(1)
برنامج سؤال أهل الذكر
حلقة الأحد 18 من رمضان 1423هـ ، 24 /11/2002 م
الموضوع : عام
سؤال :
كنتم أمس تتحدثون بالأمس عن بيع السلم ، ولأن الوقت كان قصيراً لم تكملوا الإجابة ، فنريدكم أن تفيضوا في الموضوع .
يتبع بإذن الله تعالى
برنامج سؤال أهل الذكر
حلقة الأحد 18 من رمضان 1423هـ ، 24 /11/2002 م
الموضوع : عام
سؤال :
كنتم أمس تتحدثون بالأمس عن بيع السلم ، ولأن الوقت كان قصيراً لم تكملوا الإجابة ، فنريدكم أن تفيضوا في الموضوع .
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فقد سأل السائل بالأمس عن بيع السلم ، وعن كيفية الجمع بين إباحته وتحريم بيع الإنسان ما لم يملك ، وهل هذا يعني أنه لا بد من أن يكون واجداً لما عامل فيه بطريقة السلم أي بما أُسلم فيه أو غير واجب ؟
على أي حال السلم كما ذكرنا بالأمس إنما هو بيع غائب بحاضر ، ومعنى هذا أن المسلَم فيه لا يلزم أن يكون موجوداً ، وإنما يلزم أن يكون للإنسان الذي أسلم أن يحضره في الوقت المتفق عليه .
وقد هاجر النبي صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة المنورة فوجد الأنصار رضي الله عنهم يسلمون في الحبوب ، فاشترط النبي صلى الله عليه وسلّم أن يكون ذلك بكيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم ، ومعنى ذلك أنه لا بد من أن يكون المقدار محدداً أي المقدار الذي أسلم فيه كأن يكون مثلاً عشرين صاعاً أو أربعين صاعاً أو ثمانين صاعاً أو مائة صاع ، أو أن يكون بالوزن بأن يكون عشرين رطلاً أو أربعين رطلاً أو أقل من ذلك أو أكثر بحسب المعايير المتداولة وبحسب المكاييل المتفق عليها والتي هي معروفة مضبوطة مقدرة تقديراً مع كون الأجل أيضاً معلوماً ، وذلك بأن يكون السلم إلى عام أو إلى نصف عام أو إلى أي وقت يمكن أن يجد المسلَم تلكم البضاعة التي أخذ فيها ثمنها قبل حضورها في وقت وقوع الصفقة بينه وبين المسلم .
وعلى أي حال إنما كان ذلك من الرسول صلوات الله وسلامه عليه من أجل مراعاة حاجة الناس ، فإن الفقراء الذين يكدحون في المزارع يكونون محتاجين إلى نفقات ينفقونها على أنفسهم ، ويكونون أيضاً أحياناً محتاجين إلى نفقات ينفقونها في زراعتهم ، فهم بسبب هذه الحاجة وسّع النبي صلى الله عليه وسلّم في هذه المعاملة لهم حتى لا يضيّق عليهم لأن المشقة تجلب التيسير .
وعلى أي حال العلماء اختلفوا هل يكون السلم خاصاً بما ورد فيه الترخيص من الرسول صلى الله عليه وسلّم أي لما كان متعاملاً به عند الناس في ذلك الوقت وهو أن يكون السلم في الحبوب وحدها أي الحبوب التي يقتات بها دون غيرها من أنواع الأشياء التي يحتاج إليها الناس كاللباس والحيوانات وغيرها .
فمنهم من قال بان الرخصة لا تتعدى مكانها ، وهذا هو الأصل في الرخصة لأن الرخصة تكون خارجة عن الأصل ، وتكون خارجة عن القياس ، ولذلك قالوا بأن كل ما كان على خلاف القياس فلا يقاس غيره عليه .
