماشية الصغيرة لأنها تابعة لأصلها وهكذا بالنسبة إلى التجارة لو أن إنساناً حال الحول على تجارته وهنالك الفائدة التي يستفيدها من الزكاة لم يحل عليها الحول مثلا المال الأصلي قيمته بحسب ما اشتراه تساوي 500 ريال ولكنه عندما يبيع ذلك المال سيأتي بقيمة أكثر عن 500 ريال فتلك الزيادة هي فائدة لم يشتريها بذلك المبلغ ولكنه يزكي ذلك المال بحسب ذلك القدر الذي يبيعه به فمثلا قد تكون الفائدة مائة ريال فيزكي عن 600 ريال ولو لم يحل الحول على تلك الفائدة أما هذا المال عند كثير من أهل العلم اعني الراتب فهو يختلف عن ذلك لأنه لم يكن ناتجاً عن ذلك الأصل وإنما هو شيء جدير لم يكتسبه من ذلك المال أما لو اكتسبه من ذلك المال لكانت زكاته تجب بزكاة أصله على رأي كثير من أهل العلم الذي هو عليه العمل ومع ذلك فإنني أقول الأحوط أن يخرج زكاته مع ماله السابق فيكون بذلك قد عمّل الزكاة وهو قد خرج من أقوال العلماء قاطبة وهو السلم وأحوط له ثم أيضاً فيه ما فيه من المشقة أن يخرج اليوم زكاة اليوم الفلاني وبعد شهر زكاة المال الفلاني وبعد ذلك كذا وهكذا والله تعالى ولي التوفيق .

      س: كيفية زكاة سيارات الأجرة ؟
      ج: سيارات الأجرة نفسها ليست فيها زكاة وإنما الزكاة فيما يحصل من تلك الإجارة أي من إجارة تلك السيارة فلو أجّر إنسان سيارته بمبلغ من المال يساوي نصاب الزكاة وحال عليه الحول سواء كان بمفرده يبلغ النصاب أو مع مال أخر من جنس ذلك المال أي من الذهب أو الريالات أو الدراهم العصرية باختلاف أنواع العملات في الدول المعروفة فإذا بلغ النصاب بمفرده أو مع مال آخر كما ذكرت وحال عليه الحول فإن الزكاة تجب في تلك الأجرة سواء أجرّ تلك السيارة أو كان هو يعمل على تلك السيارة بنقل الركاب أو بنقل البضائع أو ما شابه ذلك فإذن السيارة نفسها لا تجب فيها الزكاة وإنما تجب في الأجرة بشرط أن يحول عليها الحول بعد ملك النصاب سواء بلغ بمفرده أو مع مال آخر من الذهب أو ما يقوم مقامه من الدراهم أو الريالات أو الدنانير والله تبارك وتعالى أعلم .

      س: كيفية زكاة البيت المؤجر ؟
      ج: من ملك داراً أو مكاناً وأجرّة على غيره فإن الزكاة لا تجب في ذلك الدكان أو تلك الدار نفسها وإنما تجب في أجرة تلك الدار أو في أجرة ذلك الدكان إذا بلغت تلك الأجرة النصاب الشرعي المعروف الذي تجب فيها الزكاة وحال عليها الحول فإذا بلغت قيمة الأجرة ما يساوي عشرين مثقالاً من الذهب وحال الحول عليها أو زادت على ذلك أو كان الإنسان يملك مالاً آخر أي يملك شيئاً من الذهب أو الدراهم أو الدنانير أو الريالات أو ما شابه ذلك من العملات المعروفة فإنه يضم ذلك المقدار الذي حصل عليه من أجرة ذلك الدكان أو تلك الدار إلى ما عنده وإذا حال الحول عليهما جميعاً فإنه يخرج الزكاة عنهما جميعاً أما إذا كان ذلك الإنسان يصرف ما يحصل عليه من الأجرة في ذلك الشهر أو لم يبق إلى أن حال عليه الحول فإنه لا زكاة فيه هذا هو القول الصحيح والله تبارك وتعالى أعلم .

