"موسوعة السيرة النبوية" مبسطة

    • "موسوعة السيرة النبوية" مبسطة

      ســـلام الله عليكم ورحمته وبركاته


      أحبائي في الله ..
      هذه هي السيرة العطرة
      لنبينا الكريم محمد بن عبد الله (ص) ..
      موسوعة مبسطة ومفيدة لكل
      من يرغب معرفة تلك السيرة العظيمة


      وتحوي الاتي:-


      ما قبل البعثة :


      -أرض النبوة.
      -العرب قبل الاسلام.
      -ميلاد ونشأة النبي (ص)


      العهد المكي :


      -بعثة النبي(ص) وبدء الوحي.
      -بدء الدعوة.
      -المقاطعة والحصار.


      العهد المدني :


      -نزول النبي قباء وبناء مسجد قباء.
      -تأسيس دولة الاسلام.
      -غزوات النبي(ص).
      النبي صلي الله عليه وسلم :
      - أسمائه (صلي الله عليه وسلم).
      -صفاته (صلي الله عليه وسلم).
      -هديه وشمائله (صلي الله عليه وسلم).
      **************************************************************
      ونبدأ بعون الله ..


      ما قبل البعثة :


      حالة العرب الدينية (مبسطة)
      [ جلب الأصنام من الشام إلى مكة ]


      قال ابن هشام : حدثني بعض أهل العلم أن عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشام في بعض
      أموره فلما قدم مآب من أرض البلقاء ، وبها يومئذ العماليق - وهم ولد عملاق . ويقال
      عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح - رآهم يعبدون الأصنام فقال لهم ما هذه الأصنام التي أراكم
      تعبدون ؟ قالوا له هذه أصنام نعبدها ، فنستمطرها فتمطرنا ، و نستنصرها فتنصرنا ، فقال لهم
      أفلا تعطونني منها صنما ، فأسير به إلى أرض العرب ، فيعبدوه ؟ فأعطوه صنما يقال له هبل
      فقدم به مكة ، فنصبه وأمر الناس بعبادته وتعظيمه .


      [ أول عبادة الحجارة كانت في بني إسماعيل ]


      قال ابن إسحاق : ويزعمون أن أول ما كانت عبادة الحجارة في بني إسماعيل أنه كان لا
      يظعن من مكة ظاعن منهم حين ضاقت عليهم والتمسوا الفسح في البلاد إلا حمل معه حجرا من
      حجارة الحرم تعظيما للحرم فحيثما نزلوا وضعوه فطافوا به كطوافهم بالكعبة حتى سلخ ذلك بهم
      إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة وأعجبهم حتى خلف الخلوف ونسوا ما كانوا
      عليه واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيره فعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم
      قبلهم من الضلالات وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم يتمسكون بها ، من تعظيم البيت
      والطواف به والحج والعمرة والوقوف على عرفة والمزدلفة وهدي البدن والإهلال بالحج
      والعمرة مع إدخالهم فيه ما ليس منه . فكانت كنانة وقريش إذا أهلوا قالوا : " لبيك اللهم
      لبيك لبيك لا شريك لك ، إلا شريك هو لك ، تملكه وما ملك " . فيوحدونه بالتلبية ثم يدخلون
      معه أصنامهم ويجعلون ملكها بيده . يقول الله تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم وما
      يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون أي ما يوحدونني لمعرفة حقي إلا جعلوا معي شريكا من
      خلقي .


      [ ما كان يفعله العرب مع الأصنام ]


      قال ابن إسحاق : واتخذ أهل كل دار في دارهم صنما يعبدونه فإذا أراد الرجل منهم سفرا
      تمسح به حين يركب فكان ذلك آخر ما يصنع حين يتوجه إلى سفره وإذا قدم من سفره تمسح به
      فكان ذلك أول ما يبدأ به قبل أن يدخل على أهله فلما بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه
      وسلم بالتوحيد قالت قريش : أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب وكانت العرب
      قد اتخذت مع الكعبة طواغيت وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة ، لها سدنة وحجاب وتهدي لها
      كما تهدي للكعبة وتطوف به كطوافها بها ، وتنحر عندها . وهى تعرف فضل الكعبة عليها ،
      لأنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم الخليل ومسجده .


