سؤال أهل الذكر 19 رمضان 1423هـ ، 25/11/2002م

    • سؤال أهل الذكر 19 رمضان 1423هـ ، 25/11/2002م

      (1)

      برنامج سؤال أهل الذكر
      حلقة الأثنين 19 رمضان 1423 هـ ، 25/11/2002م
      الموضوع : عام


      سؤال :
      هناك من يسند إلى السلف من أهل المغاربة أنهم رأوا فرض الكفاية في صلاة الجماعة ، فهل هذا صحيح ؟


      الجواب :
      بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام وعلى سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
      فما من ريب أن جمهور العلماء يقولون بأن صلاة الجماعة هي واجبة على الكفاية سواء أصحابنا مشارقتهم ومغاربتهم أو غيرهم من علماء المذاهب الأخرى ، وهذا الرأي هناك من يخالفه من أصحابنا كما أن هنالك من يخالفه من علماء المذاهب الأخرى .
      وعند الخلاف يجب الرجوع إلى الدليل ونحن تعلمنا من علمائنا أنفسهم أنه مع الاختلاف يجب أن يكون الدليل هو الفيصل وهو المرجع ، ولا يلتفت إلى غيره مع قيام حجته ، فقد حكى الإمام أبو نبهان رحمه الله عن الإمام أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني رحمه الله تعالى أنه عندما أكرمه الله سبحانه وتعالى بحج بيته المحرم وتشرف بزيارة النبي الأكرم عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام قال مشيراً إلى القبر الشريف : لا تقليد إلا لصاحب هذا القبر ، وأما الصحابة فهم أولى بالاتباع لعهدهم برسول الله صلى الله عليه وسلّم ، وأما التابعون فهم رجال ونحن رجال . ولئن كان التابعون هم رجالاً ونحن كذلك رجال في مقابلهم فإنه يجب أن يصار إلى الدليل .
      كذلك الإمام أبو نبهان رحمه الله نفسه إذ يقول فيما يقول في هذا : إياك أن تلتف إلى من قال بل إلى ما قال . ومعنى ذلك أن الأقوال لا تنظر من خلال قائليها بحيث يؤخذ القول باعتبار مكانة قائله ، وإنما يلتفت إلى القول نفسه ومقدار قوته أو ضعفه بسبب عرضه على الدليل ، فمن خلال النظر في القول يُعرف القول الصحيح والقول الضعيف ، ويعرف الراجح والمرجوح . وكذلك نجد أن الإمام السالمي رحمه الله تعالى يقول :
      فنحن حيث أمر القرآن *** لا حيث ما قال لنا فلان
      ويقول أيضا :
      حسبك أن تتبع المختارا *** وإن يقولوا خالف الآثارا
      ويقول أيضا :
      لأنني أقفو الدليل فاعلما *** لم أعتمد على مقال العلماء
      فالعلماء استخرجوا ما استخرجوا *** من الدليل وعليه عرجوا
      فهم رجال وسواهم رجل *** والحق ممن جاء حتماً يقبل
      فالحجة هي الفيصل ونحن نرى الأدلة الكثيرة في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلّم دالة على أن صلاة الجماعة واجبة على الأعيان فما لنا والانصراف عن هذا الدليل أو عن هذه الأدلة إلى قول يخالفها .
      وحسبنا من كتاب الله أن الله تبارك وتعالى شرع صلاة الجماعة في وقت حرج جداً هو أحرج المواقف وأدقها موقف يقف فيه صفان صف المؤمنين وصف من الكافرين متواجهين وكل واحد من الجانبين ينتظر الفرصة للانقضاض على الجانب الآخر في هذا الموقف الحرج أُمر المؤمنون أن يصلوا جماعة وأن ينقسموا إلى طائفتين فالله تبارك وتعالى يقول ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ) ، مع أنه يقول ( ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ) ، ولكن مع هذا أُمر المؤمنون في هذا الموقف الحرج وفي هذا الموقف الصامد وفي هذا الموقف الحساس أن يقيموا الصلاة في الجماعة وما ذلك إلا لأجل وجوبها على الأعيان وإلا فقد كان بإمكان كل واحد أن يصلي بنفسه أو أن تصلي طائفة وتنتظر الطائفة الأخرى تكون هي المواجهة للعدو من غير أن تكون داخلة في الصلاة مع الجماعة ، ولكن نظراً لما في صلاة الجماعة من جمع الشمل واجتماع الكلمة أُمر أن يجتمع الفريقان على إمام واحد .