      س: بعض المؤجرين يتقاضى أجرة المحل الذي أجرة في السنة بمعنى أنه يطلب عليه دفعه مقدمة فهل في هذه الحال زكاة ؟
      ج: إذا أصرف ذلك المبلغ فإنه لا زكاة فيه أو صرف أغلبه بحيث أنه نقص عنه مقدار الزكاة ألا إذا كان هناك مال آخر ضمّه إليه أو ضم هذا إلى ذلك والمعنى واحد أما إذا أبقي إلى أن حال عليه الحول ففيه زكاة .

      س: كيف تزكى الريالات العمانية ؟ بأي قيمة ؟
      ج: الريالات فيها زكاة وهكذا بقية العملات الدولية ولكن لا يمكن أن نحدد لها نهابا ً خاصا ً بل نصابها يختلف باختلاف قيمة الذهب فنصابها يقدّر بقيمة الذهب فالذي تجب عليه الزكاة عليه أن يسأل عن قيمة الذهب فينظر في قيمة الذهب والقيمة التي تقدّر بها الزكاة هي قيمة الذهب الحقيقية فيسأل كم قيمة عشرين مثقالا وعشرون مثقالا تساوي بالتقديرات العصرية خمسة وثمانيين على الرأي الصحيح الراجح فإذا بلغت هذه الدراهم قيمة عشرين مثقالا ً ف‘ن الزكاة تجب فيها ولكن كيف يسأل ؟ الإنسان يسأل عن قيمة الذهب الحقيقية لا عن قيمة البيع ولا عن قيمة الشراء وذلك لانّ البائع يطلب زيادة عن القيمة الأصلية لأنه يريد فائدة وذالك عندما يشتري ذلك الذهب قد يشتريه بمبلغ أقل من السعر الحقيقي إذن يبحث الإنسان عن القيمة الحقيقية للذهب لا عن قيمة شرائه ولا عن قيمة بيعه أي ليس عن القيمة التي يبيع بها ذلك المشتري وإنما عن قيمة الحقيقية وهي تذاع في الإذاعات وفي التلفاز وقد تنشر في الجرائد ومن شاري ذلك فعليه أن يسأل أحدا ً يثق بدينه لأنّ كثيراً من الناس الدين يقومون بتقدير الذهب أو الفضة التي تجب فيها الزكاة لا يتفقون الله تعالى يجازفون لأنّ غرضهم الفائدة ولا يجدون فائدة إذا قدروا هذه القيمة بل هي مجرد مساعدة ولا يعتنون بذلك وقد يؤجرهم الإنسان ولكنهم أيضاً مع ذلك لا يهتمون لأنهم لا يخافون من عقاب الله تعالى فعلى الإنسان أن يبحث عن شخص يثق بدينه وصلاحه ويسأل عن القيمة الحقيقية للذهب أو عليه أن يبحث عن ذلك من الوسائل التي ذكرتها وبعد ذلك يمكنه أن يسأل العلماء حتى يقدروا له مقدار القيمة والله تبارك وتعالى أعلم

      س: إنسان ملك 10 آلاف ريال في أول رمضان واشتري بها أرضاً في ذي الحجة ثم باع تلك الأرض في محرم وبقيت المبالغ فمتى تزكى ؟
      ج: من ملك مبلغاً من المال في شهر رمضان ثم اشترى به أرضاً أو دكاناً أو أي شيء آخر الحاصل استعمل ذلك المال في تجارة وعرض ذلك الدكان أو ذلك البيت أو تلك التجارة للبيع وباعها بعد مدة من الزمن بعد شهرين أو بعد ثلاثة أو بعد أربعة وبقيت لديه تلك الدراهم إلى شهر رمضان المبارك فإنه يخرج الزكاة في شهر رمضان المبارك فلو ملك إنسان عشرة آلاف في اليوم الواحد من شهر رمضان ثم بعد شهر واحد اشترى داراً وعرضها للبيع وباعها مثلا في شهر شوال أو في شهر ذي الحجة ثم بقي لديه ذلك المال إلى اليوم الأول من شهر رمضان فإنه يخرج الزكاة فيه إذ إن التجارة هي بمثابة المال ولا فرق بينهما ولكن بشرط أن يكون عندما اشتراها أراد بها التجارة وعرضها .
      أما إذا كان أراد بها الملك مثلا لو اشترى بيتاً ليسكن فيه ثم بعد مدة وجد من يريد أن يشتري ذلك البيت أو بَدَا له أن يقوم بعرضه للبيع فإنه لا يخرج الزكاة في اليوم الأول من ملكه لذلك المال وإنما يحسب من اليوم الأول الذي عرض فيه تلك الدار أو ذلك الدكان أو تلك الأرض فيحسب من ذلك اليوم وإذا بقيت لديه تلك الدار أو بقيت لديه قيمة تلك الدار بعد أن باعها إلى ذلك اليوم الذي عرض فيه تلك الدار إن كان قد عرضها أو إلى اليوم الذي باعها فيه إن كان لم يقم بعرضها فإنه يزكي في ذلك اليوم والله تبارك وتعالى أعلم .

