الذكاء المتعدد

    • ألف توماس آرمسترونج وهوأحد المهتمين بتبيقات الذكاء المتعدد في التعليم كتاب ترجمة اسمه"تعليم القراءة والكتابة بالذكاء المتعدد" (أرجو ألا تنسوا أن عكس الأمية الإمامة كما اختار ذلك أحد المترجمين .فالإمامة هي القراءة والكتابة) وقد ترجمت جزءا صغيرا من هذا الكتاب في رسائل سابقة وترجمت جزءا آخر بسيطا عن تعلم الإمامة في سياقها الاجتماعي كما نتعلم الكلام في السياق الاجتماعي وهذه هي الترجمة:


      الربط بمحيط الإمامة الاجتماعي


      في سيرته الذاتية الذائعة الصيت يتحدث السياسي والمصلح الأمريكي/ أفريقي فردريك دوجلاسFredrick Douglas عن طفولته كعبد وكفاحه لتعلم القراءة والكتابة في أمريكا في وقت كانت عقوبة الأسود الذي يُقدم على أمر كهذا ، القتل . وذكر دوجلاس أن أفضل إستراتيجية اتبعها كفتى هي مصاحبة فتيان بيض كان يلتقي بهم في الطريق واستخدام عونهم في مساعدته على القراءة .. وقد كتب دوجلاس "بمساعدتهم الطيبة التي حصلت عليها في أوقات وأماكن مختلفة ، نجحت في تعلم القراءة ، فعندما كنت أرَسل في مهمات محددة ، كنت آخذ كتابي معي وبإنهاء مَهمتي سريعا ، أتلقى درسا في القراءة قبل عودتي . وكنت كثيراً ما أحمل خبزاً معي .. وكنت أعطيه للأولاد البيض الفقراء مقابل إعطائي غذاءاً معرفياً أثمن " (Douglas , 1977 , pp.51-2) .. وعندما تمكن من القراءة والكتابة ، بدأ دوجلاس بقراءة ما كتب عن الرق والاضطهاد وبدأ يعرب عن رؤيته لمجتمع حر، وأخيرا تحرر من قيوده ليصبح شخصية مهمة في حركة مقاومة الرق وتحرير العبيد.
      إن تجربة دوجلاس تلك تسلط الضوء على مسائل متعلقة بدور الإمامة( لا تنسوا أن المقصود بالإمامة كما نوهت سابقا رفع الأمية) في التحرر الاجتماعي . فبغياب معلم راشد (علمه مالكُه الأبجدية ولكنه سرعان ما تأثر بعِرقية ذلك الزمان فقسى عليه وحرمه محاولاته القراءة والكتابة) ، استخدم دوجلاس ما نسميه اليوم "تعليم القرين" ليتعلم القراءة والكتابة . فقد كان يبحث حوله عن مصادر بديلة للدعم وبفهم وسطه الاجتماعي (يستطيع فتيان بيض القراءة حتى لو لم يملكوا خبزاً يأكلوه) ، استخدم مهاراته الاجتماعية لتحويل هؤلاء الجياع إلى معلمين له . ثم، وعندما بدأ يقرأ الكتب، تعمق فهمُه للاضطهاد الذي يعيشه وهذا بدوره أشعل رغبته للخروج من نظام اجتماعي معيق وخلق مجتمع أكثر عدالة له ولغيره .
      فالمجتمع كان مفتاحاً رئيساً للاضطهاد ولاكتساب الإمامة من قِبل دوجلاس ، والإمامة ، بدورها، أصبحت أداة مهمة له في تغيير مجتمعه .
      وفي المجتمع ذي النزعة الفردية اليوم ، غالباً ما يبدوا أن المعلمين يتجاهلون الدور المهم للوسط والمحيط الاجتماعي والسياق context في تعليم القراءة والكتابة((( تذكروا جيدا كيف تعلمنا الكلام جميعا. تعلمناه بوجودنا في محيطنا ووسطنا الاجتماعي لا بمعزل عنه))) .وفي حين أنه لا أحد يجادل فرضية أن الإمامة تجعل الطلاب مواطنين أفضل، فان الكثيرين يعتبرون تعليم القراءة والكتابة مهارة تلقينية تُعطى للواحد من الطلاب بطريقة محايدة وعلمية .ويتم تعريف إمامة الطالب بمعايير مستويات "موضوعية" (شاري تقرأ بمستوى 7,2 و بوبي يكتب بمستوى 4 من التمكن ) ، كما أن مستوى تقدم الطالب في القراءة والكتابة يدور حول جداول تبدوا أنها (غير منحازة ثقافيا / ثقافة محايدة ). بالإضافة إلى ذلك ، فان الأهداف الاجتماعية الكبرى للإمامة (أي لماذا نريدهم اكتساب الإمامة ؟) لا يتم –غالبا- التعمق في معرفتها أكثر من كونها طريقة لتجاوز الاختبارات ولأنها وسيلة للتواصل مع الآخرين أو للحصول على معرفة العالم .
      من المستحيل عزل الإمامة عن محيطها الاجتماعي . حتى ما يسمى الجداول البيانية والرسومات العلمية المستخدمة في تتبع تقدم الطالب في الإمامة أو المستخدمة لأبحاث عن القراءة لدى الطلاب ، تكشف الكثير عن المحيط الاجتماعي الذي وُجدت فيه . فهي - مثلا- تكشف أننا نعيش في مجتمع يثمن الأرقام (((يحب أن يقيس كل شيء ولا قيمة عنده لما لا يُقاس)))أكثر من تثمينه للحكمة . إن الكلمات تدين بوجودها لعوامل اجتماعية معقدة . فكل كلمة هي نتيجة تفاعلات طويلة بين الناس في بيئات مختلفة . ألقِ نظرة على تعريفات أي كلمة في قاموس أكسفورد ولاحظ كيف أن معنى الكلمة ونطقها (وتهجيها) تَغير عبر العقود أو القرون بسبب عوامل اجتماعية معينة .فكلمات - مثلا- كانت تعتبر رفيعة مثل غبي moron أو أبلهidiot (كانت تستخدم في الطب كمصطلحات تشخيصية في ثلاثينيات القرن 20) تحولت- حديثا- إلى اهانات سوقية . وبمعنى آخر ، فان الكلمات كالنقود لها قيمة ومعنى محدد طالما اتفق الناس على ذلك . لنقل – مثلا- أني أريد أن أطلق كلمة stwart على الكلب بدلا من كلمة dog . إذا تمكنت من الذهاب إلى العالم الذي يتحدث الانجليزية ووافق عدد كاف من الناس على ذلك ، فقد نجحت . ولحسن الحظ ، أو لسوئه ، فمن غير المحتمل أن ألقى نجاحا في هذا الجهد . و مع ذلك فان كلمات جديدة تظهر دوما في بيئات و أوساط اجتماعية مختلفة .. عند عاملي الحديد ، وعازفي موسيقى الروك ، والصحافيين ، وموظفي القطاع العام ، والمراهقين . وما نعرفه عن اللغة والإمامة يدعم نظرتنا للكلمات كظاهرة اجتماعية . فنحن نعرف أن اجتماعا لأطفال صغار من خلفيات لغوية مختلفة سيؤدي إلى بروز لغة خاصة بهم كنتيجة لتفاعلهم مع بعضهم البعض أثناء اللعب (Bickerton , 1982) . والأبحاث تذكر أنّ الصداقات القريبة بين الأطفال قد تؤدي إلى تطوير مهارات أمامية سريعة أكثر مما يمكن أن تفعله العلاقات البعيدة بزملائهم .
      . (Pellegrini , Galda , Bartini , and Charak , 1998)
      وعندما يقرأ الأفراد ، فلا بد أن يفسروا الكلمات والجمل في سياق اجتماعي أو محيط اجتماعي . ما الذي يعنيه المؤلف (أو الشخصية)؟في جملة تقول :"جون جندي" . هل يعني هذا انتماءه للجيش؟ أم يعني انه صاحب شخصية قوية ؟ أم أن أحداً ما يسخر من جون ؟
