ذاكرة الجسد

    • ذاكرة الجسد

      إهداء
      إلى مالك حداد ...
      إبن قسنطينة الذي أقسم بعد إستقلال الجزائر ألا يكتب بلغة ليست لغته...
      فإغتالته الصفحة البيضاء...ومات متأثرا بسلطان صته
      ليصلح شهيد اللغة العربية , و أول كاتب قرر أن يموت صمتا و قهرا و عشقاً لها .
      و إلى أبي ...
      عساه يجد ((هناك)) من يتقن العربية , فيقرأ له أخيرا هذا الكتاب ...كتابه



      أحلام
    • " روايتها دوختني.
      وأنا نادراً ما أدوخ أمام رواية من الروايات ..
      وسبب الدوخة أن النص الذي قرأته يشبهني إلى درجة التطابق ، فهو مجنون ، ومتوتر ، ، واقتحامي ، و متوحش ، و إنساني ، وشهواني ..وخارج على القانون مثلي ..


      ولو أن أحداً طلب مني أن أوقع اسمي تحت هذه الرواية الاستثنائية المغتسلة بأمطار الشعر .. لما ترددت لحظة واحدة .."


      كانت هذه بعض من كلمات نزار قباني التي وقع بها على الغلاف الخلفي للرواية الرائعة ..
      ذاكرة الجسد ..


      الرواية للكاتبة أحلام مستغانمي .. و الآن أنا بصدد قراءتها للمرة الثالثة على التوالي
      لن أخبركم عن مدى روعة الرواية ، سأكتب لكم بعض المقتطفات منها .. ولمن يعجبه هذا النوع من الكتابات أنصحه باقتناء الكتاب ..

      المقتطفات مبعثرة ، بين أول حرف وآخر حرف ..
      تابعوها ..

      تقبلوا تحياتي ..
    • قبل اليوم ، كنت أعتقد أننا لا يمكن أن نكتب عن حياتنا إلا عندما نشفى منها .
      عندما يمكننا أن نلمس جراحنا القديمة بقلم ، دون أن نتألم مرة أخرى .
      عندما نقدر على النظر خلفنا دون حنين ، دون جنون ، ودون حقد أيضاً .
      أيمكن هذا حقاً ؟
      نحن لا نشفى من ذاكرتنا .
      ولهذا نحن نكتب ، ولهذا نحن نرسم ، ولهذا يموت بعضنا أيضاً .
    • أجمع الأوراق المبعثرة أمامي , لأترك مكاناً لفنجان القهوة و كأنني أفسح مكاناً لك ..
      بعضها مسودات قديمة , و أخرى أوراق بيضاء تنتظر منذ أيام بعض الكلمات فقط ....كي تدب فيها الحياة , و تتحول من ورق إلى أيام.
      كلمات فقط , أجتاز بها الصمت إلى الكلام , و الذاكرة إلى النسيان, ولكن...
      تركت السكر جانباً , و إرتشفت قهوتي مرة كما عودني حبك.
      فكرت بغرابة هذا الطعم العذب للقهوة المرة , و لحظتها فقط , شعرت أنني قادر على الكتابةعنك فأشعلت سيجارة عصبية , و رحت أطارد دجخان الكلمات التي أحرقتني منذ سنوات , دون أن أطفئ حرائقها مرة فوق صفحة.
      هل الورقة مطفأة للذاكرة؟
      نترك فوقه كل مرة رماد سيجارة الحنين الأخير , وبقايا الخيبة الأخيرة ..
    • في النهاية , ليست الروايات سوى رسائل وبطاقات , نكتبها خارج المناسبات المعلنة....لنعلن نشرتنا النفسية , لمن يهمهم أمرنا.
      و لذا أجملها تلك التي تبدأ بجملة لم يتوقعها من عايش طقسنا و طقوسنا.
      و ربما كان يوماً سبباً في كل تقلباتنا الجوية.
    • كان مارسيل بانيول يقول :
      ((تعود على إعتبار الأشياء العادية ...أشياء يمكن أن تحدث أيضاً))
      أليس الموت في النهاية شيئاً عادياً.تماماً كالميلاد , والحب , والزواج, والمرض , والشيخوخة, والغربة والجنون, وأشياء أخرى؟

      فما أطول قائمة الأشياء العادية التي نتوقعها فوق العادة , حتى تحدث .والتي نعتقد أنها لا تحدث سوى للآخرين , وأن الحياة لسبب أو لآخر ستوفر علينا كثيراً منها , حتى نجد أنفسنا يوماً أمامها.

      عندما أبحث في حياتي اليوم ، أجد أن لقائي بك هو الشيء الوحيد الخارق للعادة حقاً..
      الشيء الوحيد الذي لم أكن لأتنبأ به ، أو أتوقع عواقبه علي ، لأنني كنت أجهل وقتها أن الأشياء غير العادية ، قد تجر معها أيضاً كثيراً من الأشياء العادية .
      ورغم ذلك ..
      مازلت أتساءل بعد كل هذه السنوات ، أين أضع حبك اليوم ؟
      أفي خانة الأشياء العادية التي قد تحدث لنا يوماً كأية وعكة صحي أو زلة قدم .. أو نوبة جنون ؟
      أم أضعه حيث بدأ يوماً؟
      كشيء خارق للعادة ، كهدية من كوكب ، لم يتوقع وجوده الفلكيون ، أو زلزال لم يتنبأ به أية أجهزة للهزات الأرضية .
      أكنت زلة قدم .. أم زلة قدر؟؟
    • هنالك صحف يجب أن تغسل يديك إن تصفحتها وإن كان ليس للسبب نفسه كل مرة .
      فهناك واحدة تترك حبرها عليك .. وأخرى أكثر تألقاً تنقل عفونتها إليك ..
      ألأن الجرائد تشبه دائماً أصحابها ، تبدو لي جرائدنا وكأنها تستيقظ كل يوما مثلنا بملامح متعبة وبوجه غير صباحي غسلتها على عجل
      ونزلت به إلى الشارع .. هكذا دون أن تكلف نفسها مشقة تصفيف شعرها أو وضع ربطة عنق مناسبة ...أو إغرائنا بابتسامة.