      س: شخص جمع مالاً لشراء سيارة أو بيت أو جمعة للزواج أو للحج وحال عليه الحول هل فيه زكاة ؟
      ج: نعم تجب فيه الزكاة فإن تزوج أو حج به أو اشترى منه ذلك البيت الذي يريده أو تلك السيارة قبل أن يحول عليه الحول فلا شيء فيه ولو كان ذلك قبل يوم واحد أما إذا حال عليه الحول فإنه يجب عليه أن يخرج منه الزكاة وكان يبلغ النصاب والله تبارك وتعالى أعلم .

      س: إنسان بنى زكاته على أصل عنده وقبل أن يحول عليه الحول استلم مبلغاً يصل إلى الآلاف من الريالات فهل يُدخله ضمن ذلك الأصل أم ينتظر أن يحول عليه ذلك الحول على المبلغ الجديد .
      ج: هذه المسألة مسألة خلافية شهيرة .
      ذهب بعض أهل العلم إلى أنه ينظر إلى المبالغ التي لديه في اليوم الذي تجب فيه الزكاة ويخرج الزكاة عن كل ما لدية ولو أنه حصل على مال قبل يوم واحد فإذا كان يملك مقدار ما يساوي النصاب وحال عليه الحول ثم أنه حصل على مبلغ كبير أو صغير فإن يزكيه بعد ذلك .
      وقبل أن يحول الحول على النصاب فإن يزكيه في اليوم الذي يزكي منه ماله الأصلي هذا هو رأي طائفة أهل العلم .
      ذهبت طائفة من أهل العلم إلى إنه يزكي ذلك المال في اليوم الذي حصل عليه فيه ويزكي أولاً عن المال الذي كان يملكه في اليوم الذي يبلغ فيه الحول وعندما يبلغ ذلك المال الذي حال عليه الحول فإنه يزكيه بمعنى أنه يزكيه بمعنى أنه أولاً يزكي ماله الأصلي في اليوم الذي حال عليه الحول بعد أن بلغ النصاب وأما المال الذي حصل عليه فإنه ينتظر إلى أن يحول عليه حول قمري ويزكيه في ذلك الوقت هذا هو رأي طائفة من أهل العلم .
      وذهبت بعض أهل العلم إلى إنه إذا كان ذلك المال الذي حصل عليه نتج عن المال الأصلي أي استفادة بسبب المال الأصلي فإنه يزكيه مع المال الأصلي وأما إذا كان حصل عليه من مكسب آخر ولا علاقة له بالمال الأصلي فإذا يستقبل له حولاً جديداً وهذا قول وسط وقد ذهبت إليه طائفة كبيرة من أهل العلم وإذا أخذ به هذا السائل فلا بأس به إن شاء الله تبارك وتعالى وإذا أراد أن يحتاط لأمر دينه وأخذ برأي من يقول إنه يزكيه بحسب زكاة المال الذي كان يملكه أو بحسب زكاة المال الذي كان يزكيه فإنه لاشك إنه أحوط وأسلم هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإنه يمكن له أن يقدم الزكاة على وقتها على الرأي الصحيح المشهور الذي تدل له السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي المسألة المعروفة عند العلماء بتعجيل الزكاة فإن تعجيلها على وقتها جائز عند طائفة كبيرة وقد علمتُ أن السنة تدل على ذلك فإن أخذ بهذا الرأي فلا شك إنه أحوط وأسلم وإن استقبل حولا جديداً لذلك المال الجديد فإنه قول مشهور قال به غير واحد من أئمة العلم فلا حرج على من أخذ به وهو رأي قوي والله تعالى أعلم .

