كان المكان مزدحم لا يتسع حتى لوطأة قدم والكل في حركة دؤوبة والكل أتى إلى هنا لهدفين إما لشراء إحتياجات خاصة بالمعيشة أو للصيد في الماء العكر وما أكثره في ايامنا هذه فبعض الرجال أتوا برجولتهم وبعضهم ترك الرجولة على باب منزله من الداخل وفضل الخروج بدونها مرتضياً بذلك ومرتدياً لباس دخيل وفي اذنه حلقة صغيرة وعلى كتفه الأيمن وشم لعقرب وقصة شعره تشبه الديك حينما ينفش بريشه في الصباحات الباكرة وأضعاً هاتفه على جيب بنطاله ينظر هنا ويزاحم هناك ، ويختلق لنفسه شراء شيئاً ما فيرتاد الأمكنة التي تكثر فيها النسوة دافعاً أمامه عربته المليئ جوهرها بكل شيء لا يريده ولا يملك قيمته حتى إذا وصل إلى بوابة المحاسبين وقبيلها بخطوات أمعن النظر محدقاً في اليمين واليسار وعن خلفه ومن أمامه حتى إذا سنحت له الفرصة دون أن يراه أحد ترك عربة الشراء بما فيها في مكانها ليخرج كما دخل بقلائده ووشمه وحلقات أذنه وقصة شعره لكونه لا يملك في جيبه ثمن زجاجة ماء من الحجم الصغير فكيف يشتري نصف ما بالسوق . أولئك هم الرجال الذين يتلبسون فقط الأسم من الكلمة بينما المعنى عنهم بعيد جداً ولا يقترن بهم نهائياً لأن نيتهم لا تتعدى سوى توزيع أرقام هواتفهم ومضايقة الأبرياء ممن دعتهم الحاجة إلى التسوق ليشكلون زحمة لا مبرر لها ويتوغلون في العمق دونما مراعاة أو حياء ظناً منهم أن كل طير قد يؤكل لحمه . وهناك في المقابل بعض النساء اللاتي أتين بأنوثتهن محتشمات وفرضن الإحترام ومنهن من أتين دون الإحترام ولا العفاف تاركين ذلك خلف أبواب بيوتهن من الداخل ورفضن أن يخرج معهن الحياء إلى الأسواق مما حدى الأمر ببعض النسوة ممن مات الورع فيهن والتقى إلى إغواء الرجال بطرق فاضحة وأمام الملأ فتراهن في مواكب وجماعات يرتدين من الملابس ما تفصل به الجسم وتحدد مفاتنه وتعرجاته .. فالشعر على طريقة ( الأنتروود ) والصدر مفتوح ناهيك عن فتحات التهوية الإضافية التي تتمركز أسفل البطن وأعلى الركبة إضافة إلى المساحيق المتنوعة في كل مكان من ذاك الوجه الذي يئن تحت وطأة تلك المساحيق . تلك النسوة لم تأتي حقاً للتبضع بل هي اتت لغاية في نفسها أولها الإغواء وآخرها الضياع هكذا بكل أسف وكأن المجعات التجارية صارت ملتقى لحضارات الإغواء وملتقى للتزود بالأرقام الصغيرة ترى لماذا إنقلبنا على أعقابنا وما الدعي إلى ذلك وما يثير الحزن والندامة أنه حينما تسأل أحد من أولئك سواء الشاب أو الفتاة متى آخر مرة فيها قام بزيارة إلى مكتبة ما أو قرأ فيها كتاب لا تجد سوى رداً موحداً بأنه لا يملك الوقت ولا الفراغ للقراءة أو الإطلاع وفي نظره تعتبر القراءة ضياع للوقت ومن هنا تستطيع أن تحكم على تلك العقول بأنها فارغة حقاً وأصحابها بحاجة إلى نعي في موت عقولهم ودعاء الرحمة على حاله .......
جزء من مقالي ....
جزء من مقالي ....