شخصيات من بلادي ( شخصيات عمانية)

    • شخصيات من بلادي ( شخصيات عمانية)

      الحلقة الأولى (الشاعر راشد بن خميس الحبسي)

      بسم الله الرحمن الرحيم

      تزامنا مع شهر رمضان المبارك، وحرصا منا على أبراز دور العمانيين في إثراء الساحة الأدبية، والفقه والشرعية، فقد ارتأيت أن أقوم بنشر شخصية عالم أو أديب عماني كل يوم من أيام الشهر الفضيل وطيلة شهر رمضان المبارك، وذلك للتعريف بهم، ولإبراز دورهم الريادي على مستوى الساحة العمانية والعربية والإسلامية.
      وإن شاء الله ستكون أول شخصياتنا اليوم، وسأنشرها على شكل فقرات ليسهل على الجميع المتابعة.
      "طبعا المواضيع هذه منقولة من كتب ومجلات محليه"


      الشاعر العماني راشد بن خميس الحبسي
      اسمه الكامل راشد بن خميس بن جمعة الحبسي

      عاش الشاعر في أبان حكم اليعاربة (1034م-1154 هــ) وكانت فترة حكمهم فترة زاهرة في تاريخ عمان. وعلى عهدهم حاربوا البرتغاليين و
      أجلوهم عن مسقط، ثم أخذوا يطاردونهم في الخليج. تفرغ أئمة اليعاربة بعد ذلك لإشاعة الأمن وتحقيق الرخاء لأهل عمان. ويروي التاريخ أن قلعة " جبرين" تم بناؤها على عهدهم لتكون قصرا منيعا، وبعد إتمامها قرروا تحويلها لتكون مقرا للعلوم والفنون والصناعات العمانية.
      وباني القلعة الإمام ( بلعرب بن سلطان) كان رجلا كريما منفقا على العلم والعلماء، حتى أطلق عليه لقب" أبو العرب" لكرمه وبذله، وأصبح راعيا للعلوم والفنون والآداب، فانجذب إليه أصحاب المواهب والعلماء والأدباء، فقد وجدوا لديه المأوى والسكن والإعاشة.
      شب الشاعر راشد بن خميس ضريرا يتيما معوزا في قريته " عين بني صارخ" ورحل الشاعر إلى مقر الحصن وانخرط في الدراسة، وأصبح شاعرا أديبا. وقد قربه الإمام وبسط عليه عطاءه إلى أن انتقل إلى رحمة مولاه، وظل الحبسي بعد أن فقد مورده من هذا الباب، يعيش من ذكائه وأدبه وشعره في اليعاربة وغيرهم.
      شعر الحبسي : بخلاف ما يوجه إليه من انتقادات كولعه بالجناس واستعماله الغريب من عويص اللغة، وولعه بأبي العلاء المعري لدرجة مجاراته له في الأوزان والمعاني، فإن الحبسي شاعر متمكن من اللغة، والتصرف فيها، جيد الأوزان طرق بشعره كل أغراض الشعر.
      في المدائح النبوية، والمدائح اليعربية، وفي مدح القضاة والولاة، وفي مدائح الإخوان، وفي الهجاء، وفي الغزل، وفي المجون والمزاح، وفي المواعظ والحكم، وفي المراثي والتعازي.
      وللشاعر الحبسي ديوان محقق يقع في 550 صفحة مع تحقيقه وشرحه والتعليق عليه.


      يقول الشاعر معرفا بنفسه

      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      يا جاهلا هاك خبري انني رجل = أصون عرضي ولم أبخل بموجودي
      وانني من صناديد جحاجحة = تفوق فضلا على جميع الصناديد
      أبي من الأزد والأم الكريمة من = بكر بن وائل خير السادة الصيد
      [/poet]

      كيف ينظر معاصروه إلى شعره

      لنقرأ هذه الفقرات التي كتبها عنه سليمان بن بلعرب حيث يقول:-
      " إني وقعت على شعر رائق، حسن فائق، يروق الأبصار، ويطرب السامع، ويصغي إليه من أولى الفهم كل راء وسامع.......
      إلى أن يقول في نظم الشاعر:
      ........ الشاعر الأديب الزكي، الماهر الأريب الذكي، راشد بن خميس النزوي العماني، أعمى العينين بصير القلب، صاحب العقل الكامل واللب، الفقير من المال، الغني بذي الجلال........الخ"

      في مدح الرسول (ص)

      وقد بدأها بالغزل، كما هي عادة السابقين من الشعراء، يقول

      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      ميسي حياء فما في ذاك رغبي = ولا وصالك من همي ومن أربي
      ولا تظني نهتني عن زيارتكم= كراهة يا خيار الخرد العرب
      لكن تبدلت عن حال قد انقلبت = حالا دعتني إلى التوقير والأدب
      فصرت أردع نفسي عن غوايتها = ردعا لأنقذها من حفرة العطب
      وكلما رمت مدح الناس ملت إلى= مدح النبي الكريم المصطفى العربي
      محمد خير خلق الله قاطبة = أكرم به من نبي فاق كل نبي
      صلى عليه إله العرش ما خلعت = شمس وما غربت في باطن الحجب
      [/poet]

      وله قصائد عديدة أخرى في مدح الرسول (ص)، التمس بها الشاعر البركة والرحمة بشفيع الأمة وكاشف الغمة.


      قصائد مدح اليعاربة

      أسلفنا أن أئمة اليعاربة قربوا الشاعر إليهم وأجزلوا له الرعاية والعطاء، وجازاهم الشاعر بقصائد مدح كثيرة، تعكس مدى حبه لهم، واعترافه بأفضالهم، فقد مدح الإمام بلعرب بن سلطان بقصيدة سماها " الليثية" حيث وصف فيها جيوش اليعاربه وبأسهم، يقول فيها


      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      ومن إذا سار في جيش يضيق به = وسع البلاد ووسع السهل والقنن
      ومن إذا قال قولا قال أحسنه = أو جاد أخجل جود العارض الهتن
      ومن إذا ثار في الهيجاء يفعل في= أعدائه فعلة الجزار في البدن
      ومن إذا فاخر الأشراف في ملأ = شاعت مفاخره في الشام واليمن
      [/poet]

      الرسم بالكلمات


      ومن جميل وصفه للطبيعة، غب الأمطار، وقد اخضرت الأرض وضحكتن وترنمت بشدوها الطيور، وغنى المغني، ومادت الأغصان، إنها تحفة وصفية ليحفظها التلاميذ ويترنمون بها، استمع إليه يقول

      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      وهبت الريح أرجاء الهواء وقد = صحا فأضحى سراج الله وقادا
      وأشرق القفر بالعشب النضير وقد = كسا بأبراقه سهلا وأوتادا
      وأصبح الشجر المخضر من فرح = فوق الحذامير مياسا وميادا
      والعشب كادت توارى السائمات به = واخضر ثم استوى سوقا وأعوادا
      والواخدات تجوب القفر في شبع = تمشي فيطربها الحادي إذا نادى
      والخيل تصهل والطيار ساجعة = وتنشد الشعراء الشعر إنشادا
      والورق تشدو كشدو المطربين هوى = فوق الأشا تقطع الآصال والرادا
      وللكواعب تلعاب والسنة = يطربن بالسجع رهبانا وزهادا
      يفتن كل فتى مستيقظ فطن = وقد يفتتن للشجعان أكبادا
      كأنما الدهر قد عادت شبيبته = من بعد شيب وأبان الصبا عادا
      [/poet]
      هذه أسطر قليلة عن الشاعر اللغوي الفطن راشد بن خميس الحبسي، مع نماذج من شعره الجزل العبارة، القوي الباهر التعبير. ومن أراد الاستزادة فعليه بديوان " الحبسي" .
    • معلومات هامه يزودنا بها اخينا البواشق عن علماء عمانيون

      شاعرنا العماني راشد الحبسي صاحب ديوان الحبسي اول شخصيه عمانيه تشرفنا بمعرفه انماط من شعره

      نشكر اخينا البواشق علي جهده و في انتظار المزيد
    • شكرا لك أخي البواشق ...
      أحييك أخي البواشق على هذا المشروع الجميل...
      وتأكد بأننا سنكون متابعين جيدين لك باذن الله وسنشارك معك بالمعلومات اذا كانت متوفرة لدينا ...

      بارك الله فيك...
      وهمة عالية ونشاط جميل تشكر عليه ...

      تحياتي
    • الف شكر وتحية لك اخي البواشق

      دائما وابدا ما تفاجئنا بمواضيعك المتميزة والرائعة

      وخاصة عن هذا الشاعر العماني الذي كان له دور بارز في الادب العماني

      ننتظر منك الحلقات القادمة

      يعطيك الف عافية

      تحيااااااااتي اااااليك محملتا بعبق اااااالرياحين
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • قوس قزح، بنت عمان، ابن الوقبة والربيع
      شكرا أخوتي الكرام على التشجيع والمتابعة، فهذا ليس بغريب عليكم، وهذا ليس ببعيد عنكم، بل هو ما عهدناه منكم دائما، نشاط وهمة، مثابرة وعزيمة.
      بارك الله فيكم، ونفعنا الله بعلمكم.
    • الحلقة الثانية (العلامة نور الدين أبو محمد عبد الله بن حميد السالمي)

      العلامة نور الدين أبو محمد عبد الله بن حميد السالمي


      نسبه ومولده:-

      هو شيخنا الزاهد المجاهد علم الأعلام نور الدين أبو محمد عبد الله بن حميد بن سلّوم السالمي من بني ضبة، ولد الشيخ نور الدين السالمي ببلدة الحوقين من أعمال الرستاق عام 1286هــ.

      منزلته العلمية:-


      إشتغل في حال صباه بحفظ القرآن الكريم، ورحل إلى بلد الرستاق لطلب العلم الشريف وفي خلال كان مشتغلا بحفظ القرآن ومبادئ العلوم، ومتون الفقه، وقواعد اللغة، ومبادئ المذهب الإباضي في أصول الدين وكان رحمه الله آية في الذكاء والدراية وجودة الحفظ، فلم يسمع شيئا إلا علق بذهنه حتى حاز قصبات السبق في علم المعقول والمنقول، وأصبح مرجع الفتيا في البلاد ففاق شيوخه الذين أخذ عنهم العلم. وإذ كان في الرستاق في مستهل السابعة عشرة من العمر شرع في التأليف فألف كتابه الذي سماه بلوغ الأمل في الجمل وذيله بشرح يليق بشأنه فانتفع به عدد كبير من طلبة العلم في حياته وبعد مماته كما شرع في التدريس بمختلف الفنون طوال إقامته بمدينة الرستاق.
      وبعد ذلك رحل إلى بلدان الحبوس من شرقية عمان فأقام ببلدة المضيبي وتنصب للتدريس والإرشاد فأفاد عددا من الناس حتى أصبحوا من أفاضل عصرهم ثم واصل رحلاته إلى حضرة الشيخ المجاهد صالح بن علي الحارثي، لما يسمعه من أخبار عن هذا الشيخ من اهتمامه بنشر دعوة الإسلام والصداع بكلمة الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولما نزل نور الدين بلدة القابل أحله الشيخ صالح محل الترحيب والاحترام، فاستقر بها بعد تلك التنقلات. هنا صرف همته لنشر العلم تأليفا وتدريسا فتوافد إليه عدد من شباب عمان المتعطش إلى ارتشاف منهل العلم والثقافة، وتفقه عليه كثير منهم علما وورعا وزهدا وكمالا.
      ولا مغالاة إذا قلنا أن أغلبية علماء وفضلاء القرن الرابع عشر الهجري من ثمار غرس ذلك الحبر الجليل وانتشر به العلم في ربوع عمان بعد أن كثر الجهل فلا يرى مجلس نور الدين إلا عامرا بالعلماء وأهل الخير والفضل وضربت إليه رحمة الله وأكباد الإبل من شرق البلاد وغربها، ووردت إليه الفتاوى من الهند ومصر والمغرب فيجيب على تلك المسائل والرسائل بالجواب الفصل المستلهم من ثنايا الكتاب والسنة.
      كان رحمه الله إماما في القرآن وتفسيره. إماما في علم الحديث مشكلاته، إماما في الفقه بل وحيد زمانه فيهن إماما في علوم اللغة والمعاني والبيان والبديع، إماما في كل فن وعلم كان من الأئمة المجتهدين. قال في نظامه جوهر النظام:-


      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      لأنني اقفو الدليل فاعلما = لم اقتصر على مقال العلما
      فالعلماء استخرجوا ما استخرجوا = من الدليل وعليه عرجوا
      فهم رجال وسواهم رجل = والحق ممن كان حتما يقبل
      فنحن حيث أمر القرآن = لا حيث ما قال لنا فلان
      [/poet]

      منزلته في الأمة
      كان محبوبا معظّما عند الأمة كلها كما إليه انتهت رئاسة العلم وقوله هو الفصل ولا فرق في ذلك بين أمير ولا ملك ولا عالم وبين سائر الأمة.