      من أصنام الجاهلية


      صنم مناة
      ومن أقدم أصنامهم مناة . وكان منصوبا على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد بين مكة
      والمدينة . وكانت العرب تعظمه قاطبة ولم يكن أحد أشد تعظيما له من الأوس والخزرج ،
      وبسبب ذلك أنزل الله تعالى ( 2 : 158 ) إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن
      حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما - الآية فبعث رسول الله صلى الله عليه
      وسلم عليا رضي الله عنه فهدمها عام الفتح .


      صنم اللات
      ثم اتخذوا اللات في الطائف ، قيل إن أصل ذلك رجل كان يلت السويق للحاج فمات . فعكفوا
      على قبره . وكانت صخرة مربعة وكان سدنتها ثقيف ، وكانوا قد بنوا عليها بيتا . فكان
      جميع العرب يعظمونها ، وكانت العرب تسمي زيد اللات ، وتيم اللات . وهي في موضع
      منارة مسجد الطائف . فلما أسلمت ثقيف ، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن
      شعبة فهدمها وحرقها بالنار .


      صنم العزى
      ثم اتخذوا العزى . وهي أحدث من اللات . وكانت بوادي نخلة . فوق ذات عرق وبثوا
      عليها بيتا . وكانوا يسمعون منها الصوت . وكانت قريش تعظمها . فلما فتح رسول الله
      صلى الله عليه وسلم مكة ، بعث خالد بن الوليد فأتاها فعضدها ، وكانت ثلاث سمرات . فلما
      عضد الثالثة فإذا بحبشية نافشة شعرها ، واضعة يدها على عاتقها ، تضرب بأنيابها . وخلفها
      سادنها .
      *************************************************************

      حادثة الفيل (مبسطة)