      ثم إننا نجد أن الله تبارك وتعالى يقول ( واركعوا مع الراكعين ) وقد فسر ذلك كثير من العلماء بأن تُصلى الصلاة مع الجماعة .
      وكذلك يقول الحق تبارك وتعالى ( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) ، وقد قال غير واحد من التابعين بأن الآية ما نزلت إلا في المتخلفين عن صلاة الجماعة من هذه الأمة يسمعون نداء الحق حي على الصلاة حي على الفلاح ثم لا يجيبون .
      ولئن كانت الآيات جاءت مشيرة إلى هذا الحكم غير ناصة عليه فإن الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم جاءت ناصة وصريحة دالة على هذا الحكم فقد جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام الربيع وأخرجه الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : لقد هممت بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فينادى لها ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ، ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار .
      وما كان صلى الله عليه وسلّم ليهم بتحريق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة بالنار إلا لأنهم تركوا واجباً عينياً ، ولو كان هذا الواجب واجباً كفائياً لكانت الكفاية حاصلة به صلى الله عليه وسلّم وبالمؤمنين الذين يقيمونها معه .
      ولو كانت هذه سنة مرغباً فيها لم تنتقل إلى درجة الواجب لما هم النبي صلى الله عليه وسلّم أن ينزل بمن تركها هذا العقاب الأليم الصارم الشديد .
      وما كان تركه صلى الله عليه وسلّم تنفيذ ما هم به إلا لما في البيوت من النساء والأطفال مع أنه لاتزر وازرة وزر أخرى وهذا شيء معلوم ومتبادر ، مع أنه جاءت رواية بذلك كما في رواية أحمد من طريق أبي هريرة وإن كان إسنادها مضعفاً إلا أن مغزاها واضح ، وذلك مما يتبادر إلى الذهن من أول الأمر .
      ولا يقال بأن النبي صلى الله عليه وسلّم بتركه إياها وانصرافه إلى الذين يتخلفون عنها يكون بذلك تاركاً بنفسه لهذا الواجب لأن الواجب يترك لما هو أوجب منه ، على أن النبي صلى الله عليه وسلّم بإمكانه أن يستدرك ذلك بأن يصلي بأولئك الذين ينطلقون معه إلى أولئك القوم جماعة .
      وبالجملة فإن دلالة الحديث على وجوب الصلاة على الأعيان أي صلاة الجماعة دلالة واضحة لا غبار عليها ، ويؤكد ذلك ما جاء في الروايات الأخرى من بين هذه الروايات حديث ابن أم مكتوم الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وقال له : يا رسول إني ضرير البصر شاسع الدار وإن المدينة كثيرة الهوام كثيرة السباع أفتجد لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فلما قال له النبي صلى الله عليه وسلّم نعم وهم بالانصراف ناداه صلى الله عليه وسلّم قال له : أتسمع النداء ؟ قال : نعم أجب إذن . وفي رواية أجب إذن فإني لا أجد لك رخصة . والحديث جاء من رواية ابن أم مكتوم نفسه ، وجاء من رواية أبي هريرة .
      كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلّم لمن جاء مودعاً له لأجل السفر مع أخيه إ: ذا كنتما في سفر فأذنا وأقيما وليؤمكما أفضلكما . وفي رواية فليؤمكما أكبركما . والحديث في الصحيحين وهو دليل على أن صلاة الجماعة يؤمر بها حتى في المواقف الحرجة فالسفر مظنة المشقة ولذلك شرع فيه القصر لأجل ما فيه من المشقة . والسفر مظنة الخوف ولا سيما في الأوقات التي يتربص فيها المشركون بالمؤمنين الدوائر ويريدون الانقاض عليهم ، ولكن مع هذا أُمر الرجلان أن يصليا جماعة في سفرهما . والأمر للوجوب ما لم تصرفه قرينة ، وليست هنالك قرينة صارفة عن هذه الدلالة بل القرائن مؤكدة لها .
      على أننا إن اعتبرنا أن قول الصحابة رضوان الله عليهم أولى بالاتباع من قول غيرهم لأنهم أقرب عهداً إلى رسول الله صلى الله عليه سلّم ، وأدرى بالأحكام التي صدرت عنه عليه أفضل الصلاة والسلام ، فإننا نجد فيما يقوله الصحابة ما يؤكد هذا الرأي إذ لم أجد قط عن أحد من الصحابة قولاً يخالف القول بأن صلاة الجماعة واجبة على الأعيان .
      ما رأيت عن أحد من الصحابة رضوان الله عليهم قولاً يدل على أن صلاة الجماعة واجبة على الكفاية ، أو أنها سنة مرغب فيها . بل كل أقوالهم تدل على أنهم يرون وجوبها وجوباً عينياً يلزم كل واحد بعينه . ومن الدلائل التي تدل على ذلك ما أخرجه الجماعة إلا البخاري والترمذي من رواية ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال : من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هذه الصلوات الخمس حيث ينادى بهن يعني في المساجد فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى ، وإنهن من سنن الهدى ، ولو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد رأيت الرجل يهادى بين الرجلين من المرض حتى يقيماه في الصف . ومعنى ذلك أنه قد انتشر في أواسط الصحابة رضوان الله عليهم أن من تخلف عن صلاة الجماعة فهو منافق كانوا يعدون المتخلف عنها منافقاً معلوم النفاق ، وبلغ بهم الحال أن أحدهم وهو مريض يتوكأ على رجلين يسيران به إلى المسجد حتى يقيماه في الصف وهو يميل ذات اليمين وذات الشمال .
      ولئن كان المريض من الصحابة رضوان الله عليهم ما يتخلف عن صلاة الجماعة بل يحرص على حضورها ويرى أن هذا التخلف سمة النفاق. وكذلك النبي صلى الله عليه وسلّم لم يعذر ابن أم مكتوم مع كونه شكا ما شكا ، شكا أنه ضرير البصر وأنه شاسع الدار وأن المدينة كثيرة الهوام كثيرة السباع ، فكيف بمن كان بخلاف ذلك . كيف بالمبصرين ؟ وكيف بمن كانوا أقرب إلى المساجد وهم يسمعون النداء ، وبإمكانهم التردد إلى المساجد في وضح النهار أو تحت أشعة الكهرباء في الليل ، كيف يعذر هؤلاء عن حضور صلاة الجماعة ؟
      لا ريب أن صلاة الجماعة واجبة على الأعيان لأجل هذه الدلائل ولأجل دلائل غيرها أيضاً تؤكد هذا المعنى .
      فلا ينبغي للإنسان بل لا يجوز له مع قيام هذه الحجة عليه أن يتشبث بأقوال الرجل بدلاً من أن يتعلق بالدليل ، فإن التعلق بأقوال الرجال مع قيام الأدلة على خلاف ما ذهبوا يعتبر أمراً مخالفاً لنهج السلف الصالح .
      وأولئك العلماء أنفسهم علمونا بأن نتشبث بالأدلة وأن نستمسك بها وأن تعرض أقوالهم على الأدلة فنحن لم نخالفهم بل وافقناهم ، وبهذا علينا أن نتبع ما دل عليه الدليل، والله تعالى أعلم .