      ولانّ النص المكتوب لا يوفر المعلومات غير اللفظية المُتاحة لشخصين يتواصلان وجها لوجه ، فان القارئ (والكاتب) لا بد أن يستدعيا المحيط وان يستخدما عمليات اتخاذ قرار نشطة وساعية للتقمص الوجداني empathetic ليصلا إلى تفسير مناسب للنص المكتوب . (Sperber and Wilson , 2002) .
      وهناك ما يشير إلى أن هذه "القراءة الذهنية" (فك شفرة نوايا الآخرين) تعتمد على ميكانيزمات عصبية محددة جدا في الدماغ ، وان مهارات كهذه مهمة لاكتساب الكفاءة اللغوية لدى الأطفال (Vogeley et al.,2001, Meltzoff,1999)
      لا يستطيع فرد في فراغ ثقافي اختراع لغة أو وضع كتاب أو صك كلمة أو نطق جملة ذات معنى. كل هذا النشاط اللغوي يحدث في محيط اجتماعي معقد .
      وفي الوقت نفسه عندما تُخترع لغة جديدة , وعندما يؤلف كتاب وعندما تصك كلمة او تنطق جملة فان المجتمع يتغير تبعا لذلك . وهذه قوة "عضلية" كما نوهنا لذلك في الفصل ( سيأتي)2 ،ولكنها أيضا قوة أو سلطة اجتماعية . فالطفل يقول "فوق" وفجاه يتغير المجتمع المحيط به ، فالكلمة تلف ذاتها حولها وتحركها لتتفاعل مع الآخرين . وإذا كتب طفل في الثامنة من عمره كلمة "اذهب" على ورقة على باب غرفته ،فانه –فجأة -يشكل العالم الاجتماعي حوله بطريقة ملموسة تعبر عن رغبته المؤقتة في البقاء بعيداً عن الآخرين . وقد يكتب طفل في الصف السادس موضوعاً عن الهدر البيئي يساعد على وضع برنامج لإعادة تدوير المخلفات في المدرسة . و قد يكتب مراهق خطاب حب رقيق لفتاة التقى بها لتوه ، فيحول الخطاب العلاقة العابرة إلى علاقة رومانسية مهمة . وقد يكتب راشد مقالا لصحيفة محلية عن تسريح العمال في مجتمعه فيولد المقال مجموعة عمل سياسية مكونة من العاطلين أنفسهم الذين قرؤوا المقال . وكما نوهت في مقدمة الكتاب ، فان الإمامة ارتبطت دوماً بالقوة السياسية أو الاقتصادية أو المدنية . لقد غيرت كلمات حضارات . انظر مثلا ما احدثته في التاريخ الاجتماعي كلمات مثل : الكتاب المقدس ، القران ، مارتن لوثر 95 Theses ، البيان الشيوعي لماركس , أصل الأنواع لدارون ، واقتباسات من موتسي تونج.
      ومن الطبيعي أن الكلمات لا تحدث التغيير الصارخ دائما فقد تصرخ الطفلة "فوق" حتى يزرق وجهها ولا يستجيب احد . كما أن طفل المدرسة قد يكتب مقالته عن البيئة فلا يحصل إلا على علامات حمراء تملأ ورقته ودرجة "د" لسوء خطه . وقد ترفض مقالاتُ الراشد .. وهنا قد يشكك البعض في الكلمات ويرى عجزها والمؤسف أن معظم تعليم اليوم يبدو انه يعزز هذه النظرة، لأنه يطلب من طلابه في سنين دراستهم ال12 تسويد ألوف الصفحات بكلمات لا تقوى على تحقيق مقصد اجتماعي واسع ولا إثارة ثورات صغرى ولا إصلاحات صغيرة أو كبيرة ولا تحولات ثقافية بل تؤدي غرضا اجتماعيا ضيقا يتمثل في "عمل ما يريده المعلم" . وعندما يحس الطلابُ بان كلماتهم تكتب فقط ليصححها المعلم ثم يقذفها في سلة المهملات فهذا بلا شك يعلمهم عجز وضعف الكلمات .
      هذا الفصل يركز على مساعدة الطلاب على معرفة وإدراك كيف يمكن أن تغير الكلمات عوالمهم الاجتماعية .
    • هذا كتاب رائع لتوماس ارمسترونج ترجمة عنوانه: " بطريقتهم"
      In Their Own Way
      وفي فصله الأول يتحدث عن هدر الطاقات والمواهب الذي يحدث في مدارسنا أو في مساحات الهدر كما أسماها.
      سل نفسك مثلا الأسئلة التالية:
      1-هل يزاول ابنك شيئا من هواياته أو مهاراته أو مواهبه في المدرسة؟
      2-هل يتحدث ابنك عن المدرسة وما تعلم فيها ببهجة عندما يعود إلى البيت؟
      3-عندما تلتقي بمعلم لابنك هل تسمع منه كلمات مثل "انجازات"،"اهتمامات"،"قدرات" أم تسمع "مشكلات"، احتياجات"،"صعوبات"؟
      4-هل يشكو ابنك من آلام صباحية في البطن والرأس قبل الذهاب إلى المدرسة؟ثم تختفي الآلام بمجرد الموافقة على أن يمضي يومه في البيت مثلا؟
      5-هل يذهب بشوق إلى المدرسة؟
      6-هل ينشغل بحل الواجبات ونقلها من زملائه بالهاتف أو الجوال أو البريد الالكتروني أم تراه منشغلا بمشروع مدرسي فردي أو جماعي يعبر به عن فهمه لموضوع معين؟
      7-هل تختزل المدرسة ابنتكِ في شهادة ودرجات وعلامات؟
      8-هل تُعامل كرقم أم كإنسان؟
      9- هل تحرص على التعلم أم على إرضاء المعلمة والإدارة؟
      10-هل التفوق قائم على التفكير أم على الحفظ؟
      لا شك أن المدارس اليوم مساحات هدر شاسعة لطاقات ضخمة ومواهب وقدرات لا نهاية لها وهي مساحات تهتم بالواجبات والاوراق والمقررات والحفظ والشهادات وضبط الطلاب أكثر من تعليمهم بحيث إذا دخلت فصلا من الفصول أو راقبته بدون علم من فيه ستشهد مللا وضجرا وخوفا وقلقا وتثاؤبا لعلك لا تجد مثله في اي مؤسسة أخرى في البلاد. هل سبق لك أن دخلت فصلا فشاهدت الكل منخرطا في العملية التعليمية والمعلم يعمل مع الطلاب والأسئلة متبادلة والحوار قائما ؟ هل سبق أن رأيت على وجوه الطلاب علامات الدهشة أو الفرحة العفوية أو الغضب التلقائي أو التفكير أو العمل الجماعي الجاد أو الفنون أو التمثيل أم رايت الفصل مشغولا بالكتابة والنقل من السبورة والتلقين من المعلم والتلقي من الطالب ؟
      في جو كهذا ألا تتوقع ظهور حالات يُطلق عليها الآن "صعوبات تعلم"؟ من يستطيع التعلم في صناديق نسميها فصولا دراسية يتناوب على الطلاب فيها معلمون مخلصون ولا يتعمدون أذية الطلاب ولكنهم يؤذونهم بهذا التلقين المستمر وعلى الطالب التسليم والاذعان. يقول أحد المهتمين بهذا الشأن واسمه بوب الجوزين :"لم يستطع أحد أن يظهر لي أن مجموعة متميزة محددة من السلوكيات تميز أطفال صعوبات التعلم عن غيرهم من أقرانهم.وبناء امبراطورية على أساس كهذا أمر بعيد عن الأمانة."

