برنامجك فــي رمـضان

    • برنامجك فــي رمـضان

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
      أقدم لكم اعتذاري أولا على انقطاعي عن الكتابة والمساهمة في هذه الساحة العامرة ، وأقدم الشكر الجزيل للجميع الأخوة والأخوات الذي ما زالت أقلمهم سيالة بالأفكار المنيرة والهادفة واسأل الله أن يثب الجميع على ما يقدموه من مساهمات.
      أصل الموضوع ، ((برنامجك في رمضان )) هو عنوان لمحاضرة قيمة أقيمت في العام الماضي للشيخ عبد الله بن عامر العيسري -حفظه الله- قمت بتفريغها من شريط ( تسجيل خاص ) وكنت أنتظر صدورها رسميا في التسجيلات الإسلامية لأن مادة الشريط التي رجعت إليها ليست كاملة ولكن بها خير كثير وحتى صدور ذلك الشريط يسرني أن أقدمه على شكل حلقات ، والله ولي التوفيق ،
      برنـــامجــك فـي رمــضـان

      ( (‍ 1 ))

      أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى صحبه أجمعين ، اللهم علمنا ما لم نعلم وفهمنا ما لم نفهم وهدنا إلى الطريق الأقوم ، أما بعد، نحيكم أخوة الإيمان بتحية الإسلام بتحية أهل الجنة فسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، ثم أهنئ نفسي وأهنئكم بما انقضى وبما بقي من الشهر الفضيل المبارك الذي جعله سبحانه وتعالى هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان ، وقال فيه ((كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)) والحديث عن شهر رمضان المبارك وما يتصل به من فضل عظيم وأجراً جزيل لعلكم سمعتموه مرارا وتكرارا في هذا العام وفي ما قبلة من أعوام في مختلف الوسائل التي تعرفونها جميعا، ولكن كثيراً ما تعرضُ الدعاية سؤال من الناس ويسأل نفسه كذلك قبل أن يسأله الناس عن هذا الشهر العظيم، كيف يستطيع أن يحقق فيه التقوى ؟ ومدته قصيرة و إذا قورنت بالعام بأكمله فإن نسبته واحد إلى أحد عشر من العام بأكمله ومع ذلك مطالب به الإنسان أن يحقق فيه التقوى ، وما هي هذه التقوى التي نطالب أن نحققها في شهر واحد ونستمد طاقة في خلال شهر تكيفنا لعام كامل بعد ذلك، وكيف نستطيع أن نصل إلى هذه التقوى ؟ إن التقوى هي الهداية والتوفيق ونحو ذلك من المعاني التي نسمع عنها دائما إنما هي أمور موجدة ولكن لا يصل إليها إلا من طالبها مثالها تمما مثل كنز موجد في قمة جبل يراه الناس جميعا ولكن لا يصل إليه إلا من أتعب النفس وأنهكها إلى أن يصل إليه ، وفي الطريق إلى ذلك الكنز عوائق وعلائق ومشكلات ومشاق ، ومن الناس من يسير قليلا ثم إذا أتعبه السهاد وجئته المشقة وأحس بالتعب فإنه يتراجع ويقول في نفسه مالي ومال كنز لا يمكن أن أصل إليه لكن من هداه الله سبحانه وتعالى إذا أحس بالتعب وأحس بالشدة وأحس أن نفسه ينقطع يبرق مرة أخرى ويرى أنه قد قطع جزء من المسافة وما عليه إلا أن يواصل إلى ذلك الكنز المنشود ، إن التقوى ما الذي تحويه طاعة لله سبحانه وتعالى وكف عن معصيته ، هذا هو الكنز الذي يراه جميع الناس ولكن قلّ الساعون إليه وإذا سعى نحوه الساعون فإنهم لا يصلون جميعا فإن سلعة الله غالية إلا إن سلعة الله غالية إلا إن سلعة الله الجنة وسلعة الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يوصل إليه إلا ببذل الجهد والمشقة بحيث يبذل الإنسان جهده و يُخلص عمله لله سبحانه تعالى ثم بعد ذلك يمكن أن يصل إلى هذه السلعة و الله سبحانه وتعالى ضرب لنا مثلا في كتابه العزيز في أحوال