صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظة الله و رعاه
سلطان عمان
بمناسبة يوم النهضة المباركة
حبيت انزل هالموضوع
السيرة الذاتية لقائدنا المفداء
تم تقليل : 80% من الحجم الأصلي للصورة[ 500 x 466 ] - إضغط هنا لعرض الصورة بحجمها الأصلي

:../حاكم سلطنة عمان جلالة السلطان قابوس بن سعيد
المولد و النشأة
ولد السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد ، سلطان عمان ، في مدينة صلالة بمحـافظة ظفار في 18 شوال 1359هـ الموافق 18 نوفمبر 1940م، وهو في الترتيب يعد السلطان الثامن المنحدر من الإمام أحمد بن سعيد المؤسس الأول لأسرة آل بوسعيد سنة 1744م.
و في طفولته تلقى مبادئ اللغة العربية و الدين الإسلامي على أيدي أساتذة مختصين كل في مجاله، كما درس المرحلة الابتدائية في المدرسة السعيدية بصلالة، و في سبتمبر 1958م أرسله والده السلطان سعيد بن تيمور إلى انجلترا حيث واصل تعليمه لمدة عامين في مؤسسة تعليمية خاصة هي مدرسة (سافوك) الشهيرة، ثم إلتحق في عام 1379هـ الموافق1960م بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية كضابط مرشح، حيث أمضى فيها عامين من عمره درس خـلالها العلوم العسكرية وتلقى فنون الجندية ، وتخرج فيها برتبة ملازم ثان، ثم انضم إلى إحدى الكتائب البريطانية العاملة آنذاك في ألمانيا الغربية - قبل الوحدة الألمانية - حيث أمضى ستة أشهر كمتدرب في القيادة العسكرية.
أن أتم تلك الفترة الهامة ، والتي شكلت خبراته العسكرية للمراحل التي تلت، عاد إلى بريطانيا حيث درس لمدة عام في مجال نظم الحكم المحلي، وأكمل دورات تخصصية في شؤون الإدارة وتنظيم الدولة. ثم هيأ له والدة الفرصة التي شكلت جزءاً من اتجاهه بعد ذلك، فقام بجولة حول العالم استغرقت ثلاثة اشهر، زار خلالها العديد من دول العالم، عاد بعدها إلى البلاد عام 1383هـ الموافق 1964م حيث أقام في مدينة صلالة.
وعلى امتداد السنوات الست التالية التي تلت عودته ، تعمق السلطان قابوس في دراسة الدين الإسلامي، وكـل ما يتصل بتاريخ وحضارة عُمان دولة وشعباً على مر العصور. وقد أشار في أحد أحاديثه - القليلة - إلى أن إصرار والده على دراسة الدين الاسلامي وتاريخ وثقافة عمان ، كان لها الأثر العظيم في توسيع مداركه ووعيه بمسؤولياته تجاه شعبه العماني والإنسانية عموماً. كما أنه قد استفاد كثيراً من التعليم الغربي الذي تلقاه وخضع لحياة الجندية ولنظام العسكرية في بريطانيا ، ثم كانت لديه الفرصه في السنوات التي تلت عودته إلى صلالة بيقرأ الكثير من الأفكار السياسية والفلسفية للعديد من المفكرين الذين شكلوا فكر العالم.
قابوس سلطاناً
بعد عودته بأفكار جديدة للإصلاح، فوجئ قابوس بوالده الذي لم يتعظ من سقوط الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين في اليمن يضعه في شبه عزلة تامة بعيداً عن الحل و العقد في أمور الدولة، الأمر الذي لا يتناسب مع مكانته كولي للعهد.
و بينما كانت ثورة ظفار الشيوعية تزداد قوة، و تكاد توشك على الإطاحة بحكم آل بوسعيد إلى الأبد، أدرك قابوس أن الحل لن يكمن في والده سعيد بن تيمور فأنقلب على أبيه، و وثب على الحكم ليبدأ تصحيح الأمور.
وصل قابوس بن سعيد الحكم في وضع كانت معه سلطنة عمان ترزح تحت وطأة الفقر والتخلف، و واقعة بين فكي حرب أهلية ضروس بسبب ثورة ظفار الشيوعية ضد والده، لكنه تمكن من إخماد الثورة بعد خمس سنوات سنوات، و ثبت أركان حكمه جيداً ، كما شرع بإتخاذ الخطوات التي من شأنها ووضع نظام أساسي للدولة وكذلك إعمار السلطنة مستعيناً بمساعدات وخبرات خارجية، و من ثم بالإستعانة بعائدات النفط العماني.
اهتماماته و هواياته
اهتماماته و هواياته
لعل اهتمام السلطان قابوس بدفع عمان إلى حالة متقدمة من المعاصرة مع الإبقاء على الأصالة العمانية التقليدية بحيث لا تفقد عمان هويتها ، وفي إطار ذلك يكون اهتمام قابوس بالثقافة هو الشيء الأبرز، و الذي ترك آثاره الواضحة في عمان، فبفضل قراره أصبح لدى السلطنة أوركسترا سلطانية من عازفين و عازفات على مستوى عالٍ من التدريب.
كما رعت مؤسسات الدولة مشروعاً ضخماً لتوثيق تاريخ عُمان منذ فجر التاريخ، و مشاريع ثقافية أخرى كثيرة.
وللسلطان قابوس اهتمامات واسعة بالدين واللغة والأدب والتاريخ والفلك وشؤون البيئة، حيث يظهر ذلك جليا في الدعم الكبير والمستمر للعديد من المشروعات الثقافية، وبشكل شخصي، محليا وعربياً ودوليا، سواء من خـلال منظمة اليونسكو أم غيرها من المنظمات الإقليمية والعالمية.
ومن أبرز هذه المشروعات على سبيل المثال لا الحصر، موسوعة السلطان قابوس للأسماء العربية ، ودعم مشروعات تحفيظ القرآن سواء في السلطنة أو في عدد من الدول العربية، وكذلك بعض مشروعات جـامعة الأزهر، وجامعة الخليج وعدد من الجامعات والمراكز العلمية العربية والدولية، فضلاً عن (جـائزة السلطان قابوس لصون البيئة) التي تقدم كل عامين من خلال منظمة اليونسكو، ودعم مشروع دراسة طريق الحرير والنمر العربي والمها العربي و غيرها.
وعن هواياته يتحدث السلطان فيقول: منذ طفولته كان يهوى ركوب الخيل ، فيذكر أنه قد وضع على ظهر حصان وهو في الرابعة من عمره، ومنذ ذلك الحين وهو يحب ركوب الخيل ولهذا توجد الإصطبلات السلطانية التي تعنى بتربية وإكثار الخيول العمانية الأصيلة وإفتتح مدارس الفروسية التي تضم بين تلاميذها البنين والبنات، كما أن الرماية أيضاً من الهوايات المحببه له كونه تدرب عسكرياً ، ويؤكد أن هذه الهواية تعد جزءاً مهماً لكل من يهتم بالنشاط العسكري وعاش في مجتمع كالمجتمع العُماني الذي يعتز بكونه يستطيع حمل السلاح عند الضرورة ، كما يحب تجربة لكل ما هو جديد من أسلحة في القوات المسلحة العمانية، سواء كان ذلك السلاح بندقية أو مدفع رشاش أو مدفع دبابة، إلا أن الرماية بالمسدس والبندقية تبقى هي الأفضل بالنسبة له، وكذلك ـ كنوع من الترفيه ـ يستخدم أحياناً القوس والنشاب.
هناك هوايات أخرى كالمشي، فهو يحب المشي منذ الصغر، قبل الذهاب إلى النوم ويقضي وقتاً بالمشي على البحر فهو رياضة جيدة للجسم وفرصة للتفكير في شؤون الدولة، كذلك يهوى التصوير، وكانت لديه هواية رسم المناظر الطبيعية في وقت من الأوقات، إلا أن الظروف والوقت أصبحا لا يسمحان له بممارسة هذه الهوايات، والقراءة أيضا كونها هواية قديمة بالنسبة له، إلا أنها أصبحت جزءاً من العمل، وأصبح من الصعب مطالعة الكتب كهواية إلا ما هو في مجال العمل والحياة اليومية.