      س: هل يجوز أخراج الزكاة إلى أخي أو أختي الفقيرين وهل يجوز تجزئة الزكاة إلى أكثر من شخص ؟
      ج: نعم يجوز للإنسان أن يخرج زكاته إلى أخيه أو أخته إذا كان فقيرين إذا كان لا يقوم هو بمؤونتهما أي لم يجب عليه شرعاً أن ينفق عليها وإذا كان يجب عليه شرعاً أن ينفق عليه لكنهما بحاجة لشيء من الأموال تخرج عما يتعلق بالنفقة أنه لا بأس من أن يعطيهما من الزكاة لتلك الأمور الخارجية عن النفقة إذا كانت لا علاقة لها بها وأما بالنسبة إلى تجزئة الزكاة إلى أثنين أو ثلاثة أو أكثر فلا مانع من ذلك كما أنه لا مانع من أن يعطي الإنسان زكاته لشخص واحد إن كان لا يخرج عن حد الفقراء إلى الغنى ولكن إذا كانت هنالك جماعة أو مجموعة من الناس تحتاج إلى الزكاة فالأولى أن يفرقها بين أولئك الناس وأن لا يقوم بإخراجها إلى شخص واحد لأنه إذا أخذ كل شخص من أولئك الناس نصيباً من تلك الزكاة هو أولى من أن يأخذها شخص واحد ولا تحصل البقية الباقية على شيء هذا ومن المعلوم أن دفع الزكاة إلى الأقارب أولى من دفعها إلى غيرهم إذا كانوا فقراء والله تعالى أعلم .

      س: امرأة أخرجت الزكاة عن هذه السنة على حساب الأشهر الشمسية وهي تجهل الشهر القمري فأخرجته على حساب السنة الشمسية فما حكم الزكاة ذكرت أن تملُّكها للمال لا تعرف تاريخه بالهجري .
      ج: قد قدمت أكثر من مرة أن العبادات تتعلق بالأشهر الهجرية ومن ذلك الزكاة فملك النصاب يعتبر بالأشهر الهجرية فمن ملك النصاب عليه أن يعرف ذلك اليوم أو بالأشهر القمرية عليه أن يعرف ذلك اليوم الذي ملك فيه ذلك المقدار من المال بحسب الأشهر القمرية فإذا حال عليه الحول وهو في يده أي لم ينقص في يوم من الأيام فإنه يجب عليه أن يخرج منه الزكاة وهكذا بالنسبة إلى كثير من العبادات من العِدَد وغيرهم فإنها تتعلق بالأشهر القمرية وهذه المرأة تعتبر بمشيئة الله تبارك وتعالى زكاتها صحيحة ولكن لابد من أن تعرف ذلك بالأشهر القمرية كما قلت حيث إن السنة القمرية تنقص عن السنة الشمسية بأحد عشر يوماً تقريباً وإذا كانت لا تعرف متى ملكت المال بالنسبة إلى الأشهر القمرية فإن الأمر يسير عليها أن ترجع إلى اليوم الذي ملكت فيه المال الذي يساوي نصاب الزكاة وتعرفه بحسب الأيام الشمسية ثم بعد ذلك عليها أن تنظر في اليوم الذي يصادف ذلك من الأشهر القمرية من السنة الماضية وذلك يسير جداً فإذا كانت هي لا تعرفه فإن عليها أن ترجع إلى التقويم وهو تقريباً صحيح في السنة الماضية وعليها أن تسأل بعض أهل العلم عن اليوم الذي يصادفه ذلك بالنسبة إلى الأشهر الشمسية فمثلاً إذا كانت قد ملكت النصاب في اليوم الحادي عشر من شهر نوفمبر من الأشهر الشمسية فعليها أن تسأل عن اليوم الذي يوافق هذا اليوم من الأشهر القمرية من السنة الماضية وبذلك ستعرف بمشيئة الله تعالى اليوم الذي ملكت فيه الزكاة من الأشهر القمرية وستذكر بعد ذلك بحسب هن اليوم في السنوات الماضية والله تبارك وتعالى أعلم .