الناس كيف حالهم مع الإيمان ومع الطاعة ومع التقوى هذا المثل هو من أوائل القصص التي ذكرت في القرآن الكريم، وهي قصة الملاء من بني إسرائيل، وقد عبر عنهم بالملاء ليشعر الناس أنهم جمع كبير، شعب بأكمله قال تعالى (( ألم تر إلى الملاء من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم أبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله)) فهم بلسان واحد يظهرون استعدادهم الكامل لتطبيق معنى التقوى، أبعث لنا ملكا ما قالوا سنقاتل قالوا نقاتل مباشرةً حتى يشعروا أنهم على أتم الاستعداد (( قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا )) ومرةً أخرى قبل خوض التجربة (( قالوا ومالنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليل منهم ....)) من ذلك الجمع الكبير أول اختبار رسبوا في الاختبار بقي جميع قليل جدا ، وبعدا ذلك الاختبار خاطب النبي هذا الجمع القليل المتبقي (( وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا. قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال ...)) فإذا من ذلك القليل لم يبقى طائعا ومنصاعا لأوامر لله مطبقا للتقوى إلا قليل، فبقي قليل من قليل ، (( قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم .......)) إلى أخر تلك الآيات ، المهم أن ذلك القليل من القليل اتبعوا طالوت الملك المبعوث عليهم ، (( فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغتراف غرفةً بيده فشربوا إلا قليل منهم )) فمن ذلك القليل من القليل لم يتبقى إلا القليل ، فلم يبقى إذا إلا القليل من القليل من القليل لماذا؟ لأن كل ما جاء الاختبار جاء أصعب ، (( فلما جاوزاهم هو الذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده )) فأولئك القليل من القليل من القليل قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ، (( قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله )) فإذا بقي قليل من قليل من قليل من قليل ، ولكن تلك القلة القليلة المؤمنة تغلبت على تلك الجموع الكثيرة الكافرة التي عصت الله سبحانه وتعالى ، الشاهد الذي نريده هنا أن الذين يتفوهون بكلمات الإيمان في البداية كثرة كثيرة ولكن حين يأتي الاختبار الحقيقي لا يبقى إلا قليل من قليل ...... يمكنك أن توصلهم إلى مئة مرة .، لماذا؟ لأن التطبيق العملي هو العسير وهو الشاق ؟
      وللموضوع بقية تابع معنا
    • تــــــــــــابع
      (( 2 ))
      ... وقد يقول القائل ما دخل هذا ببرنامجنا في الصيام ، إننا عندما نتحدث عن برنامج الصيام نتحدث عن الصيام الحقيقي ، الذي امتناع جميع المفطرات بما فيها المعاصي ما ظهر منها وما بطن ، فإذا كان الأمر كذلك فقبل أن يرسم الإنسان لنفسه برنامجا في رمضان عليه أن يعلم أن هذا البرنامج مهما كان فهو شاق جدا إلا على من يسره الله لماذا لأن الأمور التي يقوم بها الإنسان في رمضان منها ما هو مشاع ومشترك بين جميع الناس يقومون به مثل الكف عن الطعام والشراب والجماع هذا يكاد كل المسلمين ولله الحمد يقومون به إلا من جاهر بالمعصية وهم لا يعدون ولله الحمد على الأصابع ، لكن هل هذا هو الصيام الذي يتطلب برنامجا طبعا لا ، هذا لا يريد أي برنامج أمتنع عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس وانتهت القضية لا يحتاج برنامج !. لكن ما يحتاج برنامجا هو الصيام كما أراده الله سبحانه وتعالى محققا للتقوى التي هي جماع لكل خير وبعد عن كل شر وضير ألتزم بالطاعات واجتناب عن المحرمات وحتى يتحقق هذا البرنامج لابد أن نضع له قواعد ينبغي أن ترسخ في أذهاننا ، فإذا تلك القواعد في الأذهان فإننا نستطيع تنفيذه بتوفيق من الله تعالى ، والقاعدة الأولى لبرنامج الصيام التي ينبغي أن تكون في ذهن كل مسلم هي:
      - الفرائض أولا : حتى يستطيع أن يصوم الصيام الحقيقي دائما يردد في ذهنه الفرائض أولا ، وقد يقول القائل ولماذا هذه القاعدة نحن نعلم أن الفرائض أولا ، ولكنني أقول ثمة خلطا حاصلا عند كثرة كاثرة من المسلمين ، ففي أذهانهم النوافل أولا وليس الفرائض أولا يدلك على ذلك حرص الناس الكثير الشديد على صلاة التراويح مع أنها نافلة ، لكن الحريصين على صلاة التراويح لا يحرصون حرص مساويا على الأقل على بقية الفرائض ، ولو قدّر لإنسان أن يدخل في قلوب الناس (وطبعا هذا متعذر) ورأى حسره والألم الذي ينتاب الناس إذا فاتتهم ركعة من صلاة التراويح ثم قارنها بمقدار الحسرة إذا فاتتهم ركعة من فريضة العشاء لما رأى شيء من التعادل بل كثير من المسلمين ربما يصلي صلاة العشاء منفردا هذه لا تمثل مشكلة عنده لكن المهم عنده إلا تفوته التكبيرة الأولى من صلاة التراويح مع أنه هذه فريضة وهذه نافلة إحدى الصحف وهذا من العجب العجاب قبل هذا الشهر الفضيل أو عند دخوله أجرت لقاء مع أسر تتحدث عن مشكلاتها مع أبنائها في شهر رمضان فإحدى الأسر تقول: عندنا أبناء يصلون في شهر رمضان المبارك فإذا انتهى رمضان لا يصلون فلما يأتي شهر شعبان ويقترب رمضان يضطرون إلى تعلم الصلاة مرة أخرى لأنهم نسوها ، ولماذا يتعلمونها حتى يستطيعوا أن يصلوا صلاة التراويح فلا تفوتهم فإذا هناك تقديس لنوافل و تهاون في الفرائض كذلك فيما يتصل في جوانب التعبدية الأخرى لو قال قائل لأحد الأغنياء عندنا مسجد فيه ألف مصلي وجميعهم يحضرون للفطور في شهر رمضان ونريد أن تتبرع لهؤلاء الصائمين طيلة الشهر الكريم ستجد أن الأغنياء يتنافسون مع أن ذلك أمر مندوب وربما يكلفه مبالغ طائلة هناك من الأغنياء من ينفق آلاف الريالات على فطرة في رمضان المبارك لكن قل لهذا الغني عليك زكاة من المال نسبتها اثنان ونصف في المئة فرض فرضها الله سبحانه وتعالى في كتابه والنصوص صريحة فيه وأبو بكر الصديق قاتل من منع الزكاة ، ربما تجده يقدم رجل و يأخر عشرا لماذا ؟ بسبب خلل في المفاهيم ، ربما زكاة المال تكلفه ألف ريال وتلك الفطرة تكلفه ثلاثة ألف ، لكن بسبب الخلط الحاصل في الأوراق المرتبة في الذهن تقديم النوافل على الفرائض هو الذي يؤدي إلى هذا ، وفي الحديث القدسي ( وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ) لا يوجد شيء أبدا يتقرب به العبد إلى سبحانه وتعالى أفضل من الفريضة ، صلاة الظهر التي نصليها في محرم أو في رجب أو في شعبان أو في غيره من الشهور هي أفضل بكثير من صلاة التراويح التي نصليها طيلة هذا الشهر، نحن لا نقول لناس لا تؤدوا النوافل، النوافل فيها فضل عظيم فتتمة هذا الحديث ( وما يزال عبدي يتقرب إلي بنوافل حتى احبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به .....) إلى آخر الحديث القدسي ، ولكن الفرائض أولا ، إذا لم يكن لديك وقت إلا أن تؤدي الفريضة أو النافلة فالفريضة أنت محاسب عليها بين يدي الله ، ثم إن تقديم النافلة فوت الفرائض ، إ، الأعرابي الذي جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه الإمام الربيع وغيره ( قال يا محمد : ما الذي فرضه الله علي...........) إذا كان بالفعل سيلتزم بالفرائض كما شرعها الله سبحانه وتعالى فقد أفلح إن صدق، هذه القاعدة لابد منها في شهر رمضان و في غيره . إذا ما الذي ينبغي لنا الفرائض التي كل واحد منا يشعر بنقص في جانب معين ، هناك من يشعر بنقص في أنه كثير الاستدراك و دعونا نصارح أنفسنا لأن الاستدراك ظاهرة موجودة عند المتدين أكثر من غيرهم ، وكنت أحسب أن هذه الظاهرة موجده عندنا في عمان ، فإذا بي أسمع محاضرا من دولة أخرى يتحدث عن نفس المشكلة أن أخر من يصل إلى المسجد هم المتدينين ، إذا هذه المشكلة تحتاج إلى حل يحلها الواحد منا بنفسه ويحلها مع زملائه كما كان يفعل الصحابة إذا كان الواحد تأخر واستدراك يسأل ما الذي أخرك عن الجماعة ، إذا هذا جانب من الجوانب التي تحتاج إلى تتمه الفرائض كذلك الشعور بروح الفريضة الشعور بروح الصلاة الخشوع الذي فيها ،كم من الناس الذي يشكوا بأنه حينما يصلي يتكلم بكلام لا يدرك ما معناه وينتهي من الصلاة كما بداء منها هذه مشكلة تحتج نتواطأ في حلها فهذا من ضمن قائمة الفرائض أولا كذلك بما يتصل بصيام نفسه بشهر رمضان ، الفريضة في شهر رمضان أن يكف الإنسان سمعه وأن يكف بصره وأن يكف يده ورجله وجميع حواسه عن المعاصي ، فإذا كان الواحد يصلي التراويح عشرين ركعة ويصلي في التهجد عشرين ركعة ويقراء من القران في اليوم خمسة أجزاء ويسبح ويفعل من النوافل ما يفعل ثم بعد ذلك لا يمتنع عن معاصي الله كل هذه النوافل لا تنفعه ((إنما يتقبل الله من المتقين))
      وللموضوع بقية تابع معنا
    • (( 2 ))

      ومن ضمن القواعد التي ينبغي أن نضعها لها حسابا وحسابا عسيرا كذلك في شهر رمضان المبارك ، قاعدة يخاطب بها الصائم نفسه لا تنسى المشاعر ، المشاعر النفسية الأحاسيس الوجدان ، السلوك والتصرفات ، سواء كانت تلك المشاعر مشاعر إيجابية أو مشاعر سلبية وهذا هو ما حضنا علية الرسول صلى الله عليه وسلم فقال (( الصوم جنه فإذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث)) والرفث أمر يتصل بالمشاعر أو السلوك (( ولا يصخب )) الصخب يعني رفع الصوت بنزاع والغضب وبالفوضى وبما يفقد الرزانة ، هذا أمر متصل بالمشاعر (( فإن سابه أحد أو قاتله فليقل أني أمرؤ صائم)) كذلك هذا أمر متصل بالمشاعر ، فإذا النفس الإنسانية تعاني من عيوب في جانب المشاعر وتعاني من أخطاء في جميع النواحي ،هناك التوتر والقلق والغضب والحسد والرياء ونحو ذلك كلها مشاعر سلبية موجودة في النفس وهناك مشاعر إيجابية لكنها قد تكون ظاهرة في النفس الإنسانية كالشفقة والمحبه والرحمة والحنان ونحو ذلك من المشاعر التي تحتاج إلى أن تزاد في هذا الشهر الفضيل ، إذا كان المسلم يصلي ويزكي ويؤدي الفرائض لكنه إذا خرج من المسجد وركب سيارته ولقي شخصا في الشارع وتخالف في أمر من الأمور التي تحصل هذا تقدمه وهذا تجاوزه تجده يغضب وينفعل وشتم على أمر بسيط فهل هذا حافظ على مشاعره في هذا لشهر رمضان . رجل مع زوجته أو أمراه مع زوجها بمجرد خلاف بسيط ينشب بينهما في نهار الفضيل وتجد الأصوات ترتفع ، أو رجل مع طفله غضب عليه فصب عليه كيلا من الشتائم ولا لم تكن كلامات جارحة ولكن صوت فيه صخب، كيف سيخرج هذا الإنسان في شهر رمضان المبارك من ناحية المشاعر صفر على الشمال لماذا لنه لم يضع هذه القضية...........