أخطر مشـكلة تواجه الأمة هي غفلة كل منا عن قيمته، وعن مسـئوليته وظنه أنه لا شـيء و لا قيمة له ولا وزن ولا اعتبار، وهذه من أخطر الأمراض التي فتكت بالناس.
في واقع الأمة الإسـلامية ضاعت قيمة الفرد في نفسـه، وبالتالي ضاعت قيمته عند من يتعامل معه.
هل أحد منا يشـعــر أن له دور في ضعف الأمة الإسـلامية ؟
أو في التخلف العلمي الذي نعيشـه ؟
أو في الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشـه الأمة ؟
أو مشـاركة في قضية احتلال اليهود لفلسـطين ؟
أو احتلال أمريكا لأفغانسـتان، أو انتشـار المنكرات في المجتمع مثلا ؟
وهكذا أصبحنا نعيش سـلبية قاتلة اتجاه كل ما يحدث قريبا كان أو بعيدا.
مثلا من التحديات على المسـتوى العلمي والحضاري والاقتصادي المتردي للأمة الإسـلامية:
فالأمم الغربية سـبقتنا بمراحل في هذا الباب، بل نحن لم ندخل حلبة السـباق إلى الآن
وعندما نتسـأل عن سـبب هذا التخلف ومن المسـؤول عنه ؟
لا تجد أحد منا يسـتطيع أن يقول نحن المسـؤولون عن هذا الأمر، بل قد نحّمل المسـؤولية جهات أخرى...
هــــل سـعى كل طالب علم في تخصصه ليتفوق فيه ويرفع راية الأمة؟
من التحديات قضية المنكرات.
المجتمع بلا شـك مليء بالمنكرات ظاهرة ومسـتترة على كافة المسـتويات:
منكرات إعلامية.
منكرات اقتصادية.
منكرات اجتماعية، إلى غير ذلك من أنواع المنكرات.
و نتسـأل من المسـؤول عن إزالة هذه المنكرات ؟
و لو أننا قاطعنا المنكرات، ما الذي يحدث ؟ سـوف تكسـد أسـواقها.
مثلا شـريط سـيئ أو أغنية، مجلة، كتاب، أي بضاعة محرمة لو قاطعناها من يشـتريها ؟
لا نـقـول سـوف تكســد أو تنقطع عن هذه البلاد بل سـتتوقف عن الصدور.....
فلو كل واحد منا قاطع هذه الأشـياء، مجرد حل سـلبي ومشـاركة سـلبية أنك تقاطع هذه المنكرات لانتهت هذه المنكرات وزالت.
بنوك الربا، لو أن كل واحد منا لا يتعاطى الربا، ولا يودع أمواله، ولا يأخذ الفوائد لانتهت.
لكن أنا وأنت والثاني والثالث نقول حرام ونأخذه، وبالتالي أصبحنا نعمر بأيدينا وبأموالنا وبجهودنا هذه المنكرات التي نتحدث عنها ونقول أنها منكرات.
أمر ثاني حينما ترى منكرا فما دورك ؟
تقول ليس لي دور، وأقول والله لا يوجد أحد يا أخواني ليس له دور.......
يمكن لك أن تفعل شـيئا، بالخطاب، بالهاتف، بالكلمة الطيبة، بالنصيحة، بالمراسـلة، بمقالة، بأي شـيء، وأضعف الإيمان المقاطعة، لا تفعل المنكر، ولا تجلس في المكان الذي يُفعل فيه، ولا تسـاهم فيه بشـكل من الأشـكال، هذا أضعف الأيمان.
مثالا آخر، قضية التبرعات:
المسـلمون يمرون بتحدي اقتصادي، وأي مشـروع في الدنيا لابد له من مال، الجهاد في أفغانسـتان أو الفليبين أو إريتريا أو فلسـطين. المشـاريع الدعوية تحتاج إلى المال.
المسـلمون المنكوبون من المهاجرون في أفغانسـتان أو في السـودان أو في غيره يحتاجون إلى المال، إلى كسـرة الخبز، إلى الغذاء، إلى الكسـاء الذي يسـترون به عوراتهم، هذا تحدي كبير.