      صفاته:-

      كان رحمه الله ضريرا، قوي الذاكرة في منتهى الذكاء والفطنة كثير الصلوات في الخلوات يتلو كل يوم لا أقل من سبع القرآن لا يفتر عن الذكر لله والعبادة فهو دائما مع الله في حركاته وسكناته كثير الحياء عزوفا عن الدنيا وأهلها، هينا لينا متواضعا محبا للمساكين حسن الأخلاق جوادا سخيا من رآه كأنه رأى بعض الصحابة، وكأنما النور يخرج من وجهه.
      وجعل علم الإسلام خفاقا وقد تم له ذلك فهو في مقدمة الذين أعلنوا البيعة للإمام الراشد سالم بن راشد. روي عنه انه كان يقول أتمنى ثلاثة أشياء، الإمام العادل، وإقامة حدود الله تعالى، وصلاة الجمعة، وبعد ذلك"( طبت يا موت وإن شئت فزر) وقد حقق الله أمنيته.


      شيوخه:-

      العلامة راشد بن سيف اللمكي، عبد الله بن محمد الهاشمي، صالح بن علي الحارثي، ماجد بن خميس العبري، جمعة بن سعيد المغيري.

      تلاميذه:-
      قال أبو إسحاق كثير لا نبالغ إذا قلنا أن رجال العلم اليوم بعمان جلهم من تلاميذه وفي مقدمتهم الإمام محمد بن عبدالله الخليلي، ومنهم الإمام سالم بن راشد والشيخ ناصر بن راشد والشيخ عامر بن خميس المالكي، والشيخ عيسى بن صالح الحارثي، وعبدالله بن محمد أبو زيد، وابن غابش وغيرهم كثير.

      مؤلفاته:-.

      1. بلوغ الأمل في الجمل
      2. أنوار العقول في الأصول
      3. بهجة الأنوار
      4. مشارق أنوار العقول
      5. صواب العقيدة
      6. نور الحقيقة
      7. شمس الأنوار في أصول الفقه.
      8. غاية المراد في الاعتقاد
      9. غاية الحقيقة لمن جهل الطريقة
      10. طلعة الشمس في أصول الفقه
      11. شرح الجامع الصحيح في الحديث
      12. مدارج الكمال نظم مختصر الخصال
      13. معارج الآمال شرح مدارج الكمال
      14. جوهر النظام
      15. تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان
      16. تلقين الصبيان
      17. العقد الثمين
      18. المنهل الصافي في العروض والقوافي
      19. شرح العمر يطيه
      20. الحجج المقنعة في صلاة الجمعة
      21. الحجج الواضحة في الرد على التلفيقات الفاضحة
      22. بذل المجهود في الرد على النصارى و اليهود
      23. اللمعة المرضية في أشعة الإباضية
      24. الحق الجلي في سيرة صالح بن علي.
      25. فيض المنان على قصيدة الراشدي
      26. ديوان شعر
      27. كتاب المناظيم
      28. كتاب الشرف التام شرح دعائم الإسلام.
      29. سواطع البرهان، رسالة صغيرة تتعلق ببعض تطورات العصر في اللباس وغيره جواب لبعض اهل زنجبار


      وفاتــــــــه:-
      توفي رحمه الله في ربيع الثاني لعام 1332ه عن عمر 46 عاما مضى رضي الله عنه إلى مولاه وقد ترك أثارا تشهد بجلاله قدوة وأبطالا ساروا بالأمة في مناهج السعادة علما وعملا فجزاه الله من العلم والدين والأمة أحسن الجزاء .
    • مشكووووووووووووووور يا البواشق على هذا الحلقات من بلادي العمانيه
      لستُ مجبوراً أن أُفهم الآخرين من أنا 00 فمن يملك مؤهِلات العقل والإحساس سأكـون أمـامهُ كالكِتاب المفتـوح وعليـهِ أن يُحسِـن الإستيعاب إذا طـال بي الغيــاب فَأذكـروا كـلمــاتي وأصفحــوا لي زلاتـي انا لم اتغير.. كل مافي الامر اني ترفعت عن (الكثير) ... حين اكتشفت... ان (الكثير) لايستحق النزول اليه كما ان صمتي لا يعني جهلي بما يدور (حولي) ... ولكن أكتشفت ان ما يدور (حولي) ... لايستحق الكلام
    • الحلقة الثالثة (أبو مسلم ناصر بن سالم بن عديم الرواحي)

      أبو مسلم ناصر بن سالم بن عديم الرواحي


      مولد الشاعر:
      ولد شاعرنا الكبير أبو مسلم ناصر بن سالم بن عديم الرواحي سنة 1277هـ، في قرية محرم من أعمال سمائل.

      نشأته ودراسته


      نشأ الشاعر في بلدة محرم مسقط رأسه وفي بيت له مكانة مرموقة وحظ وافر من العلم والأدب، فقد كان جده عبد الله بن محمد قاضيا أيام اليعاربة وكذلك والده سالم بن عديم كان قاضيا للإمام عزان بن قيس إمام عمان الذي نُصب عام 1285هـ.
      وفي بلدة محرم بدأ الشاعر دراسته، وهناك رافقه في الدراسة صديقه العلاّمة أحمد بن سعيد بن خلفان الخليلي وهو الذي ذكر الشاعر صحبته في نونيته التي مطلعها:

      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      تلك البوارق حاديهنّ مرنان = فمل لطرفك يا ذا الشجو وسنان

      [/poet]
      جمعت بين الصديقين علاقات وثيقة مبعثها الحب في الله والتعلق بالعلم والانقطاع إليه والإلتزام بآداب الصوفية في ممارسة أمور الدنيا ومناهج السلوك.

      الشاعر ورحلاته
      لم يطل مقام الشاعر في عمان إذ رحل إلى أفريقيا الشرقية وهو في العشرين من عمره وقد استقر به المقام هناك في عهد السلطان برغش بن سعيد، كما رحل والده أيضا إلى هناك بعد إمامة عزّان بن قيس وبقي الشاعر في زنجبار خمس سنين ثمّ عاد إلى عمان فمكث فيها خمسا ثم عاد بعدها إلى زنجبار.
      حظي شاعرنا بثقة حكّام زنجبار ونال مرموق المكانة وسامي المنزلة لديهم لاسيما لدى السيد حمود بن محمد بن سعيد بن سلطان والسيد حمود بن ثويني بن سعيد، وقد تولّى قضاء زنجبار.


      أستاذه

      يعتبر الشيخ محمد بن مسلم الرواحي أستاذه الذي لم يعرف له أستاذ سواه، لأنه اعتمد بعد ذلك على نفسه في تحصيل العلم حيث لجأ إلى أمهات الكتب ونفائس المصنّفات يستقي منها ما يريد، وظل يقرأ ويطالع حتى حظي بثروة علمية وأدبية ولغوية عظيمة استطاع بواسطتها أن يسهم إسهاما فعّالا في علوم الشرع والأدب واللغة، ولكنه نبغ في الشعر وسما فيه إلى أعظم مكانة.

      مؤلفاته

      كان الشاعر رحمه الله ثريا في إنتاجه غزيرا في مؤلفاته، فقد ترك لنا:
      1- النشأة المحمدية
      2- النور المحمدي
      3- النفس الرحماني لأبي مسلم
      4- نثار الجوهر
      5- السؤالات المحمدية
      6- ديوان أبي مسلم
      7- كتاب في التوحيد
      8- ألواح الأنوار وأرواح الأسرار
      9- كتاب في السياسة
      10- العقيدة الوهبية.
      11- شرح قصيدة للشيخ سعيد بن خلفان الخليلي في رؤية الباريء.
      وتعتبر قصيدته النونية من أشهر القصائد التي قالها أبو مسلم والتي جاء فيها:

      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      تلـك البـوارق حـاديهن مـرنان = فما لطرفك يا ذا الشجو وسنـان
      شقت صوارمهـا الأرجاء واهتزعت = تزجي خميسا له في الجو ميــدان
      تبـجسـت بـهزيم الودق منبعـقا = حتى تساوت به أكم وقيعـــان
      سقى الشواجن من رضوى وغص به = سر وجوف وغصت منه جرنـان
      وجلل السهل والأوعـار معتمـدا = ربوع ما ضم عندام وجعــلان
      يريق في الجـو منـه ريـق هطـل = في لوحة من سنــاء البرق ألوان
      إن هيج البرق ذا شجو فقد سهرت = عيني وشبّـت لشجو النفس نيران
      وصير البرق جفني مـن سحـائبه = يا برق حسبك ما في الأرض ظمآن
      [/poet]

      ولا تقل القصيدة (النهروانية) قوة في البلاغة وجزالة الأسلوب عن (النونية)، ومما قال:

      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      سميري وهل للمستهام سمـيـر = تنام وبرق الأبرقين سهيـر
      تمزق أحشاء الرباب نصــاله = وقلبي بهاتيك النصـال فطير
      تطاير مرفض الصحائف في الملا = لهن انطواء دائـم ونشـور
      يهلهل في الآفاق ريطا مـوردا = طوال الحواشي، مكثهن قصير
      [/poet]

      وفاته رحمه الله

      منذ نشأة أبي مسلم الرواحي الأولى وهو محب للعلم شغوف بتحصيله، وظلّ كذلك حتى وافته المنية في زنجبار وذلك في غرّة صفر من عام 119هـ عن سن تتجاوز السبعين عاما وبقدر محبته في نفوس الأمة الإسلامية كان الحزن والأسف على وفاته.
      رثاه المرحوم سالم بن سليمان بن عمير الرواحي بقصيدة قال فيها:



      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      إليك إليك عني يا دفـــار = فإنك لست لي أبـدا بدار
      مزجت السمّ في عسل مصفّى = لكل أخي حنـو واغتـرار
      أتيت محاسنا وطويت كشحـا = على كل الضياع مع الخسار
      [/poet]

      ثم قال:
      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      لقد منــت المرزأ والمرجى = إذا ضنّ الغيوث عن انحدار
      رحلت لدعـوة الرحمن عنا = وأبنـا بالتحقـق والأوار
      فيا رحم المهيمـن خير حبر = ولقّانـا بـه في خير دار
      [/poet]
    • تسلم أخي البواشق...

      معلومات جميلة واختيارك للأعلام موفق أيضا...

      ما نعرف كيف نوفيك حقك من الشكر سوى أن ندعو الله لك أن يوفقك ويكتب هذا العمل الجميل في ميزان حسناتك يا رب ...