ومنهم من ترخص في هذا نظراً إلى مقصد الشارع لأن مقصد الشارع إنما هو التيسير وإذا كانت الحاجة داعية فلا ينبغي أن يفرّق بين ما دعت إليه الحاجة من التوسع فيه في من أنواع ما يسلم فيه وبين شيء آخر بل ينبغي أن يراعى الضبط وتراعى الدقة ، فإذا كانت الدقة متوفرة وكان الضبط متيسراً فإذاّ لا بد من أن يقال بالإباحة عندما تكون الحاجة طارئة .
ونحن نرى في وقتنا هذا أن الضرورة داعية إلى التوسع في كثير من الأشياء بطريقة السلم . هنالك ضرورات مختلفة ضرورات متباينة بعضها يرجع إلى حاجات الناس الشخصية ، وبعضها يرجع إلى حاجات الحكومات والمؤسسات . فمن أمثلة ذلك أن الحكومات تحتاج كثيراً إلى استيراد أسلحة أحياناً كاستيراد مدافع أو استيراد رشاشات أو بنادق غير آلية أو أي شيء من هذا القبيل أي استيراد الآلآت العسكرية أو استيراد الطائرات أو استيراد الدبابات أو استيراد أي شيء من هذا القبيل ، ولا يمكن ذلك إلا بدفع الثمن أولاً فإما أن يكون هذا بطريقة بيع ما هو غير حاضر وهذا غير جائز ، وإما أن يُكيف بطريقة السلم وذلك بأن تتفق الشركة التي تُصنّع هذه الأسلحة أو تُصنّع هذه الطائرات أو تُصنّع هذه الآلآت على اختلاف أنواعها مع الحكومة التي تريد أن تستورد منها وذلك بأن يضبط نوع الأسلحة التي تحتاج إليها الحكومة ومقاديرها وقوتها كما هو معروف الآن فإن هنالك ضبطاً دقيقاً لكل نوع من أنواع الأسلحة وضبطاً دقيقاً أيضاً لكل نوع من أنواع الآلآت التي يحتاج إليها مع تقدير الزمن أي بأن يكون إحضار ذلك في مدة معينة وذلك بأن يكون بعد عام أو بعد عامين أو بعد نصف عام أو نحو ذلك ففي هذا توسع ولا ينبغي أن يضيق على الناس ما دام الناس محتاجين إلى هذه المعاملة ، وقد كان الترخص في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم من أجل هذه الحاجة . على أن هذه في وقتنا هذا لعلها أشد وأعظم من حاجة الناس في ذلك الوقت لأن الناس الآن إما أن يتوسعوا في بهذه الطريقة وإما أن يقعوا في المعاملات المحرمة ذلك بأن يكون بطريق المؤسسات المالية التي تدفع الأموال بطريقة القرض الربوي المحرم ، وهذا بطبيعة الحال غير جائز ، فلئن كان المؤسسات المستوردة أو الحكومة المستوردة تقدم الثمن مع الاتفاق مع الجهة التي أًُسلم إليها بأن يكون التسليم في وقت معين لتلكم البضاعة المطلوبة أو تلكم السلعة المطلوبة فإن هذا هو الذي تحل بالمشكلة والحمد لله .
فينبغي الأخذ بهذا نظراً إلى حاجة الناس إلى ذلك .
على أن نهي النبي صلى الله عليه وسلّم عن بيع الإنسان ما ليس عنده أي ما لا يملك هو نهي عام وترخيصه في السلم هو خاص والخصوص مقدم على العموم فإذا ورد الخاص على العام فإنه يؤخذ بالخصوص ذلك لأجل قوة الدليل الخاص ولأجل ضعف الدليل العام ، حتى أن العلماء أي علماء الأصول قالوا بأن العام وإن كان قطعي المتن فهو ظني الدلالة ولذلك تخصص العمومات بالمخصصات التي هي قد تبدو ضعيفة فيمكن أن تخصص آية من القرآن الكريم بحديث آحادي ، ويمكن أن يخصص حكم أيضاً في القرآن بقياس ويمكن أن يخصص أيضاً حتى بمفهوم المخالفة فضلا ًعن تخصيص القرآن بالقرآن ، أو تخصيص القرآن بالسنة المتواترة ، أو تخصيص السنة بالسنة ، فإن ذلك أمر مما لا يختلف فيه ، والله تعالى أعلم .