      س: إذا صام إنسان في دولة تقدم الصيام فيها ثم جاء إلى دولة تأخر الصيام فيها وكان الصيام في الدولة التي جاء إليها وتأخرت بداية رمضان فيها كان الصيام فيها ثلاثين يوماً . ما الحكم .
      ج: اختلف العلماء في وجوب صيام ذلك اليوم أي الذي هو الحادي والثلاثين بالنسبة إلى ذلك الرجل .
      ذهبت طائفة من أهل العلم وهم الأكثر إلى أنه لا يجب عليه أن يصوم ذلك اليوم بل يكتفي بصيام ثلاثين يوماً وذلك لأن الشهر العربي لا يزيد على ثلاثين يوماً تارة يكون تسعة وعشرين يوماً وتارة يكون ثلاثين يوماً ولا يمكن أن يزيد على الثلاثين .
      وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه عليه أن يصوم ذلك اليوم وذلك لأنه مخاطب بصيام شهر رمضان وذلك اليوم لا زال من شهر رمضان بالنسبة إلى ذلك البلد الذي هو فيه ذلك الوقت فهو مخاطب بالصيام لأنه في بلاد لازال فيها نهار رمضان وهذا القول هو القول الصحيح وقد استدل له بعض العلماء بحديث دلالته واضحة عليه ولكنه يحتاج إلى مزيد من النظر والتمحيص هل هو ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونظراً إلى إن ذلك لا يؤخر في الحكم ولا يتقدم أي أن ثبوت ذلك الحديث أو عدم ثبوته لن يؤخر قي الحكم في هذه المسألة على حسب رائي ولذلك أقول أن على من صام في بلاد متقدمة أن يكمل اليوم الحادي والثلاثون لأنه في بلاد فيها هذا اليوم من شهر رمضان وهو مخاطب بصيام شهر رمضان وشهر رمضان لم ينتهى في هذه البلاد وهذا كله إذا كان قد صام في تلك البلاد وقد تحقق دخول شهر رمضان في تلك البلاد أما إذا كان لم يتحقق دخول شهر رمضان في تلك البلاد وإنما هو احتمال كما يقع في كثير من البلدان وللأسف الشديد فإنه ليس له أن يفطر أما إذا تحقق ففيه الخلاف المذكور أما بالنسبة إلى من صام في بلاد متأخرة ثم ذهب إلى بلاد تقدم الصوم وأفطر أصحاب تلك البلاد قبل أصحاب هذه البلاد فلابد من أن يقضي ذلك اليوم لأنه لا يمكن أن يكون الشهر جاء حال من الأحوال أقل من تسعة وعشرون يوماً بل لابد من أن يصل إلى ذلك العدد أو أن يصل إلى ثلاثين يوماً فعليه أن يفطر في تلك البلاد إذا ثبتت فيها الرؤية أو بعبارة أخرى إذا تحقق دخول شهر شوال عليه أن يفطر وليس عليه أن يصوم لأن ذلك اليوم يكون يوم عيد وصيام يوم العيد حرام بنص السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وبإجماع الأمة قاطبه والله تبارك وتعالى أعلم ..