      آآآآآآآمين ...
    • [TABLE='width:70%;'][CELL='filter: shadow(color=sandybrown,direction=135);']
      الحلقة الرابعة (صالح بن علي بن ناصر الحارثي)
      [/CELL][/TABLE]


      [TABLE='width:70%;'][CELL='filter: shadow(color=sandybrown,direction=135);']
      مولده ونشأته
      [/CELL][/TABLE]

      [TABLE='width:70%;'][CELL='filter: shadow(color=sandybrown,direction=135);']
      ولد الشيخ صالح بن علي بن ناصر بن عيسى بن صالح بن عيسى بن راشد الحارثي في حديقة مضوت بالمضيرب. وذلك في سنة 1250هـ، استشهد والده في معركة في بلدة سيوي (مدينة في الصومال وهي تابعة في الوقت الراهن لدولة كينيا) في أفريقيا أثناء قيادته أحد جيوش السلطان سعيد بن سلطان ضد القبائل الخارجة عن طوع السلطان. وكان جده أيضاً قد استشهد في معركة قادها في عهد السلطان السيد سعيد بن سلطان في شمال الشرقية، وذلك قبيل ولادته.
      أما أمه فهي من السمرات وكان لها فضل في نبوغ الشيخ صالح إذ بذلت كل ما في وسعها لتربيته التربية الجسمية والذهنية الصحيحة ويذكر أنها وفرت له مربية معروفة بطلاقة اللسان وقوة البلاغة والمنطق.
      تربّى على يده جده عيسى الذي كان رئيسا على قومه الحرث فتعلّم منه القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة غير أن جدّه توفي عنه وهو لا يزال في الثامنة من عمره.
      وكان وهو في هذه السن يذهب بصحبة أخيه ناصر إلى مسقط لتهنئة السلطان سعيد بن سلطان (كلما قدم إلى أرض الوطن) حيث جرت العادة عند العمانيين بأن يقوم الشيوخ والزعماء بزيارة السلطان عندما يعود من زنجبار-. وأثناء إحدى المقابلات أراد السلطان أن يختبره فسأله أن يلبس بدلا من خنجره الفضي خنجرا مطليا بالذهب غير أنه رفض، ثمّ سأله عن اسمه فقال له اسمي عامر، فقال السلطان أنا اسميك صالح فوافق على هذا الاسم وأصبح اسمه صالح منذ ذلك الحين، ثم قال له: (أنتم أولاد علي بن ناصر، النار تخلّف رمادا) فأجابه على الفور: (نار الكرب تخلف رمادا غير أن نار السمر تخلّف جمرا) فاستغرب السلطان من إجابته وتنبأ له بمستقبل زاهر.
      دراسته
      درس في فترة طفولته القرآن الكريم ومبادئ اللغة العربية على يد نخبة من المعلمين في بلدة (القابل) وبعد أن نضج واتسعت مداركه، سعى رحمه الله إلى تطوير قدراته في المجالات السياسية والعسكرية، فبدأ يبحث عن الرجل المتمكن من هذا العلم، وبعد التقصي وجد ضالته المنشودة في الشيخ العلاّمة سعيد بن خلفان الخليلي المقيم في بلدة بوشر من أعمال مسقط، فشدّ الرحال إليه.
      وقد ذكر لولده عيسى بن صالح وقائع المقابلة التي تمت بين الطرفين على النحو التالي (ذهبت إلى الشيخ طالبا للعلم، وهو يعرض عني، وبقيت أياما أتردد بين بيته ومسجده، فلما رآني صابرا أعطاني كتابا وقال: اقرأ هذا الكتاب فإذا فرغت منه فأتني به، وبلغني أنه قال: إن هذا الولد من بيت شرف فإن كان طلبه لله فلن يستنكف من معاملتي له وسيرجع، وإن كان طلبه للدنيا فلن يرجع لأنّه يرى في ذلك إهانة له) وأضاف: (لمّا رأى مني اجتهادا أقبل علي اقبالا كليا، وقربّني منه فنلت خيرا كثيرا).
      ولما كان يتتلمذ على الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي كان الشيخ يسأله دائما عم أحلامه فيقول: (لم أر شيئا) وبعد فترة قال الشيخ صالح: (رأيت في المنام أنّك تَفلْتَ علي ببزاق) فقال الشيخ سعيد (قرِّب ركبتك من ركبتي) مفسرا هذه الرؤيا بأنّه سيكون خليفة له في العلم.
      [/CELL][/TABLE]


      [TABLE='width:70%;'][CELL='filter: shadow(color=sandybrown,direction=135);']
      شجرة نسبه
      [/CELL][/TABLE]

      [TABLE='width:70%;'][CELL='filter: shadow(color=sandybrown,direction=135);']
      ذكرت كتب التاريخ أنّ جده راشد بن سعيد كانت تؤول إليه رئاسة الحرث، وكان يسكن سفالة إبرا، وقد بذل جهدا لإحياء تراث عمان، فأمر بنسخ الكتب ، وكان قاضيا لإبرا حيث أمر ببناء مسجد فيها. وقد رزق ناصر الذي أكرمه الله بإنجاب الزعيم الإمام المحتسب صالح بن علي.
      [/CELL][/TABLE]


      [TABLE='width:70%;'][CELL='filter: shadow(color=sandybrown,direction=135);']
      أولاده
      [/CELL][/TABLE]

      [TABLE='width:70%;'][CELL='filter: shadow(color=sandybrown,direction=135);']
      (عيسى)
      ولد في اليوم الثالث والعشرين من شهر ذي القعدة سنة 1290هـ وتوفي في اليوم السابع من شهر ربيع الآخر سنة 1365هـ على إثر وعكة صحية ألمّت به في الظاهر حيث ظلّ مريضا حتى وافته المنيّة، ومن الظاهر حمل على الأكتاف إلى القابل مسقط رأسه.
      وقد رثاه شعراء عصره ومنهم جمعة بن سليم بن هاشل الحارثي ومما قال:
      مضى في سبيل الله عيسى بن صالح فطوبى له مستصحبا كل صالح
      مضى بمصابيــح العلوم وبالهدى وأخلاقه الغُرُّ التـي كالمصابح
      كان الشيخ عيسى بن صالح قائدا حكيما وكان مؤمنا صابرا، يعد أكبر إخوته سنا. تقلّد الشيخ عيسى منصب المشيخة على قبيلة الحرث بعد وفاة والده وكان في البداية يرفض قبول المنصب لأنّ والده أوصاه ألا يقبل منصب المشيخة بعد وفاته، فأصّر عليه الشيخ السالمي وأصدر عليه حكما شرعيا باتفاق من أسرته على تقديمه ولم يثبت الوصيّة، فانصاع لحكمه.
      انتهج الشيخ عيسى نفس سياسة والده، فقد كان وجيها ومحترما عند الناس، وكان سمح النفس جوادا كريما، حثّ العمانيين على الوحدة ونبذ الخلافات، من أهم إنجازاته التي تضاف إليه في التاريخ العماني توقيعه لصلح السيب والذي أدى إلى توقف المصادمات والمواجهات القبلية التي عانت منها عمان في ذلك الوقت.
      من مؤلفاته (الرد العزيز في أحكام الدريز)، و (رسالة في منع الإسقاط بالجوائح)، كما ألف كتابا كبيرا يحتوي على مسائل متنوعة.
      (عبد الله)
      الابن الثاني للشيخ صالح، كان زعيما مهيبا وقائدا مظفرا، نبغ منذ صغره فقاد الجيوش في حياة والده، وحقق الانتصارات، وكان ينوب عن والده في الصلح بين القبائل، وبتوفيق من الله نجحت أغلب مساعيه.
      وكان أيضا شاعرا لا يستهان به في ميدان الشعر، غير أنّه عاش عشرين عاما، وتوفي في السابع من ذي الحجة من سنة 1312هـ بعد مرض ألمّ به، فحزن والده على وفاته حزنا مريرا إلى درجة أنّه خرج للعيد من دون أن يغير ملابسه، وبينما هو في طريقه للمصلى عاد ثانية إلى بيته وهو يقول في نفسه (إذا سألك ربك لم خرجت لصلاة العيد دون زينة؟ أتقول له لأنك قتلت ولدي؟) واستغفر الله لذلك وغير ملابسه.
      (أحمد)
      كان مهابا مطيعا لوالده تحلى بجميل الصفات، توفي في الثامن من شهر محرم سنة 1322هـ ولم تَتَعَدّ سنة خمسا وعشرين عاما.
      (علي)
      كان سياسيا محنّكا، اتسم بالورع والتقوى، وكان لا يخاف في الله لومة لائم، كان من أشد المساندين لسياسة الإمام سالم بن راشد الخروصي، وأصبح في مقدمة رجالاته والمبعوث الرسمي للالتقاء برجالات وزعماء القبائل، توفي وعمره خمس وثلاثون عاما وذلك عند شروق الشمس سنة 1337هـ، وكان مصابه فادحا في قلوب الناس.
      زوجات الشيخ صالح بن علي الحارثي
      تزوج الشيخ صالح خمس زوجات وكان زواجه من كل واحدة لها أسباب وواع، نلخصها في النقاط التالية:
      1- الشجاعة والقوة التي يتمتع بها ولي أمر الفتاة.
      2- الأخلاق الحميدة المتميزة التي يتصف بها نسبها.
      3- العلاقات السياسية وتقوية الروابط مع القبائل المختلفة.
      4- علاقة النسب التي تجمعه بها.
      وزوجات الشيخ صالح كالتالي:
      1- تزوج من امرأة حجرية ولم ينجب منها وقد بقيت معه أربع سنوات وكان قد تزوجها بتوجيه من الإمام عزّان بن قيس.
      2- ثم تزوج سليمة بنت سعيد الصقري (وكان والدها عالما ورعا زاهدا في الدنيا ومن أعماله الوطنية أنه أجرى فلج عز من المنطقة الشرقية، كما كان زعيما على عشيرته)، بقيت مع الشيخ حتى وفاته، وقد أنجب منها الأمير عيسى وعزيزة وشمسة وعائشة. كانت سليمة امرأة حليمة وزاهدة تعرف قدر الناس وكان الشيخ صالح لا يستغني عنها وقد حصل بينهما سوء تفاهم، مما دعاها إلى أن تذهب إلى بيت والدها، فاضطر إلى أن يذهب لاسترضائها. كما كان لها الفضل في إنقاذه من الهلاك حين أهداه شخص عباءة مسمومة فأوجست منها ريبة ونصحته بأن لا يلبسها، وقد أخذ الشيخ بنصيحتها وقد جربت هذه العباءة على قطة فماتت وأصبحت هذه الواقعة يضرب بها المثل (أقطع من سم البشت).
      3- ثم تزوج موزة بنت جبر بن سعود الجبرية والتي بقيت معه حتى استشهد، أنجبت موزة عبد الله وأحمد وفاطمة وخديجة.
      4- ثم تزوج زهية بنت حميد الغفيلية التي أنجبت له عليا، وقد طلقها بعد فترة قصيرة. وكان زواجه منها من أجل تعزيز العلاقة مع والدها الذي كان زعيما محالفا لقبيلته.
      5- ثم تزوج بنت عمّه شنونة بنت حميد بن عبد الله الحارثي التي لم تنجب منه وقد طلقها في وقت مبكِّر غير أن العلاقة بينهما لم تشبها شائبة وهو الذي كتب وصيتها.