من أين نجمع هذه الأموال ؟
تجد كل واحد منا يقول مالي دور، المسـؤول فلان، ويشـير إلى ثري من الأثرياء.
لماذا ليس لك دور يا أخي ؟
عددنا أكثر من ألف مليون مسـلم.
نريد من كل واحد أن يعطينا ريالا واحدا فقط، أحد ما يسـتطيع ؟
نريد ريالا واحدا، معناه أننا بحملة تبرعات واحدة ســنجمع أكثر من ألف مليون ريال، إذا كل واحد ما أعطانا إلا ريالا واحدا. أرأيتم كيف يصبح دور الفرد عظيما؟
مثال آخر مقاطعة منتجات الدول المعادية للمسـلمين فنحن نمثل ربع سـكان الأرض لو قاطعنا منتجات دولة ينهار اقتصادها في أيام أيا كانت قوته.
لقد جعل الله عز وجل الجزاء الأخروي كله منوطا بالعمل الذي تعمله أنت والشـيء الذي تختاره
إذن كل إنسـان مكلف مسـؤول يوم القيامة ومحاسـب وموقوف.
يقول الله عز وجل:
(وقفوهم إنهم مسـؤولون).
الأب لا ينفع ابنه، والابن لا ينفع أباه، والزوج لا ينفع زوجه.
يقول الله عز وجل:
(يوم لا يغني مولا عن مولا شـيئا ولا هم ينصرون).
إذا الإسـلام جعل الجزاء الأخروي فرديا، أنت توقف يوم القيامة للحسـاب فُرادا.
يقول الله عز وجل: (ولقد جئتمونا فرادا كما خلقناكم أول مرة، وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم).
كل ما يلاقي الناس في هذه الدنيا من خير أو شـر فهو يسـبب أعمالهم.
أسـمع قول الله عز وجل مثلا:
(وما أصابكم من مصيبة فبما كسـبت أيديكم ويعفوا عن كثير).
كل مصيبة، حتى المصيبة الدنيوية التي تنزل بك فهي بما كسـبت يداك.
في غزوة أحد اسـتغرب الصحابة كيف نُهزم ونحن أصحاب محمد صلى الله عليه وسـلم؟
كيف نهزم ونحن أتباع رسـول الله ؟
كيف نُهزم من المشـركين والله معنا ؟ كيف ؟
صحح القرآن هذا المفهوم:
فقال الله عز وجل:
(أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنّا هذا قل هو من عند أنفسـكم، إن الله على كل شـيء قدير).
وكذلك يقول الله عز وجل:
(ظهر الفسـاد في البر والبحر بما كسـبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا).
فكل فسـاد يظهر فهو بما كسـبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا.
إذن نسـتطيع أن نقول أن الإنسـان مسـؤول مسـؤولية كاملة عما يفعل في الدنيا وفي الآخرة
وأن كل ما يقع من إنسـان فردا كان أو طائفة أو أمة أو دولة، أو للبشـرية كلها من المصائب الدنيوية أو العقوبات الأخروية فإنما هي بسـبب ما عملوا.
و إن ما نحن فيه من عند أنفسـنا.
من عند أنفسـنا عندما رضينا بهذا الخمود.
عندما طاشـت أعمال شـبابنا وشـيوخنا.
عندما عشـنا في الرفاهية وفي الترف.
عندما لم نلتفت لقول علمائنا.
عندما لم نسـتجب للناصحين من أبنائنا.
نعم إن لقد ألقينا بأيدينا إلى التهلكة، عندما أهملنا
نوع تحصيلنا.
نوع تعليمنا.
نوع إعدادنا لأبنائنا.
نوع إتقاننا لعلومنا.
نوع إتقاننا لأعمالنا.
نوع أبحاثنا، نوع اهتمامات جامعاتنا.
نوع اهتمامات الأمة بكاملها.
هل هي لإعلاء دين الله ؟
هل هي لتكون كلمة الله هي العليا ؟
هل هي لينتشـر الإسـلام، ويكون مهيمنا على الدين كله ؟
لا والله، نكذب على أنفسـنا، ونكذب على التاريخ إن قلنا أن الأمة تسـخر إمكاناتها لدين الله.