وأيضاً فإن من الهوايات المحببة لديه علم الفلك ومراقبة الكواكب، حيث يملك مرصداً صغيراً ، وعندما تكون الفرصة سانحة في الليالي المناسبة حسب النشرات الفلكية قهو يقضي بعض الوقت في مراقبة هذه الكواكب
كما أنه يمارس لعبة التنس، ويحب متابعتها، وكذلك ألعاب القوى.
اتمام موسوعة السلطان قابوس لأسماء العرب
قائد حكيم
إن النجاح والإنجازات التي حققتها النهضة العمانية ليعود الفضل فيها الى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم سلطان البلاد، حيث إنه هو الذي أطلق تلك النهضة، بقوة وإرادة وبرؤية ثاقبة وفكر مستنير نحو غاياتها وأهدافها، ففي العيد الوطني الأول ذكر جلالته بأن خطتنا في الداخل أن نبني بلدنا ونوفر لجميع أهله الحياة المرفهة والعيش الكريم ، وهذه غاية لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق مشاركة أبناء الشعب في تحمل المسؤولية ومهمة البناء. ولقد فتحنا أبوابنا لمواطنينا في سبيل الوصول إلى هذه الغاية. وسوف نعمل جادين على تثبيت حكم ديموقراطي عادل في بلادنا في إطار واقعنا العُماني العربي وحسب تقاليد الإسلام الذي ينير لنا السبيل دائما

لقد أسس جلالة السلطان نهضة شاملة في ربوع السلطنة : وطنية، وإقتصادية، وإجتماعية، وثقافية، ورفع اسم عمان عاليا على المستوى الإقليمي والعالمي، وأعاد لها أمجادها التاريخية وعظمتها الحضارية. ومن الأهمية التأكيد على أن نجاح النهضة قد تحقق لأن خلفه قائد حكيم، ذو نهج قيادي متميز على المستوى المحلي مع شعبه الوفي، وعلى المستوى الخارجي مع القادة العالميين ودولهم ومنظماتهم وقضاياهم.
فقد وضع حضرة صاحب الجـلالة السلطان قابوس المعظم منذ توليه مقاليد الحكم في 23 يوليو 1970م رؤية واضحـة، دقيقة ومحددة سواء لواقع المجتمع العُماني ومجمل الظروف المحيطة به محليا واقليمياً ودولياً، أو سبل ووسائل النهوض به والاولويات التي ينبغي السير فيها، فإنه كان من الأهمية بمكـان تقوية القاعدة التي تنطلق منها وترتكز عليها كل الجهود وذلك بتحقيق وترسيـخ الوحدة الوطنية واستعادة سيطرة الدولة على كل شبر من ترابها الوطني، وبعث روح التضامن والتكـافل والتماسك في اطار الهوية العُمانية. وقد تحقق ذلك بفضل رؤية وإرادة جلالة القائد المفدى بدءاً من تسمية البلاد بإسم سلطنة عُمان في التاسع من أغسطس 1970 م وحتى إنهاء حركـة التمرد في ظفار في 11 ديسمبر1975 م لتتكرس الوحدة الوطنية ولتنطلق عُمان بكل طاقاتها لبناء حـاضرها والتخطيط لمستقبلها.

وتمثل الجولات السلطانية لقاءات متجددة بين القيادة والمواطن، حيث يلتقي فيها جلالته مباشرة مع المواطنين والإنتقال إليهم حيث يقيمون في القرى والسفوح والوديان والتجمعات الصغيرة والإستماع منهم في لقاءات مفتوحة يشارك فيها الجميع وتطرح خلالها مختلف القضايا والموضوعات التي تهم الوطن والمواطن دون حواجز أو مراسيم.
وتعبر الجولات السنوية السامية التي يقوم بها جلالة السلطان المعظم في المناطق والولايات والتي يقطع خلالها جلالته آلاف الكيلومترات والتى تستغرق أسابيع عديدة يقيم خلالها جلالته في مخيم يقام في السيوح التي يتوقف فيها جلالته، عن صيغة عُمانية فريدة للمشاركة الوطنية، حيث يطرح المواطنون مايجـول بخـواطرهم أمام جـلالة القائد الذي يتحدث إلى مواطنيه بصراحته المعهودة حول كل القضايا الوطنية. ومن ثم ينطلق الحوار المتبادل بتلقائية وعفوية يتلمس من خلاله جلالة القائد المعظم نبض واهتمامات المواطنين وموجـها كذلك نحـو الأولويات الوطنية اقتصاديآ واجتمـاعيـآ وفي مختلف المجـالات وهو مايعزز مسيرة التنمية الوطنية ويمنحـها دوماً المزيد من وضوح الرؤية والفعالية وتحقيق المزيد من الحشد للطاقات الوطنية سواءً في الاطار التنظيمي أو على المستوى الجماهيري الواسع.
جائزة السلام الدولية
وفـى حدث بارز زاخر بالمعاني والدلالات جـاء الاجماع الذي التقت عليه ثلاث وثلاثون جـامعة ومركز ابحـاث ومنظمة أمريكية على منـح جـائزة السلام الدولية ليس فقط كـامتداد للاجماعٍ الذى يحظىٍ به جلالة السلطان المعظم على كل المستويات رسمياً وشعبيا ولكن ايضا ليؤكد شمولية هذا الاجماع وامتداده إلى المؤسسات العلمية المشهود لها والتي تشكل في الواقعٍ جـانباً حيوياً في الفكر والسياسة الدولية عبر دورها المؤثر أمريكيا وعالميا وفي مقدمتها جـامعة هارفارد العريقة.
تم تقليل : 80% من الحجم الأصلي للصورة[ 500 x 731 ] - إضغط هنا لعرض الصورة بحجمها الأصلي

وعندما تلتقي عشر جـامعات من اشهر الجـامعات الأمريكية، بالإضافة إلى عدد كبير من مراكز البحوث والدراسات السياسية والاستراتيجية المشهود لها على امتداد العالم حول تقدير وتثمين سياسات جلالة السلطان المعظم ودور جلالته فيما يتصل بالعمل على تحقيق وصيانة السلام فإن ذلك يكون أمراً بالغ الدلالة سواءً في قوة ما استند اليه هذا الحشد الكبير من الجـامعات ومراكز الابحـاث والمنظمات المشاركـة أو فـي أهميـة مايمثله هذا الجمع العلمي والسيـاسـي البـارز والتقـائـه على رأى وتقييم واحد جسده اختيار جـلالته كـأول قائد يتم منحـه جـائزة السلام الدولية التي بدأ تنظيمها في عام1998م.
وبينما قام المجلس الوطني للعلاقات الأمريكية -العربية بقيادة مجموعة من اكبر وأبرز المنـظمـات الأمريكيـة غير الحكـوميـة والجـامعـات بتنسيق الإجراءات الخـاصة بهذه الجـائزة، فقد سلم الرئيس الأمريكـي الاسبق جيمي كارتر جـائزة السلام الدولية في حفل تاريخـي بالعاصمة الأمريكية فـي 16 أكتوبر 1998م وتسلمها نيابة عن جلالة السلطان المعظم معالي يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخـارجية. وقد ذكر الرئيس الأمريكـي الاسبق جيمي كارتر خلال تسليم الجـائزة إننى اشعر بامتنان خـاص لشجـاعة جلالته أثناء عملية السلام في الشرق الأوسط .. وإن جلالته ظل يقوم بدور قيادي وسط اولئك الذين يسعون لتحقيق السلام ويعملون من اجل تسوية عادلة ونهاية تحمي الحقوق الكاملة للشعب الفلسطينى. وفي كلمة جـلالته التي وجـهها في احتفال تسليم الجائزة اعرب جـلالتـه عن تطلعه فيما يقترب القرن الجديد بأن يعم السلام وأن يحقق الفلسطينيون والإسرائيليون تطلعاتهم القومية وان يعيشوا معاً بسلام بطريقة جديدة وعصر جديد.