      وكان سبب قصة أصحاب الفيل - على ما ذكر محمد بن إسحاق - أن أبرهة بن الصباح
      كان عاملا للنجاشي ملك الحبشة على اليمن فرأى الناس يتجهزون أيام الموسم إلى مكة -
      شرفها الله - فبنى كنيسة بصنعاء . وكتب إلى النجاشي " إني بنيت لك كنيسة لم يبن
      مثلها ، ولست منتهيا حتى أصرف إليها حج العرب " فسمع به رجل من بني كنانة فدخلها ليلا
      . فلطخ قبلتها بالعذرة . فقال أبرهة من الذي اجترأ على هذا ؟ قيل رجل من أهل ذلك
      البيت سمع بالذي قلت . فحلف أبرهة ليسيرن إلى الكعبة حتى يهدمها . وكتب إلى النجاشي
      يخبره بذلك فسأله أن يبعث إليه بفيله . وكان له فيل يقال له محمود لم ير مثله عظما وجسما
      وقوة . فبعث به إليه . فخرج أبرهة سائرا إلى مكة . فسمعت العرب بذلك فأعظموه
      ورأوا جهاده حقا عليهم .
      فخرج ملك من ملوك اليمن ، يقال له ذو نفر . فقاتله . فهزمه أبرهة وأخذه أسيرا ، فقال
      أيها الملك فاستبقني خيرا لك ، فاستبقاه وأوثقه .
      وكان أبرهة رجلا حليما . فسار حتى إذا دنا من بلاد خثعم خرج إليه نفيل بن حبيب الخثعمي ،
      ومن اجتمع إليه من قبائل العرب . فقاتلوهم فهزمهم أبرهة . فأخذ نفيلا ، فقال له أيها الملك
      إنني دليلك بأرض العرب ، وهاتان يداي على قومي بالسمع والطاعة . فاستبقني خيرا لك .
      فاستبقاه . وخرج معه يدله على الطريق .
      فلما مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب في رجال من ثقيف . فقال له أيها الملك نحن
      عبيدك . ونحن نبعث معك من يدلك . فبعثوا معه بأبي رغال مولى لهم . فخرج حتى إذا
      كان بالمغمس مات أبو رغال ، وهو الذي يرجم قبره . وبعث أبرهة رجلا من الحبشة -
      يقال له الأسود بن مفصود - على مقدمة خيله وأمر بالغارة على نعم الناس . فجمع الأسود
      إليه أموال الحرم . وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير .
      ثم بعث رجلا من حمير إلى أهل مكة ، فقال أبلغ شريفها أنني لم آت لقتال بل جئت لأهدم البيت
      . فانطلق فقال لعبد المطلب ذلك .
      فقال عبد المطلب : ما لنا به يدان . سنخلي بينه وبين ما جاء له . فإن هذا بيت الله وبيت
      خليله إبراهيم . فإن يمنعه فهو بيته وحرمه . وأن يخل بينه وبين ذلك فوالله ما لنا به من
      قوة .
      قال فانطلق معي إلى الملك - وكان ذو نفر صديقا لعبد المطلب - فأتاه فقال يا ذا نفر هل
      عندك غناء فيما نزل بنا ؟ فقال ما غناء رجل أسير لا يأمن أن يقتل بكرة أو عشيا ، ولكن سأبعث
      إلى أنيس سائس الفيل فإنه لي صديق فأسأله أن يعظم خطرك عند الملك .
      فأرسل إليه فقال لأبرهة إن هذا سيد قريش يستأذن عليك . وقد جاء غير ناصب لك ولا
      مخالف لأمرك ، وأنا أحب أن تأذن له .
      وكان عبد المطلب رجلا جسيما وسيما . فلما رآه أبرهة أعظمه وأكرمه . وكره أن يجلس
      معه على سريره . وأن يجلس تحته . فهبط إلى البساط فدعاه فأجلسه معه . فطلب منه
      أن يرد عليه مائتي البعير التي أصابها من ماله .
      فقال أبرهة لترجمانه قل له إنك كنت أعجبتني حين رأيتك . ولقد زهدت فيك . قال لم ؟ قال
      جئت إلى بيت - هو دينك ودين آبائك ، وشرفكم وعصمتكم - لأهدمه . فلم تكلمني فيه
      وتكلمني في مائتي بعير ؟ قال أنا رب الإبل . والبيت له رب يمنعه منك .
      فقال ما كان ليمنعه مني . قال فأنت وذاك . فأمر بإبله فردت عليه . ثم خرج وأخبر
      قريشا الخبر . وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب ويتحرزوا في رءوس الجبال خوفا عليهم من
      معرة الجيش . ففعلوا . وأتى عبد المطلب البيت . فأخذ بحلقة الباب وجعل يقول
      يا رب لا أرجو لهم سواكا يا رب فامنع منهمو حماكا
      إن عدو البيت من عاداكا فامنعهمو أن يخربوا قراكا
      وقال أيضا :
      لا هم إن المرء يمنع رحله وحلاله فامنع حلالك
      لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا محالك
      جروا جموعهم وبلادهم والفيل كي يسبوا عيالك
      إن كنت تاركهم وكعب تنا فأمر ما بدا لك
      ثم توجه في بعض تلك الوجوه مع قومه . وأصبح أبرهة بالمغمس قد تهيأ للدخول . وعبأ
      جيشه . وهيأ فيه . فأقبل نفيل إلى الفيل . فأخذ بأذنه . فقال ابرك محمود . فإنك
      في بلد الله الحرام . فبرك الفيل فبعثوه فأبى . فوجهوه إلى اليمن ، فقام يهرول .
      ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك . ووجهوه إلى المشرق ففعل ذلك . فصرفوه إلى الحرم
      فبرك . وخرج نفيل يشتد حتى صعد الجبل فأرسل الله طيرا من قبل البحر مع كل طائر ثلاثة
      أحجار . حجرين في رجليه وحجرا في منقاره . فلما غشيت القوم أرسلتها عليهم . فلم
      تصب تلك الحجارة أحدا إلا هلك . وليس كل القوم أصابت . فخرج البقية هاربين يسألون
      عن - 36 - نفيل ليدلهم على الطريق إلى اليمن . فماج بعضهم في بعض .
      يتساقطون بكل طريق ويهلكون على كل منهل . وبعث الله على أبرهة داء في جسده .
      فجعلت تساقط أنامله حتى انتهى إلى صنعاء وهو مثل الفرخ . وما مات حتى انصدع صدره
      عن قلبه ثم هلك .
      **************************************************************
      نسب النبي صلى الله عليه وسلم


      محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن
      لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن
      نذار بن معد بن عدنان . إلى هنا معلوم الصحة . وما فوق عدنان مختلف فيه . ولا
      خلاف أن عدنان من ولد إسماعيل وإسماعيل هو الذبيح على القول الصواب . والقول بأنه
      إسحاق باطل .
      ولا خلاف أنه صلى الله عليه وسلم ولد بمكة عام الفيل . وكانت وقعة الفيل تقدمة قدمها الله
      لنبيه وبيته وإلا فأهل الفيل نصارى أهل كتاب دينهم خير من دين أهل مكة . لأنهم عباد أوثان
      . فنصرهم الله نصرا لا صنع للبشر فيه تقدمة للنبي الذي أخرجته قريش من مكة .
      وتعظيما للبلد الحرام .
      *****************************************************************
      [ ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاعته ]
      [ رأى ابن إسحاق في مولده صلى الله عليه وسلم ]


      قال ابن إسحاق : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من
      شهر ربيع الأول عام الفيل


      [ رواية قيس بن مخرمة عن مولده صلى الله عليه وسلم ]

      قال ابن إسحاق : حدثني المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن أبيه عن جده قيس بن
      مخرمة ، قال ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل فنحن لدان .
      *************************************************************
      [ رواية حسان بن ثابت عن مولده صلى الله عليه وسلم ]


      قال ابن إسحاق : وحدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، عن يحيى بن عبد
      الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري . قال حدثني من شئت من رجال قومي
      عن حسان بن ثابت ، قال والله إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان أعقل كل ما سمعت ، إذ
      سمعت يهوديا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب يا معشر يهود حتى إذا اجتمعوا إليه قالوا
      له ويلك ما لك ؟ قال طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به . قال محمد بن إسحاق فسألت سعيد بن
      عبد الرحمن بن حسان بن ثابت فقلت . ابن كم كان حسان بن ثابت مقدم رسول الله صلى الله
      عليه وسلم المدينة ؟ فقال ابن ستين ( سنة ) ، وقدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم
      وهو ابن ثلاث وخمسين سنة فسمع حسان ما سمع وهو ابن سبع سنين .
      *****************************************************************
      [ إعلام أمه جده بولادته صلى الله عليه وسلم ]


      قال ابن إسحاق : فلما وضعته أمه صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى جده عبد المطلب : أنه
      قد ولد لك غلام فأته فانظر إليه فأتاه فنظر إليه وحدثته بما رأت حين حملت به وما قيل لها فيه
      وما أمرت به أن تسميه .
      [ فرح جده به صلى الله عليه وسلم والتماسه له المراضع ]
      فيزعمون أن عبد المطلب أخذه فدخل به الكعبة ; فقام يدعو الله ويشكر له ما أعطاه ثم خرج
      به إلى أمه فدفعه إليها . والتمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم الرضعاء .
      قال ابن هشام : المراضع . وفى كتاب الله تبارك وتعالى في قصة موسى عليه السلام :
      وحرمنا عليه المراضع
      ***************************************************************
      أمهاته صلى الله عليه وسلم اللاتي أرضعنه


      فمنهن ثويبة مولاة أبي لهب أرضعته أياما وأرضعت معه أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد
      المخزومي بلبن ابنها مسروح وأرضعت معهما عمه حمزة بن عبد المطلب . واختلف في
      إسلامها فالله أعلم .
      ثم أرضعته حليمة السعدية بلبن ابنها عبد الله أخي أنيسة وجدامة وهي الشيماء أولاد الحارث بن
      عبد العزى بن رفاعة السعدي واختلف في إسلام أبويه من الرضاعة فالله أعلم وأرضعت معه
      ابن عمه أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وكان شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه
      وسلم ثم أسلم عام الفتح وحسن إسلامه وكان عمه حمزة مسترضعا في بني سعد بن بكر
      فأرضعت أمه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما وهو عند أمه فكان حمزة رضيع رسول الله
      صلى الله عليه وسلم من جهتين من جهة ثويبة ومن جهة السعدية .
      *************************************************************
      حواضنه صلى الله عليه وسلم