      أخلاق وشيم
      كان رضوان الله عليه كريما لا يبالي في الإنفاق ليس له اهتمام في جمع المال وادخاره، وقد أهداه أحد أصحابه ألفي قرش فضّة فوزعها من فوره على من كان بقربه.
      وبعد انتهاء إحدى الغزوات بقي لدى الشيخ سالم بن عمير المعمري (أمين الصندوق) ألف قرش فضة فأمره بأخذ ذلك المبلغ.
      في زيارة له لبداية تذكّر أنّه لم يدفع زكاة خنجره خنجره التي كان يلبسها فخلعها في ذلك الحين وأعطاها لمستحق (واسمه البليشي) وكان رجلا فاضلا ومن ثقاة الحجريين فقبلها ثم ردها إليه فلم يقبلها منه الشيخ صالح. وقد بلغت هذه القضية الشيخ سعيد بن خلفان فقال: (والله لا أدري أيهما أفضل).
      وقد كان من عادته أن يخرج بعد صلاة الظهر بالقرب من المسجد إلى أن يحين وقت صلاة العصر لحل مشاكل المتخاصمين وحين يقترب موعد آذان صلاة العصر لا يتوضأ ثانية، فأثار هذا الأمر انتباه الشيخ نور الدين عبد الله بن حميد السالمي الذي يبقى مع بقية طلبة العلم لقراءة القرآن الكريم وقال: (سبحان الله أنا وزملائي في المسجد نتدارس القرآن وأمور الدين وتأتينا أصوات الشيخ صالح بارتفاع وانخفاض والناس من حوله ألا تزلف من كلمة تبطل وضوءه) فبقي ملازما له، إلى أن توصل إلى أنه لا يخرج كلمة من لسانه عن دائرة الحق أبدا.
      كان مصدر رزقه الأموال التي يملكها في القابل كما كان يعتمد على الصدقات والزكاة التي ترد إلى بيت المال لأن الشيخ صالح محتسب منزلته منزلة الإمام وكذلك على المساعدات من بعض المؤيدين من زعماء القبائل وكبار الأغنياء أمثال السلطان حمد بن ثويني من زنجبار والسيد هلال بن أحمد البوسعيدي من أثرياء عمان، غير أنه يبقى أحيانا بلا قرش واحد، يذكر أن أحد الفقراء سأله قرضا فقال له (لو كان عندي مالا لما بقيت بين جدران القابل).
      إمام محتسب
      كان رحمه الله إماما محتسبا بمنزلة إمام الدفاع وهو منصب معروف في المذهب الإباضي، ولم يُرْوَ عنه أنه أقام حدا من الحدود ربما يعود ذلك إلى خطيرة ربما استوجبت إقامة الحد بخصوصها، حينما حاول رجلان من قطاع الطرق الهروب من السجن فأمر الجند بأن يطلقوا عليهما النار وقد تم ذلك بالفعل.
      تعلقه بالنخل
      كان مهتما بالنخيل، وفي كل صباح يتعهد مزارعه بالرعاية حتى في الأيام العصيبة يخرج وبيده آلة حديدية فيزرع ويقلِّم الأشجار ويأمر المزارعين بما تحتاج إليه النخلة من متابعة.
      دعاؤه المفضّل
      كان يحب هذا الدعاء ويردده في كل حين (اللهم نريد علوا في الآخرة ولا نريد فسادا) ولعلّه يشير إلى الآية الكريمة (إنما الدار الآخرة للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا).
      التذوق
      كان فلج القابل وإلى وقت قريب غير صالح للشرب وفيه شيء من الملوحة، وكان الشيخ صالح يستعذب ماءا من بئر تقع في شرق المضيرب تسمى بئر الحضاري فكان ينقل منها الماء إلى القابل على ظهور الإبل والحمير.
      لا ينسى الصداقة
      وكان الشيخ صالح لا ينسى أصدقاءه والمحسنين إليه ولا ينسى إخوته في الله.. يذكر أنه عندما كان في الصومال كانت تسكن بجواره عجوز طاعنة في السن وكانت متدينة تقوم قبل طلوع الفجر ويسمع الشيخ صوتها وهو يعلو بذكر الله ولما عاد إلى عمان أوصى لها بدراهم تحمل إليها بعد وفاته.
      ومن آثاره الطيبة في الصومال بناؤه لمسجد في مقديشو لا يزال باقيا ويطلق عليه مسجد الشيخ صالح.
      صلته بعلماء عصره
      لقبّه علماء عصره (بذي الجناحين) ويقصدون بذلك الرئاسة في العلم والسيف، وكان علماء عصره يحترمونه ويقدرونه ويعتبرونه المرجع في حل المشكلات، وكان مجلسه عامرا بهم، ومن جانبه يبادلهم الاحترام ويزورهم أينما كانوا ويستفيد من علومهم ويستمع لنصائحهم وآرائهم.
      ومن العلماء الذين التزموا بمجالسته الشيخ جمعة بن سعيد المغيري أحد أعيان المساكرة.
      ومنهم أيضا الشيخ حمد بن سيف البوسعيدي وقد كان عالما فاضلا له فتاوٍ مهمّة ولد في المضيبي في المنطقة الشرقية.
      ومنهم الشيخ سالم بن مانع الرحبي من بلدة سرور بالمنطقة الداخلية والشيخ محمد بن مسعود البوسعيدي من منح بالمنطقة الداخلية أيضا.
      ومن العلماء أيضا الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي والشيخ عبد الله بن محمد الهاشمي والشيخ راشد بن سيف اللمكي والشيخ محمد بن سليم الغاربي.
      كذلك اتصل ببعض العلماء بشكل بسيط من أمثال حمد بن سعود العبري والشيخ ماجد بن خميس العبري.
      وهنا نورد مقتطفا من الرسالة التي بعث بها الشيخ ماجد بن خميس العبري للشيخ صالح بن علي الحارثي:
      ( وما أصوب رأيك إذ غدوت تدعو إلى طاعة الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم.. اللهم إنا لدعائك أيها الشيخ سامعون ولله ورسوله وللمؤمنين في إقامة الدين مناصرون وبعهد الله الذي عاهدناه غليه من قبل موفون.. يا شيخ الإسلام انتهز هذه الفرصة في هذه الأيام وقم على بركات الله في هذا الأمر العظيم لإنجاز ما تعاهدتم عليه وتواثقتم عليه من التناصر لإقامة دين الله)

      علاقته بالسالمي
      بدت علاقة الشيخ نور الدين عبد الله بن حميد السالمي بالشيخ صالح بن علي الحارثي في أول أمرها على أنها علاقة تلميذ بأستاذ ثم تدرجت لتصبح علاقة حميمة بين صديقين يتفقان في نفس الهدف ويمكن توضيح هذه العلاقة وتطوراتها في النقاط التالية:
      - في البداية وبينما كان الشيخ صالح بن علي يزور صديقه راشد بن سيف اللمكي شدّه الذكاء المتميز الذي كان يتمتع به السالمي في ذلك الوقت فعرض على الشيخ اللمكي بأن يزور هذا الصبي في القابل فرحب الصبي بزيارته، وبعد أن وصل القابل فرح به الشيخ صالح فرحا شديدا واعتنى به وأعطاه كل ما عنده.
      - يمكن تشبيه الدور الذي كان يقوم به الشيخ السالمي في عهد الشيخ صالح بن علي بجهاز الإعلام الذي يقوم بتصويب الأخطاء والشائعات ونقل الحقائق للجماهير وذلك باستخدام الكلمة المكتوبة والمسموعة (عبر الإلقاء الشفوي) بالطريقة المقنعة. وقد تعرّض الشيخ صالح لمهاترات من قبل بعض الحاسدين أو الذين لم تتضح عندهم الرؤية الصحيحة لسيرة هذا الزعيم المخلص فقام بالرد عليهم وألّف في ذلك رسالة مهمة تتميز بسهولتها وقوة حججها معتمدا في أدلته على القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع الصحابة، وقد قسّم رسالته إلى ثلاثة فصول سنخلص فيما يلي أهم ما تناولته:
      1- الفصل الأول:
      وفيها يوضح وجوب ولاية هذا الشيخ على أهل مصره على جميع من بلغه فضله وعدله من الوجوه التالية:
      أ- كان أحد الأعلام العاقدين على الإمام عزان بن قيس وهذا إمام بالإجماع ومن تثبت إمامته بالإجماع تثبت ولايته بالإجماع.
      ب- دارت على هذا الشيخ فتوى أهل المذهب وأخذ الناس عنه دينهم فثبت بذلك ولايته عليهم.
      ج- هذا الشيخ مرجع للمسلمين في النوائب ومطمع نظر كل محق وصائب، فلا يرجو أحد من أهل زمانه إقامة عدل إلا على يديه ولا يجد الظلمة والمعتدون هيبة إلا به فهو من المحتسبين لإظهار الحق وإشهار الصدق منذ صغره إلى حال كبره لا يشك في ذلك أحد.
      ومن كان بهذه الصفة يجب على أهل مصره ولايته ويلزم القادرون منهم أن ينصروه وأن يعينوه كل حسب قدرته وطاقته.
      2- الفصل الثاني:
      ذكر منزلته ودرجته العلمية فوصفه محتسب وهو ثقة أمين عالم. قام مع الإمام رجاء ثواب آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر فله من الحقوق ما للإمام.
      3- الفصل الثالث:
      وضح فيه مجموعة من الأفكار الخاطئة التي روجها بعض المغرضين ورد عليها وهي على التالي:
      - استعانته على البغاة بقوم خونة معروفين بارتكاب الجرائم.
      التوضيح: يجوز الاستعانة بالأمناء وغير الأمناء ويستعان بأهل الفضل إن وجدوا والفاسقين مع الحاجات.
      - وجود الأحداث المحرّمة في جيشه شرعا نهب الأموال وقتل الأطفال وسفك الدماء بالباطل.
      التوضيح: صدرت تلك الأحداث ممن لا يقدر على منعه ولا على الإنصاف منه.
      - ترك المشورة في جميع أموره.
      التوضيح: لم يترك الشورى ولم يستبد بالرأي فهو يشاور في جميع أموره.. ومنذ صحبناه لم يغب عليه مثل ذلك، فإنه إذا أراد أن يؤسس أمرا دينيا في هذه الحروب أحضر أهل النظر من أهل المعرفة من خواص المسلمين واستشارهم فيما أراد أن يفعله فأنفذ رأيه إن وافقوه ورجع عنه إن خالفوه.
      كما أدلى الشيخ السالمي بشهادة في الرسالة حول رؤيته في منزلة الشيخ صالح بن علي جاء فيها:
      ( فقد قدح في سيرته قوم كان من الواجب عليهم الدخول في شأنه بموجب العدل والولاء وأن يكونوا من أنصاره وأعوانه على أنه أعلم أهل زمانه بالحلال والحرام وأعزهم حماية وأوفاهم رعاية للذمام وأتم حالا في أخلاق الكرام).

      الكتب التي أرخت لحياته
      هناك مجموعة من الكتب تناولت سيرة الشيخ صالح بن علي لكتّاب عرب وأجانب. غير أننا سنورد هنا ما قالته بعض كتب الأعلام، وأيضا ما ذكره مرتب كتاب عين المصالح الذي ألّفه الشيخ صالح بن علي.
      - جاء في معجم الأسماء العربية (الشيخ صالح.. علاّمة عماني من أبرز علماء التراث العربي في عمان له مؤلفات منها (عين المصالح في أجوبة الشيخ صالح) ونسبه يعود إلى الحجاز.
      - وذكر كتاب الأعلام لخير الدين الزركلي (صالح بن علي الحارثي فقيه إباضي من أعيان الدولة العمانية أخباره كثيرة مع الإمام عزان بن قيس والسلطانيين تركي بن سعيد وفيصل بن تركي. استشهد في إحدى وقائعه ودفن بسمائل).
      كما أشار مرتب كتاب عين المصالح إليه بأنه (وقف عمره على الدفاع عن حرمات الدين وجهاد البغاة المعتدين من الجبابرة والمفسدين وسارت بصيته الركبان واشتهر فضله في سائر البلدان وكان ذا غيرة على دينه شديدة ومفاخرة عديدة وخصاله حميدة سيدا جليلا، وقورا مؤيدا منصورا، مسددا بعيد الهمة عالي الصيت، ذا إقدام هائل كما وصفه القائل:
      ترى شخصه فوق السرير وإنه له همم فوق النجوم الثواقب
      فيمنحك المهيمن خير فتــح وتظفر في العواقب بالأجور).

      استشهاده
      خرج في يوم الأربعاء السادس من ربيع الآخر سنة 1314هـ ليوقف مجموعة خرجت عن الحق في سمائل فأصيب برصاصة طائشة في فخذه الأيسر الشريف، وقد لقي ربّه في عصر ذلك اليوم بعد أن أقّر الله عينه بنيل مطلوبه.
      وقد رثاه شعراء زمانه وبكته الأمة الإسلامية بكاءً مريرا، يقول الشيخ السالمي:
      وكم مجد علوت وكم علاء سموت وكم قمعت المعتدينا
      فمن للمجد بعدك والمعالي ومن للحكم بين المسلمينا
      لقد قضَّيتَ عمرك في مرام تقاصر عنه جلُ الأقدمينا
      أعطيت الشهادة وهي أعلى مقام ناله المتقربونا
      فإن نرزأ بمثلك يا همام فبالمختار قبلك قد رزينا
      لقد دُفنت بقبر أنت فيه خصال الأكرمين الأفضلينا
      جزاك الله عن ذا الدين خيرا جزاء المحسنين المخلصينا
      وفي قصيدة أخرى قال:
      لهفي أبا عيسى عليك ولم يكن لهفي بنافع
      ما إن رزئت بمثل فقدك في الأقارب والأشاسع
      كم حادث لولا مصابك ماله صبري بواسع
      وقال محمد بن شيخان السالمي:
      تبلج صبح الحق من مطلع الهمم فسبحان من أفنى به حلة الظلم
      وفاحت رياح النصر تنشر للورى غواليها كادت تقوم لها الرمم
      إذا رزق الله السعادة عبده أقام إلى إسعاده السيف والقلم
      ومن كان ميسور المساعي ولم يقم بأشرفها أهدى له العجز كلّ ذم
      وإن صد صاد والموارد حوله تكّرع في حوض التأسف والندم
      ومن بذل النفس النفيسة في العلى ولم يدرك المطلوب يعذر ولم يلم
      ومن يحيى مرعى للعدى آمنا رعوا ومهما أصابوا غرة منه يخترم
      لخصمُك داء في الحشى وعلاجه شراب الدما منه فعالج به الألم
      واشهد أن المجد شهد ودونه مكاره فاشهدهن والسم في الدسم
      وإنّ العلى مستحسن حيثما أتى ولا سيما إن جاء في طاعة الحكم
      أرى الناس أشباها ولكن تباينوا فتختلف الأثمار في اللوم والكرم
      فهذا جنى الدر الكريم وذا جنى سواه وكل عند ربك لم يضم
      وهل ظالم أرخى بذا العصر مفسد ونور بدا من صالح يكشف الظلم
      هو الليث في الدهما هو الليث في الوغى هو البدر في الظلما هو الدهر في الهمم
      فتى شبّ في مهد المكارم لم يقل نعم أبدا إلا وتتبعها نعم
      تلوح بروق الجود في سحب كفه فما اسُتسقيت إلا وتنسكب الديم
      وفيه خصال ليس يدرك كنهها تعالى بها والدر يمتاز بالقيم
      ففي تاجه العليا وفي وجهه التقى وفي كفه النعمى وفي سيفه النقم
      وأيده المولى بأشباله فهم كرام المساعي أبطن الجود والكرم
      [/CELL][/TABLE]
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • الحلقة الخامسة (الأديب محمد بن شيخان السالمي)

      ولادته
      ---------

      ولد الأديب محمد بن شيخان السالمي في قرية الحوقين من أعمال ولاية الرستاق سنة 1289هـ، ويكنى بأبي النذير


      نشأته
      ----------

      انتقل إلى الرستاق وبدأ في دراسة القرآن الكريم ومبادئ اللغة العربية، غير أنه أخذ يتعمق في الجوانب المتعلقة باللغة ومشتقاتها فدرس على يد الشيخ راشد بن سيف اللمكي.