جدير بالذكر أن منح جـائزة السلام الدولية لجلالة السلطان المعظم كان له صدى واسع النطاق حيث رحب به قادة وزعماء الدول العربية والأجنبية، والعديد من الهيئات والمنظمات الخليجية والعربية والدولية وهو ما عبر بوضوح عن المكـانة الرفيعة والمتميزة التي يحظى بها جلالة السلطان المعظم . وقد اعرب قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في بيان القمة الخليجية التاسعة عشرة في أبوظبي عن سرورهم لنيل صاحب الجلالة السلطـان قـابوس بن سعيد سلطان عُمـان على الجـائزة الدوليـة للسلام مغتنمين الفرصة للتعبير مجدداً عن تهانيهم الخالصة لجلالته نظراً لما تمثله هذه الجـائزة من تقدير عالمي قيم لسياسة جلالته الحكيمة واعترافاً بدوره في خدمة ودعم قضايا السلام الاقليمي والدولي. من جـانبه اشار الأمين العام لجـامعة الدول العربية د. عصمت عبدالمجيد إلى أن الجـائزة تؤكد المكـانـة الكـبيرة لجـلالتـه كرجـل للمبـادئ ليس فقط على المستوى العربي بل وايضاً على المستوى العالمي والدولى.
لقد نشر جـلالته السلام بطرق عديدة. . ان حصول جلالته على جـائزة السلام الدولية ما هو الا اعتراف دولى بدور جلالته الفاعل في خدمة السلام الدولي .. اننا نعتبر جلالته مصباحـأ منيراً لمحبي السلام
جامع السلطان قابوس الأكبر
في عام 1412هـ (1992م) أصدر حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم تعليماته السامية بإنشاء أكبر جامع في السلطنة، والهدف من إقامة هذا الجامع لا يقتصر على توفير مكان للصلاة والتعبد فحسب بل ليكون مركزا للتفاعل مع روح الإسلام دينا وعلما وحضارة وثقافة. وتم الشروع في بناء عمارة الجامع في عام 1415هـ (1995م) وأنجزت عمارته عام 1422هـ (2001م).
وقد اختير موقع الجامع في ولاية بوشر على مقربة من الطريق الرابط من السيب الى قلب العاصمة مسقط بحيث يسهل الوصول إليه من ضواحي المدينة الممتدة ومركزها. ويحتل الموقع مساحة إجمالية قدرها 416000 متر مربع وتغطي مساحة أرضية الجامع ما يقرب من 40000 متر مربع.
تم تشييد الجامع على أرضية متسعة ومرتفعة عن سطح الموقع بمقدار 1,8 متر، وفي هذا التخطيط إبقاء على النهج العماني السائد في رفع عمارة المساجد التقليدية القائمة في أحياء وقرى المدن القديمة عن مستوى العمارة السكنية أو العامة وأيضا عن مستوى أرض الوديان.
وتؤدي ثلاثة معابر من منطقة الوصول الى أرضية الجامع عبر ثلاثة مداخل يلي كل منها صحنه الخاص والمرتبط بدوره بسلسلة من العقود. ويقع المدخل الرئيسي على المحور الأفقي للمخطط منتهيا بالمئذنة التي تقف شامخة على ارتفاع 91,3 متر أو 300 قـدم والى الشرق والغرب من المدخل الرئيسي يقع المدخلان الثانويان وجميعها يؤدي الى الصحن الخارجي المحيط بقاعات الصلاة ويمتد الصحن على مساحة 24400 متر مربع.
ويأخذ المصلى الرئيسي شكلا مربعا أبعاده الخارجية (74,4 في 74,4 متر) بقبته المركزية التي ترتفع عن سطح البلاط بخمسين مترا وتشكل مع المئذنة الرئيسية المنظور المميز للجامع. ويقع الى الشرق من المصلى الرئيسي مصلى النساء مشكلا امتدادا للمصلى الرئيسي عبر الصحن الداخلي وتحيط بالصحن الداخلي ومصلى النساء مجموعة من الأروقة المعقودة وست قباب تبرز على مداخل الواجهات. وقد تم تصميم المصلى الرئيسي ليضم أكثر من 6500 مصل وتبلغ سعة مصلى النساء 750 مصلية ومع إمكانية احتواء الصحن الخارجي لثمانية آلاف مصلي بالإضافة الى الصحن الداخلي والأروقة فان السعة الإجمالية للجامع تصل الى إمكانية احتواء 20000 مصل ومصلية.
وتشكل الأروقة الشمالية والجنوبية الفضاء الانتقالي الفاصل بين أماكن العبادة ومرافق الجامع الأخرى ويمتد كل منها على مساحة داخلية طولها 221 مترا.
وتسقف فضاءات الأروقة سلسلة من القباب الهندسية المستلهمة من قباب مسجد بلاد بني بوعلي الفريدة معماريا الواقع في المنطقة الشرقية من السلطنة.
وتكوّن جدران الرواق الجنوبي ساترا مرئيا مزدوجا يضم مجموعة من مرافق المجمع الوظيفية ومنها المكتبة التي تضم 20 ألف مجلد مرجعي في شتى العلوم والثقافة الإسلامية والإنسانية وتقع قاعة الاجتماعات والندوات (سعتها 300 شخص) الى الغرب من الرواق بينما تم تصميم أماكن الوضوء في الوسط على طول خلفية الرواق المحاذية للصحن الخارجي.
وتبدو الأروقة بمثابة سور أمين حول عمارة الجامع حيث تختتم بالمآذن الأربع التي ترسم حدود الموقع بارتفاعها الى 45 مترا وتجتمع المآذن الخمس في الجامع لترمز الى أركان الإسلام الخمسة. وتتخلل الجدران البيضاء المهيبة مجموعة من الأقواس والكوّات المفتوحة والصماء مع دعامات تستهل واجهة المصلى الرئيسي وهذه الدعامات لها وظيفة إنشائية فضلا عن أنها ملاقف للهواء على غرار عناصر الأبراج المناخية التقليدية والسائدة في العمارة المحلية (البراجيل).
وتتوج جدران المصلى الرئيسي شرفات يتأصل طرازها في عمارة القلاع العمانية خاصة ومسننات الشرفات في العمارة الإسلامية عموما. أما جدار القبلة فيتميز بكوّة المحراب البارزة في نتوئها عند الواجهة كما هو التقليد في وضوح التعبير عن حائط القبلة في تصميم المساجد العمانية.
وقد استخدمت مجموعة غنية من الزخارف الإسلامية في تصميم النقوش المحفورة في أبواب المصلى الخشبية التي تعلو كلا منها آيات قرآنية بخط الثلث. أما الأبواب الخشبية المحفورة التي تربط الصحن الداخلي بمصلى النساء فانها تحتوي على مشربيات مبطنة بألواح الزجاج الملون لتؤكد على تواصل ووحدة المكان المخصص للصلاة. وتقتصر تفاصيل عناصر الجدران الخارجية على تقاسيم الزخارف المحفورة بأنماطها الهندسية والنباتية والآيات القرآنية الكريمة المكتوبة بخط الثلث.
وتزداد كثافة الزخارف ودقة إيقاعها تدريجيا مع الانتقال من فضاء عمارة الخارج الى داخل الجامع وحرمه. وفي جدران المصلى تعتلي شبابيك الزجاج الملون بتقاسيم هندسية ونباتية رائعة التصميم والدقة.
ويحزم قمة جدران المصلى والصحن الداخلي شريط غني بالآيات القرآنية الكريمة بخط الثلث الممشوق. وتملأ الزخارف الهندسية الإسلامية أطر أقواس الأروقة والمتوجة بحزام من السور القرآنية عند العقود. وطبيعة التشكيل الفني هذه تنتشر الى جميع أقواس المداخل الرئيسية. أسماء الله الحسنى تحتل موقعها بين أقواس واجهات الأروقة وغيرها وهي محفورة بالخط الديواني. أما قاعدة المئذنة الرئيسية فتحتوي الواجهة الجنوبية منها على نص الأذان. فيما حفر اسم الجامع على واجهتها الشمالية.
ورصفت أرضية الجامع بكاملها ببلاط الرخام بترتيب ونمط هندسي متناسق وصممت قطع بلاط الصحن الخارجي والداخلي الرخامي بمقياس وحدة سجادة الصلاة. ووضعت هندسة الجنائن في حديقة صممت شرق الجامع بما يقترن بمبدأ تصميم الحديقة الإسلامية حيث بنيت مقصورة بصحن وأروقة وإيوان في وسطها بركة رخامية بمجرى مائي (فلج) يربط المقصورة مع وسط الحديقة.
وقد صمم على الصحن الداخلي مظلة متحركة لتمتد حين تدعو الضرورة لتوفير الظل داخل الفضاء المكشوف.
