
غالباً ما تتغير حياتنا برؤيا بعض الأفراد الذين يعيشون العظمة !
الذين يصرون على تحقيق أفكارهم ..
فلاحة في ملامحها جمال الورد المديني
و في روحها شذى النعنع الطيب الرائحة ..
لذا هي تنعش كل من حولها بالحياة
كما ينعشك تناول كأس شاي مدني منعنع .
أن تعيش لذاتك فهذا شيء عادي و طبيعي .لكن أن تهب حياتك و عمرك للآخرين فهذه العظمة التي قليلا ما تتكرر .
ريا سيدة و زوجة ككل الزوجات الطيبات القرويات تحرص على انظباط بيتها و جماله و إن كان سقفه من خشب الأثل و الطرفا
البيت الجميل يبدو لي ليس اثاثاً فاخراً بقدر ما هي روح تسري بين جوانبه لتصبغ كل جدار بالجمال
روح الجمال ،الهدوء،السكينة …
لذا يقال لدينا بالمدينة حينما تأكل عند آخر و يعجبك أكله
” الأكل فيه نَفَس” أي مُعد بطيبة خاطر لا لملء العين .
عاشت و مازلت ريا تعيش للآخرين
تماماً كأمها العظيمة التي رفضت الزواج لتربي أيتام زوجها فعاشت عيشة رضية هنية و توفاها الله وهي على أحسن حال …
وهبت ريا حياتها لوالدتها كبيرة السن ، لأختها المريضة التي لم يزرقها الله ذرية يعنون بها ،لعمتها التي كبر سنها ، و لزوجها المريض بالقلب و لأولادها الذين بعضا منهم مريض فمن مريض بشلل الأطفال ، إلى مريض بالقلب ،إلى آخر صبي شقي كثيرا ما تتسبب شقاوته لها لكثير من المتاعب ..
الشيء العجيب أن الله تعالى أكرمها بشفاء ابنها من شلل الأطفال ، و شفاء الآخر من مرض القلب بعد أن فطر قلبها بعض الأطباء أنه لن يعمر طويلا ..
لم تتخل يوماً عن واجبها حتى لحقت عمتها بربها وهي راضية عنها ، وكذلك والدتها ..
لازلت أذكر الدرب في القرية التي حفرها مشي ريا لبيت والدتها ..درب ترابية معروفة لكل سكان القرية أنها خاصة بـ ريا !!
الشيء العجيب أنها لاترى سعادتها إلا بسعادة أولئك !
وهذه عظمة أخرى ! هل السعادة تكمن لديها في العطاء ؟
نسيت إخباركم بشيء عجيب : ريا منذ ثلاثين سنة وهي لاتنس فقراء القرية من افطار رمضان ،فلا تتناول شيئا من افطارها إلا بعد وصول ابنها و اخبارها أنه قد أوصل الافطار لفقراء ينحدرون من كراتشي المدينة الباكستانية ،حط بوالدهم الترحال ليجاور عند مسجد الحبيب عليه الصلاة و السلام ..
نصار،محمود،علي ،صالح …الخ فلاحين مصريين و عمال مزارع بالقرية لا يحملوا هم الافطار برمضان لأن السيدة ريا لا تنساهم كذلك ..
عظيمة في عطائها ..في برها ..في تسامحها ..عظيم أن تقابل شخصا مثلها لتتعلم معنىً من معاني الحياة العظيمة معنى العطاء بلا حدود ..
منقول للفائدة