إننا نعطي لدين الله قليل، أما أكثر ما نبذل فهو لأمورنا الخاصة باسـتئثار وبطمع وببخل في جانب البذل في سـبيل الله
أقول إن الاسـتعداد النفسـي و الجسـمي والعلمي هو الذي سـيهيئ للأمة أن ترتقي من ذلك التخلف إلى التقدم. سـوف يهيئ الأمة لتحمل دورها الحضاري لقيادة البشـرية بفكرها المهتدي بنور الله بعد أن أفلسـت النظريات وسـقطت النظم التي تحاد الله ورسـوله.
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
عندما نسـعى للعمل بعلمنا في ضوء الأولويات التي ذُكرت وفي أحد التخصصات التي تريدها الأمة. و بمسـتوى رفيع من الإتقان والتفوق. وبعد ذلك التحول في النفوس الذي يدفع لتغيير الواقع عندها تنهض الأمة وتقبل التحدي.
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسـهم).
عندما نعلم علما يقينيا أن التحول يجب أن يكون بالنفوس أولا، وفي فهم سـنن الله في الكون.
إنه ليس بين الله وبين أحد نسـب.
من أخذ بأسـباب القوة قواه الله، ومن أخذ بأسـباب الضعف أذله الله، وقد أخذنا الآن بأسـباب الذلة.
إن الأمة تحتاج إلى علم صحيح، وإلى سـلوك مهتدي، وإلى إتقان للعلوم، وإلى إتقان للتقنيات، وإلى اسـتعداد نفسـي وجسـمي للبذل من أجل الله ومن أجل دين الله.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على القضاء والقدر:
فإذا نظرنا إلى المصائب التي تنزل بالأمة، النكبات واحتلال البلاد، التدمير، المشـاكل والتخلف، قلنا هذا بقضاء الله وقدره، وننسـى أن لنا دور في هذا التخلف. والمسـلم مطالبا بأن يعمل ما ينفعه في عاجل مره وآجله، في دنياه وأخرته على المسـتوى الفردي وعلى المسـتوى الجماعي.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على الشـيطان:
لأن الشـيطان لم يكن ليبلغ فينا ما بلغ لو لا أنه وجد عندنا قابلية.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على الظروف والأوضاع لتاريخية الموروثة أو ما نسـميه بالزمان:
نعيب زماننا والعيب فينا……..وما لزماننا عيب سـوانا
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على البيئة والمجتمع وانتشـار الفسـاد فيها:
كثيرا ما يخطئ الفرد عن قصد ويقول هذه عادات الناس هذا المجتمع إذا الناس غيروا أنا أغير.
فترى الموظف يهمل في عمله ويقصر فيه بحجة أن كل الموظفين يفعلون ذلك.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على الطبيعة والجبلة الموروثة والأخلاق المأخوذة عن الأباء والأجداد.
فكثير من الناس يحتج بأن هذه طبيعة، أبي كان كذا وجدي كان كذا،
وهؤلاء نقول لهم إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم والطبع بالتطبع فحاول أن تكون أفضل من أجدادك وآبائك.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على طبيعة الشـعوب:
فيقول قائل ( طبيعة الشـعوب الإسـلامية فيها ضعف، عدم قدرة على التخطيط، ليس عندنا بعد نظر ).
وهذا خطأ لا تجد شـعوبا تتميز بذكاء عن غيرها من الشـعوب، بل الأمر مشـاع بين الخلق كلهم.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على العلماء:
فإذا رأينا ما رأينا قلنا أهل العلم، أو فلان أبن فلان، وقد يسـتشـهد بعضنا بالحديث الذي رواه أبو نعيم عن ابن عباس:
(صنفان من أمتي إذا صلحا صلح الناس وإذا فسـدا فسـد الناس).
تجد أننا نحمل المسـؤولية العلماء، وكل ما حصل شـيء قلنا فلان الله يهديه، وفلان ما قام بدوره، وفلان ما أدى واجبه، وأحيانا نعمم فنقول أن العلماء لم يقوموا بدورهم ولم يؤدوا واجبهم.