وجدران قاعة المصلى الرئيسية مكسوة بكاملها من الداخل بالرخام الأبيض والرمادي الغامق وبها جداريات مشغولة بزخارف مورقة بنمط هندسي يغلب على تصميمها أسلوب الفن الصفوي والقاعة مصممة بمخطط مفتوح ذي أربعة أعمدة رئيسية حاملة لهيكل القبة الداخلي ويمتد بمحاذاة كل من الجدار الشمالي والجنوبي رواق ينفتح على قاعة المصلى بأقواس مزودة بزخرفة كما في العمارة المملوكية.
وقد تم تصميم المحراب بإطار مرتفع يضم كوّتين بتقاسيم متراجعة في عمق الجدار بمقرنصات وعقود ويحيط بإطار المحراب حاشية من الآيات القرآنية الكريمة وثنية خزفية ناتئة على شكل حبل مفتول مصنوع من الخزف المطلي بالذهب وتعتلي فتحات الجدران الجانبية شبابيك الزجاج الملون بزخارف مكملة في تصميمها لطبيعة ونمط زخارف الجدران.
إن منظومة كل عنصر معماري في الداخل تجمع أنماطا من الفنون والحرف الإسلامية الأصيلة ولكن في بنية حديثة ومعاصرة لسياق عمارة الجامع وأفضل دليل متكامل على هذا يكمن في تصميم وصناعة القبة الداخلية للمصلى والسجادة حيث كان كل منهما مشروعا فنيا ضخما ومستقلا بحد ذاته مشكلا تحديا على صعيد التصميم والابتكار والتنفيذ الإنشائي.
القبة مجمعة بمقرنصات تشكل مثلثات كروية هندسية ضمن هيكل من الأضلاع والأعمدة الرخامية الخالصة المتقاطعة بأقواس مدببة مرصعة في جميع عناصرها بألواح من القيشاني وتمتد الألواح الخشبية في السقف بطراز ينبثق عن تطوير السقوف العمانية الأصيلة.
وتم استيحاء أشكال العمارة العمانية في العناصر الزخرفية والهندسية المستخدمة في تصميم الجدران والسقوف والشمسيات المغشاة بالزجاج الملون. والسجادة إحدى مقومات التصميم الداخلي والتي تفرش بلاط المصلى بقطعة واحدة تغطي مساحة 4263 مترا مربعا وهي مؤلفة من 1700 مليون عقدة وتزن 21 طنا استغرق صناعتها وانتاجها أربع سنوات ولقد جمعت هذه السجادة في تأليفها ونوعية تصميمها سجادة تبريز وكاشان واصفهان الأصليــة واستخدم في نسج السجادة 28 لونا بدرجات متنوعة تم صناعة غالبيتها من الأصباغ النباتية والطبيعية. وتم تصميم السجادة في وحدات من خانات الصلاة تفصل بينها حواشي زرقاء وبيضاء بزخارف مستمدة من النسيج العماني.
وصممت مجموعة من الثريات وعددها 35 خصيصا للمصلى الرئيسي مصنوعة من (كريستال سوروفسكي) ومعادن مطلية بالذهب وتتدلى حول قاعة المصلى. أما الثريا المركزية فتتدلى من قمة القبة بقوام يبلغ طوله 14 مترا وقطر 8 أمتار وهي تشمل 1122 مصباحا وتزن 8 أطنان وصممت ثريات مصلى النساء التسع بطراز عثماني وهي مصنوعة من (الكريستال) التركي. وتضم الأروقة الشمالية والجنوبية مجموعة من القاعات إجمالي عددها 12 قاعة صممت كل قاعة بكوّات تحمل طرازا معماريا فنيا خاصا يعود الى حقبة تراثية مميزة. وانتقاء الأعمال الفنية في القاعات جاء ليمثل نماذج تطور وتعدد أشكال الزخارف المعمارية وثقافتها التي انتشرت بأنماط غنية من الأندلس الى الصين فيحتوي الرواق الشمالي على قاعة لفنون سلطنة عمان والجزيرة العربية يتبعها قاعة الفن العثماني ثم فن عمارة المماليك يليها قاعة فن الزليج المغربي ثم فنون بلاد ما بين النهرين ومصر القديمة وأخيرا الفن البيزنطي.
أما قاعات الرواق الجنوبي فتبدأ بفن بلاد الحجاز ثم الفن الإسلامي الهندي يتبعه قاعة الفن التيموري في آسيا الوسطى ثم الفن الإيراني الصفوي والفن الإسلامي المعاصر وأخيرا نموذج من أعمال إسلامية فنية حديثة.
وبذلك يكون الجامع تحفة معمارية إسلامية بديعة ومركزا دينيا ثقافيا ينهل منه المتلقون العلم ويؤدون في جنباته العبادة.
لقد كان يوم حفل افتتاح الجامع حدثا إسلاميا مشهودا باركه حضور صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم وبمعيته عدد من علماء المسلمين.
إن إنشاء هذا الصرح الديني الشامخ على تراب هذه الأرض الغالية من بلاد المسلمين والتي دخلت الإسلام طوعا ودعا لها الرسول (ص) في حديثه الشريف حين قال: »ديني دين الإسلام، وسيزيد الله أهل عمان خصباً وصيدا، فطوبى لمن آمن بي ورآني، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني، ولم ير من رآني، وسيزيد الله أهل عمان إسلاماً«.. لهو هدية جليلة تضاف الى مكارم عهد المسيرة المباركة بقيادة الباني الحكيم صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - أعزه وأبقاه الله.

وردة السلطان قابوس

تخليداً للسجل المشرف لجهود صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله- من أجل تقدم ورفاهية شعبه ولمساهمة جلالته على الصعيد الإقليمي والدولي في إرساء أركان السلم وتنمية العلاقات الدولية، ولعناية جلالته بالبيئة ودعمهُ لحقوق الإنسان، فقد تم إطلاق إسم جلالته على زهرة من سلالة جديدة أصبحت تعرف بإسم »وردة السلطان قابوس« ، وقد أتى ذلك بمبادرة من جمعية الورود العالمية (ومقرها هولندا) وذلك كتقدير عالمي لجلالته وإعترافاً بإسهاماته الشخصية على الصعيدين المحلي والدولي.
وقد قام الإتحاد الدولي للزهور بتقديم الزهرة رسمياً الى جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله - في إحتفالات العيد الوطني العشرين في نوفمبر 1990م.
والوردة هي خلاصة أبحاث مطولة إنهمك فيها العلماء لإستنباط صنف جديد من الورود التي تتميز ببهاء لونها وزكاء رائحتها وطول ساقها، كما تستطيع أن تزهر في الأجواء الحارة والباردة.
وظهرت هذه الزهرة رسمياً لأول مرة في إبريل سنة 1990م في معرض أوساكا للحدائق باليابان، حيث حصلت السلطنة على أهم ثلاث جوائز، وهي الميدالية الفضية والبرونزية بالإضافة الى جائزة الصداقة الدولية بالمعرض، وقد نالتها تكريماً للمشاركة الفعالة وتقديراً عالمياً لعُمان كجهد وحضور متميز وكموقف وسمعة عالمية.
ومما يعطي الجوائز أهميتها كونها جاءت شهادة من لجنة التحكيم الدولية التي تضم خبراء محايدين من ثماني دول.
وقد خطفت الوردة الأنظار في معرض تشلسي للزهور بلندن في مايو 1990م لروعة لونها الأحمر القاني والرائحة الزكية والأهم من ذلك قدرتها على النمو والتفتح في البساتين العربية والأوروبية على حد سواء.
وقد تم الإحتفاء بالوردة من خلال إصدار الطوابع والبطاقات البريدية والإشتراك في المعارض الدولية المتخصصة وذلك كرسالة محبة عُمانية الى العالم.