      س11: إذا كان لديه مبلغ من المال، هل ينتظر أن يحول عليه الحول حتى يزكيه ؟ج: المال لا زكاة فيه إلا إذا حال عليه الحول من اليوم الذي بلغ فيه النصاب .. أعنيبالمال المال الذي يشترط فيه أن يحول عليه الحول، وسؤاله عن الدراهم على حسب ماأفهم، فلابد من أن يحول الحول على هذا المال الذي بيده من اليوم الذي بلغ فيهالنصاب اللهم إلا إذا كان له مال آخر وكان يزكيه فإنه إذا حال الحول على ذلك المالالذي يزكيه فإنه يزكي هذا المال الذي حصل عليه الآن مجموعا إلى المال الذي كانيزكيه الآن .. هذا الذي ذهب إليه الجمهور وهو أنّ المال المستفاد يزكّى بزكاةالأصل؛ والله أعلم .

      س4: من وجبت عليه زكاة الذهب ولم يجد ما يزكي به إلا أنه كان يتصدق على أهل بيته بمبلغفي كل شهر، فهل عليه أن يجمع ذلك المبلغ ليزكي به ؟ج: على كل حال؛ ما داميملك شيئا من الذهب ووجبت فيه الزكاة فهو في حقيقة الواقع مالك لما يخرجه عن الزكاةفليخرج من الذهب الذي يملكه أو يتصرف بوسيلة أخرى فهر في الحقيقة مالِك اللهم إلاإذا كان يملك ذلك من قبل وكانت الزكاة قد وجبت فيه ثم إنه خرج عنه الآن بوجه منالوجوه فإنه في هذه الحالة عندما يتمكن من وجود المال يجب عليه أن يُخرِج الزكاةوليتب إلى الله-تبارك وتعالى-عن تأخيره، فإنّ الزكاة يجب أن تُخرَج على الفور بعدوجوبها؛ والله أعلم.


      س83: هل يشترط للمزكي بأنه إذا أراد أن يعطي زكاته للفقير أن يخبره أن هذه زكاة ؟
      الجواب :-
      القول بأن ذلك شرط صعب ولكن إذا كان الإنسان يعرف أنه فقير فلا يشترط ذلك وإذا كان مجرد ظنون بعض الأشخاص يظن من الفقراء فلابد أن يبحث عنهم .

      س7: عليها زكاةُ ذَهَب وزوجُها مَدِين، هل لها أن تُعطي زكاتَها لِزوجِها ؟
      ج: في هذه المسألة كلامٌ لأهلِ العلم؛ ولا أرى مانعا مِن ذلك.
      وإن كنتُ لا أرى الاستدلالَ بِحديثِ زينب زوجِ ابن مسعود-رضي الله تبارك وتعالى عنهما-وذلك لأنّ ذلك الحديث فيما يَظهر لِي في الصدقةِ غير الواجبة .. في صدقةِ النفل .. هذا ما أراه، وما جاء في بعضِ الروايات مِمّا يُستفاد منه بأنه بِخلافِ ذلك-في حقيقة الواقع-فيه نظرٌ فلا يُمكِن أن نَستدِل بذلك الحديث لأنّ ذلك الحديث لِغير الزكاة الواجبة.
      ولكن إذا كان هذا الزوجُ فقيرا فلا مانع مِن دفعِ هذه الزكاة إليه ولكن إذا دَفَعَتْ هذه الزكاة إليه فإنّ الأوْلى له أن يَستخدِمها في أمرٍ لا يَعودُ على هذه المرأة بِفائدةٍ كلِباسٍ ونحو ذلك، فبعضُ العلماء يُشدِّد في هذا الأمر .. مثلا لو دَفعتْ إليه هذه الزكاة وذهب واشترى بِها مَلابِس لِهذه المرأة فبعضُ العلماء يُشدِّد في هذا الأمر مَخافةَ أن تكونَ هذه المرأة قد قَصَدَتْ إلى ذلك الأمر و-حقيقة-في هذا ما فيه مِن الحرَج وإن كان الأصل أنّ ذلك الزوج عندما يَتملّك ذلك المال ويَصِير مِلكا له فإنّ له أن يَتصرّف بِه فيما شاء ولكن لا شك أنّ السلامة في الخروج مِن مثل هذا الخلاف وفي الاحتياط لِلدِّين.
      وعلى حسب ما أفهمُ مِن سؤالِ هذه المرأة أنّ هذا الزوج عليه دَيْن فلتَدفع له هذا المال وليَدفعه في دَيْنه وليشتر لَها إن شاء أن يَشترِي لَها شيئا مِن الملابس مِن غير ذلك .. بِماله الذي لم يَأخذه مِن زكاتِها فذلك فيه خروجٌ مِن خلافِ أهلِ العلم ولا شك بِأنه أسْلم وأحْوط لأنّ الأمرَ لا يَخلو مِن شيءٍ مِن الحرج؛ والله أعلم.