دائما ننتظر من العالم أن يؤدي دوره ونحن ممن يسـاهم في إسـقاطه صباحا مسـاء، بتنقص العلماء وازدرائهم وتلمس عثراتهم وزلاتهم.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على الحاكم:
فنحن نقول السـلطان والسـلاطين ونحملهم المسـؤولية، ولا شـك أن السـلطان له دوره، دور كبير ومن أهم أدوار السـلاطين اختيار المسـؤولين الأكفاء وتوليتهم الأعمال، الرجل المناسـب في المكان المناسـب، وهذه أهمية كبيرة حتى قال الرسـول (صلى الله عليه وآله وسـلم) كما عند البخاري قال :
( إذا ضيعت الأمانة فانتظر السـاعة، قالوا وما إضاعتها ؟ قال عليه الصلاة والسـلام إذا أوكل الأمر إلى غير أهله فأنتظر السـاعة ).
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على الكيد الخارجي:
كثيرا ما نرتاح ونسـتأنس حينما نتكلم عن الكيد الخارجي لأننا أصبحنا أبرياء، لماذا ؟
لأن اليهود هم الذين فعلوا وخططوا
أصبحنا نلقي عليها كل أخطاءنا.
وعلينا أن نعلم لم يكن كيد الأعداء ليبلغ ما بلغ لو كنا أهل صبر وتقوى:
(وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شـيئا ).
فالله سـبحانه وتعالى يدافع عن الذين أمنوا ويحميهم ويحفظهم من كيد أعدائهم
عندما نغـير ما بأنفسـنا و نقــدم مصلحة الأمة على المصالح الفردية.
فالأمة بحاجة إلى علماء، إلى أطباء إلى مهندسـين إلى مخترعين ومبتكرين وإلى اقتصاديين يحملون هم الإسـلام قبل ذلك وبعده.
كثير من الناس لا يهتمون بهذه القضايا ولا يكترثون لها، لماذا ؟
فهم اسـتوحوا اتجاهاتهم من خلال نظرة المجتمع ومن خلال واقع الناس، وغفلوا عن الأمر الآخر.
حتى أنك قد تجد أحيانا متخصصا ناجحا في تخصصه، فيدع هذا التخصص ويتجه ليعمل عملا يمكن أن يقوم به غيره، بينما هو يحمل تخصصا نادرا لم يهتم له، لماذا ؟
لأن المجتمع لم يكترث به ولم يلتفت له.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ونكف عن تلمس عثرات الناس وزلاتهم والتشـنيع عليهم والتقليل من شـأنهم و احتقارهم أو نهدم ما يفعلوه من خير.
بل يجب أن أبحث عن أخطائي وأصلح من نفسـي وأكون خير الناس للناس و أقتدي بقول رسـولنا الكريم (خير الناس أنفعهم للناس) وأترك الكســل والإهمال والفوضى ولا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق وأقل أعمال الخير التي ينبغي أن يقوم بها المرء أن يكف أذاه عن الناس.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ويعلم كل فرد منا بأنه مسـؤول، وسـيسـأل أمام الله بمفرده عن حال الأمة
( إن كل من في السـماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا، لقد أحصاهم وعدهم عدا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ).
ويقول رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسـلم) في الحديث المتفق عليه عن أبن عمر:
(كلكم راع وكلكم مسـؤول عن رعيته).
ما اسـتثنى أحدا (صلى الله عليه وآله وسـلم) حتى المرأة، حتى الولد، حتى العبد مسـؤول في مال سـيده ومسـؤول عن رعيته، الجميع راع ومسـؤول عن رعيته، إذا القضية الأولى أن نشـعر جميعا بالمسـؤولية اتجاه ما يقع في القريب والبعيد، لا بد من ذلك أولا.
نحن جميعا وبشـكل فردي المسـؤولون مسـؤولية كبيرة عن ما يحدث لنا أفرادا، وعن ما يحدث للأمة في مشـارق الأرض ومغاربها و سـيقف كل منا أمام ربه ويسـأل بمفرده عن أخطائه وتصرفاته ولن يسـأل عن أخطاء الآخرين
عندما نغـير ما بأنفسـنا ونشـعـر بالمسـئولية ونسـعى لتغيير هذا الواقع الأليم
عندما يقول كل منا ( أنا الســـــبب ) في تخلف الأمة....عندها فـقـط سـيعود للأمة مجدها وعزها
منقول
في واقع الأمة الإسـلامية ضاعت قيمة الفرد في نفسـه، وبالتالي ضاعت قيمته عند من يتعامل معه.