      حياته العملية
      --------------
      ثم أخذ يدرس الطلبة فتخرج على يديه الكثير من العلماء كالشيخ عبد الله بن عامر العزري والشيخ محمد بن حمد الزاملي وغيرهم من العلماء.


      إنتاجه الأدبي
      ------------
      ترك لنا ديوانا شعريا، يتميز بغزارة المعنى، وتنوع المادة المطروحة، كما أنه يعتبر من أفضل الشعراء في عصره. ونستشهد في هذا المقام بقصيدته (لغة المرام من شعر الغرام):
      خليلي ما للنفس هاج غرامها وعاودها نيرانها واضطرامـها
      أما آن أن تستبقي المهجة التي عفا رسمها وجدا وطال هيامها
      أأحبابنا بنتم وأودعتم الحشا سرائر ود لا يطاق اكتتـامها
      فهلا رحمتم مغرما بهواكـم سهير جفون لم يزرها منامـها

      وللشيخ محمد بن شيخان قصائد تخميسية نورد على سبيل المثال:
      الناس هزلهم عرفتُ وجِدّهم ودريت ميلَهم إليّ وصــدّهم
      جربتهم فطفقت أشكو مدّهم (أشكو أناسا أضمروا لي ودّهم
      حتى إذا ملكوا قيادي جاروا)


      صفاته
      ------
      كان جهوري الصوت، يتميز بشخصية فذة، كثير الحفظ للأدب العربي، كما أنه يتميز بالذكاء والفطنة وسرعة الرد.


      وفاته
      ------
      توفي في الثامن عشر من شهر ربيع الأول سنة 1346هأ ببيت القرن بالرستاق.


      ** رحم الله مشايخنا وعلمائنا وجزاهم الله خير الجزاء ..
      كانوا كنوز عطاء وأنوار خير للبشرية ولكل طالب علم...
      وجعلنا الله خير خلف لخير سلف...


      وشكرا لأخي البواشق الذي أصر أن يكمل عمله ومشروعه الخير هذا حتى في غيابة عن الساحة حيث بعث لنا ببعض الحلقات لنبعثها بدلا عنه لنستفيد جميعا ...
      وهذه دعوة متجدده لكل من يملك معلومات ولو كانت بسيطة عن علماء عمان ومشايخها وشعرائها الذين كانوا نورا لعمان وسيبقون أبدا باذن الله...
    • االحلقة السادسة (سليمان بن حميد بن عبد الله الحارثي)

      ولادته
      ولد فارس الشرفاء سليمان بن حميد بن عبد الله بن محمد بن سليمان بن محمد بن عيسى بن راشد بن رجب الحارثي سنة 1270هـ- ببلدة المضيرب من أعمال ولاية القابل بالمنطقة الشرقية.

      نشأته
      نشأ وتربى في كنف والده الذي كان ضليعا بعلم الكيمياء واستخراج المعادن وله دراية واسعة بعلم الفلك وخاصة فيما يتعلق بالنجوم ولوازم الرصد ومعرفة الأوقات، بالإضافة إلى إجادته الهندسة والبناء والتعمير. وآثاره لا تزال قائمة في المضيرب، إضافة إلى ذلك فقد كان يقوم بمهام اجتماعية وسياسية من أجل صالح بلاده.
      عاش عَلَمُنا في فترة صباه بالمضيرب، وتربّى على مبادئ الفروسية واستخدام الأسلحة إلى أن ذاع صيته في البلاد فأطلق عليه الناس فارس الشرفاء. وفي هذا المجال يتحدث عن فترة تدريبه فيقول ( كان أبونا حميد يدربنا على الضرب بالسيف وكان يدخل عباءة من الصوف مملؤة بالماء فيوجهنا بضربها، وقد كان إخوتي يدحرجونها نتيجة الضرب ولما مسكت السيف ضربتها بانحراف فقطعت العباءة من غير أن تتزلزل أو تتحرك).
      عندما تمركزت بعض القبائل الوهابية في البريمي واحتلتها كان الشيخ سليمان بن حميد أحد القادة الثلاثة الذين قاتلوا قتالا مستميتا عن هذه المدينة العمانية وبارزوا قائد الوهابية بالسيف مع صفوة جنده فأردوه قتيلا، على الرغم من أن سنه لم يتجاوز العشرين.

      صفاته
      يمكن أن نعدد صفاته في النقاط التالية:
      الجود والسخاء
      كان جوادا، سخيا يجود بما يملك، يذكر بأنه سافر إلى زنجبار طلبا للرزق، واستقبله ابن عمه حميد بن سالم بن سليمان وكان الأخير غنيا، فأعطاه مالا، وبينما هو في الطريق التقى مصادفة بأحد العمانيين، فشكى له سوء حاله وأخبره بأنّ سفينته تحطّمت وأصبح لا يملك شيئا، فإذا به يقدم له المال الذي حصل عليه من ابن عمه على الفور.
      ومما يقول (لو سألني أحد قميصي الذي على ظهري وأنا في الطريق لاستحيت أن أرده فارغا ولكن لحسن الحظ أنه لم يتعرض لي أحد).
      ويروى بأنّ سفينة وصلت إلى زنجبار فاتفق راكبوها على أن يتوزعوا بين العمانيين لكي لا يثقلوا على شخص بعينه، غير أنهم لم يجدوا أصحابهم فالتقوا جميعا عند الشيخ سليمان، فعلّق بعضهم (أتطلبون له فضيلة أكبر من هذه).
      الشدة في الحق
      كان رحمه الله شديدا في الحق لا يرضى بالضيم ويحتقر المتكبرين والمتفاخرين، ويروي الرواة أنه لاحظ وهو في سفره إلى زنجبار أنّ أحد الراكبين يفتخر بقوة جسمه ويسخر من الآخرين، وكان يقدم يده للآخرين مبرهنا لهم أنه الأقوى، فمسكه الشيخ سليمان من رسغه ثم قال له: (الآن افتح يدك) فإذا الدم يتدفق من أطراف أصابعه.

      المحبة في قلوب الناس
      وأثناء غزوة البريمي (التي أشرنا إليها سابقا) احتاج الجيش إلى أوعية، فذهب مع مجموعة من الجند، فصادفتهم امرأة فأبدت استغرابا من صغر سنه، لكنها تعاطفت معه واستخرجت من الأرض الأوعية المخبأة خوفا من مضاعفات الحرب.
      وعندما عاد إلى عمان علم بوفاة (سعيد بن علي البرواني) في ولاية القابل ، فذهب معزيا من فوره، فإذا بصاحب العزاء يطلق مدفعا تحية لمقدمه وإعزازا لمكانته.

      محبا للعلم
      كان رحمه الله يزور العلماء ويقدرهم، وعندما سافر إلى الحج سنة 1319هـ التقى بالشيخ السالمي، فأخذ الشيخ السالمي يشرح له الدور الذي يقوم به لخدمة الإسلام وقد وعده بتخريج أكثر من خمسين عالما من عمان، وفعلا تحقق أمل السالمي فتخرج على يده كوكبة من العلماء والمشاهير.

      علاقته بالسلطان
      كان صديقا شخصيا للسلطان خليفة بن حارب سلطان زنجبار وتوجد بينهما مراسلات وخطابات. وقد أقام له السلطان خليفة بن حارب حفلة توديع عندما قرر العودة إلى عمان فقدم له سيفا منمقا بالذهب.
      كما كان يستقبل الضيوف ويهتم برعايتهم، ومما يذكر في هذا الجانب، عندما زار الشيخ سليمان بن عبد الله الباروني كان الشيخ سليمان في مقدمة مستقبليه ورحب بضيوفه ترحيبا خاصا، وأكرم وفادتهم، وقد أرخ العلامة سعود بن حميد لهذه المناسبة مشيدا بالشيخ سليمان وإخوته حيث قال:
      لبني حميد في الـورى كرم تأثــل بيننا
      أكرم بهم من سـادة وطنوا المجرة مسكنا
      قوم إليهم ينتهــي علم الأسنة والقنـا
      ولهم ظهور الصافنات مساكنا دون البنـا
      خَطَبَتْ منابر عزهـم إن الحماية عندنـا
      تروي لهم في المجــد آثار بها يقف الثنـا
      فإذا حللت بربعهـم تجد المحــامد تبتنا
      وعندما زار الشيخ سليمان بن حمير المنطقة الشرقية استقبله الشيخ سليمان بن حميد وفي ذلك أرخ العالم الكبير محمد بن سالم الرقيشي لهذه المناسبة فقال:
      انخنا في دار الضيـافة لم نـزل تساق لنا خيراتها بالمــواهب
      أقمنا بها يوما وعند صباحنــا قصدنا لدار الأكرمين الأطائب
      إلى فارس الشرفا سليمان وابنه وحمدون محمود اللقا في الكتائب
      من الكتاب الذين أشادوا بسيرته، الشيخ محمد بن عبد الله السالمي في كتابه نهضة الأعيان ومما وصفه به (كان هذا السيد من علو القدر وبعد الهمّة وجلالة المنزلة بحالة انفرد بها دون أقرانه فهو دهره أدبا وفضلا وكرما ومجدا وفروسية وشجاعة أما جوده وسخاؤه فحدِّث عنه ولا حرج).
      وكذلك أثنى عليه الشاعر الكبير أبو مسلم ناصر بن سالم بن عديّم في قصيدته النونية فقال:
      وأين يحمدها الحرث الكرام ففي عزائم القوم جنات ونيــران
      ضنائن الله أنتم لا يزال لــكم في نصرة الله صولات وسلطان
      وفيكم الأسد الكرار فارس شرفا ابن عمهـا الكـافي سليمـان
      السيد ابن حميد سيف سطوتكم ومن له في بنـاء المـجد أركان
      بحر المكارم غوث الخلق من شملت للكون من بره رحمى وإحسـان
      الباسل البطل المغوار من شهدت بطول يـمناه آبـاء وولـدان
      أهل بيته
      1- تزوج في زنجبار من قبيلته (غيثية).
      2- وفي عمان تزوج بشارة بنت حمد السمري، وقد ولدت له ناصرا وريا غير أنه طلقّها.
      3- ثم تزوج شمسة بنت صالح بن علي الحارثي وقد أنجبت له عبد الله وحمد ومحمد وأسماء.


      أولاده
      ناصر
      ولد في السنة الثالثة من القرن الرابع عشر الهجري، وقد عاش مع إخوته يتربى على ركوب الخيل وعلى الأخلاق الفاضلة وقد درس في مدرسة الشيخ السالمي القرآن الكريم والأدب والفقه والصرف.
      كان ناصر أمينا يتلقى الأمانات التي كان يبعثها والده من زنجبار فيوزعها على أصحابه.
      كان شديد الغيرة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سافر إلى إفريقيا ولكن لمدة قصيرة. وافته المنية بشكل مفاجئ في سنة 1347هـ.
      عبد الله
      يصغر ناصر بشهور. كان عبد الله أمينا مضيافا، لعب دوراً كبيراً في خدمة مصالح العمانيين في زنجبار. عين رئيسا للجمعية العربية في زنجبار، كما أوفد ممثلا عن العرب إلى بريطانيا للمدافعة عم حقوق العرب. وكان حافظا لأخبار العرب وسيرتهم وله معرفة واسعة بتفسير القرآن الكريم العظيم. قضى أغلب حياته في زنجبار، وفي السبعينات من القرن الرابع عشر الهجري طرد من زنجبار وسلبت أمواله وأصيب كغيره من العمانيين بالإهانة والتجريح وعاد إلى عمان. وبعد عودته أخذ يتجول في ربوع الدول العربية فزار الكويت والإمارات والسعودية والهند ومصر. حتى توفاه الله في أبو ظبي في سنة 1391هـ عن عمر يناهز التاسعة والثمانين.