      فمنهن أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب .
      ومنهن ثويبة وحليمة والشيماء ابنتها وهي أخته من الرضاعة كانت تحضنه مع أمها وهي التي
      قدمت عليه في وفد هوازن فبسط لها رداءه وأجلسها عليه رعاية لحقها .
      ومنهن الفاضلة الجليلة أم أيمن بركة الحبشية وكان ورثها من أبيه وكانت دايته وزوجها من حبه
      زيد بن حارثة فولدت له أسامة وهي التي دخل عليها أبو بكر وعمر بعد موت النبي صلى الله
      عليه وسلم وهي تبكي فقالا : يا أم أيمن ما يبكيك فما عند الله خير لرسوله ؟ قالت إني لأعلم
      أن ما عند الله خير لرسوله وإنما أبكي لانقطاع خبر السماء فهيجتهما على البكاء فبكيا .
      ***********************************************************
      شق الصدر


      وذكر قول أخيه من الرضاعة نزل عليه رجلان أبيضان فشقا عن بطنه وهما يسوطانه يقال
      سطت اللبن أو الدم أو غيرهما ، أسوطه إذا ضربت بعضه ببعض . والمسوط عود يضرب به
      .
      وفي رواية أخرى عن ابن إسحاق أنه نزل عليه كركيان فشق أحدهما بمنقاره جوفه ومج الآخر
      بمنقاره فيه ثلجا ، أو بردا ، أو نحو هذا ، وهي رواية غريبة ذكرها يونس عنه واختصر ابن
      إسحاق حديث نزول الملكين عليه وهو أطول من هذا .
      وروى ابن أبي الدنيا وغيره بإسناد يرفعه إلى أبي ذر - رضي الله عنه - قال قلت : يا
      رسول الله كيف علمت أنك نبي ، وبم علمت حتى استيقنت ؟ قال يا أبا ذر أتاني ملكان وأنا
      ببطحاء مكة ، فوقع أحدهما بالأرض وكان الآخر بين السماء والأرض فقال أحدهما لصاحبه أهو
      هو ؟ قال هو هو قال فزنه برجل فوزنني برجل فرجحته ، ثم قال زنه بعشرة فوزنني فرجحتهم
      ثم قال زنه بمائة فوزنني ، فرجحتهم ثم قال زنه بألف فوزنني فرجحتهم حتى جعلوا يتثاقلون علي
      من كفة الميزان فقال أحدهما لصاحبه شق بطنه فشق بطني ، فأخرج قلبي ، فأخرج معه مغمز
      الشيطان وعلق الدم فطرحهما ، فقال أحدهما لصاحبه اغسل بطنه غسل الإناء واغسل قلبه غسل
      الملاء ثم قال أحدهما لصاحبه خط بطنه فخاط بطني ، وجعل الخاتم بين كتفي كما هو الآن ووليا
      عني ، فكأني أعاين الأمر معاينة
      ففي هذا الحديث بيان لما أبهم في الأول لأنه قال فأخرج منه مغمز الشيطان وعلق الدم فبين أن
      الذي التمس فيه هو الذي يغمزه الشيطان من كل مولود إلا عيسى ابن مريم وأمه - عليهما
      السلام - لقول أمها حنة وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم [ آل عمران :
      36 ] .
      فلم يصل إليه لذلك ولأنه لم يخلق من مني الرجال فأعيذه من مغمز وإنما خلق من نفخة روح
      القدس ، ولا يدل هذا على فضل عيسى عليه السلام على محمد - صلى الله عليه وسلم -
      لأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - قد نزع منه ذلك المغمز وملئ قلبه حكمة وإيمانا ، بعد
      أن غسله روح القدس بالثلج والبرد وإنما كان ذلك المغمز فيه لموضع الشهوة المحركة للمني
      والشهوات يحضرها الشياطين لا سيما شهوة من ليس بمؤمن فكان ذلك المغمز راجعا إلى الأب
      لا إلى الابن المطهر - صلى الله عليه وسلم -
      وفي الحديث فائدة أخرى ، وهي من نفيس العلم وذلك أن خاتم النبوة لم يدر هل خلق به أم وضع
      فيه بعدما ولد أو حين نبئ فبين في هذا الحديث متى وضع وكيف وضع ومن وضعه زادنا الله
      علما ، وأوزعنا شكر ما علم وفيه البيان لما سأل عنه أبو ذر - رضي الله عنه - حين
      قال كيف علمت أنك نبي ، فأعلمه بكيفية ذلك غير أن في هذا الحديث وهما من بعض النقلة وهو
      قوله بينما أنا ببطحاء مكة ، وهذه القصة لم تعرض له إلا وهو في بني سعد مع حليمة ، كما ذكر
      ابن إسحاق وغيره وقد رواه البزار من طريق عروة عن أبي ذر - رضي الله عنه - فلم
      يذكر فيه بطحاء مكة .