هل أحد منا يشـعــر أن له دور في ضعف الأمة الإسـلامية ؟
أو في التخلف العلمي الذي نعيشـه ؟
أو في الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشـه الأمة ؟
أو مشـاركة في قضية احتلال اليهود لفلسـطين ؟
أو احتلال أمريكا لأفغانسـتان، أو انتشـار المنكرات في المجتمع مثلا ؟
وهكذا أصبحنا نعيش سـلبية قاتلة اتجاه كل ما يحدث قريبا كان أو بعيدا.
مثلا من التحديات على المسـتوى العلمي والحضاري والاقتصادي المتردي للأمة الإسـلامية:
فالأمم الغربية سـبقتنا بمراحل في هذا الباب، بل نحن لم ندخل حلبة السـباق إلى الآن
وعندما نتسـأل عن سـبب هذا التخلف ومن المسـؤول عنه ؟
لا تجد أحد منا يسـتطيع أن يقول نحن المسـؤولون عن هذا الأمر، بل قد نحّمل المسـؤولية جهات أخرى...
هــــل سـعى كل طالب علم في تخصصه ليتفوق فيه ويرفع راية الأمة؟
من التحديات قضية المنكرات.
المجتمع بلا شـك مليء بالمنكرات ظاهرة ومسـتترة على كافة المسـتويات:
منكرات إعلامية.
منكرات اقتصادية.
منكرات اجتماعية، إلى غير ذلك من أنواع المنكرات.
و نتسـأل من المسـؤول عن إزالة هذه المنكرات ؟
و لو أننا قاطعنا المنكرات، ما الذي يحدث ؟ سـوف تكسـد أسـواقها.
مثلا شـريط سـيئ أو أغنية، مجلة، كتاب، أي بضاعة محرمة لو قاطعناها من يشـتريها ؟
لا نـقـول سـوف تكســد أو تنقطع عن هذه البلاد بل سـتتوقف عن الصدور.....
فلو كل واحد منا قاطع هذه الأشـياء، مجرد حل سـلبي ومشـاركة سـلبية أنك تقاطع هذه المنكرات لانتهت هذه المنكرات وزالت.
بنوك الربا، لو أن كل واحد منا لا يتعاطى الربا، ولا يودع أمواله، ولا يأخذ الفوائد لانتهت.
لكن أنا وأنت والثاني والثالث نقول حرام ونأخذه، وبالتالي أصبحنا نعمر بأيدينا وبأموالنا وبجهودنا هذه المنكرات التي نتحدث عنها ونقول أنها منكرات.
أمر ثاني حينما ترى منكرا فما دورك ؟
تقول ليس لي دور، وأقول والله لا يوجد أحد يا أخواني ليس له دور.......
يمكن لك أن تفعل شـيئا، بالخطاب، بالهاتف، بالكلمة الطيبة، بالنصيحة، بالمراسـلة، بمقالة، بأي شـيء، وأضعف الإيمان المقاطعة، لا تفعل المنكر، ولا تجلس في المكان الذي يُفعل فيه، ولا تسـاهم فيه بشـكل من الأشـكال، هذا أضعف الأيمان.
مثالا آخر، قضية التبرعات:
المسـلمون يمرون بتحدي اقتصادي، وأي مشـروع في الدنيا لابد له من مال، الجهاد في أفغانسـتان أو الفليبين أو إريتريا أو فلسـطين. المشـاريع الدعوية تحتاج إلى المال.
المسـلمون المنكوبون من المهاجرون في أفغانسـتان أو في السـودان أو في غيره يحتاجون إلى المال، إلى كسـرة الخبز، إلى الغذاء، إلى الكسـاء الذي يسـترون به عوراتهم، هذا تحدي كبير.
من أين نجمع هذه الأموال ؟
تجد كل واحد منا يقول مالي دور، المسـؤول فلان، ويشـير إلى ثري من الأثرياء.
لماذا ليس لك دور يا أخي ؟
عددنا أكثر من ألف مليون مسـلم.
