كيف يطول عمرك؟

    • كيف يطول عمرك؟

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      الحمد الله واهب الحياة الطيبة والجسم السليم والعمر الطويل، والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد (صلى الله علية وسلم) الذي أنزل علية القرآن المجيد فيه شفاء للنفوس ولعقول والقلوب والأجساد . وعلى آل وأصحابه خير خلق الله وبعد الأنبياء.

      اللهم صل وسلم وبارك على هذا النبي الأمي الذي أرشده الله تعالى إلى طريق الحق الأخروي والدنيوي حتى يعيش وأمته في سعادة نفسية وعقلية وجسدية متمتعين بحياة متوازنة في الدنيا وتصل بمن تمسك بها إلى حياة سعيدة هانئة في العقبى وبعد.

      فالعمر مكتوب والصحة قسمة من الله ومكتوب ومقدور من عند اللطيف الخبير.
      ولكن إذا كان كل ميسر لما خلق له فمن كتب له العمر الطويل فليعمل على ما يطيل عمره ومن كتب له الصحة الجيدة فليعمل على ما يحفظ له جسده وعقلة حتى يحقق قدر الله فيه فالكل يعمل بما كتب له وما قسم له من حظ ونصيب.

      ولنبدأ بما هو خير

      (1) صلة الأرحام والزيادة في العمر

      يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (( من سٌره أن يُنْسأ له في أثره، ويبسط له في رزقه، فليصل رحمه)) رواه مسلم
      وصلة الأرحام ينال المؤمن الزيادة في الأجل و البسطة في الرزق والبركة في الذرية.
      وأوصى بها رسول الله (صلى الله علية وسلم)

      وعن علي رضي الله عنه عن النبي (صلى الله علية وسلم) قال: ((من سرٌه أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه))

      وصلة الأرحام هي أكبر وأعلى مراتب المودة والوصال التي أمر الله تعالى بها يقول تعالى: (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب)
      وقطع صلة الأرحام من علامات الفساد، وهو سبيل الشيطان لغواية الإنسان والتمكن منه وأخذه بعيداً عما أمر الله تعالى : (فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم)
      والرسول (صلى الله علية وسلم) يوصينا بأن نصل حتى من قطعنا.

      فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي (صلى الله علية وسلم) قال : ((ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها))

      ومن هنا يؤكد (صلى الله علية وسلم) على صلة من لا يصلك من رحمك.

      (2) الاستقامة رأس الفضائل

      وماذا بعد صلة الأرحام، هنا تأتي الاستقامة هي سر النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة.
      وتقف الفضائل بشموخها على رأس حياة الإنسان في نعيم السعادة وجنة الرضا وفردوس الراحة والدعة والسكينة، فالإنسان دائما ما يتنازعه الخير والشر، فإذا ما انساق إلى أحدهما، كان ذلك سبيله في الحياة.

      وخير وقاية للإنسان الدين والتمسك بتعاليمه، ومقامة نزعات الشر، والاستقامة لا يجد معها الشيطان غايته فيندحر مهزوماً مقهوراً.

      يقول تعالى: (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون(30) نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون(31) نزلا من غفور رحيم))

      والاستقامة هي السعي بالأعمال الصالحات واعتناق الفضائل واتخاذها منهاجاَ وشريعة للنفس.

      وتأتي على قائمة الفضائل فضيلة الإحسان والإحسان هو الإنعام والتفضل، يقول تعالى : (( وأحسن كما احسن الله إليك))
      والإحسان يشمل قيام الليل ، والجهاد في سبيل الله بالنفس أو المال والعفو والصبر على المكاره.

      وأولى الناس بالإحسان (الوالدان) يقول الله تعالى: (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لّهما أف ولا تنهرهما وقل لّهما قولاَ كريماَ(23) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراَ))


      (3) التقوى وطول العمر

      ونأتي إلى ركن من أهم الأركان التي تكون سبباَ للسعادة وطول العمر وهو التقوى.

      والتقوى: هي الخشية من الله والعمل على مرضاته وطاعته وقد وصفها القرآن الكريم بأنها صيانة النفس عن الضر والأذى والتحلي بالفضائل الإنسانية النبيلة يقول تعالى: (( ليس البر أن تولّوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب))

      ومن الفضائل الجميلة التي تحتويها التقوى
      العدل (اعدلوا هو أقرب للتقوى)
      والعفو أيضا (وأن تعفوا أقرب للتقوى)

      والتقوى تقوى الله تعالى بها تتنزل الرحمة وتفرج الكروب وتيسر الرزق والأمور يقول تعالى (ومن يتّق الله يجعل لٌهُ مخرجاً(2) ويرزقه من حيث لا يحتسب)

      (4) الصبر وطول العمر

      وقد اهتم القرآن بالصبر والحث عليه ورفع منزلته وأثنى على الصابرين والصابرات وقد ذكر في القرآن سبعين مرة وهو أساس من الفضائل وكل الفضائل تحتاج إلى الصبر.