      حديث السكينة
      وذكر فيه أنه قال وأوتيت بالسكينة كأنها رهرهة فوضعت في صدري . قال ولا أعلم لعروة
      سماعا من أبي ذر .
      وذكر من طريق آخر عن أبي ذر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له يا أبا ذر
      وزنت بأربعين أنت فيهم فرجحتهم والرهرهة بصيص البشرة فهذا بيان وضع الخاتم متى وضع
      .
      مسألة شق الصدر مرة أخرى


      وأما متى وجبت له النبوة فروي عن ميسرة أنه قال له متى وجبت لك النبوة يا رسول الله ؟
      فقال وآدم بين الروح والجسد ويروى : وآدم مجندل في طينته .
      وهذا الخبر يروى عنه - عليه السلام - على وجهين أحدهما : أنه شق عن قلبه وهو مع
      رابته ومرضعته في بني سعد ، وأنه جيء بطست من ذهب فيه ثلج فغسل به قلبه والثاني فيه أنه
      غسل بماء زمزم ، وأن ذلك كان ليلة الإسراء حين عرج به إلى السماء بعدما بعث بأعوام وفيه
      أنه أتي بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا ، فأفرغ في قلبه .
      وذكر بعض من ألف في شرح الحديث أنه تعارض في الروايتين وجعل يأخذ في ترجيح الرواة
      وتغليط بعضهم وليس الأمر كذلك بل كان هذا التقديس وهذا التطهير مرتين .
      الأولى : في حال الطفولية لينقى قلبه من مغمز الشيطان وليطهر ويقدس من كل خلق ذميم
      حتى لا يتلبس بشيء مما يعاب على الرجال وحتى لا يكون في قلبه شيء إلا التوحيد ولذلك قال
      فوليا عني ، يعني : الملكين وكأني أعاين الأمر معاينة .
      والثانية في حال اكتهال وبعدما نبئ وعندما أراد الله أن يرفعه إلى الحضرة المقدسة التي لا
      يصعد إليها إلا مقدس وعرج به هنالك لتفرض عليه الصلاة وليصلي بملائكة السموات ومن شأن
      الصلاة الطهور فقدس ظاهرا وباطنا ، وغسل بماء زمزم .
      وفي المرة الأولى بالثلج لما يشعر الثلج من ثلج اليقين وبرده على الفؤاد وكذلك هناك حصل
      له اليقين بالأمر الذي يراد به وبوحدانية ربه .
      وأما في الثانية فقد كان موقنا منبئا ، فإنما طهر لمعنى آخر وهو ما ذكرناه من دخول حضرة
      القدس والصلاة فيها ، ولقاء الملك القدوس فغسله روح القدس بماء زمزم التي هي هزمة
      روح القدس ، وهمزة عقبه لأبيه إسماعيل عليه السلام - وجيء بطست ممتلئ حكمة
      وإيمانا ، فأفرغ في قلبه وقد كان مؤمنا ، ولكن الله تعالى قال ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم [
      الفتح 4 ] وقال ويزداد الذين آمنوا إيمانا [ المدثر 31 ] .
      فإن قيل وكيف يكون الإيمان والحكمة في طست من ذهب والإيمان عرض والأعراض لا
      يوصف بها إلا محلها الذي تقوم به ولا يجوز فيه الانتقال لأن الانتقال من صفة الأجسام لا من
      صفة الأعراض ؟ قلنا : إنما عبر عما كان في الطست بالحكمة والإيمان كما عبر عن اللبن
      الذي شربه وأعطى فضله عمر - رضي الله عنه - بالعلم فكان تأويل ما أفرغ في قلبه
      حكمة وإيمانا ، ولعل الذي كان في الطست كان ثلجا وبردا - كما ذكر في الحديث الأول -
      فعبر عنه في المرة الثانية بما يئول إليه وعبر عنه في المرة الأولى بصورته التي رآها ،
      لأنه في المرة الأولى كان طفلا ، فلما رأى الثلج في طست الذهب اعتقده ثلجا ، حتى عرف
      تأويله بعد .
      وفي المرة الثانية كان نبيا ، فلما رأى طست الذهب مملوءا ثلجا علم التأويل لحينه واعتقده في
      ذلك المقام حكمة وإيمانا ، فكان لفظه في الحديثين على حسب اعتقاده في المقامين . مناسبة