نريد من كل واحد أن يعطينا ريالا واحدا فقط، أحد ما يسـتطيع ؟
نريد ريالا واحدا، معناه أننا بحملة تبرعات واحدة ســنجمع أكثر من ألف مليون ريال، إذا كل واحد ما أعطانا إلا ريالا واحدا. أرأيتم كيف يصبح دور الفرد عظيما؟
مثال آخر مقاطعة منتجات الدول المعادية للمسـلمين فنحن نمثل ربع سـكان الأرض لو قاطعنا منتجات دولة ينهار اقتصادها في أيام أيا كانت قوته.
لقد جعل الله عز وجل الجزاء الأخروي كله منوطا بالعمل الذي تعمله أنت والشـيء الذي تختاره
إذن كل إنسـان مكلف مسـؤول يوم القيامة ومحاسـب وموقوف.
يقول الله عز وجل:
(وقفوهم إنهم مسـؤولون).
الأب لا ينفع ابنه، والابن لا ينفع أباه، والزوج لا ينفع زوجه.
يقول الله عز وجل:
(يوم لا يغني مولا عن مولا شـيئا ولا هم ينصرون).
إذا الإسـلام جعل الجزاء الأخروي فرديا، أنت توقف يوم القيامة للحسـاب فُرادا.
يقول الله عز وجل: (ولقد جئتمونا فرادا كما خلقناكم أول مرة، وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم).
كل ما يلاقي الناس في هذه الدنيا من خير أو شـر فهو يسـبب أعمالهم.
أسـمع قول الله عز وجل مثلا:
(وما أصابكم من مصيبة فبما كسـبت أيديكم ويعفوا عن كثير).
كل مصيبة، حتى المصيبة الدنيوية التي تنزل بك فهي بما كسـبت يداك.
في غزوة أحد اسـتغرب الصحابة كيف نُهزم ونحن أصحاب محمد صلى الله عليه وسـلم؟
كيف نهزم ونحن أتباع رسـول الله ؟
كيف نُهزم من المشـركين والله معنا ؟ كيف ؟
صحح القرآن هذا المفهوم:
فقال الله عز وجل:
(أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنّا هذا قل هو من عند أنفسـكم، إن الله على كل شـيء قدير).
وكذلك يقول الله عز وجل:
(ظهر الفسـاد في البر والبحر بما كسـبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا).
فكل فسـاد يظهر فهو بما كسـبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا.
إذن نسـتطيع أن نقول أن الإنسـان مسـؤول مسـؤولية كاملة عما يفعل في الدنيا وفي الآخرة
وأن كل ما يقع من إنسـان فردا كان أو طائفة أو أمة أو دولة، أو للبشـرية كلها من المصائب الدنيوية أو العقوبات الأخروية فإنما هي بسـبب ما عملوا.
و إن ما نحن فيه من عند أنفسـنا.
من عند أنفسـنا عندما رضينا بهذا الخمود.
عندما طاشـت أعمال شـبابنا وشـيوخنا.
عندما عشـنا في الرفاهية وفي الترف.
عندما لم نلتفت لقول علمائنا.
عندما لم نسـتجب للناصحين من أبنائنا.
نعم إن لقد ألقينا بأيدينا إلى التهلكة، عندما أهملنا
نوع تحصيلنا.
نوع تعليمنا.
نوع إعدادنا لأبنائنا.
نوع إتقاننا لعلومنا.
نوع إتقاننا لأعمالنا.
نوع أبحاثنا، نوع اهتمامات جامعاتنا.
نوع اهتمامات الأمة بكاملها.
هل هي لإعلاء دين الله ؟
هل هي لتكون كلمة الله هي العليا ؟
هل هي لينتشـر الإسـلام، ويكون مهيمنا على الدين كله ؟
لا والله، نكذب على أنفسـنا، ونكذب على التاريخ إن قلنا أن الأمة تسـخر إمكاناتها لدين الله.