      س7: أَخرَجَ أكثرَ مِن القدر الذي يَجِب عليه مِن الزكاة بِنِية الزكاة لأنه أَخرَجَها قبلَ أن يحسب ماله لِمعرفة القيمة الواجِبَة عليه، فما حكم ذلك ؟
      ج: لا بأس عليه بِمشيئة الله-تبارك وتعالى-ما دام أنه قد نواه على أنه زكاة، فتلك زيادة .. الأصل أنه يَنوي الزكاة ثم إن شاء أن يَتبرّع لكن هو ظنّ هذا ولا حرج عليه.
      س8: عنده ثمانية آلاف وحال عليها الحول ولكن لأنه يَبني منزلا يَترقّب ديونا آتِيَة هل باعتبار أنه يَترقّب ... ؟
      ج: إذا كانت الثمانية لا زالت في يَدِه فلابد مِن أن يُخرِجَ الزكاة عنها إذا كان قد حال عليها الحول والذي يَأتي في المستقبَل لِكلِّ شيءٍ حكمه الخاص.
      س14: يريد أن يدفعزكاته وهو يعلم أنّ هناك صندوق متخصّص في دفع الزكوات للفقراء، فهل يعطي ذلك المالللصندوق ؟ج: إذا كان متأكّدا ومتيقّنا تمام اليقين من أنّ ذلك الصندوق يقومبدفع الزكاة إلى مستحقّيها فليدفعها إليه، وأما إذا كان شاكّا في ذلك فإنّالله-تعالى-لا يعبد بالشك.

















      [1]-سقط مِن كلام الشيخ: " إلا " والظاهر أنه سبق لسان.


      [2]-عند الجواب على السؤال الثاني من حلقة 26 رمضان 1422هـ ( 12 ديسمبر 2001م ).

      [3]-عند الجواب على السؤال الثاني من حلقة 26 رمضان 1422هـ ( 12 ديسمبر 2001م ).


      [4]-عند الجواب على السؤال 4 مِن حلقة 26 رمضان 1425هـ ( يوافقه 10 نوفمبر 2004م ) وعند الجواب على السؤال 2 مِن حلقة 27 رمضان 1425هـ ( يوافقه 11 نوفمبر 2004م ).

      [5]-عند الجواب على السؤال 8 مِن حلقة 25 رمضان 1425هـ ( يوافقه 9 نوفمبر 2004م ).

      [6] - وفي سؤال مشابه نصه :

      س: وبِالنسبة لِلحبوب، هل يَصِحّ إِخراجُها مَطحونَةً كَالطّحِين أو الدّقِيق المعروف عندنا ؟
      ج: على كل حال؛ إذا كان ذلك لا يُؤثِّرُ فيها لأنّ قد تَكونُ فائدة في ادّخارِ بعضِ الحبوب لكن إذا طُحِنَتْ قد تَتأثّر بِذلك أما إذا كانت لم تَتأثّر بِذلك فلا مانِع مِن ذلك.


      [7]-عند الجواب على السؤال 4 مِن حلقة 26 رمضان 1425هـ ( يوافقه 10 نوفمبر 2004م ).

      [8]-عند الجواب على السؤال 4 مِن حلقة 26 رمضان 1425هـ ( يوافقه 10 نوفمبر 2004م ).

      [9]-عند الجواب على السؤال 4 مِن حلقة 26 رمضان 1425هـ ( يوافقه 10 نوفمبر 2004م ).

      [10]-قال الشيخ: " الحبوب " بدلا مِن " الذهب والفضة " والظاهر أنه سبق لسان.