      الذهب للمعنى المقصود وكان الذهب في الحالتين جميعا مناسبا للمعنى الذي قصد به . فإن
      نظرت إلى لفظ الذهب فمطابق للإذهاب فإن الله - عز وجل - أراد أن يذهب عنه الرجس
      ويطهره تطهيرا ، وإن نظرت إلى معنى الذهب وأوصافه وجدته أنقى شيء وأصفاه يقال في
      المثل أنقى من الذهب .
      وقالت بريرة في عائشة - رضي الله عنها - ما أعلم عليها إلا ما يعلم الصائغ على
      الذهب الأحمر وقال حذيفة في صلة بن أشيم رضي الله عنهما : إنما قلبه من ذهب وقال
      جرير بن حازم في الخليل بن أحمد : إنه لرجل من ذهب يريدون النقاء من العيوب فقد طابق
      طست الذهب ما أريد بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من نقاء قلبه .
      ومن أوصاف الذهب أيضا المطابقة لهذا المقام ثقله ورسوبه فإنه يجعل في الزيبق الذي هو أثقل
      الأشياء فيرسب والله تعالى يقول إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا [ المزمل 5 ] .
      وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إنما ثقلت موازين المحقين يوم القيامة
      لاتباعهم الحق وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا ، وقال في أهل الباطل بعكس
      هذا وقد روي أنه أنزل عليه الوحي وهو على ناقته فثقل عليها حتى ساخت قوائمها في الأرض
      فقد تطابقت الصفة المعقولة والصفة المحسوسة .
      ومن أوصاف الذهب أيضا أنه لا تأكله النار وكذلك القرآن لا تأكل النار يوم القيامة قلبا وعاه ولا
      بدنا عمل به قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كان القرآن في إهاب ثم طرح في
      النار ما احترق ومن أوصاف الذهب المناسبة لأوصاف القرآن والوحي أن الأرض لا تبليه وأن
      الثرى لا يذريه وكذلك القرآن لا يخلق على كثرة الرد ولا يستطاع تغييره ولا تبديله ومن أوصافه
      أيضا : نفاسته وعزته عند الناس وكذلك الحق والقرآن عزيز قال سبحانه وإنه لكتاب عزيز
      [ فصلت 41 ] .
      فهذا إذا نظرت إلى أوصافه ولفظه وإذا نظرت إلى ذاته وظاهره فإنه زخرف الدنيا وزينتها ، وقد
      فتح بالقرآن والوحي على محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته خزائن الملوك وتصير إلى
      أيديهم ذهبها وفضتها ، وجميع زخرفها وزينتها ، ثم وعدوا باتباع القرآن والوحي قصور الذهب
      والفضة في الجنة .
      قال - صلى الله عليه وسلم - جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما من ذهب وفي التنزيل
      يطاف عليهم بصحاف من ذهب [ الزخرف 7 ] يحلون فيها من أساور من ذهب
      ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير [ الحج 23 ، وفاطر 33 ] فكان ذلك الذهب يشعر بالذهب
      الذي يصير إليه من اتبع الحق والقرآن وأوصافه تشعر بأوصاف الحق والقرآن ولفظه يشعر
      بإذهاب الرجس كما تقدم فهذه حكم بالغة لمن تأمل واعتبار صحيح لمن تدبر والحمد لله .
      وفي ذكر الطست وحروف اسمه حكمة تنظر إلى قوله تعالى : طس تلك آيات القرآن
      وكتاب مبين [ النمل 1 ] ومما يسأل عنه هل خص هو - صلى الله عليه وسلم -
      بغسل قلبه في الطست أم فعل ذلك بغيره من الأنبياء قبله ففي خبر التابوت والسكينة أنه كان فيه
      الطست التي غسلت فيها قلوب الأنبياء عليهم السلام .
      ذكره الطبري ، وقد انتزع بعض الفقهاء من حديث الطست حيث جعل محلا للإيمان والحكمة
      جواز تحلية المصحف بالذهب وهو فقه حسن ففي حديث أبي ذر - رضي الله عنه - هذا
      الذي قدمناه متى علم أنه نبي .