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فقد سأل السائل بالأمس عن بيع السلم ، وعن كيفية الجمع بين إباحته وتحريم بيع الإنسان ما لم يملك ، وهل هذا يعني أنه لا بد من أن يكون واجداً لما عامل فيه بطريقة السلم أي بما أُسلم فيه أو غير واجب ؟
على أي حال السلم كما ذكرنا بالأمس إنما هو بيع غائب بحاضر ، ومعنى هذا أن المسلَم فيه لا يلزم أن يكون موجوداً ، وإنما يلزم أن يكون للإنسان الذي أسلم أن يحضره في الوقت المتفق عليه .
وقد هاجر النبي صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة المنورة فوجد الأنصار رضي الله عنهم يسلمون في الحبوب ، فاشترط النبي صلى الله عليه وسلّم أن يكون ذلك بكيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم ، ومعنى ذلك أنه لا بد من أن يكون المقدار محدداً أي المقدار الذي أسلم فيه كأن يكون مثلاً عشرين صاعاً أو أربعين صاعاً أو ثمانين صاعاً أو مائة صاع ، أو أن يكون بالوزن بأن يكون عشرين رطلاً أو أربعين رطلاً أو أقل من ذلك أو أكثر بحسب المعايير المتداولة وبحسب المكاييل المتفق عليها والتي هي معروفة مضبوطة مقدرة تقديراً مع كون الأجل أيضاً معلوماً ، وذلك بأن يكون السلم إلى عام أو إلى نصف عام أو إلى أي وقت يمكن أن يجد المسلَم تلكم البضاعة التي أخذ فيها ثمنها قبل حضورها في وقت وقوع الصفقة بينه وبين المسلم .
وعلى أي حال إنما كان ذلك من الرسول صلوات الله وسلامه عليه من أجل مراعاة حاجة الناس ، فإن الفقراء الذين يكدحون في المزارع يكونون محتاجين إلى نفقات ينفقونها على أنفسهم ، ويكونون أيضاً أحياناً محتاجين إلى نفقات ينفقونها في زراعتهم ، فهم بسبب هذه الحاجة وسّع النبي صلى الله عليه وسلّم في هذه المعاملة لهم حتى لا يضيّق عليهم لأن المشقة تجلب التيسير .
وعلى أي حال العلماء اختلفوا هل يكون السلم خاصاً بما ورد فيه الترخيص من الرسول صلى الله عليه وسلّم أي لما كان متعاملاً به عند الناس في ذلك الوقت وهو أن يكون السلم في الحبوب وحدها أي الحبوب التي يقتات بها دون غيرها من أنواع الأشياء التي يحتاج إليها الناس كاللباس والحيوانات وغيرها .
فمنهم من قال بان الرخصة لا تتعدى مكانها ، وهذا هو الأصل في الرخصة لأن الرخصة تكون خارجة عن الأصل ، وتكون خارجة عن القياس ، ولذلك قالوا بأن كل ما كان على خلاف القياس فلا يقاس غيره عليه .
ومنهم من ترخص في هذا نظراً إلى مقصد الشارع لأن مقصد الشارع إنما هو التيسير وإذا كانت الحاجة داعية فلا ينبغي أن يفرّق بين ما دعت إليه الحاجة من التوسع فيه في من أنواع ما يسلم فيه وبين شيء آخر بل ينبغي أن يراعى الضبط وتراعى الدقة ، فإذا كانت الدقة متوفرة وكان الضبط متيسراً فإذاّ لا بد من أن يقال بالإباحة عندما تكون الحاجة طارئة .