      ثم ظهرت أمور أخرى وهي اضطراب قصور التركيز أو الانتباه الذي قد يكون مصحوبا بفرط حركة الخ والسؤال هو لماذا لا نجد في أدبيات هذه الكتابات عن صعوبات التعلم وغيرها الحديث عن أن هؤلاء الطلاب يتعلمون بطريقتهم؟؟لماذا نعالجهم بزعمنا ولا نعالج النظام التعليمي؟ أهي صعوبات تعلم أم صعوبات تعليم؟ أهي مشكلات في الطلاب بمعزل عن البيئة التي هم فيها أم في البيئة التي هم فيها؟ألا يمكن أن تكون القضية قضية تنوع عصبي واختلاف طيفي كالوان الطيف ؟ ألا يمكن أن تكون القضية تعبيرا عن مقاومة لهذا الأسلوب المريض في التعليم والتدريس ؟ ألا يمكن أن يكون هذا إشارة إلى ضرورة التغيير الشامل في الأتظمة التعليمية لتتكيف مع هؤلاء الطلاب بدلا من محاولة قصقصة أجنحتهم ليتكيفوا مع واقع المدرسة البائس وهم يرون أن أول الهاربين منها معلموها؟ألا يمكن أن تكون إشارة إلى أن العالم يتغير والمدرسة كما هي لم تتغير؟
      أليس من الغريب التركيز القليل- فيما يُكتب عمن يعاني من صعوبات تعلم- على مواهبهم ؟ لماذا لا نعرف إذا كانوا موهوبين في الفنون والموسيقى والرياضة والميكانيكا وبرمجة الكمبيوتر أو في أمور أخرى غير تقليدية وهي كثيرة جدا أو تدريس التقليدي بطريقة غير تقليدية وبجسور جديدة أو الانتقال إلى التعليم للفهم أو الاكثار من الأنشطة اللاصفية الجادة والرياضة والحرف والتجارب المعملية والرسم ؟ الأننا كالبقية نهتم فقط بالكفاءة بمعناها التقليدي والمرتبط بالمقررات الدراسية من كتابة وقراءة وتهجي وعلوم واجتماعيات ورياضيات؟ لقد وجد البعض أن الطلاب المعنونين بصعوبات التعلم أفضل من غيرهم في الأنشطة غير اللفظية كما وجدوا أن هؤلاء الطلاب "غير الطبيعيين" حصلوا على علامات عالية في الصف الأول في الأنشطة اللفظية ثم بدأوا بالتدهور ولعل السبب في هذا هو عدم الالتفات إلى تميزهم عن غيرهم في حقول أخرى.