جلالته: أقوال وأفعال
منذ أول خطاب لجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم والذي ألقاه من الإذاعة العمانية وجلالته يبادر ويخاطب شعبه بالقول السديد والحكمة النافذة. ويقوم جلالته، حفظه الله ، طوال سنين النهضة بدور المعلم والقائد الذي لايكذب أهله، وذلك مدون في خطب وكلمات سامية. ويقوم جلالته بمخاطبة شعبه مباشرة دون حجاب وعن طريق وسائل الإعلام، ويشاركهم أفراحهم، ويشمل برعايته السامية إفتتاح المشاريع التنموية المختلفة والمتعددة
سلطان عمان
بمناسبة يوم النهضة المباركة
حبيت انزل هالموضوع
السيرة الذاتية لقائدنا المفداء


:../حاكم سلطنة عمان جلالة السلطان قابوس بن سعيد
المولد و النشأة
ولد السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد ، سلطان عمان ، في مدينة صلالة بمحـافظة ظفار في 18 شوال 1359هـ الموافق 18 نوفمبر 1940م، وهو في الترتيب يعد السلطان الثامن المنحدر من الإمام أحمد بن سعيد المؤسس الأول لأسرة آل بوسعيد سنة 1744م.
و في طفولته تلقى مبادئ اللغة العربية و الدين الإسلامي على أيدي أساتذة مختصين كل في مجاله، كما درس المرحلة الابتدائية في المدرسة السعيدية بصلالة، و في سبتمبر 1958م أرسله والده السلطان سعيد بن تيمور إلى انجلترا حيث واصل تعليمه لمدة عامين في مؤسسة تعليمية خاصة هي مدرسة (سافوك) الشهيرة، ثم إلتحق في عام 1379هـ الموافق1960م بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية كضابط مرشح، حيث أمضى فيها عامين من عمره درس خـلالها العلوم العسكرية وتلقى فنون الجندية ، وتخرج فيها برتبة ملازم ثان، ثم انضم إلى إحدى الكتائب البريطانية العاملة آنذاك في ألمانيا الغربية - قبل الوحدة الألمانية - حيث أمضى ستة أشهر كمتدرب في القيادة العسكرية.
أن أتم تلك الفترة الهامة ، والتي شكلت خبراته العسكرية للمراحل التي تلت، عاد إلى بريطانيا حيث درس لمدة عام في مجال نظم الحكم المحلي، وأكمل دورات تخصصية في شؤون الإدارة وتنظيم الدولة. ثم هيأ له والدة الفرصة التي شكلت جزءاً من اتجاهه بعد ذلك، فقام بجولة حول العالم استغرقت ثلاثة اشهر، زار خلالها العديد من دول العالم، عاد بعدها إلى البلاد عام 1383هـ الموافق 1964م حيث أقام في مدينة صلالة.
وعلى امتداد السنوات الست التالية التي تلت عودته ، تعمق السلطان قابوس في دراسة الدين الإسلامي، وكـل ما يتصل بتاريخ وحضارة عُمان دولة وشعباً على مر العصور. وقد أشار في أحد أحاديثه - القليلة - إلى أن إصرار والده على دراسة الدين الاسلامي وتاريخ وثقافة عمان ، كان لها الأثر العظيم في توسيع مداركه ووعيه بمسؤولياته تجاه شعبه العماني والإنسانية عموماً. كما أنه قد استفاد كثيراً من التعليم الغربي الذي تلقاه وخضع لحياة الجندية ولنظام العسكرية في بريطانيا ، ثم كانت لديه الفرصه في السنوات التي تلت عودته إلى صلالة بيقرأ الكثير من الأفكار السياسية والفلسفية للعديد من المفكرين الذين شكلوا فكر العالم.
قابوس سلطاناً
بعد عودته بأفكار جديدة للإصلاح، فوجئ قابوس بوالده الذي لم يتعظ من سقوط الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين في اليمن يضعه في شبه عزلة تامة بعيداً عن الحل و العقد في أمور الدولة، الأمر الذي لا يتناسب مع مكانته كولي للعهد.
و بينما كانت ثورة ظفار الشيوعية تزداد قوة، و تكاد توشك على الإطاحة بحكم آل بوسعيد إلى الأبد، أدرك قابوس أن الحل لن يكمن في والده سعيد بن تيمور فأنقلب على أبيه، و وثب على الحكم ليبدأ تصحيح الأمور.
وصل قابوس بن سعيد الحكم في وضع كانت معه سلطنة عمان ترزح تحت وطأة الفقر والتخلف، و واقعة بين فكي حرب أهلية ضروس بسبب ثورة ظفار الشيوعية ضد والده، لكنه تمكن من إخماد الثورة بعد خمس سنوات سنوات، و ثبت أركان حكمه جيداً ، كما شرع بإتخاذ الخطوات التي من شأنها ووضع نظام أساسي للدولة وكذلك إعمار السلطنة مستعيناً بمساعدات وخبرات خارجية، و من ثم بالإستعانة بعائدات النفط العماني.
اهتماماته و هواياته
اهتماماته و هواياته
لعل اهتمام السلطان قابوس بدفع عمان إلى حالة متقدمة من المعاصرة مع الإبقاء على الأصالة العمانية التقليدية بحيث لا تفقد عمان هويتها ، وفي إطار ذلك يكون اهتمام قابوس بالثقافة هو الشيء الأبرز، و الذي ترك آثاره الواضحة في عمان، فبفضل قراره أصبح لدى السلطنة أوركسترا سلطانية من عازفين و عازفات على مستوى عالٍ من التدريب.
كما رعت مؤسسات الدولة مشروعاً ضخماً لتوثيق تاريخ عُمان منذ فجر التاريخ، و مشاريع ثقافية أخرى كثيرة.
وللسلطان قابوس اهتمامات واسعة بالدين واللغة والأدب والتاريخ والفلك وشؤون البيئة، حيث يظهر ذلك جليا في الدعم الكبير والمستمر للعديد من المشروعات الثقافية، وبشكل شخصي، محليا وعربياً ودوليا، سواء من خـلال منظمة اليونسكو أم غيرها من المنظمات الإقليمية والعالمية.
ومن أبرز هذه المشروعات على سبيل المثال لا الحصر، موسوعة السلطان قابوس للأسماء العربية ، ودعم مشروعات تحفيظ القرآن سواء في السلطنة أو في عدد من الدول العربية، وكذلك بعض مشروعات جـامعة الأزهر، وجامعة الخليج وعدد من الجامعات والمراكز العلمية العربية والدولية، فضلاً عن (جـائزة السلطان قابوس لصون البيئة) التي تقدم كل عامين من خلال منظمة اليونسكو، ودعم مشروع دراسة طريق الحرير والنمر العربي والمها العربي و غيرها.
وعن هواياته يتحدث السلطان فيقول: منذ طفولته كان يهوى ركوب الخيل ، فيذكر أنه قد وضع على ظهر حصان وهو في الرابعة من عمره، ومنذ ذلك الحين وهو يحب ركوب الخيل ولهذا توجد الإصطبلات السلطانية التي تعنى بتربية وإكثار الخيول العمانية الأصيلة وإفتتح مدارس الفروسية التي تضم بين تلاميذها البنين والبنات، كما أن الرماية أيضاً من الهوايات المحببه له كونه تدرب عسكرياً ، ويؤكد أن هذه الهواية تعد جزءاً مهماً لكل من يهتم بالنشاط العسكري وعاش في مجتمع كالمجتمع العُماني الذي يعتز بكونه يستطيع حمل السلاح عند الضرورة ، كما يحب تجربة لكل ما هو جديد من أسلحة في القوات المسلحة العمانية، سواء كان ذلك السلاح بندقية أو مدفع رشاش أو مدفع دبابة، إلا أن الرماية بالمسدس والبندقية تبقى هي الأفضل بالنسبة له، وكذلك ـ كنوع من الترفيه ـ يستخدم أحياناً القوس والنشاب.
هناك هوايات أخرى كالمشي، فهو يحب المشي منذ الصغر، قبل الذهاب إلى النوم ويقضي وقتاً بالمشي على البحر فهو رياضة جيدة للجسم وفرصة للتفكير في شؤون الدولة، كذلك يهوى التصوير، وكانت لديه هواية رسم المناظر الطبيعية في وقت من الأوقات، إلا أن الظروف والوقت أصبحا لا يسمحان له بممارسة هذه الهوايات، والقراءة أيضا كونها هواية قديمة بالنسبة له، إلا أنها أصبحت جزءاً من العمل، وأصبح من الصعب مطالعة الكتب كهواية إلا ما هو في مجال العمل والحياة اليومية.