      يتبع بإذن الله تعالى
    • (2)

      سؤال :
      هل صلاة الجماعة المقصود منها تحقيقها بأي حال وعلى أي صورة ، أم لا بد من أن تكون في مسجد الجماعة لأن البعض قد يصلي الجماعة بأولاده في البيت ، فهل يصح له ذلك ؟


      الجواب :
      أولاً قبل كل شيء علينا أن ندرك المغزى من مشروعية صلاة الجماعة ، ما هو المغزى ؟ إن دين الإسلام هو دين الفطرة ، دين يدعو إلى الاجتماع والوحدة والتئام الكلمة ونظافة القلوب وحسن العلاقة وتمكين الصلة بين الناس ، والناس بطبيعة الحال خلقوا أسوياء الفطرة ولذلك خلق كل أحد محتاجاً إلى الآخر ، ولا يمكن لأحد أن يستغني عن الآخر ، وهذه العلاقات التي بين الناس يجب أن تقوم على أساس العقيدة والصلة بالله سبحانه وتعالى ، فلذلك شرع في دين الله ما شرع من أسباب الاجتماع ووحدة الصف واجتماع الكلمة ورأب الصدع ونظافة النفوس وطهارة القلوب فقد شرع الله سبحانه وتعالى العبادة بطريقة جماعية ويشير إلى ذلك ما نردده في سورة الفاتحة وهو قوله سبحانه ( إياك نعبد وإياك نستعين ) فإن الله سبحانه علمنا هنا أن نوجه العبادة إلى الله التي هي صلة بين العابد وبين ربه سبحانه وتعالى علمنا أن نوجهها إليه بطريقة جماعية لا بطريقة فردية إذ لم يعلمنا أن نقول إياك أعبد وإياك أستعين وما ذلك إلا لأجل تذكير الناس بأن الدين يدعو إلى الوحدة والاجتماع وللقضاء على أسباب الفرقة والشقاق ، ولذلك كان هذا الذي يريده الله تبارك وتعالى منا منعكساً فيما أمر به من إقامة صلاة الجماعة فنجد أن صلاة الجماعة داعية إلى الوحدة والتآلف واستلال السخائم والقضاء على الأحقاد حيث يجتمع أهل الحي في المسجد الواحد ، يجتمع القوي والضعيف والغني والفقير والرئيس والمرؤوس والصغير والكبير والأبيض والأسود ليصطفوا بين يدي الله تعالى على قدم المساواة منتظمة حركاتهم ، يرددون ما يردده الإمام من كلمة الله أكبر والثناء على الله سبحانه وتعالى ، ويتحركون وراءه متساوية أقدامهم ، يقف هذا بجنب هذا لا فرق بين هذا وذاك ، وفي هذا من تعليم النظام وتعليم أسباب الألفة والوحدة ما لا يخفى على اللبيب . فلا ينبغي للمسلم أن يفرّط في هذا ، بل لا يجوز له أن يفرط في ذلك لأن التفريط في ذلك إنما هو تفريط في الدين ، وتفريط في أسباب قوة الأمة ووحدتها ، وفي أسباب تآلفها واقتراب بعضها من بعض .
      وما أحرى الإنسان أن يخرج بأولاده إلى المسجد ليعودهم الصلاة في المسجد وهم صغار حتى ينشأوا على ذلك عندما يكبرون ، وذلك مما ينعكس أثره على الأولاد أن يروا كيف انتظام حركات المصلين وهم يركعون معاً وراء الإمام ، ويرفعون معاً ، ويخرون للسجود معاً ، ويرفعون منه معاً ، ويدخلون في الصلاة في وقت واحد عندما يكونون جميعاً وراء الإمام ، ويخرجون منها جميعاً أيضاً ، في هذا ما يدعو إلى تآلف القلوب ووحدة الصف .
      فما للإنسان والإعراض عن ذلك بدعوى أنه يقيم الجماعة . نعم إن كان الإنسان في حالة عذر فله أن يصلي الجماعة بمن يجده من أهل بيته من أولاده حتى امرأته إن لم يتمكن من الذهاب إلى المسجد بسبب من الأسباب فإن ذلك مما يشرع ، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلّم ببعض الناس في البيوت كما وقع ذلك في حديث انس وجدته التي صفت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلّم ووراء أنس وفي هذا ما يدل على أن صلاة الجماعة قد تشرع في البيوت عندما يكون متعذراً على الإنسان أن يذهب إلى المسد ، فلا مانع عندما تفوت صلاة الجماعة في المسجد أن يصلي بمن يجده في بيته ، والله تعالى أعلم .



      سؤال :
      جماعة من التجار يتناوبون في أداء صلاة الجماعة حتى أنهم يصلون اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وذلك حتى لا تقفل محلاتهم فيأتي الرجل من ذلك المحل ليصلي مع آخر من هذا المحل وهكذا دواليك ويقوم التناوب على هذا الأساس ، ومنهم من يصلي منفرداً حيث أنهم يصلون قصرا دون جمع . والمكان واحد المسجد ليس ببعيد ، فما قول سماحتكم ؟


      الجواب :
      يُأمرون أن يذهبوا إلى المسجد ما داموا يسمعون النداء ، ولا عذر لهم اللهم إلا إن كانت ضرورة لا محيص عنها . أما من أجل التجارة فالتجارة لا تستمر في جميع الأوقات ، وينبغي في أوقات الصلوات أن تعطل التجارة من أجل الصلاة ، والله تعالى أعلم .