      عنوان جميل يحمله الفصل الثاني من الكتاب وهو"ثمانية طرق للتورّد - اكتشاف ذكاءات طفلك المتعددة."
      وقد ذكرتُ الذكاءات الثمانية التي يملكها كل إنسان بنسب متفاوتة. والسؤال المهم هو ما تعريف غاردنر –وفي رواية جاردنر- صاحب نظرية الذكاء المتعدد للذكاء-وقد ذكرت التعريف من قبل ( أنظر: أطر العقل 1983م)؟
      تعريفه : الذكاء هو القدرة على حل مشكلات وتشكيل منتجات (مادية ومعنوية طبعا) لها قيمة ثقافية. ويرى جاردنر بأن علم النفس والتعليم أمضيا وقتا طويلا لدراسة الذكاء في غرف قياس الذكاء وعليهم الآن النظر إلى العالم الحقيقي لرؤية نماذج لكيف يحل الناس مشكلات ويشكلون منتجات تُحدث أثرا في ثقافتهم.
      وذكر المؤلف الذكاءات التي ذكرتها وهي اللغوي(ذكاء الكلمة)، والمنطقي/رياضي (ذكاء الرقم) والفراغي(ذكاء الصورة)، والبدني/حسي(ذكاء الجسم)، والموسيقي (ذكاء النغمة أو الإيقاع) ،والاجتماعي(ذكاء الناس او التعامل مع الناس)، والذاتي(ذكاء النفس أو التعامل مع النفس) ،والبيئي(ذكاء الطبيعة أو التعامل مع الطبيعة)
      وفي المقال القادم بإذن المولى عز وجل أتحدث عن الاختبارات وبدائلها

      وأود أن أنبه إلى قضية مهمة وهي:

      لا تسل : هل ابني ذكي لغويا ؟ بل السؤال: كيف يعبر ابني عن ذكائه اللغوي؟؟
      ولا تسل : هل تحمل ابنتي ذكاءا موسيقيا؟ بل: كيف تعبر عن ذكائها الموسيقي؟
      وهذا ينطبق عليك أيضا أيها القارئ.
      ليه؟ لأن الكل يحمل كل الذكاءات بنسب كما ذكرت ولأن كل إنسان يعبر عن ذكاءاته بأشكال مختلفة.
      ولعلنا لاحظنا أن كل الذكاءات مهملة في تعليمنا عدا الذكاء اللغوي والرياضي. ثم نسأل السؤال الغريب: لماذا يعاني طلابنا في المدارس؟ والسؤال الصحيح هو : لم لا يعانون لأن الأصل هنا أن يعانوا كثيرا جدا.وليست القضية فقط في مدارسنا التركيز على الذكائين السابقين بل الأدهى والأمر أننا لا نستطيع أن نقترب منهما إلا باللغة والأرقام فنعلم اللغة والرياضيات بالذكائين السابقين فقط . لم لا نعلمهما بالذكاء الموسيقي والاجتماعي والحركي والفراغي؟؟ لست أدري ومن الطبيعي أن يعاني الطلاب من صعوبات تعلم .




      الاختبارات وما أدراك ما الاختبارات. ما الذي تقيسه الاختبارات وما الذي تدل عليه؟ أود أولا أن أذكركم بكلمة نقلتها من كتاب"رعب السؤال":" فحلّ في الأذهان مفهومُ النجاح للجميع بدل التعلم للجميع وبما أن النجاح ينبغي أن يستند، شكليا على الأقل، على علامات شرعية فقد عمدت الأنظمة التعليمية إلى تعهير الأسئلة بعد تفتيتها من أجل ضمان علامات ظاهرية لجميع الطلبة....."( يقصد بتعهير الأسئلة كما ذكر في الهامش:استبدال الأسئلة التي تتطلب مهارات عقلية عليا بأسئلة الاختيار من متعدد وملء الفراغات الخ التي لا تحتاج إلا إلى حفظ)
      أما توماس أرمسترونج فيرى أن واضعي الاختبارات يقللون من إنسانية ملايين الأطفال بالتركيز على الدرجات والنِسب بدلا من التركيز على حيواتهم (جمع حياة) الخِصبة والثرية. فالإنسان أكبر من هذه الاختبارات وأخصب واثرى والاختبارات لا تقيس شيئا فيه لأسباب مختلفة. ودائما أقول للمعلمين:"اكتبوا في آخر الشهادة ملاحظة لمن يهمه الأمر: هذه الشهادة لا تعني شيئا فلا يرتفعن سكرك أيها الأب ولا ضغطك أيتها الأم".إلا إذا كنا نريد أن نقيس مدى حفظه للمعلومات التي قُدمت له أثناء العام الدراسي وقدرته على حل المسائل الرياضية وغيرها التي قُدمت له في الكتاب وتعَلمَ أو حفِظ حلها، وحتى هذا لا يقيسه الاختبار. ثم هناك اختبارات قياس الذكاء وأنا أوضحت أني أرى أن الذكاء الإنساني لا يُقاس ثم هناك اختبار قياس المواهب ورأيت في مدرسة فصلا للموهوبين تم وضع الطلاب فيه بناء على اختبار معين قسم الطلاب إلى موهوبين وغير موهوبين وقد أعجبني هوارد جاردنر عندما ذكر ان اهتمامه الأكبر ليس الموهوبين الذين يبرزهم نظامنا التعليمي وإنما الذين لا يستطيع، لقصوره، إبرازهم. فالذين أبرزهم النظام التعليمي قد يكونون موهوبين فعلا في جوانب ولكن إبراز النظام لهم لا يعني أنهم موهوبون في تلك الجوانب فعلا كما أن عدم إبرازه لغيرهم لا يعني أنهم ليسوا موهوبين بقدر ما يعني أنه ليس مؤهلا للكشف عن مواهب مختلفة لأنه لم يُصنع إلا لمواهب محددة أو لم يوضع إلا للتعامل مع أناس يناسبهم جدا هذا النوع من القياس فمثلا لعله يركز على الذكاء اللغوي والرياضي (من رياضيات) وعلى معلومات عامة يعرفها البعض ويجهلها آخرون ولكنه يهمل ما تبقى من ذكاءات ويهمل معلومات مفيدة يحتاج إليها من عرف المعلومات الأولى أكثر من حاجته للمعلومات التي اختبر فيها وعرفها. وأذكر أني شاهدت فيلما يحكي قصة طيار يقود طائرة صغيرة طار بها إلى مكان بعيد ليوصل أدوية كما أذكر وكانت هناك امرأة مريضة هناك فحملها معه ليتم علاجها في مستشفى المدينة التي سيعود إليها ولعل هذه المرأة لم تركب طائرة من قبل وأقلعت الطائرة يقودها القائد الماهر معه امرأة تجهل كل ما يحيط بها بحيث لو اختبر ذكاؤها هنا لأخذت صفرا إلا أن الطائرة سقطت ونجى الإثنان من الموت ولكنها سقطت في مكان ناء وبارد جدا جدا وهنا تولت المرأة القيادة واستخدمت خبرتها في بيئة كهذه للبقاء على قيد الحياة في بيئة قاسية جدا وأما هو فاصبح اشبه بطفل يحتاج لأمه في كل شيء ولو اختبر ذكاؤه هنا لأخذ صفرا ولأخذت درجة عالية جدا. فمن الذكي؟؟؟؟؟؟؟ وكلها اختبارات معزولة عن واقع الطلاب وحياتهم وما يدور في أذهانهم وما يمكن أن يسألوه ولا يقيس الطالبَ أو الإنسانَ أو الطفلَ وهو يعيش حياته الطبيعية بعيدا عن جو القياس والاختبار ومرتبطا بكل ما يُعينه على التعلم من أدوات وتفاعلات وكأن الإنسانَ ذهن فقط بلا جسم ولا محيط، وكأن عطاءه الذهني يتم بمعزل عن كل هذا. هل طرحت في يوم سؤالا على طفل أو طالب أكبر سنا في الفصل وهو واقف أو جالس على كرسيه والكل ينظر إليه وأنت منهم ومدة الجواب 10 ثوان مثلا أو دقيقة وأنت تحمل دفتر الدرجات ومعك القلم الأحمر أو الأخضر فلم يجب ثم في حالة استرخاء في بيئة بعيدة عن المعتقل الذي يسمونه مدرسة تحدث عن الموضوع الذي لم يعرفه في الفصل؟ عندما فصلت ذهنه عن كل تبقى من المنظومة وراقبته ووضعته تحت توتر لم يجب وأتحدى معلمه أن يجيب في ظروف كهذه ولما رُفع عنه التوتر وارتبط بمنظومته ومد جسوره إلى ما يحيط به وأمسك بالكرة أو القلم في يده وتركت له مساحة الحركة البدنية والنفسية أجاب. (مش كده ولا إيه)
    • هل الاختبارات التحريرية والشفهية موضوعية؟ لا.ليست موضوعية.وحديثنا هنا عن الاختبارات المعروفة . فماذا عن اختبارات قياس تعلم الطالب وصعوبات التعلم التي أؤمن إيمانا عميقا بأن مدارسنا اليوم لا تصلح أبدا لأن تقيس أي شيء في الطالب وأن ضرر مقاييسها أعظم كثيرا جدا من منافعه ولكن"إنا وجدنا آباءنا على أمة"
      تصوروا السيناريو التالي:
      طفل يعاني (زعموا) من صعوبات تعلم، فتم إرساله إلى غرفة" إسعاف" تُعنى بحل هذه المعضلة وإعادة القطار إلى مساره الصحيح(زعموا). فذهب الطفل إلى "الخبير "الذي سيقوم بهذه المهمة و"الخبير" استلم تقريرا"زعموا" مبدئيا عن حالة الطفل وعن سبب إحالته إليه وبالتالي أصبح "الخبير" يحمل توقعات تتعلق بما سيفعله الطالب.وهذا سيؤدي لأن يبحث المختبر- بكسر الباء- عن أي إشارة لصعوبة عند الطالب وقد يعزز بلا وعي الإجابات الخاطئة ولن يعطي الطالب فرصا للأداء الجيد.(ماذا لو أرسلنا طالبا لا يعاني من هذا الذي يسمونه صعوبات تعلم وأسميه أو بعضه صعوبات تعليم إلى معلم وأعلموه بأنه يعاني من صعوبات تعلم؟؟)
      ما رايكم في تعبير "إعاقة المعاق"؟ وما رأيكم في تعبير "إعاقة الطبيعي"؟
      التعبير الأول عنوان كتاب ألفه "مهان" فقد لاحظوا ان خبراء الصعوبات (وما أكثرها) يستخدمون أسلوب"اختبر حتى تجد صعوبة" المهم أن يخرج الطالب بصعوبة من الصعوبات ليتم تصنيف الطفل ووضعه في خانة وعنونته (ونخلص)فماذا لو لم يجدوا صعوبة تعلم؟ يكررون الاختبار .