وأيضاً فإن من الهوايات المحببة لديه علم الفلك ومراقبة الكواكب، حيث يملك مرصداً صغيراً ، وعندما تكون الفرصة سانحة في الليالي المناسبة حسب النشرات الفلكية قهو يقضي بعض الوقت في مراقبة هذه الكواكب
كما أنه يمارس لعبة التنس، ويحب متابعتها، وكذلك ألعاب القوى.
اتمام موسوعة السلطان قابوس لأسماء العرب
قائد حكيم
إن النجاح والإنجازات التي حققتها النهضة العمانية ليعود الفضل فيها الى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم سلطان البلاد، حيث إنه هو الذي أطلق تلك النهضة، بقوة وإرادة وبرؤية ثاقبة وفكر مستنير نحو غاياتها وأهدافها، ففي العيد الوطني الأول ذكر جلالته بأن خطتنا في الداخل أن نبني بلدنا ونوفر لجميع أهله الحياة المرفهة والعيش الكريم ، وهذه غاية لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق مشاركة أبناء الشعب في تحمل المسؤولية ومهمة البناء. ولقد فتحنا أبوابنا لمواطنينا في سبيل الوصول إلى هذه الغاية. وسوف نعمل جادين على تثبيت حكم ديموقراطي عادل في بلادنا في إطار واقعنا العُماني العربي وحسب تقاليد الإسلام الذي ينير لنا السبيل دائما

لقد أسس جلالة السلطان نهضة شاملة في ربوع السلطنة : وطنية، وإقتصادية، وإجتماعية، وثقافية، ورفع اسم عمان عاليا على المستوى الإقليمي والعالمي، وأعاد لها أمجادها التاريخية وعظمتها الحضارية. ومن الأهمية التأكيد على أن نجاح النهضة قد تحقق لأن خلفه قائد حكيم، ذو نهج قيادي متميز على المستوى المحلي مع شعبه الوفي، وعلى المستوى الخارجي مع القادة العالميين ودولهم ومنظماتهم وقضاياهم.
فقد وضع حضرة صاحب الجـلالة السلطان قابوس المعظم منذ توليه مقاليد الحكم في 23 يوليو 1970م رؤية واضحـة، دقيقة ومحددة سواء لواقع المجتمع العُماني ومجمل الظروف المحيطة به محليا واقليمياً ودولياً، أو سبل ووسائل النهوض به والاولويات التي ينبغي السير فيها، فإنه كان من الأهمية بمكـان تقوية القاعدة التي تنطلق منها وترتكز عليها كل الجهود وذلك بتحقيق وترسيـخ الوحدة الوطنية واستعادة سيطرة الدولة على كل شبر من ترابها الوطني، وبعث روح التضامن والتكـافل والتماسك في اطار الهوية العُمانية. وقد تحقق ذلك بفضل رؤية وإرادة جلالة القائد المفدى بدءاً من تسمية البلاد بإسم سلطنة عُمان في التاسع من أغسطس 1970 م وحتى إنهاء حركـة التمرد في ظفار في 11 ديسمبر1975 م لتتكرس الوحدة الوطنية ولتنطلق عُمان بكل طاقاتها لبناء حـاضرها والتخطيط لمستقبلها.

وتمثل الجولات السلطانية لقاءات متجددة بين القيادة والمواطن، حيث يلتقي فيها جلالته مباشرة مع المواطنين والإنتقال إليهم حيث يقيمون في القرى والسفوح والوديان والتجمعات الصغيرة والإستماع منهم في لقاءات مفتوحة يشارك فيها الجميع وتطرح خلالها مختلف القضايا والموضوعات التي تهم الوطن والمواطن دون حواجز أو مراسيم.
وتعبر الجولات السنوية السامية التي يقوم بها جلالة السلطان المعظم في المناطق والولايات والتي يقطع خلالها جلالته آلاف الكيلومترات والتى تستغرق أسابيع عديدة يقيم خلالها جلالته في مخيم يقام في السيوح التي يتوقف فيها جلالته، عن صيغة عُمانية فريدة للمشاركة الوطنية، حيث يطرح المواطنون مايجـول بخـواطرهم أمام جـلالة القائد الذي يتحدث إلى مواطنيه بصراحته المعهودة حول كل القضايا الوطنية. ومن ثم ينطلق الحوار المتبادل بتلقائية وعفوية يتلمس من خلاله جلالة القائد المعظم نبض واهتمامات المواطنين وموجـها كذلك نحـو الأولويات الوطنية اقتصاديآ واجتمـاعيـآ وفي مختلف المجـالات وهو مايعزز مسيرة التنمية الوطنية ويمنحـها دوماً المزيد من وضوح الرؤية والفعالية وتحقيق المزيد من الحشد للطاقات الوطنية سواءً في الاطار التنظيمي أو على المستوى الجماهيري الواسع.
جائزة السلام الدولية
وفـى حدث بارز زاخر بالمعاني والدلالات جـاء الاجماع الذي التقت عليه ثلاث وثلاثون جـامعة ومركز ابحـاث ومنظمة أمريكية على منـح جـائزة السلام الدولية ليس فقط كـامتداد للاجماعٍ الذى يحظىٍ به جلالة السلطان المعظم على كل المستويات رسمياً وشعبيا ولكن ايضا ليؤكد شمولية هذا الاجماع وامتداده إلى المؤسسات العلمية المشهود لها والتي تشكل في الواقعٍ جـانباً حيوياً في الفكر والسياسة الدولية عبر دورها المؤثر أمريكيا وعالميا وفي مقدمتها جـامعة هارفارد العريقة.


وعندما تلتقي عشر جـامعات من اشهر الجـامعات الأمريكية، بالإضافة إلى عدد كبير من مراكز البحوث والدراسات السياسية والاستراتيجية المشهود لها على امتداد العالم حول تقدير وتثمين سياسات جلالة السلطان المعظم ودور جلالته فيما يتصل بالعمل على تحقيق وصيانة السلام فإن ذلك يكون أمراً بالغ الدلالة سواءً في قوة ما استند اليه هذا الحشد الكبير من الجـامعات ومراكز الابحـاث والمنظمات المشاركـة أو فـي أهميـة مايمثله هذا الجمع العلمي والسيـاسـي البـارز والتقـائـه على رأى وتقييم واحد جسده اختيار جـلالته كـأول قائد يتم منحـه جـائزة السلام الدولية التي بدأ تنظيمها في عام1998م.
وبينما قام المجلس الوطني للعلاقات الأمريكية -العربية بقيادة مجموعة من اكبر وأبرز المنـظمـات الأمريكيـة غير الحكـوميـة والجـامعـات بتنسيق الإجراءات الخـاصة بهذه الجـائزة، فقد سلم الرئيس الأمريكـي الاسبق جيمي كارتر جـائزة السلام الدولية في حفل تاريخـي بالعاصمة الأمريكية فـي 16 أكتوبر 1998م وتسلمها نيابة عن جلالة السلطان المعظم معالي يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخـارجية. وقد ذكر الرئيس الأمريكـي الاسبق جيمي كارتر خلال تسليم الجـائزة إننى اشعر بامتنان خـاص لشجـاعة جلالته أثناء عملية السلام في الشرق الأوسط .. وإن جلالته ظل يقوم بدور قيادي وسط اولئك الذين يسعون لتحقيق السلام ويعملون من اجل تسوية عادلة ونهاية تحمي الحقوق الكاملة للشعب الفلسطينى. وفي كلمة جـلالته التي وجـهها في احتفال تسليم الجائزة اعرب جـلالتـه عن تطلعه فيما يقترب القرن الجديد بأن يعم السلام وأن يحقق الفلسطينيون والإسرائيليون تطلعاتهم القومية وان يعيشوا معاً بسلام بطريقة جديدة وعصر جديد.