      سؤال :
      امرأة مسنة تعاني من أمراض - شفاها الله تعالى منها - مثل القرحة الحادة في المعدة وأمراض الكبد والطحال منذ رمن بعيد وإذا صامت أكثر من ثلاثة أيام تأثر كثيراً وتتدهور صحتها ولا تقوى على الصيام وتضطر إلى أن تذهب إلى المستشفى . فهل يجب عليها الصيام وهي على هذه الحالة ؟ وإذا كان لا يجب عليها الصيام فماذا يجب عليها إذا كان الإطعام يجزيها أن تطعم مسكيناً واحداً لكل يوم الأيام التي أفطرتها وما هو المقدار الذي يجب عليها إذا كان الإطعام نقوداً أو طعاما ؟


      الجواب :
      على أي حال إن كانت عاجزة عن الصيام بسبب أن الصيام يزيد في مرضها أنه يؤخر برئها أو أنها تصاب بإعياء شديد من جرائه بحيث لا تطيقه ففي هذه الأحوال جميعاً لها أن تأكل وتطعم عن كل يوم مسكيناً إن كانت هذه العلة على مزمنة فيها . والإطعام على القول الراجح هو نصف صاع لأن حديث كعب بن عجرة دل على أن المسكين يُطعم نصف صاع ، والله تعالى أعلم .


      سؤال :
      إذا لم يجب عليها الصيام فهل تصلي التراويح وصلاة السحر ؟


      الجواب :
      ما المانع من ذلك ، إنما هذا لأجل الشهر وليس هو لأجل الصيام .


      يتبع بإذن الله تعالى
    • (3)

      سؤال :
      ماذا على الإمام إذا صلى ثلاث ركعات اعتقاداً منه أنه صلى أربعا في صلاة العشاء ولم ينبه المأمومون إلا بعد أن سلّم ؟ وماذا عليه لو نبهه بعد أن جلس للتشهد ؟


      الجواب :
      إن نبهوه بعد الجلوس للتشهد فعليه أن يتم الرابعة ، وكذلك إن انتبه قبل السلام فعليه أن يتم الرابعة بل لو تنبه بعد السلام وقبل أن يأتي بما ينقض الصلاة فعليه أن يتم الرابعة وعليه أن يسجد لسهوه ولا حرج عليه في ذلك . أما إن أتى بما ينقض الصلاة في حال انصرافه من الصلاة ففي هذه الحالة عليه أن يعيد الصلاة من جديد وذلك عندما يكون متيقناً بأن ما قيل له صحيح ، أما إن كان بخلاف ذلك فلا يلتفت إلى الشك بعد اليقين والله تعالى أعلم .


      سؤال :
      رجل مصاب بشلل كامل ومتأثر من ذلك نفسياً ومعنوياً وأشيع عنه أنه طلق زوجته وصدقت الزوجة ولم تعتد عليه ولكن لم تحضر ذلك الطلاق ولم يخبرها أي أحد شهد الطلاق ، فهل يحرمها ذلك من حق الميراث ؟؟


      الجواب :
      الأصل أنها زوجته حتى تقوم البينة العادلة على أنها طلقت ، وإن كانت طلقت طلاقاً رجعياً وماتت في أثناء العدة عدة الطلاق فإنها في هذه الحالة ترث أيضاً وتلزمها عدة الوفاة أي تنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة ، والله تعالى أعلم .


      سؤال :
      طالبة تدرس في كلية تبعد عن بيتها أكثر من أربعين كيلومتر فهل لها أن تقصر الصلاة ؟


      الجواب :
      بل عليها أن تقصر لأن هذه هي السنة الثابتة عن رسول صلى الله عليه وسلّم ، فالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام صلى الظهر بالمدينة أربعاً وصلى العصر في ذي الحليفة ركعتين لما بين ذي الحليفة والمدينة من مسافة القصر ، وعلى أي حال عليها أن تقصر الصلاة بل يجب عليها ذلك ، والله تعالى أعلم .