      [11]-قال الشيخ: " يقل أحد " بدلا مِن " يجد أحدا " والظاهر أنه سبق لسان.

      [12] - وفي سؤال مشابه نصه :

      س: هل هي تَجب على الفقير والغني أم على الغني فقط ؟ وما هو تَعريفه ؟
      ج: لِلعلماء في ذلك خلاف كثير .. على مَن تجب ؟ هل تَجب على الغني فقط أو أنها تَجب أيضا على الفقير ؟ بِشرْط أن يَكون عنده شيء مِن المال يَسُدُّ حاجتَه في ذلك اليوم وفي تلك الأيام التي يَحتاج فيها إلى المال، إذ لا يُمكن أن يُقال إنه يُشْرَعُ في حقِّه أن يُخرِج الزكاة ثم يَجلس بعد ذلك-في ذلك اليوم أو في الأيام القليلة التي بعده-يَتضَوَّرُ جوعا هو ومَن يَعُولُه، بل المرادُ بِالفقير الذي تَلزمه الزكاة-على رأي مَن يقول بذلك-هو مَن يَملك شيئا مِن المال يَكفي لِحاجته وحاجة من يَعُولُه، وهذا رأي حسن وفيه احتياط؛ والله أعلم.
      س11: فقيرة، هل تَلزَمها زكاة الفطر ؟
      ج: قلنا: لِلعلماءِ خلافٌ في وجوبِ الزكاة على الفقير إذا كان يَجِدُ ما يَسُدُّ حاجتَه في ذلك اليوم:
      1-بعضُ العلماء قال: هي تَجِب على الغَنِي ولا تَجِب على الفقير، ومعروف الفرْق بيْن الغني والفقير.
      2-وبعضُ العلماء قال: الفقير الذي لا يَجِد ما يَسُدُّ حاجتَه في ذلك اليوم فلا تَجِب عليه الزكاة أما الفقير الذي يَجِد ما يَسُدُّ حاجتَه في ذلك اليوم ولديْه زيادة مِن الـمَال فعليه أن يُخْرِج الزكاة؛ وهذا هو الأقرب إلى الصواب.



      [13]-سقط مِن كلام الشيخ: " لا "، وهو سهو منه تبيّن بِما أورده بعد.

      [14] - وفي سؤال مشابه نصه :

      س: مَن هو الفقير الذي يُمكن أن يُعطِيه الإنسان الزكاة، إذ إنه لا يوجَد فقير في هذا الزمان لا يَجِد ما يَسُدُّ قوتَ ذلك اليوم ؟
      ج: نعم عَرَّفَ كثير مِن الفقهاء الفقير بِهذا التعريف ولكنه لا يَلزم أن يكون الفقير في واقع الأمر لا يَجِد ما يَسُدُّ قوتَ ذلك اليوم، بَل يُترَخَّص فيما هو أوسع مِن ذلك، فيَنظُر الإنسان إلى الفقراء فيعطي مَن هو أشد حاجة مِن غيره، فإذا وَجَد مَن لا يَجِد قوتَ ذلك اليوم لا شك أنّ هذا أوْلى مِن غيره-لِحاجته ولاتفاقِ العلماء على أنه داخِل في حَدِّ الفقير-وإن لم يَجِد مَن هو في هذا الحدِّ فيعطيها مَن لا يَجد مثلا قوتَ شهرِه؛ وبعض العلماء يقول: ما يَجِد ما يَسُدُّه حتى أكثرَ مِن ذلك؛ فلا يُقتَصَر في زكاةِ الفِطْر وكذا في الزكاة على مَن لا يَجد ما يَسُدُّ حاجتَه في ذلك اليوم، بل هي أوسع مِن ذلك.


      [15]-قال الله تعالى: } إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ { [ سورة التوبة، الآية: 60 ].


      [16]-قال الشيخ " لم يَجِد " بدلا مِن " وجد " والظاهر أنه سبق لسان.

      [17]-قال الشيخ: " الشمس " بدلا مِن " الفجر " والظاهر أنه سبق لسان.