      والحل بالنسبة للاختبارات؟
      سأذكر ما ذكره المؤلف(ولا بأس بالفكرة فقد تفتح أبوابا لأفكار أفضل يمكن تطبيقها)
      1-لا تلتفت للتقرير أو الشهادة التي تقدمها المدرسة فهي تحجر واسعا (وانا اعرف كيف توضع الاختبارات لاني كنت معلما ورايت ان من العناصر سرعة التصحيح)
      2-شجع المدرسة على تبني اساليب اخرى في التقييم(خالد عاشور، خليك واقعي. هذا ما سيقوله البعض الان)
      زي إيه؟
      أ-الاختبارات المرتكزة على المعايير والتي لا تقارن بين الطلاب بل تركز على الأمور التي تمَكنَ منها طفلك. كيف؟ (بيان تستطيع أن تضرب رقمين × رقمين وأن تقفز بالحبل 30 قفزة وتكتب يومياتها بطريقة مؤثرة وتعد موضوعا لطابور الصباح وتستخدم اللون الأحمر كثيرا )
      ب-اختبار غير رسمي:بدون مقدمات ولا توتر أعطه ورقه وعدة مسائل قسمة واطلب منه حلها ثم اهتم بالإجراء لا بالنتيجة أي بالطريقة التي استخدمها للحل أي المنهج الذي اتبعه فهذا أهم من النتيجة. ما الطريقة التي اتبعها؟
      ج-المعلم: ابنك لا يركز
      الأب: ابني يجلس أمام لعبه ساعات مُركزا
      المعلم: ابنك لا يلعب مع زملائه
      الب: ابني يلعب كل أسبوع مع أبناء الحي كرة القدم وفي البيت يتعاون مع أهل البيت
      المعلم: ابنك عنده ضعف في الذاكرة
      الب: ابني حفظ سورة يس من كثرة تردادها في السيارة و يحفظ 50 أغنية ويحفظ 20 قصة قصصناها عليه منذ سنتين وأسماء لاعبي المنتخب الياباني والبرازيلي ويعرف تفاصيل بيتنا السابق
      المعلم: ابنك لا ينتبه
      الأب: ابني ينتبه لكل صغيرة وكبيرة في حديقة الحيوان ويصف الأسد كما لو كان أمامه
      المعلم: ولا يفهم.
      الأب: ابني مستعد لأن يشرح لك الآن كيف تستخدم برنامج وُرد على الكمبيوتر
      المعلم:!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
      الأب:!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
      نظام التعليم:!!!!!!!!!!!!!!!