جدير بالذكر أن منح جـائزة السلام الدولية لجلالة السلطان المعظم كان له صدى واسع النطاق حيث رحب به قادة وزعماء الدول العربية والأجنبية، والعديد من الهيئات والمنظمات الخليجية والعربية والدولية وهو ما عبر بوضوح عن المكـانة الرفيعة والمتميزة التي يحظى بها جلالة السلطان المعظم . وقد اعرب قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في بيان القمة الخليجية التاسعة عشرة في أبوظبي عن سرورهم لنيل صاحب الجلالة السلطـان قـابوس بن سعيد سلطان عُمـان على الجـائزة الدوليـة للسلام مغتنمين الفرصة للتعبير مجدداً عن تهانيهم الخالصة لجلالته نظراً لما تمثله هذه الجـائزة من تقدير عالمي قيم لسياسة جلالته الحكيمة واعترافاً بدوره في خدمة ودعم قضايا السلام الاقليمي والدولي. من جـانبه اشار الأمين العام لجـامعة الدول العربية د. عصمت عبدالمجيد إلى أن الجـائزة تؤكد المكـانـة الكـبيرة لجـلالتـه كرجـل للمبـادئ ليس فقط على المستوى العربي بل وايضاً على المستوى العالمي والدولى.
لقد نشر جـلالته السلام بطرق عديدة. . ان حصول جلالته على جـائزة السلام الدولية ما هو الا اعتراف دولى بدور جلالته الفاعل في خدمة السلام الدولي .. اننا نعتبر جلالته مصباحـأ منيراً لمحبي السلام
جامع السلطان قابوس الأكبر
في عام 1412هـ (1992م) أصدر حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم تعليماته السامية بإنشاء أكبر جامع في السلطنة، والهدف من إقامة هذا الجامع لا يقتصر على توفير مكان للصلاة والتعبد فحسب بل ليكون مركزا للتفاعل مع روح الإسلام دينا وعلما وحضارة وثقافة. وتم الشروع في بناء عمارة الجامع في عام 1415هـ (1995م) وأنجزت عمارته عام 1422هـ (2001م).
وقد اختير موقع الجامع في ولاية بوشر على مقربة من الطريق الرابط من السيب الى قلب العاصمة مسقط بحيث يسهل الوصول إليه من ضواحي المدينة الممتدة ومركزها. ويحتل الموقع مساحة إجمالية قدرها 416000 متر مربع وتغطي مساحة أرضية الجامع ما يقرب من 40000 متر مربع.
تم تشييد الجامع على أرضية متسعة ومرتفعة عن سطح الموقع بمقدار 1,8 متر، وفي هذا التخطيط إبقاء على النهج العماني السائد في رفع عمارة المساجد التقليدية القائمة في أحياء وقرى المدن القديمة عن مستوى العمارة السكنية أو العامة وأيضا عن مستوى أرض الوديان.
وتؤدي ثلاثة معابر من منطقة الوصول الى أرضية الجامع عبر ثلاثة مداخل يلي كل منها صحنه الخاص والمرتبط بدوره بسلسلة من العقود. ويقع المدخل الرئيسي على المحور الأفقي للمخطط منتهيا بالمئذنة التي تقف شامخة على ارتفاع 91,3 متر أو 300 قـدم والى الشرق والغرب من المدخل الرئيسي يقع المدخلان الثانويان وجميعها يؤدي الى الصحن الخارجي المحيط بقاعات الصلاة ويمتد الصحن على مساحة 24400 متر مربع.
ويأخذ المصلى الرئيسي شكلا مربعا أبعاده الخارجية (74,4 في 74,4 متر) بقبته المركزية التي ترتفع عن سطح البلاط بخمسين مترا وتشكل مع المئذنة الرئيسية المنظور المميز للجامع. ويقع الى الشرق من المصلى الرئيسي مصلى النساء مشكلا امتدادا للمصلى الرئيسي عبر الصحن الداخلي وتحيط بالصحن الداخلي ومصلى النساء مجموعة من الأروقة المعقودة وست قباب تبرز على مداخل الواجهات. وقد تم تصميم المصلى الرئيسي ليضم أكثر من 6500 مصل وتبلغ سعة مصلى النساء 750 مصلية ومع إمكانية احتواء الصحن الخارجي لثمانية آلاف مصلي بالإضافة الى الصحن الداخلي والأروقة فان السعة الإجمالية للجامع تصل الى إمكانية احتواء 20000 مصل ومصلية.
وتشكل الأروقة الشمالية والجنوبية الفضاء الانتقالي الفاصل بين أماكن العبادة ومرافق الجامع الأخرى ويمتد كل منها على مساحة داخلية طولها 221 مترا.
وتسقف فضاءات الأروقة سلسلة من القباب الهندسية المستلهمة من قباب مسجد بلاد بني بوعلي الفريدة معماريا الواقع في المنطقة الشرقية من السلطنة.
وتكوّن جدران الرواق الجنوبي ساترا مرئيا مزدوجا يضم مجموعة من مرافق المجمع الوظيفية ومنها المكتبة التي تضم 20 ألف مجلد مرجعي في شتى العلوم والثقافة الإسلامية والإنسانية وتقع قاعة الاجتماعات والندوات (سعتها 300 شخص) الى الغرب من الرواق بينما تم تصميم أماكن الوضوء في الوسط على طول خلفية الرواق المحاذية للصحن الخارجي.
وتبدو الأروقة بمثابة سور أمين حول عمارة الجامع حيث تختتم بالمآذن الأربع التي ترسم حدود الموقع بارتفاعها الى 45 مترا وتجتمع المآذن الخمس في الجامع لترمز الى أركان الإسلام الخمسة. وتتخلل الجدران البيضاء المهيبة مجموعة من الأقواس والكوّات المفتوحة والصماء مع دعامات تستهل واجهة المصلى الرئيسي وهذه الدعامات لها وظيفة إنشائية فضلا عن أنها ملاقف للهواء على غرار عناصر الأبراج المناخية التقليدية والسائدة في العمارة المحلية (البراجيل).
وتتوج جدران المصلى الرئيسي شرفات يتأصل طرازها في عمارة القلاع العمانية خاصة ومسننات الشرفات في العمارة الإسلامية عموما. أما جدار القبلة فيتميز بكوّة المحراب البارزة في نتوئها عند الواجهة كما هو التقليد في وضوح التعبير عن حائط القبلة في تصميم المساجد العمانية.
وقد استخدمت مجموعة غنية من الزخارف الإسلامية في تصميم النقوش المحفورة في أبواب المصلى الخشبية التي تعلو كلا منها آيات قرآنية بخط الثلث. أما الأبواب الخشبية المحفورة التي تربط الصحن الداخلي بمصلى النساء فانها تحتوي على مشربيات مبطنة بألواح الزجاج الملون لتؤكد على تواصل ووحدة المكان المخصص للصلاة. وتقتصر تفاصيل عناصر الجدران الخارجية على تقاسيم الزخارف المحفورة بأنماطها الهندسية والنباتية والآيات القرآنية الكريمة المكتوبة بخط الثلث.
وتزداد كثافة الزخارف ودقة إيقاعها تدريجيا مع الانتقال من فضاء عمارة الخارج الى داخل الجامع وحرمه. وفي جدران المصلى تعتلي شبابيك الزجاج الملون بتقاسيم هندسية ونباتية رائعة التصميم والدقة.
ويحزم قمة جدران المصلى والصحن الداخلي شريط غني بالآيات القرآنية الكريمة بخط الثلث الممشوق. وتملأ الزخارف الهندسية الإسلامية أطر أقواس الأروقة والمتوجة بحزام من السور القرآنية عند العقود. وطبيعة التشكيل الفني هذه تنتشر الى جميع أقواس المداخل الرئيسية. أسماء الله الحسنى تحتل موقعها بين أقواس واجهات الأروقة وغيرها وهي محفورة بالخط الديواني. أما قاعدة المئذنة الرئيسية فتحتوي الواجهة الجنوبية منها على نص الأذان. فيما حفر اسم الجامع على واجهتها الشمالية.
ورصفت أرضية الجامع بكاملها ببلاط الرخام بترتيب ونمط هندسي متناسق وصممت قطع بلاط الصحن الخارجي والداخلي الرخامي بمقياس وحدة سجادة الصلاة. ووضعت هندسة الجنائن في حديقة صممت شرق الجامع بما يقترن بمبدأ تصميم الحديقة الإسلامية حيث بنيت مقصورة بصحن وأروقة وإيوان في وسطها بركة رخامية بمجرى مائي (فلج) يربط المقصورة مع وسط الحديقة.
وقد صمم على الصحن الداخلي مظلة متحركة لتمتد حين تدعو الضرورة لتوفير الظل داخل الفضاء المكشوف.