      سؤال :
      في من يصوم في دولة تقدمت عنا بيوم ثم جاء إلى هنا وفي حال أننا صمنا ثلاثين يوما سيصوم هو واحد وثلاثين يوما ؟


      الجواب :
      هذه المسألة اختلف فيها من العلماء من قال بأنه إن انتقل إلى دولة فعليه أن يصوم بصيام تلك الدولة أو انتقل إلى بلد فعليه أن يصوم بصيام ذلك البلد ولو زاد الصيام على ثلاثين يوما ، وحجة هؤلاء قول النبي صلى الله عليه وسلّم : الصوم يوم تصومون الفطر يوم تفطرون .
      ومنهم من قال بأن الصيام لا يزيد على ثلاثين يوماً ، وعلى هذا فإن تيقن دخول الشهر بحيث قامت الحجة الشرعية بدخول الشهر في البلد الذي كان فيه وانتقل إلى بلد آخر وزاد صيام ذلك البلد عن ثلاثين يوماً باعتبار صيامه هو الذي بدأه في البلد الآخر فعليه أن يفطر بعد مجاوزة الثلاثين ، وكلا القولين له وجه من النظر ، والله تعالى أعلم .


      سؤال :
      هل يصح للحائض أن تقرأ القرآن الكريم عن ظهر قلب ؟


      الجواب :
      منعت الحائض من القراءة قراءة القرآن إن كانت تنطق به ، أما أن تكيفه في قلبها فغير ممنوع ، أي لا يمنع تكييف القرآن بالقلب وإنما يمنع النطق به كما يمنع مس المصحف بالنسبة إليها .


      سؤال :
      إذا كانت الأم تزكي عنها وعن بناتها زكاة الذهب منذ أن كن صغاراً والبنات الآن كبرن وصارت كل واحدة منهن تتقاضى راتباً معيناً لكن الأم لا تزال تدفع زكاة الذهب عنهن ، فما الحكم هل تُلزم البنات بالزكاة عن ذهبهن ؟


      الجواب :
      إن كانت الأم تدفع الزكاة بموافقة البنات ورضاهن واتفاقهن على ذلك فذلك يسقط الزكاة عنهن وإلا فلا .


      سؤال :
      إذا اقترض إنسان من آخر مبلغاً من المال وقدره ألفين وسبعمائة ريال ولم يحدد دفعة معينة لاسترجاع هذا المبلغ وذلك الشخص أخذ يجمع المبلغ شيئا فشيئاً لمدة ثلاث سنوات حتى اكتمل فهل كان عليه أن يدفع الزكاة عن ذلك المال خلال تلك المدة ، أم أن الزكاة تجب على صاحب المال الحقيقي ؟


      الجواب :
      الزكاة المدين الذي دينه غير محدد بأجل يسقط عنه مقدار ذلك الدين من الزكاة أي تسقط الزكاة بمقدار ذلك الدين إن كان الدين غير مؤجل أو كان مؤجلاً وحضرا أجله . وأما بالنسبة إلى الدائن فعليه أن يزكي الدين الحاضر أي الدين الذي لم يحدد بوقت أو الذي حدد وقته وحضر فهو عليه أن يزكيه إلا إن كانت الزكاة على غير وفي أو كانت الزكاة على غير ملي ، ومعنى ذلك إن كان الدين على معسر أو كان الدين على مماطل فليس عليه أن يزكيه حتى يقبضه ، والله تعالى أعلم .



      يتبع بإذن االله تعالى
    • (4)

      سؤال :
      ما حكم مشاهدة المسلسلات في نهار رمضان ، وما نصيحتكم لمن يصرف وقته في مشاهدتها ؟