      الطريقة الثالثة أي ج: المراقبة لا في الفصل التعيس فقط (ولا زلت أذكر أني في يوم التحقت بمدرسة وكانت أول حصة لي في المطبخ فقد حولوا المطبخ إلى فصل وحمدت الله أنه المطبخ وليس دورة المياه مثلا، وفي مدرسة أخرى كانت سوقا حولوا الدكاكين إلى فصول دراسية وكان الطالب إذا أراد أن يأتي إلى السبورة ليكتب شيئا يمشي على الماصات ليصل إلى المقدمة !!!) بل في الحياة والمواقف الطبيعية وفي سياقات مختلفة وتفاعلات واقعية بدلا من الفصول المزيفة التي لا ترتبط بالواقع ابدا ولا تصلك به بل حتى النوافذ في الفصل ليست شفافة هذا في مدارس الأولاد أما البنات ف.......................
      د- التوثيق:جمع كل ما يفعله الطالب أو ابنتك من صور وكتابات ورسومات الخ فكل هذا يكشف لك الإنسان القابع داخل "الطالب" بدلا من الاختبارات الجافة التي لا تكشف لا الإنسان ولا الطالب.

      3-اعمل على أن تجعل التقييم عاملا مساعدا ومدعما لابنتك كتجربة تعليمية
      4-قدم لابنك إفادة أو تغذية راجعة بعد التقييم
      5-التقييم وفق الذكاءات الثمانية : وهذه قضية مهمة لأننا حصرنا الأطفال في ذكائين اللغوي والرياضي (من رياضيات) فبهما نعلم ونركز عليهما وبهما يعبر الطالب عما تعلم ( ومن أسخف ما سمعت أنهم يختبرون الطلاب في الكمبيوتر بالورقة والقلم(فيا موت زُر إن الحياة ...) فماذا عن بقية الذكاءات؟؟؟؟

      والغريب أن تعليمنا حتى الجامعي يُعلم بهدف النجاح في الاختبار لا للتعلم ذاته وهذه أكبر خيبة نعيشها ونعيش آثارها . بس



      ما أسباب عدم نجاح طفلك في المدرسة؟أهو عدم رغبة في التعلم؟التعلم وظيفة الدماغ الأساسية فما الذي فعلته المدرسة في أدمغتنا بحيث أصبحنا نكره التعلم بالرغم من الوعد والوعيد والرشوة والتنمر والمكافأة والعقوبة والعصا والجزرة والمدح والذم والمقررات والكتب والواجبات الخ؟ الجواب هو أنها "علمتنا" أن التعلم لا يتم إلا بالوعد والوعيد والرشوة والتنمر والمكافأة والعقوبة والعصا والجزرة والمدح والذم والمقررات والكتب والواجبات الخ.
      المدارس تجعل الدماغ مستغربا ينادي :يا قوم أنا لا أتعلم هكذا. لماذا حصرتم التعلم(التمدرس) في محاضرات تلقينية ومقررات واختبارات ولونين من ألوان الطيف أو الذكاءات ومواضيع لا ترتبط بحياة الطلاب وتنتهي صلاحيتها –على فرض أن لها صلاحية أصلا-عند باب المدرسة.
      وهناك 4 أمور تقتل التعلم:
      1-كثرة كلام المدرس فهو المتحدث الوحيد والناقل الوحيد للمعلومات لإنه "الخبير"والطالب متلقي سلبي (ينتظر الجرس)
      2-المبالغة في الاعتماد على المقررات(وقد ذكرت أنها مفصولة عن الواقع وحياة الطلاب ومشاعرهم ) التي وضعها مجموعة من "المحققين" أو "الباحثين" ولست أدري عم يبحثون.
      3-المبالغة في تعليم مهارات معينة. يذكر المؤلف أن الإنسان في الماضي كان يتعلم القراءة بالقراءة كما يتعلم التحدث بالتحدث ولكنه اليوم يتعلم القراءة بعد تفتيتها إلى أجزاء ومهارات فيتعلم هذه الأجزاء ويصل في النهاية إلى الكل حسب زعمهم.
      4-الاعتماد على تجميع الطلاب حسب مستواهم: وهذا يحدث في بعض المدارس حيث يجمع الطلاب "المتفوقين"(حسب المعايير المدرسية) في فصل واحد بدلا من وضع الطلاب بمستوياتهم المختلفة مع بعضهم. ولك أن تتخيل كيف سيعامل المعلم طلاب الفصل المتفوق وكيف بالتالي سيكون أثر هذا على تحصيلهم وثقتهم بأنفسهم وكيف سيعامل المعلمون الطلاب "الآخرين" وكيف سيكون أثر هذا على أنفسهم وثقتهم بأنفسهم وعلى تحصيلهم وضعف التحصيل يقود إلى اعتقاد المعلم بأن طلاب الفصل فعلا وُضعوا حيث يستحقون بل لعله لا يبذل معهم الجهد الكبير لإيمانه بأنه لا أمل منهم وكل هذا ينعكس عليهم سلبا .(وطبعا إذا جاءهم زائرٌ أدخلوه فصل "المتفوقين")