إننا نعطي لدين الله قليل، أما أكثر ما نبذل فهو لأمورنا الخاصة باسـتئثار وبطمع وببخل في جانب البذل في سـبيل الله
أقول إن الاسـتعداد النفسـي و الجسـمي والعلمي هو الذي سـيهيئ للأمة أن ترتقي من ذلك التخلف إلى التقدم. سـوف يهيئ الأمة لتحمل دورها الحضاري لقيادة البشـرية بفكرها المهتدي بنور الله بعد أن أفلسـت النظريات وسـقطت النظم التي تحاد الله ورسـوله.
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
عندما نسـعى للعمل بعلمنا في ضوء الأولويات التي ذُكرت وفي أحد التخصصات التي تريدها الأمة. و بمسـتوى رفيع من الإتقان والتفوق. وبعد ذلك التحول في النفوس الذي يدفع لتغيير الواقع عندها تنهض الأمة وتقبل التحدي.
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسـهم).
عندما نعلم علما يقينيا أن التحول يجب أن يكون بالنفوس أولا، وفي فهم سـنن الله في الكون.
إنه ليس بين الله وبين أحد نسـب.
من أخذ بأسـباب القوة قواه الله، ومن أخذ بأسـباب الضعف أذله الله، وقد أخذنا الآن بأسـباب الذلة.
إن الأمة تحتاج إلى علم صحيح، وإلى سـلوك مهتدي، وإلى إتقان للعلوم، وإلى إتقان للتقنيات، وإلى اسـتعداد نفسـي وجسـمي للبذل من أجل الله ومن أجل دين الله.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على القضاء والقدر:
فإذا نظرنا إلى المصائب التي تنزل بالأمة، النكبات واحتلال البلاد، التدمير، المشـاكل والتخلف، قلنا هذا بقضاء الله وقدره، وننسـى أن لنا دور في هذا التخلف. والمسـلم مطالبا بأن يعمل ما ينفعه في عاجل مره وآجله، في دنياه وأخرته على المسـتوى الفردي وعلى المسـتوى الجماعي.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على الشـيطان:
لأن الشـيطان لم يكن ليبلغ فينا ما بلغ لو لا أنه وجد عندنا قابلية.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على الظروف والأوضاع لتاريخية الموروثة أو ما نسـميه بالزمان:
نعيب زماننا والعيب فينا……..وما لزماننا عيب سـوانا
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على البيئة والمجتمع وانتشـار الفسـاد فيها:
كثيرا ما يخطئ الفرد عن قصد ويقول هذه عادات الناس هذا المجتمع إذا الناس غيروا أنا أغير.
فترى الموظف يهمل في عمله ويقصر فيه بحجة أن كل الموظفين يفعلون ذلك.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على الطبيعة والجبلة الموروثة والأخلاق المأخوذة عن الأباء والأجداد.
فكثير من الناس يحتج بأن هذه طبيعة، أبي كان كذا وجدي كان كذا،
وهؤلاء نقول لهم إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم والطبع بالتطبع فحاول أن تكون أفضل من أجدادك وآبائك.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على طبيعة الشـعوب:
فيقول قائل ( طبيعة الشـعوب الإسـلامية فيها ضعف، عدم قدرة على التخطيط، ليس عندنا بعد نظر ).
وهذا خطأ لا تجد شـعوبا تتميز بذكاء عن غيرها من الشـعوب، بل الأمر مشـاع بين الخلق كلهم.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على العلماء:
فإذا رأينا ما رأينا قلنا أهل العلم، أو فلان أبن فلان، وقد يسـتشـهد بعضنا بالحديث الذي رواه أبو نعيم عن ابن عباس:
(صنفان من أمتي إذا صلحا صلح الناس وإذا فسـدا فسـد الناس).
تجد أننا نحمل المسـؤولية العلماء، وكل ما حصل شـيء قلنا فلان الله يهديه، وفلان ما قام بدوره، وفلان ما أدى واجبه، وأحيانا نعمم فنقول أن العلماء لم يقوموا بدورهم ولم يؤدوا واجبهم.