      وفاته
      توفي الشيخ سليمان بن حميد سنة 1354هـ في المضيرب، وبعد وفاته رثاه الشعراء بأحر التعازي ومن هذه القصائد قصيدة للشاعر الفصيح جمعة بن سليم الحارثي.
      قـد جـلّ ما حـل ومـا عظـما فليتك دمع عيون العالـمين دمـا
      وليُقبـل الـحزن للألباب معتزمـا ويدبرُ الصبر للأعقـاب منهزمـا
      ويلبس الكون أثواب الأسى أسـفا ويبرز الصبح بالظلمـاء ملتثمـا
      عم الأسى فتسـاو الناس فيه فـذا باك وذاك تراه كـاضما وجمـا
      أودى سليمان بحرُ الجـودِ مَـن يده بالبذل أخجلت الداماء والديـما

      أودى سليمان بدر الفضل من نجمت له الفضائل في آفاق كـل سـما
      قد كان يطعم ذا ضـر ومســغبة ويشتفي بنداه ذو جـوى وظـما
      أودى الذي كان فردا فـي محاسنه يستقبل الناس طلق الوجه مبـتسما
      أخلاقـه مشرقـات مثـل غرتـه كـأن غرتـه كـانت لـه شيـما
      بـر حليـم قـدير واضـع يـده على الإساءة بالغفــران والقـدما
      نأوي به أبدا مـن حسـن سيرتـه بجنة تثـمر الـمعـروف والديـما
      ونهتدي بليال الخـطب منه بـذي مصباح رأي يجلي الخـطب والظلما
      إمـام مـجد بـه يأتـم طالبـه إن سار متئدا أو ســار معتــزما
      قـد كان ساقا عريقا بالصلاح نما فهوى به هـادم اللـذات فـانحطما
      وركن عز لـذي ذل يلـوذ بـه الجاه ريب الردى فانهـار وانـهدما
      غال الزمان به الآداب أجـمعها والعلم والحلم والقرطـاس والقـلما
      من كان لا يسأمنّ العيش صحبته فليبـدأن ّ بعيـش بعـده السـأما
      حق على كل من صح الوفاء لـه وعاش من بعـده أن يلبس السقـما
      ويصحب الدهر بالأحزان مكتئبا للروح مطرحـا للـكرب ملـتزما
      من يصحب الدهر مغترا بصحبته وغاله دهره المصحوب لا جــرما
      فالدهر ذو الغدر لا يبقي على أحد حالا ولا أحـــد من غدره سلما
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • أؤلئك اشياخي فجئني بمثلهم...إذا جمعتنا يا جرير الجحافلُ

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      بداية اشكر الاخ الكريم البواشق العضو النشيط على هذه البادرة الطيبه فشكر لك وجزاك الله خيرا

      في الحقيقة ان التاريخ العماني حافلٌ بالعديد من الشخصيات والاعلام البارزين وهم اشهر من النار على العلم

      وانه يبغي للمسلم ان يتتبع اخبار اسلافه لكي يقتفي من آثارهم الطيبه ويعلم سيرتهم


      وجميل أن نرى من يجدد عهود هؤلاء الاعلام الكرام

      واشكر ايضا بدوري الاخ ابن الوقبة والاخت الكريمة بنت عمان على المساندة

      فلكم مني اجمل تحية واصدقها ولكم عرفاني الخاص وامتناني جزاكم الله خيرا
    • لا شكر علي واجب اخي المهاجر 4

      بارك اللة فيك واحسن اليك


      لك مني احلي وارق تحية

      يعطيك الف عافية
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • الحلقة السابعة (الشيخ عامر بن خميس المالكي)

      الحلقة السابعة (الشيخ عامر بن خميس المالكي)

      مولده ونشأته
      هو الشيخ العلاّمة أبو مالك عامر بن خميس بن مسعود بن ناصر المالكي الشرياني نسبة إلى شريان بن شاري بن يحمد ويجتمع ببني خروص في يحمد وذلك على ما نقل عن الشيخ حمد بن سليمان الخروصي.. ولد في وادي بني خالد بالمنطقة الشرقية ما بين 1280هـ-1282هـ.

      أعماله
      لقد أدّى العلاّمة أبو مالك عامر بن خميس المالكي دوره وأخلص لرسالته في عهدي الإمامين الخروصي والخليلي، وقد تولى منصب قاضي القضاة في نزوى كما كان يقوم بإدارة أمور المسلمين في نزوى حين يخرج الإمام إلى الجهاد أو متابعة شؤون البلاد.
      وحين أحس الشيخ المالكي بالغربة، فاعتزل عم العمل في نزوى لم يمنع ذلك من تكليف الإمام له بأن يتولى إدارة القضاء بالشرقية، وكانت أوامر الولاة وأحكام القضاء تصدر عن رأيه، وحين استشهد الإمام الخروصي كان هو أول من بايع الإمام الخليلي.

      أخلاقه وصفاته
      من أهم ما يوصف به الشيخ العلامة أبو مالك الصرامة والقوة والصدق وعش
    • الحلقة السابعة (الشيخ عامر بن خميس المالكي)

      الحلقة السابعة (الشيخ عامر بن خميس المالكي)

      مولده ونشأته
      هو الشيخ العلاّمة أبو مالك عامر بن خميس بن مسعود بن ناصر المالكي الشرياني نسبة إلى شريان بن شاري بن يحمد ويجتمع ببني خروص في يحمد وذلك على ما نقل عن الشيخ حمد بن سليمان الخروصي.. ولد في وادي بني خالد بالمنطقة الشرقية ما بين 1280هـ-1282هـ.

      أعماله
      لقد أدّى العلاّمة أبو مالك عامر بن خميس المالكي دوره وأخلص لرسالته في عهدي الإمامين الخروصي والخليلي، وقد تولى منصب قاضي القضاة في نزوى كما كان يقوم بإدارة أمور المسلمين في نزوى حين يخرج الإمام إلى الجهاد أو متابعة شؤون البلاد.
      وحين أحس الشيخ المالكي بالغربة، فاعتزل عم العمل في نزوى لم يمنع ذلك من تكليف الإمام له بأن يتولى إدارة القضاء بالشرقية، وكانت أوامر الولاة وأحكام القضاء تصدر عن رأيه، وحين استشهد الإمام الخروصي كان هو أول من بايع الإمام الخليلي.

      أخلاقه وصفاته
      من أهم ما يوصف به الشيخ العلامة أبو مالك الصرامة والقوة والصدق وعشقه للوطن وحبّه أهل بلده، كان أيضا قوي البنية طويل اللحية بارز البطن شجاعا جسورا لا يشق له غبار.

      أساتذته
      تلقّى العلم على أيدي علماء فطاحل كانوا بمثابة شموس أشرقت على سماء عمان، حيث أخذ العلم عن الشيخ العلامة سعيد بن علي الصقري والشيخ العلامة صالح بن علي الحارثي والشيخ العلامة نور الدين السالمي رحمهم الله جميعا.

      تلاميذه
      محمد بن سالم الرقيشي وسعيد بن أحمد الكندي وسعيد بن ناصر السيفي وسعود بن سليمان الكندي وسعود بن عامر المالكي، وغيرهم.
      عاد إلى بدية من جراء سوء المعاملة والجفاء التي لقيها من أحد تلاميذه، فقال بعض أبيات نوردها فيما يلي:
      إني أقول كما قال الذين مضـوا صبرا جميلا فيا طوبى لمن صبـرا
      كفوا الملام فحسبي من ملامتكم والله يكلأنا من كل من مكـرا
      ستعلمون غدا قدري ومنزلتـي إذا تكشف ما قد كان مستترا
      (إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا أن لا تفارقهم لومت من قدرا)
      ولعله تأثر بقول أبي الطيب:
      إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا أن لا تفارقهم فالراحلون هم

      مؤلفاته
      ألف عدة كتب أهمها:
      - (غاية المرام في الأديان والأحكام):
      في أربعة مجلدان نظم، تزيد على 22 ألف بيت جمع فيها أصول الشريعة وفروعها، وهي غاية في الإفادة ذات نظم سلس ومعانٍ بديعة.
      - (غاية المطلوب في الأثر والمنسوب):
      جمع في هذا الكتاب آثار الأوائل المتقدمين مقرونة بشواهدها من الكتاب والسنة والإجماع.
      - (غاية التحقيق في أحكام الانتصار والتغريق):
      ابتدأ أدلته من الكتاب والسنة وبسط القول في أحكام عمر بن الخطاب رضي الله عنه (على ولاته وقضاته)، وقد قسّمه إلى مقدمة وأبواب وخاتمة.

      وفاته
      في أواخر الليلة الخامسة من شهر رمضان المبارك من سنة 1346هـ توفي العالم المجتهد أبو مالك عامر بن خميس المالكي وكانت وفاته رحمه الله في نزوى وبها دفن أيضاً.


      ** رحمه الله تعالى ..
      ونفع بعلمه وكتبه كل مجتهد وطالب علم وانه ليحزنني فعلا أن تلد عمان مثل الشيخ عامر بن خميس ولم ندرس عنهم كما درسنا عن نابليون وهتلر !!!!
      الله المستعان
    • الحلقة الثامنة ( الشيخ عبد الله بن محمد بن رزيق الريامي)

      ولادته
      ولد الشيخ العلامة أبو زيد عبد الله بن محمد بن رزيق الريامي في ليلة الجمعة الخامس من شهر رمضان المبارك من سنة 1301هـ، وكانت ولادته في تنوف الواقعة على سفح الجبل الأخضر وقيل في ازكي.. ولكنه انتقل مع أبيه وعمه إلى إبرا بالشرقية حيث يقومان بتعليم القرآن الكريم. وفي إبرا يموت أبوه فتربى في عناية عمه ثم انتقل إلى ازكي واتخذها وطنا، وكان آباؤه وأجداده يتخذون العين في قمة الجبل الأخضر وطنا لهم ثم انتقل منها جده سليم إلى ازكي.

      تلميذ ثم أستاذ
      يقول الشيخ عن نفسه (كنا نخرج أنا وأخي من منزلنا في الصباح ولا نعود إلى المساء، نذهب داخل البلد وكلما وجدنا حمارة أو شيئا من الحيوان التي تركت أطلقناها وقمنا نتجول عليها داخل البلد.. وذات يوم أمسكني أحد المرشدين قائلا لي: لك أحد الأمرين إما أن تذهب إلى بلدة القابل بالمنطقة الشرقية لتتلقى العلم مع الشيخ العلامة نور الدين السالمي، وإما أن تذهب إلى فلان الصائغ).
      توجه أبو زيد إلى الشرقية حيث تتلمذ على يد علامة عصره الإمام نور الدين السالمي فأخذ عنه أصول اللغة العربية وأصول الفقه وفروعه وصار من أكبر تلاميذه وأصبح له قدر كبير حيث طالت تلمذته له.
      بعد ذلك رجع أبو زيد إلى وطنه ازكي وذلك عام 1328هـ، حيث أقام هناك مجلسا للتدريس وذلك بمسجد الحواري فتعلم على يديه جمع عظيم أكبرهم (الشيخ محمد بن سالم الرقيشي).
      من أعمال أبي زيد في بهلا
      تولى أبو زيد للإمام سالم بن راشد الخروصي القضاء على ولاية ازكي ثم أصبح واليا على بهلا وظل حتى وفاة الإمام سالم بن راشد وحين صارت الإمامة إلى الإمام الخليلي أقره على ولاية بهلا وتولى وظيفتي الولاية والقضاء وبقي حوالي ثلاثين عاما.
      أعمال العلامة أبي زيد في بهلا:
      1- رعى المساجد.
      2- عني بإصلاح الطرق وتمهيدها.
      3- خصص عاملا يقوم على الآبار.
      4- عمّر ثلاثين بئرا للزجر.
      5- قام بكسوة فقراء المسلمين وأطفالهم من بيت المال لما وقع الغلاء في أثناء الحرب العالمية .
      6- رعى الأفلاج وأمر بخدمتها وأنشأ بعضا منها.
      7- زرع قصب السكر لبيت المال على أنه لم يأخذ منه لنفسه قط.
      8- زرع خمسمائة نخلة خلاص لبيت المال، ومن أنواع النخيل الأخرى سبعة آلاف نخلة.
      9- قام بشراء آلة الحرب من سلاح ورصاص، وقد وجد في بيت المال بعد موته فوق ما كان متوقعا.
      صفاته
      من أهم ما يوصف به الشيخ العلامة أبو زيد التواضع والتحرج مع بسالة وشجاعة وقناعة، فهو يساعد الخدم بيديه وهو ينظف سواقي بيت المال من الطحالب بيديه وهو يجلس على التراب أو يفترش الخيش وهو لم يقبل هدية من أهل ولايته بل امتنع عن شرب الماء من بيوتهم. وهو مقتصد في المأكل والملبس والإنفاق وهو الشديد إذا عاقب، روي أن الشيخ عيسى بن صالح الحارثي أشار للإمام الخليلي بسجن أحد الأشخاص ببهلاء قائلا: لا يوجد مؤدب مثل أبي زيد. لازم الاعتكاف طوال حياته. يذكر بأنه اشتهر عنه رحمه الله بكتابة التعاويذ القرآنية وشفى أناسا ببركته، وقد روي أنّ أحد الأشخاص أصيب بعارض من الجن فجيء به إلى أبي زيد وقبل وصوله إلى بهلا نطق ذلك العارض في الرجل: ارجعوا وسوف لا يلقى مريضكم أذى مني ولا تصلوا إلى أبي زيد فإن وصولكم إليه محرقني بسره. وما أن وصل الرجل ومن معه إلى أبي زيد، ورأى أبا زيد الرجل، حتى شوهد نوع من الدخان يخرج من الرجل وشفي بإذن الله.