      والسؤال المهم هو : كيف يتعلم الأطفال؟
      يرى المؤلف أن تعلم الأكفال يشبه سلسلة من ثورات علمية صغيرة.وأشار المؤلف إلى" توماس كن" صاحب كتاب" بنية الثورات العلمية" وقد بين فيه أن الثورة العلمية تمر بمراحل. ما هي؟
      يحمل الناس أو العلماء مثلا منظورا ونموذجا تفسيريا ورؤية للعالم معينة مثل أن الأرض مسطحة.
      ولأنهم حملوا هذا المنظور فستتجه عقولهم للبحث عما يؤيد هذا المنظور وهذا النموذج التفسيري.وسيرفضون كل ما لا ينسجم معه.
      تجتمع الأدلة على أن الأمر ليس هكذا ويصل الأمر إلى نقطة اللاعودة فيحدث اختراق وتحدث الثورة ويتبنى العلماء منظورا جديدا ونموذجا تفسيريا جديدا.
      وهذه عبارات توضح ما قاله :
      " إذا تأمل مؤرخُ العلم سجلَ بحوثِ الماضي من زاوية مبادئ ومناهج التاريخ المعاصر فقد لا يملك إلا أن يهتف قائلا"آه" ، عندما تتغير النماذج الإرشادية يتغير معها العالم ذاته . وانقيادا للنماذج الإرشادية الجديدة يتبنى العلماء أدوات جديدة ويتطلعون بأبصارهم صوب اتجاهات جديدة بل وأهم من ذلك أن العلماء إبان الثورات يرون أشياء جديدة ومغايرة عندما ينظرون من خلال أجهزته التقليدية إلى الأماكن التي اعتادوا النظر إليها وتفحصها قبل ذلك.ويبدو الأمر وكأن الجماعة العلمية المتخصصة قد انتقلت فجأة من كوكب إلى آخر حيث تبدو الموضوعات التقليدية في ضوء مغاير وقد ارتبطت في الوقت ذاته بموضوعات أخرى غير مألوفة. وطبيعي أن شيئا من هذا لم يحدث فلم يقع تغير أو تبديل في المواقع الجغرافية وكل شيء من شئون الحياة العادية يجري كعادته خارج المعمل على نحو ما كان تماما. ومع هذا فان التحولات التي طرأت على النماذج الإرشادية تجعل العلماء بالفعل يرون العالم الخاص بموضوع بحثهم في صورة مغايرة وطالما أنّ تعاملهم مع هذا العالم لا يكون إلا من خلال ما يرونه ويفعلونه فقد تحدونا رغبة في القول بأنه عقب حدوث ثورة علمية يجد العلماء أنفسهم يستجيبون لعالم مغاير."


      "كلما أخفق المنظور في القيام بعمله كلما حاول علماؤه تشغيله وإحياءه. لقد أصبح جاهزا لثورة ولكن لأنهم نسوا وجوده يستنتج العلماء أنّ العالم هو الذي يسقط ."
      The Paradigm Conspiracy/ Denise Breton and Christopher Largent

      والأطفال يسيرون في الطريق نفسه.فهم يُكونون في أذهانهم رؤية معينة للعالم أو نماذج ذهنية . ثم تتغير هذه النماذج الذهنية وتحدث في عقولهم ثورات "علمية" فيرون في العالم نفسه الذي لم يتغير ما لم يروه من قبل وبهذا يتعلمون.
      والإنسان كذلك يكون نماذج ذهنية عن أمور مختلفة ليتعامل مع الناس والحياة من خلالها وقد توصله إلى أزمة ولكنه بدلا من أن يغير النموذج الذي أخفق يصدر حكمه على الناس بأنهم كذا وكذا أو على الطلاب بأنهم أغبياء الخ.
      دخلت فصل أولى ابتدائي وكانت الحصة قرآن كان الطالب يقرأ ما حفظ وبعد الانتهاء يعطيه المعلم حلوى وهكذا . هذا نموذج ذهني أو منظور يحمله المعلم لكيفية حث الطلاب على الحفظ. ماذا لو أن الطلاب أهملوا الحفظ ولم يعودوا يحفظون كما كانوا مع أن المعلم لم يوقف الحلوى لمن يحفظ منهم؟؟؟لقد أخفق النموذج.(أرجو أن تطلعوا على موضوع : هل الوعد بالمكافآت مفيد؟)
      وبهذا لا بد من أن يوجد الأطفال في بيئات تتحدى نماذجهم الذهنية السابقة التي كانوا على أساسها يفهمون ما يدور حولهم وتزودهم بما يعينهم على اكتشاف نماذج جديدة.وهل تفعل المدارس هذا؟؟؟؟؟؟ لا. بل تعمل على تكريس المنظور القائم ولو أدى ويؤدي إلى أزمات.




      ما هي المؤشرات التي تدل على أن طفلك يتعلم؟
      أولا: الفصل الدراسي:
      هل الفصل الدراسي الذي يُمضي فيه طفلك يومه "التعليمي" يبعث على النشاط والطاقة أم أنه فصل كئيب مُمل؟
      هل الفصل مزود بمواد تعليمية فنية وعلمية مختلفة تدعو الطفل للاكتشاف والمعرفة وحب الاستطلاع أم هو فصل لا يحوي إلا ماصات وكراسي ووسائل معلقة على الجدران؟
      كيف يقضي الأطفال يومهم في الفصل أو المدرسة ، أيقضون يومهم في البناء والرسم والقراءة والكتابة والتواصل والتجربة والإبداع أم في الاستماع للمعلم وتسميع الدروس ؟
      أتوجد مساحات في الفصل للحوار والحركة والقراءة الهادئة أم المعهود؟
      هل يقيم أو يُقاس الطفل باختبارات تحصيلية أو يقيم بتقيم مستمر يعزز العملية التعليمية ويقدم تغذية راجعة للطالب والمعلم ؟

      ثانيا: المعلم:

      هل يشجع المعلمُ الطلاب على النقاش والحوار والتفكير والأسئلة المفتوحة أم يطلب إجابات سريعة لأسئلته؟
      هل يتجول في الفصل ليساعد الطلاب كلا على حدة إذا احتاج الأمر أم تراه دائما في المقدمة يتحدث إلى طلابه؟
      عندما تلتقي بالمعلمة هل تحدثك عن أنجازات ابنتك أم مشكلاتها؟
      هل تستخدم المعلمة طرقا كثيرة للتعليم أم المقرر والدفتر فقط ؟

      ثالثا: طفلك
      عندما تتحدثين مع ابنتك عن المدرسة أتتحدث بحماس عما تفعل هناك أم بفتور بل لا تجد متعة في التحدث في هذا الموضوع؟
      هل تتعلم ابنتك للتعلم نفسه وحبا في المعرفة نفسها أم للحصول على الدرجات والعلامات والنجوم الخ؟
      هل يجد ابنك مجالا وفرصة للتعبير عن مواهبه وهوياته وقدراته في المدرسة أم هناك الكثير من التركيز على الأخطاء والقصور؟
      هل يعامل ابنك كإنسان له طريقة خاصة للتعلم أم يتوقع منه التعلم كالبقية؟



    • لقد تحدثت من قبل عن استخدام ذكاءات الطفل لتعليمه القراءة والآن أضيف من الكتاب الذي بين يدي في هذا الموضوع:
      1-مساعدة الطفل على القراءة لغويا (أي بان يستخدم ذكاءه اللغوي)
      بعض الأطفال أقوياء في السمة الشفوية للذكاء اللغوي فتجد الواحد منهم حكواتي على مستوى عال ويحب أن يروي القصص ولكنه يجد صعوبة في تعلم القراءة بالأسلوب المدرسي الذي يعتمد على الأصوات.وهؤلاء الحكواتية يحتاجون لتعلم القراءة بلغتهم هم أي بتركهم يتحدثون ويقصون القصص علينا.فماذا نفعل؟ نستمع لقصته مثلا ونسجلها ونكتبها على أوراق ثم نطبعها على الكمبيوتر مثلا ونقوم بتجليد القصة وإضافة أوراق فارغة للرسم إذا أراد الطفل ذلك ثم نعطها الطفل ليقرأ أو يبدأ المعلم بقراءتها بصوت مرتفع ويوزع نسخا للقصة على الأطفال ويصحب رواية القصة صورا ومشاهد وحركات بدنية ويمكن أن يسمع صوته الذي سجلناه له في الوقت نفسه.