      الحكمة في ختم النبوة


      والحكمة في خاتم النبوة على جهة الاعتبار أنه لما ملئ قلبه حكمة ويقينا ، ختم عليه كما يختم
      على الوعاء المملوء مسكا أو درا ، وأما وضعه عند نغض كتفه فلأنه معصوم من وسوسة
      الشيطان وذلك الموضع منه يوسوس الشيطان لابن آدم .
      روى ميمون بن مهران عن عمر بن عبد العزيز أن رجلا سأل ربه أن يريه موضع الشيطان
      منه فأري جسدا ممهى يرى داخله من خارجه والشيطان في صورة ضفدع عند نغض كتفه حذاء
      قلبه له خرطوم كخرطوم البعوضة وقد أدخله إلى قلبه يوسوس فإذا ذكر الله تعالى العبد خنس



      ********************************************************************
      (ج1)
    • تسلم والله معلوومااات قيمه بوووركت
      إقسم لكِم ... سأجعــــــــــل الحيآة تبكي
      من جبروت إبتسـآمتي... وسأضع كِـــــــــرامتي فوق رآسي ..||~ْ وأطير بهـآ في السمـــــــآء...||~ْ وسأضع قلبي تحت قدمي ..ليرحل من يرحل!! لن تهدم الدنيـآ ولن تغلق أبوآب السمـآء!! فأنـآ لاألتفت للورأء..\\.. فالحب والتقدير لا يأتيـآن بالرجاء..~ْ فاإذا كان وجودهم شيئ (((فكرامتي أشياء)))
    • تسلم اخويـ


      الحقيقة السيرة النبوية مذهلة بجميع تفاصيلهآ ..


      هذا الصيف كآن عندي مادة سيرة نبوية


      بالفعل حسيت بمتعه و تطلع للمزيد ..


      سيرة عطرة بكل ما تمخضت من تفاصيل ..


      باركك المولى ..
      || و بـَحْرٌ لـآ يَنْتِهِي [SIZE=1]شَج ـَنُه .’ْ}
      ***
      .. [ يَآوَطَنْ .. فُرقَآكـ شَجَنْ ] ~ْ [SIZE=1]|| اللّهُمَّ إنِّي مَغْلُوبٌ فـ إنْتَصِر ||
      [SIZE=1]
    • البحر العميق~ كتب:

      تسلم اخويـ


      الحقيقة السيرة النبوية مذهلة بجميع تفاصيلهآ ..


      هذا الصيف كآن عندي مادة سيرة نبوية


      بالفعل حسيت بمتعه و تطلع للمزيد ..


      سيرة عطرة بكل ما تمخضت من تفاصيل ..


      باركك المولى ..



      شرفني مرورك كثيرا ..
      خاااالص احترامي وتحياتي ..
      وأعانني الله علي اكمالها ليستفيد الجميع ..