      والصبر في القرآن الكريك هو دعوة إلى الثبات وقوة الاحتمال التي تهون على الإنسان تلقى الصدمات ومواجهة الأزمات أو احتمال أذى الناس أو الابتلاء بالمرض والفقر واحتمال فقد الأحبة يقول تعالى: (ولنبلونٌكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم)

      (5) العفو وطول العمر

      هو اسم من أسماء الله الحسنى والعفو هو سبيلة لنيل رضا الله ومغفرته يقول تعالى (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم)

      وأخبرنا سبحانه أن العفو منزلة عظيمة تصل إلى منزلة الإحسان يقول الله تعالى (الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)

      والعفو صفة جميلة وحميدة إذا تحلى بها الإنسان زانته فهو لا يصدر إلا عن نفس تقيه صابرة تملك زمام أمرها.
      والعفو يبدل في كثير من الأحيان الخصومة إلى صداقة.
      يقول الله تعالى:( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)

      ومن هو الذي يصل إلى هذا أن يكون عدوه اللدود يصير له كأفضل الأصدقاء يستأنف الله تعالى القول فيقول (وما يلقٌاها إلا الذين صبروا وما يلقٌاها إلا ذو حظ عظيم)

      ونزع الغل وكتم الغيظ من أسباب النجاح في الحياة وأن يعيش الإنسان في سعادة.

      (6) الصدق من أهم الفضائل

      وتكمل الخلال الجميلة بالصدق وهو أساس الفضائل جميعها وهو عنوان رقي الإنسان والصدق الأمانة في القول والفعل وصدق الوعد وهو سبب جوهري للحفاظ على العلاقات الطيبة بين الناس وسبيل طمأنينة النفس وراحتها وهو ضرورة من ضروريات المجتمع.

      (7) مخالطة الأخيار وتجنب الأشرار

      ومخالطة الأخيار تغرس في النفس الخلال الكريمة لأن الإنسان شديد التأثر بمن حوله والخيار هم الصالحون الذين هم الملجأ في الشدة والمرشد إلى النجاح والناصح في الملمات. والقرآن يدعونا إلى اختيار الأخيار ومصاحبتهم والاقتداء بهم.

      قال الله تعالى (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)

      (8) الرضا بما قسم الله تعالى

      وبعد أن ذكرنا ما يختص بالإنسان الروحنيات والعقلانيات فهيا بنا إلى المحسوسات أو الجسديات.
      الحصول على قسط وافر من النوم والراحة لانهما ضروريات للعقل والجسم معا.

      ولعلنا نذكر قصة أحد الملوك القدماء وكان هذا الملك يشعر بالتعاسة رغم أنه يملك كل شئ فأحضروا له أغلى المآكل وأشهاها فجاءه سوء هضم وكلنا نعرف أنه لو سئل أصحاب القبور من جاء بكم إلى هنا لقال أكثرهم هو كثرة الطعام فحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان ولابد آكلا فليكن ثلثا لطعامه وثلثا لشرابه وثلثا لنفسه فالمعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء ومن هنا فقد نصح الملك أحد الحكماء المقربين له أن يلبس قميص اسعد رجل في المملكة لمدة يوم فيصبح سعيداً.
      وراحوا يبحثون ويفتشون عن أسعد رجل إلى أن وجدوه.
      كان رجلاً فقيراً معدماً ولكنه كان يمتلئ صحة وحيوية وسعادة وحين أحضروه إلى الملك تعجب الملك من كونه فقيراً وسعيداً على الرغم من أنه لا يملك قميصا يلبسه فأساله الملك كيف يعيش سعيداً رغم فقره وحاجته.
      فقال الفقير سعيداً : إنني يا مولاي الملك أكرمني ربي بالصحة والقناعة والرضا وهي كانت سبيلي إلى السعادة الحقيقية.
      وحقّا القناعة والرضا هما سبيل السعادة والصحة فما دمت بما أعطاك الله من نعم راضياً وقانعاً فأنت إذن سعيد.