ونحن نرى في وقتنا هذا أن الضرورة داعية إلى التوسع في كثير من الأشياء بطريقة السلم . هنالك ضرورات مختلفة ضرورات متباينة بعضها يرجع إلى حاجات الناس الشخصية ، وبعضها يرجع إلى حاجات الحكومات والمؤسسات . فمن أمثلة ذلك أن الحكومات تحتاج كثيراً إلى استيراد أسلحة أحياناً كاستيراد مدافع أو استيراد رشاشات أو بنادق غير آلية أو أي شيء من هذا القبيل أي استيراد الآلآت العسكرية أو استيراد الطائرات أو استيراد الدبابات أو استيراد أي شيء من هذا القبيل ، ولا يمكن ذلك إلا بدفع الثمن أولاً فإما أن يكون هذا بطريقة بيع ما هو غير حاضر وهذا غير جائز ، وإما أن يُكيف بطريقة السلم وذلك بأن تتفق الشركة التي تُصنّع هذه الأسلحة أو تُصنّع هذه الطائرات أو تُصنّع هذه الآلآت على اختلاف أنواعها مع الحكومة التي تريد أن تستورد منها وذلك بأن يضبط نوع الأسلحة التي تحتاج إليها الحكومة ومقاديرها وقوتها كما هو معروف الآن فإن هنالك ضبطاً دقيقاً لكل نوع من أنواع الأسلحة وضبطاً دقيقاً أيضاً لكل نوع من أنواع الآلآت التي يحتاج إليها مع تقدير الزمن أي بأن يكون إحضار ذلك في مدة معينة وذلك بأن يكون بعد عام أو بعد عامين أو بعد نصف عام أو نحو ذلك ففي هذا توسع ولا ينبغي أن يضيق على الناس ما دام الناس محتاجين إلى هذه المعاملة ، وقد كان الترخص في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم من أجل هذه الحاجة . على أن هذه في وقتنا هذا لعلها أشد وأعظم من حاجة الناس في ذلك الوقت لأن الناس الآن إما أن يتوسعوا في بهذه الطريقة وإما أن يقعوا في المعاملات المحرمة ذلك بأن يكون بطريق المؤسسات المالية التي تدفع الأموال بطريقة القرض الربوي المحرم ، وهذا بطبيعة الحال غير جائز ، فلئن كان المؤسسات المستوردة أو الحكومة المستوردة تقدم الثمن مع الاتفاق مع الجهة التي أًُسلم إليها بأن يكون التسليم في وقت معين لتلكم البضاعة المطلوبة أو تلكم السلعة المطلوبة فإن هذا هو الذي تحل بالمشكلة والحمد لله .
فينبغي الأخذ بهذا نظراً إلى حاجة الناس إلى ذلك .
على أن نهي النبي صلى الله عليه وسلّم عن بيع الإنسان ما ليس عنده أي ما لا يملك هو نهي عام وترخيصه في السلم هو خاص والخصوص مقدم على العموم فإذا ورد الخاص على العام فإنه يؤخذ بالخصوص ذلك لأجل قوة الدليل الخاص ولأجل ضعف الدليل العام ، حتى أن العلماء أي علماء الأصول قالوا بأن العام وإن كان قطعي المتن فهو ظني الدلالة ولذلك تخصص العمومات بالمخصصات التي هي قد تبدو ضعيفة فيمكن أن تخصص آية من القرآن الكريم بحديث آحادي ، ويمكن أن يخصص حكم أيضاً في القرآن بقياس ويمكن أن يخصص أيضاً حتى بمفهوم المخالفة فضلا ًعن تخصيص القرآن بالقرآن ، أو تخصيص القرآن بالسنة المتواترة ، أو تخصيص السنة بالسنة ، فإن ذلك أمر مما لا يختلف فيه ، والله تعالى أعلم .
يتبع بإذن الله تعالى