      الجواب :
      نحن قبل كل شيء ندعو إخواننا المسلمين جميعاً إلى أن يحرصوا على الوقت فإن الوقت ثمين ، الوقت فرصة الإنسان الذهبية التي إن فوّتها فاته الخير الكثير ، وهو مما يسئل عنه يوم القيامة ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم : لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسئل عن خمس عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله ما أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وماذا عمل فيما علم ؟ يسأل عن عمره فيما أفناه لأن العمر هو الموهبة الكبرى التي تترتب عليها المواهب الأخرى فكل نعمة من نعم الله سبحانه ينعمها على عبده تترتب على نعمة الحياة ، لأن الحياة هي وعاء هذه النعم جميعا ، فلذلك كانت المحافظة على هذه الحياة وجميع أجزائها جميع أوقاتها من واجب هذا الإنسان بحيث يصرف هذا الوقت فيما يرضي الله تبارك وتعالى من أنواع الطاعات وأنواع القربات ومنافع الإنسان في دينه ودنياه ، يصرف الإنسان وقته في طلب العلم أو في مدارسة القرآن الكريم ، أو في الأمر بالمعروف ، أو في النهي عن المنكر ، أو في الاستفادة مما ينفع من كسب حلال أو علم يرتقي به إلى الخير ولو كان علماً دنيوياً ولكن ينتفع به ، لا أن يميت الوقت فيما لا يعود عليه بالمنفعة فإن ذلك مما يضر بالإنسان . ولئن كان العمر كله نعمة كبرى من الله سبحانه وهو وعاء النعم الأخرى كما ذكرنا فإن الشباب في عمر الإنسان هو المرحلة الذهبية لما يتميز به من الفتوة والقوة والطموح ، فلذلك كان حرياً بالإنسان وهو في شبابه أن يستغل فرصة الشباب لأنه يقوى فيه على ما يقوى عليه في غيره ، يقوى في شبابه على إتيان كثير من الطاعات وفعل كثير من الخير مما لا يقوى عليه بعد فوات مرحلة الشباب ، فلذلك كان يسئل عن شبابه سؤالاً خاصاً بجانب كونه يسئل عن عمره كله سؤالاً عاما ، فلذلك كان حرياً بهذا الإنسان أن يستغل هذه الفرص ، هذا من ناحية الوقت .
      أما من ناحية الحكم فإن العبرة بما في هذه المسلسلات هل هذه المسلسلات فيها ما لا يحمد كرؤية المناظر الشائنة القبيحة وذلك بأن يرى النساء المتبرجات الكاسيات العاريات ، أو يرى شيئاً مما لا يجوز النظر إليه ، أو يسمع شيئاً مما لا يجوز له الإصغاء إليه فإن كان كذلك فإن ذلك مما يتنافى كل التنافي مع ما يطلب منه في رمضان وفي غيره ، على أن الصيام داعية التقوى فإن الله تبارك وتعالى يقول ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) ، ويقول في آخر آيات الصيام ( كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون ) ، والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم يقول : من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه . وفي حديث آخر : ولا صوم إلا بالكف عن محارم الله .
      ومعنى ذلك أنه لا بد من أن ينضبط الصائم في جميع تصرفاته وأعماله حتى تكون وفق شريعة الله سبحانه وتعالى فلا يستعمل العين إلا فيما يجوز النظر إليه ، ولا يستعمل الأذن إلا فيما يجوز الإصغاء إليه ، ولا يستعمل اليد إلا فيما يجوز تناوله أو دفعه أو البطش به ، وكذلك لا يستعمل الرجل إلا في المشي الحلال ، ولا يستعمل أي جارحة إلا فيما أباحه الله . أما أن يقضي سحابة نهاره وهو في ممارسة المحرمات فذلك مما يتنافى كل التنافي مع الصيام ومع حكمته ومع الغاية من مشروعيته ، والله تعالى أعلم .


      سؤال :
      أعطى رجل مالاً لشركة من أجل المضاربة على من تجب الزكاة إذا كان على صاحب المال وهو قد قدم ذلك المال في رجب وهو يزكي في رمضان والشركة لا يمكن أن تخبره بالربح أو الخسارة إلا في ذي الحجة فكيف يزكي ذلك المال ؟


      الجواب :
      من المفروض أن تكون هذه الشركة قائمة من أول الأمر على الأحكام الشرعية ومن بين هذه الأحكام تزكية هذا المال ، من المفروض هكذا لأن المال المشترك فيه كالمال الواحد فهذا يدفع من عنده وذلك يدفع من عنده وباشتراك المجموعة في التجارة يكون حكم أموالهم كالمال الواحد ، أما عندما تكون الشركة غير متقيدة بهذا ففي هذه الحالة على صاحب كل سهم أن يدفع الزكاة عن نصيبه عن حصته عندما يحين موعد زكاته ، والله تعالى أعلم ، وعليه في هذه الحالة أن يتحرى الربح بقدر مستطاعه .


      سؤال :
      كان المصلون في جماعة ولكن الإمام سها فسبح له عدد غير قليل حتى الصبيان مما دفع ذلك بعض كبار السن أن يناديهم فيقول لا ينبغي أن يتكلم كلكم ، فهل تجب إعادة الصلاة على ذلك الرجل فقط أم على الصف بأكمله ؟


      الجواب :
      ذلك الذي تكلم بما هو خارج مما يقال في الصلاة وخارج عن مصلحة الصلاة هو الذي عليه أن يعيد الصلاة أما غيره فلا ينطبق عليه هذا الحكم .


      تمت الحلقة بعون الله وتوفيقه