      مؤلفاته
      ألف أبو زيد رحمه الله تعالى كتابا في النحو وكتابا عن مناسك الحج ووضع سؤالات ما أشكل عليه أثناء قراءاته على العلامة نور الدين السالمي وسماه ( حل المشكلات) وقد تم نشره بوزارة التراث القومي والثقافة.
      وفاته
      لقد أصيب الشيخ بقروح في رجليه فظلت هذه القروح تتفاقم وهو لا يطلب دواء بل كان يكتفي بكبسها بالتراب.. وكان يفصل الأحكام ويقوم بقضاء حوائج الناس وهو على هذه الحالة حتى عجز عن الخروج فاستأجر من يحمله لمجلس الحكم.
      وبعد عصر اليوم الثالث من شهر رجب من عام 1364هـ وفي الشيخ العلامة الفاضل أبو زيد محمد بن رزيق بن مسلم الريامي وذلك في مدينة بهلا ودفن وقبره معروف.


      [TABLE='width:70%;'][CELL='filter: shadow(color=sandybrown,direction=135);']
      لكم احلي وارق تحية
      [/CELL][/TABLE]
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • الحلقة التاسعة (الشيخ سيف بن حمد الأغبري)

      ولادته
      ولد العلامة الشيخ سيف بن حمد الأغبري في بلدة سيما من ولاية ازكي في عام 1309هـ، وشاء الله تعالى أن يتوفى عنه والده، حين كان عمره لا يتجاوز الرابعة، فتولى عمّه رعايته والعناية به، كما أدّت أمه أيضا دورا كبيرا في تربيته.
      وقد أهّله ذكاؤه الحاد لتحصيل العلم والمعرفة بوعي كامل، كما ساعده ذكاؤه المتوقد على حفظ القرآن وهو ابن ست سنوات فقط.

      قرين صالح
      لقد جعلت النشأة بينه وبين ابن بلدته العلامة المؤلف الشيخ خلفان بن جميّل السيابي، وقرّبت بينهما الصداقة وألّف بين قلبيهما طلب العلم طوال حياتهما وبقيا معا توأمين يشعان نور الهداية والعلم. إلى أن فرّق بينهما الموت. رحمهما الله تعالى.
      أساتذته
      درس مبادئ اللغة العربية والدين الحنيف على أيدي شيوخ قريته ثم بدأ حياته العلمية بأن تتلمذ على العلامة الكبير الإمام محمد بن عبد الله الخليلي حين كان مقيما بمدينة محرم في تلك الأيام ثم انتقل الشيخ الأغبري إلى القابل بالمنطقة الشرقية من عمان ليتتلمذ على علاّمة العصر وإمام العلماء العلامة نور الدين عبد الله بن حميد السالمي فأخذ من علمه الغزير، ولمس الإمام السالمي فيه النجابة والذكاء فقربه منه وأدناه مجلسا، فكان هو القارئ له في معظم أوقاته وكان لا يكاد يفارقه حتى توفاه الله تعالى إليه.

      العالم المرجع
      وصل الشيخ العلاّمة الأغبري إلى درجة من اعلم صار معها مرجعا يعول عليه في إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات المعقدة.
      وحين توفي شيخه نور الدين السالمي كان قد وصل إلى درجة علمية تؤهله لأن يتولى مسؤولية القضاء، فكلفه الإمام سالم بن راشد بذلك. وصار يفصل في القضايا ويجيب على استفسارات الناس ويمد أولي الأمر بآرائه الصائبة.

      صفاته وأمثلة من شعره
      ترك الشيخ الأغبري العديد من المؤلفات والرسائل والأجوبة والفتاوى وكان مؤلفا وشاعرا وخطيبا لا يبارى وعالما لا يجارى.
      وهو يصوغ أفكاره وآراءه في قالب شعري جميل حتى فتاواه وإجاباته كان يلقيها منظومة على سائليه في شتّى العلوم والفنون.
      فهو يأبى الضيم وينبذ الهوان
      أترغب عن طلاب المجد نفسي وأقنع بالسكون إلى الهوان
      وأرضى أن أقيم بأرض ضيم وكفي يحمل العضب اليماني
      وهو يضع إخوانه موضع الاختبار ليتحقق من مدى وفائهم:
      وصاحب لم يزل يسمو بنخوته حتى تخيل لي أسنا من الطور
      بلوته فانزوى صفوا فحقق لي بأنه لم يوازن ريش عصفور
      وهو يأسى لمن كان يتخيلهم الأصفياء المخلصين، فيقدِّم لهم خالص النصح فلا يجد منهم إلا النكران والإساءة:
      قوم محضتهم النصيحة لم أشبها بالكــدر
      ما كان حظي منـهم غير الإساءة والضرر



      مؤلفاته
      1- (فتح الأكمام على الورد البسّام):
      كتاب بديع في فنه حيث نظم كتاب (الورد البسّام) للشيخ عبد العزيز الثميني ففتح مُغْلَقَه وحرّر المسائل وربطها بأدلتها. وقد قامت وزارة التراث القومي والثقافة بطباعة هذا الكتاب.
      2- (فتح الرحمن في الكفارات والأيمان):
      بيّن في هذا الكتاب أحكام الكفارات وواجباتها كذلك أوضح الأيمان وأدلتها وما ينعقد وما لا ينعقد على شكل نظم. ولا يزال هذا الكتاب مخطوطا.
      3- (البدر السافر في صلاة المسافر):
      بيّن فيه حدود القَصرْ في الصلاة ومدة إقامة المسافر في سفره وأوضح الأدلة لذلك من الكتاب والسنّة. وقد طبع في وزراة التراث.

      وفاته
      وقف العلاّمة الأغبري حياته للعلم، والتأليف إلى أن وافته منيته رحمه الله سبحانه في 22 ذي القعدة 1380هـ وقد تجاوز السبعين، رحمه الله رحمة واسعة وأثابه خير ثواب.
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • بسم الله الرحمن الرحيم
      بداية أحب أن أوجه كلمة شكرٍ وتقدير لمشرفي و أخوي الكريمين ابن الوقبة وبنت عمان على ما قاما به من جهود كبيرة في سبيل تغطية هذا الموضوع في فترة غيابي الماضية. فجزاهما الله كل خير.
      كما أني أحب أن أسجل كلمة اعتذار لانقطاعي المفاجئ عن الساحة ولكن ولله الحمد عدنا لها مرة أخرى.
      كما أني أحب أن أشكر كل من تفاعل مع هذا الموضوع من أعضاء ومشرفين.
      ولنكمل المشوار على بركة الله
    • الحلقة العاشرة (أحمد بن سعيد الستالي)

      أحمد بن سعيد الستالي

      نسبه:-

      هو أبو بكر أحمد بن سعيد الخروصي الستالي، عاش في القرن السابع الهجري.

      بلاده:-


      بلدة ستال وقد نسب إليها فغلبت عليه هذه التسمية وهي بلدة بوادي بني خروص بسفوح الجبل الأخضر، وقد أخرجت هذه البلدة رجالا من أهل الدين والعلم والأدب.

      ميلاده:-ولد في سنة 584هـ.

      علمه:-

      قال صاحب شقائق النعمان فضيلة الشيخ محمد بن راشد الخصيبي " نشأ يتعلم حتى نال من العلم مناهن وتاقت نفسه إلى الشعر وأشرب قلبه بحبه فبرع فيه وتوسع في أساليبه وأشتهر بالفصاحة وواصل ملوك النباهنة بمدائحه وراسلهم بشعره الفائق الرائق ثم انتقل إليهم وسكن بجوارهم في نزوى ليعيش في أكنافهم وينال من فضلهم وكانوا أهل كرم وعطاء وفضل وأخلاق طيبة، تضرب بهم الأمثال في ذلك وكان انتقاله إلى نزوى في عهد السلطان ذهل بن عمر بن معمر النبهاني"
      وقد قصر شاعرنا كل مدائحه على هؤلاء الملوك الذين غمروه بفضلهم وقيدوه بإحسانهم إلا أن مدحه إياهم وثناءه عليهم سُجل لهم أبد الدهر.


      شعره:-

      أغلب شعره بحسب ديوانه الغزل ومديح بني نبهان، وقد اتصف بالروعة في الرقة والانسجام والفصاحة.

      وفاته:-

      توفي شاعرنا سنة 676هــ.

      نبذه عن ممدوحيه:-

      ذكر المشتغلون بالتاريخ أن النباهنة قوم من العتيك فخذ من قبيلة الأزد ذائعة الصيت، وقد كانت أغلب قبائل عمان من الأزد. وقد أجمعوا على أن هؤلاء النباهنة حكموا عمان زهاء خمسة قرون، وكان ذلك على فترتين، الأولى ما بين 1154م إلى 1500 م وملوك هذه الفترة هم الذين حظوا بمدح شاعرنا. والفترة الثانية للنباهنة كانت ما بين 1500م إلى 1624م وهذه الفترة عرفت بفترة النباهنة المتأخرين. وُصف ملوك بني نبهان بأنهم ملوك عظام وبأن لهم في المكارم والملاحم شأن عظيم، وأن هؤلاء الملوك لكثرتهم لا يمكن الإتيان عليهم بالذكر تفصيلا، وكان أشهرهم جودا وسياسة هو السلطان فلاح بن محسن السلطان الثالث في سلسلة ملوك بني نبهان المتأخرين.