      2-مساعدته على القراءة منطقيا/رياضيا(من رياضيات)
      أطفال هذا الذكاء يستمتعون بالبحث عن أنماط ومتشابهات.فلعل ما يفيدهم هنا مثلا :" عباس شرب من الكاس وهو جالس بين الناس" وأتح لهم فرصة البحث عن مثل هذه الأنماط في جملة أو جمل بالنظر إلى الشكل قبل أن تعلمهم الأحرف فلا يجب أن نعلمهم الأحرف أولا وأصواتها كما نفعل الآن في المدارس. ويمكن أن تكتب كلمات على لوح تتغير الكلمات بتغير آخر حرف فيها أو أول حرف .
      3- مساعدته بالذكاء البدني /الحسي:
      وهؤلاء يحتاجون لأن يكتبوا فبل القراءة. لا بد أن يستخدموا أبدانهم لصنع الكلمات قبل قراءتها. أتيحي لهم فرصا لرسم الكلمات والأحرف بالألوان وصنعها بالصلصال والطين والأسلاك والحبال الخ.
      4- مساعدته بذكائه الموسيقي:
      لحني الأحرف وغني لهم القصة أو الشعر ويمكن أن تظهر الأغنية على الباور بوينت أو على لوح وهي ملونة وتصحبها صور .
      5-مساعدته اجتماعيا:
      وهذا يكون بتعلمه القراءة في جو تفاعلي وبأنشطة جماعية وبأن يعلم الأصغرَ منه وبتمثيليات جماعية يمثل كل طفل فيها حرفا .
      6-مساعدته على القراءة ذاتيا أو بذكائه الذاتي:
      وهذا الطفل يحتاج لمكان هادئ ليقرا وحده وبسرعته وبدون ضغط ولعله يود أن يحتفظ بدفتر لكلماته المفضلة
      7- مساعدته بذكائه البيئي:
      بأن يقرا في المكان الذي يشوقه والموضوع الذي يشوقه فلعله يحب القراءة عن الحشرات والفراشات والدلافين الخ ولعله يحب القراءة تحت شجرة أو بجوار نبع ماء الخ أو لعله يجمع من البيئة ما يشبه الأحرف التي يراها بعينيه في الفصل .
      8-بالذكاء الفراغي:
      بتحويل الأحرف إلى أشكال جميلة بالألوان التي يفضلها الطفل أو بكتابة الكلمة بشكل يناسب معناها إن أمكن أو بإظهارها على الباور بيونت ملون، وتومض وتتحرك وترتفع وتنخفض الخ

      أرجو ملاحظة أن مجموعة من الأنشطة السابقة يمكن أن تتم مع بعضها فيمكن أن تعلم بنشاط واحد أن تستخدم عدة ذكاءات للطفل وبالتالي تصل إليه بعدة أنظمة رمزية وعدة جسور وعدة نوافذ.



      فماذا عن جدول الضرب؟ كيف نوصله للأطفال بذكاءاتهم المتعددة؟
      1- بذكائهم اللغوي:
      وهؤلاء يتعلمون بالقراءة والكتابة والتحدث واعطائهم مسائل رياضية لحلها مكتوبة على اوراق مثلا كما يمكن لهم ان يضعوا مسائل ويقوموا بحلها

      2- بذكائهم المنطقي/رياضي:
      استخدم حصى وأعواد ثقاب مثلا وأعد مواقف يقوم الطلاب فيها بتجميع تلك الأعواد في ثنائيات أو ثلاثيات الخ ودعهم يكتشفون قواعد الضرب بأنفسهم فمثلا 3 أكوام من الحصى وفي كل كومة 4 حصوات وهكذا.ودعه يقوم بتوثيق اكتشافاته بنفسه .
      أو قدم له أرقاما : 3-6-9-12 الخ ودعه يكتشف النمط السائد هنا مثلا

      3- بذكائهم الفراغي أو الصوري:
      تكتب الأرقام من 1-100 على عدة لوحات كبيرة أو أوراق كبيرة بشكل رأسي أو أفقي ثم يلون الطالب الأرقام 2-4-6-8-10-12 الخ بلون والأرقام 3-6-9-12-15 الخ بلون مختلف والأرقام 4-8-12 الخ بلون مختلف وهكذا. وهذا نموذج فقط ويمكن استخدام الصور والأشكال وغيرها


      4- بذكائهم البدني/حسي:
      عند قراءة 2-4-6-8 يصفقون مثلا وعند قراءة 3-6-9 الخ يقفزون وهكذا

      5- بذكائهم الموسيقي:
      يمكن أن يغنيَ الأطفالُ جدول 2 بلحن معين وجدول 3 بلحن مختلف وهكذا ويمكن استخدام الموسيقى والصوت الإيقاعي بطرق مختلفة
      6- بذكائهم الاجتماعي:
      اخترع العابا جماعية تمكنهم من استخدام جدول الضرب بشكل تفاعلي بينهم فيمكن مثلا أن يعلم أحدهم آخر جدولا والآخر يعلمه آخر أو يمكن أن يقسم الفصل إلى مجموعات وعلى كل مجموعة أن تحفظ جدولا من الجداول بطريقة جديدة يتم شرحها لبقية المجموعات بعد ذلك

      7- بذكائهم الذاتي:
      قدم مسائل للطلاب على أن يعمل كل طالب وحده ويقيّم نفسَه بعد ذلك بمعايير يضعها هو مثلا

      8- بذكائهم البيئي:
      باستخدام زهور وأوراق اشجار وارانب مثلا يتم إفهامهم مفهوم الضرب