وجدران قاعة المصلى الرئيسية مكسوة بكاملها من الداخل بالرخام الأبيض والرمادي الغامق وبها جداريات مشغولة بزخارف مورقة بنمط هندسي يغلب على تصميمها أسلوب الفن الصفوي والقاعة مصممة بمخطط مفتوح ذي أربعة أعمدة رئيسية حاملة لهيكل القبة الداخلي ويمتد بمحاذاة كل من الجدار الشمالي والجنوبي رواق ينفتح على قاعة المصلى بأقواس مزودة بزخرفة كما في العمارة المملوكية.
وقد تم تصميم المحراب بإطار مرتفع يضم كوّتين بتقاسيم متراجعة في عمق الجدار بمقرنصات وعقود ويحيط بإطار المحراب حاشية من الآيات القرآنية الكريمة وثنية خزفية ناتئة على شكل حبل مفتول مصنوع من الخزف المطلي بالذهب وتعتلي فتحات الجدران الجانبية شبابيك الزجاج الملون بزخارف مكملة في تصميمها لطبيعة ونمط زخارف الجدران.
إن منظومة كل عنصر معماري في الداخل تجمع أنماطا من الفنون والحرف الإسلامية الأصيلة ولكن في بنية حديثة ومعاصرة لسياق عمارة الجامع وأفضل دليل متكامل على هذا يكمن في تصميم وصناعة القبة الداخلية للمصلى والسجادة حيث كان كل منهما مشروعا فنيا ضخما ومستقلا بحد ذاته مشكلا تحديا على صعيد التصميم والابتكار والتنفيذ الإنشائي.
القبة مجمعة بمقرنصات تشكل مثلثات كروية هندسية ضمن هيكل من الأضلاع والأعمدة الرخامية الخالصة المتقاطعة بأقواس مدببة مرصعة في جميع عناصرها بألواح من القيشاني وتمتد الألواح الخشبية في السقف بطراز ينبثق عن تطوير السقوف العمانية الأصيلة.
وتم استيحاء أشكال العمارة العمانية في العناصر الزخرفية والهندسية المستخدمة في تصميم الجدران والسقوف والشمسيات المغشاة بالزجاج الملون. والسجادة إحدى مقومات التصميم الداخلي والتي تفرش بلاط المصلى بقطعة واحدة تغطي مساحة 4263 مترا مربعا وهي مؤلفة من 1700 مليون عقدة وتزن 21 طنا استغرق صناعتها وانتاجها أربع سنوات ولقد جمعت هذه السجادة في تأليفها ونوعية تصميمها سجادة تبريز وكاشان واصفهان الأصليــة واستخدم في نسج السجادة 28 لونا بدرجات متنوعة تم صناعة غالبيتها من الأصباغ النباتية والطبيعية. وتم تصميم السجادة في وحدات من خانات الصلاة تفصل بينها حواشي زرقاء وبيضاء بزخارف مستمدة من النسيج العماني.
وصممت مجموعة من الثريات وعددها 35 خصيصا للمصلى الرئيسي مصنوعة من (كريستال سوروفسكي) ومعادن مطلية بالذهب وتتدلى حول قاعة المصلى. أما الثريا المركزية فتتدلى من قمة القبة بقوام يبلغ طوله 14 مترا وقطر 8 أمتار وهي تشمل 1122 مصباحا وتزن 8 أطنان وصممت ثريات مصلى النساء التسع بطراز عثماني وهي مصنوعة من (الكريستال) التركي. وتضم الأروقة الشمالية والجنوبية مجموعة من القاعات إجمالي عددها 12 قاعة صممت كل قاعة بكوّات تحمل طرازا معماريا فنيا خاصا يعود الى حقبة تراثية مميزة. وانتقاء الأعمال الفنية في القاعات جاء ليمثل نماذج تطور وتعدد أشكال الزخارف المعمارية وثقافتها التي انتشرت بأنماط غنية من الأندلس الى الصين فيحتوي الرواق الشمالي على قاعة لفنون سلطنة عمان والجزيرة العربية يتبعها قاعة الفن العثماني ثم فن عمارة المماليك يليها قاعة فن الزليج المغربي ثم فنون بلاد ما بين النهرين ومصر القديمة وأخيرا الفن البيزنطي.
أما قاعات الرواق الجنوبي فتبدأ بفن بلاد الحجاز ثم الفن الإسلامي الهندي يتبعه قاعة الفن التيموري في آسيا الوسطى ثم الفن الإيراني الصفوي والفن الإسلامي المعاصر وأخيرا نموذج من أعمال إسلامية فنية حديثة.
وبذلك يكون الجامع تحفة معمارية إسلامية بديعة ومركزا دينيا ثقافيا ينهل منه المتلقون العلم ويؤدون في جنباته العبادة.
لقد كان يوم حفل افتتاح الجامع حدثا إسلاميا مشهودا باركه حضور صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم وبمعيته عدد من علماء المسلمين.
إن إنشاء هذا الصرح الديني الشامخ على تراب هذه الأرض الغالية من بلاد المسلمين والتي دخلت الإسلام طوعا ودعا لها الرسول (ص) في حديثه الشريف حين قال: »ديني دين الإسلام، وسيزيد الله أهل عمان خصباً وصيدا، فطوبى لمن آمن بي ورآني، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني، ولم ير من رآني، وسيزيد الله أهل عمان إسلاماً«.. لهو هدية جليلة تضاف الى مكارم عهد المسيرة المباركة بقيادة الباني الحكيم صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - أعزه وأبقاه الله.

وردة السلطان قابوس

تخليداً للسجل المشرف لجهود صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله- من أجل تقدم ورفاهية شعبه ولمساهمة جلالته على الصعيد الإقليمي والدولي في إرساء أركان السلم وتنمية العلاقات الدولية، ولعناية جلالته بالبيئة ودعمهُ لحقوق الإنسان، فقد تم إطلاق إسم جلالته على زهرة من سلالة جديدة أصبحت تعرف بإسم »وردة السلطان قابوس« ، وقد أتى ذلك بمبادرة من جمعية الورود العالمية (ومقرها هولندا) وذلك كتقدير عالمي لجلالته وإعترافاً بإسهاماته الشخصية على الصعيدين المحلي والدولي.
وقد قام الإتحاد الدولي للزهور بتقديم الزهرة رسمياً الى جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله - في إحتفالات العيد الوطني العشرين في نوفمبر 1990م.
والوردة هي خلاصة أبحاث مطولة إنهمك فيها العلماء لإستنباط صنف جديد من الورود التي تتميز ببهاء لونها وزكاء رائحتها وطول ساقها، كما تستطيع أن تزهر في الأجواء الحارة والباردة.
وظهرت هذه الزهرة رسمياً لأول مرة في إبريل سنة 1990م في معرض أوساكا للحدائق باليابان، حيث حصلت السلطنة على أهم ثلاث جوائز، وهي الميدالية الفضية والبرونزية بالإضافة الى جائزة الصداقة الدولية بالمعرض، وقد نالتها تكريماً للمشاركة الفعالة وتقديراً عالمياً لعُمان كجهد وحضور متميز وكموقف وسمعة عالمية.
ومما يعطي الجوائز أهميتها كونها جاءت شهادة من لجنة التحكيم الدولية التي تضم خبراء محايدين من ثماني دول.
وقد خطفت الوردة الأنظار في معرض تشلسي للزهور بلندن في مايو 1990م لروعة لونها الأحمر القاني والرائحة الزكية والأهم من ذلك قدرتها على النمو والتفتح في البساتين العربية والأوروبية على حد سواء.
وقد تم الإحتفاء بالوردة من خلال إصدار الطوابع والبطاقات البريدية والإشتراك في المعارض الدولية المتخصصة وذلك كرسالة محبة عُمانية الى العالم.
جلالته: أقوال وأفعال
منذ أول خطاب لجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم والذي ألقاه من الإذاعة العمانية وجلالته يبادر ويخاطب شعبه بالقول السديد والحكمة النافذة. ويقوم جلالته، حفظه الله ، طوال سنين النهضة بدور المعلم والقائد الذي لايكذب أهله، وذلك مدون في خطب وكلمات سامية. ويقوم جلالته بمخاطبة شعبه مباشرة دون حجاب وعن طريق وسائل الإعلام، ويشاركهم أفراحهم، ويشمل برعايته السامية إفتتاح المشاريع التنموية المختلفة والمتعددة