      نماذج من شعره:-

      قال يمدح السلطان أبا المعالي كهلان بن محمد
      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      شاقتك يوم رحيل الحي أظعان = ما هيج الشوق إلا أنهم بانوا
      زالت حمولهم والال يرفعها = كما ارجحنت بعون الخل قنوان
      فودعوك ومما أوعدوك هوى = يبقى له مدة الأيام أشجان
      شوق تجدده الذكرى ويبعثه = من ماء عبرته رش وتهتان
      ما أوقر الشيب الا أنني رجل = إلى المنازل والأحباب حنّان
      لا تنكرن صبابات الكبير إذا = شجاه بالبين ألاف وخلان
      يا حبذا العيش والأحداث غافلة = والدار دانية والحي جيران
      [/poet]
      إلى أن يقول
      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      كمثل جار بني بنهان يتبعه = أبو المعالي أمير الأزد كهلان
      الفارس الفاتك السمح الكريم له = حسن الصفات له تعلو وتزدان
      مبارك الوجه سهل الراحتين له = في الدست بين الملا حسن وإحسان
      كأنما كفه في الجود غادية = وطفاء صيبها در وعقيان
      زهت لكهلان أفعال مهذبة = كأنها لبني نبهان تيجان
      أحيا مآثر آباء له سلفوا = كأنما القوم أحياء كما كانوا
      وعز بيت بني نبهان متسعا = لك الكمال فلم يمسسه نقصان
      مكارم الأزد نور يستضاء به = إلى المعالي ومدح الأزد يزدان
      اللابسون سرابيل النهى طهرت = منها ذيول وأجياب وأردان
      ولا تلجلج عند الخطب ألسنهم = ولا تغير منهم فيه ألوان
      غلب شداد على جرد مسومة = كأنما نسجت بالأسد عقبان
      أبا المعالي أراك اخترت رأيك أن = تعطي وأنت بما تعطيه جذلان
      مهما وجدت حبوت السائلين به = كأنهم لك يا كهلان جيران
      تجود عفوا ومسؤولا ونافلة = وما وعدت فما في الوعد ليان
      لا أنت مستكثر الحسنى وإن كثرت= فينا ولا أنت بالمعروف منان
      إذا عددنا العلى جسما فأنت له = روح وأنت لعين المجد إنسان
      بوركت من سيد طابت خلائقه = وصح من فعله سر وإعلان
      [/poet]
      إلى أخر القصيدة
    • مرة أخرى لك خالص شكري وتقديري أخي البواشق على ما تتحفنا به من معلومات عن علمائنا الأبرار الذين أنجبتهم عمان على مر التاريخ ليكونوا نبراسا وقدوة لشبابنا في حياتهم

      وأرجو أن تذكر المصادر التي تستقي منها المعلومات
      ليطمئن قلب الأخت المخلصة
    • بسم الله الرحمن الرحيم
      أختي الكريمة المخلصة
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      في البداية أستبيحك عذرا لتأخري في الرد عليكِ، ولكن تأكدي أختي الفاضلة أن ذلك لم يكن إهمالا لك ، بل بسبب ظروف خاصة منعتني من الرد.
      بالنسبة للمصادر التي استقيت منها المعلومات فهي متنوعة ما بين كتب تاريخية أو دينية أو مجلات عمانية.
      فالنسبة للكتب على سبيل المثال هناك
      كتاب تحفة الأعيان للإمام نور الدين السالمي.
      وكتاب شقاق النعمان
      وكتاب عمان في التاريخ
      وبعض الكتب والدواوين التي تترجم لمؤلفيها وتعطي نبذه عن حياتهم.
      أما بالنسبة للمجلات فعندك مجلة رسالة المسجد على سبيل المثال.
      أتمنى أن يكون في ردي هذا جوابا شافيا على استفساراتك.


      أخي الطوفان شكرا لك على التنبيه والتذكير.
    • الحلقة الحادية عشرة ( العلامة الرباني جاعد بن خميس الخروصي)

      العلامة الرباني جاعد بن خميس الخروصي


      ولادته

      هو الشيخ الرباني جاعد بن خميس بن مبارك بن يحيى حفيد الإمام الصلت بن مالك الخروصي اليحمدي، ولد سنة 1147هـ في قرية العليا بولاية العوابي، ولقبه الرئيس المدقق.


      نشأته


      نشأ هذا الشيخ في بيت علم وتقوى، وتعلم القرآن الكريم في بلده العلياء من ولاية العوابي، كما تلقى العلوم الدينية والأدبية على يد والده وكذلك (الشيخ سعيد بن أحمد الكندي) كما درس على يد (العلامة حبيب بن سالم إمبوسعيدي).

      مؤلفاته

      ألّف العديد من الكتب حيث ترك ما يربو على عشرين كتابا، ومؤلفاته في مختلف المجالات، حيث كتب في النحو والبديع والقوافي والسلوك والصوف وعلم الأخلاق وفي الصنعة الإلهية والتراكيب الكيميائية والأجساد المعدنية والفلك وأسرار الحروف والرياضة الروحية والروحانية، ومن بين كتبه:
      1- ( الدقائق لأعناق أهل النفاق): في القضايا السلوكية المتعلقة برجال الحكم والسياسة.
      2- (إيضاح البيان فيما يحل ويحرم من الحيوان).
      3- (الموسوعة في أصول التوحيد وفقه الدين).
      4- (شرح حياة المهج): في السلوك ويدعو فيه إلى تهذيب النفس وبيان صفاتها وأخلاقها.
      5- له عدة (مراسلات أدبية وسياسية وعلمية) في داخل عمان وخارجها.
      6- له العديد من (القصائد) في مختلف المجالات.
      ونستشهد في هذا المقام بالقصيدة التالية (في السلوك):


      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      أرى العدل عن لوم العذول هو العدل = وقصد الفتى وصل الحبيب هو الدخل
      وحـق الهوى ما صادق في الهوى فتى = تحلى بـه عن خلة اللـوم والعـذلُ
      ويصغـي إلـى قـول الوشاة فينثني = صدودا على هجـر وفي صدره ثقل
      [/poet]


      العلماء الذين استفادوا منه

      في مقدمة هؤلاء أولاده وخصوصا (ناصر وخميس)، كما استفاد منه أيضا الشيخ (منصور بن محمد بن ناصر الخروصي) والشيخ الشاعر (سعيد بن محمد بن راشد الخروصي) المعروف بالشاعر الغشري، والشيخ (أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناصر الخروصي)، والسيد (مهنا بن خلفان البوسعيدي) وغيرهم من العلماء.

      شهادات العلماء والشعراء
      أشاد الكثير من الكتاب والمؤرخين بمناقبه وسيرته الحافلة بالعطاء والإنتاج الفكري، ومن بين هؤلاء المؤرخين الشيخ السالمي في كتابه تحفة الأعيان الذي قال عنه (إنّ أبا نبهان كان المتقدم على أهل زمانه بالعلم والفضل والشرف واتخذه الناس قدوة في مراشد دينهم ومصالح دنياهم، وقلّده الأفاضل أمرهم لما علموا من علمه وورعه) كما ذكره الشيخ ابن رزيق في مؤلفاته والشيخ السيفي في كتابه (النصوص في أئمة بني خروص) كما ازدانت كتب المتأخرين بفتاويه ككتاب (اللباب) و (بيان المشكل).
      كما مدحه الشعراء في قصائدهم نذكر منهم ( الشيخ منصور بن ناصر الخروصي) و (الشيخ ناصر بن محمد الحاجري) و (الشيخ سعيد بن حسن الخروصي) وقد جمعت القصائد التي قيلت في حقه على شكل ديوان تحت عنوان (قلائد المرجان في مدح الشيخ أبي نبهان).

      مكتبته

      توجد مكتبته في (بيت الرأس) في قرية العلياء من وادي بني خروص وكانت تعد من أضخم المكتبات العمانية حتى ليقال أن محتوياتها بلغت ثمانية آلاف كتاب.

      وفاته

      توفي يوم الخميس الثالث من شهر الحج سنة 1237هـ وكان سنه تسعين عاما، وقد دفن على رأس فلج الحيل بولاية العوابي، وقد حزن لوفاته العلماء وطلبة العلم ورثوه بقصائد حارة ومن بين هؤلاء (ابن رزيق النخلي) و (ثنيان بن خلف المعولي) و (الشاعر علي بن خميس الحبري) الذي قال:

      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      لك في البسيطـة سيدي شرف = وفي السبع السموات العلا إجلال
      قد شرفتك معا ملوك قد مضت = والعلـم والأمـجاد والأعمـال
      لك همة فـي العلـم عـاليـة = وتأثيـره لـم تلهـك الأشغـال
      [/poet]
      كما قال راشد بن سعيد :
      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      صنع الخروصي الصلا ووصفه = بصــوابه لـم يحصه إحصــاء
      طام الفطــانة والطباع تعطفا = للطـائعيـن وطـاعة وعطــاء
      [/poet]
    • الحلقة الثانية عشرة (الشيخ الأديب إبراهيم بن سعيد العبري)

      الشيخ الأديب إبراهيم بن سعيد العبري


      ولادته

      هو الشيخ إبراهيم بن سعيد بن محسن بن زهران بن محمد العبري، ولد في ولاية الحمرا بالمنطقة الداخلية في السابع من شهر رجب سنة 1314هـ.

      نشأته
      نشأ في بلدة الحمرا حيث درس القرآن الكريم على يد الشيخ سعيد العدوي ويقال إنه حفظ القرآن وهو في سن الخامسة من عمره، وقد أكمل دراسته الفقهية والنحوية على يد الشيخ ماجد بن خميس العبري، ثم أنتقل إلى نزوى فتتلمذ على يد كوكبة من العلماء أمثال الشيخ محمد بن شيخان السالمي وراشد بن سيف اللمكي وعامر بن خميس المالكي.
      تولى منصب القضاء على الرستاق ولم يتعد العشرين من عمره، وذلك بعد عام من تولي الإمام سالم بن راشد الخروصي الإمامة على عمان. ثم عين قاضيا على نزوى فترة ثلاث سنوات. وإثر وفاة الشيخ مهنا (شيخ العبريين) –أثناء وجوده في الأراضي الحجازية لأداء فريضة الحج في أحد الأعوام- تمت تولية الشيخ إبراهيم مشيخة العبريين خلفا للفقيد. ثم عين واليا على عبري في زمن الإمام محمد بن عبد الله الخليلي فبقي في هذا المنصب لمدة خمسة عشر عاما، وبعد وفاة الإمام محمد بن عبد الله الخليلي أصبح قاضيا في مسقط إلى أن تولى صاحب الجلالة السلطان قابوس مقاليد الحكم فعين مفتيا عاما للسلطنة في عام 1373هـ واستمر في هذا المنصب إلى أن استشهد سنة 1395هـ.

      الشيخ الأستاذ

      واصل متابعة المدرسة التي أنشأها الشيخ ماجد بن خميس العبري، وقد تتلمذ على يديه في هذه المدرسة الكثير من أبناء ولايته من أمثال القاضي محمد بن أحمد العبري وعبد الله وناصر أبناء محمد بن عامر العبري، وغيرهم من العلماء.


      إنتاجه العلمي

      لم يؤلف الشيخ إبراهيم كتبا بالمعنى المفهوم غير أنه ترك الكثير من الرسائل العلمية المتنوعة والفتاوي الهمة، وحجته في عدم التأليف أنه كان يعتقد أنّ العديد من المؤلفين تطرقوا إلى الجوانب التي كان يفكر فيها، وقد يكون موقفه هذا نابعا من خصلة التواضع فيه.
      ومن بين آثاره العلمية:
      1- (تبصرة المعتبرين في سيرة العبريين) دراسة تاريخية لقبيلة العبريين.
      2- (أسئلة وأجوبة فقهية متنوعة).
      3- (برامج إذاعية يقدمها في الإذاعة العمانية) وبعضها تم نشرها على شكل كتيبات.
      4- له (خطب في الأعياد والجمع والاستغاثة).
      5- له (قصائد شعرية) تتنوع بين الرثاء والمديح والسلوك والطبيعة، وقد ورد في إحدى مدائحه للسلطان سعيد بن تيمور ما يلي:

      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      أتى العيد فليهنأ بك العيد والفطر = لأنك أنت العيد للناس والقطـر
      إذا سر أقوام بأيام عيـــدهم = فنور مـحياك المسـرة واليسـر
      تبـارك من أولاك حكما وحكمة = وعلمـا وإقـداما يـحالفه النصر
      فأنت أبو قابوس صفـوة دهـرنا = فلا عجب أن تاه فخرا بك الدهر

      [/poet]
      وفي المراثي أنشد يقول معبرا عن حزنه لوفاة أستاذه الشيخ ماجد بن خميس العبري:
      [poet font='Simplified Arabic,4,black,normal,normal' bkcolor='transparent' bkimage='' border='none,4,gray' type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char='' num='0,black' filter='']
      صارم الدهر يصـرم الآجـالا = ويبيد القرون والأجيـالا
      وعوادي الأيام تنتهب الأعمارا = شيبا وتـأخذ الأطفـالا
      وسهام المنون تـحمي البـرايا = لم تفت رعديدا ولا ريبالا
      [/poet]
      صفاته

      يتميز الشيخ إبراهيم بالحلم والتواضع، وكان لا يخاف في الله لومة لائم، وكان يحنو على الفقراء والمساكين، كما كان يتميز بشغفه بالإطلاع على كل جديد في شتّى العلوم والمعارف من كل كتب المذاهب الإسلامية، وكان محبا للرياضة الخفيفة، حريصا في طعامه وشرابه، معتدلا في لباسه.


      وفاته

      استشهد رحمه الله إثر حادث سيارة أليم في حي الوطية بمحافظة مسقط وكان ذلك يوم الجمعة الموافق 14 مارس 1975م وهو في الثانية والثمانين من عمره.
      وقد رثاه مجموعة من الشعراء مثل عبد الله بن علي الخليلي والشيخ سعيد بن خلف الخروصي والشيخ هاشم بن عيسى الطائي.