دائما ننتظر من العالم أن يؤدي دوره ونحن ممن يسـاهم في إسـقاطه صباحا مسـاء، بتنقص العلماء وازدرائهم وتلمس عثراتهم وزلاتهم.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على الحاكم:
فنحن نقول السـلطان والسـلاطين ونحملهم المسـؤولية، ولا شـك أن السـلطان له دوره، دور كبير ومن أهم أدوار السـلاطين اختيار المسـؤولين الأكفاء وتوليتهم الأعمال، الرجل المناسـب في المكان المناسـب، وهذه أهمية كبيرة حتى قال الرسـول (صلى الله عليه وآله وسـلم) كما عند البخاري قال :
( إذا ضيعت الأمانة فانتظر السـاعة، قالوا وما إضاعتها ؟ قال عليه الصلاة والسـلام إذا أوكل الأمر إلى غير أهله فأنتظر السـاعة ).
عندما نغـير ما بأنفسـنا ولا نلقي بالمســئولية على الكيد الخارجي:
كثيرا ما نرتاح ونسـتأنس حينما نتكلم عن الكيد الخارجي لأننا أصبحنا أبرياء، لماذا ؟
لأن اليهود هم الذين فعلوا وخططوا
أصبحنا نلقي عليها كل أخطاءنا.
وعلينا أن نعلم لم يكن كيد الأعداء ليبلغ ما بلغ لو كنا أهل صبر وتقوى:
(وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شـيئا ).
فالله سـبحانه وتعالى يدافع عن الذين أمنوا ويحميهم ويحفظهم من كيد أعدائهم
عندما نغـير ما بأنفسـنا و نقــدم مصلحة الأمة على المصالح الفردية.
فالأمة بحاجة إلى علماء، إلى أطباء إلى مهندسـين إلى مخترعين ومبتكرين وإلى اقتصاديين يحملون هم الإسـلام قبل ذلك وبعده.
كثير من الناس لا يهتمون بهذه القضايا ولا يكترثون لها، لماذا ؟
فهم اسـتوحوا اتجاهاتهم من خلال نظرة المجتمع ومن خلال واقع الناس، وغفلوا عن الأمر الآخر.
حتى أنك قد تجد أحيانا متخصصا ناجحا في تخصصه، فيدع هذا التخصص ويتجه ليعمل عملا يمكن أن يقوم به غيره، بينما هو يحمل تخصصا نادرا لم يهتم له، لماذا ؟
لأن المجتمع لم يكترث به ولم يلتفت له.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ونكف عن تلمس عثرات الناس وزلاتهم والتشـنيع عليهم والتقليل من شـأنهم و احتقارهم أو نهدم ما يفعلوه من خير.
بل يجب أن أبحث عن أخطائي وأصلح من نفسـي وأكون خير الناس للناس و أقتدي بقول رسـولنا الكريم (خير الناس أنفعهم للناس) وأترك الكســل والإهمال والفوضى ولا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق وأقل أعمال الخير التي ينبغي أن يقوم بها المرء أن يكف أذاه عن الناس.
عندما نغـير ما بأنفسـنا ويعلم كل فرد منا بأنه مسـؤول، وسـيسـأل أمام الله بمفرده عن حال الأمة
( إن كل من في السـماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا، لقد أحصاهم وعدهم عدا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ).
ويقول رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسـلم) في الحديث المتفق عليه عن أبن عمر:
(كلكم راع وكلكم مسـؤول عن رعيته).
ما اسـتثنى أحدا (صلى الله عليه وآله وسـلم) حتى المرأة، حتى الولد، حتى العبد مسـؤول في مال سـيده ومسـؤول عن رعيته، الجميع راع ومسـؤول عن رعيته، إذا القضية الأولى أن نشـعر جميعا بالمسـؤولية اتجاه ما يقع في القريب والبعيد، لا بد من ذلك أولا.
نحن جميعا وبشـكل فردي المسـؤولون مسـؤولية كبيرة عن ما يحدث لنا أفرادا، وعن ما يحدث للأمة في مشـارق الأرض ومغاربها و سـيقف كل منا أمام ربه ويسـأل بمفرده عن أخطائه وتصرفاته ولن يسـأل عن أخطاء الآخرين
عندما نغـير ما بأنفسـنا ونشـعـر بالمسـئولية ونسـعى لتغيير هذا الواقع الأليم
عندما يقول كل منا ( أنا الســـــبب ) في تخلف الأمة....عندها فـقـط سـيعود للأمة مجدها وعزها
منقول